قراءة في / عرس وردة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • صادق حمزة منذر
    الأخطل الأخير
    مدير لجنة التنظيم والإدارة
    • 12-11-2009
    • 2944

    قراءة في / عرس وردة



    عرس وردة / سليمى السرايري

    كان السكون يعمّ المكان وقد خرج البستان من صمته المعتاد .
    تجمّل وارتدى حلّته الخضراء فاصطفت الأشجار الواحدة تلو الأخرى احتراما له
    حطّت العصافير الصغيرة الملوّنة على كف المساء
    وهرولت الأسماك من أحواضها حتى لا يفوتها عرس الوردة هذه الليلة,

    قالت الوردة :

    أنا من أحيا أعراسه ووهب اللّؤلؤ لعينيه
    في حمرتي، ماءٌ و ترانيمُ وقصائدُ تفيض أقحوانا

    أنا أميرة العبير خذلتني الأقنعة الملوّنة فمات الربيع على جذعي.
    كيف أرقص الآن على سلّم العشاق؟
    و أعبر بضفافي إلى جهة الشمس؟

    ضحك البستان و أغلق على نفسه نافذة الهواء الوحيدة التي تتنفس منها الوردةُ. كان يعرف أن الموت سيغمرها و أنّها ستنتهي تحت أقدام الصدمة.

    كاذبة هي مرايا الأمكنة التي مازالتْ تمنح للذاكرة شذى غريبا قريبا إلى القلب.
    تلك المرايا ، مازالتْ تدوّن" أوراقـًا مسافرةً" في سجلّ العابرين.
    قال البستان وقد تقاطر حسنا وصوتا من برجه العالي مزهوّا بصولاته وجولاته في عالم رقميّ :
    متى تدركين أيّتها الفوّاحة أنّك مثل آلاف الأزهار المنتشرة على الشبكة، الذابلة واليانعة ، الحقيقيّة والمزيّفة ، الوليدة والعجوز ؟
    و أنّك محطّة أقف عندها قليلا ثم أتركها ورائي غير عابئ بقطرات الندى المتساقطة من جسمك الرقيق؟
    متى تدركين أيّتها المتوهّجة أن ألوانك لا تعنيني فهي صهاريج بلا ماء؟
    اغربي عنّا أيّتها الوردة الجميلة، كفّي عن العطاء والسعادة التي تهبينها للجميع فنحن لا نحتاج كلّ هذا، فالعالم الرقميّ لوحةٌ مزيّفةٌ.
    لملمت الوردة بعض عبيرها المتساقط حولها وصعدت لأوّل مرّة منبر البستان لتعبّر عن غضبها بعد صمت طويل في ثانية أو ثانيتين.

    انقلب الطقس وزمجر البستان وأرعد واعتبرها جريمة لا تغتفر فداس على رقّة الوردةِ غير مبال بصراخ أوراقها الشفافة ألما وحزنا.

    اعتصر رحيقها بيده الغليظة بلا رحمة وتناسى في خضمّ غضبه كم توّجته تلك الوردةُ بالمحبّة والحنان والاحتواء... كم عانت من الغربان وسواد قلوبها من أجل أن يظلّ اسم البستان يرفرف عاليا.

    كانت تحتفظ بنبراته في كيس ملوّن تفوح منه رائحة زكيّة كلّما حرّكته قليلا ، تعبق الأرجاء وتعرّش قصائده فوق أعشاش الطيور فتضيء أعمدة الشبكة ويحطّ الحمام على كفّيها.

    لم ترض أن يحتلّ الغرباء باحة قصره وكان لابدّ من أغانيه كي يفوح ليمونا و أكليلا و زعترا بريّا .
    كثيرا ما كانت تهمس في غيابه:
    هذه دموعي سنابل سوف تكبر في المدى و هذه لهفتي عصافير ملوّنة تنتظرك عند اللقاء.

    غير أن البستان، صعد عاليا تاركا الوردة تطوي وحدها حقائب الجمال المحتضر، تتنفّس بصعوبة و النافذة تزداد انغلاقا.

    .............


    ليس لدى الإنسان أكثر من أمنيات يقدمها ويسعى في سبيل تحقيقها , تساعده أو تقف حائلا دون تحقيقها الظروف والأحداث وربما أشخاص مختلفون .. أحباء وأعداء يساهمون من حيث يدرون أو لا يدرون في تحقيق الأماني أو في تحطيمها .. لتشق سيرة الإنسان طريقها في خضم الحياة وفي زحامها ..

    ويبقى هناك تأثيرات كثيرة أيضا على الآراء والمواقف يمكن أن تكون للمجتمعات إحدى هذه التأثيرات فالمجتمع بخصوصيته كبيئة اجتماعية ( مجتمع المدينة أو الحي أو الجامعة أو المدرسة أو العمل أو حتى مجتمع رقمي ما ) له تأثير كبير في تشكيل الآراء والمواقف لدى الأفراد رغم أن هناك الكثير من العناوين الإنسانية والقيم الأخلاقية العامة مثل الخير والجمال والأمومة والعدالة .. إلا أن هناك فروقا واختلافا في تناولها باختلاف هذه البيئات ..

    ومن التأثيرات المهمة أيضا في الآراء والمواقف الإنسانية تأثير الجنس البشري .. فالأنوثة والذكورة لابد أن يكون لهما موقفين متأثرين بهويتهما الجنسية .. خصوصا في ظل مجتمع ذكوري يحمل الكثير من الخطايا والظلم والاستبداد بحق نفسه كمجتمع قبل أن تكون بحق الأنوثة .. ولهذا تتكون المواقف تحت تأثير كل هذه المؤثرات الخارجية والداخلية على الإنسان وتستمر رحلة الحياة وسط متناقضات لا تنتهي ..

    في قصة عرس وردة اختارت الكاتبة الطبيعة بمكوناتها الجمالية مسرحا ( البستان .. الزهور .. الاخضرار الطيور .. الماء ) وهذا تفاؤل كبير تضعه الكاتبة إطارا للقصة فللطبيعة صورا سلبية كثيرة وإلى جانب جمال البحر وسكون شواطئه مثلا تظل موجاته العاتية الغاضبة تهدد بإغراق كل شيء وتشهر براثن القتل..

    ومن الدقة في التركيز على مشهد البداية انطلقت الكاتبة من حالة السكون .. سكون المكان .. وكـأنها لحظة مخاض ولادة الحدث وهذا وضع مثالي تفتح عليه ستارة الحدث مبتدئة بفعل الرواية كان وراويا خفيا لم يقدم نفسه وبقي مجرد صوت شفاف يملأ خشبة مسرح الأحداث ويقدم المشاهد وأبطال العرض ..
    ( كان السكون يعمّ المكان .. وقد خرج البستان من صمته المعتاد .. )

    وقدم الراوي البطل الأول ( البستان ) بصورة انفعالية جعلته يمزق صمت وسكون المكان ..
    ولكن الانفعال كان ايجابيا فقد كان مظاهر احتفالية جمالية تشعل المشهد بحيوية صارخة تمزق صمت المكان بالفعل .. وليس هذا فقط .. بل إنها تضفي على البطل وعلى الاحتفال نوعا من الطقوسية السامية

    ( تجمّل وارتدى حلّته الخضراء فاصطفت الأشجار الواحدة تلو الأخرى احتراما له )

    وهذا التقديم للبطل الأول يجعله يقترب كثيرا من شخصية الرجل الشرقي في مجتمعنا الذكوري حيث يحتضن ( يرتدي ) الرجل الإناث التي تنتمي إليه وهذا يرسم صورة تقترب من فكر الحرملك الاستعماري العثماني المتخلف ( المتلفع بعباءة الدين ) والذي ما زال يستعمر العقول في كثير من مجتمعاتنا العربية .. ونتابع مع الراوي ...

    ( حطّت العصافير الصغيرة الملوّنة على كف المساء
    وهرولت الأسماك من أحواضها حتى لا يفوتها عرس الوردة هذه الليلة )

    لقد تم تقديم البطل الثاني ( الوردة ) بشكل خجول بلإشارة إليها من خلال الحدث - عرس الوردة - في حين كان حضور البطل الأول ( البستان ) صريحا وصاخبا .. فالوردة هنا ظهرت بهذه الصورة الخجولة كأصدق تعبير عن دور المرأة في حياتنا الذكورية الصاخبة .. إذن بات واضحا أن ما قدمته الكاتبة وبمنتهى الدقة والحرفية كان يرسم صورة واقعية جدا للعلاقة بين المرأة والرجل في مجتمعنا رغم هذا الإطار الكرنفالي للطبيعة بمكوناتها الجمالية الإيجابية الذي اختارته للقصة ..

    ويبدأ الحوار مع صوت الوردة الناعم معرفة عن نفسها .. ( أنا .. )
    وكان التعريف مأساويا .. فهي تعرف نفسها بماذا ..؟؟ بانتمائها إليه ( أنا من أحيا أعراسه .. )
    في الحقيقة أن العرس هو طقس احتفالي في مجتمعنا .. تعيشه وتزينه المرأة وينسب للرجل
    وتلك أولى النوافذ تفتحها الكاتبة على المأساة لنتابع ..

    ( قالت الوردة :

    أنا من أحيا أعراسه ومن وهب اللّؤلؤ لعينيه
    في حمرتي، ماءٌ و ترانيمُ وقصائدُ تفيض أقحوانا )

    وتتابع بعد ذلك عرض مأساتها وتقدم حجم عطائها وتفانيها واندماجها في عالمه ( عالم الرجل ) ولكن جحوده كان بالمرصاد لينفيها في أقرب فرصة خارج حدود جنته . . لنتابع ..

    ( أنا أميرة العبير خذلتني الأقنعة الملوّنة فمات الربيع على جذعي.
    كيف أرقص الآن على سلّم العشاق؟
    و أعبر بضفافي إلى جهة الشمس؟ )

    ويستمر الحوار المشهدي مع قهقهة البطل الأول ( البستان - الرجل ) كأصدق تعبير عن صورة الرجل صاحب السلطة الذي في يده سلطة الفعل ..!! هو لا يحتاج أن يتكلم فالقانون يبيح له أن يضم إلى حريمه أو ينفي منهن ما شاء بلا رحمة ولا ضمير .. فهاهو يقهقه وينفيها من جنته .. ولكن المؤسف جدا أن ( الوردة - المرأة ) بقيت مندمجة في عالمه ومرتبطة به وهكذا يكون قد نفاها من جنته إلى سجنه ليقضي عليها .. فقد أغلق على نفسه - وهي جزء من نفسه - ما يسد عليها طاقة الحياة .. لتنفجر بعد ذلك مشاعر الحزن والألم لتستعرض زيف ما كان في الذاكرة والقلب .. لنتابع ..

    ( ضحك البستان و أغلق على نفسه نافذة الهواء الوحيدة التي تتنفس منها الوردةُ. كان يعرف أن الموت سيغمرها و أنّها ستنتهي تحت أقدام الصدمة.

    كاذبة هي مرايا الأمكنة التي مازالتْ تمنح للذاكرة شذى غريبا قريبا إلى القلب.
    تلك المرايا ، مازالتْ تدوّن" أوراقـًا مسافرةً" في سجلّ العابرين. )

    وفي أوج اختياله نطق ( البستان - الرجل ) مباهيا بنفسه وقدراته وسلطاته وحقوقه العليا التي لابد أن تحفظ له بالاستمتاع بضم أولفظ آلاف الورود المتوفرة فقط من أجل متعته وتحقيق رغباته متمثلا فكر الحرملك العثماني المقيت بكل تفاصيله .. ويتابع حواره الصلف وبمنتهى القسوة .. ويحسب للكاتبة هنا هذا الترسيخ للفكرة وبحرفية عالية .. من خلال تقاطع العوالم في مشهدية حوار ( البستان - الرجل ) بين عالم افتراضي رقمي وآخر كرنفالي مسرحي وآخر حقيقي متوار بين العالمين .. لنتابع ..

    ( قال البستان وقد تقاطر حسنا وصوتا من برجه العالي مزهوّا بصولاته وجولاته في عالم رقميّ :
    متى تدركين أيّتها الفوّاحة أنّك مثل آلاف الأزهار المنتشرة على الشبكة، الذابلة واليانعة ، الحقيقيّة والمزيّفة ، الوليدة والعجوز ؟
    و أنّك محطّة أقف عندها قليلا ثم أتركها ورائي غير عابئ بقطرات الندى المتساقطة من جسمك الرقيق؟
    متى تدركين أيّتها المتوهّجة أن ألوانك لا تعنيني فهي صهاريج بلا ماء؟
    اغربي عنّا أيّتها الوردة الجميلة، كفّي عن العطاء والسعادة التي تهبينها للجميع فنحن لا نحتاج كلّ هذا، فالعالم الرقميّ لوحةٌ مزيّفةٌ. )

    وكان لا بد بعد هذا الصلف الذكوري من أن تتحرك الوردة الخجولة الجريحة ترد بعد ما لحقها من ظلم وإجحاف بحقها كان لابد لها من أن تغضب وتخرج ما أخفاه صمتها الطويل .. وكان من الجميل هنا أنها
    أخذت موقف الندية الكاملة وضعت نفسها ولأول مرة مع ( البستان - الرجل ) بمساواة كاملة (صعدت لأوّل مرّة منبر البستان ) .. ولكنه لم يمهلها أكثر من ثانيتين لينفجر غضبا ويطيح بها ويدوسها عقابا لها على هذه الجريمة الفادحة .. فكيف لهذه الصغيرة أن تضع رأسها برأسه وتساوي نفسها به وهو السيد المطلق ..!!؟؟ ولم تشفع لها كل آيات الجمال والرقة والعذوبة التي تتمتع بها ولا أنهار المحبة والحنان والاهتمام التي كانت قد أغدقتها عليه ولا كل ملاحم الوفاء التي خاضته لأجله .. لنتابع ..

    ( لملمت الوردة بعض عبيرها المتساقط حولها وبمساواة لتعبّر عن غضبها وصعدت لأوّل مرّة منبر البستان بعد صمت طويل في ثانية أو ثانيتين.

    انقلب الطقس وزمجر البستان وأرعد واعتبرها جريمة لا تغتفر فداس على رقّة الوردةِ غير مبال بصراخ أوراقها الشفافة ألما وحزنا.

    اعتصر رحيقها بيده الغليظة بلا رحمة وتناسى في خضمّ غضبه كم توّجته تلك الوردةُ بالمحبّة والحنان والاحتواء... كم عانت من الغربان وسواد قلوبها من أجل أن يظلّ اسم البستان يرفرف عاليا. )

    وأمام هذا الجحود الذكوري البالغ والقسوة الوحشية .. لم يكن من الوردة إلا أن تحتفظ له بكل ما هو جميل
    في قلبها .. كانت بالغة العذوبة أمام قسوته ووحشيته وبالغة الوفاء والتسامح .. واحتضنت جرحها في رومانسية الوردة خلال تراجيدية الحدث وهذا أحدث مفارقة كبيرة يقف عندها القارئ للأحداث ..
    هل هي مازالت تحبه .؟؟
    ولكن ماهو الحب ..؟؟ هل هو عواطف إيجابية متبادلة ..؟؟
    فإذا كان كذلك كيف قابلت عواطفه السلبية بهذا الشكل المحب ..؟؟
    كانت تصر على رسم موقفها المبدئي المحب بغض النظر عن موقف الآخر .. وهذا قمة الملوكية في السلوك .. وتكاد تقترب من الآلهة .. وهذا يزيد حجم المفارقة أولا لكي تحتفظ بسيف المحبة ترفعه في معركتها الأنثوية لاستعادة حبيبها ( البستان - الرجل ) وأيضا ليخلق حشدا تضامنيا لدى القارئ مع البطلة الجريحة ( الوردة المرأة ) .. نتابع

    ( كانت تحتفظ بنبراته في كيس ملوّن تفوح منه رائحة زكيّة كلّما حرّكته قليلا ، تعبق الأرجاء وتعرّش قصائده فوق أعشاش الطيور فتضيء أعمدة الشبكة ويحطّ الحمام على كفّيها.

    لم ترض أن يحتلّ الغرباء باحة قصره وكان لابدّ من أغانيه كي يفوح ليمونا و أكليلا و زعترا بريّا .
    كثيرا ما كانت تهمس في غيابه:

    هذه دموعي سنابل سوف تكبر في المدى و هذه لهفتي عصافير ملوّنة تنتظرك عند اللقاء. )

    ويأتي مشهد النهاية مكرسا مأساة الوردة وحاملا تعنت البستان وإمعانه في غيه وإصراره على سحقها
    وكان هذا المشهد يمثل استمرارية مأساة المرأة في واقعنا .. لنتابع ..

    ( غير أن البستان، صعد عاليا تاركا الوردة تطوي وحدها حقائب الجمال المحتضر، تتنفّس بصعوبة و النافذة تزداد انغلاقا. )

    ولكن بعد كل هذا الذي رأيناه .. هل كان هذا عرس وردة ..؟؟ أين العرس ..؟؟ ولماذا اختارت الكاتبة هذا العنوان ..؟؟

    الحقيقة أن العنوان كان بمنتهى الذكاء ويستحق جائزة لوحده, فهو يختصر مأساة المرأة الحقيقية .. حيث يصبح هدف حياة المرأة الأول ترقّب عرسها للإفلات من عنوستها ولكن سرعان ما تصل إلى ما بعد العرس والذي يخيب أملها ويحطمها تماما لأنه ليس إلا قفص عبودية آخر لرجل آخر غير وليّها الأول ..

    كانت القصة تحفل بلغة شعرية عالية وراقية خلال جميع المشاهد والمفاصل ورغم القسوة في الكثير من المشاهد وهذا ينم عن مقدرة عالية في التعبير وفي رسم الشخصيات ونسج الحوار .. والبطل الأهم هنا
    كان الصدق في المشاعر المتدفقة بعفوية .. والمقنعة حتى في تطرفها الإيجابي في مواجهة القسوة ..


    كل التحية لك سليمى السرايري كانت قصة رائعة ..





  • سعاد عثمان علي
    نائب ملتقى التاريخ
    أديبة
    • 11-06-2009
    • 3756

    #2
    أسعد الله صباحك أستاذ صادق حمزة
    أسعدالله صباحك سليمى سرايري
    واسعدني الله حقيقة هذا الصباح بعرس وردة
    اغراني الإسم ورغبت في قراءة النص لمعرفتي برقة الكاتبة
    إستطاعت ان تسوقني سليمى معها في مشوار الحياة الطويل القصير المضحك الباكي
    في سنوات طويلة ؛ومختصرة بعباب الدنيا
    مخطوطة خُطت بدم وردة وبشوكة وردة بدلاً م الريشة
    كحياة كل انثى عفيفة مخلصة
    تماماً كالأنثى في حياتنا القاسية الصاخبة
    نجدها ترفل في ملابس الحرير الأحمر فنحسدها على الثراء
    ويفوح منها العطر فنحسدها على النعيم
    ...وما الحريرالحمر إلا دماء الخجل والروح تخنقها القسوة
    وماالعطر الا



    إلا الحنين الذي ينزف مملحاً بالدموع
    و
    وياتي الأديب المبدع -صادق الصادق
    ليكشف القناع بكل شجاعة ويعترف بان تلك هي السطوة الذكورية
    سواء كانت صارخة او صامته او متكلمة
    فصوتها أجش ولمسها شائك وماؤها مغبر
    صادق الصادق رائع الحرف والقول والحكمة
    يفند لننا احساسيس مكتوبة على بتلات ورد -كانت طرية ندية
    ولكنها .زبل هم كمشوها ورموها
    لو أراد استاذ صادق تفكيكها لتمقت
    ولو تركها لجفت فتكسرت
    فتناولها استاذ صادق تناولا ثرياً ببديع القول وسخونة الواقع ورقة التقدير
    تُرى أشكر الوردة الرقيقة لصبرها
    ام اشكر المبدع والذي كتب لنا ماذا كُتب على بتلات الوردة
    ونقل لنا الحدث كاملاً
    والذي كان في سنين طوال
    فسرده لنا في ثوان من الزمن
    حقيقة رائعة رائعة رائعة معزوفة العرس تلك
    شكرا سليمى الرقيقة
    وشكراً أستاذ صادق المبدع المعطاء
    مع اجمل أمنياتي
    سعادة
    ثلاث يعز الصبر عند حلولها
    ويذهل عنها عقل كل لبيب
    خروج إضطرارمن بلاد يحبها
    وفرقة اخوان وفقد حبيب

    زهيربن أبي سلمى​

    تعليق

    • منار يوسف
      مستشار الساخر
      همس الأمواج
      • 03-12-2010
      • 4240

      #3
      شكرا لك أستاذ صادق على هذه القراءة الرائعة الممتعة لقصة سليمى الجميلة

      و اسمح لي أستاذي بقراءة أخرى لي .. قراءة برؤية أنثى و إحساس أنثى بالنص

      بداية لنتعرف على خلفية سريعة للكاتبة و هي خلفية ستكون لها أثر في استقراء النص بشكل أوضح
      الكاتبة فنانة تشكيلية .. قالت الرسم مخاض جميل لقصيدة تُرسم بالريشة...
      الرسم صور..
      افكــــــــار ..
      ومشاعر يصقلها الفنان بدقّة متناهية ..
      إذن هي ليست كاتبة عادية ,, بل فنانة تكتب كما ترسم لتترجم مشاعرها المرهفة في صورة كلمات و صور
      لذا فقصتها ستكون مختلفة ,, قصة بإحساس الأنثى الشاعرة الفنانة الكاتبة ,, فلنا أن نتوقع لوحة بريشة شاعرة و بأسلوب فنانة



      نعود للقصة
      لنبدأ بالعنوان ( عرس وردة )
      و هو المدخل الأساسي و المفتاح الذي سيفتح لنا دلالية النص
      و العرس كما هو معروف يعبر عن الفرح و الكرنفال .. و الوردة تجعلنا نتسائل هل هي وردة حقيقية أم مجاز لشىء آخر ؟
      هذا هو ما سيفسره لنا النص لذا علينا أن نولج إليه سريعا ثم نعود للعنوان مرة أخرى لنحاول أن نفهم دلالته الرمزية


      كان السكون يعمّ المكان وقد خرج البستان من صمته المعتاد .
      تجمّل وارتدى حلّته الخضراء فاصطفت الأشجار الواحدة تلو الأخرى احتراما له

      هنا أوحت لنا الكاتبة بالجو الذي بدأت منه قصتها حيث الطبيعة التي يلفها السكون و الهدوء .. كما صمت البستان الذي يجعلنا نترقب ما وراءه
      هذا البستان .. الذي كان يعتني بها و يفيض عليها بحبه حتى غدت زهرة يانعة فواحة لذا كان نظرها دائما متجها إليه .. ترى انفعالاته .. تشعر به .. في سكونه و كلامه .. تراقبه باستمرار و هي تستمتع بذلك .. و عندما همّ بالكلام شعرت أن الدنيا أصبحت مختلفة .. إذ اصطفت الأشجار احتراما له .. هذا هو في نظرها .. انسان لا مثيل له في روعته ... عندما يتكلم أو يتجمّل تزهو الدنيا و تخضّر و تقف إحتراما له كما تحترمه هي
      فهكذا هو المحب .. نظرته دائما مختلفة و خاصة لمن يحبه
      و يظن أن كل الدنيا تشاركه هذه النظرة


      حطّت العصافير الصغيرة الملوّنة على كف المساء
      وهرولت الأسماك من أحواضها حتى لا يفوتها عرس الوردة هذه الليلة

      تنقلنا الكاتبة لمشد مكمل للمشهد الأول
      هناك شيئا ما سيحدث .. و كل الطبيعة استعدت له .. ربما هذا من وجهة نظر الوردة .. فهي التي تستعد لحدث ما أو تنتظر حدث ما ... لهذا رأت أن الدنيا كلها ستشهد هذا الحدث معها و كأنهم مدعوون إلى عرس ( فالعرس من المهرجانات التي يحضرها الجميع ) و هنا تشعر الوردة أن المخلوقات حولها بالتأكيد ستشهد هذا الحدث أو العرس و ستحضره حتما .. كالعصافير و الأسماك الرقيقة

      قالت الوردة
      أنا من أحيا أعراسه ومن وهب اللّؤلؤ لعينيه
      في حمرتي، ماءٌ و ترانيمُ وقصائدُ تفيض أقحوانا

      و قبل هذا الحدث الذي تستعد له الوردة و تنتظره رأت أن تضع الحاضرين أمام مقدمة عليهم أن يعرفوها بداية .. أرادت أن تفصح عن مشاعرها و بما يختلج في قلبها .. لتوحي لهم أن هذا الحدث المنتظر يخص أحدا ما أحبته بعمق ..فقالت لهم .. أنها جعلت حياته أفراحا بما قدمته له من دعم و مساندة .. جعلته يرى الدنيا بشكل أجمل من خلال تزيين عينيه برؤيتها و رؤية جمالها الآخاذ و وصف حبها له بقصائد تفيض أقحوانا و عطرا .. هذا ما قدمته له من روعة
      كانت هذه مقدمة ضرورية لتجعلهم يعيشون قصتها من البداية لكي يستعدوا لشىء كبير .. أو لنتيجة غير متوقعة

      أنا أميرة العبير خذلتني الأقنعة الملوّنة فمات الربيع على جذعي.
      كيف أرقص الآن على سلّم العشاق؟
      و أعبر بضفافي إلى جهة الشمس؟

      و كما كان متوقعا هناك شىء ما حدث آلمها من البستان .. بعد كل ما قدمته له .. هي الوردة التي لا تتنفس معه إلا عبيرا .. و لا تقدم له إلا طيّبا .. فكانت صدمتها به كبيرة حين رأت أنه كان يرتدي قناع لخداعها و أنه غير صادق معها .. فتشعر من فجيعتها .. أن الربيع الذي يحيي الطبيعة كلها و يلبسها ثوب الجمال .. قد مات على جذعها قبل أن يقترب من أوراقها .. بسبب أحزانها الرهيبة و صدمتها العنيفة
      فكيف لها بعد هذه الخديعة الكبرى أن تعيش الفرح و ترقص كعاشقة
      أن تتجه نحو الشمس بنظرها و قد لفها الظلام من كل ناحية فلا ترى سوى ربيع ميت و لا تشعر سوى بظلام دامس يحجب عنها رؤية كل ما هو جميل
      و هذا تعبير مجازي جميل
      فالحزن حين يعشش في القلب يمنعنا من الإحساس بالحياة حولنا

      ضحك البستان و أغلق على نفسه نافذة الهواء الوحيدة التي تتنفس منها الوردةُ. كان يعرف أن الموت سيغمرها و أنّها ستنتهي تحت أقدام الصدمة.

      كاذبة هي مرايا الأمكنة التي مازالتْ تمنح للذاكرة شذى غريبا قريبا إلى القلب.
      تلك المرايا ، مازالتْ تدوّن" أوراقـًا مسافرةً" في سجلّ العابرين

      و بدلا من أن يترفق بها حبيبها سخر منها و بدلا من أن ينقذها من حالتها و حزنها أغلق عنها كل منافذ الحياة إليه
      إذ أنها كانت تحبه بعمق حتى أنها كانت تتنفس من خلاله !
      و هو يعلم يقينا أنها بحساسيتها المفرطة و مشاعرها المرهفة ستحزن حتى الموت حين تعلم حقيقته و أنها كانت ألعوبة في يديه و بما أن اللعبة قد انتهت لذا كان عليه أن يسد ّكل الطرق إليه ليبعدها عنه

      قال البستان وقد تقاطر حسنا وصوتا من برجه العالي مزهوّا بصولاته وجولاته فيعالم رقميّ :
      متى تدركين أيّتها الفوّاحة أنّك مثل آلاف الأزهار المنتشرة على الشبكة، الذابلة واليانعة ، الحقيقيّة والمزيّفة ، الوليدة والعجوز ؟
      و أنّك محطّة أقف عندها قليلا ثم أتركها ورائي غير عابئ بقطرات الندى المتساقطة من جسمك الرقيق؟
      متى تدركين أيّتها المتوهّجة أن ألوانك لا تعنيني فهي صهاريج بلا ماء؟
      اغربي عنّا أيّتها الوردة الجميلة، كفّي عن العطاء والسعادة التي تهبينها للجميع فنحن لا نحتاج كلّ هذا، فالعالم الرقميّ لوحةٌ مزيّفةٌ. )

      هنا انتقلت بنا الكاتبة بالقصة من عالم طبيعي به زهور و بستان و عصافير إلى عالم رقمي لتزداد القصة وضوحا في أذهان المتلقي
      فنرى أن تلك القصة قد حدثت من خلال هذه الشبكة العنكوبتية
      تستطرد الكاتبة بنفس الإحساس المؤلم
      أن هذا البستان أو الحبيب ما هو إلا متكبر مغرور يعبث و يتلاعب بالقلوب و المشاعر في زهو و خيلاء إذ يقول لها باستخفاف بمشاعرها و حزنها :
      أن مثلها مثل غيرها في نظره .. لا فرق بينها و بين آلاف الأزهار المنتشرات على الشبكة المختلفات في الشكل و اللون و العمر .. لذا فأنه يستمتع بها ( الوردة ) و بشذاها ثم يتركها غير مبال بدموعها و حزنها
      ثم يستدرك باستهجان لها .. حد الإهانة .. إذ يراها شىء بلا حياة ( صهريج بلا ماء ) هذا لأنها تتعامل معه من خلال شبكة عنكبوتية و ليس بشكل طبيعي
      ثم يزاد توبيخه لها بأن هذا العالم التي تتفانى في العطاء فيه عالم لا يستحق , عالم بلا حياة , عالم وهمي مزيف و العطاء فيه شىء بلا معنى و ليس له أهميه عند أحد

      لملمت الوردة بعض عبيرها المتساقط حولها وبمساواة لتعبّر عن غضبها وصعدت لأوّل مرّة منبر البستان بعد صمت طويل في ثانية أو ثانيتين.

      انقلب الطقس وزمجر البستان وأرعد واعتبرها جريمة لا تغتفر فداس على رقّة الوردةِ غير مبال بصراخ أوراقها الشفافة ألما وحزنا.

      اعتصر رحيقها بيده الغليظة بلا رحمة وتناسى في خضمّ غضبه كم توّجته تلك الوردةُ بالمحبّة والحنان والاحتواء... كم عانت من الغربان وسواد قلوبها من أجل أن يظلّ اسم البستان يرفرف عاليا

      بعد أن سمعت الوردة هذا الكلام الجارح من البستان الذي أحبته و منحته السعادة تماسكت و أرادت أن تلقنه درسا و أنها مثله تماما و تستطيع جرحه كما جرحها و قد فعلت ( صعدت لأول مرة منبر البستان ) إذ أنها بدّلت الوضع و أخذت مكانه لأول مرة بعد أن كانت تعيش دور الحبيبة المتفانية المجروحة .
      و هنا كان غضب البستان عارما .. إذا كيف لها أن تساوي نفسها معه و تفعل مثله و هو وحده من يحق له أن يفعل كل هذا أما هي فليس من حقها أن تفعل المثل
      و اعتبر فعلتها جريمة لا تغتفر ,, فلم يكتفي بتأنيبها و تركها لدموعها بل سحقها بعنف غير مبال بصرخاتها المذبوحة .. و هو الحبيب ناكر الجميل .. الذي جرح من أهدته عبيرها و احتوتها بحبها و إخلاصها و عانت من كلام الآخرين عنها و مع ذلك تحملت الكثير من أجله ليظل أسمه كبيرا و مكانته شامخة لدى الجميع

      كانت تحتفظ بنبراته في كيس ملوّن تفوح منه رائحة زكيّة كلّما حرّكته قليلا ، تعبق الأرجاء وتعرّش قصائده فوق أعشاش الطيور فتضيء أعمدة الشبكة ويحطّ الحمام على كفّيها.
      لم ترض أن يحتلّ الغرباء باحة قصره وكان لابدّ من أغانيه كي يفوح ليمونا و أكليلا و زعترا بريّا .
      كثيرا ما كانت تهمس في غيابه:
      هذه دموعي سنابل سوف تكبر في المدى و هذه لهفتي عصافير ملوّنة تنتظرك عند اللقاء

      و رغم كل ما فعله هذا الحبيب الناكر للجميل ظلت الوردة تحبه و احتفظت بذكراه في ذاكرتها الملونة العطرة .. في الركن الجميل من قلبها و حياتها .. و كلما شعرت بالحاجة إليه ركنت إلى نفسها تستحضره و تكتب له قصائدها الفياضة بالحب في هذا العالم الرقمي فقط لتشعر بالسعادة لأنها تكتب له .. و له فقط
      ظلت مخلصة له .. فهي ترى أنها ملكه و غيره غرباء عنها لا علاقة لها بهم و مهما حاولوا التقرب إليها .. فكلماته فقط هي ما تسكنها هي ما يفوح منها الشذا و كلمات غيره .. لا معنى لها و لا حتى وجود
      و كانت تهمس لنفسها في غيابه :
      أن دموعها التي اسقطتها بسبب جرحه لها و حبها له .. لن تجف بل ستروي مشاعرها لتكون أكثرة قوة و أكثر جمالا كما السنابل
      و شوقها إليه كالعصافير التي ستظل حية مدى حياتها .. ترفرف في قوة حتى موعد اللقاء
      فالأمل لديها باق .. في أنه يوما ما سيعود لها في شغف العاشق
      و هي ستظل تنتظره بكل أشواقها و حنينها الذي لن يقل أو يموت ببعده عنها
      و في هذه قمة الوفاء و الإخلاص في الحب

      غير أن البستان، صعد عاليا تاركا الوردة تطوي وحدها حقائب الجمال المحتضر، تتنفّس بصعوبة و النافذة تزداد انغلاقا

      و رغم كل ما قالته الوردة و كل ما قدمته من وعود ووفاء لحبيبها المتعالي الجاحد
      تركها غير مبال بها
      تركها تستحضر و تعيش ذكرياتها الجميلة معه
      و هي تموت و تموت من ابتعاده
      إذ أنه أغلق تلك النافذة التي كانت تتنفسه منها
      فبعده لا حياة لها
      بعده الموت لها
      و لكل تلك الذكريات الجميلة التي عاشتها معه


      و عند العودة للعنوان نرى أن الكاتبة تقصد بالعرس هذا المهرجان الذي دعت إليه مخلوقات الطبيعة لكي يشاركوها هذا الحدث الهام في حياتها .. مشاعرها المذبوحة .. جراحها .. افراحها و حزنها .. ابتساماتها و دموعها .. فلم يكن هذا العرس إلا هذا التجمّع الذي حكت فيه قصتها الحزينة ليشهدوا كيف كان حبها و كيف كانت نهايتها .. هو المحفل الذي سيشهد موتها الجميل
      .. فهو كالعرس بالنسبة لها .. لأنه موت من أجل الحب .


      القصة زاخرة بالمشاعر القوية
      قصة حب ووفاء
      يقابها خديعة و جحود
      نسجتها سليمى بإحساسها المرهف و بريشتها الملونة لتجعلنا نعيشها بمشاعرنا .. و نستشعرها بقلوبنا
      مشاهد تموج بانفاعلات مختلفة
      لتهبط و ترتفع نبضاتنا مع كل مشهد
      كما أن هذا الإنتقال من الطبيعة للعالم الرقمي جعلنا نرى القصة بشكل واقعي
      ليمتزج الخيال بالحقيقة في تنقل رائع و مدهش
      جعلنا نعيش القصة بكل مشاعرنا و نستشعر صدقها و روعتها
      كما أن تلك التصويرات البديعة لكاتبة شاعرة فنانة أعطت للقصة جمالا من نوع خاص .. كأننا نرى قصيدة في صورة قصة .. و قصة في شكل لوحة ملونة .. فارتقت بنا إلى آفاق أوسع من الدهشة و الجمال

      شكرا سليمى
      أحببت قصتك
      كما أحب قلمك البديع

      و معذرة فلست ناقدة و لكني أحب القراءة بإحساسي .. و برؤيتي الخاصة

      تعليق

      يعمل...
      X