القناع
ما أن أسدل الستار حتى تعالت الهتافات والتصفيقات وتدافع الجمهور أمام الباب الخاص بالممثلين حاملين الكاميرات والأقلام والمفكرات علهم يحضون بصورة تذكارية أو إمضاء شخصي من البطلة .
لم ينجح الحراس من إبعاد حشود المعجبين ولا صدهم ,فإعجابهم بالشخصية وحبهم للبطلة جعلهم يخترقون كل الحواجز للوصول إليها .
كانت سعيدة بذلك الرد الفعلي العفوي للجمهور, ومنبهرة بنجاحها في إيصال فكرة المسرحية إلى المتفرجين بفنية مميزة. لم تحتمل الحصار الذي فرض عليها من طرف الحراس بل خرجت إلى جمهورها وأشراقة عينيها تكشف على سعادتها لترتمي بين أحضانه وتنعم بدفء حبه العفوي .
كانت في غاية السعادة وهي تصافح وتحيي وتوقع وتبتسم أمام عدسات الكاميرات, مستمتعة بعبارات التنويه والتشجيع التي تسمعها هنا وهناك.
شيئا فشيئا بدء العدد المحيط بها يقل ويقل وشيئا فشيئا بدأت الجموع في الانصراف وما هي إلا لحظات حتى وجدت نفسها وحيدة والمكان فارغ إلا من سائقها الشخصي الذي ينتظر بفارغ الصبر انتهاء فترة عمله ليهرع إلى أحضان عروسه التي تنتظره بشوق ولهفة .
التفت يمينا وشمالا علها تجد احد المعجبين تقتل معه الوقت لتهرب من مواجهة وحدتها في تلك الليلة الشتوية القارصة الطويلة , لكنها لم تجد إلا حارس المسرح وفي عينيه نظرة استعطاف كي تترك المكان ليتسنى له إغلاق المسرح الاتجاه بدوره نحو دفء عائلته.
بخطى بطيئة اتجهت نحو سيارتها ما أن استقلتها حتى انطلق السائق في اتجاه منزلها.
كان الشارع يعج حيوية ونشاطا: أضواء وسيارات ومارة هنا وهناك وهي تنظر إلى الشارع من خلف نافذة السيارة وحسرة في عيونها وكلما اقتربت المسافة من منزلها كلما أحست بانقباض شديد في صدرها..تمنت لو أن المسافة تطول وتطول حتى ينقضي ذلك الليل الطويل البارد..فكرت أن تأمر السائق أن يجول في الشوارع حتى الصباح لكنها خجلت.
ليتها كانت تجيد السياقة لكانت قضت الليل كله تجوب في الشوارع حتى تهرب من مواجهة تلك الوحدة القاتلة التي تنتظرها في البيت.
وصلت إلى منزلها, ذلك البيت الكبير في الشارع الهادئ الذي يعمه سكون يوحي بالموت و الصقيع في جميع الفصول وفي جميع الأوقات لا يشاركها فيه الا الأثاث والبواب وزوجته الخادمة .
استقبلتها الخادمة أمام الباب لتخبرها أن كل شيء جاهز العشاء وإبريق القهوة ولوازم الحمام وتستأذنها لتسارع إلى حضن زوجها البواب لتستمتع يدفئه في تلك الليلة الباردة.
جلست على مائدة العشاء كعادتها وحيدة حاولت إن تملا معدتها بأي شيء لكن شهيتها لم تطاوعها فتركت الطاولة نحو غرفة مكتبها تستنجد بكتاب يونس وحدتها وتغوص فيه هروبا من تلك الوحدة القاتلة لكنها لم تجد لديها إي قابلية للقراءة فالقراءة تتطلب التركيز وتفكيرها كان مشتتا حينها. كانت لديها رغبة عارمة في من يشاركها سعادتها بذلك النجاح الذي حققه على خشبة المسرح وفي أمس الحاجة إلى من يؤنس وحدتها فبادرت بالاتصال بإحدى صديقاتها لكن صوتا منزعجا خافتا رد عليها أحرجت من نفسها وأقفلت الخط دون أن تتفوه بكلمة.
من سيصدق أن تلك المرأة التي كانت من ساعات قليلة فقط محفوفة بالمحييين والمعجبين والتي كان يعتبر محظوظا من حضي بنظرة أوبكلمة منها ولمسة بمصافحتها هي نفسها التي تقبع الآن وحيدة تشحت كلمة من ونيس أو رفيق .من كان يصدق أنها وبالرغم من شهرتها ونجوميتها, بالرغم من نجاحها في إدخال سعادة على الآخرين لم تستطع هي الشعور بهده السعادة.
استلقت فوق سريرها المتجمد تقلبت يمينا وشمالا,أغمضت عيناها محاولة الهروب من ذلك الواقع المرير علها تجد عالما أجمل وادفأ في أحلامها تهيم فيها وتنعم فيه بما عجز الواقع أن يمدها به , لكن طيف النوم أبى آن يزورها في تلك الليلة فكان الأرق رفيق ليلتها...
وددتُ لو أن المسرحية لم تنته وأنها لا تزال على خشبة المسرح
منذ ساعات فقط كانت امرأة قوية ناجحة في حياتها, محفوفة بالمعجبين والمحبين والعاشقين كانت المرأة التي تستطيع بنظرة منها اسر قلوب كل من يصادفها .منذ سويعات فقط كانت الشخصيات تتبارى كي تحضي باهتمام منها لكن ذلك كان فوق الخشبة وفي ثوب شخصية أخرى تبخرت بمجرد نزولها من فوق خشبة المسرح .
انكمشت كالحلزون مرة ثانية فوق سريرها و دفنت وجهها في الوسادة دات ريش النعام . ناجت النوم مرة أخرى كي يحملها بعيدا عن تلك الوحدة الموحشة لكنه أعلن العصيان وتركها للأرق يجوب بها بين الذكريات المريرة المتأرجحة بين خيانة الزوج وغدر الأصدقاء وفقدان الأهل.
كانت عقارب الساعة تسير كالسلحفاة والشمس أبت أن تطل من مخبئها لتدب الحياة وتشغل بطلتنا عن الاحساس بواقعها
لجأت إلى الحاسوب –الشبكة العنكبوتين- سبحت بين بحورها باحثه على شاطئ هادئ تسترخي فيه ولو للحظات لكن أملها خاب فأحست بالضجر فأغلقته ورجعت إلى سريرها. .نظرت نظرة استعطاف إلى الهاتف وكأنها ترجوه أن يرن فيأتيها بصوت ادمي يونس وحدتها ويحسسها بدفء افتقدته لكنه تعنت ولزم الصمت وأبى إن يشفي غليلها ...
ترددت قبل أن تمد يدها المرتعشة إلى درج مكتبها لتخرج الأقراص المنومة والتي سبق ومنعها الطبيب من استعمالها لتبلعها بمرارة وتسافر بعيدا عن واقعها ولا تفتح عينيها إلا على موعد دهابها الى المسرح لتعانق شخصيتها المحبوبة
ما أن أسدل الستار حتى تعالت الهتافات والتصفيقات وتدافع الجمهور أمام الباب الخاص بالممثلين حاملين الكاميرات والأقلام والمفكرات علهم يحضون بصورة تذكارية أو إمضاء شخصي من البطلة .
لم ينجح الحراس من إبعاد حشود المعجبين ولا صدهم ,فإعجابهم بالشخصية وحبهم للبطلة جعلهم يخترقون كل الحواجز للوصول إليها .
كانت سعيدة بذلك الرد الفعلي العفوي للجمهور, ومنبهرة بنجاحها في إيصال فكرة المسرحية إلى المتفرجين بفنية مميزة. لم تحتمل الحصار الذي فرض عليها من طرف الحراس بل خرجت إلى جمهورها وأشراقة عينيها تكشف على سعادتها لترتمي بين أحضانه وتنعم بدفء حبه العفوي .
كانت في غاية السعادة وهي تصافح وتحيي وتوقع وتبتسم أمام عدسات الكاميرات, مستمتعة بعبارات التنويه والتشجيع التي تسمعها هنا وهناك.
شيئا فشيئا بدء العدد المحيط بها يقل ويقل وشيئا فشيئا بدأت الجموع في الانصراف وما هي إلا لحظات حتى وجدت نفسها وحيدة والمكان فارغ إلا من سائقها الشخصي الذي ينتظر بفارغ الصبر انتهاء فترة عمله ليهرع إلى أحضان عروسه التي تنتظره بشوق ولهفة .
التفت يمينا وشمالا علها تجد احد المعجبين تقتل معه الوقت لتهرب من مواجهة وحدتها في تلك الليلة الشتوية القارصة الطويلة , لكنها لم تجد إلا حارس المسرح وفي عينيه نظرة استعطاف كي تترك المكان ليتسنى له إغلاق المسرح الاتجاه بدوره نحو دفء عائلته.
بخطى بطيئة اتجهت نحو سيارتها ما أن استقلتها حتى انطلق السائق في اتجاه منزلها.
كان الشارع يعج حيوية ونشاطا: أضواء وسيارات ومارة هنا وهناك وهي تنظر إلى الشارع من خلف نافذة السيارة وحسرة في عيونها وكلما اقتربت المسافة من منزلها كلما أحست بانقباض شديد في صدرها..تمنت لو أن المسافة تطول وتطول حتى ينقضي ذلك الليل الطويل البارد..فكرت أن تأمر السائق أن يجول في الشوارع حتى الصباح لكنها خجلت.
ليتها كانت تجيد السياقة لكانت قضت الليل كله تجوب في الشوارع حتى تهرب من مواجهة تلك الوحدة القاتلة التي تنتظرها في البيت.
وصلت إلى منزلها, ذلك البيت الكبير في الشارع الهادئ الذي يعمه سكون يوحي بالموت و الصقيع في جميع الفصول وفي جميع الأوقات لا يشاركها فيه الا الأثاث والبواب وزوجته الخادمة .
استقبلتها الخادمة أمام الباب لتخبرها أن كل شيء جاهز العشاء وإبريق القهوة ولوازم الحمام وتستأذنها لتسارع إلى حضن زوجها البواب لتستمتع يدفئه في تلك الليلة الباردة.
جلست على مائدة العشاء كعادتها وحيدة حاولت إن تملا معدتها بأي شيء لكن شهيتها لم تطاوعها فتركت الطاولة نحو غرفة مكتبها تستنجد بكتاب يونس وحدتها وتغوص فيه هروبا من تلك الوحدة القاتلة لكنها لم تجد لديها إي قابلية للقراءة فالقراءة تتطلب التركيز وتفكيرها كان مشتتا حينها. كانت لديها رغبة عارمة في من يشاركها سعادتها بذلك النجاح الذي حققه على خشبة المسرح وفي أمس الحاجة إلى من يؤنس وحدتها فبادرت بالاتصال بإحدى صديقاتها لكن صوتا منزعجا خافتا رد عليها أحرجت من نفسها وأقفلت الخط دون أن تتفوه بكلمة.
من سيصدق أن تلك المرأة التي كانت من ساعات قليلة فقط محفوفة بالمحييين والمعجبين والتي كان يعتبر محظوظا من حضي بنظرة أوبكلمة منها ولمسة بمصافحتها هي نفسها التي تقبع الآن وحيدة تشحت كلمة من ونيس أو رفيق .من كان يصدق أنها وبالرغم من شهرتها ونجوميتها, بالرغم من نجاحها في إدخال سعادة على الآخرين لم تستطع هي الشعور بهده السعادة.
استلقت فوق سريرها المتجمد تقلبت يمينا وشمالا,أغمضت عيناها محاولة الهروب من ذلك الواقع المرير علها تجد عالما أجمل وادفأ في أحلامها تهيم فيها وتنعم فيه بما عجز الواقع أن يمدها به , لكن طيف النوم أبى آن يزورها في تلك الليلة فكان الأرق رفيق ليلتها...
وددتُ لو أن المسرحية لم تنته وأنها لا تزال على خشبة المسرح
منذ ساعات فقط كانت امرأة قوية ناجحة في حياتها, محفوفة بالمعجبين والمحبين والعاشقين كانت المرأة التي تستطيع بنظرة منها اسر قلوب كل من يصادفها .منذ سويعات فقط كانت الشخصيات تتبارى كي تحضي باهتمام منها لكن ذلك كان فوق الخشبة وفي ثوب شخصية أخرى تبخرت بمجرد نزولها من فوق خشبة المسرح .
انكمشت كالحلزون مرة ثانية فوق سريرها و دفنت وجهها في الوسادة دات ريش النعام . ناجت النوم مرة أخرى كي يحملها بعيدا عن تلك الوحدة الموحشة لكنه أعلن العصيان وتركها للأرق يجوب بها بين الذكريات المريرة المتأرجحة بين خيانة الزوج وغدر الأصدقاء وفقدان الأهل.
كانت عقارب الساعة تسير كالسلحفاة والشمس أبت أن تطل من مخبئها لتدب الحياة وتشغل بطلتنا عن الاحساس بواقعها
لجأت إلى الحاسوب –الشبكة العنكبوتين- سبحت بين بحورها باحثه على شاطئ هادئ تسترخي فيه ولو للحظات لكن أملها خاب فأحست بالضجر فأغلقته ورجعت إلى سريرها. .نظرت نظرة استعطاف إلى الهاتف وكأنها ترجوه أن يرن فيأتيها بصوت ادمي يونس وحدتها ويحسسها بدفء افتقدته لكنه تعنت ولزم الصمت وأبى إن يشفي غليلها ...
ترددت قبل أن تمد يدها المرتعشة إلى درج مكتبها لتخرج الأقراص المنومة والتي سبق ومنعها الطبيب من استعمالها لتبلعها بمرارة وتسافر بعيدا عن واقعها ولا تفتح عينيها إلا على موعد دهابها الى المسرح لتعانق شخصيتها المحبوبة
تعليق