الغراب ملك مدينة الرماد (قصة أطفال)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • غنية بوحارة
    أديب وكاتب
    • 23-02-2012
    • 15

    الغراب ملك مدينة الرماد (قصة أطفال)



    الغراب ملك مدينة الرماد

    جلست القُبّرة وسط غابة كثيفة الأشجارعارية الأوراق، هزيلة الأغصان، شاحب وجهها يميل إلى الرماد، تسِّح دموعها الثقال،وتأن أنين الأطفال. يسمع أنينها من بعيد، ما جعل القبرة تتثبت مصدر الصوت، فإذا بهآت من وسط الغابة، فطارت من مكانها ودنت من مصدر الصوت واقتربت من شجرة الصفصاف،فإذا بها تبكي دموعا كالشلال، فسألتها عن سبب بكائها وحزنها وقالت:

    القبرة: ما بك ياصفصافة؟ لم كل هذا الحزن، ولم هذا البكاء والنحيب؟

    الصفصافة: كيف لاأحزن وقد عم الخراب والهلاك مدينة الرماد،ولم يعد لحيوانات المدينة مكان تأوي إليه، وقد تشردت وهجر بعضها إلى أماكن أخرى.

    القبرة: ومن كانوراء هذا الدمار والخراب.

    الصفصافة: أولاتعرفين؟

    القبرة: لا فأناغريبة عن هذا المكان.

    الصفصافة: آه.. ياسيدتي القبرة لو تعرفين.. لو تسمعين حكايتنا، لرثيت لحالنا وبكيت لبكائنا.

    القبرة: فأخبرينيماذا حدث.

    الصفصافة: من أينأبدأ لك؟ أمن ظلم الغراب أم من قهر أعوانه؟

    القبرة: ومن يكونهذا الغراب؟

    الصفصافة: إنه ملكآثر الملك لنفسه وأراد أن يورثه لأبنائه، فثارت حيوانات المدينة ضده وعصت أمرهفكان العقاب جزاءها.

    القبرة: أليس الأسدسيد الحيوانات وملك الغابة والمدينة؟

    الصفصافة: كان ذلكمنذ سنوات، ولكن بعد أن قضى نحبه وانتهى أجله تغيرت الأمور وآل الحكم إلى السيدالغراب.

    القبرة: فحدثيني إذنأكثر عن هذا الغراب؟

    الصفصافة: كثيرا ماكنت أرى الغراب ينفش جناحيه وينفضهما بشدة كأنه يزيل عنهما الغبار، ثم يشد عضلاتجسده إلى الخلف ويخطو خطوتين إلى الأمام، ويمسح الكون بنظرة ثاقبة حادة، فيهاغطرسة وكبرياء، وبريق النشوة والانتصار يلوح من عينيه الغارقتين في سواد ريشه.

    كان لا يمل من الحديث عن نفسه، وعن قوتهوجبروته، وكيف أنه استولى على الحكم، فأصبح هو الآمر الناهي، بيده أمر رعيته كلها.فكل من في المدينة يهابونه ولا يتنفسون إلا بإذنه. وليس لهم حق الأخذ والرد معه،أو التعقيب على قراراته أو الحديث عن ظلمه وجبروته ولو همسا.

    لقد كان له حراس أشداء يتوزعون في كل مكان،ويسترقون السمع من أفواه المقهورين، وينقلون كلامهم إلى سيدهم ومولاهم الغراب الأسود،صاحب العباءة البيضاء والعمامة المزركشة الألوان (أحمر، أسود، بني، رمادي). ومن ثميأمرهم بسجنهم في قاع البحار، أو في عمق الصحاري القفار، فلا يعرف خبرهم إنس ولاجان، ويذوقون هناك أنواع العذاب والعقاب.

    كان يحرس ذلك المكان جرذان أقوياء وفئرانأشقياء. قيل أن الغراب جمعهم يوما وانتزع قلوبهم وغسلها بماء أسود كسواد ريشه،وغرس فيها نبتة سوداء، قيل أنها كلما امتدت جذورها إلى العروق والأوعية الدمويةكلما زادت قساوة قلوبهم وازداد حقدهم وبغضهم لأبناء جلدتهم، بخاصة الذين يعارضونالملك الغراب ويرفضونه سرا وعلانية، فكان جزاؤهم إما الموت تحت سيف الجلاد أو قهرالجرذان والفئران.

    في أحد الأيام زار الحكيم نعمان قصر الملكالغراب، فوقف بين حضرة الجرذان إلى أن دخل الغراب ينفش ريشه وينفخ صدره فياستكبار، ويجر عباءته في فخر واستعلاء، وجلس على كرسي عرشه الفخم المطرز بماءالذهب والعقيان، عليه أنواع النقوش و الزخارف، ومزين باللؤلؤ والمرجان.

    تقدم الحكيم نعمان وجلس على يمين الغراب،فصاح الغراب في وجهه وعنّفه بشدة ثم قال:

    من أمرك بالجلوس؟

    فقال الحكيم: خشيتأن تكون من أهل النار فجلست.

    الغراب: ومن قال لكأني من أهل النار؟ ومن سمح لك أن تتفوه بمثل هذا الكلام وأنت في حضرة الملكالمغوار.

    الحكيم: ألا تعلم أنمن أراد أن ينظر إلى أهل النار فلينظر إلى مخلوق جالس ومن حوله قيام!

    الغراب: ويحك من هذاالكلام وماذا تريد؟

    الحكيم: جئتك ناصحالعلك تقبل النصيحة.

    الغراب: ومن قال أنيبحاجة إلى نصيحة وأنا صاحب القرار.

    الحكيم: أتعلم أنأشد ما أصاب قومك منك ضرا تجرأك عليهم واحتقارك لهم وعدم السماح لهم بالمشاركةبآرائهم ومواقفهم.

    الغراب: وكيفلحيوانات ضعيفة جبانة أن تتخذ القرار أو تدلي برأيها في حق مدينة بأكملها، عامرةبأهلها، إلا من كان مثلي يده من فولاذ تنزل على صاحب اللسان السليط كلسانك أيهاالحكيم نعمان.

    غضب الملك الغراب غضبا شديدا وهز جناحهبقوة فتطاير ريشه في الهواء، وأشار إلى الجرذان أن يتولوا أمر الحكيم نعمان،فتوارى عن الأنظار، وشاع وانتشر خبره بين حيوانات مدينة الرماد، فاشتدوا غيضاوقرروا الانتقام، إلا أنهم انقسموا بينهم إلى ثلاثة فرق:

    فريق يقول بضرورة التخلص من الغراب وإبعادهمن مدينة الرماد، التي حولها إلى رماد بعدما كانت وردة تحمل جميع الألوان.

    وفريق يرى الاستسلام والرضى بقضاء الله وقدره.

    وفريق ثالث يقول بإخلاء المكان وترك الأرضوالهجرة إلى مدينة الأحلام.( فمع أي فريق أنت؟)

    وفي الأخير انتصرالفريق الأول والرأي القائل بضرورة عزل الغراب.

    بدأ الصراع بين أعوان الغراب من جرذانوفئران وبين حيوانات المدينة، فاشتد القتال وأظهر كل حيوان براعته في الدفاع،بإظهار ما يملك من مخالب وأنياب، إلى أن تحولت المدينة إلى زربية منقوشة بأنواعجثث الحيوانات، وفوقها تحمل جثة الغراب.

    فرحت المدينة بهذا الانتصار وقد تمكنت منالملك الغراب، ودام الفرح أياما وليال ملاح. لكن هذا لم يدم طويلا، إذ عاد النزاعبينهم بسبب اختلافهم فيمن له الأحقية في تولي مقاليد الأمور في مدينة الرماد،فمنهم من قال نختار البوم، ومنهم من اختار ابن آوى ومنهم من فضل الفيل...

    فهذا خبرنا وهذه حالنا يا قبرة، وهذا سبببكائي وحزني، وحسرتي على أهل مدينتي.

    (ولازالوا في اختلافهم هذا في اختيار أحسنمن يمثلهم. ولكم الخيار في اختيار من ترونه الأنسب والأقدر على تمثيل مدينة الرمادوإخراجها من براثن الظلم والفساد... فمن تفضلون؟ ).
  • ريمه الخاني
    مستشار أدبي
    • 16-05-2007
    • 4807

    #2
    وعليكم خير السلام
    نص رائع كحكاية تفتح آفاق الطفل على البحث عن حلول مناسبة تماما...خاصة لو لفتنا نظره لميزة كل حيوان وسيئته مثلا..
    وهي ولانها مفتوحة النهاية تناسب النص الممثل مسرحيا
    لك التحية والتقدير

    تعليق

    • بوبكر الأوراس
      أديب وكاتب
      • 03-10-2007
      • 760

      #3
      تحياتي ...قصة مميزة وذات معنى ومغزى هادفة تريد غرس قيم في نفسية الطفل وتعلمه الحفاظ على موطنه من كل اعتداء وظلم يستهدفه .....الجزائر شرقا

      تعليق

      • غنية بوحارة
        أديب وكاتب
        • 23-02-2012
        • 15

        #4
        شكرا اخي بوبكر...وأعتقد أن قصص الأطفال لابد أن تكون ذات مغزى وهدف يتمكن الطفل القارئ من استنباطه من النص لمعرفة مدى وعيه وفهمه له.... تحياتي ...شرق الجزائر

        تعليق

        • غنية بوحارة
          أديب وكاتب
          • 23-02-2012
          • 15

          #5
          بوركت أستاذة ريمة... أردت من خلال القصة أن يساير الطفل الأحداث باعتماد الرمز إن شئت والتلميح دون التصريح وجعلت نهايتها مفتوحة حتى يتمكن الطفل من التفاعل معها بمشاركته وتقديمه للحلول التي يرى أنها مناسبة. أما عن حقيقة الحيوانات المقترحة التي قدمتها فلم أشأ الإطالة حتى لا يحس الطفل بالملل وإن كنت قد فكرت في ذلك
          سعدت بمرورك الطيب...تحياتي
          التعديل الأخير تم بواسطة غنية بوحارة; الساعة 05-04-2012, 19:38.

          تعليق

          • حنين حمودة
            أديب وكاتب
            • 06-06-2010
            • 402

            #6
            هي مدينة الأحلام لكنه هو الذي أرادها رمادا..

            على مبدأ "يا أحكمكم يا أحرقكم".

            الأستاذة غنية،

            غنية قصتك.
            شعرت من أول فقرة معك أنني أقرأ مقامة، مع أنها غير مسجوعة،
            وشعرت بعظم المصيبة حين علمت أنها غابة متساقطة الأوراق!‍
            قتل المستبد الحكيم، وأشعل البلاد هذا القتل كشرارة صغيرة أصابت حقل عشب أصفر يابس كان حاضرا للإشتعال في أية لحظة.

            نفذ امره الجرذان..

            "في هذا الزمن يجب أن ينتبه الكاتب إلى أن مفاهيم قد تغيرت.

            فالجرذان باتوا أصدقاء القراء..

            حين أصبحوا سوبر جرذان.. وطوعوا الجراد!!

            قد يكون التطرف والتخلف وتكالب الأكلة على القصعة، قد أدّى إلى ما نراه.

            لكن تدخل العقلاء قد يقصر فترة انتقالية لا بد منها.

            والأسد..لا.. لا يزال الأسد ملك الغابة، وإن إختبأ بعض الوحوش تحت اسمه" *

            --

            عجبي مِن مَن يستبدل بومة بالغراب!

            فهل ماتت الآساد الحقيقية؟!

            --

            فهذا خبرنا وهذه حالنا يا قبرة، وهذا سبب بكائي وحزني،وحسرتي على أهل مدينتي.

            اختمي بهذه الجملة.. ودعي التساؤل يدور في عقول القراء.



            مودتي وتقديري





            أرجوأن تقرئي قصتي:






            ملحوظة:اشتدوا غيظا





            سينسؤال: أو تكون غابة بأوراق متساقطة؟!

            سألتالباحث العربي فقال:

            والغابة الأَجمة ذاتُ الشجر الـمُتَكاثف، لأَنها تُغَيِّبُ ما فيها.




            *الوحش عائلة الرئيس الحاكم في الشام وقد حولها إلى الأسد-والله أعلم.
            التعديل الأخير تم بواسطة حنين حمودة; الساعة 10-04-2012, 07:22. سبب آخر: تفريق المتداخلات

            تعليق

            • عبد الرحيم محمود
              عضو الملتقى
              • 19-06-2007
              • 7086

              #7
              تمتاز قصص الأطفال بما يلي :
              1 - القصر ، فتركيز الأطفال محدود ، وينقطع ارتباطهم بالنصوص المتشعبة بسرعة .
              2 - أن لا يتشعب ولا تتعدد أبطاله .
              3 - توحد المكان وعدم القفز الزمكاني .
              4 - عدم تسريب انتمائنا السياسي ولا حتى الديني لهم .
              5 - البساطة الشديدة وانتقاء الألفاظ المباشرة ، فقاموسهم ما زال محدودا .
              6 - ربط ما لا يعرفون بما يعرفون .
              7 - الابتعاد ما أمكن عن المحسنات اللفظية نظرا للنمو الفكري المحدود لهم .
              8 - اختيار أبطال محببين لهم قريبين من نفسيتهم وبيئتهم .
              9 - تحديد القيمة الإيجابية المراد بنائها ، أو السلبية المراد محوها .
              ولو طبقنا هذه المقاييس على النص ، لوجدنا أن النص سياسي لا يفهمه الطفل
              وأنه رمزي لحد الانفصال عن الطفل ونفسيته ، وطويل لا يستطيع الطفل متابعة
              الحدث ، وبكل حال يمكن اختصاره بحيث يتم تبسيط الفكرة وتوصيلها للطفل
              بأقصر الطرق / تحيتي .
              نثرت حروفي بياض الورق
              فذاب فؤادي وفيك احترق
              فأنت الحنان وأنت الأمان
              وأنت السعادة فوق الشفق​

              تعليق

              • غنية بوحارة
                أديب وكاتب
                • 23-02-2012
                • 15

                #8
                تحية عطرة أستاذ عبد الرحيم ..وشكرا على هذه المعلومات حول قصة الأطفال ....على كل لدي محاولات أخرى تختلف عن هذه القصة وربما تتوفر فيها الخصائص التي ذكرتها ولضيق الوقت عجزت عن كتابتها في الحاسوب ونشرها...الى الملتقى مع قصص اخرى نحن نحتاج دائما الى النقد البناء

                تعليق

                • غنية بوحارة
                  أديب وكاتب
                  • 23-02-2012
                  • 15

                  #9
                  شكرا الأخت حنين وسوف أقرأ ماتكتبينه انشاء الله...دمت بألف خير

                  تعليق

                  • هائل الصرمي
                    أديب وكاتب
                    • 31-05-2011
                    • 857

                    #10
                    قصة رائعة راقية تناسب الفتية والبراعم وليس الأطفال
                    فالبرعم ما تعدى سن الثانية عشرة
                    لكنها أعجبتني وجذبتني إليها جذبا رقيقا ساحرا
                    دمت للإبداع

                    تعليق

                    • أحمدالحارون
                      أديب وكاتب
                      • 22-09-2009
                      • 180

                      #11
                      هى جميلة على كل حال ولها مغزى هادف
                      لو كانت أقصر لناسبت الطفل أكثر
                      وهى بهذا الشكل تناسب من تجاوز عمره عشر سنين
                      ويبقى شكركم واجبا
                      فجزاكم الله خيرا
                      قد ينعم الله بالبلوى وإنْ عظمت
                      ويبتلى الله بعضَ القوم بالنِّــــعمِ

                      تعليق

                      • غنية بوحارة
                        أديب وكاتب
                        • 23-02-2012
                        • 15

                        #12
                        بارك الله فيك أخي الكريم هائل كلامك هذا يشجعني لنشر بقية قصصي..... تحياتي

                        تعليق

                        • غنية بوحارة
                          أديب وكاتب
                          • 23-02-2012
                          • 15

                          #13
                          شكرا أخي أحمد على مرورك وقراءتك القصة وتعقيبك ...اما عن القصة فاعتقدت انها قصيرة عند كتابتها وهي بالفعل تناسب من هم أكثر من عشر سنوات. ...تحياتي ودمت

                          تعليق

                          • غنية بوحارة
                            أديب وكاتب
                            • 23-02-2012
                            • 15

                            #14
                            شكرا لك كلامك يشجعني ويزيد من رغبتي في الكتابة ...تحياتي

                            تعليق

                            • غنية بوحارة
                              أديب وكاتب
                              • 23-02-2012
                              • 15

                              #15
                              شكرا لك كلامك يشجعني ويزيد من رغبتي في الكتابة....تحياتي

                              تعليق

                              يعمل...
                              X