التصويت على مشاركات مسابقة قراءة في كتاب " يناير - مارس 2012 "

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ركاد حسن خليل
    أديب وكاتب
    • 18-05-2008
    • 5145

    التصويت على مشاركات مسابقة قراءة في كتاب " يناير - مارس 2012 "

    [frame="1 10"]
    التصويت على مشاركات قراءة في كتاب يناير-مارس 2012
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    يسعدني في نهاية الفترة التي خصصناها لاستقبال مشاركاتكم في مسابقة قراءة في كتاب أن أنقل لكم جميع القراءات التي قدّمها المشاركون في هذه المسابقة للتصويت عليها وتقييمها من قبل لجنة مختصة مكوّنة من أربعة أساتذة كبار من أعلام ملتقى الأدباء والمبدعين العرب عرفوا بكفاءتهم ونزاهتهم وشفافيّتهم.
    ولكن بدايةً اسمحوا لي أن أسجّل بعض النّقاط أراها ضرورية للتنويه على ما اتخذنا من إجراءات تتعلّق بالمسابقة وشروط المشاركة فيها.. ولشرح كيفية احتساب الدّرجات لتحديد الفائزين..
    شروط المسابقة:
    *
    أن تكون القراءة خاصّة المتسابق ومكتوبة بلغة عربية سليمة
    *
    أن لا تكون منقولة
    * أن تكون غير منشورة من قبل في أيٍّ من وسائل النّشر وأن تقدّم خصّيصًا لملتقى الأدباء والمبدعين العرب.. وأن لا يتم نشرها في أي وسيلة إعلاميّة أخرى إلاّ بعد مرور أسبوع من نشرها في الملتقى.
    لذلك ومراعاةً لهذه الشروط فقد اعتمدنا تقييم المشاركات على النحو التالي:
    تقوم اللجنة الكريمة الخاصة بالمسابقة بدراسة المشاركات وتقييمها حسب
    موضوع الكتاب وأهمّيته..... 20 درجة
    الصياغة اللغوية والنحويّة والبلاغية وخلوّها من الأخطاء... 20 درجة
    أفضل مختصر لكتاب وشموليته كمختصر لموضوع الكتاب........ 20 درجة.
    ما يعني اننا أعطينا لتقييم اللجنة 60% من التقييم العام
    وأعطينا لتصويت الأعضاء ما نسبته 40 % من التقييم العام.
    أي مشاركة منقولة ولا تعود للمشترك في المسابقة تعتبر باطلة ولاغية وستهمل.
    تقييم اللجنة للمشاركات تقييم نهائي.. يحق للمشارك طلب توضيح للدرجة التي حصلت عليها مشاركته.. دون حق الاعتراض.
    إذا تساوت الدرجات بين مسابقتين فائزتين تقسم الجائزة المالية بين صاحبيها.. وينال كلٌّ منهما وسام القراءة والمطالعة.
    أشكر الجميع على حسن الاهتمام والمتابعة .. متمنّيًا للجميع الفوز والتوفيق.
    تنويه:
    قمت بنقل المشاركات إلى متصفّح للتصويت عليها.. قبل انتهاء موعد قبول المشاركات.. لأني على سفر هذا الصباح.. وقد لا أتمكن من التواصل كما ينبغي بالملتقى خلال 3 أسابيع القادمة.
    أيّ مشاركة جديدة تصلني قبل انتهاء اليوم 31/03/2012 سوف أضيفها لمتصفح التصويت لتقييمها.. وإلاّ ستُعتبر مشاركة للفصل القادم أبريل- يونيو 2012
    سيبقى المتصفح مغلقًا إلى يوم غدٍ 01/04/2012 حيث تبدأ عملية التصويت.
    تحياتي لكم
    تقديري ومحبتي
    ركاد أبو الحسن
    [/frame]
    50

    هذا الاستطلاع منتهي


  • ركاد حسن خليل
    أديب وكاتب
    • 18-05-2008
    • 5145

    #2
    المشاركة الأولى
    [frame="10 10"]
    ( تهذيب سيرة ابن هشام )
    نبذة عن مؤلف الكتاب :
    الدكتور عبد السلام هارون

    أستاذ الأدب والنقد المقارن بكلية دار العلوم جامعة القاهرة سابقا و تدرج في وظائفه من مدرس بالمدارس الابتدائية إلى أستاذ بالجامعة وهو ممن دُعي لإنشاء جامعة الكويت مع نخبة من أساتذة مصر سنة1966 وعضو مجمع اللغة العربية وشغل منصب رئيس قسم النحو ثم اللغة العربية ثم الدراسات العليا 1975
    ولد في مدينة الإسكندرية في 25 ذي الحجة 1326 هـ، 18 يناير 1909م وجده لأبيه هو الشيخ هارون بن عبد الرازق عضو جماعة كبار العلماء، وأبوه هو الشيخ محمد بن هارون كان يتولى عند وفاته منصب رئيس التفتيش الشرعي في وزارة الحقانية (العدل)، وعمه هو الشيخ أحمد بن هارون الذي يرجع إليه الفضل في إصلاح المحاكم الشرعية ووضع لوائحها، أما جده لأمه فهو الشيخ محمود بن رضوان الجزيري عضو المحكمة العليا.
    عني أبوه بتربيته وتعليمه، فحفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، والتحق بالأزهر سنة1340 هـ = 1921م) حيث درس العلوم الدينية والعربية، ثم التحق في سنة (1343 هـ = 1924م) بتجهيزية دار العلوم بعد اجتيازه مسابقة للالتحاق بها، وكانت هذه التجهيزية تعد الطلبة للالتحاق بمدرسة دار العلوم، وحصل منها على شهادة البكالوريا سنة (1347 هـ = 1928م) ثم أتم دراسته بدار العلوم العليا، وتخرج فيها سنة (1351 هـ = 1945م ، وقد كان رحمه الله أستاذي في مادة الأدب والنقد المقارب في كلية دار العلوم عامي 1963 و1964 ومنه تعلمت فن النقد الأدبي الحديث والمقارنة بين مدارس النقد العربية والأجنبية . ومن أشهر مؤلفاته العلمية :
    1- تحقيق كتاب ( خزانة الأدب وأتمه وهو طالب بدار العلوم )
    2- اختير عضوا بلجنة إحياء تراث أبي العلاء المعري بواسطة الدكتور طه حسين مع آخرين ( كتاب تعريف القدماء بأبي العلاء )
    3- شرح ديوان سقط الزند لأبي العلاء
    4- تحقيق ونشر كتاب الحيوان للجاحظ ونال به جائزة مجمع اللغة العربية سنة 1950
    5- أخرج معجم ( مقاييس اللغة ) لابن فارس في ستة أجزاء
    6- وحقق العديد من المعاجم اللغوية كمعجم الصحاح للجوهري وتهذيب الصحاح للزنجاني وتهذيب اللغة للأزهري وأسند إليه المجمع اللغوي الإشراف على طبع المعجم الوسيط
    7- فن تحقيق النصوص ونشرها مع العناية بالمخطوطات
    8- الأساليب الإنشائية في النحو العربي
    9- مدخل على الدب والنقد المقارن
    10- تهذيب سيرة ابن هشام
    وقد توج عبد السلام هارون حياته بأن نال جائزة الملك فيصل العالمية في الأدب العربي سنة (1402 هـ= 1981م)، وانتخبه مجلس مجمع اللغة العربية أمينا عامًا له في (3 ربيع الآخر 1404 هـ= 7 يناير 1984م)، واختاره مجمع اللغة العربية الأردني عضو شرف به و تعرفه الجامعات العربية أستاذًا محاضرًا ومشرفًا ومناقشا لكثير من الرسائل العلمية التي تزيد عن 80 رسالة للماجستير والدكتوراه. وله من تحقيق أو تأليفه أكثر من 115 كتابا .
    تلخيص الكتاب :
    نظرة موجزة في المقدمة :
    تناول الحديث عن السيرة عديد من المؤلفين والكتاب ذكرهم المؤلف في كتابه ومنهم ؛ عروة بن الزبير أولهم سنة 921 هجرية ومحمد بن اسحق
    ، وكانت معظم كتابات السير قد بادت غير أشلاء متناثرة فيما ألف من المؤلفات بعد ذلك وقطعة من كتاب وهب بن منبه محفوظة في متحف بألمانيا
    وسيرة ابن هشام التي نتناولها في تهذيب د. عبد السلام هارون هي أوثق وأطول السير في العهد العباسي الزاهي عصر التأليف العلمي لسيرة محمد بن اسحق.
    هدف الكتاب :
    صرف الملوك والحكام والأمراء في ذلك العصر عن الاشتغال بكتب لا يحصل القارئ منها شيء إلى الاشتغال بمغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبعثه ومبتدأ الخلق
    ويلفت الدكتور عبد السلام هارون النظر إلى أن كتابه يعد تلخيصا وتهذيبا لمؤلف ابن هشام لتوجيه القارئ إلى معرفة سيرة رسول الله ومغازيه من حياته إلى مماته صلى الله عليه وسلم
    انطباع ورأي المشارك في المسابقة :
    تبدو محاولتي عرجاء في الإلمام بكل المعلومات القيمة التي وردت في الكتاب وتتطلب من القارئ الرجوع إلى الأصل للاستزادة من أحداثه المفصلة بدقة بالغة وأسلوب متميز لمؤلفه
    ولكني على أية حال أضع بين أيديكم ملخصا يفي بالجانب العام من محاور الكتاب في غير خلل أو تقصير في ترك ما يهدف إليه المؤلف في كتابه .
    ومما لحظته على المؤلف د. عبد السلام هارون :
    عودته مرة ثانية للحديث عن قدوم جعفر بن أبي طالب على الحبشة وحديث المهاجرين مع النجاشي ردا على وفد قريش باستعادة المسلمين لتأديبهم على خروجهم عن دين آبائهم
    وهذه الفقرة ليست في ترتيب تاريخها بين الأحداث في السيرة ، بعد أن تخطاها بذكر العديد من الغزوات
    موجز ما قرأته في تهذيب سيرة ابن هشام :
    بدأ بذكر نسب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى آدم عليه السلام مرورا بالقبائل التي ينتسب إليها ويلتقي فيها مع الصحابة الكرام رضي الله عنهم مثل قصي ولؤي وكلاب وكعب ومضر ومرة وغيره وعدنان ، ثم فصل النسب عند إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام ، وعرج على رؤيا ربيعة بن نصر في إرهاصاته بقدوم رسول الله بالحق الساطع ، وتعرض لتاريخ اليمن والحبشة، وقصة هدم الكعبة وأبرهة وأصحاب الفيل وقصتهم مع عبد المطلب جد الرسول عليه الصلاة والسلام
    لخص المؤلف حياة بني هاشم وذكر أولادهم وتحدث عن حفر زمزم ورؤيا عبد المطلب ونذره بذبح ولده عبد الله والد محمد صلى الله عليه وسلم وما رأته آمنة عند حملها وولادتها ورضاعة
    وليدها محمد عند حليمة السعدية وما حدث له من أحداث في تلك المرحلة من شق صدره وموت أبيه وكفالة جده وعمه له ، ورؤيا بحيرا الراهب فيما يتعلق بمحمد أثناء توجهه في تجارة جده إلى الشام ن وسرد أحداث حرب الفجار بين قيس وعيلان واشتراك محمد عليه الصلاة والسلام فيها حيث كان ينبل على أعمامه وهو ابن عشرين سنة
    زواجه من خديجة بنت خويلد وتجارته لها ، وحديث ورقة بن نوفل ، وقصته في فض النزاع حول من يضع الحجر في مكانه عند بناء الكعبة لما عرف عنه من صفات بين قومه قبل بعثته
    وذكر صفته التي جاءت في الإنجيل إرهاصا ببعثته صلى الله عليه وسلم رسولا ، وذكر قصة البعثة ونزول القرآن الكريم وإسلام خديجة برسالته وفترة الوحي عنه وأوائل من أسلم معه ،
    وتحدث عن الجهر بالدعوة بعد سريتها وما لقيه جراء ذلك من قريش وما فعله أبو جهل وزعماء الكفار معه ومع من آمن من المسلمين بصنوف الأذى والعذاب والمكيدة لقتله حتى وصل الأمر أن يطلب من أصحابه الهجرة إلى الحبشة وطلب قريش لهم وحماية النجاشي للمهاجرين ، ثم ذكر إسلام عمر بن الخطاب وقصته بعد إسلام أخته على يد خباب بن الأرت ، ومقاطعة قريش لبني هاشم والمسلمين وحصارهم في شعب مكة وعمل وثيقة لعدم التعامل معهم حتى أكلوا أوراق الشجر ، وتحدث عن نقض الوثيقة وعودة مهاجري الحبشة بعد ظهور الإسلام ،
    حديث الإسراء والمعراج وما حدث للرسول عليه الصلاة والسلام بالطائف وثقيف وأمر استماع نفر من الجن إلى دعوته وإيمانهم به أثناء عودته من الطائف وعرض نفسه على القبائل
    لنشر دعوته بين الناس وبدء إسلام الأنصار وبيعات العقبة المتتالية وشروطها ، ثم نزول الأمر السماوي بقتال المشركين في قوله تعالى أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير ) ثم الإذن بالهجرة إلى المدينة وقصة الهجرة وطريقها ومن هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن لحق به بعد الهجرة ، وذكر أول من هاجر من بني مخزوم أبو سلمة بن عبد الأسد وامرأته ن وقصة مبيت علي بن أبي طالب في فراش النبي ليلة الهجرة وملاحقة الكفار لمحمد وصاحبه ورصد العطاء لمن يأتيهم به حيا أو ميتا وقصة سراقة إلى قدوم محمد على قباء واستقبال الأنصار من المدينة له بالترحيب والعهود التي أقامها معهم ومؤاخاته بين الأنصار والمهاجرين وخبراستبدال البوق والناقوس في الصلاة بالأذان للإعلام بموعد الصلاة وما أصاب المهاجرون من اعتلال في الصحة بسبب تغيير المناخ بين مكة والمدينة ومرضهم بالحمى
    الحديث عن تفصيل الغزوات والسرايا :
    وقد أفرد لكل سرية أو غزوة أو بعث فقرة خاصة معنونة بالحدث وتفصيلاته بادئا ب :
    سرية عبيدة بن الحارث في ثلة من المهاجرين وأول من رمي بسهم في الإسلام كان سعد بن أبي وقاص فيها
    ثم سرية حمزة بن عبد المطلب إلى سيف البحر للقاء أبي جهل في ثلاثمائة راكب من أهل مكة وانصراف القوم دون قتال
    غزوة بواط ، والعشيرة ، وسرية سعد بن أبي وقاص ، وغزوة سفوان وتسمى ( بدر الأولى ) حين أغار كرز الفهري على سرح المدينة أي دوابهم السارحة في الصحراء للرعي
    فخرج له رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلبه فلم يدركه قبيل بدر الكبرى ، ثم سرية عبد الله بن جحش لرصد أحوال قريش ومعرفة أخبارهم عند نخلة بين مكة والطائف
    ثم خبر تحويل القبلة إلى الكعبة بعد أن كانت إلى بيت المقدس .
    غزوة بدر الكبرى وتفصيل أحداثها صبيحة يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة خلين من رمضان في العام الثاني من الهجرة وأمر القليب الذي هلك فيه قتلى المشركين كابي جهل وعتبة بن ربيعة وأخيه شيبة وأمية بن خلف وغيرهم ، والحديث عن أمر الأسرى والفداء وكان فيهم زوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمه العاص بن الربيع وافتداء زينب له بقلادة أعطتها لها أمها خديجة رضي الله عنها ومال لها ، واستشارة الرسول أصحابه إنْ رأوا أن يطلقوا لها أسيرها ففعلوا وردوا عليها الفداء تقديرا لأبيها صلى الله عليه وسلم .
    غزوة بني سليم بالكدر بعد سبع ليال من بدر الكبرى وغزاها النبي بنفسه ثم غزوة السويق وذي مر ضد غطفان وغزوة القرع من بحران
    خبر اليهود : ما فعله بنو قينقاع بالمرأة المسلمة من كشف سوءتها بالسوق وغضب المسلمين لذلك ومعاداتهم ليهود بني قينقاع ، ثم حصارهم ونزولهم على حكم رسول الله بالجلاء عن المدينة ، ثم ذكر سرية زيد بن حارثة إلى القردة من مياه نجد بطريق العراق وإصابة العير وما حملته من الفضة وعودة المسلمين سالمين إلى المدينة
    غزوة أحد وأحداثها الجسام وصعود خالد الجبل وتطويق المسلمين فيها واستشهاد عدد من الصحابة الكرام منهم حمزة أسد الإسلام على يد وحشي وقصته مع هند بنت أبي سفيان التي أغرته بذلك ن وكسر رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم برمية سهم من عتبة بن أبي وقاص ووقفة الصحابة كترس لحماية رسول الله ومنهم أبودجانة الذي كان يتلقى النبل في ظهره وهو يحمي رسول الله وسعد بن أبي وقاص الذي كان يناوله الرسول النبال التي ترمى عليه ليردها في نحور الكفار ويقول له صلى الله عليه وسلم: ارم فداك أبي وأمي ن وما حدث من إعياء لرسول الله حتى إنه لم يستطع أن يرتقي صخرة على جبل فجلس تحته طلحة بن عبيد الله فنهض الرسول حتى استوى على الصخرة فبشره بالجنة على صنعه ، والحديث عن قتلى الكفار ( أحد مخيريق بن ثعلبة بن الفطيون الذي قال : يا معشر يهود والله لقد علمتم إن نصر محمد عليكم لحق ، قالوا : إن اليوم يوم السبت ، قال : لا سبت لكم ) فأخذ سيفه فقاتل مع المسلمين حتى قتل فقال رسول الله عنه l مخيريق خير يهود ) وكانت غزوة أحد يوم السبت للنصف من شوال في العام الثالث من الهجرة
    وذكر المؤلف ما قيل فيها من الأشعار والأقوال الثابتة في التراث العربي ، والحديث عن يوم الرجيع وخيانة أبي براء عامر بن مالك ومقتل أربعين من المسلمين بسبب تلك الخيانة عندما أشار على الرسول أن يتوجهوا لدعوة أهل نجد فقتلهم بنوعامر برئاسة عامر بن الطفيل عند بئر معونة بين أرض بني عامر وحرة بني سليم ولم يتركوا غير كعب بن زيد الذي أثخنته جراحه فعاد وشفي ثم مات شهيدا في غزوة الخندق
    ويسير المؤلف على هذا النهج في سرد أسماء الغزوات وأحداثها ؛ وإجلاء يهود بني قريظة وبني النضير وغزوة ذات الرقاع وغزوة بني المصطلق التي انتشر فيها خبر حادثة الإفك عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وأحداث غزوة الخندق واشتراك النبي فيها وسماعه لرأي سلمان الفارسي في حفر الخندق وما دار في المعركة
    وتحدث المؤلف عن صلح الحديبية سنة 6 هجرية والهدنة بين المشركين والمسلمين ، والمسير إلى خيبر سنة 7 هجرية وحقن الرسول لدماء اليهود حتى غادروا المدينة
    ثم استمر في ذكر بقية الغزوات فتحدث عن تهذيب سيرة غزوة مؤتة سنة 8 هجرية وكيف استعان الرسول فيها بقيادة الشباب بتعيين أسامة بن زيد عليها واحترام الصحابة لقراره صلى الله عليه وسلم حتى بعد وفاته باستمرار بعثته قائدا للغزوة
    ثم فصل الحديث عن فتح مكة سنة 8 هجرية وعفو النبي عن أهلها قائلا لهم :اذهبوا فأنتم الطلقاء ، ثم أتى بخبر غزوة حنين بعد الفتح للقاء هوازن في اثني عشر ألفا من المسلمين بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخبر غزوة الطائف8 هجرية وعمرة الرسول من الجعرانة واستخلافه عتاب بن أسيد على مكة ،
    وخبر اعتذار كعب بن زهير عن أشعاره ضد رسول الله والمسلمين وسماع الرسول لقصيدته في مدحه واستغفاره بعد إسلامه والتي بدأها بقوله :
    بانت سعاد فقلبي اليوم متبول = متيم إثرها لم يُفْدِ مكبول
    إلى أن قال :
    إن الرسول لنور يُسْتَضَاءُ به = مُهَنَّدٌ من سيوفِ الله مسلول
    خبر آخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ غزوة تبوك سنة 9 هجرية وكانت باتجاه الروم في الشام في زمن العسرة والحر الشديد ، ومجيء ( البكائين ) إليه يطلبون حملهم للغزو معه ؛ وهم سبعة من الأنصار منهم عمرو بن عوف وسالم بن عمير ،وقال لهم الرسول كما أشار القرآن لتلك الحادثة : ( لا أجد ما أحملكم عليه فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون ) ، كما جاءه ( المعذرون من الأعراب ) ، وذكر أقوال المنافقين ( لا تنفروا في الحر ) فرد عليهم بلسان القرآن : ( قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون )
    بعوث الرسول عليه الصلاة والسلام برسائل إلى الملوك والحكام : بعث الرسول خالد بن الوليد إلى أكيدر في دومة كندة ، وذكر إسلام ثقيف في رمضان سنة 9 هجرية ، ثم توالت الوفود لأعلان إسلامها ، والبعوث للدعوة الإسلامية ، ونزول القرآن الكريم سورة الفتح ، وسورة الحجرات ، فجاء وفد تميم ووفد الجارود عبد القيس ، وبني حنيفة ،ومعهم مسليمة الكذاب ، الذي انصرف بعدها إلى اليمن وادعى مشاركته لمحمد في النبوة ، وقدوم عمرو بن معدي يكرب والأشعث بن قيس في وفد الأزد ، وعدي بن حاتم في طيء ، وأرسل إلى ملوك حِمْيَر من تبوك برسالة يدعوهم للإسلام ، وبعث معاذ إلى اليمن ، وخالد بن الوليد إلى بني الحارث بن كعب فأسلموا على يديه ، وذكر قصة مقتل عامر بن الطفيل بالطاعون ، ثم ذكر
    ( الكذابون ) مسليمة والأسود العنسي وأحداثهم ، وخروج الأمراء والعمال على الصدقات ، وذكر كتاب مسليمة إلى رسول الله ورده عليه آخر سنة 10 هجرية ، ( أسلم تسلم )
    حجة الوداع سنة 10 هجرية : فصل أحداثها ، ثم ذكر خروج أسامة بن زيد إلى أرض فلسطين وتخوم البلقاء بالشام ،وإرسال الرسائل لملك الحبشة ، وحاكم الإسكندرية المقوقس
    مرضه صلى الله عليه وسلم ووفاته: افرد فصلا لاعتلال صحته وشكواه وزيارته لأهل البقيع ووقوفه عليهم واستغفاره لهم ، ثم عودته إلى حجرة عائشة زوجه ليمرض عندها بعد أن استأذن زوجاته التسع ، وكان قد تزوج عليه الصلاة والسلام ثلاثة عشر زوجة ذكرهن جميعهن وقصص زواجه بهن ، ثم عاد يشكو الوجع من الحمى ، وكان يعرق في مرضه ويقول l بل الرفيق الأعلى من الجنة ) حين خُيِّر عند قبضه ، وقد امر أبا بكر بالصلاة بالناس ، ثم قبض صلى الله عليه وسلم ، وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها l مات بين سحري ونحري وفي دولتي ؛ أي في حجرتي )
    دفنه ، صلى الله عليه وسلم : ذكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعمه العباس وخروج أبي بكر قائلا للناس l من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ) وخبر مقالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يهدد من قال إن محمدا قد مات ضربته بسيفي هذا ، وذكر تهدئة الصديق له ، ثم عرج إلى اجتماع الأنصار بسقيفة بني ساعدة لرؤية من سيخلف الرسول صلى الله عليه وسلم واختلافهم حول المهاجرين والأنصار ثم إجماع الأمر على اختيار أبي بكر الصديق الذي بايعه الفاروق عمر رضي الله عنه فتوافد الناس يبايعونه
    وكان جهاز رسول الله ودفنه في موضع موته وسط الليل في حجرة عائشة، وذكر المؤلف ما قيل في هذه الأحداث من الأشعار وأقوال الصحابة رضوان الله عليهم ،ومن ذلك ما قاله حسان بن ثابت : تالله ما حملت أنثى ولا وضعت = مثل الرسول نبي الأمة الهادي
    ثم اختتم الكتاب بارتداد العرب عن دفع الزكاة لأبي بكر ونجم النفاق ، وصار المسلمون كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية لفقد نبيهم حتى جمعهم الله على أبي بكر الصديق الذي قال : ( أيها الناس أني وليت عليكم ولست بخيركم ، فإن رأيتموني على حق فأعينوني ، وإن رأيتموني على باطل فقوموني ، أطيعوني ما أطعت الله فيكم ، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم ، القوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه ، والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ الحق له ، والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونها لرسول الله لحاربتهم عليه ) وقام سهيل بن عمرو في الناس يقول بعد موت الرسول l إن ذلك ـ يقصد موت الرسول صلى الله عليه وسلم ـ لم يزد الإسلام إلا قوة ، من رابنا ضربنا عنقه ) فتراجع الناس وكفوا عما هموا به من الارتداد .
    الفهارس : ختم الكتاب بمجموعة من الفهارس القيمة والمصادر الموثقة :
    1- فهرس السير والمغازي 2- فهرس الأعلام 3- فهرس القبائل والطوائف 4- فهرس البلدان والمواضع ونحوها 5- فهرس الأشعار والأرجاز .

    =======
    [/frame]

    تعليق

    • ركاد حسن خليل
      أديب وكاتب
      • 18-05-2008
      • 5145

      #3
      المشاركة الثانية[frame="7 10"]
      عصرنا: ملامحه وأوضاعه
      تأليف أ.د. عبد الكريم بكار

      هذا الكتاب أول خمسة كتب متسلسلة بعنوان (الرحلة إلى الذات)
      يتألف من فصلين:
      الفصل الأول يناقش محورين:
      - هل يعيش العالم عصراً واحداً؟
      - نحن والغرب

      الفصل الثاني: يتعرض لقيم ومفاهيم وأوضاع سائدة ضمن النقاط التالية:
      أولاً- من التفاؤل إلى العدمية
      ثانياً- ضياع الهدف النهائي
      ثالثاً- التأزم الخلقي
      رابعاً- تقدم بلا حدود
      خامساً- تغير في المفاهيم
      سادساً - العنف وإرادة القوة
      سابعاً- التحدي والاستجابة
      ثامناً- انتشار نظام التجارة
      تاسعاً- جنون الاستهلاك

      المقدمة


      يتحدث فيها الكاتب عن العيش في هذا الزمن، والصعوبات التي يواجهها المسلم الملتزم بالقيام بأمر الله- تعالى- في ظل ظروف وأوضاع كثيراً ما تكون غير مواتية، وأنه يلزمه وعي عميق للواقع, وما يحتاجه هذا الواقع من تطوير وتحسين للأبعاد العقلية والنفسية والجسمية والاجتماعية, بالإضافة إلى تحسين إدارة شؤون العيش.
      الفصل الأول


      يبدأ بالسؤال:
      هل يعيش العالم عصراً واحداً؟
      بعد ذكر ظروف ومظاهر الزمن القديم والجديد يخلص إلى قول: إن فكرة وجود عالم أول وثان وثالث التي هيمنت مدة طويلة في الزمن, لم تعد موجودة الآن, فعلى الأرض اليوم عالم واحد فقط؛ وإطلاق كلمات مثل(العالم الإسلامي) و(العالم الغربي) لا يُراد منه سوى التمييز بين بقع وأماكن جغرافية والدلالة على تباين عَقَدي ومصلحي.
      ويعني بهذا أن هناك أفكاراً وقيماً وأساليب وآمالاً وطموحات تهيمن على معظم شعوب الأرض, ونفوذها آخذة في الاتساع يوماً بعد يوم.
      شعوب الأرض تنقسم اليوم إلى قسمين:قسم ينتج ويحقق كثيراً من مبادئ هذا الزمان في حياته اليومية, وقسم يستهلك, ويتمنى أن يصبح عصريّاً, ويخطط لذلك.
      ويؤكد أن الدول والشعوب التي تنتج القيم المعاصرة, ونظم تحقيقها ووسائله هي الأمم التي تترك أقوى البصمات على العصر الذي نعيش فيه, من خلال ما تضعه من شروط ومواصفات للعيش والارتقاء الحضاري, ومن خلال الهيمنة الأدبية والمادية التي تمكنها من الحراك الدولي والاستفادة من ضعف الضعفاء وجهل الجهلاء واحتراب الخصوم والأعداء....
      ويضيف أن مشكلة الأمم الضعيفة لا تقتصر اليوم على ضعف إنتاجها الحضاري, وإنما تتجاوز ذلك إلى معاناتها من العجز عن عرض ما لديها من قيم وخبرات ونظم, وتسويقه في بلاد الأمم المتقدمة المغرورة والمصابة بعقدة الأقوى والأكبر والأصلح.

      نحن والغرب
      إن وعي الأمم بما لديها, يظل غير مكتمل, ما لم يتوفر لها كيانات مناوئة, تختلف عنها اختلافاً بيّناً, فتتمكن بذلك من المقارنة والموازنة والمحاكمة والنقد والمراجعة والتصحيح.
      يتكلم عن ترابط الشرق والغرب- وليس الصين أو اليابان- عبر العصور بمعادلة يكون فيها أحدهما فيها أستاذا بينما الآخر تلميذا، وعن نظرة الغرب للشرقي بشكل عام والمسلم بشكل خاص وأسبابها التي تتوزع بين (تاريخ وحضارة الغربي ودينه) و تصرفات الشرقي( حكاما وشعوبا).
      أضف إلى كل ذلك أن الغرب لا يستطيع أن يهضم, ويتفهم وضعية لا ينفصل فيها الدين عن الدولة, كما لا يستطيع أن يستوعب منطقية دين تغطي أحكامه كل حياة البشر؛ فهو دائماً يفهم الدين على أنه شأن شخصي, وعلاقة خاصة بين العبد وربه؛ وهو بذلك ينطلق في نظرته للدين والتدين من خلال معرفته بالنصرانية, وبالكنيسة التي أجْلَتها العلمانية عن كل مواقعها, وحوَّلتها إلى مؤسسة تعنى بالخدمات الاجتماعية!!
      ولو أن الأمر اقتصر على ذلك لهان الخطب, لكن الكنيسة قد أصبحت تضفي المشروعية على بعض الأعمال والتصرفات التي لا يمكن لأي دين سماوي أن يقبل بها، وعلى سبيل المثال فإن الكنيسة الإنكليزية, قد أجازت عقد القران بين الرجال, وكانت الكنيسة الأمريكية أدخلت من قبل إلى أروقتها الرقص والموسيقى والغناء. لذا فإن مقاييس الغرب للتدين, تدفعه نحو اعتبار كل مسلم- مهما كانت درجة التزامه- أصولياً!
      لا يعتقد أن بإمكاننا أن نغيَّر الصورة القاتمة التي يحملها المواطن الغربي عن الإسلام والمسلمين ما لم يتغير واقعنا, ونردم جزءاً من الهوة التي تفصلنا عن المضامين الأخلاقية والحضارية التي نؤمن ونعتزبها.
      ورغم سوداوية نظرة بعض المسلمين إلى الغرب لكن الشريحة العظمى منهم ترى في الغرب نموذج التقدم والنهضة والحداثة والتغير الاجتماعي, كما أنه مهد العلم والاكتشاف والتطور الصناعي والتقني, إلى جانب أنه يقدم نموذجاً على الصعيد الإنساني, تُراعي فيه الحقوق, وتُحفظ فيه كرامة الإنسان, كما أنه نجح في تأسيس قوانين وأعرافاً تؤمن سهولة التداول للسلطة سلمياً.
      بداية الخطأ على المستويين الفكري والمعرفي محاولة بعض المثقفين في بلاد المسلمين, على نحو مستمر تكوين الصور السابقة وتجديدها عبر طموحات ومقولات ومحكَّات عديدة، تنبع من النظر إلى تأزم الواقع الإسلامي على أنه صدى لتأزم الفكر الإسلامي والثقافة الإسلامية, مع غض الطرف عن العلاقة الجدلية بينهما, وعن أن الصحيح أن تأزم الفكر كثيراً ما يكون ناتجاً عن تدهور الواقع المعيش, وعجز عن حفز الفكر كي يجدد بنيته ومقولاته, وطرق عمله.
      وحين أُغلق باب الاجتهاد في القرن الرابع الهجري, لم يتم إغلاقه بقرار من أية جهة, وإنما أغلق لأن المجتمع لم يعد بحاجة إليه؛ فما كان متوفراً لديه من فكر ومعرفة لم يكن كافياً لتسيير دفة الحياة, والإجابة على تساؤلاتها فحسب, بل كان فائضاً عن الحاجة!
      وأكثر الذين يحملون رايات الاحتجاج, هم من الفئة الأكثر اعتزازاً بالحضارة الغربية, والأكثر إلحاحاً على ضرورة تقليدها.
      هذا الخطأ الأولي جعل كثيراً من مثقفينا, يبحث عن مخلَّص من الأزمة الحضارية التي نعاني منها, ووجد أن النموذج الذي يصلح لأن يكون مرجعاً في شؤون الحضارة, ينبغي أن يكون(مطلقاً) حتى يصبح محوراً ومقياساً, وقد وجدوا أن (العقل الثقافي) الغربي هو ذلك المطلق المنشود, وكل ما فيه ثوابت مطلقات.
      وهم بذلك يحوَّلون عدداً ضخماً من الأفكار والمفاهيم والنظم إلى مفردات (أيدلوجية), وفي ذلك خيانة واضحة لدستور العقلانية, وميثاق العقل نفسه. وهم في سبيل النجاح في عملهم ذاك, يبرزون أموراً في شأن المنافس الغربي, ويغيّبون أموراً أخرى: فالحاضر منه لأطروحاتهم هو الوجه(العاقل), والغائب منه هو الوجه(المنفعل)؛ا لحاضر هو الوجه (الفيلسوف), والغائب هو الوجه (المتأدلج)؛ الحاضر هو المعيارية الثابتة عبر التاريخ, والغائب هو الذرائعية المتبدّلة عبر اقتضاءات المصلحة؛ الحاضر والمقبول منه هو(الآخر الاستراتيجي), والغائب المسكوت عنه هو(الآخر التكتيكي). بينما يجهلون أن بزوغ كثير من النظريات المعرفية والاجتماعية والسياسية في الغرب كان مقترناً بدخول الغرب في طور التوسع الاقتصادي والجغرافي, وغزو القارات, والاستيلاء على كل مكان(خالٍ من حضارة) ولا يمكن لكل ذلك أن يكون وليد المصادفة. وقد تم إيجاد المسوغات لذلك إلى أن برزت نظرية(العقليات)التي ظلّت وكأنها القول الفصل إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية, وأصبح من المسلَّم به أن البشرية في تطورها التاريخي ومسيرتها الكونية نحو الحضارة, أصناف وأقسام متباعدة, وأن الحضارة الغربية تمثل خلاصة التطور الكوني المطلق, بيد أن المجموعات الأخرى, ما تزال (بدائية) تعيش طور التوحش والهمجية وشتى أوجه الانحلال والجهل والفقر والبؤس والتخلف.
      يجب التفريق بين الوجه والقناع, والقول والفعل. كما يجب ألا يؤدي الوعي بالآخر إلى احتقار الذات, والصيرورة إلى العدمية والتشاؤمية. وإنما إلى تقديم ما لدينا, واكتشاف إيجابياته وسلبياته, والاستفادة من التجربة الحضارية العالمية, دون تجاهل للخصوصيات,ودون خلط بين التجديد الحضاري والتبعية للآخرين.
      وينتهي إلى قول: الغرب غرب, والشرق شرق, ولا يمكن لهما أن يصبحا شيئاً واحداً, ولكن سيكون بإمكان كل واحد منهما أن يستفيد من الآخر إذا ما راعى كل منهما حقوق الطرف الآخر, وخصوصيته الحضارية, وأخذها بعين الاعتبار في حالات التعاون وفي حالات التنافس والعداء. وسنظل نأمل بحصول شيء من ذلك, مهما كانت المعطيات السائدة باعثة على التشاؤم.
      الفصل الثاني:

      قيم ومفاهيم وأوضاع سائدة


      الخطوة الأولى التي يجب أن نخطوها نحو التمكن من العيش في زماننا هذا وواقعنا على نحو مقبول وفعّال، هي فهمه. وهو ليس بالأمر الهين، فالواقع المعيش أشبه بما سماه الفلاسفة بـ(الهيولى) وهو أحياناً أشبه بـ(الزئبق)؛ فهو يطاوعك إلى أقصى حد, لكنه يتأبى على التشكيل والقولبة, فتكون مطاوعته الشديدة خادعة.
      سبب الصعوبة البالغة في فهم الواقع العام, والعصر- على نحو أعقد- أن الناس أينما كانوا لا يستطيعون فهم الواقع إلا عبر (إشكالية) أو بنية معرفية فكرية مكونة من ثلاثة عناصر أساسية:
      1- معتقداتهم وقيمهم
      2- مركَّبهم العقلي
      3- المعلومات المتعلقة بالشيء أو الحدث الذي يحاولون فهمه
      في حين يشرح كل نقطة بشكل مبسط، يؤكد أن المعلومات بالقضية موضع الاستبصار متفاوتة تفاوتاً كبيراً بين شخص وآخر؛ فالفارق ضخم بين معلومات المباشرين لأمرما, ومعلومات الذين درسوا حوله, ومعلومات الذين سمعوا به، وهذا يؤدي في النهاية إلى ما لا يحصى من الفهوم والرؤى وزوايا النظر والمواقف وأشكال الاستجابة.
      ويؤكد على أن ما يعيننا على فهم أية قضية فهما عميقا، تفتيتها إلى أجزاء صغيرة ما أمكن، وبحث علاقتها بالقضايا الأخرى المتعلقة بها.

      أولاً: من التفاؤل إلى العـدميـة:
      حين ينسى الإنسان خالقه, وبداية وجوده, وضعفه الشديد أمام عوادي الزمان، فإنه يصبح من اليسير عليه أن يغرق في شبر من قوة, وأن يسير خلف أوهام المكتشفات العلمية, والمخترعات والصناعات, وأن يفسّر من خلالها كل مسائل الحياة, حتى مسألة الروح وبداية الخلق!
      وعندما يغادر كل الأطر الثابتة, فإنه سيكون عاجزاً عن الإمساك بالكليات الكبرى التي تحدد له مساره, وتؤسس له علاقته بما حوله؛ وذلك لأن المحك المرجعي آنذاك, سيكون عبارة عن بنية فكرية-كونية, ما فتئت تتغيروتتشكل وفق هيكل الحقيقة الذي تطرأ عليه تغيرات مستمرة, من جراء البحوث والكشوف والدراسات الجديدة,وبهذا لا تكون ثمّة أصول يتحاكم إليها, وإنما بُنيات فكرية ومعرفية انتقائية وتاريخية متغيرة, وُلِدت في بيئات ذات خصوصيات ثقافية معينة.
      من العجب أن يأمل الملحدون وأشباههم في أن تستطيع تلك البنيات تقديم تفسير شامل للكون والحياة, وتقديم أطر ومرتكزات صالحة لتقنين العلاقات بين البشر, وتحديد المطالب الأساسية للحياة والأحياء!! وذاك خطأ -لا ريب فيه- في المنطلق الأساسي الذي وضعه الغرب في هذا الشأن.
      يعمل الكاتب مقارنة بين القرنين التاسع عشر والعشرين ويضيف: التفاؤل المبالغ فيه الذي كان يعم الغرب في القرن التاسع عشر, نشأ من أن الغرب لم يكن يعرف محدودية(العلم) الذي علَّق عليه كل آماله؛ وقد كان العلم آنذاك في أوله, ولم يكن بالإمكان معرفة تلك المحدودية إلا بعد أن يبلغ العلم مداه, أو يكاد. وحين وصل العلماء إلى طريق مسدود ببحث كثير من المسائل, ساد في الأوساط العلمية شعور بأن التفاؤل المفرط, هو أول خطوة في طريق التشاؤم والعبث, وانقطاع الرجـاء.
      بعد التفاؤل المفرط بإمكانية سيطرة الإنسان على الطبيعة, حل الشعور بالتفاهة والانحسار.
      انتهت كثير من الفلسفات الوجودية إلى البعث واللامعقول, على عكس ما كان عليه الوعي الأوروبي في البداية عندما كان يتسم بالعقل والهدف والغاية والحرية والتقدم والوضوح والاتساق.
      لم ولن يستطيع عالمنا الإسلامي أن يفلت من روح التشاؤم التي ولدت في بلاد الغرب, وأخذت تنسل في كل شبر في الأرض؛ فنظرة واحدة في معظم الدواوين الشعرية الحديثة, وفي الكتابات الحضارية عامة, بل في أحاديث مجالس السمر لدى العامة والخاصة، كافية لتأكيد أن الناس يشعرون أن أفضل أيام البشرية قد ولى, وأن صنوفاً من الآلام والإخفاقات الهائلة تنتظر الأجيال القادمة.
      ويختم هذه النقطة بقوله" النصوص التي تدل على حدوث انهيارات إيمانية وخلقية واجتماعية في آخر الزمان كثيرة, لكن هناك أيضاً نصوص تدلّ على أن هناك ضمن سياق التراجع حركة مدّ وجزر, هذا بالإضافة إلى أن المسلم مكلَّف دائماً أن يفعل كل ما يستطيع, وأن يقدم أفضل ما لديه, مهما كان الوسط الذي يعيش فيه سيئاً وميؤوساً منه. المسلمون الملتزمون يعرفون إلى هذه اللحظة طريق العودة, ويعرفون كيف يبعثون في الحياة الأمل والرجاء من جديد, لكن لابد لذلك من شيء من التضحية, ودفع الثمن الذي يجب أن يدفعه كل من يسبح ضد التيار, ويحاول إنقاذ سفينة مشرفة على الغرق؛ وكل الأثمان الباهظة ستكون قليلة حين يكون العوض الطمأنينة في الدنيا, والنجاة في الآخرة!"

      ثانياً: ضياع الهدف النهائي
      تجمع الديانات والرسالات السماوية على تحديد هدف نهائي واحد لهذه الحياة هو الفوز برضوان الله-عزَّ وجلَّ- وما يترتب على ذلك من النعيم المقيم في جنات الخلد.
      وجود هذا الهدف لم يحفز الهمم على العمل فحسب, وإنما أسبغ نوعاً من التوحد والمنطقية على مناشط الحياة كلها، وجعلها معقولة ومفهوم.
      ميزة هذا الهدف للحياة أن الأهداف الأخرى جميعها, تصبح وسائل بالنسبة إليه، مما يوجد ارتباطاً فريداً بين مجموعة الأهداف المختلفة.
      سيطرة هذا الهدف على حس الناس ومشاعرهم وتصرفاتهم وحساباتهم، كان باستمرار يشكل مخرجاً حيث لا مخرج, وحلاً حيث لا حل؛ فهدف على هذا المستوى, يُضحَّي بالحياة كلها من أجله, وهذا ما يفعله في الحقيقة الشهيد والملتزم التزاماً صارماً. الشهيد والملتزم, هما أعظم الناس نفعاً للبشرية؛ لأنهما يعطيان للحياة, ولا يسحبان من رصيدها, وإنما يسحبان من رصيد آخر, هو رصيد الآخرة, مما يخفف من كثير من الأزمات في زمان تتجه الأشياء كلها نحو(الندرة)، وفي زمان لم يصبح فيه شيء بدون ثمن!
      ينقسم الناس تجاه مسألة حال البشرية اليوم, وما مدى إحساس الناس بهدف الأهداف, والغاية الكبرى من الوجود على هذه البسيطة إلى ثلاثة أقسام:
      قسم فقد الاتجاه نحو الغاية,وفقد من قبل الغاية نفسها
      قسم يعرف الغاية, ويقوم ببعض الأعمال التي قد توصل إليها, لكنها ليست حاضرة دائماً في شعوره وبرامج عمله, واعتباراته المختلفة.
      قسم ثالث يتخذ من الانسجام مع الغاية الكبرى مؤشراً على صحة ما هو فيه, ويعد العمل على الوصول إليها ذا أولوية مطلقة في كل ما يأتي.
      وإلى القسمين الأخيرين ينتمي كل من هو داخل حظيرة الإسلام.
      إن النَّفَس العام لواقعنا الحاضر, هو نَفَس مادي مصلحي نفعي, وإن الإحساس بالهدف من هذا الوجود, معدوم لدى السواد الأعظم من صنَّاع الحضارة التي تظلل عصرنا.
      وإذا تساءلنا عن السبب في ذلك فإننا سنجد أسباباً عديدة, وأهمها سببان:
      1. انحرافات الكنيسة ووقوعها ضد مصالح الطبقات الفقيرة، إلى جانب وقوعها ضد حركة البحث العلمي في الغرب, بالإضافة إلى فساد رجالها الخلقي والسلوكي؛ قد ولَّد عداءً مستحكماً بين قادة الفكر والتنوير والقوى الاجتماعية الجديدة وبين الكنيسة, وكل ما يتصل بها من إيمان بالله والبعث والجزاء والحساب. قال (فو رباخ):" إن الدين هو إضاعة الإنسان لجوهره؛ فالدين يقذف بهذا الجوهر في (كائن إلهي) خارج عن ذاته, وهو محض من إنتاج ضميره"!!
      2. الانتصارات التي حققها العلم في القرون الثلاثة الماضية في كافة مجالات الحياة, والتي أدخلت الوهم على الوعي الغربي؛ حيث ساد اعتقاد بأن العلم قادر على حلّ كل الإشكالات, ورسم كل خطوط السير في كل شؤون البشرية, ومن ثم فإن (الإيمان) قد فقد مجالاته ووظائفه, وقد آن أن يذهب إلى غير رجعة, وصارت المعادلة:إما أن تكون مؤمناً غير عالم, وإما أن تكون عالماً غير مؤمن!
      تتعرض الحداثة الغربية اليوم، لمراجعة من لدن مفكرين كبار بغية إعادة التوازن إليها, وإيجاد علاقة جديدة بين العلم والإيمان؛ حتى إن بعضهم يذهب إلى أن (العصر الوضعي) قد ولّى وأصبح خَلْفَنا لا أمامنا, وأننا الآن على عتبة عصر جديد, هو عصر ما بعد الحداثة, وهو عصر أقرب إلى الإيمان منه إلى الإلحاد، وقد بدأ بعض علماء الغرب يشعرون بالتفاوت بين العلم والإيمان, أو بين العلم والوحي على مستويين: مستوى الطبيعة والمنهج, ومستوى الهدف؛ فهما لا يتموضعان على مستوى واحد، ولذا فلا ينبغي إقامة صراع بينهما.
      العلم يستطيع أن يفسَّر الأشياء, لكنه لا يستطيع أن يقول لماذا وجدت, أو ما هي الغاية من الكون. الموت أو القطيعة الأبدية تحرق قلب الإنسان, وتشغل باله كثيراً إذا لم يكن مؤمناً راضياً بقضاء الله, واثقاً من عفوه ومغفرته في الآخرة.

      ثالثاً:التأزّم الخـــــــــلُقـــــي

      يعدد الكاتب مظاهر التأزم الخلقي ويواكب تطورها، ثم يذكر أهم ثلاثة مصادر للأزمة الأخلاقية:
      أ-الإطار المرجعي بمعنى المصدر الذي نستمد منه الحكم على وصفة أو قيمة بأنها حسنة أو قبيحة, والجهة التي ستتولى الإثابة أو العقوبة عليها.
      في العالم الغربي ذهب معظم الفلاسفة إلى أن واضع القيم هو الإنسان, ويذهب بعضهم إلى أن واضعها هو المجتمع, ومحصلة ذلك أن العقل البشري هو الأساس الذي يتشكل عليه الإطار المرجعي لجميع القيم؛ وهذا في الحقيقة يجعل الأخلاق والقيم أسيرة لأهواء البشر، وملوَّنة بألوان البرمجات المحلية ومقولات البيئات الثقافية المختلفة, والمصالح الحيوية.
      إن فقد مصدر الأخلاق لتعاليه ومطلقيته يجعلها تبدو هشَّة ومعلقة في الفراغ, ومفتقرة إلى المعيار الموضوعي, وهذا كله يحرم الأخلاق من وشاح القدسية والاحترام, ويجعل المثيب والمعاقب عليها مجهولاً في أكثر الأحيان؛ مما يسهَّل مسألة الخروج عليها وتجاوزها، وتطويرها, وهذا ما يحدث في شتى أنحاء العالم!
      يأتي الكاتب بعدة أمثلة من أقوال الفلاسفة والمفكرين الغربيين المحدثين عن انهيار الأخلاق ومرجعيتها وانشغال الناس بأشكالهم أكثر من دواخلهم، حيث تحولت النظرة الأساسية إلى النجاح, من المزايا الأخلاقية إلى ما يمكن أن نطلق عليه(مزايا شخصية).
      الأسس التي تقوم عليها العلاقات الاجتماعية أضحت تقوم-على نحو متصاعد-على تبادل المنافع, وليس على الحب والتقدير والوفاء والتناغم الخلقي والروحي؛ مما يجعل كثيراً منها يبدو وكأنه من فروع نظام التجارة الغلاّب لكل النظم الأخرى!
      ب- معاناة المنظومات الخلقية في العالم الإسلامي من عدوان بعض أبنائه عليها, حيث إن بعض المثقفين الذين فُتنوا بتفوق الغرب وتقدمه, جعلوا من أولوياتهم تفكيك المنظومات الخلقية السائدة بين المسلمين, باعتبارها عائقاً قوياً أمام التقدم؛ فقد افترضت(الحداثة العربية) أنه يجب بناء كل نشاط على العلم, واعتبرت مالا يخضع للمعايير العلمية جزءاً من أوهام الإنسان القديم, وعاملاً من عوامل استلابه, وحاولت تصوَير القيم الإسلامية بالتقليدية والبالية والمنحطة والجامدة, حاثة على الكسل والتعصب, تدعم العشائرية المدمرة للفردية, تؤكد على العاطفة والروح, وتقتل العقلانية والموضوعية, وهي على نحو عام سبب فقدان العرب مقدرتهم على استيعاب الحضارة الحديثة, ومنشأ روح العبودية فيهم.
      وهذا التقليص- كما يقول د.غليون- للتجربة الإنسانية والفردية والاجتماعية, واختصارها إلى تجربة وممارسة علمية ومعرفية ومنطقية, والحكم على التجارب الدينية والأخلاقية والجمالية بالزوال، هو من مخلَّفات الوضعية الفلسفية الأولى التي تحولت إلى (علموية)و(تقنوية)لا إنسانية.
      بعضهم يقول: إن المرحلة العلمية قد ألغت المطالب الروحية والنفسية والاجتماعية، واللاعلمية هي نتاج للتخبط الذي تعيش فيه المجتمعات النامية التي فقدت أسسها المعنوية والتقليدية, فلم تحرز التقدم المنشود !.
      أصحاب الفائدة من الاندماج في الحضارة الغربية, ومالكو القوة الغاشمة رحبوا بفكرة إنهاء المنظومة الخلقية الإسلامية؛ لأن ذلك يسهَّل السبل أمام ازدهار تجارتهم ونفوذهم, ويوجِد إمكانية كبيرة لاستخدام قوتهم, والوصول إلى مصالحهن دون قيد، في حين أن الضعفاء من المسلمين, كانوا- ومازالوا- يعتقدون أن التمسك بالأخلاق والقيم الإسلامية والإنسانية, والاستنجاد بها هو السلاح الذي يمكن أن يَحدَّ من تلك القوة, ويحول دون تدمير المدينة الإسلامية وجعل أهلها هامشاً ضئيلاً، على متن الغرب المنتصر.
      ويمكن القول بعد هذا و ذاك: إن هناك صراعاً حقيقياً بين حماة القيم والأخلاق الإسلامية العربية وبين دعاة تدميرها.
      جـ- سوء الأحوال المعيشية التي تكتنف حياة كثير من الناس في بلادنا الإسلامية خاصة, وعدم ملاءمة الأجواء العامة السائدة للتفتح الخلقي, وعدم مساعدتها على الالتزام بالفضيلة. إن الفضيلة- في معظم الأحوال- هي شيء يقع بين رذيلتين؛ فالشجاعة وضعية تقع بين الجبن والتهور\ والكرم وضعية يحدها من أمامها السرف والتبذير, ومن خلفها الشح, وهذه الطبيعة تساعد الناس على امتلاك قدرة فائقة على تأويل الفهم, وجعلها أشبه بالحالات الخاصة؛ إذ من السهل على الواحد أن يقول: إن ما أفعله ليس نفاقاً, وإنما هو مجاملة، وأن يقول آخر: إن ما أفعله ليس بخلاً, وإنما هو تدبير, وهكذا...
      ومن الواضح أن كثيراً من المجتمعات الإسلامية, تئنُّ تحت مطارق الفقر والجهل والمرض والبطالة والاستبدال, كما أن شروط العيش الكريم فيها تزداد صعوبة يوماً بعد يوم, وكثير من الشباب الذين قذفت بهم الثانويات والجامعات إلى معترك الحياة, يشعرون بالإحباط وانسداد الآفاق...
      وهذا كله لا يشكّل الوسط الصالح للاستقامة الخُلُقية, ولا لوضوح المُثُل العليا في أذهان الناس؛ إذ حين يعيش المرء في مجتمع يقتات معظم موظفيه من وراء الرشوة, والاستيلاء على المال العام, والاحتيال على النظم، تصبح نزاهته وعِفَّته بمثابة عقوبة له ولأسرته, حيث إن عليه آنذاك أن يعمل غير عمل- إن وجد- حتى يؤمَّن ضروريات الحياة؛ وفي هذه الحال, فإن أقل من 20% من الناس يحجزهم دينهم وخلقهم عن الولوغ في الحرام, أما الباقي فيسبحون مع التيار, بحجة الضرورة, وبحجة أن هذا ليس حراماً؛ لأنه موظف وله حق الكفاية, وحجته أن فلاناً(التقيَّ) يفعله؛ ولذا فإنه لم يعد حراماً, وهكذا..
      ولا يخفى أن ألفاظ الثناء في الشارع الإسلامي, صارت تعكس معياراً قيمياً جديداً؛ فعلى حين كان الناس يقولون:فلان آدمي وابن حلال وطيب, صاروا يقولون: فلان(جدع) و(شاطر) ويعرف كيف يدبر نفسه.. وصارت كلمة(طيب) التي كانت كلمة مديح, ترمز إلى نوع من اللمز في نباهته وحُسن تدبيره... والأخطر من كل هذا أن(العرف) يتحور شيئاً فشيئاً لينسجم في النهاية مع الواقع الرديء. كما أن المجتمع الذي ينتشر فيه الانحراف الخلقي والسلوكي, يفقد تدريجياً قدرته على ممارسة الضغط الأدبي على المنحرفين من أبنائه؛ لأن الذين سيمارسون الضغط, يصبحون آنذاك قلة قليلة, وموقفها نفسها يصبح موضع تشكيك, ويتحولون من قوة نافذة إلى قوة غريبة(فطوبى للغرباء) بل إن (الفتوى) نفسها قد تتراجع حيث تكثر الضرورات, ويتضخم ما تعم به البلوى, ويتراجع المصلحون من موقع إلى موقع؛ ليؤكدوا في النهاية على جوهر الإيمان وأصول الأخلاق عوضاً عن الحديث عن السنن والمكروهات والواجبات والمحرمات!
      تجليات التأزم الخلقي المعاصر
      الأفكار والعقائد والأوضاع المعيشية والسياسية، تنعكس على نحو مباشر على الأوضاع الخلقية, وتتنوع هذه الأخيرة بتنوعها. مع هذا فلا ينبغي أن يُفهم من هذا أنه ليست هناك أخلاق مشتركة بين الأمم، فنحن نعيش زماناً واحداً وفي مكان واحد، ومن المستحيل ألا تنتشر في هذه الحالة القيم المشتركة.
      * كثير من المسلمين اليوم يعيش دون شعور بالمُثُل الإسلامية العليا,ودون أهداف سامية, يسعى إلى تحقيقها؛ فتأمين الحاجات الضرورية هو شغلهم الشاغل. وقد صار كثيرون منهم أشبه بالحيوان البري الذي يقضي حياته في حديقة حيوانات؛ فهو ليس معزولاً عن بيئته الطبيعة فحسب, بل هو معزول عن أعماق ذاته!
      * يعاني السواد الأعظم من المسلمين من ضعف الإحساس بـ(الواجب) وهو المبدأ الذي يتجاوز المصلحة المباشرة والفردية؛ ليعكس تسامي الإنسان, وقدرته على الالتزام تجاه غيره, والتضحية في سبيله.
      * هناك فريق كبير من المسلمين, يعاني على الصعيد الحضاري من ذبول روح المدنية لديه, وهو ينزع باستمرار إلى نوع من الانطواء على الذات أو الأسرة أو القبيلة.. وهو نزوع ذو أثر سلبي على الإحساس بالمصلحة الوطنية؛ والمصلحة العامة.
      * هناك سلوكيات خاطئة, تنم عن نوع من الخواء الروحي, حيث إنَّ كثيراً من الناس, أخذوا يعوَّضون عن النقص في كينونتهم الإيمانية والأخلاقية بالاتجاه نحو المزيد من الاستهلاك البذخي والترفي, بالإضافة إلى رغبة قوية في الاكتناز بشراء العقارات والقصور وشراء السيارات الفاخرة...
      * على الرغم من سهولة الاتصال بين الناس, وكثرة المناسبات التي تجمعهم, إلا أن الحقيقة أن هناك عزلة شعورية كبيرة تجتاج كثيرين منهم، وهناك اندفاع متزايد نحو البحث عن الخلاص الشخصي بعيداً عن خلاص الجماعة- المجتمع- مع أن الأدبيات الإسلامية- في هذا الشأن- تعلمنا أنه من غير الممكن الحصول على تقدم فردي حقيقي في وسط منهار.
      حاجتنا إلى التنمية الروحية والأخلاقية,لا تقل بحال من الأحوال عن حاجتنا إلى التنمية المعرفية أو الاقتصادية؛ حيث إن التقدم الحضاري من غير قاعدة روحية وخلقية, سيكون مشكوكاً فيه, وما يتحقق منه, لن يكون مصدر سعادة حقيقية.
      وخميرة التنمية الروحية,موجودة, فبالإضافة إلى المنهج والتراث الأخلاقي الغنيَّ, لدينا الملايين من الرجال والنساء الذين يُعدُّن نماذج راقية في الطيبة والاستقامة والسمو الخلقي!.

      رابعاً:تـقدُّم بلا حـــــــدود
      مما ترسخ في الوعي الأوربي الحديث أن الإنسان حصاد ما يعرفه ويتقنه؛ وبالتالي مايملكه. ومن هنا اندفع الغرب في الاكتشاف والتصنيع إلى أقصى حد ممكن, مما أنتج تعاظم الملكية ونشوء مجتمعات الوفرة والخدمات والجامعات والمصانع، وصار التقدم نحو الأفضل, والبحث في الكيفيات والوسائل التي تحقق ذلك, الهاجس اليومي لعالم الغرب كله, ولكل من تواصل معه من شعوب الأطراف.
      الحداثة والتغير والتطور والتقدم, معان محايدة عقائدياً وأخلاقياً, فهي قد تكون في اتجاه الأحسن، وقد تكون في اتجاه الأسوأ.
      طبيعة العلاقات الاعتمادية بين جوانب الوجود البشري, تستدعي إحداث تقدم شامل في جميع جوانب الحياة كي يتم ضمان التناصر بين عناصر البناء الحضاري المختلفة، ولا يخفى أن نظرية(داروين) في النشوء والارتقاء, قد أحدثت زلزالاً في بنية الفكر الغربي, وأوجدت تياراً عميقاً من حبّ التغيير والتجديد,بسبب ما أحدت به من مصاحبة التطوّر للكائنات الحية في جميع مراحل وجودها.
      كانت كلمة التقدّم-في مدلولها الحديث-تعني التقدم الشامل الروحي والمادي, الإنساني والطبيعي, ثم تم اختزال هذا المفهوم؛ ليدل على التقدم المادي, ثم اختزال مرة أخرى؛ ليدل على التقدم الاقتصادي وحده! وهذا الاختزال المخيف كاف لتحييد المكانة الحيوية لكل جوانب الحياة الأخرى؛ الروحية والأخلاقية والاجتماعية والمعنوية.. صار كل شيء مباحا ومطلوبا في سبيل التقدم من العمل لساعات طويلة وعمل المراة وابتعاد الرجل عن البيت لسنوات والربا وهدم التوازن البيئي..
      التقدم المادي الغربي, هو ثمرة تطور بُنى عقدية وفكرية ومعرفية وبيئية خاصة بأوروبا, ومن هو على شاكلتها ومحاولة النقل دون تمييز, لن يؤدي إلى حدوث تقدم, وإنما ستؤدي إلى تفكيك البنيات الاجتماعية لدينا, وإحداث نوع جديد في الانقسام في الوعي, دون القدرة على توليد بنيات جديدة أو وعي جديد.
      في زمان كزماننا لم يبق لدى المسلمين اليوم سوى السعي إلى تحقيق الانطلاقة الذاتية المتوازنة التي تنسجم مع أهدافنا وطاقاتنا ومبادئنا, انطلاقة تتم وفق أولويتنا وحاجاتنا, تحافظ على البيئة, ولا تستهلك الإنسان في طلب مزيد من المتاع واللهو, ولا تستهدف العلو والفساد في الأرض.
      إن تحررنا من الخضوع للمقولات الشائعة عن التحضر والرقي والتقدم, سيكون أول خطوة على طريق التصحيح والبناء, وهذا ما علينا أن نفعله

      خامساً: تغيــر المـــــــفاهيم
      عند النظر في المفاهيم التي يزداد انتشارها بين الناس اليوم, نجد أن هناك تغيراً كبيراً قد شمل عدداً هائلاً من الأفكار والمفاهيم والأحاسيس في كل الحقول المعرفية, وجميع مجالات الحياة. ولا يعني هذا التغير أن تبدلاً تاماً قد حصل في كل شيء, كما لا يعني أن الشعوب والمجتمعات قد نالتها أقدار متساوية من ذلك التغير؛ وإنما يعني أن التغيرات التي نتحدث عنها آخذة في التعميق والانتشار في الأرض كلها, وهي تغيرات بعضها إيجابي, وبعضها سلبي, لكنها جميعاً نشأت بسبب مجمل التغيرات العلمية والحضارية, وما استجد من الصور الذهنية عن البنية الكونية الهائلة, وما حدث من أنماط وأساليب معيشية في حياة المجتمعات المختلفة. منها:
      أ- كان (الحاضر) وحده هو الذي يسيّر معظم حياة الناس
      ب- كان الناس في الماضي حريصين على سمعتهم حرصاً شديداً, سريعي التصديق لكل ما يقال. لم يكن هذا على صعيد العامة فحسب,بل ابتليت به كثير من الدوائر العلمية؛ فقد كان من المألوف أن يدخل عالمان- يُعتقد أنهما ندّان- في مناظرة, ونتيجة لعدم معرفة أحدهما سؤالاً أو سؤالين, يحكم عليه شهود المناظرة بالهزيمة, وضآلة المعرفة. وهكذا يدخل عالماً, ويخرج وهو نصف عالم, أو نصف جاهل، وله بعد ذلك أن يعيش مغموماً, وملفوفاً بمشاعر الإحباط, وقد تسوء الأمور ليلقى حتفه كمداً, كما مات سيبويه- كما زعموا- بسبب هزيمته في المسألة(الزنبورية), لأنه لم يجب على سؤال الكسائي.
      كذلك ضعف الاتصال, لم يمكَّن الناس من إجراء الكثير من المقارنات
      هذا كله قد تغير اليوم؛ فمعايير الحكم صارت أكثر شمولاً, والناس صاروا أكثر جرأة, وأقل اهتماماً بنقد غيرهم, بل إن هذا تجاوز حدوده, حتى قلَّ حياء كثير من الناس, وضعفت قدرة المجتمع على ضبط أفراده وردعهم, وعلى كل حال فالتغيرات في هذه المسألة تميل إلى الصحة والإيجابية
      جـ- اختلفت النظرة لكبار السن؛ فلم يعودوا هم المرجع الأساسي في العلم والفكر والخبرة
      د- تغير النظرة القديمة للأشياء والماهيات؛ النظرة القديمة كانت تبحث بذات الشيء وماهيته، بعيداً عن علاقاته وظروفه.. بينما اليوم يتم بحث كافة العلاقات والتغيرات والتأثيرات عند البحث في قضية ما.. وهذه الرؤية الجديدة هي التي ساهمت في طرح مصطلح (المفكر) والذي من أهم خصائصه فَهْمُ طبائع الأشياء وجوهر العلاقات التي تربط بينهما, والمؤثرات التي تتبادلها؛ مما يمكنه من تقديم رؤى كلية.
      يشيع الآن في الأوساط الفكرية نوع من الرفض لكل النماذج الجاهزة والأفكار الكلية؛ إذ ليس أمام الناس شيء يسعون إلى تمثيله أو التحقق به, وإنما عليهم أن يتجاوزوا كل ما هو موجود, لابتداع نماذج جديدة، وهذه النماذج يجب أن تكون طليقة, وغير محكومة بأية معايير سابقة أو معقولة! وهذا التوجه سيوجد من إبداعات العقل, ومخزون الخبرة الناقصة, ونزوات الهوى خلطة عجيبة, لا ندري بأي اسم نسميها؟!
      هـ- في عصرنا الحاضر تمّ تغيير كثير من المفاهيم المتعلقة بالنفس البشرية والاجتماع الإنساني, والحياة والموت, والحقوق والواجبات؛ وتم البحث في جذور هذه المسائل, وجذور جذورها, كما تم نزع كثير من أردية التقديس والاحترام عنها؛ ليجد الإنسان-في الغرب خاصة- نفسه بعيداً عن أي شيء مقدس, قريباً من كل ما هو مادي وغريزي ومصلحي.
      نظرية(داروين) غيرت فجأة ومرة واحدة النظرة العامة إلى الإنسان، تلك القائمة على الاحترام. وحولت الإنسان ومظاهره من الإنسانية إلى الحيوانية. وفي النهاية باتت العلاقات مبنية على المصالح فقط

      سادساً- العـــــــنف وإدارة الـقوة
      نزعت الحضارة الحديثة من الإنسان قلبه, فأصبح من غير مشاعر, وأضعفت لديه سلطان الضمير, والخوف من عقوبة الآخرة, وأحلت محله الأعداد الهائلة من القوانين والعقوبات والجند, ومع ذلك فأعمال العنف والجرائم المختلفة في تزايد مستمر!
      كان ذلك ثمرة طبيعية لبعض النظريات العلمية والفلسفية والأخلاقية التي ركزَّت في وعي الإنسان الحديث حتمية الصراع في العالم والذي يحتم توفير الطاقة التي يحتاجها الانتصار في معارك, لانهاية لها. فنظرية (داروين) ومباديء(نيتشه) و فلسفة(سبنسر) كلها قائمة على القوة وبسبب هذا الفكر قامت في هذا القرن مائة وثلاثين حربا مدمرة مات فيها مائة وعشرين مليون إنسان. بينما نرى الخسائر البشرية في الإنجاز الإسلامي الضخم في زمن النبي(صلى الله عليه وسلم) والذي تمثل في تحرير مساحات واسعة من الأرض وإدخال أعداد كبيرة من الناس في الإسلام, تسع وخمسين ومائتي شخص من المسلمين، وست وخمسين وسبعمائة شخص من المشركين فقط!
      يضرب الكاتب عدة أمثلة من سياسات الغرب في العديد من المجالات مثل الاحتلال واستلاب الخيرات إلى القرارات في الأمم المتحدة بخصوص العديد من المشاكل سواء في فلسطين أو البوسنة أو كوسوفو وغير ذلك من الأمور ليثبت في النهاية أنهم يطبقون نظرية البقاء للأقوى ويفرضون رأيهم في كل المجالات ويضمنون تبعية الدول المحتلة بعد إنهاكها..
      ويحذر من(التغيرات البطيئة) التي تتراكم آثارها على نحو خفي؛ حتى إذا صارت إزالتها مستحيلة, تَبَدَّت على حقيقتها وندم الناس حيث لا ينفع الندم!

      سابـعاً-الـتحدي والاستـجابة
      الناس اليوم أكثر وعيا بمجمل التحديات التي تواجههم والضرورات التي تحط من نسق تحققهم بمبادئهم وقيمهم. معظم أنشطتنا ردود أفعال, واستجابات لمطالب وصعوبات وتحديات, ومن خلال تلك الاستجابات نحافظ على وجودنا, ونُرقَّي مواهبنا, ونزيد في الإمكانات التي في حوزتنا.
      ويمكن تسليط الضوء على هذه المسألة من خلال النقاط التـالـية:
      1- الإدراك لم يصبح حقيقة ملموسة لدى كثير من الناس إلا بعد اتساع مساحات الرؤية للأشياء المختلفة، أي بعد أن حدث نوع من الوفرة في المعارف والخبرات والتجارب؛ مما جعل الإنسان يرى في آن واحد ميزات الأفعال والأشياء وعيوبها, ومردود الاستجابات وتكاليفها. لكن تعقد الحياة الراهنة جعلت خبرات الناس- في كثير من الأحيان- غير كافية لإدراك طبيعة التحديات, وإدراك ما تستحقه من استجابات, مما يعني ردود أفعال غير راشدة, وغير متزنة.
      تأخذ الحضارة الزائفة باليد اليمنى ما أعطته باليد اليسرى!
      2- اختلاف النظرة إلى (الأزمات)التي تعرض للناس في حياتهم؛ فقد كان وعي الناس في القديم, لا يكاد يدرك ما تمثله الأزمات والمشكلات العويصة من مثيرات ومحرضات على التغيير والارتقاء, وما تتيحه من فرص جديدة للنمو؛ وإنما كان يدرك الوجه المظلم من الأزمة؛ وجه الإعاقة والإحباط والخسارة، وهذا في حد ذاته كافٍ لإشاعة روح الاستسلام والخنوع لأحداث الحياة المعاكسة. كثيرً من المفكرين يعدون فقد(التحدي) مشكلة عويصة, حيث نشأ اليوم مصطلح جديد هو(خيانة الرخاء)، ويرون أن من الأسباب الكبرى لتخلف(أفريقية) عدم وجود تحديات, تدفع إلى الكدح والعمل. كما أن التحدي هو أفضل وسيلة للحيلولة دون توافق شكلي, لا يخفي تحته إلا القهر والاستبداد والتبرم والضغائن بين ر العمل أو الأسرة والمرؤوس، {وهذا برأيي ينطبق على الحاكم والمحكوم}
      3- في سياق التحدي والاستجابة مما صار معترفاً به أن مجابهة التحديات بشجاعة هي أفضل طريقة للمحافظة على الوجود, بل تنميته والارتقاء به. الإنسان يتشوق دائماً إلى الطلاقة وتوسيع إمكاناته إلى أبعد مدى ممكن, لكن(الضرورات) وقيود الزمان والمكان والمصالح المعاكسة، تحد دائماً من عالم الممكن, وتخفَّض طموحاتنا وأحلامنا, أي تتحدانا, وتستنفر قوانا, كي نتجاوزها, ونظل في حالة من الانطلاق غير المحدود..
      لكن المشكلة أن الإنسان لا يملك دائماً من الوعي وقوة الشكيمة ما يمكَّنه من الاستمرار في المواجهة, فهو لا يستنفر في العادة كل قواه إلا عند حدوث صدمة قوية, أو عند بلوغه حدود الخطر المحدق... إنه إنسان ميّال إلى العطالة والاقتصاد في الجهد إلى أبعد حد ممكن.
      ردة الفعل على الأزمات تكون في ( التكيس) أو ( التكيف) لدى كثير من المفكرين كما يقول الكاتب.. ويشرح كل مصطلح بالتفصيل، ويضيف أن كثيرا من مسلمي اليوم يتكيسون بمزيد من الشكاوى رغم قدرتهم على فعل شيء مفيد، فيزيدون الحمل على الأجيال القادمة..
      وينهي هذه الفقرة بقوله: إن جوهر الضرورات والقيود والتحديات, لا يقوم في طبائع الأشياء بمقدار ما يقوم في نوعية علاقتنا بها. والواجب أن نفقه تلك العلاقة كي تكون استجاباتنا للتحديات راشدة ومكافئة.

      ثامـناً-انتشــــــــار نظام التجارة
      النظام التجاري قديم قدم الإنسان، وهو أقوى النظم جميعا، وقادر على تطوير معظم جوانب الحياة, وترك بصماته عليها, حتى الجوانب التي يظن أنها تطوَّر التجارة, ولا تتأثر بها, مثل المجال(الأكاديمي). الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات والعابرة للحدود, تركت آثاراً هائلة في الثقافة والسياسة والاقتصاد, وهي في الحقيقة أشبه بحكومات الظل في سائر أنحاء العالم, وهناك منها اليوم نحوا من أربعين ألف شركة, تملك أو تسيطر على نصف الاِنتاج العالمي تحديداً!
      طوفان المعلومات الذي أغرق البيوت, يُشعر الكثيرين بالحسرة والحرقة حيث يرون بأم أعينهم الثروات الهائلة المكدَّسة لدى قلة محظوظة من بني البشر, على حين أن معظم سكان الأرض,هم درجة من درجات البؤس والفاقة.
      كانت التجارة قديما بالارتحال، وهي كذلك اليوم لكنها صارت أسهل، وخففت بالتالي من فكرة الارتباط بالوطن والأهل.
      نظام التجارة يُشبه اليوم خُلُق(الصفقة)، الخلق الذي يميل إلى التركيز على المحاسن والميزات, وإخفاء العيوب, والشكوى الدائمة من سوء الأحوال, واتباع الحلول الوسط وهندسة وضعيات التلفيق والمساومة, وهذا ما نلاحظ نموه في مجتمعاتنا,حيث صارت الحقائق والمعايير النقية المحايدة قليلة؛ لأنه يتم توزيعها بين البائع والمشتري
      وينهي الكاتب هذه الفقرة بقوله: إن مواجهة مخاطر سيطرة المال ونظام التجارة، عبارة عن أجوبة شخصية, وتعود إلى كل فرد في النهاية مسؤولية القرار بالعمل على أن يتقدم الإبداع على السلبية, والدائم على الزائل, وإضفاء اللمسات الإنسانية على كل ما يتصل به, إلى جانب تحقيق الغنى الروحي والخلقي, واستعادة التعاطف والتضامن الأخوي... مما هو ضروري لحياة جديدة ذات معــــــــــنى.

      تاسعاً- جنـــــون الاستهلاك
      نجحت مجتمعاتنا الحديثة في تأمين حاجاتها وكمالياتها بطريقة غير مسبوقة في التاريخ، فبفضل الفتوحات العلمية والتقنية والاستغلالية لموارد البر والبحر-وغداً الجو- تمكن الإنسان من توفير سلع وخدمات, كانت من المستحيلات قبل نصف قرن من الزمن.
      ونتيجة للإفلاس الروحي, قام الناس بإحلال الشهوات وأصناف المتع محل السعادة القلبية والإشراق الروحي، فتحوَّل الإنسان إلى مستهلك, وصار رفع مستوى المعيشة هدف الحياة الأكبر, كما صار التقدم الاقتصادي كبير أصنام العصر، حين تم اختزال التقدم العام- وهو بالطبع روحي مادي- إلى النمو الاقتصادي وحده, أخذت أنشطة الحياة تتمحور بالتدرج حول هدف أعظم نهائي هو: مزيد من العمل من أجل مزيد من الإنتاج من أجل مزيد من الاستهلاك من أجل مزيد من المــــتـعـــــــة!
      الاندفاع نحو الاستهلاك كان ناجماً عن التعويض عن انهيار المركز الروحي للإنسان الغربي, إلى جانب ذلك نتيجة ما تقضي به وتيرة النمو التي تخضع لها اقتصادات البلدان المتقدمة من ضرورة إيجاد احتياجات متجددة, وتنشيط الرغبة في تلبيتها, باستخدام الدعاية وفتح أسواق جديدة للتصدير, وخفض مدة صلاحية السلع.
      الدعاية تؤدي دوراً مهماً في فتح شهية الاستهلاك والتبذير, وتبديد الموارد والثروات. وتذكر بعض الإحصاءات أن الإنفاق السنوي على الدعاية يكفي لإطعام عشرة من الشعوب التي تتضور جوعاً!
      فن الدعاية لدينا, يسير باتجاه النمط الغربي, وهي تؤثر تأثيراً مباشراً في حجم الادخار الوطني في وقت نحن بأمس الحاجة فيه إلى رؤوس أموال جديدة وجيدة من أجل توفير فرص عمل لملايين الشباب المسلمين العاطلين عن العمل.
      كان الناس على مدار التاريخ ينتجون ما يحتاجون إلى استهلاكه, من أجل إبقاء مسيرة الحياة مستمرة, لكن الذي أحدثته الفلسفة الرأسمالية وأدبياتها, وطيوفها النفسية والفكرية, هو الرغبة في الاستهلاك من أجل الاستهلاك! وهذا أدى إلى تسارع نضوب موارد المعادن, والطاقة غير المتجددة, كما أدى إلى تلويت الهواء والماء, وتسخين حرارة الأرض؛ مما ينذر بأوخم العواقب، ولو قدر لسكان الهند والصين أن يسلكوا المسلك الاستهلاكي الذي يسلكه الغرب-لا سيما أمريكا- لاختنق العالم عشرات السنـــــــــــوات!
      فقد انتشرت بسبب التلوث الأمراض الخطيرة, وسوف يطرح العالم قريبا في كل سنة ما يكفي لطمر عاصمة- مهما كانت كبيرة- بأكوام من الفضلات والمخلفات- وبعضها سام- سماكتها مئة متر!
      مما يؤسف له أن العالم الإسلامي يسير في الطريق عينه الذي تسير فيه الدول الصناعية من استهلاك وإسراف؛ بل إننا قد تجاوزنا نمط المعيشة الغربية في بعض الجوانب, مثل ما ينفق على الحفلات والمناسبات والولائم, وما يتم استهلاكه من قبل كثير من النساء على شراء الثياب والحلي وأدوات الزينة
      لدينا الكثير من النصوص التي تدعو إلى ترشيد الاستهلاك والإنفاق,والتنفير من الإسراف
      والتبذير,على نحو ما نجده في قوله-جل وعلا-[وكلوا واشربوا ولا تسرفوا] {الأعراف:31}. وقوله-سبحانه-[إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين]{الإسراء:27}
      بدافع حب التنعيم, وبسبب من عدم الشعور بالمسؤولية, صار القليل من المسلمين يتعظ بقوله-سبحانه- [ثم لتسئلن يومئذ عن النعيمـ]{التكاثر:8} وصار كثير من الناس يحتج[وأما بنعمة ربك فحدث]{الضحى:11}
      ليس ثمة مسوغ مقبول لانجراف المسلم في التسابق على إرواء حاجات الجسد, ما دام يعتقد أن الآخرة هي دار العيش الحقيقي, وما دام يعتقد أن الله– تعالى- سائله عما استخلفه فيه من مال, وما دام يعتقد أن حماية البيئة, والمحافظة على موارد الأرض مسؤولية من مسؤوليات المسلم...
      فهل نستطيع أن نخطو خطوة إلى الوراء على صعيد أنماط سلوكنا وعيشنا؛ كي نحفظ ما تبقى من طاقة الحياة, وكي نعطي العظة والقدرة لمن هم بحاجة إليها من الشعوب المترفة التي تبلَّد الحسّ تجاه مسؤولياتها الكونية؟

      عاشرا: السرعة والصبر
      نحن نعيش في عصر السرعة بكل المقاييس وفي كل نواحي الحياة؛ سرعة الانتقال والاتصال جعلت الكون عبارة عن قرية صغيرة فخلال يوم وليلة يستطيع المسافر طواف العالم كله، فيما كانت إلى عهد قريب قصة ( حول العالم في ثمانين يوما) يضرب بها المثل للسرعة
      بعدها تبدل العالم بشكل متسارع لا يمكن لجمه، وبما أن الإنسان لا يشبع بسبب شهيته المتعاظمة مع الوقت، صار صبره ينفد بسرعة، حتى أنه لم يعد يصبر على انتظار نضوج الخضار والفاكهة فصار يستخدم الهرمونات والمسرعات ليحصل عليها قبل أوانها، مما تسبب في نفوق طعمها ولذتها، وتسببها بكثير من الأمراض بسبب عدم احتوائها على العناصر المفيدة للمناعة، بالإضافة إلى عدم شحن الجسم بالطاقة اللازمة لتأدية واجباته اليومية، وكذلك أدى هذا إلى مزيد من التلوث- كما مر معنا- .
      ويمكن فتح كل نقطة من النقاط السابقة بحيث تصبح كتابا مستقلا.
      [/frame]

      تعليق

      • ركاد حسن خليل
        أديب وكاتب
        • 18-05-2008
        • 5145

        #4
        المشاركة الثالثة
        [frame="13 10"]
        قراءة أولية في( صمت الذاكرة )

        في فضاء الشعر هناك الكثير ممن يزحف كالرخويات ، ويمشي البعض منهم على قدميه ، والنادر يحلق كالنسر . فليس الواقع هو الذي يحول الكلام إلى الشِّعر بل الفنّ هو الذي يحول الواقع إلى الشّعر وفي مدى جعل اللغة أكثر حيوية . وفي مدى قدرة الشاعر (( على الكشف عن الجوانب الأكثر خفاءً في التجربة الإنسانية . وليس الشّعر مجرد إيصال لهدف ما وإنما هو مشروع دلالي متحرك )) . كما يقول العمود الكبير في الشّعر الحديث أدو نيس .
        فتحت الشاعرة سامية السلوم مجموعتها الشعرية (( صمت الذاكرة )) الصادرة عن دار الحداثة بيروت طبعتها 2004م جناحيها على فضاء الشعر وهي تطير بصمت ، وبذاكرة حادة كنظرات النسر. جاء العنوان موحيا ورابطاً للقصائد كالخيط الذي يجمع بينها . يذكرني هذا العنوان بمجموعة شعرية للشاعر عدنان محسن وهو عراقي الأصل من جيل السبعينات ، أصدر ثلاث مجموعات أولها ( ذاكرة الصمت ) ولا أدري ما هذه المفارقة أو المقاربة أو ربما تكون الصدفة المتشابهة كـ( وقع حافرٍ على حافرٍ وباختلاف اتجاه المسير ) . فالعناوين هي أنظمة لها دلالاتها وتحمل قيما مختلفة في اجتماعيتها وأخلاقيتها واستراتيجيتها حسب تعبير الناقد رولان بارت . فتحت الذاكرة مرافئها على شواطئ الغربة تمضي ، الصمت بعهدة الذاكرة في رحلة إلى جزر وأرخبيلات فيها مد ومثله الجزر( دون أن يستسلما لهما)) حتى يستمتعا كعاشقين ، وعيون نصف الآلهة ترعاهما لكنهما غير محميين من غزو الفيروسات إلى موقعهما ، يخرج الصمت من أطواره أحياناً ويتعارك مع الحياة بلا صمت، يروي أساطير عن الوطن وبيروت وأطفال قانا ويحذر من دفن الموتى على الزقاق العام .
        شعر قوامه الصمت والذاكرة، و ليالي الشاعرة هي الصمت ، و الصمت يعني الركون إلى أحضان الهدوء ، ولكن عند الشاعرة هي المقاومة والتمرد على البالي من المفاهيم ، ونهاراتها الذاكرة التي هي اجترار لكل مايتصل بالزمكان ، وشاعرتنا نساجة ماهرة تحيك كل شيء من الفرح أو البكاء . فبدءاً من الإهداء نلتقط مقاطع مونتاجية تصويرية ظليلية بمهارة المنتج الشعري . وعندما نرسو على أول عنوان نقرأ في متنها عناوين القصائد وقد اختصرت وأخرجت قصيدة تختزل المشاهد كلها محتشدة رحيق القصائد لتجلس أمام الخوابي ، وقد امتلأت بالعسل المصفى أغلبها ، تستطيع أن تختصر مسافات كثيرة للوصول إلى عمق الخوابى بسلاسة الشعر والخمر .
        فنصف القصائد حيكت من الصمت كما قلنا ونصفها الآخر من ذاكرة تذكرك بالصمت أيضاً تفوح من منابتها رائحة الكلام عن تراب الوطن أو غبار الحنين (( الآلهة تبتسم / تنعزل بيوتاً / متفرعة لحنين / موحدة التراب .)) ص34.
        وقد تتعدى هذه الرائحة إلى أبعد من حدود الوطن (( تمسح حدود الوحل رائحة الصندل ...رائحة الصمت الصارخ من عفن الموتى ... تنظر الضرائب منها حدود مستاءة من حدودها ...)) ص 41 . رائحة عطرة ستفوح من الجسد الذي لا تعترف الشاعرة بحدوده إذا مامسح وجدِّد من رائحة الصندل ، الشجرة التي تعطر الفأس التي تقطعها تمسح حدود طينية وعفنة حتى الضرائب تنظر بعيون مستاءة منها والتي ملت من الحدود الواهية التي لاتجلب إلا الوحل والعار وكأننا موتى في هذه الحدود.
        إن، الشاعرة قد اكتسبت - خلال تجربتها الشعرية - المهارة والخبرة في ترويض القصيدة حتى استطاعت أن تصل إلى ترويض الحقيقة ونأَتْ بنفسها عن التعقيد اللغوي لكنها لم تستطع أن تتخلص من بعض المفردات المحنَّطة ومن بعض الكلمات المتكلسة (( التماثيل، الصخور ، الآلهة ، خشبية ، آلات التراب ، الجنازة ....)) التي وردت متكررة في القصائد .
        التكرار الشكلي والإيقاعي كان له نصيب وافر في أغصان القصائد (( تسمعني دفء الصدأ المتراكم /في زوايا ذاكرتك ... يجرحني لون الصدق /المختبىء بأصدائك / تداويني ... تسمعني ...)) . لكن الحشد الوافر من الصور وانغماس اللوحات الشعرية في تلاوين مزركشة قد طالت منها ورقصت على قوس قزحها (( لاتضعني /بصمة على هدير الروح/ إن أسرت عيناك جنوني سأبتر القدر/ أشرد الأزميل يحنط بالي في الحريق/ يسبي الحنطة يحفرني/ ناراً فيحلم الحجر الغريق / في غطغطة لقاء طلاق الكلمات . عاصمة الله المؤقت)) .ص23 . والتلاشي يمشي على النادر يأتي زاحفاً في نهايات بعض قصائدها مما تُفقِد الشاعرة قليلاً من الثقة بالنفس للوصول إلى قمة اللذة (( يكسرني النهر المارد / أتعدد تتسامى وتتعدد/ آلهة المتاهة حتى الوصول أو الوصول أو الو..صوووو...ل....)) . ص 20 . الشاعرة لاتطيل في القصائد فلا تترهل المقاطع بل تظل طازجة تتماوج في معراج العذوبة . فهناك من يبدع قصيدة تسيل كشلالٍ عذب ، وهناك من يصنع قصيدة كالفواكه البلاستيكية . وكقول أحد الكتاب : القصيدة كالمرأة جسداً ورائحة ، فلتغص إن كنت عاشقاً في رائحة المرأة ولتستمتع بجسدها إن كنت عابر سبيل ، سيغادرك الجسد بعد قراءته أما الرغبة فستتبعك أنى توجهت . وشاعرتنا تجعل القارئ يتبع نصوصها كعاشقٍ و(عابر سرير )المستغانمية.
        (( همسة عينيك حنان الكون / الزمن حافياً / فيك يطمئن / تراب القلب /دقة دقة /..اسمعيني سكوتاً .. أحرق كلماتي بخوراً / أصل قلبك .. بالجنة احتذيت ..)) ص 54. لكن الشاعرة وكأنها في وئام مع الحشرات و الكائنات و الجمادات ، فتؤنْسنها ، وتتقن لغاتها ، فكثيراً ماتفاتح القصائد بمغازلتها ومنادمتها وكأنها تريد السكر معها فقط (( شربت نخب الرب مع العنكبوت ص16 (( مع نهاية الحجر أفلتت العقارب / تبحث عن رقصتها ص19 (( على خطوات النمل /في جنازة مقصلة كوفية )) ص 61(( عثرت مرايا /كسرت أضلع السنين \)) ص76 .
        ترتطم الشاعرة بالواقع كثيراً وهذه حال المبدعين.ولكن هل قطف الأمان كقطف الرمان مز المذاق على الحليمات الشعرية؟ ((حين تهجرني الظلال / أبقى في حضن الأمل / أراقب حنيني /حتى البقاء)) ص 82 .
        والاعتماد على الثنائية في المجموعة تولّد لدى الشاعرة إحساساً خاصاً بالتوتر وتؤدي بالضرورة إلى ميلاد المفارقة والدهشة الشعرية ( ليل ، نهار / صيف ، شتاء / فرح ، بكاء / الجنة ، النار ...) وليست الغربة في نظرها إلا قبراً يتسع لها وللآخرين. ((غربة تروض ألماً يتربع عليه /جبل روضه/حنيني... تشرَّدت حضارة في موت حجارتها / بين العليق وأفاعي الصيد ...)) ص 79 . لكن في مملكة النحل رسالة يتبلغها الورد المهموم أينما كان المرء ، وفق تعبير سليم بركات . وتنهض القصائد على منتجة صورٍ تتباين في مرجعياتها الصورية ، لكنها تلتقي عبر المنتجة في بؤرة الأنا الشعرية . ((عشب الذاكرة يسحب /الجليد / من تحتي/ البحر دائم الجزر / لم يعرفك والحصى / الناضج على مائدة / الشتاء يتسلق قدمي ...)) ص 71 .
        هذه قراءة أولية لمجموعة الشاعرة سامية السلوم و التي تستحق قراءة أعمق حتى تفي القصائد حقها . وجدير ذكره بأن الشاعرة هي ناقدة في الوقت نفسه فقد قدمت رسالة دبلوم دراسات العليا في الأدب العربي ( الصورة الشعرية عند سليم بركات من خلال ديوانه (( طيش الياقوت)) بإشراف د . سامي سويدان بيروت 2001م . ولها مخطوط بعنوان صراع الآلهة / دراسة فكرية . كذلك فقد تناولت في رسائلها الجامعية دراسات نقدية حول الشعر .
        ****
        [/frame]

        تعليق

        • ركاد حسن خليل
          أديب وكاتب
          • 18-05-2008
          • 5145

          #5
          المشاركة الرابعة
          [frame="4 10"]
          عن كتاب( نهاية العالم )
          أشراط الساعة الصغرى والكبرى

          د. محمد بن عبد الرحمن العريفي




          السيرة الذاتية لفضيلة الشيخ/

          د. محمد بن عبد الرحمن بن ملهي بن محمد العريفي





          ترجمة الكاتب

          · تاريخ الميلاد : 1390هـ (1970م).

          · ينتسب إلى فخذ الجبور من قبيلة بني خالد.



          المؤهلات العلمية:

          · شهادة الدكتوراه في أصول الدين، في العقيدة والمذاهب المعاصرة، وعنوان الرسالة "آراء شيخ الإسلام ابن تيمية في الصوفية، جمع ودراسة" بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى عام 1421هـ (2001م) من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.

          · شهادة الماجستير في أصول الدين، في العقيدة والمذاهب المعاصرة، وعنوان الرسالة "الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية، لابن القيم، تحقيق ودراسة، وهي نونية ابن القيم" بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى عام 1416هـ (1996م) من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.

          · شهادة البكالوريوس في أصول الدين عام 1411هـ (1991م) من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.



          الإجازات العلمية:


          · إجازة في القرآن الكريم من شيخ قراء اليمن الشيخ يحي الحليلي .

          · إجازة في القرآن الكريم من شيخ قراء مصر الشيخ المعصراوي .

          · إجازة في القرآن الكريم من الشيخ القارئ محمد الطبلاوي

          · إجازة حديثية من الشيخ القاضي المحدث إسماعيل بن علي الأكوع .

          · إجازة حديثية من الشيخ القاضي المحدث محمد بن إسماعيل العمراني اليمني .

          · إجازة حديثية من الشيخ المسند المغربي أبي خبزة .



          التزكيات:

          يحمل تزكيات من مشايخه الذين قرأ عليهم .



          العضويات المتخصصة:

          · عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

          · عضو الهيئة العليا للتنمية البشرية التابعة لرابطة العالم الإسلامي

          · عضو مجلس الأمناء بالهيئة العليا للإعلام الإسلامي التابعة لرابطة العالم الإسلامي

          · عضو في عدد من المكاتب الدعوية والهيئات الإسلامية.



          أنشطة أخرى:

          · مستشار غير متفرغ لعدد من الهيئات الإسلامية .

          · محاضر متعاون لعدد من الجامعات في الداخل والخارج .



          السيرة الوظيفية:

          · خطيب جامع البواردي بالرياض منذ عام 1426هـ (2006م) إلى الآن.

          · عضو هيئة تدريس بجامعة الملك سعود منذ عام 1413هـ (1993م) إلى الآن.

          · إمام وخطيب جامع الكلية الأمنية من 1413هـ إلى 1426هـ (1993م- 2006م)

          · موجهاً ومستشاراً شرعياً في الشئون الدينية بالقوات المسلحة لمدة عام 1412هـ (1992م).



          مشايخه:

          · درس شيئاً من الفرائض على الشيخ الفرضي د.عبد الكريم اللاحم عام 1423هـ (2003م).

          · درس الفقه والتوحيد والملل والنحل على الشيخ د.عبد الله بن جبرين رحمه الله من عام 1413-1421هـ (1993م – 2001م).

          · درس التفسير والفقه وغيرها على سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله بدروس متفرقة من عام1413- 1419هـ (1993م – 1999م).

          · درس الفقه على الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك خلال 1415 - 1418هـ (1995م – 1998م).

          · درس التوحيد وغيره على الشيخ عبد الله بن قعود رحمه الله خلال 1413هـ - 1418هـ (1993م- 1998م).

          · قرأ في الفقه على عدد من المشايخ في المدينة النبوية في أعوام متفرقة .



          الدروس العلمية:

          · درس يلقيه في التفسير في جامع الدخيل بالرياض بدأ عام 1427هـ .( وحضور هذه الدروس يتراوح ما بين ال400-600طالب علم أسبوعياً ).

          · درس يلقيه في شرح سلم الوصول في جامع الحديثي بالرياض بدأ عام 1422هـ .

          · درس يلقيه في شرح عمدة الفقه في جامع الحديثي ثم جامع الدخيل بالرياض بدأ عام 1422هـ . ، وقد توقفت هذه الدروس مؤقتاً .

          · دورات علمية متنوعة في شرح أصول الإيمان ، وأشراط الساعة، والسيرة النبوية، وغيرها..



          المشاركات والمؤتمرات:

          · شارك بمئات المحاضرات العامة في المساجد والمخيمات الشبابية في الداخل والخارج .

          · شارك في تقديم عدد من الدورات العلمية الشرعية ، في داخل المملكة وخارجها .

          · شارك في عدد من الملتقيات والمؤتمرات في الداخل والخارج (منها : مؤتمر الحوار الوطني بالمملكة، ومؤتمر حقوق المسنين بقطر، ومؤتمر نصرة النبي صلى الله عليه وسلم بالبحرين، ومؤتمر الإسلام والحضارات بالأرجنتين، ومؤتمر أطباء الحرمين بالمملكة، ومؤتمر حقوق النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، وغيرها..) .

          · حضر وقدم دورات تدريبية متنوعة في مهارات تطوير الذات، وفنون التعامل مع الآخرين، وفنون التفاوض والإقناع، ومهارات الإلقاء، وعلم الاتصال، وغيرها .

          · مشاركات إعلامية في القنوات الفضائية المتنوعة (بلغت خلال عشر سنوات أكثر من ألف لقاء ما بين مسجل ومباشر).



          مؤلفاته:

          بلغت أكثر من عشرين عنواناً، تباع بسعر رمزي:

          · كتاب: الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية، لابن القيم، تحقيق ودراسة، وهي نونية ابن القيم، في مجلدين، وهي رسالة الماجستير.

          · كتاب: " موقف ابن تيمية من الصوفية " في مجلدين، وهي رسالة الدكتوراه.

          · كتاب نهاية العالم (في أشراط الساعة) طبع منه في الـ100يوم الأولى 320ألف نسخة .

          · كتاب: استمتع بحياتك، صدر 1428هـ (2008م) وطبع منه 3مليون نسخة .

          · كتاب: المفيد في تقريب أحكام المسافر (طبع ثلاث طبعات) .

          · كتاب: المفيد في تقريب أحكام الأذان (طبع طبعتان).

          · كتاب: الدرر البهية في الألغاز الفقهية (طبع طبعتان) .

          · كتاب: هل تبحث عن وظيفة (في الدعوة إلى الله ، طبع منه مليونا نسخة) .

          · كتاب: اركب معنا (في أهمية التوحيد ، طبع منه أربعة ملايين نسخة) .

          · كتاب: إنها ملكة (طبع منه مليون ونصف نسخة) .

          · كتاب: في بطن الحوت (طبع منه مليون ونصف نسخة) .

          · كتاب: إلا ليعبدون (شرح مصور للعبادات: الصلاة والزكاة والصوم والحج ، طبع منه مليون نسخة).

          · كتاب: رحلة إلى السماء (طبع منه مليون ونصف نسخة) .

          · كتاب: عاشق في غرفة العمليات (توجيهات للأطباء والمرضى، طبع منه 700ألف نسخة) .

          · كتاب: صرخة في مطعم الجامعة (رواية حول الحجاب وأدلته) (طبع منه مليون ونصف نسخة) .

          · كتاب: الدرر البهية من فتاوى ابن تيمية.

          · كتاب: زبدة الفوائد من كتب ابن تيمية.

          · مطوية: أذكار المسلم اليومية (طبع منها عشرون مليون نسخة، خلال ثلاث سنوات).

          · مطوية: أين تذهبون؟ (في السحر والعين، طبع منها ثمانية ملايين نسخة).

          · مطوية: ماذا تفعلين هناك؟ (توجيهات للأخوات، طبع منها سبعة ملايين نسخة).

          · مطوية: هل طرقت الباب؟ (في قصص تائبين، طبع منها خمسة ملايين نسخة).

          · مطوية: كم إلهاً تعبد؟ (في أهمية التوحيد ، طبع منها أربعة ملايين نسخة).



          الخطب والمحاضرات المسجلة:



          · محاضرات المسجلة المنشورة، في الأنترنت وغيره .

          · خطب جمعة وعيد واستسقاء مسجلة صوتاً وصورة منشورة .


          عرض موجز للكتاب :



          يتناول الشيخ في كتابه نهاية العالم أهدافه من تأليف الكتاب ومنها :
          - تحقيق الإيمان بالغيب ، وهو ركن من أركان الإيمان الستة
          - حث النفس على طاعة الله والاستعداد ليوم القيامة
          - أن فيها بيانا لأحكام شرعية ومسائل فقهية
          - معرفة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بأشراط الساعة ، وهي أمور غيبية لا تدرك بالظن ، فيه دلالة على صدق رسالته ونبوته .
          -الإلمام بأشراط الساعة يفيد في التعامل معها بالطريقة الشرعية حتى لا يلتبس علينا أمرها
          -التهيئة النفسية لما سيكون مستقبلا ، ودفع عنصر المفاجأة بعيداً .
          -الأمل ؛ لان من أشراطها انتصار المسلمين نصرا مبينا وانتشاره في كل مكان .
          - إشباع الرغبة الفطرية والغريزية في الإنسان ، التي تتطلع لاستكشاف ما غاب عنه ومعرفة ما يحدث في المستقبل.
          -الإيمان بأشراط الساعة يقوي الإيمان ويزيده؛ فوقوع أي منها يؤكد صدق الدين .
          حذر الكاتب من التعامل مع المؤلفات والإسرائيليات والروايات المكذوبة التي غرضها العام تحقيق الربح ، التي تحدثت عن اشراط الساعة بدون سند من القران والسنة وتعتمد على أحاديث مرسلة ومكذوبة وروايات خرافية .


          ثم ينتقل الكاتب إلي الحديث عن قواعد تنزيل نصوص أشراط الساعة على الواقع ويسوق عدد 103 قاعدة في تنزيل نصوص أشراط الساعة على الواقع
          منها :

          - لسنا مطالبين بتنزيل أحاديث أشراط الساعة على الواقع .
          - ليس شرطا أن يكون وقوع أشراط الساعة قريبا من قيامها فقد يتقدم عليها بزمن طويل .
          - خطورة التنزيل الخاطئ لأحاديث أشراط الساعة على الواقع . يقول عن ذلك ، أنه قول بغير علم ورجم بالغيب.
          قد يؤدي التنزيل الخاطئ لأحاديث أشراط الساعة بدون علم ولا سند صحيح إلى التشكك بالله ورسوله ..


          ثم انتقل الكاتب إلي أقسام أشراط الساعة وقسمها لقسمين /
          - الأشراط والعلامات الصغرى .
          - العلامات الكبرى

          الصغرى قسمها لنوعين :
          الأمارات ( العلامات ) البعيدة: التي ظهرت وانقضت
          النوع الثاني : العلامات المتوسطة : وهي التي ظهرت ولم تنقضي بعد .
          القسم الثاني العلامات الكبرى :
          الدخان
          الدجال
          الدابة
          طلوع الشمس من المغرب
          نزول عيسى ابن مريم عليه السلام .
          وثلاثة خسوف : خسف بالمشرق
          خسف بالمغرب
          خسف بجزيرة العرب
          وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلي محشرهم

          ثم ذكر الكاتب العلامات الصغرى
          وحدد عددها 131 علامة منها 84 قد ظهرت والباقي لم تظهر بعد
          نذكر منها :
          *بعثة سيدنا محمد
          *وفاة نبينا محمد
          *انقراض الصحابة
          *فتح بيت المقدس
          *ظهور النساء الكاسيات العاريات
          *تطاول الحفاة العراة الرعاة بالبنيان
          *قطيعة الأرحام
          *ظهور الفحش
          *تعلم العلم لغير الله
          *إدناء الأصدقاء وإقصاء الآباء
          *كثرة الكذب
          *كثرة الروم وقلة العرب
          *كلام الشجرة نصرة للمؤمنين
          *انتفاخ الأهلة
          *أن لا يقسم الميراث
          *عمران بيت المقدس
          *زوال الجبال من أماكنها
          *فناء قبيلة قريش


          الأشراط الكبرى:

          - ذكر خروج الدجال
          - نزول عيسى عليه السلام
          - خروج يأجوج ومأجوج
          - ثلاثة خسوف
          - الدخان
          - خروج الدابة
          - طلوع الشمس من مغربها

          - نار تسوق الناس لمحشرهم .


          بعض مقتطفات من الكتاب

          عودة الناس إلي الأسلحة والمركوبات القديمة

          يقول الكاتب :
          قال صلى الله عليه وسلم ((
          فينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك !فجاءهم الصريخ:أن الدجال قد خلفكم في ذراريكم فيرفضون ما في ايديهم، ويقبلون، فيبعثون عشرة من طليعة،قال صلى الله عليه وسلم : إني لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم ، وألوان خيولهم،هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ- أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ)).
          رواه مسلم .
          ( يستدل الكاتب من الحديث عودة الناس للأسلحة والمركوبات القديمة )

          نفي المدينة شرارها كما ينفي الكير خبث الحديد :

          فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
          (يأتي على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه هلمَّ إلى الرخاء والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون .والذي نفسي بيده لا يخرج منهم أحد رغبة عنها إلا أخلف الله خيرًا منه .ألا إن المدينة كالكير تخرج الخبيث . لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها كما ينفي الكير خبث الحديد ))
          رواه مسلم .

          روي أن عمر ابن عبد العزيز - رحمه الله - أنه خرج من المدينة فالتفت إلى مزاحم فقال ((
          يا مزاحم أتخشى أن نكون ممن نفته المدينة؟)).
          ولا يعني أن من سكن المدينة ثم انتقل عنها وفارقها أنه من شرار الناس وخَبَثهم ، كلا ،فقد انتقل هن المدينة صحابة أخيار ، وتحولوا منها إلى غيرها من أجل الجهاد والدعوة.
          وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
          (يتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العوافي )).
          متفق عليه .
          المعنى : أن الناس يتركون المدينة ويخرجون منها مع إمكان العيش فيها فثمارها حسنة ، وعيشها طيب ، ولكن يقع من الفتنة والشدة ما سيجعل الناس يفارقونها ، وينتقلون إلى غيرها شيئًا فشيئًا،حتى لا يبقى فيها أحد من الناس ، بل تصبح بيوتا وطرقا ومساجد خاوية ،وتطوف الطير والشباع وتعدي فيها أي تبول ، لا ينعها من ذلك مانع لخلو المكان من الناس .
          ***************************


          قد يؤخذ - من وجهة نظري - على الكاتب إدراج بعض الأحاديث الضعيفة التي تحكي عن يأجوج ومأجوج كان من الممكن عدم ذكرها والاكتفاء بالصحيح منها وقد يكون أورد هذه الأحاديث الضعيفة بعدما أورد الصحيحة ليبين الفرق بين الصحيح والمكذوب والضعيف مما قيل عن صفة يأجوج ومأجوج . وأيضا إدراجه لصورة الأخدود الواضح التعديل عليها (فوتو شوب).
          ذهابه بعض الشيء إلي تفسير زوال الجبال بما يحدث الآن من أعمال تكسير واسعة لجبال مكة المكرمة وإعمارها . والله أعلم

          لكن عمومًا الكتاب له أسلوب عرض مميز ، واعتمد على النصوص القرآنية والأحاديث الصحيحة ، وله أسلوب شيق .
          طبعة الكتاب وتصميمه رائعة وسعره في متناول الأيدي لأن الكاتب اشترط على دار النشر بيعه بسعر رمزي ولم يطلب أي مقابل مادي لقاء كتابه ( سعره هنا بالسعودية فقط 18 ريال )
          هناك بعض الأخطاء الإملائية القليلة قد تكون حدثت أثناء الطباعة
          تدعيم الكتاب بالصور والخرائط أضفى عليه رونقا جميلا .
          [/frame]

          تعليق

          • ركاد حسن خليل
            أديب وكاتب
            • 18-05-2008
            • 5145

            #6
            المشاركة الخامسة
            [frame="6 10"]
            ارجو المعذرة على كبر الملخص والسيرة الذاتية والانطباع لقد حاولت جاهدة ولكن هذا اقصى جهد.



            مقدمة

            للأفكار حياة مفعمة بالنشاط والديناميكية؛ حياة تشبه الأرجوحة؛ فما أن تولد الفكرة حتى تحملها الأرجوحة ذهابًا وإيابًا من الصدق إلى الكذب ومن الكذب إلى الصدق, ..., حتى إذا ما ازدادت سرعة الأرجوحة, وتجاوزت بالفكرة حدود الصدق من جهة وحدود الكذب من جهة أخرى, رأيناها تنقلب رأسًا على عقب, لتولد الفكرة من جديد. بل إن من أبرز سمات الأفكار إثارة للدهشة قدرتها على مصافحة نقائضها, والتعايش معها مكانيًا ولحظيًا, وليس أدل على ذلك من تلك المفارقات التي تحفل بها حياتنا في شتى المجالات؛ فما يؤكده أحدهم اليوم, ينفيه آخر غدًا؛ ما من شيء ثابت, وما من مقولة كاذبة إلا وتحمل في رحمها نطفة البرهان على صدقها. لا نستثني من ذلك إلا ما وقر في القلب بإيحاءٍ من الله, أو ما طُبع بأختام اليقين في كتبه المنزلة وعلى ألسنة رسله الكرام.
            فنحن نصنع أسلحة الدمار الشامل من أجل السلام, ونتدثر بثياب الملائكة لنخفي عورة شيطان آثم!؛ نُعبر عن فرحتنا بذرف الدموع, وعن بليتنا بضحكات مثيرة للسخرية. تلك هي رماديات متدرجة. وتناقضات حياتنا.
            دعنا إذن نعيد تسمية الحقيقة, لنقل أنها «النيوتروسوفيا»؛ ولنقل أن جوهرها هو «المنطق النيوتروسوفي» أحدث ما توصل إليه الفكر المنطقي في سعيه الحثيث لاستيعاب الواقع.
            لماذا إذن نسلط الضوء النيوتروسوفي على الفلسفة العربية؟.
            تنحصر الإجابة عن هذا السؤال في ثلاث نقاط, تُمثل في الوقت ذاته أهدافًا أساسية للكتاب, ويمكن صياغتها على النحو التالي:
            1. النيوتروسوفيا لا تستثني من مجال دراستها أية فكرة, من إنتاج العقل البشري؛ فالهدف الأساسي لها هو تبيان حقيقة العلاقة الجدلية بين الأفكار, وقابلية تلك الأخيرة للصدق, أو الكذب, أو الحيادية؛ ومن ثم قابليتها للقبول, أو الرفض, أو التعديل, أو النسخ.
            2. إذا كانت قوة العلم, وقوة التنظيم المرتبطة به, قد أدتا إلى أزمة فكرية – أخلاقية مزدوجة يكابدها الإنسان بوضوح في عالمنا المعاصر, فأحل الإنسان تنظيراته الوضعية محل ثوابته الدينية, واستبدل مبادئه العلمية والفلسفية بأقوال وتوجيهات أنبيائه, فإن النيوتروسوفيا بما تؤكده من نسبية الأفكار, وإمكانية تأرجحها بين الصدق والكذب والحيادية, تؤكد أيضًا أننا كنا, وما زلنا, وسنظل في حاجة إلى الله, وإلى رسله, وإلى كتبه السماوية.
            3. يهدف الكتاب ثالثًا وأخيرًا إلى إيقاظ العقل العربي المعاصر من سباته الدوجماطيقي الذي أقعده عن اللحاق بركب التقدم المعرفي, في عالم تتسارع فيه وتائر التغير, فلتكن إذن قدرتهم على اقتحام طيف الرماديات, والوقوف على مغزى وأهمية المحايد, والممكن, والمحتمل. تلك بعينها هي الدعوة التي يحملها هذا الكتاب: استعادة الألفة المفقودة بين العقل العربي ومفهوم «السلب», ونبذ الرهبة التي تحول بيننا وبين سحر المجاز, وثراء التناقض, وإنتاجية الاختلاف ..., وعلى الإجمال: كشف السمة النيوتروسوفية التي تتمتع بها ثقافتنا وفلسفتنا, سواء أردنا أو لم نُرد.
            الفصل الأول
            لأن العالم الذي نعيش فيه مليء بالكيانات غير المحددة, فنحن في حاجة إلى جعل ما هو «غير دقيق» أكثر دقة. إن ميكانيكا الكمّ بصفة خاصة تنطوي على «لا يقين» مؤكد حول طاقة وكمية حركة الجسيمات, وحيث أن الجسيمات في العالم دون الذري ليس لها مواضع يمكن تعيينها بدقة, فمن الأفضل إذن أن نحسب احتمالاتها النيوتروسوفية (أعني تضمين نسبة عدم اليقين, والشك, واللاتحديد)
            الاشتقاق اللفظي
            النيوتروسوفيا
            Neutro – sophy كلمة مؤلفة من مقطعين؛ الأول Neutro (بالفرنسية Neutre, واللاتينية Neuter) بمعنى «محايد» Neutral؛ والثاني Sophia, وهي كلمة يونانية بمعنى «حكمة» Skill / Wisdom. ومن ثم يُصبح معنى الكلمة في مجملها «معرفة الفكر المحايد».
            الصياغة
            لنفرض أن <أ> هي فكرة, أو قضية, وأن <ليس أ> هي نفي <أ>, وأن <نقيض أ> هي مضاد <أ>. ولنفرض أيضًا أن <حياد أ> تعني ما لا هو <أ> ولا <نقيض أ>. أي أن الحيادية تقع فيما بين النهايتين. ولنفرض كذلك أن <أ َ> هي نسخة من <أ>.
            على هذا النحو, نجد أن <ليس أ> مختلفة عن <نقيض أ>, فعلى سبيل المثال:
            إذا كانت <أ> = أبيض, فإن <نقيض أ> = أسود (تناقض الدلالة). لكن <ليس أ> = أخضر, أحمر, أزرق, أصفر, أسود,...إلخ (أي لون فيما عدا الأبيض). بينما <حياد أ> = أخضر, أحمر, أزرق, أصفر, ... إلخ (أي لون فيما عدا الأبيض والأسود) . و<أ َ> = أبيض قاتم, ... إلخ (أية درجة من درجات الأبيض).
            شعارات النيوتروسوفيا
            - الكل ممكن, حتى المستحيل.
            - لاشيء تام, ولا حتى التام.
            تصنيف الأفكار
            1.المقبول بسهولة, منسي بسرعة.
            2.المقبول بسهولة, منسـي ببطء.
            3.المقبول ببطء, منسـي بسرعة.
            4.المقبول ببطء, منســي ببطء.
            وفيما بين أي مقولتين هناك نُسخ متنوعة.
            مجرى التطور لأية فكرة
            إن <أ> في العالم ليست دائرية ولكن غير مستمرة, معقدة, لا حد لها:
            • <حياد أ> = أساس فكري موجود قبل أن تنشأ <أ>؛
            • <قبل أ> = فكرة سابقة, مُبشّرة بـ <أ>؛
            • <قبل أ َ> = طيف من نسخ <قبل أ>؛
            • <أ> = الفكرة ذاتها, والتي تنطوي ضمنًا على <ليس أ> = ما هو خارج <أ>؛
            • <أ َ> = طيف من نسخ <أ> بعد تأويلات مغلوطة مُساء فهمها من قبل أناس ومدارس وثقافات مختلفة؛
            • <أ / حياد أ> = طيف من مشتقات / انحرافات <أ>, لأن <أ> تمتزج / تنصهر من بعض الوجوه مع أفكار محايدة؛
            • <نقيض أ> = المقابل المستقيم لـ <أ>, المتطور داخل <ليس أ>؛
            • <نقيض أ َ> = طيف لنسخ من <نقيض أ> بعد تأويلات مغلوطة مُساء فهمها من قبل أناس, ومدارس, وثقافات مختلفة؛
            • <نقيض أ / حياد أ> = طيف من مشتقات / انحرافات <نقيض أ>, وهو ما يعني أن <نقيض أ> من بعض الوجوه, و<حياد أ> من بعض الوجوه, متحدان بنسب متنوعة؛
            • <أ َ/ نقيض أ َ> = طيف من المشتقات / الانحرافات بعد امتزاج طيفيّ <أ َ> و<نقيض أ َ>؛
            • <ما بعد أ> = بعد <أ>, فكرة بعدية, استنتاج؛
            • <ما بعد أ َ> = طيف من نسخ <ما بعد أ>؛
            • <أ جديدة> = <أ> مستردة بطريقة جديدة, وفي مستوى مختلف, بشروط جديدة, كما في المنحنى غير المنتظم ذي النقاط المنعطفة, في فترات باسطة وطاوية, وبنمط متكرر؛ الحياة لإعادة بدء <أ>.
            وعلى الإجمال, يمكن أن نصف هذا التسلسل على النحو التالي:
            القضية المحايدة (الأساس الفكري السابق على القضية), قبل القضية, القضية, أمام القضية, غير القضية(قضية مختلفة ولكن غير مضادة), نقيض القضية, ما بعد القضية, قضية جديدة.
            الفصل الثاني
            يهدف هذا الفصل إلى تحديد الملامح العامة للفكر العربي– الإسلامي في قرونه الأولى: مصادره ومقوماته؛ بواعثه وأهدافه؛ مشكلاته وقضاياه الأساسية, والتي أفردت له موقعه المميز في مسيرة التطور الحضاري للإنسان.
            ألا وهو ذلك المتمثل في تبيان وتأكيد الطابع النيوتروسوفي للأفكار: تناقضاتها, وتقلباتها, وأطياف الحياد المكتنفة لمسيرتها؛ سواء أكان ذلك في مجرى تطورها العام, أي عبر انتقالها من حضارة إلى أخرى وفقًا لمقولة التأثر والتأثير, أو في مجرى تطورها التفاعلي الخاص داخل بوتقة الحضارة العربية – الإسلامية المنزوية. لا يعني ذلك أننا نرمي إلى الدعوة إلى بعث الماضي العربي على إطلاقه؛ ففيه الغث وفيه الثمين. كما لا يعني أيضًا قبول الدعاوى الصارخة إلى الفرار من أسر الماضي, والاكتفاء بموقع متميز على إحدى مدارات الحضارة الغربية؛ فهذا الماضي هو جزءٌ لا يتجزأ من هوية العربي المعاصر.
            يشير مصطلح «الفكر العربي» (الإسلامي) إلى كافة أوجه النشاط العقلي الإبداعي لأولئك الأفراد الذين عاشوا في الفترة الزمنية الممتدة من منتصف القرن الثامن (الثاني الهجري) حتى القرن الثالث عشر بعد ميلاد المسيح (السابع الهجري)؛ وفي المساحة الجغرافية الممتدة من شبه الجزيرة الأسبانية وشمال إفريقيا حتى وادي الهند, ومن بحر العرب الجنوبي إلى بحر قزوين؛ أي في المنطقة الزمانية – المكانية التي احتوت ما نسميه «حضارة الإسلام», أو «حضارة العرب», أو «حضارة الشرق في القرون الوسطى»؛ والتي تم فيها التعبير عن نتاج أوجه النشاط العقلي المشار إليها باللغة العربية.
            نيوتروسوفية التسمية
            بداية تنبغي الإشارة إلى أن استخدام كلمة «الشرق» في تاريخ الحضارة ليس متفقًا مع معناها الجغرافي اتفاقًا تامًا؛ ذلك أن بلدان الشرق الأدنى المتحضرة كان يجب تسميتها في روسيا بالجنوب, وكذلك إفريقيا الشمالية التي تُعد جزءً من الشرق الإسلامي, إذ هي جنوبية بالنسبة إلى أوربا!, ومن ثم فإن استخدامنا لمصطلح«الشرق» لابد وأن يكون مرتبطًا بالسياق.
            على أن هذه التفرقة ذات المغزى التاريخي القديم بالنسبة للأوربيين لا تصف بدقة تطور البعد العلاقي المكاني للحضارات اللاحقة؛ فقد امتدت الرقعة الجغرافية للحضارة العربية الإسلامية إلى إسبانيا في الجنوب الغربي الأوربي؛ كما أن مصطلح «الغرب» يُستخدم أحيانًا بمعناه الواسع بحيث يجمع بين كل من أوربا والشرق الأدنى وإفريقيا الشمالية في مقابل الشرق الأقصى. وحتى لو تجاوزنا عن عدم دقة كلمة «الشرق» من المنظور المكاني, فلن نستطيع تجاوز التقسيم الأوربي للتاريخ العام إلى «قديم» و«وسيط» و«حديث».
            على أن ثمة خلاف آخر بين العرب و/أو المسلمين حول تسمية حضارتهم, وهو خلاف لم يعرفه بناة تلك الحضارة أنفسهم رغم كثرة اختلافاتهم, إنما نشأ بين وارثيهم المعاصرين تحت تأثير توجهاتهم واستجاباتهم الثقافية المتباينة, وخاض فيه أيضًا بعض المستشرقين. بل ومن أهم أسباب الصدام الحاد بينهما, هو تصورهما لتلك الهوة الفاصلة بين <أ> و<نقيض أ>, دون النظر إلى متسلسلة الحياد الممتدة بينهما, والتي عبّر عنها القرآن بالآية الكريمة:
            )وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاًً( (البقرة: 143)
            هل ثمة حضارة عربية قبل الإسلام؟
            أولى أسباب الخلاف بين المؤيدين للقول بحضارة «عربية» والمؤيدين للقول بحضارة «إسلامية» هو نمط الحياة العقلية للعرب قبل الإسلام: هل كانت لديهم مقومات فكرية تشفع لهم بإقامة حضارة تحمل اسمهم وتشيع فيها مهاراتهم وإبداعاتهم بغض النظر عما قدّمه لهم الإسلام؟. يقول المستشرق الألماني «هربرت جوتشالك»
            «لم يكن للمنطقة العربية قبل الإسلام شيء يُذكر في سجل التاريخ العالمي, فلم تشغل فيه سوى حيّز بسيط على هامشه, لأن الحياة داخل الصحراء كانت حياة بدوية, متفرقة, متنافرة"
            ولعل أكثر الآراء شيوعًا في هذا الصدد هو رأي «ابن خلدون»
            Ibn Khaldun (1332– 1406) الذي بسطه في أكثر من موضع من مقدمته, وخلاصته أن العربي «متوحشٌ نهّاب سلاّب, إذا أخضع مملكة أسرع إليها الخراب, يصعب انقياده لرئيس, لا يجيد صناعة ولا يحسن علمًا ولا عنده استعداد للإجادة فيهما, سليم الطباع, مستعد للخير شجاع»
            هذين الرأيين المتعارضين لا يخلوان في الحقيقة من تطرف يقتل الحياد؛ فالأول ينزع من العرب قبل الإسلام أي مظهر من مظاهر التحضر؛ والثاني ينسب إليهم من تلك المظاهر ما لا يتوافر إلا لحضارة في طور قوتها وازدهارها.
            الثقافة الإسلامية واللغة العربية
            البعد الثاني من أبعاد الخلاف حول تسمية التراث الثقافي المكتوب– في معظمه – باللغة العربية باسم «الحضارة العربية» أو «الحضارة الإسلامية» هو بُعد مكاني لغوي؛ بمعنى أنه يتجلى في الإجابات السؤالين التاليين:
            1. هل كان العرب– كقومية ذات حدود – هم بناة تلك الحضارة وحدهم؟. إذا كانت الإجابة بالإيجاب, فهي إذن حضارة «عربية», حتى ولو كان الإسلام قوامها, وإذا كانت الإجابة بالنفي, فهي إذن «حضارة إسلامية», شارك فيها العرب بنصيب قلّ أو كثر.
            2. ماذا عن البنية اللغوية لذلك التراث الفكري؟. أليست هي في معظمها بنية «عربية»؟. بل أليست اللغة العربية هي لغة القرآن وهو المصدر الأول للتشريع والأساس الحامل لدعائم الحضارة؟. إذا كانت الإجابة بالإيجاب فهي إذن حضارة «عربية», وإذا كانت بالنفي فهي بالضرورة حضارة «إسلامية» لا تعترف بالقوميات.
            ولا شك أن الأقوال تبالغ كثيرًا في تحجيم دور العرب في بناء الحضارة, وهو ما لا يشهد به تاريخ العلوم العربية الإسلامية؛ فقد كان أئمة النحويين من العرب, ولم يكن «سيبويه» (750– 795) – الفقيه اللغوي الفارسي– إلا تلميذ «الخليل بن أحمد الفراهيدي» (718– 767) – الفقيه المُعجمي العربي. وكذلك علوم العقائد والفقه, كان للعرب فيها نصيب لا يقل عن نصيب غير العرب في الجملة.
            وفي موازاة ذلك, ثمة مبالغة ملحوظة – دون مبرر مقبول – في تقدير دور اللغة العربية كعنصر فاعل في قيام الحضارة؛ إما من خلال ربطها بالدين ووسمها بالقدسية بوصفها لغة القرآن, أو بالربط المباشر بينها وبين الإبداع الفكري لمن أتقنها من المسلمين, مليون عربي تُعد العربية لغتهم الأم, من بينهم أكثر من عشرة ملايين من غير المسلمين . أي أن نسبة المسلمين الذين تُعد العربية لغتهم الأم تمثل 19.2في المائة من مجموع مسلمي العالم. وبحسبة بسيطة فإن 82٪ من المسلمين لا يعرفون اللغة العربية التي نعتبرها نحن العرب الركن الأساسي للدين.
            هل هي حضارة لاهوتية ؟
            تبقى نقطة أخيرة فيما يتعلق بإشكالية التسمية, حيث يجادل المؤيدون لاستخدام اسم «الفلسفة العربية» بأن كلمة «إسلامية» توحي بأننا بإزاء حضارة لاهوتية, قوامها الدين, ومبعثها عقائده وإشكالياته, على أن هذا الجدل, من وجهة النظر المقابلة, مردود عليه من جهتين؛ فمن الجهة الأولى إذا كانت كلمة «إسلامية» تخلع على الحضارة طابعًا لاهوتيًا ممقوتًا لدي الغرب بفعل ماضيه, فإن كلمة «عربية» من شأنها أن تخلع أيضًا على الحضارة طابعًا عرقيًا أشد مقتًا من قِبل الجميع, حيث يجري الحديث عن عقل عربي, وآخر إنجليزي, وثالث ألماني, ورابع فرنسي, ... إلخ,
            ومن الجهة الثانية ليس بإمكاننا نزع السمة اللاهوتية عن الحضارة العربية بسهولة, فلقد كان الدين قوة تشكيل صلبة لهذه الحضارة, وكان الإبداع الفلسفي والعلمي استجابة مباشرة لدعوته الصريحة إلى التأمل وإعمال العقل فيما هو من شئون الدنيا ومقتضياتها, تقربًا إلى الله, ووصولاً إلى نقطة الالتقاء بين أحكام الشرع واستدلالات العقل.
            كذلك الحال بالنسبة للعلم؛ فالفلك وحساب المثلثات – على سبيل المثال – كانا وثيقي الصلة بثلاثة من الأركان الخمسة للإسلام: الصلاة والصوم والحج؛ وعلم العدد أو الأرثماتيك كان وثيق الصلة بحساب المواريث, ... إلخ. ولا وجه هنا للمقارنة بالنهضة الأوربية الحديثة بعد أن تحرر الفكر الغربي من سيطرة البابوات ورجال الكنيسة, إذ لم تعرف الدولة الإسلامية «محاكم التفتيش» أو «صكوك الغفران»!.
            لا مجال إذن للمقارنة بين نهضة أو حضارة «إسلامية» مبعثها الدين, وأخرى «أوربية» مبعثها تهميش الدين؛ فلكل منها مناخها المحلي المختلف, وإذا كانت حضارة الإسلام قد انهارت وتلاشت, في حين لا زالت أصداء الحضارة الأوربية تصم الآذان, فإن مردّ ذلك ليس إلى الإسلام كدين, وإنما إلى عوامل شتى لا تمت إلى الدين بصلة, لعل أبرزها استبداد الحكام, والفساد السياسي الداخلي وما صاحبه من غارات كاسحة للمغول خارجيًا , هذا فضلاً عن الانهيار الاقتصادي الناجم عن كشف طريق رأس الرجاء الصالح وخسارة الدولة الإسلامية موارد ضخمة,
            المقومات: إيجابية السلب وثراء الاختلاف
            نعني بالمقومات هنا تلك الأسس والعوامل التي تستند إليها الحضارة في نشأتها وتطورها وتعمل على استمراريتها في الزمان والمكان وفقًا لإطار عام يمثل هويتها, والتي إذا ما غابت أدى ذلــك إلى أفول الحضارة وتدهورها. لكن ذلك لا ينفي في الوقت ذاته اختلاف الشعوب من حيث التكوين العقلي والنفسي للشخصية؛
            وحي السماء (القرآن والسنة)
            جاء الإسلام في وقت كانت فيه حياة العرب لا تختلف كثيرًا عما هي عليه اليوم: غُلو في الحريات الفردية, إغراقٌ في الماديات,... إلخ.
            أما عن تشريعات الإسلام وتعاليمه فهي محتواة في القرآن والسنة بوصفهما منهج الطريق النافي لضلالات العقل والمقوّم لأهواء النفس (أي الشريعة)
            القرآن:
            القرآن هو كلام الله المُنزّل على رسوله محمد, المكتوب في المصاحف. وترجع كلمة «قرآن»– من حيث الاشتقاق اللفظي– إلى الفعل الثلاثي «قرأ», وله في العربية معنيان: قرأ الكتاب؛ أي تتبع كلماته نظرًا, سواء نطق بها أو لم ينطق. وقرأ الشيء, أي جمعه وضمه. وهناك ارتباط واضح بين أولى آيات القرآن– من حيث الترتيب الزمني للنزول– وبين الاسم «قرآن»؛ إذ تبدأ الآية بالأمر الإلهي «إقرأ»:
            )اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ((العلق:1)
            فكأنما القرآن إذن دعوة إلهية شاملة إلى القراءة, بوصفها أولى مفاتح الفهم والتعلم ونفض غُبار الجهالة.
            ولو نظرنا إلى أحكام القرآن وتشريعاته لوجدنا أنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام(36):
            • أحكام متعلقة بالعقيدة: كالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر. وهذه هي الأحكام الاعتقادية, ومحل دراستها علم التوحيد.
            • أحكام تتعلق بتهذيب النفس وتقويمها. وهذه هي الأحكام الأخلاقية, ومحل دراستها: علم الأخلاق, أو التصوف.
            • أحكام عملية تتعلق بأقوال وأفعال المكلفين: أي الأحكام الفقهية, وهي نوعان:
            النوع الأول: العبادات؛ كالصلاة والصيام. والغرض منها تنظيم علاقة الفرد بربه.
            النوع الثاني: المعاملات؛ كأحكام العلاقات الأسرية, المعاملات المالية.
            أفاد العرب من هذه الأحكام من ثلاثة وجوه؛ فقد ارتقت أولاً بالمستوى العقلي للعرب إلى درجة جعلتهم ينتقلون من النقيض إلى النقيض عقائديًا وأخلاقيًا واجتماعيًا: فبعد أن كانوا يعبدون أصنامًا وأوثانًا, بما يقتضيه ذلك من انحطاط في النظر وإسفاف في الفكر, أصبحوا يعبدون إلهًا يعلو على التجسيم المادي:
            )لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ( (الأنعام: 103)
            كذلك اندفع القرآن إلى الإنسان يُمجدّه في طوره الأخير, ويدفعه إلى اكتناه الآفاق الكونية, وقد اعتبره مسئولاً عن كل فعل من أفعاله, وعن كل سكنه من سكناته:
            )فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ
            ^ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ( (الزلزلة: 7، 8)
            فوضع المسئولية الفردية, سمة الحياة الحديثة, في أقوى أسلوب.
            السُنـَّة
            للسُنـَّة معنى في اللغة, ومعنى في اصطلاح الفقهاء, ومعنى عند الأصوليين؛ فالسُنَّة في اللغة هي الطريقة المعتادة المُحافظ عليها, التي يتكرر الفعل بموجبها. ومن ذلك قوله تعالى:
            )سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً( (الأحزاب: 62)
            وسُنَّة الإنسان هي طريقته التي يلتزم بها فيما صدر عنه, ويحافظ عليها, سواء أكان ذلك فيما يُحمد عليه, أو يُذم.
            وفي اصطلاح الفقهاء, السُنَّة هي ما كان من العبادات نافلة منقولة عن النبي, أي ما ليس بواجب منها.
            أما عند الأصوليين, فالسُنَّة هي ما صدر عن النبي غير القرآن, من قول أو فعل أو تقرير. بالسُنَّة يكتمل منهج الإسلام ويتيسر زاد الطريق؛ فهي جزءٌ لا يتجزأ من وحي السماء, بدليل قوله تعالى:
            )وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى
            ^ إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى((النجم: 3, 4)
            لقد أفاد المسلمون من الأحكام التي وردت في السنة بقدر ما استفادوا من أحكام القرآن وتعاليمه.
            الفتوحات: الامتزاج واستيعاب الآخر
            بين الإسلام والمسلمين
            تُوفي الرسول ولم يتعد الإسلام جزيرة العرب, وكان قد بدأ بدعوة الأمم المجاورة ومناوشتها. ولم تمض على وفاته سنوات قليلة حتى استطاعت جيوش المسلمين– في عهد الخليفة «عمر بن الخطاب» رضي الله عنه– أن تقيم دعائم إمبراطورية ضخمة.
            ولم يكن هذا العمل السياسي الفذ نتيجة لحظة عابرة وغامضة مرّ بها العقل العربي منتشيًا بقدراته, إنما كان نتيجة روح جديدة, وعقلانية جديدة, بثهما في الجسد العربي دينٌ كَمُلت مبادئه, واستقام منهجه لمن اعتنقوه في حياة المُبشر به. قال تعالى:
            )الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ
            لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً( (المائدة: 3)
            لقد بكى «عمر» حين سمع هذه الآية يتلوها وقد أدرك أن الوحي قد انتهى, لكنه أدرك كذلك أن الإسلام دينًا كَمُلت آياته وصار نعمة مهداة,
            والحق أن هذه اللمحة العُمَرية لتحمل في طياتها إجابة جزئية عن السؤال الخاص بأسباب تدهور الحضارة العربية الإسلامية, وتخلف المسلمين عن اللحاق بركب التقدم الحضاري رغم بقاء الإسلام بينهم بذات منهجه وأحكامه. وفحوى هذه الإجابة أن ثمة تفرقة ضرورية بين الإسلام من جهة, والمسلمين من جهة أخرى؛ فالإسلام هو ذلك الدين القيَّم الذي تحدثنا عنه من قبل, أما المسلمين فهم أولئك الذين اعتنقوا الإسلام دينًا بكل أبعاده الإيمانية والتطبيقية, وكما أن نية الإيمان قد تصدق وقد لا تصدق, فكذلك التطبيق قد ينجح وقد يفشل؛ وبقدر ما تتأرجح درجة الإيمان بين الكمال والنقص, تتأرجح درجة التطبيق بين الصواب والخطأ. خذ مثلاً سلوك بعض المسلمين في تعدد الزوجات لمطلق إشباع رغباتهم بينما الإسلام برئ تمامًا من هذه التهمة النكراء. يقول تعـالى– فيما يتعلق بتعدد الزوجــات
            )وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ( (النساء: 3)
            فهناك شروط أساسية في السماح بتعدد الزوجات, وهـي شروط
            فيها الحماية العائلية والاجتماعية, وفيها وقاية من الوقوع فيما هو شر من تعدد الزوجات,
            خذ أيضًا ممارسات المسلمين السياسية, وتصورهم الخاطئ لفكرة تنصيب الحاكم وعلاقته برعيته بعد انقضاء عهد الخلافة الراشدة (632– 661 م)؛ فأول ما تقع عليه عيناك هو ذلك النزوع الجامح من قبل البعض نحو الاستئثار بالسلطة وكأنها حقٌ وراثي مشروع لهم, حتى ليندر– عبر مجمل تاريخ العرب والمسلمين– أن تجد حاكمًا أو مسئولاً وقد ترك منصبه طواعية؛ وثاني ما تراه في الحياة السياسية للمسلمين– وكنتيجة مباشرة للمظهر الأول– هو ذلك التقديس المبالغ فيه لشخص الحاكم وأفكاره.
            وكل ذلك في الحقيقة ليس من الإسلام في شيء؛ فقد انتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى لم يوص بمن يقوم بأمر المسلمين بعد وفاته, إذ لا وراثة للحكم في الإسلام, بل لقد شدّد على أهمية الشورى فقال «ما تشاور قوم قط إلا هُدوا لأرشد أمرهم», تحقيقاً للآية الكريمة: )وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ((الشورى: 38)
            كما حذر من السعي إلى تولي الإمارة قائلاً: «إنها أمانة, وإنها يوم القيامة خِزيٌ وندامة, إلا من أخذها بحقها, وأدى الذي عليه فيها».
            انطلاقة المزج بين الأمم
            أدت الغزوات والفتوحات العربية إلى عملية مزج قوية بين العرب وغيرهم من الأمم الأكثر تقدمًا وحضارة.
            ساعد على هذا المزج جملة أمور, أهمها:
            تعاليم الإسلام السمحة في الفتح.
            دخول كثير من أهل البلاد المفتوحة في الإسلام.
            الاختلاط بين العرب وغيرهم في سكني البلاد.
            وكنتيجة مباشرة لهذه العوامل, أصبح الإسلام بوتقة تنصهر فيها ثقافات وفلسفات ونُظم وقوانين وآمال ولغات مختلفة, حتى لتنظر إلي الحياة الفكرية وقتئذ فتراها كالبحر.
            حركة الترجمة
            ما من ثقافة محلية بلغت مرحلة العالمية إلا وكانت عالميتها نتيجة تفاعلها مع الثقافات الأخرى تأثرًا وتأثيرًا. وسبيل ذلك هو الترجمة؛ إذ هي الوسيلة الأساسية التي يتم من خلالها الاتصال الفكري بين أمم مختلفة. هكذا فعل العرب المسلمون إبان يقظتهم في عصر الإسلام الذهبي, وهكذا أيضًا فعلت أوربا في عصر النهضة التي بدأت بالعصر المدرسي وبلغت ذروتها خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين.
            من خلال الترجمة استطاعت الحضارة العربية الإسلامية استيعاب الآخر عقليًا, بعد أن أتاحت لها الفتوحات استيعابه مكانيًا وتنظيميًا؛
            هكذا انتقل إلى التراث العربي الإسلامي تراث الأمم القديمة المتحضرة– لا سيما فارس والهند واليونان– واتصلت هذه الروافد كلها بثقافة الإسلام, وتفاعلت معه في ضوء خبرات العرب الحسية وتأملاتهم العقلية, فكان منها ذلك التراث الفلسفي العلمي الحافل بوجوه الأصالة والابتكار.
            البنيان الداخلي
            ما من دولة اتسعت فتوحاتها, وترامت أطرافها,إلا كان ذلك مصحوبًا ببنيان داخلي قوي, وله من المرونة ما يجعله قادرًا على التكيف, وعلى تلقي الأمشاج الخارجية وفرزها واستبقاء الصالح منها في ضوء احتياجاته الفعلية.
            من جهة أخرى– وكخاصية ثانية– كانت الأمم السابقة تطلب من أنبيائها الإتيان بالمعجزات كشرط للإيمان: عصا موسى التي تلقف ما يأفكون. أما في الإسلام فقد كان الإعلان الإلهي بإحلال العقل والمنطق محل الغيب واضحًا وصريحًا:
            ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (النحل: 125)
            لقد بلغت الإنسانية بالإسلام مرحلة النضج, فلم تعد في حاجة إلى أن تهتدي بظهور معجزة أو مبدأ خارق للطبيعة, ومن ثم كان مولد الإسلام يعني في الوقت ذاته مولد العقل الاستدلالي الجدلي بكل أبعاده.
            أما الخاصية الثالثة المحورية للعقلية الإسلامية التي شكلها القرآن, فهي تصوير الإسلام للحركة الكونية المتدفقة:
            ﴿وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيم ِ
            ^ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ﴾ (يس: 37, 38, 39)
            وحتى التاريخ البشري يُنبهنا القرآن إلى أنه بدوره متحرك:
            ﴿وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾
            (آل عمران: 140)
            بهذه العقلية اختلف مفكرو الإسلام وتفوقوا, وعرفوا أن تفوقهم في اختلافهم, وأن في اختلاف توجهاتهم العقلية والفقهية رحمة للمسلمين, وتأكيدًا للأوجه المتعددة والمتدفقة للحقيقة.
            على سبيل المثال, لم يختلف مسلم ومسلم في أن الحُكم جزءٌ من الدين, أي أن الإسلام شريعة وعقيدة؛ ولم يختلفوا في أن القرآن الموجود المحفوظ هو الذي يُحتكم إليه, ولم يختلف مسلم ومسلم في أن الله عدلٌ, وأنه حَكَم بإثابة الطائع ومعاقبة العاصي.
            التصوف الإسلامي
            ينقسم التصوف الإسلامي إلى قسمين متمايزين؛ الأول هو القسم السُنَّي المستند في نشأته وتطوره على القرآن والسُّنَة, وقد شكّل هذا القسم «علم الأخلاق» في الإسلام. والثاني هو القسم الفلسفي المنبثق عن القسم الأول في بعض مراحل تطوره, ويشمل مجموعة مختلطة من التفكير اليوناني والتفكير الشرقي الغنوصي من هندي وفارسي, ثم أمشاج من اليهودية والمسيحية والإسلام.
            علم الكلام
            علم الكلام أو علم أصول الدين هو علم الحِجَاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية.
            نشأ علم الكلام في جو مفعم بالنزاعات الدينية – السياسية وغير السياسية – بين المسلمين أنفسهم من جهة, وبين المسلمين وغير المسلمين من جهة أخرى؛
            علم أصول الفقه
            الفقه في اللغة هو العلم بالشيء والفهم له؛ يُقال «فلانٌ يفقه الخير والشر» أي يعلمهما ويفهمهما.
            وُضعت البذرة الأولى لعلم أصول الفقه على أيدي الصحابة رضوان الله عليهم, إذ كان عليهم الاجتهاد في استنباط الأحكام التي لم يرد بها نصُ في الكتاب أو السُنَّة, ومن أشهر هذه المدارس الفقهية:
            • الحنفية
            Hanafites, ومؤسسها الإمام «أبو حنيفة النعمان» Abu-Hanifa (696– 767).
            • المالكية Malikites, نسبة إلى الإمام «مالك بن أنس» Malik Ibn Anas (715– 796).
            • الشافعية Shafi'ites, نسبة إلى الإمام «محمد بن إدريس الشافعي».
            • الحنبلية Hanbalites, نسبة إلى الإمام «أحمد بن حنبل».
            • الجعفرية Jaafrites (وتتبع المذهب الشيعي Shia), نسبة إلى الإمام «جعفر الصادق» Ja'far al-Sadiq (702– 765).
            علم الاجتماع أو فلسفة السياسة أو فلسفة التاريخ
            مثلما برع المسلمون في العلوم الرياضية والطبيعية والدينية, وفلسفتها, برعوا كذلك في علوم الاجتماع والسياسة والتاريخ, وما تنطوي عليه من جوانب سيكولوجية واقتصادية وأخلاقية, فضلاً عن التنظير الفلسفي لها. وهذه جميعًا مباحث متداخلة في الفكر الإسلامي؛ بمعنى أنها تؤدي إلى بعضها البعض وترتبط ببعضها البعض ارتباطًا وثيقًا في معظم كتابات مفكري الإسلام.
            فلسفة النحو
            كانت اللغة– من حيث هي لغة– عماد الحضارة الإسلامية ومحورها الأثير. وقد خرج الإسلام باللغة العربية من سياق المحلية إلى سياق العالمية بوصفها لغة القرآن والرحم الحاوي لمعانيه وقواعد أحكامه, فتحدث بها العرب وغير العرب, ودب فيها اللحن, وغشيتها الألفاظ واللهجات المختلفة. حينئذ باتت الحاجة ملحة لوضع قواعد لحفظ اللغة العربية وحمايتها, فكان النحو وكان علم اللغة.
            ولم يكن من الغريب أن يصطدم النحو بعلم المنطق بعد ترجمة الأعمال الأرسطية إلى العربية؛



            الفصل الثالث
            نماذج نيوتروسوفية من الفكر العربي – الإسلامي
            قراءة نيوتروسوفية لمنطق القياس الإسلامي
            يشتغل المنطق ثنائي القيم بافتراض مثالية اللغة التي نصوغ بها القضايا. وهو ثانيًا يفترض مثالية القدرات المعرفية للإنسان؛ أعني قدرات التمييز القاطع والثابت بين ما هو صادق وما هو كاذب في عالم الواقع العيني.
            لكن ثمة هوة شاسعة بين ما توجبه هذه القوانين وما تكشف عنه الوقائع اللغوية و/أو التجريبية لعالمنا؛ فنحن – إن صح التعبير– نعيش في عالم لغوي مراوغ؛ عالم يخترقه الغموض ويغشاه القصور من كل جانب؛ عالم تتعدد فيه وتختلف معاني الكلمة الواحدة والقضية الواحدة.
            وإذا كان العقل الغربي قد تنبه لهذه الهوة منذ أكثر من قرن, فإن العقل العربي– الإسلامي كان على دراية بها قبل ذلك بعدة قرون, لقد أدرك مفكرو الإسلام, أن الحكم المنطقي الواحد, بخلاف الحكم المنصوص عليه صراحة وبوضوح في القرآن أو السّنة, يمكن أن يتأرجح بين قيمتي الصدق والكذب.
            وبهذا الفهم لطبيعة الحكم العقل الاستدلالي عرف الفقه الإسلامي معنى تعددية التفسير, وسماحة التعايش السلمي بين الأفكار, ولكن ما هو نوع الاستدلال الذي استخدمه المسلمون في استنباط أحكامهم؟ وهل ثمة تقارب بينه وبين المنطق النيوتروسوفي؟.
            أما عن نوع الاستدلال الفقهي في الإسلام, فهو ما يُعرف باسم التمثيل أو قياس الغائب على الشاهد, ويُطلق عليه الفقهاء عمومًا اسم «القياس», أن ثمة نقاط للتلاقي بين القياس الفقهي من جهة, والمنطق النيوتروسوفي من جهة أخرى, ولعل أبرز هذه النقاط:
            1. أن كلاً منهما يُلبي حاجات الواقع الفعلي
            2. كذلك يلتقي المنطق النيوتروسوفي والقياس الفقهي الإسلامي في أن كلاً منهما يتطرق إلى المحايد والممكن, ولا ينفي إمكانية مصافحة الصدق للكذب في نقطة زمكانية ما.
            أخيرًا يلتقي المنطق النيوتروسوفي والقياس الفقهي الإسلامي في أن كلاً منهما يسمح بتجاوز قيمة الصدق إلى ما بعد الصدق التام (الصدق وزيادة).
            معنى القياس الأصولي
            القياس في اللغة هو تقدير شيء بشيء آخر, فيقال: قست الأرض بالمتر, أما في اصطلاح الأصوليين فالقياس هو إلحاق ما لم يرد فيه نص على حكمه بما ورد فيه نص على حكمه في الحكم, لاشتراكهما في علة ذلك الحكم.
            أركان القياس وشروطه
            يتضح لنا من التعريف الفقهي للقياس أن أركانه أربعة, وهي:
            1. الأصل The origin: وهو المحل الذي ثَبُت فيه الحكم الشرعي, ويُسمى المقيس عليه, والمُشبّه به, والمُلحق به.
            2. الفرع The branch: وهو المحل الذي لم يرد فيه نص, ويُراد معرفة حكمه, ويُسمى المَقيس, والمشبه, والملحق.
            3. حكم الأصل The judgment of origin: وهو الحكم الشرعي الثابت للأصل بالكتاب أو السنّة أو الإجماع, ويُراد تعديته إلى الفرع.
            4. العِلَّة The cause: وهي الوصف الموجود في الأصل, والذي من أجله شرع الحكم فيه, وبناء على وجوده في الفرع يُراد تسويته بالأصل في هذا الحكم.
            أما شروط أركان القياس فهي كثيرة ومتنوعة,
            شروط الأصل: يمزج معظم الفقهاء بين شروط الأصل وشروط حكم الأصل رغم كونهما ركنين مميزين من أركان القياس,
            شروط حكم الأصل: أن يكون حكمًا شرعيًا عمليًا, ثَبُت بنصٍ من الكتاب أو السّنة. أن يكون معقول المعنى؛ أي مبنيًا على علة يستطيع العقل إدراكها, أن يكون له علة يمكن تحققها في الفرع, فإذا كانت العلة قاصرة على حكم الأصل ولا يمكن تحققها في غيره امتنع القياس. ألا يكون حكم الأصل مختصًا به, لأن اختصاصه به يمنع تعديته إلى الفرع.
            وتهدف هذه الشروط جميعًا إلى تنقية حكم الأصل من أي حائل يحول دون شرعيته ووضوحه وكفايته لاشتقاق حكم الفرع.
            أنواع القياس الأصولي
            إذا كان محور القياس ومرتكزه هو اشتراك الفرع مع الأصل في علة الحكم, فقد قسّم الأصوليون القياس إلى ثلاثة أنواع وفقًا لدرجة قوة العلة التي تُبرّر الحكم في كل من الفرع والأصل. وهذه الأنواع هي:
            القياس الأَوْلَى (أو قياس من الأدنى إلى الأعلى), وهو الذي تكون فيه علة الحكم في الفرع أقوى وأوضح منها في الأصل, ومن ثم تزداد درجة صدق الحكم في الفرع لتتعدى – وفقـًا للمنطق النيوتروسوفي – الواحد الصحيح المُعيّن لحكم الأصل.
            القياس المساوي (أو قياس من نفس الدرجة), وهو ما كانت فيه العلة التي بُنى عليها الحكم في الأصل موجودة في الفرع بقدر ما هي متحققة في الأصل (أي بدرجة صدق متساوية)؛
            القياس الأدنى (أو قياس من الأعلى إلى الأدنى), وهو ما كان فيه تحقق العلة في الفرع أضعف وأقل وضوحًا مما في الأصل, وإن كان الاثنان متساويين في تحقق أصل المعنى الذي صار به الوصف علة.
            القياس الأصولي بين اليقين والظن
            هل يؤدي القياس الأصولي إلى أحكامٍ يقينية أم إلى أحكامٍ ظنية؟, أن ما هو عن اجتهادٍ عقلي لا يرقى إلى درجة الحكم المُنـّزل.
            لذلك ذهب الأصوليون إلى أن العلاقة بين العلة والمعلول ليست على درجةٍ واحدة من التأثير أو الضرورة, وإنما تنقسم إلى خمسة أقسام تقترب بنا من المنطق النيوتروسوفي, وهي:
            1. علة تُفضي إلى المعلول قطعًا؛
            2. علة تُفضي إلى المعلول ظنًا؛
            3. علة تُفضي إلى المعلول شكًا؛ والشك هو تجويز أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر.
            4. علة تـُفضي إلى المعلول وهمًا؛ بمعنى إدراك العلة مع احتمال وجود ضدٍ أرجح وأقوى.
            علة لا تُفضي إلى المعلول بتاتًا؛ وهنا تكون درجة إيجاب العلة للمعلول (أي الحكم) هي الكذب التام (الصفر) أو ما يقل عنه,
            فإذا تردد الشيء بين الحِل والحُرمة, ولم يكن فيه نصٌ ولا إجماع, اجتهد فيه المجتهد – المحقق لشروط الاجتهاد – فألحقه بأحدهما بالدليل الشرعي. ولعلنا نستطيع التعبير عن ذلك بالشكل النيوتروسوفي التالي:

            في هذا الشكل يمثل الحلال (وكذلك الإيمان والطاعة والجنة) الصدق المطلق, ويمثل الحرام (ومعه الكفر والمعصية والنار) الكذب المطلق, وفيما بينهما, أي بين <أ> و <نقيض أ>, تمتد حالات لا متناهية العدد من المتشابهات.
            بل لقد نبهنا النبي إلى إمكان انقلاب الوضع الإيماني رأسًا على عقب مهما كانت درجته, فقال: «إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها ذراع, فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها, وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع, فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها».
            أليس في ذلك استباقًا أصيلاً اختص به العقل الإسلامي قبل قرونٍ من الآن؟, بل ألا يكشف القياس الأصولي عن عبقرية إسلامية – نفتقدها الآن – في العمل بمبادئ المنطق المعاصر إزاء واقع سمته التغير والصيرورة, في حين نـُصر نحن أبناء هذا الواقع على تجميد العقل واستيراد الأفكار الجاهزة بإيجابياتها وسلبياتها من الغرب, فيعطينا تارة ويمنع عنا تارة أخرى؟.
            الاجتهاد وتجديد الفكر الديني
            • لم يكن قياس الغائب على الشاهد هو السبيل الوحيد الذي سلكه الفقهاء لاستنباط الأحكام, بل لقد اقتضت الأقضية وتعقد المشكلات في المعاملات بعد اتساع الدولة الإسلامية أن ينوعوا من سُبل الاستنباط, فقالوا مثلاً بالاستحسان؛ وهو العدول عن القياس الجلّي إلى قياس خفيّ.
            كذلك لجأ الفقهاء إلى الاستنباط باستخدام المصالح المرسلة, وهي تلك التي لم يحددها الشارع بنص ٍ صريح مع ما فيها من جلب منفعة أو دفع مضرة.
            إضافة إلى ذلك, تجلى الطابع النيوتروسوفي للفقه الإسلامي, لاسيما إبان عهد الدولة العباسية, في انقسام المشتغلين به إلى مدرستين كبيرتين يرفع المنتسبون إليهما راية السماحة والتقدير لبعضهما البعض: مدرسة الحديث, وشعارها الالتزام بالنص نظرًا لقداسته؛ ومدرسة الرأي, وشعارها التأويل إن تعارض ظاهر النص مع العقل أو لمراعاة الظروف المتغيرة.
            ولا ينبغي الظن أن المدارس الفقهية كانت قاصرة على المذاهب الأربعة المعروفة اليوم: الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي, بل لقد أدت الحرية التي كفلتها الدولة للقضاة وأهل الفتوى إلى تعدد المذاهب الفقهية حتى بلغت في القرن الثالث سبعة عشر مذهبًا.
            بدايةً تنبغي الإشارة إلى أننا لا نعني بالتجديد ما يتردد اليوم من مقولات صارخة – لا تبرأ من الأغراض السياسية – تدعوا إلى استلهام ثقافة الغرب والخضوع لمطالبه بغية مجاراة العصر؛ فالغرب – بضغوطه المتوالية على الحكومات الإسلامية, وتدخله السافر في شئونها المختلفة – لا يهدف إلا إلى تنقية النص الديني مما قد يعارض مصالحه السياسية والاقتصادية, وإلى إعادة تشكيل منظومة الثقافة العربية – الإسلامية في إطار من القيم والأولويات يضمن له تخلف العقل العربي – الإسلامي, ومن ثم الهيمنة المطلقة. كذلك لا نعني بالتجديد إعادة بعث مؤلفات الأسلاف الاجتهادية – على ما في ذلك من أهمية تاريخية ومنهجية – بُغية التوقف عند ما جاء بها والالتزام الحرفي به؛ فقد كانت لهم إشكالياتهم الحياتية ذات المتغيرات المحلية الخاصة, في حين تواجهنا الآن إشكاليات محلية جديدة يدفعنا الجهل بالدين إلى التماس حلول لها لدى الآخرين؛ إنما نعنى بالأحرى إيقاظ العقل العربي – الإسلامي من سباته الدوجماطيقي الذي تراجع به إلى مؤخرة الركب الحضاري في كافة المجالات, وإحياء روح الشجاعة العقلية التي تحلى بها الأسلاف فصالوا وجالوا في أروقة العلم الشرعي والطبيعي دون تشدد أو مداهنة أو تسويف.
            نبذة عن حياة المؤلف الأول
            فلورنتن سمارنداكه
            وُلد «فلورنتن» بمدينة «بالسيستي» Balcesti (مقاطعة «فولسيا» Valcea) برومانيا في العاشر من ديسمبر عام 1954, وتخرج من قسم الرياضيات وعلم الحاسوب بجامعة «كريوفا» Craiova عام 1979, ثم حصل على درجة الدكتوراه في الرياضيات من جامعة «كيشينيف» Kishinev عام 1997. وكما تشير التواريخ المذكورة, عاش «فلورنتن» فترة حياته الفكرية المبكرة في ظل نظام الحكم الشيوعي لرومانيا, حيث النزعة الشمولية, وسياسة القبضة الحديدة التي انتهجها «تشاوشيسكو» (1918– 1989) إبان فترة حكمه, لا سيما خلال حقبة الثمانينات, والتي شهدت صراعًا مع السلطة قاده عدد من المفكرين والعلماء, كان «فلونتن» في مقدمتهم. ولقد بلغ هذا الصراع أوجه حين أضرب عن الطعام عام 1986 لحرمانه من حضور المؤتمر الدولي للرياضيات بجامعة «باركلي» , وحينئذ نشر خطابًا في ملاحظات الجمعية الرياضية الأمريكية عن حرية التنقل للعلماء, وأصبح بالتالي منشقًا. وكنتيجة لذلك ظل عاطلاً عن العمل لمدة عامين تقريبًا, يتقوت من ممارسة الدروس الخصوصية لبعض الطلاب.
            فرّ من رومانيا في سبتمبر من عام 1988, وظل قرابة عامين في معسكرات اللاجئين السياسيين بتركيا, حيث فرضت عليه طبيعة الحياة القاسية في تلك المعسكرات أن يمارس أعمالاً دون المستوى: كنـّاس, نقاش, ... إلخ. لكنه بقى على اتصال بمعاهد الثقافة الفرنسية التي يسرت له الحصول على الكتب وإقامة بعض العلاقات مع الشخصيات المختلفة. لقد ترك وراءه أبوين ريفيين, رغم كونه الابن الوحيد لهما, وزوجة حامل (أنجبت له فيما بعد ابنه الثاني «سيلفيو» Silviu الذي لم يره إلا بعد عامين ونصف العام حين اجتمع شمل الأسرة في الولايات المتحدة), فضلاً عن ابن لم يتجاوز السابعة من عمره هو «ميهاج» Mihai.
            وقبل مغادرة البلاد, دفن بعض مخطوطاته في حقل أبويه داخل صندوق معدني بجوار شجرة خوخ, ولم يستردها إلا بعد مرور أربع سنوات, حين عاد إلى وطنه لأول مرة بعد ثورة عام 1989. وثمة مخطوطات أخرى حاول إرسالها بالبريد إلى مترجم في فرنسا, لكنها صودرت من قبل البوليس السري ولم يستطع اقتفاء أثرها, شأنها شأن تلك التي حاول تهريبها خارج رومانيا عن طريق مدرسة بوخارست الفرنسية وبعض السياح فضلت طريقها.
            وفي مارس من عام 1990 هاجر إلى الولايات المتحدة, حيث واصل دراسات ما بعد الدكتوراه بجامعات أمريكية مختلفة؛ كجامعة «فونكس», وجامعة «تكساس» بولاية «أوستن», ... إلخ. وفي غضون ذلك عمل كمهندس برمجيات لشركة هوني ويل (1990– 1995), وكأستاذ ملحق بكلية بيما للجالية (1995– 1997), ثم كأستاذ مساعد بجامعة نيومكسيكو (1997), إلى أن رُقي إلى درجة أستاذ مشارك للرياضيات بذات الجامعة عام 2003.
            ومنذ وصوله إلى أمريكا تميز «فلورنتن» بغزارة الإنتاج؛ حيث نشر أكثر من تسعين كتابًا في مختلف المجالات، تُرجم معظمها إلى العديد من اللغات، كما كتب آلاف الصفحات كمذكرات حول حياته في ظل الدكتاتورية الرومانية (غير منشورة), وكمدرس تعاوني في المغرب («أستاذ في أفريقيا», 1999), وكلاجئ في معسكر اللاجئين التركي («الفرار .../ مذكرات من معسكر اللاجئين», في جزئين 1994، 1998), فضلاً عن حياته في المنفي الأمريكي (مذكرات لا زالت مستمرة).
            لكنه عُرف دوليًا كزعيم لمدرسة أدبية تحمل اسم «البارادوكسيزم», وهي حركة طلائعية في الأدب, والفن, والفلسفة, والعلم ..., تعتمد على استخدام المفارقات والقضايا المتناقضة وتوظيفها في الأعمال الإبداعية المختلفة. ورغم حداثة الحركة (حيث قام بتأسيسها عام 1980 مستلهمًا أنساق المنطق الرياضي المعاصر), إلا أنها سرعان ما انتشرت, وبات لها العديد من المؤيدين في معظم دول العالم.
            وانطلاقًا من هذه الحركة تعددت إسهامات «فلورنتن» في المجالات المختلفة؛ ففي مجال الأدب كانت له العديد من التجارب الشعرية في إطار ما يُعرف بالطليعة الإبداعية, كما حرّر ثلاث مجموعات دولية (نثرية وشعرية) عن الباردوكسيزم (2000– 2004), بها نصوص لما يقرب من 350 كاتب حول العالم بمختلف اللغات. ولعل أبرز أعماله في هذا الصدد هو مؤلفه «ما وراء التاريخ» (1993), وهو عبارة عن ثلاثية مسرحية تهاجم النزعة الشمولية؛ أولها «تشكيل الإنسان الجديد», وثانيها «عالم رأسًا على عقب», وثالثها «أمة الحيوانات». والأخيرة «دراما» لا يتبادل أبطالها الحوار على خشبة المسرح, وقد حصلت على جائزة مهرجان كازابلانكا المسرحي الدولي.
            رُشح «فلورنتن» لجائزة نوبل في الأدب عام 1999, كما نُشر اثنا عشر كتابًا في تحليل إبداعه الأدبي؛ منها «جماليات البارادوكسيزم» (1995), بقلم «تيتو بوبيسكو», و«الباردوكسيزم وما بعد الحداثة» (2000), بقلم «أيون سوار».
            أما في مجال الرياضيات فقد قدّم مفهوم «درجة النفي» لأية بديهية أو مبرهنة في الهندسة, فيما عُرف بهندسة سمارانداكه (وهي بمثابة هندسة إقليدية ولا إقليدية بدرجة ما)؛ فضلاً عن مفهوم «البنية المتكثرة»(حيث تحوي البنية الضعيفة جزيرة لبنية قوية), ومفهوم «المكان المتكثر» (وهو تأليف من الأماكن غير المتجانسة).
            ابتكر «فلورنتن» ودرس أيضًا العديد من المتتابعات والدوال في نظرية العدد, وعممّ الأنساق المنطقية الغائمة, والحدسية, وشبه المتناقضة, ... إلخ, لتندرج جميعها في إطار ما أطلق عليه اسم «المنطق النيوتروسوفي»؛ وكذلك عممّ المجموعة الغائمة (ومشتقاتها: المجموعة شبه المتناقضة, والمجموعة الحدسية, ...إلخ) بحيث تشملها «المجموعة النيوتروسوفية».
            وعلى خلفية هذا الإبداع الرياضي قام بتنظيم المؤتمر الدولي الأول عن الأنساق النيوتروسوفية, بجامعة نيومكسيكو في الفترة من 1 إلى 3 ديسمبر 2001. ومنذ عام 2002, يعمل «فلورنتن» بالاشتراك مع الرياضي الفرنسي «جين ديزيرت» على تطوير نظرية «ديمبستر – شافير» إلى نظرية جديدة في الاندماج البارودوكسي تحمل اسم نظرية «ديزيرت – سمارانداكـه». وفي عام 2004 صممّ ألغوريتمًا لتوحيد نظريات وقواعد الاندماج المستخدمة في نظم المعلومات الحيوية, والروبوتات, والأنساق العسكرية.
            وأما في الفيزياء فقد اكتشف «فلورنتن» سلسلة من المفارقات في مجال ميكانيكا الكمّ, وصاغ الفرض القائل بأنه ليس ثمة حد أقصى للسرعة في الكون, وهو الفرض الذي أثار – ولا زال يثير – جدلاً واسعًا بين العلماء, لاسيما وأنه يناقض نظرية «آينشتين» في النسبية الخاصة. كذلك افترض إمكانية وجود شكل ثالث من أشكال المادة, أطلق عليه اسم «اللامادة», وهو بمثابة تأليف بين «المادة» و«نقيض المادة»(أو الكواركات ونقيض الكواركات).
            أخيرًا, وفي مجال الفلسفة, قدّم «فلورنتن» عام 1995 نظريته في النيوتروسوفيا (موضوع هذا الكتاب) كتعميم لديالكتيك «هيجل», وهي أساس أبحاثه في الرياضيات والاقتصاد, مثل «المنطق النيوتروسوفي», «المجموعة النيوتروسوفية», «الاحتمال النيوتروسوفي», و«الإحصاء النيوتروسوفي».
            وعلى الإجمال, نستطيع تقدير أعمال وإسهامات «فلورنتن» في المجالات المختلفة من خلال ما نُشر عنه؛ فهناك أكثر من عشرين كتابًا خُصصت بأكملها لعرض وتحليل نشاطه العلمي, نذكر منها(3):
            1-مدخل إلى دالة سمارانداكه (1995). by Charles Ashbacher,
            2-تعليقات ومحاور على مشكلات ومفاهيم سمارانداكه(1996) by Kenichiro Kashihara
            3-التحليل الحاسوبي لمتتابعات العدد (1998)
            by Henry Ibstedt, Lupton, 1998.
            صلاح عثمان – بيانات شخصية
            • الاسم: د. صلاح محمود عثمان محمد.
            • اسم الشهرة: صلاح عثمان.
            • مكان وتاريخ الميلاد: بمدينة الإسكندرية، يوم الأحد الموافق 20/10/1963 م & 2/6/1383 هـ ، لأسرة تنتمي إلى قرية العمور – مركز المراغة – محافظة سوهاج بجنوب مصر.
            • التحق بقسم الفلسفة، كلية الآداب، جامعة الإسكندرية عام 1981 م ، وحصل على ليسانس الآداب من ذات القسم عام 1985 بتقدير عام جيد جدًا، حيث كان الأول على دفعته.
            • حصل على درجة الماجستير من قسم الفلسفة بجامعة الإسكندرية عام 1993 م بتقدير « ممتاز»، عن أطروحة بعنوان: العقل والجدل عند هربرت ماركيوز: تحت إشراف الأستاذ الدكتور عبد الوهاب جعفر، الأستاذ بجامعة الإسكندرية.
            • حصل على درجة الدكتوراه من قسم الفلسفة بجامعة المنوفية عام 1996 م بتقدير « مرتبة الشرف الأولى»، عن أطروحة بعنوان: مشكلة الاتصال واللاتناهي في الفلسفة والفيزياء والرياضيات
            تحت إشراف الأستاذ الدكتور محمد محمد قاسم، حيث ناقشته لجنة مكونة من أربعة أعضاء، هم: أ. د. محمد مهران رشوان الأستاذ، من جامعة القاهرة & أ. د. محمد محمد قاسم & أ. د. على عبد المعطي محمد، من جامعة الإسكندرية & أ. د. عبد الفتاح غنيمة، من جامعة المنوفية.
            • الوظيفة الحالية: أستاذ المنطق وفلسفة العلم، رئيس قسم الفلسفة, كلية الآداب, جامعة المنوفية.
            • التخصص الدقيق: المنطق وفلسفة العلم.
            E. mail Address:


            Salah_osman2002@yahoo.com
            Salah_osman@hotmail.com


            الموقع على الإنترنت : www.salahosman.com



            المؤلفات
            • صدر أول كتاب له في سبتمبر من عام 1998 م بعنوان: «الاتصال واللاتناهي بين العلم والفلسفة»، عن منشأة المعارف بالإسكندرية. والكتاب نسخة منقحة من أطروحته للدكتوراه، وفيه يعالج نظرية الاتصال واللاتناهي الرياضية وما تثيره من إشكالات ذات أبعاد فلسفة وفيزيائية، كطبيعة الزمان
            Time والمكان Space والحركة Motion، ومشكلة السببية Causality ، فضلاً عن الدور المحوري لهذه النظرية في الأزمات الكبرى للرياضيات عبر تاريخها.
            • كتاب «النموذج العلمي بين الخيال والواقع: بحث في منطق التفكير العلمي» (2000 م عن منشأة المعارف بالإسكندرية)؛ وفيه يناقش دور النماذج الفكرية والمادية في اكتساب وتشكيل كافة أنماط المعارف الإنسانية، بداية من المعرفة العادية التي يسعى بها عامة الناس إلى فهم ما يدور حولهم من أمور الحياة، ومرورًا بالمعارف الفلسفية والدينية والفنية التي تحكم توجهات الإنسان العقلانية والوجدانية، ووصولاً إلى المعرفة العلمية الرامية إلى فهم ظواهر الكون وترويضها وفقًا لقوانين حاكمة.
            • كتاب «الداروينية والإنسان: نظرية التطور من العلم إلى العولمة» (2001 م عن منشأة المعارف بالإسكندرية)؛ والفرض الأساسي فيه هو أن فكرة العولمة Globalization ، بما تمثله من نزعات للتفوق والربح والسيطرة وبسط النفوذ من قبل الغرب، لاسيما الغرب الأمريكي، ما هي إلا امتداد لأفكار وممارسات برزت بقوة بعد أن
            نشر «دراوين» Ch. Darwin كتابه «أصل الأنواع» On the Origin of Species ، والرسالة التي يحملها الكتاب بصفة عامة هي أن بوسعنا – إن أردنا – أن نروض العلم، وأن نجعل منه أداة لرقينا، نُحكم قبضتنا عليها فنمتلكها ولا تمتلكنا، وذلك شريطة أن نروض أنفسنا أولاً.
            • كتاب «المنطق متعدد القيم بين درجات الصدق وحدود المعرفة» (2002 م عن منشأة المعارف بالإسكندرية)؛ ويعرض فيه لمراحل وآليات تطور المنطق الرمزي المعاصر متعدد القيم بأنساقه المختلفة، مركزًا على مشكلة الغموض Vagueness المعرفي للإنسان بأبعادها اللغوية والإبستمولوجية والأنطولوجية.
            • كتاب «نحو فلسفة للكيمياء» (2004 م عن منشأة المعارف بالإسكندرية)؛ هو أول كتاب باللغة العربية يقتحم مجال البحث الكيميائي من منظور فلسفي، هادفًا إلى إضفاء مزيد من المرونة الفلسفية على رؤية الكيميائيين لعالمهم المرئي، وإلى إفساح الطريق أمامهم لاستكشاف الجوانب اللامرئية لموضوعات بحثهم، فضلاً عن توجيه أنظار المشتغلين بالفلسفة إلى هذا العلم الذي باتت تحيط بنا نتائجه وإنجازاته، وتؤثر علينا مردوداته التقنية في كل لحظة من لحظات حياتنا.
            • كتاب «وهم العالم الخارجي بين اللغة والإدراك» (2004 م عن منشأة المعارف بالإسكندرية)؛ ويهدف إلى تأكيد الطابع النسبي للمعرفة من خلال علاقة اللغة بكل من الفكر والواقع الفعلي؛ فالفكر مبدأ الوجود، واللغة وعاء الفكر ومحتواه؛ وإذا كنا نفكر بالكلمات، وبها أيضًا نبني معرفتنا عن العالم، فإن كل نقص أو قصور في اللغة يقتطع بالضرورة جزءً من وضوح الفكر ودلالته، كما أن أي غموض يعتري الفكر هو بطبيعته غموض في اللغة وباللغة؛
            • كتاب «طبيعة الحدود المكانية بين الجغرافيا والفلسفة: بحث في سيمانطيقا اللغة الجغرافية» (2005 م عن الملتقى المصري للإبداع والتنمية بالإسكندرية)؛ يعالج هذا الكتاب موضوعًا فريدًا وجديدًا بالنسبة للبحث الفلسفي، ألا وهو علاقة الجغرافيا بالفلسفة. ورغم غرابة الربط بين علم يبحث في تضاريس الأرض: أنماطها وحدودها ومقوماتها الطبيعية، فضلاً عن مواردها وعلاقتها بقاطنيها، وبين الفلسفة كنشاط عقلي يبحث – إن صحّ التعبير – في تضاريس الفكر: ميادينه واستدلالاته وأحكامه وقدرته على بناء النماذج التفسيرية لكافة الظواهر، إلا أن الكتاب يؤكد شرعية هذا الربط وضرورته، لاسيما حين نتذكر أن الفلسفة أم العلوم جميعًا، بما في ذلك الجغرافيا.
            • كتاب «الواقعية اللونية: قراءة في ماهية اللون وسبل الوعي به» (2007 م عن منشأة المعارف بالإسكندرية)؛ للمشكلة الفلسفية طبيعة خاصة تتفرد بها ؛ فهي تبدأ بشيء بسيط للغاية بحيث لا يستحق الذكر , وتنتهي بشيء غريب للغاية بحيث لا يصدقه أحد !. ولا تخرج الألوان عن هذا الوصف حين تخضع للبحث الفلسفي ؛ فنحن نعرف جميعًا كيف نميز الألوان , وكيف نتفاعل معها شعوريًا , وكيف نوظفها في المواقف الحياتية المختلفة ؛ لكن ما أن يُطرح السؤال عن ماهية اللون , أو بنيته الأنطولوجية , أو شروط إدراكه , حتى نجد أنفسنا أمام موضوع يغلفه الغموض الكثيف , موضوع كان ولا زال يثير شغفـًا معرفيًا لدى العالم والفيلسوف على حدٍ سواء .
            • كتاب «الفلسفة العربية من منظور نيتروسوفي»، بالاشتراك مع الأستاذ الدكتور فلورنتن سمارانداكه Florentin Smarandache أستاذ ورئيس قسم الرياضيات والعلوم بجامعة نيومكسيكو الأمريكية (2007 م عن منشأة المعارف بالإسكندرية).
            لأننا نعيش في عالم يكتنفه الغموض من كل جانب؛ عالم تتسم معرفتنا لأحداثه ووقائعه بالتناقض واللاتحديد، وتُفصح قضايانا اللغوية الواصفة له عن الصدق تارة وعن الكذب تارة أخرى، فنحن في حاجة إلى فلسفة جديدة تعكس حقيقة رؤيتنا النسبية لهذا العالم وقصور معرفتنا به؛ ونحن في حاجة إلى نسقٍِ منطقي يُلائم معطياته غير المكتملة ويُشبع معالجاتنا لها، سواء على مستوى ممارسات الحياة اليومية أو على مستوى الممارسة العلمية بمختلف أشكالها.
            • فلسفة العلم من الألف إلى الياء: معجم شامل لمصطلحات وأعلام فلسفة العلم ترجمة وتقديم وتعليق، تأليف ستاتس بسيلوس، المركز القومي للترجمة، وزارة الثقافة، القاهرة، قيد النشر.

            المقالات
            أولاً: مقالات في فلسفة العلم
            الكائنات الرياضية المجردة بين الوجود والمعرفة.
            مسيرة الفيزياء بين مقولتي الاتصال والانفصال.
            الاتصال الرياضي من الأبعاد الهندسية إلى الأعداد.
            التجربة الجمالية وأخلاقيات الممارسة الكيميائية.
            بنية الكيمياء وتصورات المنهج العلمي.
            لغة الكيمياء_ من البني الصورية إلى الوقائع التجريبية.
            نظم قصيدة التواصل بين الفلسفة والكيمياء.
            التطور البيولوجي بين اللاماركية والداروينية.
            اللون من منظور علمي.
            النظريات الفلسفية في ماهية اللون.
            بنية العين وميكانيزمات الإبصار اللوني.
            الحدود الجغرافية من منظور فلسفي.
            النماذج والاستدلال التمثيلي في العلم.
            برتراند رسل ومعرفتنا بالعالم الخارجي.
            الداروينية الفلسفية.
            فلسفة اللغة_ مفاهيم أساسية.
            الداروينية والتطور البيولوجي للمجتمع.
            ثانيًا: مقالات في الفكر الفلسفي المعاصر
            جذور العولمة_ لماذ هي أمركة وليست عولمة.
            تقليص الأبعاد: ماركيوز وقصة اغتيال عقلانية الإنسان المعاصر.
            اللاعدالة في العلوم والفنون والآداب (ترجمة وتعليق).
            ثالثًا: مقالات في الفكر العربي - الإسلامي
            قراءة معاصرة لمنطق القياس الفقهي الإسلامي (قياس الغائب على الشاهد).
            رابعًا: مقالات عامة
            حضارتنا المنزوية: بين مقولتي العروبة والإسلام، الجمعية الدولية للمترجمين واللغوين العرب، منتديات واتا الحضارية (18 أكتوبر 2008).
            http://www.wata.cc/forums/forum.php
            إرث الفساد المتثاقل فوق أكتاف العباد (19 سبتمبر 2011).
            http://www.facebook.com/note.php?not...41941715852196
            ترويض الساسة ... أو التعاسة، نُشر بجريدة السياسة الدولية، أغسطس 2011.
            http://www.facebook.com/note.php?not...01259906587044
            تخاريف صيف (2 يونيو 2011).
            http://www.facebook.com/note.php?not...96440907068944
            ثقافة الرادار (14 مارس 2011).
            http://www.facebook.com/note.php?not...78152652231103
            لصوص لا يستحون (هل يُسرق ميدان التحرير؟) (17 فبراير 2011).
            http://www.facebook.com/note.php?not...72648579448177
            ارتجاع العقل الحُر ... من تونس إلى مصر (4 فبراير 2011).
            http://www.facebook.com/note.php?not...69268676452834
            تأملات في انتفاضة الغضب (3 فبراير 2011).
            http://www.facebook.com/note.php?not...69174149795620
            إعدام وطن (23 يناير 2011).
            http://www.facebook.com/note.php?not...66296236750078
            تونس تطرد روح بروكرست (17 يناير 2011).
            http://www.facebook.com/note.php?not...64496120263423
            كلمات نيوتروسوفية (15 يناير 2011).
            http://www.facebook.com/note.php?not...64110923635276
            مجدي يعقوب الذي تذكرناه فجأة! (14 يناير 2011).
            http://www.facebook.com/note.php?not...63971220315913
            العربي التائه (11 يناير 2011).
            http://www.facebook.com/note.php?not...62953080417727
            حوار مع أنا (23 ديسمبر 2010).
            http://www.facebook.com/note.php?not...58382560874779
            إلى جمال حمدان (18 ديسمبر 2010).
            http://www.facebook.com/note.php?not...56880751024960
            الصائمون قسرًا (11 ديسمبر 2010).
            http://www.facebook.com/note.php?not...55467404499628
            بين الإسلام والمسلمين (11 ديسمبر 2010).
            http://www.facebook.com/note.php?not...55246627855039
            زمن الأقزام (9 ديسمبر 2010).
            http://www.facebook.com/note.php?not...54896447890057
            مصر تنتحر بربطة عُنق (7 ديسمبر 2010).
            http://www.facebook.com/note.php?not...54431704603198
            لماذا هي أمركة وليست عولمة؟ (27 نوفمبر 2010).
            http://www.facebook.com/note.php?not...52234368156265
            أرجوحة الأفكار (25 نوفمبر 2010).
            http://www.facebook.com/note.php?not...51692751543760
            مَن يصنعُ الحضارة؟ (22 نوفمبر 2010).
            http://www.facebook.com/note.php?not...51096284936740
            دقات الساعة (20 نوفمبر 2010).
            http://www.facebook.com/note.php?not...50644634981905
            • شجرة الكون وقضايا مناقضة الواقع عند ستورس مكال , مجلة بحوث كلية الآداب , جامعة المنوفية , العدد ( 39 ) , أكتوبر 1999 م , ص ص 83 – 128 .
            The Tree of Universe and Counterfactuals in Storrs McCall

            • سيمانطيقا المؤشرات اللفظية والكلام غير المباشر , مجلة بحوث كلية الآداب , جامعة المنوفية , العدد (46) , يوليو 2001 م , ص ص 127 – 166 .
            Semantics of Indexicals and Indirect (Reported) Speech
            http://www.falsafa.uni.cc/article_2007_04_9_4246.html

            • العلم والفلسفة والدين كمقولات لنهضة العقل العربي, مركز الخدمة للاستشارات البحثية، شعبة الترجمة، كلية الآداب، جامعة المنوفية، العدد الخامس عشر، مارس 2003 ص ص 1 – 27 .
            Science, Philosophy, and Religion as Categories for the Rising of the Arabic Mind
            http://www.falsafa.uni.cc/article_2007_04_9_3802.html

            • جدل الثبات والحركة في مفارقات زينون : رؤية رياضية معاصرة , مجلة بحوث كلية الآداب , جامعة المنوفية ، العدد الثامن والخمسون ، يوليو 2004، ص ص 99– 139.
            The Dialectic of Constancy and Motion in Zeno’s Paradoxes: a Contemporary Mathematical View

            • البارادوكسيزم أو مذهب توظيف المفارقات الطليعة الأخيرة للألفية الثانية (مجلة البارادوكسيزم الدولية Paradoxism Journal)
            http://www.gallup.unm.edu/~smarandache/a/Paradoxism.htm

            • مقتطفات نيوتروسوفية (الكتاب الدولي الخامس عن البارادوكسيزم)
            http://www.gallup.unm.edu/~smarandac...Anthology5.pdf

            المشاركة في المؤتمرات العلمية السنوية التي يعقدها قسم الفلسفة، أو التي تعقدها الكلية، في الفترة من عام 1996 وحتى الآن
            المشاركة في تعديل لائحة قسم الفلسفة وتطوير الدراســــة داخل القسم منذ الحصول على درجة الدكتوراه , عام 1996 وحتى الآن
            المساهمة في دعم مكتبة الكلية وبرامج الدراســات العليا والعلاقات الثقافية من خلال عضوية مجلس الكلية ولجان المكتبة والدراسات العليا والعلاقات الثقافية بالكلية
            المشاركة في الندوات والمؤتمرات الــتي تعقدها الجمعية الفلسفية المصرية من خلال عضويتي بها منذ تأسيسها
            الإشراف على أسرة الفيلسوف بكلية الآداب, جامــــــعة المنوفية والمساهمة في أنشطتها الثقافية والاجتماعية والترفيهية المختلفة
            تطـــــوير لائحة الدراسات العليا بقسم الفلسفة وفقًا لنظام الساعات المعتمدة, والتي تهدف الكلية إلى تطبيقها بدلاً من اللائحة الحالية
            تطـــــوير لائحة الليسانس بقسم الفلسفة وفقًا لنظام الساعات المعتمدة, والتي تهدف الكلية إلى تطبيقها بدلاً من اللائحة الحالية
            إعداد لائحة برنامج الدراسات الفلسفية والمستقبلية بقسم الفلسفة، المندرج ضمن برامج التعليم المفتوح بالكلية
            المشــــاركة في أنشطـة حــــركة البارادوكسيزم الفلسفـــية الدولية (أو مذهب توظيف المفارقات) وترجمة بعض المقالات لمجلـــة البارادوكسيزم الدولية
            Paradoxism Journal والمنشورة على الموقع التالي:
            http://www.gallup.unm.edu/~smarandache/a/Paradoxism.htm
            القيام بتدريس مواد التخصص وتطوير محتواها الدراسي بقسم الفلسفة بالكلية منذ عام 1996 وحتى الآن
            المشــــاركة فـــــــــــــي الإشــــــــــــراف عــــــــــلى الرســائل العلمية ومناقشتها
            المشــــــاركة في الندوات التي تعقدها الجامعة والكلية حول تطوير التعليم الجامعي، وكذلك الندوات التي عقدها قسم الفلسفة في المجالات المختلفة
            إعداد وتنظيم العديد من السيمنارات والندوات الثقافية بقسم الفلسفة بالكلية، ومنها:
            26/11/2008: التجليات الروحية في الإسلام.
            23/3/2009: نجيب محفوظ بين الأدب والفلسفة.
            29/11/2010:التنوير عند زكي نجيب محمود.
            8/12/2010: التغيرات المناخية وتأثيرها على البيئة.
            6/3/2011: مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير: الآفاق والتحديات.
            6/4/2011: رابطة شباب قسم الفلسفة: إنجازات وطموحات.
            16 – 17 أبريل 2002 مؤتمر العلوم الإنسانية وتكنولوجيا المعلومات كلية الآداب جامعة المنوفية
            28 – 30 أبريل 2007 المؤتمر الدولي للدراســــات الأدبية واللغــــوية المقــــارنة كلية الآداب جامعة القاهرة
            25 – 27 نوفمبر 2007 مؤتمر المواطنة ومستقبل مصر كلية الآداب جامعة المنوفية
            2 – 4 نوفمبر 2010 مؤتمر العشوائيات في مصر مظاهرها وعلاجها كلية الآداب جامعة المنوفية
            26 – 27 نوفمبر 2011 ندوة ومحاضرة عامة باللغة الإنجليزية تحت عنوان: الإسلام والعلم: من إبداع وجاذبية الماضي إلى متغيرات الحاضر مركز دراسات الأديان التوحيدية (سيسمور) CISMOR جامعة دوشيشا، كيوتو، اليابان.
            الجوائز
            جائزة أ. مصطفي بهجت عبد المتعال للمتميزين من أعضاء هيئة التدريس جامعة المنوفية 2007
            شهادة تقدير من قسم الرياضيات والعلوم بجامعة نيومكسيكو الأمريكية 2007 – 2008
            شهادة تقدير من الجمعية الدولية للبارادوكسيزم
            2007 – 2008
            عضو الجمعية الفلسفية المصرية.
            عضو الجمعية الفلسفية الأمريكية.
            عضو الجمعية الدولية لفلسفة الكيمياء.
            عضو جمعية البارادوكسيزم الدولية.
            مدير مكتب جريدة السياسة الدولية بالإسكندرية.
            عضو هيئة تحرير مجلة المخاطبات Al-Mukhatbat (مجلة فلسفية في المنطق والإبستمولوجيا، تصدر في تونس).
            Philosophical Journal for Logic and Epistemology
            http://mukhatabat.unblog.fr
            مُحكم لمجلة عالم الفكر الكويتية، ومجلة كلية الآداب – جامعة المنوفية.
            عضو الهيئة الاستشارية لموقع فلاسفة العرب


            انطباعي عن الكتاب
            أما بالنسبة لماذا هذا الكتاب بالذات؟, فلقد جذبتني فلسفته وقضاياه وجمله ولكني مع ذلك لم استطع أن أقدم كل ما أعجبني في الكتاب لأني كنت مقيدة بالتلخيص فهناك العديد من الأمثلة والمعلومات التي تشد القارئ فلا يتركه إلا وأكمله لآخر كلمة مهما كانت مشاغله لأننا نعيش في عالم يكتنفه الغموض من كل جانب؛ عالم تتسم معرفتنا لأحداثه ووقائعه بالتناقض واللاتحديد، وتُفصح قضايانا اللغوية الواصفة له عن الصدق تارة وعن الكذب تارة أخرى، فنحن في حاجة إلى فلسفة جديدة تعكس حقيقة رؤيتنا النسبية لهذا العالم وقصور معرفتنا به؛ ونحن في حاجة إلى نسقٍِ منطقي يُلائم معطياته غير المكتملة ويُشبع معالجاتنا لها، سواء على مستوى ممارسات الحياة اليومية أو على مستوى الممارسة العلمية بمختلف أشكالها. والفلسفة التي يقترحها هذا الكتاب هي «النيوتروسوفيا»؛ تلك النظرية التي قدمها الفيلسوف والرياضي الأمريكي «فلورنتن سمارانداكه» العام 1995 كتعميم للنزعة الجدلية، والتي تكشف بأسلوب جديد عن تناقضات الفكر وحركته الدائبة والمتصلة بين الصدق والكذب، وتُعيد لملكة السلب هيبتها المفقودة لدى العقل القانع بوهم الثبات المطلق. ومن هذه النظرية ينبثق المنطق النيوتروسوفي كتعميم لأنساق المنطق المعاصر متعدد القيم، لاسيما المنطق الحدسي الغائم.
            ورغم حداثة النظرية والنسق، وتعدد مجالات تطبيقهما في الفكر الغربي المعاصر، وبصفة خاصة مجالات العلم التقني، إلا أن ثمة استخدامات أخرى لهما لدى مفكري العرب والإسلام إبان مرحلة ازدهار الحضارة الإسلامية، وهو ما يكشف عنه الكتاب من خلال دراسة منطقية مقارنة، تميط اللثام عن أصالة وخصوبة الفكر العربي، لأنه - وبخاصة الفصلين الثاني والثالث من الكتاب- يُعد هذا الكتاب بمثابة محاولة جريئة من الباحث يقوم فيها بتطبيق المنطق النيوتروسوفي على الفكر العربي – الإسلامي. فالمؤلف بهذا العمل لا يسعى ليقرر فقط تقارباً بين الفكرين, بل يساعده التطبيق على الكشف عن نتيجة هامة هي أن الفكر العربي – الإسلامي مُفعم بنظريات دقيقة ذات منهج محدد وهدف موجه وتشريعات محكمة سبقت بدقتها ورفعتها النظم الغربية الحديثة والمعاصرة.
            ويقدم لنا المؤلف تحليلاً فلسفياً لعدة إشكاليات تهم واقعنا العربي المعاصر, فمثلاً يقوم ببحث دلالة مصطلح «حضارة عربية أم حضارة إسلامية» واصلاً بين الأصول التاريخية والسياسية والاجتماعية والدينية، مُبيناً أثرها على الفكر الحالي، خارجاً بنتيجة هامة، لا أستطيع سردها في الصفحات القليلة وأتمنى قراءته لتتبع هذه النتيجة. كما أن المؤلف يعمد إلى عرض نماذج من الفكر العربي – الإسلامي تكشف بوضوح عن اقتحام بُناته لتلك المناطق الرمادية التي يسعى المنطق المعاصر للكشف عنها وتحديد معالمها. كذلك يبين كيفية استيعاب الأسلاف لمنطق الاختلاف العقلي وشروط صدق القضايا وفقاً لمتغيرات الواقع والزمان والمكان واللغة، ولاسيما في مجالي علم أصول الفقه وعلم الكلام.
            يتوجه الدكتور «صلاح عثمان» بشجاعة إلى تطبيق النيوتروسوفيا (ذلك المنطق الذي وضعه دكتور سمارنداكه في الفصل الأول) على الفكر العربي – الإسلامي, ويخرج بعدة نماذج لمنطق القياس الأصولي المستمد من التشريع الفقهي الإسلامي، ووجد أن هذا الفقه يؤكد على قيم أصيلة تتمثل في تدعيم تعددية التفسير وتأكيد ضرورة الحوار الجدلي بين الرأي والرأي الآخر دون تعصب مذموم أو تشدد محصور، فضلاً عن التأكيد على دور الجانب الحيادي.وبذلك يكون مؤلفان الكتاب قد قدموا لنا تنوعًا في المباحث الفكرية التي يحفل بها الكتاب، والتي تجمع بين المنطق والعلم والفلسفة والإلهيات، تتجلى جدة الكتاب وسعيه نحو تحقيق هدف ترسيخ قيم الحوار العقلاني بين الثقافات المختلفة واكتشاف مناطق الالتقاء بينها، وهو بذلك يعالج مشكلة مازالت تؤرق العرب جميعًا وهي مشكلة مواكبة الحضارة واللحاق بركبها بدلاً من الجري وراءها دون جدوى كما نفعل دائمًا, وكذلك يحول مخاطبة الغرب في أننا لسنا همج ارهابيين كما يعتقدون, لذا يصدر الكتاب في طبعتين باللغتين الإنجليزية والعربية.
            وأخيرًا أعتذر عن صلة القرابة التي بيني وبين المؤلف العربي ولكن هذا لا يمنع أني قدمت الكتاب لكم بمنتهي الموضوعية بسبب القيمة الثقافية للكتاب وسوف تشهدون بذلك بأنفسكم عندما تقرأون الكتاب وتستمتعوا بما فيه.
            [/frame]

            تعليق

            • ركاد حسن خليل
              أديب وكاتب
              • 18-05-2008
              • 5145

              #7
              المشاركة السادسة
              الكتاب هنا يخص المتسابق نفسه.. ولم يكن بالإمكان إبقاء اسمه سرّيًّا
              ولكن كون الأستاذ صاحب القراءة أفاد في نهاية قراءته أنه يأمل بالتكريم المعنوي ولا تدخل هذه المشاركة للفوز بالجائزة المادية.. أدرجنا هذه المشاركة كذلك بناءً على طلبه.
              [frame="2 10"]
              1. ألأستجابات النفسيه*بحث في السلوك الأنساني على ضوء علم الأجتماع
              دراسه في كتاب
              ألأستجابات النفسيه
              psychology.jpg
              بحث في السلوك الأنساني على ضوء علم الأجتماع
              تأليف الأستاذ يعقوب الحمداني
              1382ه-1963م
              تصدير
              أصبح لعلم النفس منزله مرموقه بين العلوم التي تدرس الأنسان , فأهتم به الناس أهتماما بالغا لما تبينوا أثره في معرفة الأسس والدوافع التي يقوم عليها السلوك .وقد حقق هذا العلم خطوات كبيرة من التقدم خلال الخمسين عام الأخيرة, واصبح يلاحق العلوم الطبيعيه في تقدمها وكشوفها.
              ومن أجل ذلك أمست الدراسات النفسيه التي صدرت منذ عشرين عام مثلا لاتصلح أن تكون أساساً يعتمد عليه المرء في معرفة الطبيعه البشريه في الوقت الحاضر ومع ذلك فلا بد أن تظهر بين حين وآخر كتب مبسطه تلخص ما بلغه هذا العلم من تقدم وتيسره لعامة القراء ليستفيد منه الجمهور في تطبيقه عىلى نفسه أو حياته , وبخاصه في هذا العصر,عصر الثورة الجارفه في جميع الدول العربيه ,وهي ثورة الشعوب التي تحاول أن تتبوأ مكانها بين الأمم . . .
              ولا رقي بغير علم. وأفضل العلوم وأولها العلم بالنفس .لأنه هو الذي يمهد لصلاح الفرد. فأذا صلح حال الأفراد صلح حال الأمه . . .ولعل هذا الكتاب من تأليف الأستاذ يعقوب الحمداني .
              قد جاء مع ثورة العراق على ميعاد ليكون خير لقلاب العروبه النابض, وسلسله مجد العرب .. .
              وقد راعى فيه المؤلف أن يكون موافقا لأحداث الأتجهات في علم النفس ,نعني دراسته من جهة السلوك والدوافع التي تؤثر فيه ,والطرق التي تستطيع أن نعدل بها هذا السلوك تعديلا يتفق مع الحضارة,ويبلغ الأنسان الى الخير والفضيله .
              ونحن نرجو من أن يتابع المؤلف جهد, وأن يكون هذا الكتاب أول الغيث .
              3/11/1958
              الأستاذ أحمد فؤاد الأهواني
              الأهداء
              الى القوى المتصاعده من الشباب الواعي المؤمن بحق أمتهفي الحياة الكريمه زالى كل من آمن بقدسة الشعور بالمسؤوليه وقوة أندفاعها في تقييم معاني الحياة.الى كل من أدرك أنه قوة من قوى الحياة وأنه عضو بان وجود مجتمعه وليس هواء في شبك .الى أبناء أمتي من وطني العربي أهدي كتابي هذا. . . .
              المؤلف
              تأليف الأستاذ يعقوب الحمداني



              الكتاب كما نراه ويراه الكاتب ,
              أن هذا العرض لفسلجة السلوك الأنساني على قدر ما توفر من المصادر والأمكانيات الخاصه للمؤلف هو جهد مهما كان كبير فهو قليل لتحليل أسباب السلوك ونتائجه في طبقات المجتمع المختلفه,أسترشدنا بآراء رجال التربيه والأجتماع حول أنارة السبيل في كشف ظلمات الرغبات الدافعه الى هاوية الأعمال والنتائج السيئه. كذلك الرصيد العالي من الذكاء الأجتماعي المتميز للأفراد المتنورين بهدف الحياة الواعيه ,وفيه صورة لمقدار الترابط الوثيق بين السلوك والغرائز والشعور والعادة. ثم أثر التربيه في تهذيب هذه الأنفعالات الذاتيه ,وأيقاظ الشعور الحيّ المتوجه لخدمة غرض الحياة الحرة الناميه,ووقفناعلى آراء لرجال الفلسفه والأجتماع حول تفسير ما تزدحم به الحياة الأجتماعيه من مناهج للسلوك مضطربه وهادئه ,نظيفة القصد أو قذرة النبات , وتصوير هذة المناهج المتضاربه من مناهج السلوك التي أصبحت عادات أصيله لمعظم الأفراد بل الجماعات على أختلاف تكاملها أو تبعثرها ,وتلمسنا من وراء ذلك مراحل هذا السلوك ومقدار توافقها أو عدمه في حياتنا الحاضرة والأستعانه به لأدراكنا حقيقة السلوك الأجتماعي في مجتمعاتنا هذا .وتميزنا أسباب الشواذ السلوكيه الناميه فيه التي أصبحت ذات قواعد متينه الجذور بعيدة الغور في تلوين أخلاقنا ,وأن كانت هذه الشواذ لا يمكن أن تكون قاعده للقياس فهي ستنهار أمام السلوك اليقظ الواقف على حقيقة البواعث الهادمة لأركان المجتمع ,الذي تلمس الحقيقه بأدراك ووعي كبيرين وأشار الى صدق الأساليب الباعثه للخير الأجتماعي وتقدير ماهية الأهداف بالأساليب العلميه التي أستمدتها من الضرورة الحقه التي هي القيم الأصيله النابغه من الذات والتي يحركها النبل القومي النابع من الوجود الحق في فهم الحياة. اليقظه السلوكيه في حياتنا الحاضرة.
              أخذت بالأنتشار لتفهم مشاكله تفهما عميقا واعيا .فأصبحت هذة اليقظه منبرا للحق ومنارا للأرشاد في حياة شعرت أن قيمتها لاتكون الا عن طريق فهم أنسانها أولا وتشذيب شواذ حياتها الأولى والخروج الى المجتمع مجردة الا من رغبات خدمته وفق الأسلوب الأجتماعي الدافع لتقدمه .جاعله أول غرض أغراضها بنيان القواعد الخلقيه على أساس الفهم العميق لا بدافع , الثواب والعقاب ,وبعيدا عم الألزام والجزاء , كما يقول ((برجسون)) ثم أعتبار المجتمع الأساس الأول والقوى الرصينه في سند الحياة الحرة المتكامله , وجعل كل غرض لا ينبع من هذا المجتع ولا يشعر بماضيه ولا يفهم خلقه وأمكانياته وقواعده ومشاكله الآنيه غرضا لايعود عليه بالنفع .
              أن الفرد والمجتمع قوتان يستند تقدمهما على تكامل قوامها الأول وأنطلاقهما وأيمان وأعيين عظم المسؤوليه وحاجه الهدف وضرورة الغايه ونبل الأتجاه .
              أما الزعامه في المجتمعات فلقد أصبحت بعد التطور العظيم في النمو الأجتماعي لا أثر لها في الحياة الواعيه . للتقدم لأن الزعيم فرد وقد تسوقه الفرديه الى تحقيق رغباته وسيطرة الأناعلى سلوكه الأجتماعي وما يرمي أليه من الخدمه العامه , ىذ لابد من أن تظهر أمثال هذة الرغبات التي لاتنطلي على المجتمع الواعي فتشل حياة التقدم المطلوبه .
              فأذا كان هناك نوع من الزعامات الناجحه فنجاحها لا يتوقف على شخصية الزعيم بقدر ما يتوقف على نضج المجتمع وتفهمه أهدافه .فالزعامه للشعب والحريه هي محك هذة الزعامات للشعب ,والقياده بيد هذه الكتل البشريه التي تستطيع أن تتفهم أغراضها عن طريق منظماتها الآخذه على عاتقها توجيهها نحو تفهم الحياة الحره والضروريه في مشاركاتها في الحل والبناء . لذا فالزعامه المجرده عن الفكره التي آمنت بها الجماهير والتي كان رجل التنفيذ فيها شخصية أرتفعت مخلصه للخدمة في أطار هذة الأفكار المدروسه بتقدم مستمر مع متطلبات الحياة .هي خنق للحريات وتقييد للمواهب , أذ أن المسؤوليه في حالة وجود الوعي لايمكنه الخروج عما آمن به لأنه سيقذف به تيار مجتمعه للهاويه التي هي نهايته بالأضافه الى أنه لم يصل الى مثل هذه المنزله الا بعد تجارب قاسيه وتضحيات جسيمه وعذاب عظيم بلورت فيه أهدافه وغاياته.
              وختاما أن العمل البنائي للأفراد تحت لواء المجتمع هوالضرورة التي تتطلبها الحياة من أفراد العاملين والله ولي القصد .
              المؤلف تأليف الأستاذ يعقوبالحمداني
              محتويات الكتاب
              ----------------------------------------
              صدير
              االأهداء
              مقدمة المؤلف
              الستجابات النفسيه
              السلوك
              مراكز السلوك
              الغرائز والسلوك
              الغرائز
              فرويد والغريزة
              مكدوكل والغريزة
              الغرائز والتربيه
              التربيه وتكامل الشخصيه
              الشعور وعلاقته بالسلوك
              الشعور
              مراتب الشعور
              اللا شعور
              السلوك والعاده
              سلوكنا الأجتماعي وقوانين التربيه والأجتماع
              سلوكنا الأجتماعي
              مراحل السلوك في حياتنا الحاضرة
              العمليات العقليه واللاشعورية
              قواعد العلاقات الأنسانيه الفعالة
              خاتمة المطاف
              مصادر البحث .....


              مصادر البحث
              1-محاضرات الدكتور أحمد حقي الحلي في التربيه وعلم النفس.
              2-أسس الصحه العقليه.للدكتور عبد العزيز القومي.
              3-علم النفس والتربيه الحديثه ,تأليف س.ل.برسي .فروبنسون ترجمة أحمد زكي محمد .
              4- المرجع في تاريخ التربيه تأليف بول منرو.ترجمة صالح عبد العزيز .
              5-علم النفس قديما وحديثا.تألف فرنسيس ايقلنج .ترجمه محمد عماد الدين أسماعيل وعطيه محمود هناد .
              6-علم النفس الأجتماعي والديني.تأليق الدكتور محمود حبالله .
              7-علم الأجتماع . تأليف الدكتور نقولا حداد.
              8- سارتر والوجوديه .تأليف رينيه ماريل البيريس, ترجمة سهيل أدريس .
              9-المعتزله .تأليف رينيه ماريل البيريس ترجمة سهيل أدريس.
              10-فلسفة المعتزله تأليف زهدي حسن جار الله .
              11- خوارق اللا شعور. الدكتور علي الوردي .
              12-مقدمة علم النفس الأجتماعي. تأليف الدكتور شارلب لوندل ,ترجمة الدكتور محمود قاسم والدكتور أبراهيم سلامه .
              13- فرويد . تأليف أدغاربيش , ترجمة تيسير شيخ الأرض .
              14- أزمة التمدن العربي . تأليف محمد وهبي .
              15- برتراندرسل . بقلم الكتور زكي نجيب محمود .
              16- في علم النفس . تأليف حامد عبد القادر ومحمد عطيه الأبراشي . ومحمد مظهر سعيد.
              17- علم النفس في الحياة العمليه .تأليف الدكتور برنهارت, ترجمة الكتور أبراهيم عبد الله محي .
              18-مجلة التربيه الحديثه العدد ألأول ,الثاني أكتوبرديسمبر سنة 1957
              19-تاريخ التربيه عبد الله منشوق .
              20-اللاهمنتي تأليف كولن ولسن, ترجمة أنيس زكي .
              طبع ونشر في مطبعة جمعية نشر العلوم الثقافيه
              ملاحظة ***
              دفع 20بالمائه من ريع الكتاب لمنعة الثورة الجزائريه
              وسلمت بيد المؤلف في لقاء مع المناضله العربيه جميله بوحيرد في القاهره في لقاء كبير أستضيقت هناك المناضله العربيه ولدينا صورة للحدث لاتتوفر لدينا حاليا . و الصورة في العراق ...
              تأليف الأستاذ يعقوبالحمداني
              ملاحظة المشاركه من أجل الشماركه نتمنى بلوغ النجاح في تقديم الموضوع والحصول على التقييم المعنوي أي كان نوعه
              وشكله ولا ندخل اللمشاركه من أجل التكريم المادي ,,.
              [/frame]

              تعليق

              • ركاد حسن خليل
                أديب وكاتب
                • 18-05-2008
                • 5145

                #8
                المشاركة السابعة
                [frame="12 10"]
                بسم الله الرحمن الرحيم
                الكتاب هو بعنوان مجمع البحرين لناصيف اليازجي




                هذا الكتاب الزخم الذي كنت اتلهف ولازلت في مطالعته رغم اني طويت صفحاته لصاحبه ناصيف بن عبد الله بن جنبلاط بن سعد اليازجي (25 مارس 1800 - 8 فبراير 1871)، أديب وشاعر لبناني ولد في قرية كفر شيما، من قرى الساحل اللبناني في 25 آذار سنة 1800 م في أسرة اليازجي التي نبغ كثير من أفرادها في الفكر والأدب، وأصله من حمص.
                ويحتوي هذا الكتاب على ستين مقامة يتنوع فيها الشعر والحكمة والالغاز والأمثال وقصص عربية ،بغير النظر الى الصور البانية والمحسنات البديعية بحيث تعتبر مائدة متنوعة للقارئ كلما أكل منها ازداد جوعا ولهفة
                وما لفت انتباهي وساعدني على المطالعة الهوامش التي جائت متميزة بما فيها من قواعد وفوائد وشرح وطرح ....
                و مجمع البحرين الذي أول مايلفت فيه هو العنوان المختصر والرائع والمقتبس من القرآن والذي ورد في سورة الكهف لاكن اقتباس المؤلف كان رائعا وفي محله فالقارئ لمقامته الاولى البدويه يحس انه في بحر من المعاني مليئة بالجواهر اللغويه و... ، حيث انها تدفعه الى بحر اخر لايقل عن البحر الاول هدوئا وثقلا
                وروعة فيذهب متجولا في المقامة الحجازية الى العقيقة فالشامية فالصعيدية فالخزرجية فاليمنية ...فالبغدادية ...فالمصرية ....
                ومن زار هذا الكتاب طبعا يشتاق لزيارته مرة ثانية بل يحتاج لأنه يعتبر مجمع البحار كما اراه انا ولانه يجمع بين مناظر رائعة ولا شك ان ثلاثة اشياء تريح النفس الا وهي الماء والخضرة والوجه الحسن وهذا ماجمعه مجمع البحرين
                ومما ورد في هذا الكنز
                أعوذ بالمهيمن الفياض ***** من أهل هذا الزمن المهتاض

                أسلمهم كالأرقم اللضلاض ، ***** يلسع كل قادم وماض!

                إياك يا صاح من التغاضي ***** واحذر ولو من طلحة الفياض

                من عاشر الخلق بخلق راض ، ***** وباشر الجفون بالإغماض

                هيهات أن يخلو من انقباض ، ***** ما الختل يا بني من أغراضي!

                لكن تصدى الظلم لانتهاضي ***** أن أدفع الأمراض بالأمراض
                والكثير من القصائد والابيات والاروع مافيها العواطل والمعجمة وعواطل العواطل ومعجمة المعجمة والالغاز والثراء اللغوي الذي يجمع في قصائد واقوال واسماء للحيوانات وبيوتها واكلها وشربها مراحل العمر ودرجات الجوع والحب والعطش
                وقوافي الضاد والظاء والطيور ، ومها تكلمت واختصرت لا استطيع ان اصل الى نقطة النهايه.
                [/frame]

                تعليق

                • خديجة بن عادل
                  أديب وكاتب
                  • 17-04-2011
                  • 2899

                  #9
                  الأستاذ : ركاد حسن خليل
                  شكرا على كل ما تقدمه من مجهود في هذه المسابقة الأدبية
                  ذات الهدف النبيل والجيد لتغذية الروح بما ينفع
                  من القلب تحية تقدير واحترام مكللة بالياسمين
                  تم التصويت .
                  http://douja74.blogspot.com


                  تعليق

                  • ركاد حسن خليل
                    أديب وكاتب
                    • 18-05-2008
                    • 5145

                    #10
                    المشاركة الثامنة

                    وصلت هذه القراءة إلى بريدي أمس 31/03/2012 الساعة 18:37
                    لذلك نضيفها كمشاركة في مسابقة هذا الفصل يناير -مارس كما وعدنا
                    [frame="10 10"]

                    كتاب
                    مَذَاهِبُ الأَدَبِ الغَربيِّ
                    وَمَظَاهِرُهُا فِي الأَدَبِ العَرَبيّ الحَديث
                    1.
                    تأليف

                    الدكتور سالم أَحمد الحمدانيّ

                    مطبعة التعليم العالي في الموصل
                    1409 هــــ = 1989 م .
                    يدرس الكتاب المذاهب الأدبية الغربية ، وأهم أعلامها ، ويحاول البحث عن مظاهر لتلك المذاهب في الأَدب العربي ، وهو كتاب شامل لتلك المذاهب ، مع التعريف بأعلامها وسماتها ومميزاتها ، لم يغفل الحالات والظروف التاريخية التي أحاطت بها ، فضلاً عن مقدمة عن التجربة الشعرية ، والجذور النقدية ، لا سيما عند أرسطو ، إذ يبتدئ الناقد بالحديث عن نظرية الأدب وعن التجربة الأدبية ويراهما خير مقدمة لدراسة المذاهب الأدبية التي تمثل الأدب في مراحل تاريخية معينة .
                    الكتاب يضم بين دفتيه ما يقارب من ( 327 ) صفحة ، طُبع في مطابع جامعة الموصل ، كان عملنا عرض ونقد ، نعرض ما ذكره الدكتور وبعدها نبدي ما لدينا من ملاحظات عن آراءه ودراسته ، ونأمل أن نكون قد وفقنا في ما نصبو إليه ، من تقديم مادة علمية مقتضبة ، لكتاب لا غنى لدارس الأدب عن مطالعته ، والغوص في ثناياه ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين .










                    الكلاسيكية
                    المذاهب الأدبية لم تكن وليدة الصدفة ، بل وليدة عوامل عدَّة منها الفكرية ، والاجتماعية ، والسياسية والفلسفية ، ولكلِّ مذهب مجموعة أسباب أدت إلى ظهوره ، وأول المذاهب هو المذهب الكلاسيكي ، والمذهب الكلاسيكي ولد بُعيد النهضة الأوربية ، وكانت النهضة الأوربية[1] أهمّ عامل في نشأة هذا المذهب ، وإِنَّ إحياء التراث الأوربي القديم ، واكتشاف أبعاده الفكرية والأدبية ، له أَثره في النهضة الأدبية ، ومن بواعث النهضة استقبال أوربا لمؤثرات شرقية إسلامية عن طريق الأندلس ، وقد حملت لها مؤلفات الفلاسفة القدماء ، لذا دأب الأدباء والمفكرون على بعث الثقافات القديمة وآدابها ، فهم عدُّوها مثالاً للكمال الأدبي ، بما فيه من أصالة وحيوية وخلود ، وقد أرست جماعة " الثريا " الفرنسية ، وفي مقدمتهم " رونسار[2]" النهج الكلاسيكي ، واعتمد كتاب " فنّ الشعر " لأرسطو مصدراً رئيساً للكلاسيكية ، كما يُعدُّ كتاب " فنّ الشعر " لبوالو إنجيل الكلاسيكية نظرياً وعلمياً ، والكلاسيكية مشتقة من الكلمة اللاتينية ( classis ) ، وكانت تعني وحدة الأسطول ، ثم أصبحت تدلُّ على وحدة دراسية ، ومنهم من قال إنَّها تدلُّ على الصف أي الطبقة ، وترجم المصطلح إلى العربية بالكلاسيكي والاتباعي والمدرسي والنمطي والتقليدي ، والأدب الكلاسيكي ؛ هو الذي يُنسجُ على غرار ما أُثر من أعمال أدبية خالدة ، وهذه الأعمال ؛ هي الأَدب الإغريقي واللاتيني .
                    خصائص الكلاسيكية

                    1- الفصل في المسرح بين المأساة والملهاة ، ولكلِّ نوع منهما موضوعاته ولغته وشخصياته وأهدافه ، فشخصيات المأساة من الطبقة العليا وربَّما من الآلهة أو أنصاف الآلهة - على عكس الملهاة التي تعتمد شخصيات من العامة - مع الميل إلى الدقّة في تصوير الشخصيات ، والمتانة في التركيب الدرامي . واللغة في المأساة لغة جزلة رصينة فصيحة غير نابية ، واحتقار لغة الشعب ، والاهتمام بلغة البلاط ، والطبقة المترفة ، وهذا لا نجده في الملهاة .

                    2- عدم الخروج عن قانون الوحدات الثلاثة ؛ وحدة الزمان ، ووحدة المكان ، ووحدة العمل .
                    3- القضاء والقدر له حضور بارز في المسرح ، وهو قوة خفيَّة لا قدرة للإنسان على إيقافها .
                    4- لا تعرض مشاهد العنف والقتل وسفك الدماء ، على خشبة المسرح ، مع تصوير بعض مشاهد الخوف ، التي تثير الشفقة .
                    5- الاعتماد على العقل والمنطق ، وجعل العقل أداة عليا في تفسير الأشياء ، والذي هو أساس فلسفة الجمال في الأَدب ، ممَّا أدّى إلى كبح الغرائز والعواطف ، وكانت المسرحية تشع بضوء العقل وتنفر من كلّ عنف أو إسراف عاطفي ، ومن ثمّ كان أدبهم أدباً جماعياً وشاملاً ثابتاً ، لا يتغير بمرور الزمان ، ولا باختلاف المكان .
                    6- الإعجاب بالأقدمين كان دافعاً إلى تقليد ومحاكاة آثارهم ، وكان على الأدباء الالتزام والخضوع للقواعد ، لاسيما الموروثة منها .
                    7- الملحمة هي الفن الأثير لديهم لأنَّها تجسد العظمة الحربية ، فهي ذات موضوع شهير ، وكذلك شخصياتها .
                    8- الفصل بين الأنواع والأجناس الأدبية .
                    وكان القرن السابع عشر الميلادي هو القرن الذي سادت فيه هذه القواعد سيادة مطلقة .
                    الكلاسيكية في الأَدب العربي:

                    كان بزوغ النهضة العربية على يد مدرسة الإحياء ، والتي أرسى البارودي أسسها ، وقد مثل هذا الاتجاه تياراً كلاسيكياً ، عربيَ الطابع ، لأنَّه لا يمتلك المبادئ الفلسفية التي قام عليها المذهب الغربي ، ولكنَّه يتفق معه في بعض الخصائص ، ويعد أحمد شوقي في مسرحه[3] ، وفي شعره على أَلسنة الحيوانات مؤكداً لهذا التيار الكلاسيكي ، فـــأكثر الأجناس التي عالجها في فنِّه الشعري كان متأثراً فيها بالمسرح الكلاسيكي ، وقد نظم المسرحية شعراً على غرار فعل الكلاسيكيين ، والتزم شوقي بوحدة الزمان ، وهو مبدأ كلاسيكي أيضاً ، وإِنَّ الموضوعات التي اعتمدها شوقي في مسرحه تاريخية ، تؤكد مدى التزامه بمبدأ مهم من مبادئ الكلاسيكية ؛ فــفي الشعر على لسان الحيوانات يظهر تأثره الواضح بـــــلافونتين ، ومن مظاهر الكلاسيكية في أدبه العقلانية التي تتحكم بمعظم نتّاجه . وفي سوريا ، فــقد تمثّلت الكلاسيكية في خليل مردم وشفيق جبري ، بينما كان الرصافي والزهاوي والجواهري في العراق.
                    ملاحظات:
                    1- كرر المؤلف كثيراً من خصائص المذهب ، مثل العقلانية في الأَدب ، فنراه قد كررها مرراً في مواضع عدة .
                    2- المؤلف يعزو الاهتمام بالملحمة إلى ما انمازت به من سمات ، لكن يبدو لنا أن اهتمامهم جاء مراعاة للقدماء الذي خير ما وصلنا من تراثهم هو الملاحم .
                    3- أهمل الجذور التاريخية في حديثه عن الكلاسيكية العربية ، فــلم يشر إن كانت توجد لها ملامح في شعرنا القديم أم لا ؟ ، ونرى أَنَّ التزام البحتري بعمود الشعر ، هو اتجاه كلاسيكي ، وكذلك موقف الآمدي إلى جانب البحتري كان موقفاً كلاسيكياً .
                    4- صبَّ الناقد جلَّ اهتمامه بــــ " أحمد شوقي " وكأنَّه قد خـلا الأَدب العربي الكلاسيكي من الأدباء الكلاسيكيين سوى شوقي .
                    5- يبدو أنَّ أحمد شوقي لم يتأثر بالأدب الفرنسي فقط ، فــفي الشعر على لسان الحيوانات ، كانت هناك جذور عربية ، لاسيما في كليلة ودمنة ، وهذا ما لم يذكره المؤلف .
                    - نرى أنَّ أَحمد شوقي كان كلاسيكياً في موضوعات مسرحه الشعري ، فــقد استلهمها من التراث العربي والمصري ، كما استلهم المسرح وأصوله من الغرب .
                    7- يرى المؤلف أنَّ قرار ليلى في مسرحية " مجنون ليلى " برفضها الزواج من قيس كان قراراً كلاسيكياً ، لكنَّ الحقيقة إِنَّه قرار واقعي حدث على أرض الواقع ، وهذا ما جاءت به كتب التاريخ ، وكتب الأَدب ، ولم يغيره الشاعر .
                    8- لم يذكر المؤلف المعارضات ( وهي أن ينظم شاعرٌ متأخر قصيدة على غرار قصيدة شاعرٍ سبقه ) ، وهي أهمّ ملمح من ملامح الكلاسيكية في الأَدب العربي ، وكان لها حضور كبير في أدب النهضة العربية .
                    9- يرى المؤلف أنَّ الأَدب الكلاسيكي العربي الشعري ، قد اتسم بصبغته التقريرية واقترابه من النثر لدرجة الانحدار والابتذال[4] ؛ فإن كان قوله صحيحاً ، فمثل هذا الشعر لا تنطبق عليه أهمّ سمة من سمات الكلاسيكية ، وهي القوة والجزالة في الأسلوب ، ثم إنَّ بعض الشعراء في قمة الشعرية العربية من أمثال الجواهري ، والبارودي نجدهما في قمة الرصانة والجزالة ، وقوة الأسلوب ، فأينَ هذان من الابتذال .
                    10- نرى أنَّ للعرب ملامح كلاسيكية خاصة بهم ، وهي استلهام الأَدب العربي القديم ، وبعثه في حلة جديدة ، واستعمال تلك اللغة الجزلة الرصينة التي كان يحفل بها الشعر العربي في أزهى عصوره ، وتلك الصور الشعرية الرائعة التي كان يعج بها شعر فحول العربية ، واستعمال الوزن الشعري من دون الخروج عليه ، وكتابة المطولات من القصائد ، ومعارضة القصائد التي خلدها أدبنا العربي .
                    الرومانتيكية:

                    الرومانتيكية مشتقة من الكلمة الفرنسية ( roman ) ، وتدلُّ هذه الكلمة في العصور الوسطى ، على قصة من قصص المخاطرات شعراً أو نثراً ، وتدلُّ على كلِّ ما يمت إلى عالم الفروسية بصلة ، وعلى الأَدب الوطني في تلك العصور ، لذا نهل الأدب الرومانتيكي من تلك العصور ، بدلاً من العصور القديمة ، التي اعتمد عليها الأَدب الكلاسيكي .
                    والرومانتيكية مذهب أدبي يمجد كلَّ شيء رفضته الكلاسيكية ، لذا فهي ترجع للطبيعة ، وتبعث فكر القرون الوسطى ، وهي بذلك معتمدة على إطلاق العنان للخيال والعاطفة في تناقضهما مع العقل والمنطق ، فمثّلت المغامرات الشخصية ، والفروسية ، ومغامرات الحبِّ ، ويبرز فيها الإنسان الحالم ذو المزاج الشعري المنطوي على نفسه ، الذي يتسم بالعاطفة والاستسلام للمشاعر والاضطراب النفسي ، الفردي ، الذاتي ، ومن هنا كان الشعر الغنائي الفنّ الأثير عندهم ، فهو أهمّ فنّ أَدبي اهتم به الرومانتيكيون .
                    عوامل نشأتها :

                    خلفت الرومانتيكيةُ الكلاسيكيةَ بحربٍ ضروس ، فــنشأت فوق رميمها ، وخالفتها ، وأنكرت قيودها ، وطمست أفكارها بأفكارٍ جديدة مناقضة ، وهناك عوامل عدَّة في نشوء هذا المذهب ، هي :
                    1- أظهرت الثورة الفرنسية الطبقة الوسطى " البرجوازية " ، لذا اتجه الأَدب إلى هذه الطبقة بعدما كان مهتماً بالطبقة الارستقراطية ، وتحول الشعر إلى المشاعر الفردية ، والغنائية ، والى المشاعر والعواطف والأحاسيس ، بعدما كان متسماً بالعقلنة ، فكانت الطبقة الوسطى جمهور الرومانتيكية ، الذي أخذ يطالب بأَدبٍ يصور مشاعره وأحاسيسه وآلامه ، وقد ساعدت الثورة على الاعتداد بالقيم الوطنية والقومية ، وما يتصل بهما من تراث .
                    2- ظهور كتاب ( اعترافات فتى العصر ) للشـــــــــاعر الرومانتيكي ( الفرد دي موسيّه ) ، الذي يمثل مرجعاً للأدباء الناشئين ، وكان يحمل الأحداث التي منيــــــــــت بها الثورة الفرنسية ، وهزيمة نابليون .
                    3- أَثرت التيارات الفلسفية والدعوات الاجتماعية في ظهور هذا المذهب ، وخاصة كتابات روسو ومنها ( العقد الاجتماعي ) ، الذي هاجم الإقطاع ، ودعا إلى الحياة في ظل الطبيعة ، وفي الحقيقة إنَّ روسو قد عدَّ النفس الإنسانية خيرة بفطرتها ، لكنَّ الشرور تصيبها من أيدي المجتمع ، لهذا دعا إلى الهروب من الواقع واللجوء للطبيعة ، كما هو المثال في قصته " هيلوبز الجديدة " التي كانت نموذجاً فريداً للحبِّ الثائر ، وانماز أسلوبها بالرقة والعواطف الهيّاجة ومشاعرها العميقة .
                    4- اكتشاف الأَدب الشكسبيري ، والإعجاب بقدرته الفذة في تصوير الأخلاق والعواطف الإنسانية ، وفي اكتشاف النوازع البشرية ، والتحليل النفسي لأبطاله .
                    5- ترجمة الكتب الشرقية التي كانت مفعمة بالأخيلة والعواطف والمشاعر ، وما فيها من أجواء أسطورية وعوالم عجيبة مدهشة ، وخاصة قصص ألف ليلة وليلة .
                    6- ظهور شعراء مدرسة القبور ، الذين عالجوا مسألتي الحياة والموت ، والخواطر التي تدور حولهما ، ممّا يبعث الحزن والأسى واليأس والتشاؤم .
                    خصائص الرومانتيكية الغربية:

                    نقض الرومانتيكيون مجمل خصائص الكلاسيكيين ، وإِنَّ واحد من أهمّ تعريفات الرومانتيكية هو ( إِنَّها حركة تمجد كلَّ شيء رفضته الكلاسيكية ) ، ومن ثمّ كانت مخالفة للمذهب الكلاسيكي ، وأهمّ خصائصها في الشعر :
                    1. الاهتمام بالشعر الغنائي ، فهو الشعر الأثير لديهم ، لما فيه من غنائية فردية ، فهو الأقدر على تصوير الفردية ، والشعور النفسي .
                    2. جسد الشعر ما في القلب من مشاعر ، وعواطف جياشة ، وأحاسيس ، وانفعالات ، فالشعر تعبير عن الأحاسيس ، لأنّ للعاطفة أَثراً فاعلاً في التعبير عن الأشياء ، وفي تصوير الأفكار ، ومنحها حيوية ودفقاً ، ممّا يؤدي إلى إضعاف دور العقل .
                    3. الاعتداد الشديد بملكة الخيال ، وعَدّ الخيال الخلاق هو وسيلة للمعرفة ، والخيال يحقق عنصر اللذة ، فهو ينقلهم من الحاضر المقيت إلى عالم متخيل حالمين به ، ممّا أدى إلى خلق الاغتراب الزماني والمكاني ، والســــــــعي إلى بناء عالم جديد ، أُطلق عليه اليوتوبيا الضائعة ، وانطلاقاً من الخيال قالوا ( هدفنا أن ترى العالم في حبة رمل ، والسماء في زهرة برية ) ، وقد ذهب بعضهم إلى أنَّ الخيال أصدق من العقل في الإدراك .
                    4. طالبوا بحرية الأَدب والأديب ، ولاسيما في القواعد التي تفرض عليه سلفاً ، ودعوا إلى الحرية الفردية ، والى التحرر الوجداني والعاطفي ، والفرار من سيطرة الأصول الفنية التقليدية للشعر ، ومن ثمّ كان أدبهم أدب ثورة وتحرر وانطلاق وحرية ، لذا برزت الأنا والذاتية و الفردية ، ومعها الهياج العاطفي ، والحساسية المفرطة ، وما ظهرت إلا ترجمة لانطلاق النفس وحريتها في التعبير .
                    5. النظرة التأملية للأشياء والطبيعة ، والبحث عمّا وراء الطبيعة ، وما وراء الموت ، ومن هنا دخلت النظرة التشاؤمية إلى أدبهم .
                    6. كان الأَدب الرومانتيكي أدب الحلم ، والوهم ، والعاطفة المرهفة، والميل إلى الحزن ، والتفكير في الموت والإغراق في الخيال والإيمان بالغيبيات الولع بالفروسية والإعجاب بالبطولة .
                    7. التفنن بالجانب الموسيقي في الشعر ، وخاصة بتنويع الأوزان والقوافي ، وقد كان الوزن المفضل لديهم هو " السونيت " ، ورغم هذا لكنَّهم فضلوا العناية بالمضمون على حساب الشكل.
                    خصائص المسرح الرومانسي:

                    إِنَّ الحرية الفردية لبُّ الرومانتيكية ، فتغلغلت في جميع فنونها - وفي نفوس أُدباءها - من شعرٍ ، ومسرح ، ورواية ، ونقد ، لذا تخلص المسرح الرومانتيكي من الوحدات الثلاث التي دعت والتزمت بها الكلاسيكية ، وأخذت شخصيات المسرح تجمع بين السادة والعبيد ، وظهر الخلط بين الجدِّ والهزل ، والخلط بين متناقضات الحياة المختلفة ، وكذا ظهرت الميلودراما ؛ وهي المسرحية القائمة على المزج بين المأساة والملهاة ، وكانت ذات طابع شعبي ، وظهر الطابع المحلي أي ظهرت الأماكن المحلية ، وكذا ظهرت على خشبة المسرح مظاهر العنف والقتل والرعب والفزع ، وكتبت المسرحية نثراً ، وما ظهر هذا كلُّه إلا بفضل الحرية التي كانت خير موجّه للرومانتيكية .
                    خصائص الرواية:

                    نظر الرومانتيكيون إلى الرواية على أنَّها عمل شعري ، بمقدار ما هو عمل تحليلي ، لذا على الروائي أن يجعل العاطفة مثالية ، ويصور الإنسان المثالي لا الواقعي ، فالعاطفة تربعت على عرش الاحترام والإجلال حتَّى في الرواية ، ولمَّا كانت النزعة الفردية والذاتية هي السمة الطاغية والسائدة في الأَدب الرومانتيكي ، كان لها حضور فاعل في تصوير الشخصيات ، ممّا أدى إلى ظهور الرواية الشخصية " الاعترافية " ؛ وهي ترجمة ذاتية للكاتب ذاته .
                    خصائص النقد:

                    الأَدب الرومانتيكي نِتَاج فردي ، وهو تجسيد للعبقرية الفردية ، فأصبحت مهمة النقد تفسير النتّاج الأدبي ، تفسيراً علمياً قوامه الدرس والتحليل ، بوصفه تجربة فردية تمتاز بالفرادة ، وقد عُني النقد بالذوق والجمال ، والذوق والجمال مسألة فردية لديهم ، وإِنَّ الجمال الذي يسعى إليه الأَدب الرومانتيكي هو العواطف الإنسانية ، لأَنَّ الفلسفة العاطفية هي الحجر الذي ارتكز عليه صرح الرومانتيكية ، فهي مصدر الرغبة والمعرفة ، ومن ثمّ كان انقيادهم للقلب منبع الإلهام ، ومواطن الشعور ومكمن الضمير ، ومن دعوتهم للحرية أَنَّهم ثاروا على كلِّ العقائد والأعراف والتقاليد ، فلم يبقَ شيء له قدسية أو احترام .
                    من مواقف الرومانتيكية:

                    1. الخصومة الشديدة للمجتمع ، وما فيه من تقاليد وأعراف ، والسخط من السياسة ورجالها ، والملوك ورجال الدين ، والقضاة ، ومهاجمة الكنيسة ، ومن ثمَّ الهجوم الحاد على المدينة والحضارة ، والدعوة إلى حياة الغاب .
                    2. الطبيعة مقدسة لديهم ، وهي أفضل من كلِّ القوانين والمعتقدات ، لذا كثر وقوفهم على المشاهد الطبيعية كالليل ، والنهر ، والبحر، والغابة ، وكثرت مناجاتهم لها .
                    3. اشترطوا في الحبِّ الصدق العاطفي ، وجعلوا المرأة ملاكاً طاهراً يسمو فوق كلِّ شيء ، وجعلوا لحبِّهم أجنحة تطير إلى عالم المثل .
                    أَهمّ أعلام المذهب:

                    تلمع في سماء الرومانتيكية نجوم ، أعلام أثروا الأَدب ، وطوروا النقد ، وعانقوا مجد سماء الإبداع والشهرة ، من أمثال ( فكتور هيجو ، ستندال ، شاتوبريان ، مدام دستال ، لامارتين ، الفرد دي موسيه ، سانت بيف ، كولردج ، وردزورث ، كيتس ، شيلي ، شيلر ، غوته ) .
                    الرومانسية في أدبنا العربي:

                    لم يعرف الشعر العربي سوى الغنائية ، فـأقدم ما وصلنا من التراث شعر وجداني المظهر ، غنائي الروح ، وهذا لا يعني عدم ظهور بعض الاتجاهات الأخرى إلى جنبه ، وفي طياته ، فقد ظهر – مثلاً - الشعر التعليمي في العصر العباسي ، لكنَّه ظل نزراً قليلاً ، أما في العصر الحديث فقد تشعبت الفنون الشعرية وإلى جانبها تفرعت الفنون النثرية أيضاً .

                    وبالرغم من أَنَّ بعض الاتجاهات في شعرنا القديم كانت ذات ملامح رومانتيكية واضحة ، كالغزل العذريّ ، والشعر الصوفيّ ، إلا أنَّ روح ذلك الشعر لم تسرِ بعيداً عن أصحابها ولم تتجاوز بيئاتها الخاصة بها ، لتكون ظاهرة واضحة المعالم[5] ، لكنَّ مطلع القرن العشرين ، كان إيذاناً بولادة الرومانتيكية في الشعر العربي ، وخاصة بظهور جماعة الديوان ، وجماعة أبولو ، وجماعة المهجر ، وقد اتسمت هذه الحركات التجديدية في الشعر العربي بــــ " العودة إلى الطبيعة والتغنّي بها ، وامتلاء الشعر بالحنين الطاغي ، وبالكآبة والنفور من حياة المدينة ، وبالثورة على التقاليد والشرائع ، وتقديس شريعة الحبِّ ، واتخاذ القلب إماماً وهادياً ، والغور في سيلٍ من الرموز الصوفية ، والثورة على الشكل ، والاهتمام بالمضمون ، وتحطيم القالب اللغوي الصلب واللجوء إلى التحليل ، والسير وراء الخيال إلى عوالم بعيدة " .
                    سمات الرومانسية العربية:

                    الطبيعة والتعبير عنها لم يكن عند العرب غاية ، بل وسيلة يعبرون بها عن هواجسهم ، وأحلامهم ، ويجسدون في مظاهرها عواطفهم المشبوبة ، وأحاسيسهم المتدفقة ، ووجدانهم في الحبِّ والعشق ، وهي تخفف عن آلامهم وأوجاعهم ، ونلاحظ ذلك جلياً في قصيدة " المساء " لخليل مطران ، وقد لجأ الشاعر إلى الطبيعة ليبث لها حزنه وقلقه وحيرته ، فهي المأوى والأم الرؤوم ، التي تخفف عنه مأساته بعدما ضاق من ظلم الناس وضجيج الحياة ، ومن مظاهر التغنّي بالطبيعة ، مخاطبة الليل ومناجاته ، وكانت " نازك الملائكة " عاشقة الليل بامتياز ، والليل مرتبط عندها ارتباطاً وثيقاً بتجاربها الصادقة .

                    إِنَّ تجربة الحبِّ عند الرومانسيين العرب تجربة مثالية ، وهي أقرب إلى عالم اليوتوبيا والخيال الحالم ، لذا لا نستغرب أن وجدنا معظم التجارب قد فشلت ، لأنَّ حبَّهم مثالي بعيد المنال ، ويسمو على الابتذال ، فالفشل أمر متوقع في تجاربهم العاطفية ، وقد كانت تجربة " إبراهيم ناجي " من أخصب تجارب الحبِّ العاثر ، وقد مثلها في شعره كلِّه ، وكذلك كانت تجربة " أبي القاسم الشابي " ، ونطالع ذلك أيضاً مع " أبي شادي " فنرى قوله في قصيدة عاثرة العواطف :
                    أماناً أيُّها الحبُّ سلاماً أيُّها الأسى

                    والحبُّ لديهم اتسم بالطهارة ، ونجد ذلك جلياً في قول أبي القاسم الشابي :
                    عذبة أنت كالطفولة كالأحـــ لام كاللحنّ كالصباح الجديد

                    ومما اتسم به شعرهم الغربة[6] ، وكانت من أعمق التجارب في شعرهم ، وتمنوا نهاية غربتهم بالموت ، وفيه يكون الخلاص ، حسب تصورهم ، وعند شعراء المهجر كانت هذه السمة واضحة في شعرهم ، وقد مزجوا بين الغربة النفسية ، والحنين إلى الوطن ، ونجد عند " علي محمود طه المهندس " ألم الاغتراب في قوله : " أنا أشكو من مرض الاغتراب ، يخيل إليّ أني من قوم آخرين أو من بلد آخر فأنا لا أزال اشتاق وأحنُّ إلى الوطن النازح ، ويشتد بي النزوع أحياناً فأتمنى لو أطير " . هذه المقولة شهادة على ألم المعاناة الذي كان يعيشه الشعراء ، ويصور إحساسهم بالغربة ، النفسية والمكانية .

                    جدد الرومانسيون في الشكل الشعري ، وخاصة في القافية ، فظهر الشعر المرسل ، ودعوا إلى التحرر منها نهائياً[7] ، كما جمعوا عدّة بحور في قصيدة واحدة ، وكذلك كانت لهم دعوات إلى الشعر الحرّ ، واظهروا القصص الشعري ، واتسمت أساليبهم بالبساطة والحيوية ، وهدفت إلى تحقيق الإيحاء بما ينسجم مع الطابع الغنائي والذاتي ، وكانت لهم قدرة فذة على اختيار المفردات والألفاظ التي تحقق الرشاقة والرقة التي أكسبت أساليبهم نوعاً من اليسر والسهولة ، وصارت البساطة والرقة عماد القصيدة الرومانسية ، وإِنَّ أهمَّ ما حققه الرومانسيون هو دعوتهم إلى وحدة العضوية في القصيدة ؛ والمقصود بها وحدة البناء والتركيب ، ووحدة الموضوع ، وتكامل الجو النفسي الذي يعبر عنه الشاعر .
                    الملاحظات

                    * يبدو أنَّ التطرف الكبير الذي اتجه إليه الأَدب الكلاسيكي ، هو ما جعل نفوس الأدباء تسأم منه ، وتحاول الثورة عليه ، وهذا هو السبب الرئيس في نشوء المذهب .
                    * أطال المؤلف في خصائص المذهب إطالة لا فائدة منها ، لأَنَّه في الحقيقة بُني المذهب الرومانتيكي على أهمّ دعامتين ، وهما العاطفة الفردية ، والخيال الحرّ .
                    * المذهب الرومانتيكي الغربي لم يكّن الاحترام والتقديس للأعراف والمعتقدات والدين ، وإنّما كان يدعو إلى الحرية ، فلم يبقَ عندهم شيء مقدس ، ويبدو لنا من خلال التأمل في سمات أَدبهم نرى أَنَّهم قد أعطوا شيئاً من القداسة للعاطفة والقلب والطبيعة .
                    * نجد من بين شعراء العربية القدماء ممّن أتسم شعره بالرومانسية ، من أمثال عنترة ، الذي صور شعره نوازع نفسه العاشقة والثائرة ، وفروسيته ، ومشاعره وعواطفه تجاه محبوبته ، ونراه في إحدى قصائده يخاطب بعض الحيوانات ويسقط عليها مشاعره[8] ، والى جانب عنترة هناك الشعراء المتيمون ، من أمثال المرقش الأكبر والمرقش الأصغر وغيرهم ، أما الشعر العذريّ فغنّــــــــــي عن التــــعريف ، ولم يجد من يطالع دواوينهم سوى الغزل وتصوير المشاعر والعواطف الجيّاشة والأحاسيس الرقيقة ، بلغة سهلة ، سلسة بعيدة عن الغموض ، تاركة التكلف ، وكذا نجد هذه السمات في شعر عباس بن الأحنف ، أما الشعر في بلاد الأندلس ، فاغلب الشعراء ذابت مشاعرهم ، واتحدت نفوسهم مع الطبيعة ، اتحاداً تاماً على طريقة المفهوم الرومانتيكي لشعراء الغرب[9] ، يبدو أنَّ ما أوردناه يعتبر جذوراً عربية خالصة للرومانسية .
                    * هناك من النقاد العرب القدماء من دعا إلى وحدة القصيدة ، فالرومانسيون لم يأتوا بجديد من هذه الناحية ، بل أحيوا قاعدة نقدية عربية ، وربَّما تعود إلى أرسطو .
                    * نرى أنّ المؤلف قد أهمل التتبع الحقيقي لجذور الرومانسية في الأَدب العربي ، ويبدو من الضروري لمن يبحث في مظاهر المذاهب في الأَدب العربي عليه أن يبحث عن الجذور للمذهب ، وهذا لم يفعله صاحب الكتاب .
                    * نرى أنَّ هناك ملاحظة مهمة ، ينبغي أن يتنبه لها دارس المذاهب الأدبية أو مظاهرها في الأَدب العربي ؛ وهي ألا نخضع الأدباء العرب وندرجهم تحت مذهب من المذاهب الأدبية ، بل ندرج نتّاجهم الأدبي ، فربَّما يكون نتّاج الشاعر كلاسيكياً في مرحلته الأُولى ، وخاصة عندما يكون مقلداً لأعلام تراثه الأدبي ، ثم يكون رومانسياً ، أو واقعياً ، أو غير ذلك من المذاهب الأخرى ، بعدما يجعل لنفسه مذهباً خاصاً يعرف به ، فلم تكن هناك أَيَّة إشارة من لدن المؤلف إلى ذلك وبيان المراحل التي مرَّ بها النتّاج الأدبي لشاعر ما .
                    * يرى ابن سنان أَنَّ " الشعر هو كلام مخيل مؤلف من أقوال موزونة متساوية وعند العرب مقفاة " ، فنتساءل أ يخلو الشعر يوماً من الخيال ؟ ... وإذا كان الجواب بــــلا يخلو منه ، عندها نعود ونفسر الخيال ، الذي كان السمة الرئيسة والأساسية لدى الرومانسيين ، تفسيراً آخر ونوضح علاقة الخيال بنتاجهم الأدبي ، فالخيال عندهم خيال لا حدود له ، وهو الذي يتحكم بالشاعر لا عقله ، فهو مختلف عن الخيال المعقول الذي يتسم به الأَدب بعامة .
                    الواقعية:

                    الأصول اللغوية لكلمة الواقعية ، تعني أَنَّها ( شيء ) ، وفي اللغة اللاتينية تعني الشيء المحسوس ، وهي بوصفها تياراً أو مذهباً أدبياً ، تعني المعالجة الموضوعية للواقع ، دون تدخل من الكاتب ، وقد أطلقها الغربيون على كلِّ نتاج فكري يعتمد الحياة الإنسانية ، والطبيعية ، وكلّ ما يدخل في نطاق الإدراك الحسّي ، والواقعية هي الأمانة في تصوير الواقع ، والتمثيل الموضوعي للواقع الاجتماعي المعاش .

                    يرى الواقعيون أنَّ الفنّ ينبغي أن يكون ممثِّلاً دقيقاً للعالم الواقعي ، فيدرس الحالات والعادات الاجتماعية من خلال الملاحظة الدقيقة ، والتحليل المرهف بطريقة موضوعية خالية من العواطف والنزعات الشخصية .
                    لم تثبت الواقعية مذهباً أدبياً إلا من خلال مجموعة من كبار الكتاب والنقاد الغربيين ؛ مثل ( ستندال ، بلزاك ، فلوبير ، موباسان ، سانت بيف ، تين ) ، وجاءت مقدمة الكوميديا البشرية لبلزاك إعلاناً عن هذا المذهب . وكان من أسباب نشوء الواقعية هي دعوة النقاد إلى إدخال المحسوس إلى عالم الفنّ ، فيلاحظ أنّ للتطور العلمي والفلسفي أثر في نشوئها ، وكذلك إسراف الرومانتيكيين في أحلامهم ، وعواطفهم ، وتهويماتهم ، مما أدى إلى انكماش الناس عنهم والسعي إلى مذهب بديل ينظر إلى معايشة الواقع والحقيقة .

                    الخصائص:

                    كانت الواقعية على اتجاهات مختلفة ، بسبب اختلاف نظرة كلّ منها إلى الواقع ، وتفسيره وفق نظرتها الفلسفية ، والفكرية الخاصة بها ، فظهرت الواقعية النقدية التي ترى الحياة في أصلها شرّاً ، والواقعية الاشتراكية التي نظرت إلى المجتمع نظرة ملؤها التفاؤل ، أما الواقعية الطبيعية فقد استعانت بالتجارب والأبحاث العضوية والفسيولوجية لمعرفة الحقائق العميقة للإنسان والحياة .

                    خصائص الواقعية النقدية

                    * نظرتها الشمولية للإنسان والحياة ، وابتعادها عن المغــــالاة في تصوير الإنسان وحالاته النفسية ، فلا تصوره كائناً منعزلاً ، بل هو كائن متفاعل مع المجتمع ، ومن هنا عارضــــت الرومانتيكية في نظرتها الفردية .
                    * اعتبار القوى الاجتماعية هي التي تتحكم في المجتمع ، وهي التي تؤثر في مظاهر الحياة اليومية.
                    * معارضة تمجيد الذات ، والحدّ من الاعتماد على الخيال والوهم ، واستبعاد الإبهام في الرمز .
                    * التأكيد على الموضوعية في الأَدب ، إذ يرون أنَّ الأَدب ينبغي أن يأخذ تفاصيله من الحقائق الاجتماعية المعاصرة ، لا من الخيال ، ولا من التاريخ ، لذا كانت موضوعاتهم عامة غير فردية ، من عالم الواقع بعيدة عن الخيال والأحلام ، فكان الأبطال في أعمالهم الأدبية من الطبقة الوسطى ، أو من العمال ، ومن هنا صوروا مآسي الشعوب وآلامها ، ومن ثمّ كانت الرواية تعتبر وثيقة اجتماعية ، يضع الكاتب فيها صورة للعصر والواقع بكلِّ ما فيه من عظمة وتفاهة .
                    * الأَدب الجميل عندهم ؛ هو الذي يعرض العوامل الجوهرية في المجتمع ، فعلى الأديب أن يكشف بصدق بالغ ، وحسٍّ صادق ، ونظرة شمولية لكلِّ ما يراه في المجتمع ، فإِنَّ جوهر العمل الأدبي هو التحليل الاجتماعي ، وتصوير التجربة الاجتماعية بأَمانة ودقة .
                    * كان جلّ اهتمامهم بالنثر ، وهو الفنّ الأثير لديهم ، وخاصة الرواية ، إضافة إلى القصص والمسرحيات النثرية ، وربّما يعود السبب في ذلك إلى حاجة الشعر الملحة إلى حالات انفعالية ومواقف عاطفية .

                    الواقعية الاشتراكية

                    عند ارتباط الواقعية بالماركسية الشيوعية ، نتجت الواقعية الاشتراكية ، ومن ثمّ ارتبطت الواقعية بالدولة والحزب ، بعدما كانت خاصة بالفنِّ والأدب والفلسفة ، لذا كانت نظرتها إلى المجتمع مختلفة عن النظرة النقدية ( الانتقادية ) ، فهي تتفاءل في نظرتها إلى المستقبل ، وترفض اليأس من الخير ، والسبب هو انبعاثها من السياسة التي تحكم المجتمع ، لذا كان عليهم أن يزرعوا في نفوس الشعب الأمل ، والتفاؤل في قادم الأيام ، فهي تدعو إلى إصلاح ومعالجة ما في المجتمع من فساد وانحلال ، وتسعى إلى تصوير الخير والأمل ، وكيفية الوصول إليه .
                    من أَهم سماتها :
                    o تسعى إلى إخضاع الفنّ للعقيدة السياسية ، وتسعى إلى إعادة بناء الواقع وفق نظرتها الفلسفية .
                    o اتسمت بالشعبية ، لأنَّها مرتبطة بالطبقة الكادحة ، فهي فنّ الشعب ، لذا فوظيفة الأَدب عائدة إلى الشعب في كافة أحواله ، ونشاطاته ، وهمومه ، وتطلعاته ، وآماله ، فالأديب لا يكتب لنفسه ، بل للمجتمع ، ومن ثمّ فلا يسمح للأديب بأَنَّ يهرب من الواقع ، كما فعل الرومانتيكيون .
                    o نظرت إلى الإنســـــــان على أَنَّه قادر على تخطي الأزمـــات والعقبات التي تعترض سبيله ، نحو التقدم .
                    o الفنّ الأثير لديهم المسرح ، وأكدوا على فضيلة المسرح التربوي .
                    o النقد عندهم يصب جلّ اهتمامه على المضمون ، فالفنان يجسد الواقع ويرسم صورة الحياة .

                    الطبيعية

                    مذهب أَدبي ، اشتق اسمه من لفظة الطبيعة ، ظهر في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر ، امتاز هذا المذهب بالدقة في تصوير الواقع ، وبتحديد طبع الإنسان ، وتحديد مصيره تحديداً دقيقاً ، ويعد الفرنسي ( أميل زولا ) الأب الشرعي له منذ نشر مقدمة الطبعة الثانية لرواية ( تيريز راكان ) ، لذا قال بعض النقاد : " الطبيعية مذهب زولا بما تتضمنه من معالجة علمية وتتطلبه من فلسفة مادية حتمية ، في حين كان من سبقه من الواقعيين أقل وضوحاً واتقاناً في ولائهم الفلسفي " ، لذا فقد أصبحت الطبيعية مذهباً متكاملاً في أبعاده الفكرية والفنية ، وقال زولا عن كتاباته : إنَّ اللوحة التي ارسمها ، تحليل بسيط لشريحة من الواقع كما هو .

                    الطبيعية في الأَدب ، هي إمعان شديد بالواقعية ، وقد لجأ الكتاب في كتاباتهم إلى تجارب علم الطبيعة ، وأَخذ قوانين علم الوراثة ، وخاصة من كتاب كلود برنار ( مدخل إلى دراسة الطب التجريبي ) فمن هذا الكتاب استقى " زولا " منهجيته المعروفة وطبقها على الحياة البشرية ، ترفده فيها قدرة فذة على التحليل العميق الدقيق ، فالطبيعية هي ثمرة من ثمار التطور العلمي ، ومن ثمّ اتجهوا في تصوير الإنسان إلى تحليل عوالمه الطبيعية و الفيزيولوجية الجنسية فيه ، وقد رافقهم النجاح في تصويرهم للعالم الفكري التافه ، للإنسان ولغرائزه السافلة التي تؤدي دوراً هاماً في كلِّ تصرفاته ، لكن هذا أدى إلى قطع صلاتهم بالتيار الواقعي .

                    خصائصها

                    تميز المذهب الطبيعي بميزات انفرد بها هي :

                    1. إدخال الطرق العلمية في الأَدب ، واستخدام المنهج العلمي ، حتَّى مع الحياة الفكرية والعاطفية ، فتوثقت الصلة بين الأَدب والعلوم الطبيعية .
                    2. التحليل الدقيق لعيوب المجتمع ، كما يحلل عالم الطبيعيات ، ومن ثمّ عُني الواقعيون بالبيئة الاجتماعية ، وكان هدفهم هو وضع الناس أمام مرآة الحقيقة ، كي يتداركوا أخطارها ، ويعملوا على إصلاحها .
                    3. رفضوا فكرة أنَّ الأَدب إبداع بل قالوا : بالوثائقية الدقيقة في العمل الأدبي ، ومن ثمّ كان أدبهم كثيراً ما يعتني بالوصف الذي يدرس الإنسان في كلِّ دقائق حياته العامة والخاصة ، لذا تغلب على أدبـــهم الحقيقة .
                    4. رفضوا أن تكون لقصصهم نهايات واضحة ، ورفضوا إظهار عواطفهم فهم حياديون .
                    5. استخدموا اللغة الدارجة ، وربّما الألفاظ النابية ، لأَنَّ أبطال أعمالهم الأدبية في الأغلب من المنحلين ، ومن الشواذ ، لذا كانت لغتهم واضحة غاية في الوضوح والسهولة .

                    الواقعية في الأَدب العربي

                    لما كان المذهب الواقعي يعنى بتصوير الواقع ، وتفسيره ، فالشعر الجاهلي كان سجلاً صادقاً للحياة العربية في ذلك العصر ، ونجد في العصر الأُموي لاسيما في غزل عمر بن أبي ربيعة أَنَّه قد صور لهو وطرب بيئة الحجاز ، وفي العصر العباسي نجد كتاب " البخلاء " ، وخمريات أبي نواس كيف نقلت لنا صورة صادقة عن ذلك المجتمع ، أما في الأَدب الحديث فقد تجلت الواقعية في الكتابات والأعمال النثرية ، لاسيما عند طه حسين في " الأيام " ، وعند توفيـــــــــــــــــق الحكيم في " عودة الروح " ، وعند أمين الريحاني في " قلب لبنان " ، وشغلت قضية الريف الروائيين ، لما فيها من صراع طبقي ، وتصوير ظلم الإقطاع ، وكذا تصوير الواقع الريفي وعاداته ، ويبدو أنَّ الريف مادة ثرية يستقي منها الأدباء مادتهم ، وقد كان رواد الواقعية الاشتراكية ينتمون إلى الطبقة المتوسطة ، أو إلى الطبقة الكادحة ، ومنهم عبد الرحمن الشرقاوي ، وسعيد مكاوي ، وغيرهم وكانوا متأثرين بالكتاب الروس ، وكان بعضهم منحازاً سياسياً إلى التيار الماركسي ، ويعد نجيب محفوظ أَبرز كتّاب الرواية العربية ، الذين تتجلى في كتاباتهم الواقعية ، مع عمق التجربة ، وهو أفضل من وفر في كتاباته المتطلبات الفنية لهذا الاتجاه .

                    أما الواقعية في العراق ، فــــهي اقترنت مع الأَدب القصـــــصي الذي أبدعه مـــــــــحمود أحمد السيد ، ويعد " السيد " رائد القصة العراقية ، وكانت قصصه بداية للقصة الفنية الواقعية ، وكان متأثراً بالأدب الروسي الذي صور حركة الصراع الاجتماعي ، فكانت واقعيته ساذجة وواضحة ، وظهر اتجاه الواقعي السياسي ، ومثله " عبد الرزاق الشيخ علي ، وغالب طعمة فرحان ، ومهدي صقر " ويعدُّ " ذا النون أيوب " أباً شرعياً للواقعية السياسية في القصة العراقية ، وكذلك كان الريف العراقي مادة ثرية في أدب القصة وتعدُّ رواية محمود أحمد السيد " جلال خالد " في طليعة الأعمال التي تعرضت للريف العراقي ، في اتجاه نقدي ساذج .



                    الملاحظات

                    * تقسيمات المؤلف تجعل القارئ يصيبه الشطط ، فلا نرى أنَّ هناك مبرراً مقنعاً على أن تدرس اتجاهات الواقعية منفردة ، يمكنه أن يشير إلى هذه الاتجاهات ، وإلى أعلامها ، ونتاجها ، ومن ثمّ يذكر خصائصها وسماتها ، ومظاهرها في الأَدب العربي ، لذا فــنرى من المستحسن أن تدرس السمات المشتركة بين هذه الاتجاهات ، من دون تفرقتها .
                    * الواقعية في الأَدب العربي ، لم تكن مقتصرة على النثر ، بل كان للشعر حظ من الواقعية ، وخير مثال قصيدة الكوليرا ، لنازك الملائكة ، فهي واقعية بامتياز ، وغيرها من نتَاج الشعراء .
                    * شعر بدر شاكر السياب كان في بعض مراحله واقعياً ، وخاصة عندما كان يدافع عن الفلاحين والمظلومين ؛ أي عندما كان شيوعياً ، ومن قصائده : حفار القبور ، والأسلحة والأطفال ، وأنشودة المطر ، نجده واقعياً ولا غبار في ذلك .
                    * الأَدب العربي القديم ، قيل عنه ديوان العرب وهو سجل مفاخرهم ، وحافظ مآثرهم ، فهو قد سجل الواقع العربي بأمانة ودقة ، فيمكننا أَن نعده أَدباً واقعياً .
                    * يبدو لنا أَنَّ الأَدب الإسلامي ، كان واقعياً فقد سجل الأحداث التي رافقت الدعوة الإسلامية ، بدقة تامة ، ولم يغفل تصوير دقائق النزعات التي حدثت في المجتمع القَرشي وما حوله ، بكلِّ ما فيها ، و نرى في ذلك العصر دخول الشعر سوح الحرب ، فــكانت عليه مهمة التصوير فصورها ونقلها لنا ، وقد حفظ لنا الكثير من الوقائع ، ولولا الشعر لضاعت أحداثٌ كثيرة جاهلية وإسلامية ، بل ونجد اليوم في كتب السير ولاسيما سيرة ابن هشام كثيراً من النصوص الشعريّة ، فإِن دلَّ هذا على شيء فإِنَّما يدلُّ على واقعية الأَدب الإسلامي .

                    الرمزية

                    الرمزية مذهب أَدبي ، يتخذ من الغموض والإيحاء أسلوباً في التعبير عمّا تكّن به النفس ، ومن ثمّ قالوا : إِنَّ كلَّ أدبٍ غامض ؛ هو أدب رمزي ، وهناك من يرى أنَّ الرمز وما فيه من غموض وإيحاء وتعقيد هو من الايجابيات المحببة في الأَدب الحديث ، ويعرف الرمز بأنه إنابة شيء عن شيء آخر ، أو أنّه يوحي بشيء آخر أو تفاعل بين شيئين أحداهما ظاهر والآخر خفي ، أو هو ما يعني أو يومئ إلى شيء عن طريق علاقة بينهما ، والرمزية هي ردة فعل بوجه الواقعية والطبيعية ، وقد عرفها " مالارميه " أنها تأمل الأشياء ، وصورة تتصاعد مع الأحلام ، والأحلام تنيرها ، وهي أخذك الشيء وإظهاره تحت نقاب الغرابة والوهم ، فيستنبط استدراجاً بوساطة الإيحاء .

                    ممهدات الرمزية

                    * تحجر القوالب التي تمسك بها البرناسيون ، والخطابية التي التزم بها الرومانتيكيون ، والمباشرة الشديدة التي احتفظ بها الواقعيون ، من هنا نشأت إحتجاجاً على هذه المذاهب .
                    * تقدم البحوث النفسية التي أكدت على فلسفة اللاوعي .
                    * اتجاه الغربيين إلى الأديان ، والفلسفات الروحية ، وما فيها من الألغاز والرموز إذ تنقلهم إلى عالم ما وراء الحسّ والغيب ، ومن ثمّ فإنَّ الاتجاه الغيبي هو من أقوى دعائم الرمزية الغربية .
                    * عدَّ بعض النقاد " وليم شكسبير " عاملاً مهماً من العوامل التي مهدت لظهور المذهب الرمزي ، لاسيما في مسرحية " مكبث " التي تضمنت كثيراً من الرموز .
                    * الأَدب المشرقي كان له أثر مساعد في نشأة المذهب ، ولاسيما الغزل العذري والأدب الصوفي العربيين.
                    * ظهور الأقطاب الخمسة للرمزية في الأَدب الغربي ؛ " بودلير" الرائد الأول ، و " مالارميه " المنظر الحقيقي لها ، و " فرلين " الذي على يديه كان ميلاد الشعر الحرّ ، و" مورياس " الذي أرسى الحجر الأساس لـــهذا المذهب .
                    * موسيقى " واجنر" لها أَثر كبير في نشوء المذهب ، وكانت تضوع بجو روحاني شفيف بلغ حدّ التصوف والانعتاق من الجسد .

                    وقد اعتمد " رامبو" اللاوعي تداعي الصور في بناء القصيدة ، وظهر بيان " مورياس" عام 1886م وقد عرّف بأهمِّ مبادئ الرمزية التي تؤكد على أهمية اللفظة في الاختلاجات النفسية وعن قيمتها الصوتية في تحقيق النغم الموسيقي ، وأكد بصورة خاصة على أهمية الإيقاع ، وقد حقق فرلين في الشعر الرمزي ظاهرتي الإيحاء والظلال ، وحاول استغلال الموسيقى اللفظية وحساسية الأصوات للتعبير عن الحالات النفسية .

                    أسباب انهيار المذهب

                    1. رفضه للواقع ، وإيمانه الشديد بأَنَّ غاية الشعر هي الوصول إلى صفاء كصفاء الموسيقى ، لذا فهو أدب الهروب من الواقع ، واللجوء إلى عالم أكثر غموضاً .
                    2. بُعد فنّهم عن الجمهور ، لما فيه من إبهام وغموض ، يصل أحياناً إلى حدّ الانغلاق ، ومن ثمة فقلَّ جمهوره ومتذوقوه ، فكان ذلك إيذاناً بأُفول المذهب .
                    3. تخلي مؤسسها الكبير " مورياس" عنها .
                    4. وصمت الرمزية بالتشاؤم ، واعتلال الذوق .

                    خصائص الرمزية

                    في الشكل : كانت لهم عناية فائقة بالشكل الفنّي ، وما ينجم عنه من أفكار ، وقد تحققت العناية هذه من قبل كبار الرمزية على مستوى التنظير والتطبيق أيضاً .
                    في اللغة : لا تستطيع اللغة العادية إيقاظ الشعور الذي تحققه الموسيقى ، إلا بتآلف لفظي موقع ، وليس من شأن الأَدب التصوير والدقة ، كما الأَدب البرناسي ، بل تصوير مبهم الذي يعبر من ظلال النفس ، ويغور في أعماقها ، فالشعر ليس تصويراً للحقيقة ونقلها ، وإنَّما هو حالة نفسية تبدأ وتستيقظ حين ينتهي تقليد الواقع ونقله ، فالهدف لا يتحقق إلا بوضع هالة من الغرابة حول الحقيقة ، ومن ثمّ اتسم شعرهم بالإيحاء والغموض ، والإبهام والتعقيد ، ويرى " بودلير" أنَّ الشعر يتطلب مقداراً من التنسيق والتأليف ومقداراً من الروح الإيحائي أو الغموض ، لأَنَّ جوهر الشعر ليس وصف الشيء ولا الإفصاح عنه ، وإنما هو إيحاء وحلم وإيقاع .

                    ومن عنايتهم باللغة الشعرية تخليهم عن الخطابية ، والسعي إلى ما يومئ ويوحي ويحقق الظلال ، فجعلوا الألفاظ كالجواهر في العقد ، فتنبعث من إيقاعها وألوانها أضواء وأصوات ، وأنغام ذات دلالات نفسية ، ونظروا إلى اللغة على أنَّها كيان موحد داخل العمل الإبداعي ، ولم ينظروا إليها على أنَّها مفردات وألفاظ ، وقد عطلوا في اللغة القيمة الدلالية ، واسقطوا بعض الروابط الأسلوبية ، وبعض حروف الوصل ، وترك علامات الترقيم ، كلّ هذا ليزيد المعنى غموضاً ، وإِنَّ مهمة الشاعر الرمزي ابتكار اللغة بغية الوصول بها إلى عالمه المنشود .

                    الموسيقى

                    إنَّ تحقيق عنصر النغم في القصيدة الرمزية هدف جدير بالعناية والاهتمام ، لأَنَّ موسيقى " واجنر " من أهمّ الأسباب التي انبثق عنها المذهب ، وقد وضع " مالارميه " على الأصوات كاهل العمل الشعري ، وإِنَّ حقيقة الرمز تكمن في الإيقاع الموحي ، أو في تركيب أصواتها وانسجامها وربَّما تغدو القصيدة كلُّها رموزاً ، حيث تتآزر الأصوات والصور ، والإيقاعات لتوحي بجو قريب من جو الموسيقى ، وتأتي أهمية الموسيقى من النشوة الجمالية المتفردة التي توحي بها الموسيقى ، ولا تستطيع أن تدلَّ عليها الكلمات ، ومن ثمّ استخدمت الموسيقى كعنصر فني لتحقيق الإيحاء في القصيدة ، ويقوم الأداء عند " بودلير" على الموسيقى ، والإيحاء عنده وليد نغم داخلي بعيد في قرارة النفس ، و" فرلين " يدعو إلى العناية بالسبك الموسيقي ، والنغم ليس غاية في ذاته وإنَّما هو وسيلة للإيحاء ، لأَنَّ الموسيقى هي أقوى وسائل الإيحاء ، أَما " واجنر" فقد جعل من الموسيقى مثالاً أعلى ، فهو طورها وأغناها بالرموز الأسطورية ومدَّ الجسور بينها وبين الشعر والرقص وجعل من موسيقاه عالماً موحياً .

                    الإيحاء والإبهام والغموض

                    قصد الرمزيون في فنِّهم الشعري الإيحاء والإبهام والغموض قصداً ، وذلك ردّاً على الخطابية والمباشرة والوضوح ، ويقصد الرمزيون بالإيحاء " نقل الحالة النفسية من الكاتب إلى القارئ " ، ووسيلة الإيحاء لدى الرمزيين هي الكلمات التي تكون مركز إشعاع الإيحاء ، وقد أكد الرمزيون على أنَّ الوضوح والمنطق ليسا من مهمة الشعر ، لأَنَّ الشعر بجوهره إيحاء وإبهام وليس إيضاحاً ولا تفسيراً ، والإبهام عندهم ليس عيباً وإنَّما هو كالعينين الجميلتين ، تلمعان من وراء النقاب ، ومن ثمّ كلّ تجربة غامضة قد دخلت حيز الإبداع ، وإِنَّ من الجميل أن يلبس الشعر ثوباً من الغموض ، وتترك للقارئ لذَّة اكتشاف المعنى المراد .

                    نظرية العلاقات وتراسل الحواس

                    صاحب هذه النظرية " بودلير" ، وتنطلق هذه النظرية من رؤية الرمزيين إلى أنَّ الانفعالات الخارجية تبلغنا عن طريق الحواس في الألوان والأصوات والعطور ثم أنَّها قد تتشابه وقعاً في الوجدان ، فتوقظ فيه شعوراً متشابهاً ، وتجاوزت نظرية العلاقات ميدانها في مجالي الطبيعة إلى تراسل الحواس واختلاطها وتعبير أحدها عن الآخر ، ويبدو سببه تمرد الرمزيين على الواقع ، و نفورهم منه ، ومن قوانينه ، ومن أمثلة تراسل الحواس ؛ الضوء الباكي ، الأسماك الفضية ، القمر الشرس ، الصمت البخيل .

                    الشعر الحرّ

                    ارتبط الشعر الحرّ في الغرب بالمذهب الرمزي ، وقد كان بيان " مورياس " الذي دعا فيه إلى حرية الشاعر في النظم تمهيداً لحركة الشعر الحر ، وهو من الابتكارات المهمة للمذهب الرمزي ، ويرجع سبب اللجوء إلى الشعر الحرّ إلى الثورة على الشكل القديم خصوصاً ما فيه من الأوزان القديمة التي لم تعد تتسق مع إحساسهم الجديد بالفنِّ الشعري ، ومع تطلعهم إلى نموذجه الذي يهدف إلى الإيحاء بدلاً من المباشرة ، لذا فيعرف الشعر الحرّ بأنه الــخروج على المألوف الفني الذي شعروا فيه بالملل .

                    المسرح الرمزي

                    لم ينجح الرمزيون في المسرح مثلما نجحوا في الشعر الغنائي ، لأَنَّه أقرب إلى الموضوعية والمباشرة منه إلى الرمز والإيحاء ، واعتمدوا كثيراً في المسرح على الإضاءة والمخرج ؛ كي يهيئ الجو النفسي للمتلقي ، ومن ثمّ كان نجاح المسرح يعتمد على المخرج أكثر من اعتماده على النص .
                    الصورة الرمزية
                    اتسمت الصورة الفنية بالعمق والصفاء والكثافة والصقل ، وكانت غامضة مبهمة ، والصورة ذاتية لا موضوعية ، وهي مثالية تتصل بالعواطف والخواطر العميقة الدقيقة ، اتسمت صورهم بالغموض ، فهم قليلاً ما يحددون معالمها ليتركوا للمتلقي متعة المشاركة في فهم الصورة ، وفي شعرهم تتآزر الصور مع الأصوات والإيقاعات لتوحي بجو يقرب من جو الموسيقى ، وعلاقة الصورة بالرمز هي علاقة الجزء بالكل إذ هي علاقة الصورة الجزئية بالصورة الكلية المركبة التي تنبع من الإيحاء والإيقاع والأسلوب .

                    خصائص عامة

                    ابتعدت الرمزية عن الواقع المادي والمنطقي ، وعدَّته زائفاً في الدلالة على الحقيقة ، فهو قناع يوهم الإنسان ويخدعه ، والرمزية ذات نزعة صوفية تأملية تتحرى جوهر الأشياء وتغور إلى أعماقه البعيدة ، وغايتهم في ذلك تحقيق الجمالية بغض النظر عن الأخلاق والاجتماع ، فالحقيقة الفنّية هي أسمى من الحقائق الأخلاقية والاجتماعية .

                    الرمزية في الأَدب العربي

                    الرمزية التي زخر بها الأَدب العربي القديم هي ذات دلالة مختلفة عمّا هي الآن فهي تعني النأي عن الحسِّ والاختباء وراء الحسّ في أعماق النفس البشرية ، أي الــتعبير غير المباشر عن المعنى ، [ وربَّما نجد بعض الملامح الرمزية في القصيدة الجاهلية ، بل هناك كثير من الدراسات التي تعدّ المقدمة الطللية مقدمة رمزية في القصيدة الجاهلية ، ومن تلك الدراسات مثلاً دراسة الدكتور محمود الجادر والدكتور حسن جبار ] وممَّا يلحظ من الرمزية وملامحها هو عدم ترابط القصيدة الجاهلية منطقياً[10] ، ونلحظ رمزية جيدة في سجع الكهان وما فيه من إيحاء وإبهام وغرابة ، ونجد في العصر العباسي لاسيما في أدب " التشيع والتصوف " ، الذي عبر أصحابهما عن أفكارهم برمزية بعيدة عن الوضوح معانقة الغموض ، وإِنَّ أبا تمام خير من مثل الرمزية في العصر العباسي ، لأنَّه اعتمد على الألوان وعلى الاستعارات الشاذة البعيدة ، وفي النثر لاسيما كليلة ودمنة ورسائل إخوان الصفا وألف ليلة وليلة والمقامات وقصة حي بني يقظان كلّ هذا يحمل دلالات رمزية غنّية ، والأَدب الصوفي الذي اتخذ من الغزل بالمرأة ومن وصف الخمرة رمزاً لعشقهم الإلهي وشوقهم إلى خالقهم ، أما رسالة الغفران لأبي العلاء فعنصرها الرمزي يتمثل بالخيال الجامح فضلاً عمّا فيها من تستر وخفاء ومن خلفية نفسية وهواجس عميقة .

                    في العصر الحديث

                    إِنَّ بوادر الرمزية في العصر الحديث كان أول ظهور لها في سوريا و لبنان ، وكانت البوادر الأُولى تمثل ترجمة لأعمال الرمزيين الغربيين ، ثم نشر بشر فارس قصيدته إلى "زائرة" ، ثم كانت هناك محاولات جبران ، ومن النقاد من وضع جبران موضع الريادة للمذهب الرمزي ، وقال مارون عبود : إنَّ جبران هو مؤسس مدرستين في لغة الضاد الرومانتيكية والرمزية ، ونحن نرى جبران في مطولته المواكب التي صور حياة الغاب ، في كثير من أبياتها ما يدلُّ على وعي الشاعر بنظرية تراسل الحواس وقد جاء فيها :
                    هَل تَحَمّمتَ بِعِــــــطرٍ وَتَنشــــــــــّفتَ بِـــــنُور

                    وَشَربتَ الفَجرَ خَمراً في كُؤوسٍ مِن أَثِير

                    فجبران هنا يعتمد في تكوين بعض صوره على تراسل الحواس بحيث يتحول كلّ من العطر والنور من نطاق الشمِّ والإبصار إلى نطاق حاسة اللمس ، كما يتحول الفجر من حاسة الإبصار إلى حاسة الذوق ، ومن النقاد من يرى أول ما ظهرت الرمزية في شعر " أديب مظهر" الذي أُعتبر الرائد الأول للرمزية العربية الحديثة .

                    الأسباب التي دعت شعراء العرب اللجوء إلى الرمزية

                    1. العوامل النفسية التي نتجت عن ردّ فعل في نفوس الكتاب والشعراء ، جرّاء الكبت السياسي والاجتماعي الذي كانت تعيشه الأقطار العربية ، وقد أشار السّياب إلى ذلك مبيناً السبب في استخدام الرموز الأسطورية والدينية في شعره .
                    2. أَثر جبران في أدب الفترة التي لحقته ، وقد تأثر جبران من قبل بكتّاب الرمزية من الفرنسيين .
                    3. إعجاب الأدباء العرب بالآداب الغربية واتجاهاتها المذهبية وشعورهم إزاءها بالنقص والتأخر ، لذا نظروا إلى أدبهم نظرة احتقار وازدراء ، من خلال الاطلاع على الأَدب الغربي ونجد ذلك واضحاً في أدب سعيد عقل وبشر فارس .
                    4. دُهش الأدباء العرب لما في الأَدب الرمزي من سلاسة الموسيقى وعذوبتها وتدفق الصور وحيويتها وخصوصية اللغة وجماليتها لما فيه من تشابك غريب بعيد عن التحليل العقلي والتقدير المنطقي فنرى في الشعر الرمزي العربي يتحقق في ظلها شكل من أشكال الرمزية وخصائصها كالموسيقى واللون والإيحاء والإبهام والغموض وتراسل الحواس والصورة .

                    العلاقات وتراسل الحواس

                    من الظواهر التي حققت جمالية خاصة في الشعر الرمزي العربي ، العلاقات وتراسل الحواس التي عُدَّ " بودلير" أباً لها ، فنجد ذلك عند " أديب مظهر" في تقريبه لمدركات الحواس المتناقضة أو توحيدها عن طريق التجريد وائتلاف المحسوس والمجرد في كلّ واحد في قوله :
                    فالليل سكران وأنفاســـــــه تلفح أجفاني وأحلامي

                    تنساب حولـــــــي زفرة زفرة حاملة أكــــــــفان أيامي

                    بالله هـــــــــــــــــــــلا نغم قاتم على بقايا الوتر الدامي

                    تفر أحلامي على نسمة نحيلة معسولة المبسم
                    فقد اسكر الشاعر ليله ، وجعل له أنفاساً لا تلفح الأجفان فقط بل وتلفح الأحلام أيضاً ، وقد اشتبك المادي بالمعنوي وارتبط اللـــــون بالصوت " نغم قاتم " ، ونجــــد تراسل الحـــــواس وتوحيــــــــد مدركات الحسّ عند " سعيد عقل " في قوله :
                    كان في ذلك الزمان على تل صغير مخضوضر الجنبات

                    مبدع قالت الجديد يداه ينثر الياسمين في الكلمات

                    فاليدان تشيران وتلمسان ، والكلام ذو وقع على السمع ودوي صوتي و بصري فإذا به ينضح شذًى ياسميناً ينثر هنا وهناك .

                    وتزدحــــــم في شعر نزار قباني الصورة الرمزية وتتداخل فيها الحواس لتثير إيحاءً عميقَ الأثر لدى القارئ ، ونجد هناك صلات بين المحسوس وغير المحسوس والمادي بالمعنوي في قوله :
                    ثغرها ابتهال

                    يهمس تعال

                    إلى انعتاق أزرق

                    لا تستحي فالورد في

                    طريقنا تلال

                    وشوشة كريمة

                    شحيحة الظلال

                    ورغبة مبحوحة

                    أرى لها خيال

                    على فم يجوع في

                    عروق السؤال




                    الموسيقى

                    وممَّا له صلة بنظرية تراسل الحواس ، ظاهرة التناغم الصوتي ، وطغيان العنصر الموسيقي ، الذي أولاه الرمزيون الغربيون عناية فائقة ، وعند التمعن في بيت " سعيد عقل" :

                    لملمت لحظها فلم تلق إلا نثر أمالها على الآمال

                    نجد سيطرة صوت اللام - حرف اللام - في البيت سيطرة تامة ممّا أعطى البيت عنصراً نغمياً ، لأَنَّ حرف اللام من الأصوات المذقلة الخفيفة ، ويعدُّ " سعيد عقل " من أقدر شعراء العرب إحساساً بالأصوات ودقّة توزيعها في البيت الشعري ، فهو يحقق التجاوب بين الأصوات ، ونجد أَنَّ العنصر الموسيقي يتحقق بشكل واضح وجميل في أنشودة السياب " أنشودة المطر" ، والتي سيطرت في كلِّ مقطع من مقاطعها حروف معينة ففي المقطع الأول نجد اتساق موسيقي متأتي عن وقع الألفاظ وتكرارها وتكرار بعض الحروف ، وتعدّ هذه الظاهرة في شعر السياب من أَبرز ظواهره الفنية التي أدهشت النقاد والدارسين الذين درسوا شعره .

                    و قصيدة " الجندول " لعلي محمود طه المهندس من أفضل القصائد التي حققت هذه الميزة الصوتية ذلك لأَنَّ هذا الشاعر صاحب لغة شعرية تبعث النشوة في نفس مستمعيها وقارئيها بألفاظها البراقة ، وما تحمله من رنين يبدع فيه ويفتن ، ومنها قوله :

                    أين من عينيّ هاتيك المجالي يا عروس البحر، يا حلم الخيال

                    أين عشّاقك سمّار اللّيالي أين من واديك يا مهد الجمال

                    موكب الغيد و عيد الكرنفال وسرى الجندول في عرض القنال

                    بين كأس يشتهي الكرم خمره و حبيب يتمنّى الكأس ثغره
                    فالأغنية كلّها تتشح بهذه الألفاظ الخلابة التي تسحر النفس وتدغدغ المشاعر وتدخل القلب دون استئذان بما تحدثه من نغم حلو حققه هذا البناء الانسيابي البسيط .

                    اللون

                    اللون عنصر مهم في الصورة الرمزية التجريدية ، وهو واحد من أطراف نظرية التراسل المعروفة يعبر به عن المحسوس حيناً والمسموع والمشموم حيناً آخر ، ويعد " سعيد عقل " من أكثر الشعراء اهتماماً باللون فهو يستخدمه عنصراً إيحائياً وليس اللون عنده من المدركات البصرية بل يثير الإيحاءات والمعاني المبهمة وفي شعر السياب نجد أصداء اللون في قوله : حمراء أو خضراء من أجنة الزهر .

                    وفي قصائد محترقة يوظف إبراهيم ناجي اللون الأزرق فقال :

                    زرقاء حيرها البلى كسحابة بغمامها

                    وفي قصيدة "المساء" لإيليا أبي ماضي نجد اللون الأصفر في قوله :

                    السحب تركض في الفضاء الرّحب ركض الخائفين

                    و الشمس تبدو خلفها صفراء عاصبة الجبين



                    إنَّ اللون عنصر أصيل في القصيدة الرمزية ، وهو طرف مهم من الأطراف التي تتشكل منها نظرية تراسل الحواس .

                    الصورة

                    احتفل الرمزيون العرب في تشكيل الصورة ، فمنهم من اتخذ من الإيحاء وسيلة للكشف عنها وسعياً إلى تحقيق هذا الهدف فاستخدموا ظاهرتي التجسيد والتشخيص ، لتصوير حالات تجريدية لا تقوى اللغة المباشرة على الوفاء بها ، ومن ذلك قول " بشر فارس" :
                    جرح بغى حتَّى ثمل وصار ينكر الملل

                    لما عصى علي فار فضت أساليب الحيل

                    شدوته فرط يأســــــــي بضمادة الأمل
                    فليس الجرح جرحاً واقعياً وإنَّما تجسيم رمزي لحالة وجدانية ، وهو جرح في خفايا النفس والروح وليس في أغلفة الجسد ، و ممّا امتازت به الصورة الرمزية خروجها الجريء على الذوق العربي المعروف في استعارات وتشبيهات ، سعياً إلى تشكيل الصور الغريبة والمبهمة والموحية ، كما فعله الغربيون ، وفي قصيدة إلى " زائرة" للشاعر بشر فارس التي افتتحها بقوله :

                    لو كنت ناصعة الجبين هيهات تنقصني الزيارة

                    فقد جنح الشاعر في رسم صورها إلى الإغراب والالتواء والتعقيد بما أثاره الالتباس على الدارسين الذي تعرضوا لدرسها وتحليلها ، وكي يحقق شعراؤنا الرمزية اسقطوا بعض الروابط الأسلوبية بوصفها وسيلة كشف وإيضاح ، وكذا قدموا وأخروا وحذفوا على وفق ما يتطلبه منهم الإيحاء واستخدموا العبارات المهجورة ، وتخلصوا من الجمل التعليلية والتفسيرية ، وحذفوا الفواصل من التشبيه ، وخرجوا على قواعد اللغة ، وبفعلهم هذا يبدو أنَّهم سلكوا الدرب تقليداً للغرب من دون أن يجعلوا لأنفسهم خصوصية ، وهو عيب فهو لا يحقق الغموض والإيحاء والإبهام بقدر ما يسئ إلى العربية وإلى اللغة الشعرية التي يمكن أن تحقق لهم سمات جمالية دون خرق قواعدها ودون ضرب لمبادئها .

                    الرمز الأسطوري

                    اتخذ بعض الشعراء الأسطورة تأكيداً رمزياً للتعبير عن تجاربهم الشخصيّة ، وعن موقفهم إزاء عصرهم ، ويعد السياب الأكثر استخداماً للأسطورة وأعمقهم في الولوج إلى جوهرها وربطها بالحياة المعاصرة ، وتعددت أساطير السياب ما بين بابلية وفينيقية ويونانية وصينية ، واتخذ من الصليب رمزاً للتضحية والفداء ، وربَّما كان رمز أيوب أَقرب الرموز التي عبرت عن جهده وصبره إزاء ظروف مرضه وغربته التي عانى منهما في السنوات الأخيرة من حياته وممَّا قاله في قصيدة "سفر أيوب " :
                    لك الحمد مهما استطال البلاء

                    و مهما استبد الألم

                    لك الحمد أن الرزايا عطاء

                    ....

                    تمزّق جنبيّ مثل المدى

                    و لا يهدأ الداء عند الصباح

                    و لا يمسح اللّيل أوجاعه بالردى

                    و لكن أيوب إن صاح صاح

                    لك الحمد أن الرزايا ندى

                    ملاحظات

                    * يموت الأَدب وتتلاشى قيمته الفنية والإبداعية في المباشرة ، ولا يكاد يخلو فنّ أو أدب من الرمزية بصورة من صورها المختلفة ، وتبقى لكلِّ فنّ ولكلِّ عصر ولكلِّ بيئة سماته الخاصة التي تُعكَس على الأَدب ، فمن هنا كان أمر طبيعي في أن نجد اختلافاً بين الرمزية كمذهب أَدبي غربي وبين الرمز والرمزية في الأَدب العربي قديماً وحديثاً .
                    * هناك ظاهرة شعرية عربية يمكننا أن نسميها ظاهرة رمزية ، هي الأَدب الصوفي ، إذ قال الشعراء أنفسهم برمزيته ، وقام بعضهم بشرح شعره ، كما فعل ابن عربي عندما شرح ترجمان الأشواق ، إضافة إلى ذلك كان لهم معجمهم الخاص بهم .
                    * إنَّ الإيحاء وظلال المعاني ، ومعنى المعنى ، عبارة ترددت وقال بها الناقد العربي الكبير عبد القاهر الجرجاني ، وأشار إلى المعنى الخفي الذي تدلُّ عليه الألفاظ دلالة خفية .
                    * المؤلف في حديثه عن خصائص الرمزية لدى العرب ، يجعل لكلِّ سمة شاعراً ما فللموسيقى السياب ، وللرمز الأسطوري السياب أيضاً ، دون أن يلمَّ بالشعراء الذين كثرت في شعرهم مثل هذه السمات التي أضحت سمة واضحة في شعرهم .
                    * بعض النقاد المعاصرين قالوا برمزية المقدمة الطللية في القصيدة الجاهلية ، ومنهم الدكتور عبد الله محمود الجادر وغيره ، ولم نجد أيّة إشارة إلى ذلك من المؤلف .
                    * تناول المؤلف كلّ سمة على انفراد ، ونرى هذه التفرقة بين السمات تقضي على جمالية النصوص ، فنرى من الأفضل أن يذكر كلّ السمات في كلّ موحد ، ثم يأتي بالأمثلة ويستخرج من الأمثلة هذه السمات شرحاً وتوضيحاً .
                    البرناسية

                    سميت بهذا الاسم نسبة إلى ( البرناس ) وهو جبل يوناني ، تدعي الأسطورة أنَّ آلهة الشعر كانت تسكنه ، ويقوم المذهب البرناسي على فلسفة واضحة تعتمد المثالية الجمالية والواقعية والتجريبية التي سادت في أوربا ، إنَّ العمل الفني ذو خصائص جوهرية ، أهمّ ما يميز هذا المذهب من غيره من المذاهب ، هو دعوته إلى الفنِّ الخالص ، ممَّا أطلق عليه " الفنّ للفنّ " وكان " فكتور هيجو" قد أطلقه منذ زمن بعيد لكن لم تجد التربة الخصبة ضمن مذهب أَدبي خالص ، ويعزى قيام المذهب إلى ردِّ الفعل الناتج عن تقدم العلوم الطبيعية وإلى رفض البرناسيين نقد الواقعيين للحياة والمجتمع ، ومعارضتهم الرومانتيكيين في غلوهم الذاتي في الشعر ، ومن ثمّ سعوا إلى جعل الشعر فناً موضوعياً وغاية في ذاته همّه نحت الجمال أو خلقه ، واستخراجه من مظاهر الجمال في الطبيعة أو خلعه على تلك المظاهر ، فالفنّ ليس وسيلة وإنَّما هو غاية .


                    خصائصها

                    1. تجريد الفنّ من أهدافه الاجتماعية والخلقية والدينية ، والعناية بدلاً من ذلك بجمال الشكل وتثقيفه ونحته وصوغه ، والاهتمام بجمال الإيقاع ، فالشعر صناعة هندسية فنية بعيدة عن الإحساس والشعور .
                    2. الصفاء والتهذيب والدقة في الصياغة العبارة والعناية بالوزن الشعري ، والإحاطة بخصائص الموصوف الخارجية .
                    3. الاعتداد بالتراث اليوناني القديم ، ونزعتها ضد المسيحية وفي هذا تقترب من الكلاسيكية ، لأَنَّ المذهبين ينهلان من منهل واحد هو التراث .
                    4. الاهتمام المفرط بالشكل أدى إلى إهمال المضمون الشعري ، فالشعر ليس صدى لمشاعر الفرد والمجتمع ، ولا لمشاغل العصر ، كما لا يكون تعبيراً عن انفعالات الشاعر الخفية .
                    5. ابتعدوا عن السهولة في النظم والتصوير ، وحاولوا الوصول إلى أعلى مستوى ممكن بعيداً عن وعظية الشعر وأهدافه التعليمية والخلقية ، وإنما الشعر غاية في ذاته .
                    6. موضوعاتهم الشعرية منتقاة من خارج الذات كمناظر الطبيعة ومآثر الحضارات السابقة من أحداث وتماثيل وصور لتعرض عرضاً لا يختلط بعواطف الشاعر .
                    7. الصورة لدى البرناسيين مجسمة ، وتجسيمها شبيه بلوحات الرسم أو بأجزاء التمثال ، ومنها ينفذ الشاعر إلى صميم الصور الكلية ، لتصوير فكرته في موضوعه .
                    8. الوضوح والقوة في شعرهم ربَّما متأثرين بالكلاسيكية ، والدقّة في التصوير ، والاهتمام بالتفصيلات الجزئية ، ومن ثمّ كان الشعر وصفاً خالصاً ينحت صوره وأخيلته وجمالياته من اللغة كما ينحت التمثال .
                    9. جمهورهم من الصفوة الرفيعة من المجتمع ، وهو جمهور مذواق للجمال عاشق له ، ومن ثمّ ابتعدوا عن سواد الشعب وأهملوا ما يتصل بحياته وهمومه .
                    10. رفضوا فكرة الإلهام ، وميزة الشعر عندهم أن يعمم الشاعر مشاعره الخاصة في صور موضوعية يلتزم فيها الحيدة التامة .

                    السريالية

                    مذهب ما فوق الواقع ، وهو يعتمد الآلية النفسية البحتة ، ووسيلة للتعبير عن اللاشعور وارتياد عالم اللاوعي ، ويرفض أيَّة رقابة للعقل ، كما يرفض أي اهتمام بالفنِّ أو اعتداد بالأخلاق ، ويحلق المذهب وراء حدود الواقع المألوفة ، ذلك لأَنَّ من سمات المذهب تغليب العقل الباطني على العقل الواعي في عملية التجارب الإبداعية ، ومن ثمّ فالسريالية ثورة عنيفة في ميدان الأَدب والفنِّ ، ويحاول السرياليون تسجيل الكبت النفسي في لوحات أو قصص أو مسرحيات غامضة مضطربة ، أو هاذية محمومة ، وربَّما هم أنفسهم لا يدركون لها معنى ، ولا يحددون لها هدفاً ، وهي بالرموز والأحاجي أَقرب منها إلى الأدب والفنِّ .

                    ويدعي السرياليون أنَّ هدفهم هو هدم ما في الحياة من واقع ليبنوا بدلاً منه عالماً جديداً ، وممَّن مهدوا للمذهب الأديب والناقد " أندره بريتون " في بيانه السريالي وما تلاه من أشعار وقصص وأعمال نقدية ، وممن أسهموا أيضاً " رامبو وبودلير" فأُخِذَ عن "رامبو" الاستهانة بالأوزان والقوانين الشكلية ورمزية الكلمة ؛ فاللفظ يشير إلى الشيء دون أن يفسره ، ويبدو أَنَّ المذهب انطلق بصورة مباشرة من الدادائية التي نادت بتحطيم الأساليب القديمة للتعبير واكتشاف أساليب جديدة ، فــالكلمة لا تعني شيئاً بل إنَّ معناها يكمن في صوتها ، وإِنَّ الفكرة تصاغ في الفم وليس في العقل ، ومن الممهدات أيضاً تزعزع القيم الأخلاقية ، وانفلاتها من عقال العقل ، إثر الحرب العالمية الثانية ، وكذلك كان لفلسفة " فرويد " أَثر في قيام هذا المذهب ، وهذه الأسباب أدت إلى زعزعة ثقة الإنسان بكلِّ ما حوله من قيم وقوانين ، ممّا جعل نتاج المذهب يهدم ويتمرد على كلّ شيء .

                    خصائص المذهب

                    1. وفقت ومزجت بين أشياء ليست بينها صلات أو علاقات متداولة أو مستعملة ، وهذه عودة إلى حالة التشويش البدائي ، ومن ثمّ أنكروا الواقع ورأوا فيه محدودية ضيقة وقتل للإبداع ، مقارنة مع رحاب عالم الخيال اللامحدود .
                    2. قوام الشعر عندهم رفضه للمنطق وتحرره من طغيانه ، والشعر الجيد هو ما يعبر عن التفاهة والغرابة التي يعارضها المنطق ، والشعر الجيد أيضاً هو الذي يتناول العجيب والمدهش .
                    3. رفضت العناية بالوصف الخارجي ، وتعمل على تحطيمه ، لبعد صلته عن النفس .
                    4. تدعو إلى الثورة المطلقة والتمرد التام والتخريب ، ولا ترى وسيلة إلى ذلك سوى العنف .
                    5. الاعتداد بالحلم وهو ليس الحلم الواعي ، وإنَّما هو الحلم بالفانوس السحري الذي يضيء الأستار ويوهجها وهو ليس غاية في ذاته ، بل للتدليل على الواقع النفسي .


                    عند العرب

                    اقتفى عدد من شعرائنا المعاصرين آثار السرياليين في شعرهم ؛ أمثال عبد الوهاب البياتي ، وخليل حاوي وصلاح عبد الصبور و أدونيس ، ومن الأَدب السريالي قول البياتي :
                    شيد مدائنك الغداة

                    بالقرب من بركان فيزوف ولا تقنع

                    بما دون النجوم

                    وليضرم الحبّ العنيف

                    في قلبك النيران والفرح العميق

                    والبائعون نسورهم يتضورون

                    جوعاً وأشباه الرجال

                    عور العيون

                    في مفرق الطرق الجديدة حائرون

                    ففي القصيدة صور مبعثرة لا يربط بينها رابط وينعدم فيها السياق وكأنها شريط من الصور شبه الهاذية .

                    ملاحظات العامة

                    * لم يذكر المؤلف أهمّ أعلام المذهبين ، ولم يعطنا فكرة عنهم ، ولاعن دواوينهم الشعرية ، وإنما اكتفى بالتنظير فقط .
                    * لم يذكر ما هي الفنون التي اهتم بها كلا المذهبين ، أم كان الإهتمام على الشعر فقط ؟
                    * لم يتطرق إلى الشعر العربي ، وهل توجد فيه ملامح للمذهب البرناسي أم لا ؟
                    * يمكننا أن نعدّ قصيدة النثر العربية ضمن الأَدب السريالي ، لأنَّها متسمة بأغلب السمات الخاصة بهذا المذهب .
                    * قد غاير المؤلف منهجه الذي اتبعه في الفصول السابقة ، إذ يتناول الموضوع تناولاً شاملاً ، ففي الفصل الأخير قلّ توهج قلمه ، فعمد إلى الاختصار ، والإيجاز المخل .
                    * المؤلف وقف أمام ما يطرح وما يسرد من أراء ، كمؤرخ أو كاتب تاريخي وليس كناقد ، فهو يحشد لنا الآراء دون أن نعرف رأيه ، وهل هو مؤيد أم رافض ؟ وهل لديه ملاحظات نقدية حول هذه المذاهب أم لا ؟
                    * لم يتضمن المذاهب الأدبية جميعها ، فـأهمل المؤلف ذكر الدادائية ، ولم تكن أية إشارة إليها .
                    * حجم الفصول لم يكن قريب من المنهجية ، فالرمزية لوحدها أكثر من ثمانين صفحة ، والفصل الأخير يجمع مذهبين في أقلِّ من عشرين صفحة .
                    * لم يذكر المؤلف الآراء التي ترفض وجود المذاهب الأدبية في الأَدب العربي ، ولم يشر إلى الآراء التي ترفض وجود بعض المذاهب في الأَدب العربي .
                    * الجذور العربية التي تحمل سمات المذاهب لم يعنِ بها المؤلف إعتناءً كافياً .
                    * في الختام نرى أن هذا الكتاب كتاب مهم وجامع لكثيرٍ من خصائص وأعلام المذاهب من الغربيين ومن العرب ، فيعتبر إضافة جيدة للمكتبة العربية .


                    الهوامش :
                    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                    [1] - عَصْر النَّهْضة حركة ثقافية كبرى بدأت في إيطاليا أوائل القرن الرابع عشر الميلادي، ثم انتشرت في كل من إنجلترا وفرنسا وألمانيا وهولندا وأسبانيا، وبلاد أخرى، وسرعان ما انتهى عصر النهضة تدريجيًا في القرن السابع عشر الميلادي.

                    [2] -شاعر فرنسي يُلقب بأمير الشعراء، كان زعيمًا لجماعة مؤثرة من الشعراء الفرنسيين تتكون من سبعة شعراء عُرفوا باسم نجوم الثرَّيا .

                    [3] - بالرغم من خروجه على قانون الوحدات الثلاثة ، ينظر : الأَدب تعريفه – أنواعه - مذاهبه ، د. انطونيوس بطرس .

                    [5] يبدو لدارس الأدب أنَّ الأدب الصوفي ، والغزل العذري واضحاً في سماته وخصائصه ، وشكل ظاهرة ذات خصائص معرفة ، لا كما يقول المؤلف .

                    [6] -يبدو للدارس أنَّها الغربة النفسية وليس الغربة المكانية .

                    [7] - لكن هذه الدعوة لم تجد تربة خصبة ، بل كانت محاولات هنا وهناك .

                    [8] - في قصيدة يا طائر البان ، ومطلعها : يا طائِرَ البانِ قَد هَيَّجتَ أَشجاني وَزِدتَني طَرَباً يا طائِرَ البانِ
                    [9] - ينظر : في الأَدب الأندلسي ، جودت الركابي : 134 .

                    [10] - وان عدَّه بعض الدارسين عيباً ، لكن القصيدة الرمزية الحديثة تبدو للناظر العجل غير المتأمل أَنَّها متفككة .

                    [/frame]

                    تعليق

                    • سليمى السرايري
                      مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
                      • 08-01-2010
                      • 13572

                      #11
                      السلام عليكم

                      أستاذي ركاد

                      أشكرك جزيل الشكر على هذا المجهود الجبار الذي يخوّل لنا من خلاله التعرّف على عناوين مهمّة.
                      تحيّاتي الصادقة لك

                      تمّ التصويت
                      لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

                      تعليق

                      • د.نجلاء نصير
                        رئيس تحرير صحيفة مواجهات
                        • 16-07-2010
                        • 4931

                        #12
                        الأستاالقدير : ركاد حسن خليل
                        مجهود راقي من أجل إحياء القراءة
                        وتنشيط أعضاء الملتقى أن يساهموا بطريقة راقية
                        فما أجمل أن نتسابق مع القراءة والكتاب
                        تحياتي لك راعي الثقافة بملتقى الأدباء والمبدعين العرب

                        بارك الله فيك
                        sigpic

                        تعليق

                        • بوبكر الأوراس
                          أديب وكاتب
                          • 03-10-2007
                          • 760

                          #13
                          تحياتي ....سيدي الكريم والأخ الطيب ركادحسن ....لقدحاولت أن أغوص في أعماق الماضي البعيد لألتقي ثانية بالكاتب مصطفى لطفي المنفلوطي بعد37 سنة حينماطالعت كتبه القيمة الشاعر- وفي سبيل التاج - ومجدولين - ثم مؤخرا النظرات ...لكن الظروف حالت دون اتمام مشروع الكتابة رغم أني أتممت عملية القراءة والمطالعة لكن أحوالي النفسية كانت.... المهم إني سأشارك لا حقا ولي عدة مشاريع أود فيما بعد أن تساعدني فيها ربما لك باع وتجربة لتساعدني ...وأشكرككثيرا وعفوا ومعدرة وتقبل كل أحترامي ...بوبكر قليل الجزائر شرق الجزائر

                          تعليق

                          • عمروصلاح
                            • 19-03-2012
                            • 2

                            #14
                            الفلسفة العربية من منظور نيوتروسوفي

                            تعليق

                            • عبد العزيز عيد
                              أديب وكاتب
                              • 07-05-2010
                              • 1005

                              #15
                              شكرا لكل الذين اجتهدوا وقدموا لنا هذه القراءات الرائعة حتى يحار المرء في اختيار أفضلها ، والشكر موصول لعميد المثقفين العرب وحامل مشعل الثقافة في الشبكة العنكبوتية قاطبة الأستاذ العلم / ركاد حسن خليل .
                              الأحرار يبكون حريتهم ، والعبيد يبكون جلاديهم

                              تعليق

                              يعمل...
                              X