التصاق
ربما تجرعتك لحظة مخاض مجبرة عليه ، فتقتطع جزءا منها لتكون أنت ، تحاول الخروج من تلك الشرنقة التي أحاطتك ، وحملتك وهنا وكرها ، عاريا مسلوخا مطرودا من دفء أحشاء استعمرتها عنوة ، أشهر مرت وأنت تقتات من جسد مزقته بيدك وأقدامك تبحث عن مكان للخروج ، فقد ضاقت بك تلك الفسحة وأنت تحاول النفاذ إلى فضاء اعتقدته أوسع من عالمك الموءود لتمتطي صهوة العدم ، فتنطلق حيث السراب ، حبلك السري خنجر يخترقها يغور في أحشائها وأحشائك .
حوارية تتكرر في داخلها كأسطوانة مشروخة هل أقتله أم يقتلني ..؟ تترقب العالم من نافذة معتمة وتتطلع إلى الخلاص , و تسمع لغط المحيطين بك ، تسمع بكاءها ونحيبها، وهي تختلي بك في زاوية قصية من غرفتها ، تجلس القرفصاء ، تشعر بدفء نار أحشائها وهي تتسرب لأوصالك ، تحس أن ثمة ارتعاشا خفيا يهزك ، قد تصرخ ولا يسمع بك أحدٌ ، قد يشعر بك من لا يعرف كنهك ولا تراه ، أجهزة الرنين تؤكد وجودك رغما عن كل محاولات الإنكار والإخفاء ، سبات الفصول الأربعة يلغي إرادتك المحمومة بالبقاء ، فهي رهينة مبضع جراح متفنن قد يلغي دورة النشوء مذ أن اجتمعت نصف جيناتها وجينات أب ضاع في غياهب المجهول ، فلولا ذلك الدفء الذي تغلغل إلى كيان هزيل وأمات كل مقاومة عندها ، لما كنت أنت ، كل انتفاضاتك ومحاولات الخروج أصبحت تخبطا محموما في جدران من العتمة ، لا رفيق لك ، لا ظل لك ، ولا بصيص من نور غير بحر من ظلمات يستفز كيانك المنقاد عنوة إليها ، قد تبحر بلا مجداف في بحر تطوقك أعماقه ، أخاديد الدم تحيط بك من كل مكان كأسلاك شائكة ، الخروج منها محال إما أن تمزقها أو تمزقك ، أعرف أن أنياب الخوف من المجهول زرعت في أرضها اليباب ، وأحالت الفرح إلى كابوس وأوهام ، وثمة سؤال يدور في أعماقها ما الذي جعل الخطيئة مرهونة بلحظة ضعف ولذة تموت لحظة انتهاء..؟، ثم تعتصرها لحظات ندم وحزن مقرونة ببكاء مجنون يجعلها ترجم نفسها بألف حجارة ندم تشج رأسها ، فتنتفض لحقيقة أربكت كيانها المعمد بنجيع دم مسفوح قتل براءتها ,أهدرعذريتها ، فاستوطنها حزنا لا يطاق
وهواجس تدور في دوامة خيالها وخوفا من المجهول مخبوء تحت طي لسانها ، ووابلا من هموم اكتست بها روحها (فشرفها كعود ثقاب لن يشتعل مرة أخرى ) هكذا سمعت من أمها وهي تلحظ تكورا غريبا يتقدمها ، بعدها أصبحت علقة ، وتسللت إلى روحها كسحابةمن غيوم داكنة سوداء ، لتصبحا جمرات من النار أنت و تلك الخطيئة ، رهيني محبس محكم الإغلاق ، لا أحد يعرف ما جرى وما سيجري ، قد يغفلون عن ارتفاع هضابها التي بدت تربو وتغير تضاريس جسدها الممشوق ، الذي بدا يفقد توازنه أمام أي نظرة تحاول اكتشاف سرها ، قد يتهامسون في حيرة ، ولغط ، أنى لها هذا ... ؟! ، كل شيء تغير فيها لم تعد تلك الابتسامة قرينة لشفتيها ، ولم تعتد بخطى واثقة بعد ، أين ذلك الغنج والدلال وكبرياؤها.. ؟!، رغباتها بالموت قرينة بخوفها من افتضاح أمرها ، كل شيء مرهون بك ، كل يوم تزداد الريبة ، وأنت في أحشائها تدور دون أن توصلك أقدامك لنهاية الطريق ، كمحاولة أن تمحو آثارك ، وتخترق حجبك ، لتخرجك من تلك الدياجير ، كي تزرعك في الأرض بذرة حرام وينتهي كل شيء ، قد أينع رأسك ، وحان قطافك ، ستلفظك ، لتنهي تطفلك المقيت عليها ، أو لتلفظ أنفاسك الأولى والأخيرة ، ستخرج من عتمة الليل ، الآلام تنتزع منها لحظات الصمت التي رافقتها مذ خرجت من البيت خلسة ، الكل في حالة سبات إلا أنا وهي ، راح صوتها الواهن يستنجدني كي تخلص من عذاباتها ، من تلك الخطيئة التي ظلت لصيقة برحم حملك كل هذه الشهور، ارتج القبو بالصراخ ، وخرجت أنت ، بعد مخاض عسير، لم تكن كبقية الأطفال كنت مسخا في داخل كرة من اللحم ، أمام ذهولها وذهولي تمزقت تلك الكتلة ، حاولت الخروج ، انشطرت إلى نصفين ، كأفعى تنتزع جلدها رحت تحاول الخلاص ، ثم زحفت نحوها أردت أن ترضع من ثديها ، لكنه كان كالثلج ، لاحياة فيه ، اختفت ملامح أمك ، بعد أن عمدت جسدها بدموعها وأصبحت كتمثال رخامي بلا ألوان ،
- أين أبي ..؟
تلعثمت الكلمات ، وارتبك الراوي ، وهو يحاول جمع شتات أفكاره ، أطبقت يده على عنقه ، فجحظت عيناه ؛ وراح يجد بالتقاط أنفاسه
نشب أظافره في عنقه ونز الدم من أوداجه . وهمّ بالكلام لكن يد المسخ أحكمت قبضتها :أن..... وانقطع الصوت ، سقط الرجل ... مضرجا بدمائه ، وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة
_ أنا أبوك ,, نظر إليه بعين تقدح شررا ، ثم اخترقت يده صدر أبيه ، ليوقف بيده أخر نبضة
لقلب أحبه رغم أنه كان مسخا
ثم تقوقع وعاد ليزرع نفسه من جديد في جسد ضحية أخرى .....
----------------
ربما تجرعتك لحظة مخاض مجبرة عليه ، فتقتطع جزءا منها لتكون أنت ، تحاول الخروج من تلك الشرنقة التي أحاطتك ، وحملتك وهنا وكرها ، عاريا مسلوخا مطرودا من دفء أحشاء استعمرتها عنوة ، أشهر مرت وأنت تقتات من جسد مزقته بيدك وأقدامك تبحث عن مكان للخروج ، فقد ضاقت بك تلك الفسحة وأنت تحاول النفاذ إلى فضاء اعتقدته أوسع من عالمك الموءود لتمتطي صهوة العدم ، فتنطلق حيث السراب ، حبلك السري خنجر يخترقها يغور في أحشائها وأحشائك .
حوارية تتكرر في داخلها كأسطوانة مشروخة هل أقتله أم يقتلني ..؟ تترقب العالم من نافذة معتمة وتتطلع إلى الخلاص , و تسمع لغط المحيطين بك ، تسمع بكاءها ونحيبها، وهي تختلي بك في زاوية قصية من غرفتها ، تجلس القرفصاء ، تشعر بدفء نار أحشائها وهي تتسرب لأوصالك ، تحس أن ثمة ارتعاشا خفيا يهزك ، قد تصرخ ولا يسمع بك أحدٌ ، قد يشعر بك من لا يعرف كنهك ولا تراه ، أجهزة الرنين تؤكد وجودك رغما عن كل محاولات الإنكار والإخفاء ، سبات الفصول الأربعة يلغي إرادتك المحمومة بالبقاء ، فهي رهينة مبضع جراح متفنن قد يلغي دورة النشوء مذ أن اجتمعت نصف جيناتها وجينات أب ضاع في غياهب المجهول ، فلولا ذلك الدفء الذي تغلغل إلى كيان هزيل وأمات كل مقاومة عندها ، لما كنت أنت ، كل انتفاضاتك ومحاولات الخروج أصبحت تخبطا محموما في جدران من العتمة ، لا رفيق لك ، لا ظل لك ، ولا بصيص من نور غير بحر من ظلمات يستفز كيانك المنقاد عنوة إليها ، قد تبحر بلا مجداف في بحر تطوقك أعماقه ، أخاديد الدم تحيط بك من كل مكان كأسلاك شائكة ، الخروج منها محال إما أن تمزقها أو تمزقك ، أعرف أن أنياب الخوف من المجهول زرعت في أرضها اليباب ، وأحالت الفرح إلى كابوس وأوهام ، وثمة سؤال يدور في أعماقها ما الذي جعل الخطيئة مرهونة بلحظة ضعف ولذة تموت لحظة انتهاء..؟، ثم تعتصرها لحظات ندم وحزن مقرونة ببكاء مجنون يجعلها ترجم نفسها بألف حجارة ندم تشج رأسها ، فتنتفض لحقيقة أربكت كيانها المعمد بنجيع دم مسفوح قتل براءتها ,أهدرعذريتها ، فاستوطنها حزنا لا يطاق
وهواجس تدور في دوامة خيالها وخوفا من المجهول مخبوء تحت طي لسانها ، ووابلا من هموم اكتست بها روحها (فشرفها كعود ثقاب لن يشتعل مرة أخرى ) هكذا سمعت من أمها وهي تلحظ تكورا غريبا يتقدمها ، بعدها أصبحت علقة ، وتسللت إلى روحها كسحابةمن غيوم داكنة سوداء ، لتصبحا جمرات من النار أنت و تلك الخطيئة ، رهيني محبس محكم الإغلاق ، لا أحد يعرف ما جرى وما سيجري ، قد يغفلون عن ارتفاع هضابها التي بدت تربو وتغير تضاريس جسدها الممشوق ، الذي بدا يفقد توازنه أمام أي نظرة تحاول اكتشاف سرها ، قد يتهامسون في حيرة ، ولغط ، أنى لها هذا ... ؟! ، كل شيء تغير فيها لم تعد تلك الابتسامة قرينة لشفتيها ، ولم تعتد بخطى واثقة بعد ، أين ذلك الغنج والدلال وكبرياؤها.. ؟!، رغباتها بالموت قرينة بخوفها من افتضاح أمرها ، كل شيء مرهون بك ، كل يوم تزداد الريبة ، وأنت في أحشائها تدور دون أن توصلك أقدامك لنهاية الطريق ، كمحاولة أن تمحو آثارك ، وتخترق حجبك ، لتخرجك من تلك الدياجير ، كي تزرعك في الأرض بذرة حرام وينتهي كل شيء ، قد أينع رأسك ، وحان قطافك ، ستلفظك ، لتنهي تطفلك المقيت عليها ، أو لتلفظ أنفاسك الأولى والأخيرة ، ستخرج من عتمة الليل ، الآلام تنتزع منها لحظات الصمت التي رافقتها مذ خرجت من البيت خلسة ، الكل في حالة سبات إلا أنا وهي ، راح صوتها الواهن يستنجدني كي تخلص من عذاباتها ، من تلك الخطيئة التي ظلت لصيقة برحم حملك كل هذه الشهور، ارتج القبو بالصراخ ، وخرجت أنت ، بعد مخاض عسير، لم تكن كبقية الأطفال كنت مسخا في داخل كرة من اللحم ، أمام ذهولها وذهولي تمزقت تلك الكتلة ، حاولت الخروج ، انشطرت إلى نصفين ، كأفعى تنتزع جلدها رحت تحاول الخلاص ، ثم زحفت نحوها أردت أن ترضع من ثديها ، لكنه كان كالثلج ، لاحياة فيه ، اختفت ملامح أمك ، بعد أن عمدت جسدها بدموعها وأصبحت كتمثال رخامي بلا ألوان ،
- أين أبي ..؟
تلعثمت الكلمات ، وارتبك الراوي ، وهو يحاول جمع شتات أفكاره ، أطبقت يده على عنقه ، فجحظت عيناه ؛ وراح يجد بالتقاط أنفاسه
نشب أظافره في عنقه ونز الدم من أوداجه . وهمّ بالكلام لكن يد المسخ أحكمت قبضتها :أن..... وانقطع الصوت ، سقط الرجل ... مضرجا بدمائه ، وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة
_ أنا أبوك ,, نظر إليه بعين تقدح شررا ، ثم اخترقت يده صدر أبيه ، ليوقف بيده أخر نبضة
لقلب أحبه رغم أنه كان مسخا
ثم تقوقع وعاد ليزرع نفسه من جديد في جسد ضحية أخرى .....
----------------
تعليق