سفر في بوح:
توليب محمد" "رذاذ ذاكرة" و"نماء ذكرى" الجزء الأول
قبل البدء:
إشارة:
هذه القراءة في بوح كاتبة تُعد قراءة ضمن قراءات أعددتها منذ مدة؛ لتكون جزءا من برنامج سهرات أدبية اخترت لها عنوان "سفر في بوح"(1) لكني، حسب خطة اعتمدتها لا أزال أعتبرها "مبتسرة"...
ونظرا لطول المسافة بين الإعداد، والتجهيز، وعدم توفر الوقت لإنجاز البرنامج كما أردته، رأيت أن أنشر بعضها ولو كان غير مكتمل (حسب خطة البرنامج، وأسلوب تقديمه)، راجيا أن أعذر، ولا أعذل!
إضاءة:
من سافر في عالم "توليب محمد" يدرك اتساع فضائها، ويكتشف اللون الثامن في "قوس قزحها" وينعم برحابة لغتها المتهادية، المختالة، المنتشية بامتداد حرفها التاسع والعشرين!
فقط يكفي التوغل في عالمها بعيدا عن "القسر، والاختزال" وعن فرض معيار خارجي ضيق؛ لاكتشاف مكامن الحسن، والجمال!
أرجو أن أتمكن من إدخال حركة واعية على نصوصها؛ تجلي مكامن الجمال في أثرها الفني.
انطلاقة:
"توليب محمد" شاعرة الحل، والترحال...
هي غيمة جذلى في سماء تسكنها زرقة المدى الحالم، صوت من هناك يتهادى في ألق هنا، وتنادي الساكن فيها، العابر منها إليها:
"هي مثقلة" تحملها "أمنيات معلّقة" تغازلها شرفة الذاكرة؛ فـ"تفترش أحلام العابرين"
"هي مرهقة" يسكنها وطن، وتسكنه؛ فتسيح على جنباته عبر زهر يعرّش بقلبها!
هي أغنية عابرة:
منذ بداياتها عانقت آلام اللحظة المتعبة، وأسرجت الزمان للمكان في مزاوجة أرخت ستائر المعاني، وأشرعت للدلالة نوافذها المترعة بشذى الياسمين المهاجر في الوطن المغامر!
كانت تنحت- من جدر الذاكرة، وألواح النذر المحنطة، ودسرها- "أمنيات معلّقة على هامش القمر" وكأنّها تستشرف مستقبلا زاهيا للوطن، إذ يتراءى لها الغد المشرق؛ فتعلل النفس:
وقد هطل...
في البدء:
إشارة:
لقد تحاورت مع نصوص "توليب محمد" وحاولت من خلال تلك المحاورة اكتشاف إبداعها التركيبي، وتحليله قدر الإمكان؛ فاستنتجت أنّ الشاعرة تعتمد على الصور الرمزية، وهي تلتقطها بعدسة خيالها الخصب للتعبير عما يخالجها داخليا من أحاسيس، ومشاعر، وما يحيط بها من أحداث، ومظاهر مختلفة، وقد نجحت في توظيف انسجامات و "بنى صوتية، ولغوية" بطريقة ممتعة؛ لتشكيل إيقاع داخلي ميّز نصوصها، وجعلها ترفل في رداء قشيب.
كما لاحظت أنها نجحت في العثور على "الكلمة" و"الفعل" و"الصفة" الأنسب في أغلب عباراتها، وأحسنت توظيفها بأسلوب اتسم بالغموض "الشفاف"
رؤية لغوية:
سوف نقوم بجولة في البناء اللغوي البلاغي في نصوص "توليب محمد" باعتبار اللغة هي أداة الصورة الشعرية، ومن خلال هذه الجولة سنحاول اكتشاف إحدى مكونات رؤاها، وكيفية توظيفها للغة...
1- مبدأ الخروج والنهاية:أو مهارة "القفل، والمفتاح"
في قصيد "مَحْـضُ… تنفــّس" تبتدئ بصورة تمتزج فيها النهاية(الرحيل)بالبدء(الخطيئة) في إحالة بليغة:
وتختتم بصورة أجمل ليتواصل وقع الجمال عبر انتفاضة الحياة(طيْرٌ أخضر) من ضباب البداية الجنينية(دخان الشَّرْنَقة)
وبنفس جودة الافتتاح تقول في قصيد"عـلى حافـة محبـرة" معبرة عن لواعج نفس يغمرها الشوق حدّ أسوار الجذب:
تجرّني أمسيات الحنين إليكَ(7)
ثم تختتم لوحتها المبدعة بربط العشق بالحياة؛ لتمتدّ روح العاشقين حدّ الارتواء:
2- البلاغة:
من يتأمل في نصوص "توليب محمد" يلحظ "إجاعة اللفظ، وإشباع المعنى" فليس من العسير أن تعثرَ بين ثنايا نصوصها على اللمحة الدالة من خلال حسن العبارة، وروعة سبكها من خلال "وحدات بلاغية" شائقة، أهمها:
أ- الالتفات(9)(الاعتراض، الاستدراك):في قصيد "قال لي" تجنبا لثقل تجاور الاسم المشتق مع فعله (الحبّ-يحبّ) تأتي الشاعرة بالالتفات أوّلا بتوجيه نداء، ثم بتشبيه يوسع الدلالة اللفظية، ويثري المعنى؛ بجمع نقيضين (الموت، والحياة-المخاض) ليأتيَ بعدهما ما يجمعهما في لحظة غائمة (الانتظار):
ب- الاكتفاء: وهو داخل في باب المجاز، وفيه يحذف بعض الكلام؛ لدلالة الباقي على الذاهب، ويبرز ذلك في قولها في قصيد "لـــــوْ..."
كأنها قالت:
لاستبقت الغيم قطرة تسقي الأرض...
ويبرز كذلك في قولها في قصيد"فتنة الماء"
كأنها قالت:
ومنتهى الارتواء(الصفاء)...
ج- الاستعارة: وهي أفضل المجاز، وقد استعملتها الشاعرة على الوجه الأفضل لها (ما بعُدت، وعُلم في أول وهلة أنه مستعار، فلم يدخله لبس" في مثل قولها في قصيد"فـــتنة الماء ( إلـــى وطن):
فاستعارت للصمت قدرة على الفعل...
وقولها في قصيد"تــعـْرِفـُكِ المَــرَايا":
فاستعارت للمدينة عينا تغفو بها، ورأسًا...
ومن ضروب الاستعارة التمثيل، حيث أوجزت اللفظ، وأصابت المعنى، وأحسنت التشبيه، في مثل قولها في قصيد "ويتوارى في البياض"
وقولها في قصيد"مَحْـضُ… تنفــّس":
د- الإشارة: (أن يكون اللفظ القليل مشارًا به إلى معان كثيرة بإيماء إليها، ولمحة تدل عليها)
ويدخل ضمنها "الرمز الموفق" إذ لم تقع الشاعرة فريسة الإغراق في الإبهام الذي عادة ما "يسدّ منافذ الجو" بل اقتصرت على الإيحاء الذي "يكمن وراء الغيم الشفاف" وهذا ما نراه في أغلب نصوصها، في مثل قولها في قصيد"عـلى حافـة محبـرة":
وفي قصيد"سـطعَ ذات جـمــوحٍ":
...
وفي قصيد"من أنت؟":
وفي قصيد"تعرفك المرايا":
وفي قصيد"فتنة الماء( إلى وطن)":
وفي قصيد"لــــــو...":
3- اللغة الشعرية:
وظفت الشاعرة طاقتها اللغوية بشكل شائق؛ فقد تنوعت المجالات اللغوية، وحقولها التي يتشكل منها معجمها اللغوي المترامي عبر نصوصها بدلالاتها المتنوعة، ومن نظرة خاطفة تشدنا مفردات تتكرر بمعانيها في أغلب قصائدها، وهي:
- ألفاظ تأسرها الألوان الهائمة: البياض (لـونٍ هاربٍ -القمر-الشّمــسِ-الضّــوء-ويخفتُ الـضّوءُ-حروفا مُضيئة-عناقيدَ ضَوْءٍ-غيمة، دموع-خصْبًا ملوّنًا-)
- ألفاظ قُصّت أجنحتها واحتواها الانحسار، والضيق(أضيــق بي...):طرقاتي-ترحالي-خواء الحدود-الصّمت-ضجّة الأشرعة-الغرق-صمــت الكـلام-تـُقيميـنَ في الصّمتِ-فجْـوة اللّيــل-الألم-مستحيلا-الأسيـجة-تفاصيــل الخريــطة-حـدقـةٍ تتأرْجَحُ-وِحـشـة الرّمــل-
- ألفاظ محلقة متحررة يتهادى من خلالها الامتداد، والاتساع (لأتّسع بـك-وتتّـسعُ الحكايـة...):بين الكافِ والنّـونِ- السّماء-سماءِ قلبكَ-الفضاء-المدى-البحر-السّـواحـل-المرافئ-نوافذ مشرّعة-إيقاعاتٍ شاسعة-مَدَارَاتِ الدّهشة-تيـه الكنايـة-الريح-رياح الخريف-عاشقان حتّى الحياة-الصّوت-الذاكرة-الحلم-الحرف التّاسع والعشرون-اللون الثامن(22)
- إلى جانب ألفاظ أخرى تساوقت مع الإطار الإبداعي المترامية عبره السمات، والتقسيمات المحملة بالرؤى الحالمة!
وقد مثلت تلك المفردات بتنوع رؤاها الدلالية العناصر الرئيسة، والمكونات التي تشكلت منها صورها الشعرية، وقد تمكنت الشاعرة-بذكاء رؤيتها، وارتقاء رؤاها- من تطويع أدواتها للتعبير عن أبعاد تجربتها، كما نلحظ بوضوح- في نصوصها- أن التركيب مُنِح تعددية في المعنى، وتلك التعددية هي التي اتسمت بها تفاصيل قصائدها، وهذا دليل على سيادة الوظيفة الشعرية فيها، بما تحمله من إبداع، وقوة، واتساع.
بعد البدء:
... (23)
=======
(1) ومنها سفر في بوح كل من "أنوار سرحان" - "سليمى السرايري" - "غادة تركي" - "وفاء أمين" - ...
(2) من ديوانها المخطوط
(3) من نص "من أنت؟" (صحيفة ومنتديات العروبة)
(4) نفس المصدر السابق
(5) من نص "محض تنفس" (صحيفة ومنتديات العروبة)
http://alorobanews.com/vb/showthread.php?t=27521
(6) من نص "محض تنفس"(صحيفة ومنتديات العروبة)
(7) من ديوانها المخطوط
(8) من ديوانها المخطوط
(9)من نص "قال لي" (صحيفة ومنتديات العروبة)
http://alorobanews.com/vb/showthread.php?t=31614
(10)من نص "لو" (صحيفة ومنتديات العروبة)
http://alorobanews.com/vb/showthread.php?t=31681
(11) من قصيد "فتنة الماء" (ملتقى رابطة الواحة الثقافية)
http://www.rabitat-alwaha.net/moltaq...p/t-49942.html
(12)نفس المصدر السابق
(13) من نص "تلك المدينة" (ملتقى سمر الثقافي)
http://www.samarnet.net/vb/showthread.php?t=15441
(14) من نص "قارعة جرس" (صحيفة ومنتديات العروبة)
http://alorobanews.com/vb/showthread.php?t=31487&page=2
(15) من نص "محض تنفس" (صحيفة ومنتديات العروبة)
http://alorobanews.com/vb/showthread.php?t=27521
(16) من نص "على حافة محبرة"(صحيفة ومنتديات العروبة)
(17) من نص "تلك المدينة (ملتقى سمر الثقافي)
http://www.samarnet.net/vb/archive/i...p?t-15441.html
(18) من نص "من أنت؟" (صحيفة ومنتديات العروبة)
(19) من نص "قارعة جرس" (صحيفة ومنتديات العروبة)
http://alorobanews.com/vb/showthread.php?t=31487&page=2
(20) من نص "فتنة الماء" (ملتقى رابطة الواحة الثقافية)
(21)من نص "لو" (صحيفة ومنتديات العروبة)
http://alorobanews.com/vb/showthread.php?t=31681
(22) من نصوص متفرقة للشاعرة "توليب محمد"
(23) يتبع في الجزء الثاني إن شاء الله
توليب محمد" "رذاذ ذاكرة" و"نماء ذكرى" الجزء الأول
قبل البدء:
إشارة:
هذه القراءة في بوح كاتبة تُعد قراءة ضمن قراءات أعددتها منذ مدة؛ لتكون جزءا من برنامج سهرات أدبية اخترت لها عنوان "سفر في بوح"(1) لكني، حسب خطة اعتمدتها لا أزال أعتبرها "مبتسرة"...
ونظرا لطول المسافة بين الإعداد، والتجهيز، وعدم توفر الوقت لإنجاز البرنامج كما أردته، رأيت أن أنشر بعضها ولو كان غير مكتمل (حسب خطة البرنامج، وأسلوب تقديمه)، راجيا أن أعذر، ولا أعذل!
إضاءة:
من سافر في عالم "توليب محمد" يدرك اتساع فضائها، ويكتشف اللون الثامن في "قوس قزحها" وينعم برحابة لغتها المتهادية، المختالة، المنتشية بامتداد حرفها التاسع والعشرين!
فقط يكفي التوغل في عالمها بعيدا عن "القسر، والاختزال" وعن فرض معيار خارجي ضيق؛ لاكتشاف مكامن الحسن، والجمال!
أرجو أن أتمكن من إدخال حركة واعية على نصوصها؛ تجلي مكامن الجمال في أثرها الفني.
انطلاقة:
"توليب محمد" شاعرة الحل، والترحال...
هي غيمة جذلى في سماء تسكنها زرقة المدى الحالم، صوت من هناك يتهادى في ألق هنا، وتنادي الساكن فيها، العابر منها إليها:
انثرني برمادك
لعلّ الرّيح... تعبر
من هنا (2)
"هي مثقلة" تحملها "أمنيات معلّقة" تغازلها شرفة الذاكرة؛ فـ"تفترش أحلام العابرين"
"هي مرهقة" يسكنها وطن، وتسكنه؛ فتسيح على جنباته عبر زهر يعرّش بقلبها!
هي أغنية عابرة:
لعوالم سرية
مشتعلة بماء
معجونة بضياء(3)
منذ بداياتها عانقت آلام اللحظة المتعبة، وأسرجت الزمان للمكان في مزاوجة أرخت ستائر المعاني، وأشرعت للدلالة نوافذها المترعة بشذى الياسمين المهاجر في الوطن المغامر!
كانت تنحت- من جدر الذاكرة، وألواح النذر المحنطة، ودسرها- "أمنيات معلّقة على هامش القمر" وكأنّها تستشرف مستقبلا زاهيا للوطن، إذ يتراءى لها الغد المشرق؛ فتعلل النفس:
علّ المطر يهطل يوما
فيغسلهم.. ويغسلني(4)
وقد هطل...
في البدء:
إشارة:
لقد تحاورت مع نصوص "توليب محمد" وحاولت من خلال تلك المحاورة اكتشاف إبداعها التركيبي، وتحليله قدر الإمكان؛ فاستنتجت أنّ الشاعرة تعتمد على الصور الرمزية، وهي تلتقطها بعدسة خيالها الخصب للتعبير عما يخالجها داخليا من أحاسيس، ومشاعر، وما يحيط بها من أحداث، ومظاهر مختلفة، وقد نجحت في توظيف انسجامات و "بنى صوتية، ولغوية" بطريقة ممتعة؛ لتشكيل إيقاع داخلي ميّز نصوصها، وجعلها ترفل في رداء قشيب.
كما لاحظت أنها نجحت في العثور على "الكلمة" و"الفعل" و"الصفة" الأنسب في أغلب عباراتها، وأحسنت توظيفها بأسلوب اتسم بالغموض "الشفاف"
رؤية لغوية:
سوف نقوم بجولة في البناء اللغوي البلاغي في نصوص "توليب محمد" باعتبار اللغة هي أداة الصورة الشعرية، ومن خلال هذه الجولة سنحاول اكتشاف إحدى مكونات رؤاها، وكيفية توظيفها للغة...
1- مبدأ الخروج والنهاية:أو مهارة "القفل، والمفتاح"
في قصيد "مَحْـضُ… تنفــّس" تبتدئ بصورة تمتزج فيها النهاية(الرحيل)بالبدء(الخطيئة) في إحالة بليغة:
حَملتُ ترحالي
وِزْرَ " خطيئتي " الأولى(5)
وتختتم بصورة أجمل ليتواصل وقع الجمال عبر انتفاضة الحياة(طيْرٌ أخضر) من ضباب البداية الجنينية(دخان الشَّرْنَقة)
لينتفضَ..
طيْرٌ أخضر
من دخان الشَّرْنَقة(6)
وبنفس جودة الافتتاح تقول في قصيد"عـلى حافـة محبـرة" معبرة عن لواعج نفس يغمرها الشوق حدّ أسوار الجذب:
تجرّني أمسيات الحنين إليكَ(7)
ثم تختتم لوحتها المبدعة بربط العشق بالحياة؛ لتمتدّ روح العاشقين حدّ الارتواء:
عاشقان حتّى الحياة(8)
2- البلاغة:
من يتأمل في نصوص "توليب محمد" يلحظ "إجاعة اللفظ، وإشباع المعنى" فليس من العسير أن تعثرَ بين ثنايا نصوصها على اللمحة الدالة من خلال حسن العبارة، وروعة سبكها من خلال "وحدات بلاغية" شائقة، أهمها:
أ- الالتفات(9)(الاعتراض، الاستدراك):في قصيد "قال لي" تجنبا لثقل تجاور الاسم المشتق مع فعله (الحبّ-يحبّ) تأتي الشاعرة بالالتفات أوّلا بتوجيه نداء، ثم بتشبيه يوسع الدلالة اللفظية، ويثري المعنى؛ بجمع نقيضين (الموت، والحياة-المخاض) ليأتيَ بعدهما ما يجمعهما في لحظة غائمة (الانتظار):
فالحبّ- يا سيّدتي
كالموت
كالمخاض-
لا يحبّ الانتظار(9)
ب- الاكتفاء: وهو داخل في باب المجاز، وفيه يحذف بعض الكلام؛ لدلالة الباقي على الذاهب، ويبرز ذلك في قولها في قصيد "لـــــوْ..."
لاستبقـْتُ الغيْمَ قطـرَةً
لاشتعال العشبِ..(10)
كأنها قالت:
لاستبقت الغيم قطرة تسقي الأرض...
ويبرز كذلك في قولها في قصيد"فتنة الماء"
ولأنّــك..
أوّل الماء
ومنتهـى الماء
سأختصر الطّريــق إليـك(11)
كأنها قالت:
ومنتهى الارتواء(الصفاء)...
ج- الاستعارة: وهي أفضل المجاز، وقد استعملتها الشاعرة على الوجه الأفضل لها (ما بعُدت، وعُلم في أول وهلة أنه مستعار، فلم يدخله لبس" في مثل قولها في قصيد"فـــتنة الماء ( إلـــى وطن):
يغتال..
صمــت الكـلام
خطيئة البلاغـة(12)
فاستعارت للصمت قدرة على الفعل...
وقولها في قصيد"تــعـْرِفـُكِ المَــرَايا":
تلـــك المديـنة...
تغـفو بيـن موتيـن
تسنـد رأسها
على رقرقـة الضّجــر(13)
فاستعارت للمدينة عينا تغفو بها، ورأسًا...
ومن ضروب الاستعارة التمثيل، حيث أوجزت اللفظ، وأصابت المعنى، وأحسنت التشبيه، في مثل قولها في قصيد "ويتوارى في البياض"
من لمعة أخيرة
راوغت دمع الأحداق(14)
وقولها في قصيد"مَحْـضُ… تنفــّس":
السّماءُ غادرتْ نَوْرَسَها
فاختنقَ الجناحان
واشتعلَ البياض(15)
د- الإشارة: (أن يكون اللفظ القليل مشارًا به إلى معان كثيرة بإيماء إليها، ولمحة تدل عليها)
ويدخل ضمنها "الرمز الموفق" إذ لم تقع الشاعرة فريسة الإغراق في الإبهام الذي عادة ما "يسدّ منافذ الجو" بل اقتصرت على الإيحاء الذي "يكمن وراء الغيم الشفاف" وهذا ما نراه في أغلب نصوصها، في مثل قولها في قصيد"عـلى حافـة محبـرة":
وأقترفُ اشتعالي بكَ(16)
وفي قصيد"سـطعَ ذات جـمــوحٍ":
يفــكّ أسْــر الغيمـةِ..(17)
...
وفي قصيد"من أنت؟":
ورذاذ لا يزال غاصّا بغيمته..(18)
وفي قصيد"تعرفك المرايا":
يأتي
من احتضار غربة
على أرصفة المرافئ(19)
وفي قصيد"فتنة الماء( إلى وطن)":
وأفـتحُ ضلـوعي
لغيـمة تعيد تشكّـلك(20)
وفي قصيد"لــــــو...":
لوْ أنّ اللّيْلَ
ينْحَني..
يَرْخي..
اضطرامَ الحرائق(21)
3- اللغة الشعرية:
وظفت الشاعرة طاقتها اللغوية بشكل شائق؛ فقد تنوعت المجالات اللغوية، وحقولها التي يتشكل منها معجمها اللغوي المترامي عبر نصوصها بدلالاتها المتنوعة، ومن نظرة خاطفة تشدنا مفردات تتكرر بمعانيها في أغلب قصائدها، وهي:
- ألفاظ تأسرها الألوان الهائمة: البياض (لـونٍ هاربٍ -القمر-الشّمــسِ-الضّــوء-ويخفتُ الـضّوءُ-حروفا مُضيئة-عناقيدَ ضَوْءٍ-غيمة، دموع-خصْبًا ملوّنًا-)
- ألفاظ قُصّت أجنحتها واحتواها الانحسار، والضيق(أضيــق بي...):طرقاتي-ترحالي-خواء الحدود-الصّمت-ضجّة الأشرعة-الغرق-صمــت الكـلام-تـُقيميـنَ في الصّمتِ-فجْـوة اللّيــل-الألم-مستحيلا-الأسيـجة-تفاصيــل الخريــطة-حـدقـةٍ تتأرْجَحُ-وِحـشـة الرّمــل-
- ألفاظ محلقة متحررة يتهادى من خلالها الامتداد، والاتساع (لأتّسع بـك-وتتّـسعُ الحكايـة...):بين الكافِ والنّـونِ- السّماء-سماءِ قلبكَ-الفضاء-المدى-البحر-السّـواحـل-المرافئ-نوافذ مشرّعة-إيقاعاتٍ شاسعة-مَدَارَاتِ الدّهشة-تيـه الكنايـة-الريح-رياح الخريف-عاشقان حتّى الحياة-الصّوت-الذاكرة-الحلم-الحرف التّاسع والعشرون-اللون الثامن(22)
- إلى جانب ألفاظ أخرى تساوقت مع الإطار الإبداعي المترامية عبره السمات، والتقسيمات المحملة بالرؤى الحالمة!
وقد مثلت تلك المفردات بتنوع رؤاها الدلالية العناصر الرئيسة، والمكونات التي تشكلت منها صورها الشعرية، وقد تمكنت الشاعرة-بذكاء رؤيتها، وارتقاء رؤاها- من تطويع أدواتها للتعبير عن أبعاد تجربتها، كما نلحظ بوضوح- في نصوصها- أن التركيب مُنِح تعددية في المعنى، وتلك التعددية هي التي اتسمت بها تفاصيل قصائدها، وهذا دليل على سيادة الوظيفة الشعرية فيها، بما تحمله من إبداع، وقوة، واتساع.
بعد البدء:
... (23)
=======
(1) ومنها سفر في بوح كل من "أنوار سرحان" - "سليمى السرايري" - "غادة تركي" - "وفاء أمين" - ...
(2) من ديوانها المخطوط
(3) من نص "من أنت؟" (صحيفة ومنتديات العروبة)
(4) نفس المصدر السابق
(5) من نص "محض تنفس" (صحيفة ومنتديات العروبة)
http://alorobanews.com/vb/showthread.php?t=27521
(6) من نص "محض تنفس"(صحيفة ومنتديات العروبة)
(7) من ديوانها المخطوط
(8) من ديوانها المخطوط
(9)من نص "قال لي" (صحيفة ومنتديات العروبة)
http://alorobanews.com/vb/showthread.php?t=31614
(10)من نص "لو" (صحيفة ومنتديات العروبة)
http://alorobanews.com/vb/showthread.php?t=31681
(11) من قصيد "فتنة الماء" (ملتقى رابطة الواحة الثقافية)
http://www.rabitat-alwaha.net/moltaq...p/t-49942.html
(12)نفس المصدر السابق
(13) من نص "تلك المدينة" (ملتقى سمر الثقافي)
http://www.samarnet.net/vb/showthread.php?t=15441
(14) من نص "قارعة جرس" (صحيفة ومنتديات العروبة)
http://alorobanews.com/vb/showthread.php?t=31487&page=2
(15) من نص "محض تنفس" (صحيفة ومنتديات العروبة)
http://alorobanews.com/vb/showthread.php?t=27521
(16) من نص "على حافة محبرة"(صحيفة ومنتديات العروبة)
(17) من نص "تلك المدينة (ملتقى سمر الثقافي)
http://www.samarnet.net/vb/archive/i...p?t-15441.html
(18) من نص "من أنت؟" (صحيفة ومنتديات العروبة)
(19) من نص "قارعة جرس" (صحيفة ومنتديات العروبة)
http://alorobanews.com/vb/showthread.php?t=31487&page=2
(20) من نص "فتنة الماء" (ملتقى رابطة الواحة الثقافية)
(21)من نص "لو" (صحيفة ومنتديات العروبة)
http://alorobanews.com/vb/showthread.php?t=31681
(22) من نصوص متفرقة للشاعرة "توليب محمد"
(23) يتبع في الجزء الثاني إن شاء الله
تعليق