هل نستطيع تجاوز أزمة مفهوم الحداثة في الأدب العربي؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • زياد هديب
    عضو الملتقى
    • 17-09-2010
    • 800

    هل نستطيع تجاوز أزمة مفهوم الحداثة في الأدب العربي؟

    تعتبر الحداثة modernism واحداً من أكثر المصطلحات شيوعاً وانتشاراً في الأوساط الأدبية ،يستخدمها البعض من خلال سحبها على الآني ،باعتبارها سمة زمانية دالة على كافة مخرجات العصر دون وعي ماهيتها ،نشأتها وانعكاساتها
    سلباً وإيجاباً على شكل ومضمون المنتج الأدبي العربي تخصيصاً.
    سنعرض من خلال هذا المتصفح مجموعة من العناوين
    *ما هي الحداثة؟
    *هل نستطيع التوفيق بين تعارض الحداثة مع مفهوم القيمة الأخلاقية الناشئة عن العادة ،العقيدة والإرث الثقافي وضرورة تطويعها للذاتي ضمن خصوصيته رغم انخراطنا موضوعياً في وسطه المنتشر عالمياً بحكم سيطرة الغرب على أدواته وأهدافه ؟
    هناك شعر لم نقله بعد
  • زهور بن السيد
    رئيس ملتقى النقد الأدبي
    • 15-09-2010
    • 578

    #2
    الأستاذ القدير زياد هديب
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    لك الشكر والتقدير على إثارة قضية أزمة مفهوم الحداثة في الأدب العربي, وعلى تحديد المحاور بدقة كبيرة
    سأركز في هذه المشاركة على المحور الأول ألا وهو مفهوم الحداثة, من خلال مجموعة من التعاريف التي أعطيت للحداثة في محاولة لتقريب هذا المفهوم الذي ينفلت أصالا من التحديد الدقيق, وبهدف فهم طبيعة ارتباطه وتبلوره في الأدب والنقد العربيين.
    أصبح مفهوم "الحداثة" ومنذ أواخر السبعينات يشغل بال المبدعين والنقاد العرب بصفة عامة, حيث سعوا إلى اعتناق هذا المفهوم ودراسته والتنظير له.
    وسعت الأجناس الأدبية إلى الانخراط في الحداثة, بل وجدت نفسها محاصرة بسؤالها.
    ويمكن تحديد دوافع هذا الانخراط في عنصرين رئيسيين:
    1 ـ هاجس التحول الذي شكل مطلبا رئيسا لدى المثقف والمفكر العرب, والذي شمل على الخصوص مجالات وبنيات المجتمعات العربية.
    2 ـ الاحساس بالتخلف إبداعا ونقدا عن لحظة المعاصرة, والتوسل بشروط الحداثة من أجل تجاوز هذا الواقع المتخلف.
    ومفهوم "الحداثة" من المفاهيم التي تنفلت من التحديد الدقيق:
    يقول الباحث المغربي أحمد أبو حسن معرفا الحداثة: "الحداثة في أصلها مفهوم حضاري يشمل مختلف مستويات الوجود الإنساني, أي أنها بنية فكرية كلية. ظهرت في أوروبا منذ القرن السابع عشر. قامت أساسا على العقلانية والحرية واحترام الذات."[1]
    ويرى محمد برادة أن "الحداثة هي البحث في أفق بعد اهتزاز القيم وتكلس المقاييس وتعاظم الشك واللايقين, فإنها تؤشر على حالات فكرية وثقافية ومجتمعية توجه الصراعات الحضارية العميقة داخل كل ثقافة"[2].
    ويقول إدوارد الخراط: "أما الحداثة عندي فهي قرينة للجدة أو المعاصرة"[3].
    ويعرفها عبد الرحمان منيف بأنها: "روح أكثر مما هي شكل, حالة أكثر مما هي صيغة, إنها ضمن أبسط المفاهيم ألا تساق مع العصر والضرورة والحاجة, وهي في حركة تطور وتقدم مستمرين, تماما كمياه النهر لا تعرف التوقف أو الثبات, ومن صفاتها التجدد المستمر, وعدم الركون إلى التقاليد أو التقليد والرفض والبحث والتجاوز, إنها حالة مركبة وكلية وشاملة, ونظرة إلى المجتمع والعلاقات والأفكار والأشكال"[4]
    هكذا يتضح من خلال هذه التعريفات التي لا تشكل إلا جزءا ضئيلا من مجموع التعاريف التي قاربت مفهوم الحداثة في الإبداع والنقد الأدبيين, أن هناك مبادئ مشتركة بينها, وتتمثل في كون الحداثة تحيل إلى دلالات التجديد والراهنية والمغايرة والاختلاف في الأدب والفن, والبحث عن أشكال جديد تنهض على أنقاض ما هو سائد ومألوف.
    ونستخلص أيضا, أن الحداثة تتحدد من خلال بعد زمني, حيث تشير إلى المعاصر في مقابل الماضي, وتدل على الجديد في مقابل القديم, لكن إدوارد الخراط يرى أن الحداثة ليست تاريخية فحسب, يقول:
    "(...) لكن الجديد والمعاصر يشير إلى الزمن, وهو إذن توصيف تاريخي, أما الحداثة في النقد فهي ليست تاريخية وحسب, لأنها تشير إلى إلى حساسية ما, إلى أسلوب ما, إذن تعبير عن القيمي. الحداثة عندي (...) قيمة لا تاريخية لكنها غير مستلبة التاريخ, بل مرتبطة به, وهي نفي, هي نقيض لنظام التقاليد الراسخة, هي هدم مستمر في الزمن دون أن يتحول إلى بنية ثابتة هي نقيض للمطلق. المطلق جامد وثابت ونهائي ومتعالي, أما الحداثة فتستوعب الزمني وتجاوزه ولا تنافيه."[5].
    وهناك فرق بين حداثة الإبداع وحداثة النقد, فسؤال الحداثة في النقد في منظور الناقد المغربي محمد الدغمومي, "سؤال معرفي بالأساس, لأنه يأتي بعد حداثة الإبداع الأدبي وخارجها, مترجما بمفاهيم ومقولات يراد من خلالها بيان كيفية فهم الأدب كأفق مغاير لما كان سائدا ومقبولا, من أجل إثبات نص أخر ومنحه سلطة تزعزع هذا الذي كان سائدا أو هو كائن".
    ذلك أن هناك حدودا بين الحداثة في الإبداع والحداثة في النقد, الحداثة في الأدب هي تجريب ومواكبة للجديد والسعي إلى الخلق المستمر, وبينما الحداثة في النقد وفي مجال للتنظير والدراسة النقدية, تتطلب إدراكا لما هو موجود باستشراف الممكن.
    وقد استطاع الأدب أن يحقق تطورا متفاوتا بين الأجناس الأدبية, وفي درجة استثمارها لمقومات الحداثة, وتمكن النقد الأدبي من الانتقال من واقع نقدي يفتقد إلى سحر المنهج إلى واقع نقدي مغاير لما كان عليه من قبل.
    هذه بعض الاشارات حول مفهوم الحداثة في الأدب العربي, لا تصل إلى عمق القضية وإنما تقف عند إزاحة بعض اللبس عن المفهوم.



    [1] . أحمد بو حسن: ملامح الحداثة في الرواية المغربية" ضمن سؤال الحداثة في الرواية المغربية (كتاب جماعي) ـ 1999 ـ ص: 38 .

    [2] . محمد برادة : الحداثة والتحديث" ضمن سؤال الحداثة في الرواية المغربية (كتاب جماعي) ـ ص: 30 .


    [3] . إدوار الخراط: قراءات في ملامح الحداثة عند شاعرين من السبعينات" ـ مجلة فصول ـ ع: 4 ـ 1984.

    [4] . عبد الرحمان منيف: نقلا عن نبيل سليمان: "فتنة السرد والنقد" ـ ط: 1 ـ 1994 ـ ص: 45.


    [5] . إدوارد الخراط, نقلا عن نبيل سليمان: "فتنة السرد والنقد" ـ ص: 45.

    تعليق

    • هاجر سايح
      أديب وكاتب
      • 14-05-2010
      • 172

      #3
      ومع هكذا مفاهيم و تباين عديد التعريفات نجد اللبس قد ازيح بعض الشي لكن السؤال الذي يظل دوما عالقا في الذهن هو :
      الحداثة إلى أين؟؟؟
      رغم ما قيل عن موتها المفاجئ؟؟
      نشكر لكم عميق الشرح و ننتظر الأوفى و الأجمل
      تحيتي لكما ....

      تعليق

      • زياد هديب
        عضو الملتقى
        • 17-09-2010
        • 800

        #4
        أشكر الناقدة الكبيرة زهور بن السيد على مداخلتها الهامة بهذا الشأن،لكنني أود إعادة توجيه الدفة نحو بواعث ظهور هذا المصطلح الممتد زمانياً منذ1492إلى نهايات القرن العشرين زمانياً حين سقطت لدى بعض الفلاسفة والمنظرين دعائم الحداثة ليبشروا بما بعد الحداثة.
        فمن المعروف أن فلسفة كانت التي اعتمدت الذات الإنسانية مركزاً للكون شقت الطريق نحو ما سمي بالتنويرية المنقذة لأوروبا من براثن الفكر الظلامي الخرافي من خلال دعوتها إلى تحرير العقل!!!
        كما إن هناك نيتشة الذي بشر بأهمية تحطيم كل القديم ببناه القيمية الفوقية دون أي اعتبار ،إلى كارل ماركس المتمرد على الفلسفة المثالية الموضوعية من خلال إعادة إحياء المدرسة المادية بإضافة جديدة هي المنهجية العلمية في التحليل .
        فرضت الثورة الصناعية إيقاعها الجديد ،داعية إلى تغيير الأنماط الفكرية والمجتمعية أساساً للتطور الرأسمالي القادم.
        بالطبع إن الخوض في تفاصيل هذه العناوين يحتاج إلى كبير جهد .
        لكن المحور الأساس الذي أود طرحه يتمثل في خصوصية النشاة لهذا المصطلح ضمن مفهوم الأزمة التي كانت تعاني منها أوروبا في ذلك الوقت بمعنى وجود مجموعة من الظروف الزمكانية لولوج هذا المصطلح إلى حيز الفضاء المحلي الأوروبي ومن ثم انبعاثه بعد تغير ملامح علاقة القوانين الناظمة للرأسمالية وصولاً إلى العولمة والنموذج الإستهلاكي.
        بين السطور نقرأ أهمية تحرير العقل والحاجة إلى وسط موضوعي ديمقراطي يساهم في التحضير لمناخات إبداعية أكثر رحابة من التي لدى الفكرالشمولي.
        هذا ما دعت إليه الحداثة تأسيساً.
        فهل يصح نقل التجربة الحداثية دون أن تتحول إلى نمط اجتماعي ناظم لحركة المجتمعات العربية؟
        هناك شعر لم نقله بعد

        تعليق

        • مالكة حبرشيد
          رئيس ملتقى فرعي
          • 28-03-2011
          • 4544

          #5
          كانوا شعراء مدفوعين أساساً وغالباً بهاجس التخطي أو التجاوز وضرورة التميز عمن سبقهم من شعراء .كان هاجسهم إبداع =حداثة في الحداثة =على وزن ثورة في الثورة =كانوا يرون في عملية قتل الأب =الرمزية الضرورية لتأكيد الذات الناشئة .فمن هم هؤلاء الشعراء ؟
          إنهم هؤلاء الفتية الشرسون الذين تصفهم الأنظمة الحاكمة بالصعاليك والشرذمة الخارجة عن القانون .
          إنهم المتظاهرون مع الحركات الطلابية المندفعين بقوة الشباب وزخم الافكار الجديدة
          إنهم نتاج طبيعي للقهر الممارس على الإنسانية وهذا ظهر جلياً في كتاباتهم الشعرية التي تعبر عن هموم الذات الإنفرادية في وحدتها وجنونها وكآبتها ثم التعبير عن الأفق المسدود أمام طموحات هؤلاء الشباب وآمالهم =قصائد حزينة وأخرى عابثة لاهية ومتأملة .وقصائد متفتحة .
          لم تكن في بداية الأمر قصائد الموقف المسبق والمعلن مثل شعارات التظاهرات .أي إن القصيدة لا تقدم رؤيا ناجزة مكتملة ونهائية بل هي التقاط للعابر وكشف للغامض وملاعبة تتخذ شكل الغرابة السريالية أو شكل السخرية هو الشاعر الهامشي لا الرؤيوي أو الرسولي ..إنها كتابات مفتوحة على مناخات التجريب وعلى الاختبارية في صيغ الكلام ومنها صيغ النثر
          بعض النقاد توقف بشكل خاص عند أسباب لجوء عدد من هؤلاء الشعراء لكتابة قصيدة النثر والبعض الآخر صنف هذه الكتابة الشعرية ضمن دائرة =الكتابة الجديدة =إلا إن هذه القصائد في حقيقتها المتنوعة اقتربت من قصيدة النثر التي تفتحت على أنواع الكلام دون أن تطبق نموذجا ًبعينه .
          وتلك هي القصيدة الحديثة أساساً بإنجازاتها كما بتراجعاتها بانهزاماتها كما بانتصاراتها
          إنها اندفاعات الحداثة باوهامها الملازمة لها وبتحدياتها التي تشعل الحرف عنوفوانا لجيل كثرت في حياته المآزق.
          هي الحداثة أو الحداثوية و ايديولوجية الحداثة هي تجربة قامت على تصور نقدي زمني اجتماعي أساسه التخطي والتجاوز كشروط للتقدم وللإبداع .إن هذين الأساسين =حتمية التطور والزامية السبق يستندان إلى فكر الحداثة الغربية وتجاربها الجديدة =مؤداها أن هناك تطوراً تصاعدياً مستمراً هو تطور حركة التاريخ نفسها المتجهة إلى اكتمال معناها .ثم هناك كتابة تصعيدية لحركة التاريخ هذه .
          منذ عصر النهضة والصلة تتجدد بين المثقف العربي =المبدع خصوصا=والمجتمع العربي عبر منتجات الثقافة الحديثة .وتتأرجح هذه الصلة بين حداثة مجلوبة وبنية تقليدية محافظة .
          هناك انتصار الحداثة .وهناك اجتلاب الحداثة .
          انتصار الحداثة عرفته مجتمعات الغرب فكانت الحداثة سلاح المعركة وهدفها أيضا .أما ما عرفناه من حداثة حين لم تكن هذه الحداثة مفروضة بفعل الإستعمار نفسه ..فقد جلبناه أو استوردناه والتأثر نوع من الاستيرادالشعري أي إننا نقلناه من سياقه الخاص دون مشروعه الفلسفي المؤسس له .مكتفين بتعريب بعض أفكاره وظاهراته وإنجازاته .كمن ينتزع فكر الحداثة من مشروعه التاريخي ويغرسه في أرض أخرى دون قلبها .وهو اجتهاد في الترجمة والاجتهاد في الفتوى وهو الفارق الحاسم بين منتجي الحداثة ومستهلكيها أو مقلديها .والشعر بلغة التقليد والترجمة يقوم على قدر من التلفيق واصطناع دور شعري مقطوع عن الحياة لصالح اللعبة الذهنية وعن الثقافة الحية والاصلية لصالح التوظيف التقني لأدوات ووسائل مستقرضة من بنية أخرى .من ثقافة أخرى لذلك نتعرف على قصائد سريالية وهي ليست سريالية وعلى قصائد مهزوزة دون أن نعرف سبب اهتزازها أهو التفجير اللغوي أو الارتباك اللغوي؟ الناشيء عن ضعف في الملكة اللغوية وعن قراءة النتاجات الغربية أكثر من العربية .
          هناك البحث عن الحداثة وهناك بدعة الحداثة .هناك اختمارها ونضجها وهناك تقلدها مثل حلية أو زركشة .
          الحداثة عنت غربيا التميز .تمجيد الفرادة .تأكيد العابر والمؤقت لكن دون أن تعني أبداً القطيعة النهائية مع الموروث والبدء من درجة الصفر في الكتابة .
          ان الدراسات الانتروبولوجية وغيرها تظهر لنا ان الحداثة ليست نهائية أو جازمة بل هي طور وحسب من العلاقات الغامضة والمتداخلة في لعبة ثقافية دقيقة .يتحاور فيها التقليد والحداثة في مسار من التكيف والمزج

          تعليق

          • ظميان غدير
            مـُستقيل !!
            • 01-12-2007
            • 5369

            #6
            الاستاذ القدير
            زياد هديب

            موضوع مهم

            اهم مافيه سؤالك الجميل الذي فيه اجابة كافية...


            ما هي الحداثة؟
            *هل نستطيع التوفيق بين تعارض الحداثة مع مفهوم القيمة الأخلاقية الناشئة عن العادة ،العقيدة والإرث الثقافي وضرورة تطويعها للذاتي ضمن خصوصيته رغم انخراطنا موضوعياً في وسطه المنتشر عالمياً بحكم سيطرة الغرب على أدواته وأهدافه ؟

            أستاذي العزيز السؤال نفسه يصف مدى العجز العربي طبعا على مواكبة الحداثة
            لكن لو اخذنا امثلة على أمم اخرى غير عربية
            استطيع القول
            ان الحداثة لا تعني التعارض مع القيم الاخلاقية ولا العادات ولا حتى الارث الثقافي


            للاجابةعلى هذا السؤال بشكل أوضح وبالامثلة

            اظنني قلت كلاما يخص عدم تعارض الحداثة والاصالة في آن معا في حواري مع الاخت القديرة
            نجلاء الرسول

            وضربت مثالا واقعيا على حضارة واصالة وحداثة الشعب الكوري الجنوبي

            في هذا الرابط

            تعرضت قصيدة النثر الى انتقادات كثيرة على مدى عمرها الذي قارب المائتي عام , بل الى هجمات عنيفة في بعض الاحيان بهدف اخراجها من دائرة الشعر بحجة افتقادها للوزن والقافية , ولم تعرف لحد الان الدوافع الحقيقية لمن يقفون وراء معاداة قصيدة النثر , هل تكمن هذه الدوافع في الحفاظ على النمط الشعري القائم وحمايته من الاجناس الادبية ( الدخيلة



            أقتبس ما قلت بشكل مبسط :

            حينما ذهبنا لمهرجان الجنادرية وهو مهرجان خاص لعرض التراث لمختلف الشعوب
            في الرياض

            وجدنا الكوريين في جناحهم الخاص

            يعتزون بتراثهم ويهتمون بالتكنولوجيا الحديثة ايضا

            فهم لا يفصلون الماضي عن الحاضر....لديهم تراث ضخم ولديهم تطور تكنولوجي عجيب

            ومثال ذلك

            وجدنا بعض الفخارات التراثية في الجناح الكوري وهي ليست مجرد فخارات

            بل شاشات لمس..... بمجرد لمسة كما تقوم بلمس شاشة جوالات السامسونج

            يضيء الفخار و يتكلم الفخار لمدة 30 ثانية ويتكلم عن هذا الفخار وتاريخ
            واسمه ..واستخدامه... ....الخ


            هذا هو المزج بين القديم والحديث بكل بساطة
            ولا أرى في ذلك كفرا او تعارضا مع القيم الاخلاقية


            وذكرت مثالا آخرا ...


            اليهود يمزجون ايضا بين تراثهم اليهودي وبين التكنولوجيا


            فكما كان الطير في قصة سليمان عليه السلام يتجسس

            ألهمت تلك الوسيلة الغرب ان يخترعوا طائرات من غير طيار للتجسس

            لماذا لا يستطيع الادباء والمبدعين العرب المزج بين التراث والحديث
            كي يظهروا للعالم روحهم الحقيقية وذكائهم وانتاجهم الخاص

            لنتفق اذن أن كل حضارات الدنيا لا تستغني عن تراث محدد لها بل تعمل على تطويرها وابراز هويتها



            ولنتفق ايضا ان التراث لا يتعارض مع الاخلاق او التراث






            لكن

            ولكن

            ولكن



            أرى انك في سؤالك ألمحت لنقطة مهمة وهي نقطة
            انصهار او انخراط الثقافات ببعضها

            وهذا أمر غير مبرر على الاقل بالنسبة للعرب

            ولايمكن الادعاء والتفاخر ...حينما ينصهر العربي بثقافة اخرى
            ويستخدم جهاز الكمبيوتر وهوجالس في خيمته
            او يشغل المكيف في الصحراء...

            لا يمكن التفاخر بأن هذه حضارة

            لان العرب ينصهرون بضعفهم وليس بقوتهم وليس بابداعهم وانتاجهم

            كما يفعل الصينيون والامريكان والاوربيون


            بمعنى
            لا اسمي ذلك انصهارا انصهارا..لاننا لم نر بضاعة عربية
            او اختراع سفينة صحراوية تمشي في الرمال مثلا !!!
            ولم نقم بتصديرها لكوريا او اليابان


            اننا نستقبل ولا نرسل

            اننا ننصهر لديهم ولا ينصهرون لدينا

            اننا نكتب قصائد الهايكو او النثر

            لكنهم لم يكتبوا العمودي بطريقتنا....


            العرب ينصهرون بدافع التلون بلون الاخر...وبدافع النزول لدى ثقافة الاخر وبدافع الضعف
            الاقتصادي والعلمي والفكري

            حتى في مجال الابداع الفكري والسياسي
            هم يستحدثون انظمة سياسية وفكرية وايدلوجيات

            ونحن مجرد آلات نسخ ...فنجلب الليبرالية والعلمانية والرأسمالية
            ولا نريد تطوير انظمتنا الاقتصادية والسياسية بمايتماشي عقلية المجتمع العربي

            وهم اي العرب ..ليس لديهم في الغالب ثقافة عربية صرفة..ولا اعتزاز


            وليس لديهم اي رغبة لتطوير الفكر الاسلامي والعربي الذي قاد العرب للهزائم والويلات والنكبات


            ومن المؤسف ان يفخر بعض مدعي الحداثة والتطور من العرب..على انهم مقلدون حسب رأيي الشخصي
            وليسوا حداثيين حقيقيين

            ذلك ان العرب في الغالب لم يقدروا إلا على التقليد الاعمى
            كأن لديهم ضعف في الشخصية....تلك الشخصية المهزوزة بسبب نكباتها المتلاحقة والمستمرة
            وبسبب مصائبها السياسية والاقتصادية والفكرية


            ومن المؤسف ان نتحدث عن الحداثة في الشعر او ما شابه وهو مجال ثانوي
            لايغني ولا يسمن من جوع..في زمن شاعرية الرصاص والدولار

            وفي الوقت الذي نحتاج فيه ان نتكلم عن تحديث العقول والمدراس والسياسيات

            تلك التحديثات هي التي ستغير المدراس ثم تنتج لنا عقول اديبة وتكنولوجية واقتصادية
            تستطيع الابداع والحفاظ على الهوية العربية دون التأثر بكوريا او يابان او امريكا




            وانت قلت في سؤالك

            هل نستطيع؟؟


            وأنا اقول ..اظننا لن نستطيع ..حتى تنتهي مسآلة الثورات
            ونرى اهداف الثورات في هذه الدول بعد انتهاء زمن الظلمات

            هل وراء هذه الثورات عقول نظيفة ومطالب حقيقية لرقي الانسان المسلم والعربي


            ام هي مجرد ثورات وفتن ..هدفها قلب الانظمة كما يقول مروجي نظريات المؤامرة



            المستقبل سيجيب على كل هذه الاسئلة....


            شكرا لك
            نادت بإسمي فلما جئتها ابتعدت
            قالت تنح ّ حبيبي لا أناديكا
            إني أنادي أخي في إسمكم شبه
            ما كنت َ قصديَ إني لست أعنيكا

            صالح طه .....ظميان غدير

            تعليق

            • زياد هديب
              عضو الملتقى
              • 17-09-2010
              • 800

              #7
              السلفية الفكرية لم تقترب من جوهر الدين الصالح لكل زمان ومكان بل قررت تجميد المعرفة المتلقاة وما ساد من قيم تابعة أو معدلة وما ساد تأثراً من الأنماط الإجتماعية عند حدود تلك الفترة الزمنية،فاتخذت موقفاً مسبقاً من كل محاولات التجديد زاعمة شرعية النموذج الذي بين يديها دون غيره فلجأت إلى قمع وقتل أصحاب هذا الفكر بحجة الدفاع عن ثوابت العقيدة ،ما يتنافى مع انفتاح التفسير الديني للكون الذي لم يقل بتعارض الشريعة مع العقل.

              هناك شعر لم نقله بعد

              تعليق

              • فاطمة الضويحي
                أديب وكاتب
                • 15-12-2011
                • 456

                #8
                موضوع مثير ..
                يستقطب سيلا من النّقاش والمداخلات !!
                وحول السؤال الثاني :
                *هل نستطيع التوفيق بين تعارض الحداثة مع مفهوم القيمة الأخلاقية الناشئة عن العادة ،العقيدة والإرث الثقافي وضرورة تطويعها للذاتي ضمن خصوصيته رغم انخراطنا موضوعياً في وسطه المنتشر عالمياً بحكم سيطرة الغرب على أدواته وأهدافه ؟
                ولعل البعض يعارض مبدأ الحداثة ؛ كون الجديد مرفوض بغض النظر صائبا أو جانب الصواب ..
                ومؤكدا فلرّفض أسبابه ودوافعه والتي أبرزها طريقة تفكير المجتمع ، وتصوره لنفسه وموقعه التاريخي .
                كما وضح ذلك( عبدالله محمد الغذامي ) في كتابه (حكاية الحداثة ) في المملكة العربية السعودية .
                وطبعا عندما تسير الحداثة في طريق التقدم الذي لايُسبب صداما مع الثوابت ولايخدش الأخلاق ولا
                يهاجم أولويات المجتمع حتى على مستوى العادات ؛ هنا سيفتح المجتمع ذراعيه لِإستقباله ومباركته ..
                على عجالة .
                ذكريات عبرت مثل الرؤى : ربما أفلح من قد ذكرى
                ياسماء الوحي قد طال المدى: بلغ السيل الزبى وانحدرى

                تعليق

                • مالكة حبرشيد
                  رئيس ملتقى فرعي
                  • 28-03-2011
                  • 4544

                  #9
                  يقول الدكتور محمد عابد الجابري =
                  كم سنكون مخطئين إذا اعتقدنا أنه من الممكن غرس قيم الحداثة في مجتمعنا العربي بمجرد نقلها إليه أو بـ"التوفيق" بينها وبين القيم السائدة عندنا.

                  يتعلق الأمر أساساً ببناء جسور تنقل "الحاضر" إلى الماضي ليتأصَّل فيه. لابد من العمل على إعادة بناء تراثنا بصورة تجعله موصولاً بحاضرنا مستجيباً لاهتماماتنا ولروح عصرنا. يجب أن نعمل على تبْيئة وتأصيل قضايا الحاضر, قيم الحداثة وأسس التحديث, في ثقافتنا وذلك بإيجاد أصول لها تستطيع تأسيسها في وعينا: وعينا الديني والأخلاقي, وعينا الثقافي العام. (بما فيها حقوق الإنسان) والعقلانية (بما فيها الروح النقدية), لا يمكن غرسهما فكراً وممارسة في المجال التربوي -وهو العمود الفقري لكل تجديد ثقافي يتجه إلى المستقبل- إذا لم يتم تأصيلهما في النظام الثقافي عموماً والنظام التربوي خصوصاً، أو على الأقل إذا لم تؤطرهما عملية التأصيل هذه.
                  ذلك ما حصل في أوروبا ذاتها, فقضايا حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية والروح العقلانية والنزعة النقدية... الخ. وغيرها من القضايا التي تشكل قيم الحداثة وقوام التحديث لم تترسخ ولم تتوطد في النظام الثقافي الأوروبي نفسه إلا بعد أن تم تأصيلها فيه, أي بعد أن ربطت بـ"أصول" كُشِف عنها داخل هذا النظام نفسه أو وضعت فيه وضعاً, ثم نقلت إلى المدرسة, عن طريق المعلم والكتاب, لتصبح جزءاً من نظام التعليم . وكم سنكون مخطئين إذا نحن اعتقدنا أنه من الممكن غرس قيم الحداثة في مجتمعنا العربي بمجرد نقلها إليه أو بالعمل على "التوفيق" بينها وبين القيم السائدة عندنا. إن الجديد الذي ينبت في مجتمع معين لا يمكن نقله ناضجاً إلى مجتمع آخر مختلف إذا كان الأمر يتعلق بالأفكار والقيم, بل لابد من العمل على استنباته فيه وتبيئته مع المعطيات الخاصة بالمجتمع المنقول إليه.

                  تعليق

                  • هيثم الريماوي
                    مشرف ملتقى النقد الأدبي
                    • 17-09-2010
                    • 809

                    #10
                    كل الشكر للقدير زياد ، لإثارته هذا الموضوع المهم

                    بالتأكيد إن الاستحداث عموما هو خطيئة كبرى لمن يقول بقدسية الموجود ، من هنا تحديدا نجد أننا نواجه أزمة في المفهوم عند التطرق للحداثة ، فالتحديث مرفوض ابتدأ من قِبل أصحاب هذه النظرة ، وهو في ذات الوقت حاجة ملحّة تتطلبها معطيات التطور الحضاري ، عند أصحاب النظرة المقابلة التي ترى بإمكان تطور الإبداع عموما ، بهذا التناقض نتحسس مدى إشكالية الموضوع ليس على المستوى الاصطلاحي فقد وإنما على مستوى المفهوم .
                    ولو تتبعنا – بحرص – تطورات الموضوع تاريخيا لوجدنا أن الحداثة تستند على عاملين أساسيين في ظهورها وتحولاتها وإمكان تعريفها :
                    1- لا قدسية الموجود ، وبالتي قابليته للتغير من حيث الإمكان .
                    2- ضرورة دوام التغير للانسجام مع تطورات الزمان والمكان .
                    وارتكازا على هاتين النقطتين ، نُسجت معظم تعاريف الحداثة ، وانطلقت من خلالهما الدراسات التأريخية لها ، يقول جابر عصفور (( يمكن تلخيص الحداثة على أنها ؛ وعي متغير ، يبدأ بالشك فيما هو قائم ، ويعيد التساؤل فيما هو مسلم به )) ، والذي يستند في تعريفه - كما هو واضح – على النقطة الأولى ( لا قدسية ) الموجود ، ونجد أيضا شكري عياد يقول في معرض حديثه عن ضرورات الحداثة (( أصبحت الحداثة مخرجا مناسبا من حالة الضياع التي وقع فيها جيل الثورة والأجيال التالية ))،فهو هنا يؤكد على ضرورة التغيير انسجامات مع معطيات الزمان والمكان .

                    وهذه الإشكالية على المستوى والمفهومي والاصطلاحي ، تعطينا مؤشرا على مدى صعوبة تحديد نشأة الحداثة وتحديد تطوراتها ، وهل ما بعد الحداثة ، هي تطوير لها أم هي الأفرازات الدّالة على أزمة المفهوم والمصطلح ؟ يرى الكثيرون أن الحداثة بدأت منذ عصر النهضة . وما تلا ذلك من تطورات صناعية وتقنية وحضارية ، كان له الدور التأسيسي في إبراز هذا المصطلح إلى حيز الوجود ، منذ ظهور الكلاسيكية الحديثة وما جاء بعدها من تغيرات عنيفة في طريقة النظر للإبداع عموما ، فكانت الرومنسية ،والرمزية ، والسوريالية ، والدادائية ، والعبثية ...الخ ، وحتى يومنا هذا ، وأما التأثر العربي فجاء متأخرا بدأ من أواخر القرن ما قبل الماضي ، عبر الترجمات وشعراء المهجر ..وغيرهم ، ولمّا كان الحال كذلك فقد اتهمت الحداثة العربية اتهاما مركبا ، من قبل أصحاب النظرة المثالية ، فهي من جهة تهديم للمقدس ومن جهة أخرى تغريب طارئ على الحضارة العربية – على حدّ قولهم - يقول د. ناصر الدين الأسد ((إن جوهر الحداثة يتركز في استخلاص الفرد الفاعل المستقل من إطار السياقات الاجتماعية الكلية التي كانت تذيب فرديته ، كالقبيلة والأسرة .... وهذه الاستقلالية من شأنها ـ من دون أدنى شك ـ أن تحقَق على حساب تراث الديانات السماوية الكبرى التي درجت على فرض القوانين التي تحكم حياة الناس من الميلاد حتى الموت .)) ، بينما يرى أدونيس (( أن الحداثة في المجتمع العربي ، بدأت بتمثل الماضي وتفيسره بمقتضى الحاضر)) ويرى أن بداية الحداثة العربية كانت بسبب ظهور حركة التأويل ، وتداخل الثقافات الأخرى في الدولة الإسلامية ، الآرامية ، السريانية ، البيزنطية، الرومية ..الخ ، ونجد عبد العزيز حمودة من جهة أخرى يقلب الموازين ببساطة بارعة فيقول عن الحداثة وتعريفاتها الاصطلاحية (( إنه ترديد جديد لمفهوم قديم قدم الابداع ذاته ، لدرجة أننا في ظل هكذا تعاريف للحداثة ، نستطيع القول ، إن كتّاب الأدب المدون على مدى خمسة و عشرين قرنا حداثيون جميعهم بلا استثناء )) .
                    أجد أنه إذا أردنا وضع يدنا على بؤرة الأزمة علينا أن نحدد ، ما هو المقدس وما هو القابل للتغيّر من حيث الإمكان ، وأيضا علينا أن نحدد أسباب وأهداف ، ومدى أهمية التغيير للممكن ، وتلك بلا شك وظيفة النقّاد ومسؤوليتهم .

                    محبتي
                    هيثم

                    ((احذر من العلم الزائف ، فهو أخطر من الجهل. )) جورج برنارد شو

                    بين النظم وأن يكون نثراً شعرة الإيقاع التي لم يلتفت إليها العروض
                    بين النثر وان يكون نظماً قصة العلوم طويلة الأمد.

                    تعليق

                    • هيثم الريماوي
                      مشرف ملتقى النقد الأدبي
                      • 17-09-2010
                      • 809

                      #11
                      أنقل هنا مشاركة لي في موضوع ( حول تداخل الأجناس الأدبية ) باعتبار أن أهم نتائج الحداثة ، هو تقويض نظرية الأجناس .

                      الأجناس الأدبية:

                      هي تصنيفات معيارية ، وتنظيمية ، تقوم على تقسيم النصوص الإبداعية استنادا على أدوات فنية – شكلية في الأغلب – هدفها الأساس تحديد هوية معينة للنص الإبداعي ، والتي بدورها – أي الهوية – تساهم في تنظيم العملية الإبداعية من جهة وتسهل عملية رصدها ودراستها نقديا وأيضا توقع تطوراتها المستقبيلة من جهة أخرى ، وقد تكون هذه الأدوات الفنية المحدِّدة للجنس الأدبي واضحة فاصلة مانعة ، كما هو الحال في القصيدة الكلاسكية ، وقد تكون واسعة الأطياف وقابلة للنقاش كما هو الحال في الرواية الحدثية أو القصة القصيرة جدا أو قصيدة النثر ، ومن المعلوم أنه كلّما زاد وضوح الأدوات الفنية المشترطة للجنس الأدبي ازدادت الصنعة على حساب الإبداع ، وكلّما زاد طيف هذه الأدوات اتساعا ازدادت فرص الإبداع .

                      إن أول من جنّس الأدب ونظّر لهذه الفكرة بوضوح هو -بلا شك- أفلاطون ، الذي قسّم النص الإبداعي إلى شعر مسرحي يستند على الحوار ، وشعر سردي ، وشعر ملحمي يحتمل السرد والحوار ، ومنذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا تكاثرت الجدالات والحوارات حول تجنيس الأدب ، بين مناصر ومشكّك ومعارض .

                      استنادا على أدوات البحث العلمي ، يتم استكشاف الجنس الأدبي وتحديد أدواته الفنية بطريقتين ، الأولى هي الطريقة الاستقرائية ، و تعتمد هذه الطريقة على وصف الظاهرة استنادا على الدراسة الدقيقة للتجارب الموجودة فعلا ، واستخلاص الأدوات الفنية المشتركة التي التزمت بها هذه التجارب وهذا ما قام به أفلاطون وأرسطو ورواد الكلاسيكية الحديثة ، وهو أيضا ما قام به الفراهيدي عندما وضع علم العروض لوصف الأسس الشكلية للقصيدة العمودية ، وقد يتعدى الباحث الطريقة الاستقرائية إلى الطريقة الثانية وهي الاستنباطيّة ، وتتعدى هذه الطريقة مرحلة الوصف إلى الاستنتاج المستقبلي للظاهرة ومحاولة تطويرها ، استنادا على تحليل أسباب وجود الظاهرة الأدبية وطرق تطورها ، وهذا ما حاول فعله منظّروا الكتابة الحديثة ، كقصيدة التفعيلة وقصيدة النثر والقصة القصيرة جدا والرواية الحديثة وغيرها .

                      تحاول نظرية التجنيس منذ ظهورها حتى اليوم ، تسهيل وتنظيم العلاقات بين المبدع والناقد والمتلقي ، لذلك فهي تستند في تصنيفاتها على ما يحقق هذه الأهداف ، وليس على التقسيم من أجل التقسيم ، فهنالك العديد من الأسس التي يمكن التقسيم على أساسها ، ولكنها لن تحقق الفائدة المطلوبة كما تحددها نظرية التجنيس ، فيمكن لنا وبسهولة إشراك عدة نصوص في فئة واحدة لاشتراكها بجزئية معيّنة ، فنقول مثلا يمكن القول إن قصائد المعري، طواسين الحلاج ، فتوحات ابن عربي ، مواقف النفّري ، رواية ابن طُفيل ، الأطروحات الفلسفية ، أراجيز المنطق ؛ كلها تندرج تحت الأدب الفلسفي ، ولكن ما القيمة العملية والنقدية لهكذا تقسيم ؟ وما الأسس الفنية التي يحتاجها الكاتب للكتابة تحت هذا الجنس الأدبي ؟ إذا افترضنا جدلا صحة هكذا تقسيم قياسا بنظرية التجنيس الأدبي .


                      إشكاليات التجنيس الأدبي :

                      بالرغم من الفوائد الجمّة التي تحققها نظرية التجنيس ، كما يرى مؤيدوا هذه النظرية ، هنالك الكثير من الإشكالات يثيرها معارضوا هذه النظرية .

                      1 إن أسباب تشابه الأدوات الفنية ، ناتج عن الظروف الزمانية والمكانية التي تتأثر بها النصوص الإبداعية ، يسميها (إبن سنان الخفاجي) الذائقة ، فيقول " والذائقة مقدمة على العروض فما صح فيها لا ينظر إلى العروض جوازها " ، ويسميها (كارل يونغ) الوعي الجمعي ، الذي يتأثر بالخبرات السابقة ويتوقع الأهداف ، وتسميها النسبية الإحداثي الزمكاني ؛ وذلك يعني بالضرورة عدم ثبات تلك الأدوات الفنية المحدِّدة للجنس الأدبي ثباتا مطلقا ، من هنا سيكون -على الدوام- مشروعية لأي تجنيس جديد – من حيث الإمكان – يمكن تقبّله أو الاعتراض عليه استنادا على مدى إبداعيته وانسجامه مع الظروف الموضوعية المحيطة ، وليس استنادا على سلطة الأجناس السابقة له .

                      2 هنالك تناقض منطقي وجدلي بين فكرة الإبداع وفكرة التجنيس ، فالإبداع بمعناه الفلسفي العميق ، هو مكنون الذات المعبّر عن العلاقات العمقية للواقع والاستشراف المستقبلي لهذه العلاقات ، والثورة على القائم نحو التجديد المستمر ، وهذا يتناقض مع الثبات الشكلي للنص المعبّر عن الحالة الإبداعية ، لهذا يقول (رولان بارت) " إن الإبداع هو خلخلة الأشكال السابقة وليس محاولة التوافق معها " ، وهنالك تجارب إبداعية كثيرة أثّرت في التجنيس والذائقة العامة ، لمدى عمقها الإبداعي ، نذكر منها -عربيا - ، نصوص المتصوفة ، ونذكر – عالميا – مسرحية في انتظار جودو التي حطّمت أسس المسرح الكلاسيكي ، وأسّست لمسرح اللامعقول .



                      تداخل الأجناس الأدبية :

                      إن أحد أهم العناصر التي أفرزتها نظرية الأجناس الأدبية ، منذ فجر التاريخ الإبداعي للإنسانية وحتى بدايات عصر النهضة والكلاسيكية الحديثة ، هي سلطة النص الشكلية ، أي افتراض مثالية الأداوت الفنية التي تحكم النص الإبداعي ، بالرغم من كل الأهداف السامية التي تدعو لها ، ومما هو ظاهر للعيان أن تلك النظرة التي كانت سائدة طوال تلك الحقبة الطويلة من الزمن كانت منسجمة بشكل كبير مع النظرة المثالية للعالم والقيم العليا كما مدينة أفلاطون ، ومنسجمة أيضا مع تأثير الطبيعة على الإنسان لبساطة البيئة خارجا عن حدود التعقيدات التقنية والتكنولوجية .

                      منذ عصر النهضة وحتى الآن كان هنالك تغيرات كبير على المستوى الإنساني وواقعه الحضاري، فكانت الثورة الصناعية والتكنولوجية ،وأيضا الثورة المعلوماتية وغزو الفضاء ، ورافق ذلك – طبعا - تغيرات اقتصادية وسياسية واجتماعية بذات التسارع ، مما أدى إلى تغير نظر الإنسان للوجود وللواقع الموجود ، وبالتالي كانت الحاجة ملحّة لإعادة النظر في شكلية ومضامين الإبداعات المعبّرة عن الواقع وعصرية الإنسان داخل هذا الواقع ، فظهرت الكثير من النظرات الفلسفية والأدبية والنقدية ،في محاولة للإنسجام مع تلك المتغيرات شديدة السرعة ، فعلى سبيل المثال ظهرت الوجودية ، الديالكتيك وإعادة بعث منطق الجدل على يد هيغل ، المادية ، النسبية التي حطّمت الكثير من قواعد النظرة المثالية ، وعلى صعيد النظرات الأدبية/الفنية ظهرت الواقعية ، الرومانسية ،الإنطباعية ،الرمزية السوريالية ...الخ ، وعلى الصعيد النقدي ، ظهرت الشكلانية ، السيميائية /البنائية والبنيوية التكوينية ، التفكيكية ، إضافة لمدارس التحليل النفسي والإجتماعي ...الخ ، إن كل هذه الضجة التي حدث على المستوى الإنساني ، أوجدت صراع كبير حول شكلية الإبداع وأهدافه ، فكان المحور الأهم في هذا الصراع هو نظرية الأجناس الأدبية بين مدافع و متحفظ ومهاجم ، وكان من أهم من دافعوا عن قدسية الأشكال الإبداعية وحاولوا إحياء النظرة الإغريقية للفن والأدب هم رواد الكلاسيكية الحدثية ، أمثال نيكولا بوالا ، ت . س أليوت ، أ. ريتشاردز ، شكسبير وغيرهم ، وهنالك من حاول إيجاد نظرات توفيقية كالشكلانيين الروس ، وهنالك من وقف موقف المعارض والمهاجم أمثال برونر ، كورتشه ، دريدا ، وبارت ..الخ ، فكان من أهم نتائج هذه الصراعات ظهور مفهوم تداخل الأجناس الأدبية ، والذي يقصد به خلخلة أو تحطيم القدسية الشكلية الموهومة لصالح الإبداع بحسب تعبير بارت.

                      وصل هذا الصراع متأخرا إلى البيئة العربية ، منذ نهايات القرن ما قبل الماضي ، عبر حملات المستشرقين والترجمات وشعراء المهجر ، فكان هناك صراعا كبيرا ، موازيا للصراع في الغرب ، يتمحور في جوهره حول شكلية الشعر وأهدافه ، فظهر المدافعون عن مثالية الشكل التقليدي للشعر أمثال : أحمد شوقي ، سامي البارودي ، حافظ إبراهيم ،معروف الرصافي ..الخ ،وظهر الكثير ممن حاولوا الثورة – وبمستويات مخلتفة – على قدسية الشكل :
                      دعا أمين الريحاني إلى ما سمي بالشعر المطلق ، حيث قال بضرورة التحرر من أشكال النظم القديمة خصوصا القافية .فيقول " إذا المشكلة تغيرت فإن على الشاعر أن يغير طريقة تعبيره, فلا يمكن التعبير عن مضمون جديد بشكل قديم فتغير المضمون يستدعي تغير الشكل."

                      دعا جرجي زيدان إلى إعادة تعريف الشعر فهو يرى أن الشعر معرف بلفظه لا بمعناه ، بينما يجب إعادة تعريفه ليكون معرفا بمعناه لا بلفظه.

                      جماعة الديوان ( عباس محمود العقّاد ، وعبد الرحمن شكري) : دعوة لرفض النموذجية ، وتحقيق شعر يتآلف مع الزمان والمكان.

                      حركة أبوللو ( خليل مطران ، أبو شادي ،أبو القاسم الشابي ..وغيرهم) ، تمثل هذه الحركة كما يقول أبو شادي : طلاقة الفن ..ومآل هذه الحركة أن تنهض بالشعر العربي في غير حدود. و يقول خليل مطران " يجب أن لا يتأثر التعبير بضرورات الوزن والقافية فتحرف الشعر عن مقصده....أو تجعل الشاعر يلجأ إلى الصنعة أو التكلف شأن الشعراء الذين يُسمّوْن عبيد الشعر"

                      شعراء المهجر ( جبران خليل جبران ، مخيائيل نعيمة ،نسيب عريضة ، إيليا أبو ماضي ..وغيرهم ) ،وهم رواد الرابطة القلمية ، و رواد الشعر الرومنسي أو ما سمي بالشعر المنثور.
                      يقول جبران خليل جبران" إن الوزن والقافية قيدان على الإبداع، وأنا بنفسي سوف أبدأ في التخلص من هذه القيود، وأكتب شعرًا يلائم الواقع الذي أعيش."

                      رواد قصيدة التفعيلة ( نازك الملائكة ، بدر شاكر السياب) ، الذين نادوا بالتفعيلة العروضية كأساس جوهري للكتابة الشعرية ، بدلا من عمود الشعر .

                      مجلة (شعر ) ورواد قصيدة النثر ( يوسف الخال ، أدونيس ، محمد الماغوط ، أنسي الحاج ،سنية صالح ) ،الذين نادوا بالتخلي عن الوزن والقافية وكتابة الشعر عبر تفعيل سحرية الإيقاع الداخلي ، في محاولة للإنسجام مع الواقع الحضاري المعاصر.
                      يقول ادونيس " التراث الحقيقي هو التغيير , ولهذا كان تمسك الأنسان بتراث لا يتغير دليل على أن هذا الأنسان فقد القدرة على تجديد نفسه ، وأصبح في مستوى الأشياء."

                      بهذا نرى أن تداخل الأجناس الأدبية هو تعبير عن حاجة المبدع المعاصر ، إلى تطويع الأدوات الفنيّة بما ينسجم مع الواقع المعاش ، بافتراض أن حدود الجنس الأدبي خارجة عن دائرة القداسة ، وليس الأمر مجرد تجريب مجاني ،أو توفيق شكلي ، ويعبّر إدوراد خراط عن هذا المفهوم (تداخل الأجناس ) أهميته و أهدافه ، وعن مرحلة متقدمة من هذا التداخل ، تمثل تداخل متكافيء لكل أو بعض الأدوات الفنية للأجناس الأدبية ضمن مرحلة متقدمة جدا ، يسميها بالكتابة عبر النوعية فيقول :
                      "لا أعني أن يقوم المبدع بإقحام إحدى منجزات أو تقنيات فن ما أو نوع أدبي ما بجانب الأنواع الأخرى بحيث ينشأ نوع من التجاور فقط أو النتوء أو النشاز، بل أعني شيئا صعبا ونادرا أيضا هو تمثل واستيعاب هذه المنجزات المختلفة من الأنواع الأخرى ومن الفنون الأخرى تمثلا واستيعابا تامين ثم صهرها وإدراجها في هذه الكتابة .... بمعنى أنه حتى مع استيعاب وتمثل منجزات هذه الفنون الأخرى إذا كانت السردية غالبة على النص فهو ينتمي إلى القص أو الرواية، وإذا كانت الإيقاعية غالبة على النص ولو كان فيه سرد أو غيره من منجزات الفنون الأخرى فهو شعر. أما إذا غلبت الحوارية على النص فهو مسرح، وإذا غلبت المشهدية على النص فهو سينما ولكن قد يحدث، وهذا أمر نادر جدا وصعب جدا، أن تتوازن هذه المقومات وتتكافأ، بين الايقاع والسرد والحوار... الخ. كلها أو بعضها.. عندئذ، في هذا النوع النادر من التكافؤ أو التوازن تصبح الكتابة "عبر نوعية" بالمعنى الدقيق للكلمة، ولعل هذه الكتابة تصبح عندئذ نوعا جديدا ."


                      محبتي
                      هيثم

                      ((احذر من العلم الزائف ، فهو أخطر من الجهل. )) جورج برنارد شو

                      بين النظم وأن يكون نثراً شعرة الإيقاع التي لم يلتفت إليها العروض
                      بين النثر وان يكون نظماً قصة العلوم طويلة الأمد.

                      تعليق

                      يعمل...
                      X