الجسم الغريب !

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • منال عبد الحميد
    أديب وكاتب
    • 23-09-2011
    • 56

    الجسم الغريب !

    اليوم بعد سبعة عشر عاماً رأيته مجدداً !
    كنت طفلة في الحادية عشرة أو الثانية عشرة من عمري عندما صعدت إلي سطح منزلنا القديم ذات مساء مبكر لأتطلع إلي النجوم .. كنت وقتها تلميذة في الصف الخامس الابتدائي ، أو الأول الإعدادي ، لا أذكر .. فأنا من السعداء الذين أفلتوا من سنة ساتة .. وكنت مغرمة ، بل مجنونة ، بالعلوم ، خاصة علم الفلك والنجوم .. كنت أحلم أن أصير عالمة فلك عندما أكبر أو رائدة فضاء .. وكان بصحبتي كتاب من كتب تبسيط العلوم التي قامت عليها العبقرية " برتا موريس باركر " .. تمزق الكتاب لاحقاً وتناثرت صفحاته ، ثم تبخرت تاركة وراءها حلماً سرمدياً لم يحققه لي إلا بلسم الآلام كلها .. الأدب .. وهل في الدنيا يداً أحن علي قلب الإنسان المجروح اليائس الحالم ؛ بعد الله ؛ من الأدب ؟!
    المهم أخذت كتابي العزيز ذاك وصعدت لأحملق في النجوم عندما رأيته .. جسماً غريباً بدا مثل نجم ساقط أو طائرة .. لكنه كان يغير ألوان إضاءته باستمرار بألوان يتسيدها الأحمر.. سجلت هذه المشاهدة بشغف علي الصفحة الأولي من الكتاب وكتبت تاريخها بسرور.. ثم أهملت الكتاب ، وإن كنت لم أنساه ، وأهملت حبي للعلم .. نسيت العلم ونسيت السرور .. ثم دخلت إلي المرحلة الثانوية لأكتشف نفسي من جديد .. فإذا أنا ولا علاقة لي بالعلم الحقيقي .. أنا أديبة حتى النخاع.. أقرأ كتب العلوم مبسطة وأستسيغها وأحبها ولا شيء بعد ذلك .. أرتعد أمام أقدام الفيزياء الغليظة ، وترعبني وحوش الكيمياء
    المرعبة المنطلقة من أنابيب الاختبار ، أما الرياضيات فهي كابوس عمري ..
    تمزق الكتاب وتناثرت صفحاته ثم تبخرت وضاعت .. وإن لم أنسه أبداً ، كما لا ينسي الطفل طعم أول قطعة لبان تذوقها ..
    واليوم ، وبعد سبعة عشر عاماً .. كنت مع أخي فوق السطوح أساعده في تركيب جهاز وصلة الإنترنت .. وبينما كنت أساعده تطلعت إلي النجوم التي أحبها طول عمري .. أحبها لأنها تشعرني أنني تافهة ، وأننا كلنا نحن البشر تافهون .. ما أحلي أن تشعر ، أحياناً ، بتفاهتك .. وأنك كلك بأحزانك وأفراحك مجرد نقطة في سحابة دخان الكون العظيم .. لا تلبث أن تتبدد دون أن تترك وراءها أي أثر.. تطلعت إلي النجوم فرأيته .. قادم من آخر الأفق عن يميني .. نفس الجسم الغريب بألوانه التي يتسيدها الأحمر .. ربما كان طبق طائر أو طائرة.. ركزت نظري عليه وتابعته بشغف كما تتابع صديقاً قديماً ؛ انقطعت صلتك به تماماً ؛ يمرق أمامك في بطء .. بدا لي ؛ لشدة خيالي ؛ أنه تعمد الإبطاء حين صار أمام عيني مباشرة .. كان يسير شاهقاً وسط النجوم .. بدا لي أن النجوم تراقصت واضطربت في أماكنها حين ظهر وسطها .. تابعته إلي أقصي ما استطعت متحركة في مكاني.. وحين بدأ يهبط تحت الأفق شعرت بلذعة شجن غامضة ، مثل لذعة البرد التي تظهر في الصباح الباكر بعد انتهاء الصيف وقبل حلول الخريف .. لمعت دموع قليلة جافة في عيني .. من بين دموعي الحمقاء بدا لي أن هذا الجسم الغريب .. أيا ما كانت هويته .. قد مر فوق الأرض .. فوق مصر .. فوق الصعيد .. فوق منزلنا .. ليحيني !
    ولكن ليس ليقول لي : مرحباً مرة أخري .. أحزنني، لحماقتي ، أن أتصور أنه جاء الليلة خصيصاً ليقول لي : وداعاً !!
  • آمال محمد
    رئيس ملتقى قصيدة النثر
    • 19-08-2011
    • 4507

    #2

    خاطرة جميلة
    سلسة
    تعرض لمحة من حياة حافلة بالأماني والأحلام ووجه آت من البعيد
    يصنع لحظة فرح
    لما لا يكون هذا الجسم لك ... وان كان وهما
    يكفي حقيقته في عينك وذكراه التي تنبت القلم والورق
    يسرح في مخيلة عذبة صادقة

    هي هذه الأشياء البسيطة التي تصنع لحظات العمر وتبقى

    سعدت بقراءة موضوعك الجميل

    شكرا لك

    تعليق

    • شيماءعبدالله
      أديب وكاتب
      • 06-08-2010
      • 7583

      #3
      حياك غاليتي العزيزة منال وهلا بك دوما
      صغت لنا الخاطر بلفيف أحلام وهواجس تعتلي كل من لها أمنيات ربما تتحقق
      وربما تتلاشى
      هكذا هي الأمنيات والأحلام لا تتحقق وفقك مداركنا إلا سعيا ولهاثا وراءها
      نص حيك بقلم مميز وجميل من يراع لا عدمناه
      مودتي ومحبتي

      تعليق

      • ظميان غدير
        مـُستقيل !!
        • 01-12-2007
        • 5369

        #4
        منال عبدالحميد

        خاطرة قصصية جميلة . كانت شفيفة غير معقدة
        واضحة كملامح البراءة ، رقراقة كالنهر
        سلمت على ماجاء هنا
        نادت بإسمي فلما جئتها ابتعدت
        قالت تنح ّ حبيبي لا أناديكا
        إني أنادي أخي في إسمكم شبه
        ما كنت َ قصديَ إني لست أعنيكا

        صالح طه .....ظميان غدير

        تعليق

        • منال عبد الحميد
          أديب وكاتب
          • 23-09-2011
          • 56

          #5
          بسم الله الرحمن الرحيم
          سيدتي الأستاذة : آمال محمد
          أسرتني برقتك وتعليقك الجميل إذا كان الجسم الغريب وهماً إذن فحياتي كلها أجسام غريبة
          سيدتي الأستاذة : شيماء عبد الله
          لا عدمت رقتك وعذوبتك والأحلام سبب لإبقائنا على قيد الحياة مثل الطعام والشراب وربما أكثر
          أستاذى ظميان غدير
          يشرفني أن خاطرتي راقت لحضرتك
          سلمت يا سيدي وسلمت يداك
          تحياتي وإحترامي ومحبتي
          منال عبد الحميد

          تعليق

          • محمد خالد النبالي
            أديب وكاتب
            • 03-06-2011
            • 2423

            #6
            الاخت منال عبد الحميد
            خاطرة كانت جميلة وسردية راقية

            كان النص يشدنا كثيرا

            بكل موجوداته

            دمت بود وعز

            تحياتي
            https://www4.0zz0.com/2023/08/17/16/629628058.png

            تعليق

            • ليندة كامل
              مشرفة ملتقى صيد الخاطر
              • 31-12-2011
              • 1638

              #7
              السلام عليكم
              يبدو ليى أنني أمام قص جميل تراكمت فيه الاحداث بسلاسة
              هذا النجم الذي ظهر مجداد بعدسنوات من عمرها ربما هي الذكريات ربما هو العشق او لحظة تشبه تلك اللحظة التي عاشتها البطلة
              هي قريبة حقا الى القصة أكثر منها الى الخاطرة
              هذا رأي كوني بخير
              http://lindakamel.maktoobblog.com
              من قلب الجزائر ينطلق نبض الوجود راسلا كلمات تتدفق ألقا الى من يقرأها

              تعليق

              يعمل...
              X