"نصوص تحت الضوء"/ قصيدة "عروس الموت" للشاعر صادق حمزة منذر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سليمى السرايري
    مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
    • 08-01-2010
    • 13572

    #16


    الأخت العزيزة
    أميرة عبد الله


    شكرا لك على الكلمة اللطيفة غاليتي,
    في الحقيقة نحن لا نتجاهل أحدا و أنت تعرفين
    غير أن الوقت لا يرحم لسيما تعلمين مدى انشغالنا ومسؤولياتنا في الملتقى والغرفة.
    وكنتُ أتمنى لو تلبين دعواتي التي أحرص دائما أن أرسلها لك.

    يسعدني حضورك يا صديقتي ومشاركتك على المايك.


    محبّتي وتقديري



    لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

    تعليق

    • زهور بن السيد
      رئيس ملتقى النقد الأدبي
      • 15-09-2010
      • 578

      #17
      قراءة في قصيدة "عروس الموت" لصادق حمزة منذر
      تطل علينا القصيدة بعنوان إيحائي "عروس الموت"وهو عبارة عن مركب إضافي يحمل مفارقة واضحة بين مكونيه: (عروس) وتحيلنا إلى المرأة, والجمال والحب والخصب والعطاء..., واقترنت بصفة الموت, وتحمل دلالة النهاية والجمود, وهذه الحمولة الدلالية تنفي الجمال والرقة والحب الذي دلت عليه كلمة "عروس".
      وهكذا يمدنا العنوان بمؤشر قوي لتبين ملامح التيمة الأساسية في القصيدة, وهي المعاناة والتوزع بين الحياة والجمال والمتعة من جهة, والجمود والموت والنهاية من جهة أخرى.
      بعد قراءتنا للقصيدة, يتضح أنها تدور حول موضوع التمزق النفسي والمعاناة العاطفية الإنسانية والتعبير عن عدم الرضا في علاقة بطل النص مع الطرف الآخر/ المرأة/ الحبيبة.
      وتتفرع عن هذه الفكرة المحورية مجموعة من الوحدات الدلالية المرتبطة بها, وهي عبارة عن أسباب القلق النفسي والعاطفي, ونحددها كالتالي:
      ــ مخاطبة الحبيبة, ووضعها في صورة الحالة التي آل إليها البطل جراء معاناته في هذه العلاقة.
      ــ تنبيهها إلى ما يجب عليها فعله لرأب الصدع بينهما, وترميم هذه العلاقة.
      ــ تذكير البطل للطرف الآخر بكل ما مر في علاقتهما من حميمية,ولومهلها بالصدود والإنكار والجفاء.
      ــ دعوته لها إلى إحياء التفاعل معه في الحب.
      ــ استسلام بطل النص وانكساره واعترافه بالخسارة وبموت الحب في شبابه بينه وبين من يحب.
      استهل الشاعر قصيدته بمخاطبة الحبيبة (أتدرين) والخطاب هنا متضمن لنبرة الحزن والأسى, ليضعها في الصورة أمام الوضع المأزوم بينهما والذي ربما تجهله أو تتجاهله..
      ونحن نحس مع الشاعر ألم الجفاء والصدود وخيبة الأمل... إذ يعبر عن تذمره الشديد وحزنه الذي سيطر عليه حد اليأس من علاقة عاطفية آلت إلى الجمود والموت. يقول:
      أتدرينَ.. ؟؟
      بأني قد هجرتُ مواطنَ الأحبابْ ..؟؟
      وأنَّ الحبَّ أرّقني
      وباتَ لمقلتيَّ عذابْ
      وأني بِتُ مجهولاً
      من الإحساسْ
      وتهجرُ لهفتي الأنفاسْ
      وتطُرُدني حماقاتي
      وتدفعُني بعيداً عنكِ كلُ ضروبِ نَزْواتي
      بغير صوابْ
      وتتكثف دلالة الحزن والمعاناة من خلال مجموعة من المفردات والعبارت الدالة عليها: (الهجر ـ الأرق ـ عذاب ـ بت مجهول الإحساس ـ البعد..)
      البطل تعتريه حالة من الحزن مصدرها الفشل في الحب, وقد جعله الإحساس بالتمزق النفسي والضياع يدين الطرف الآخر/ المرأة, ويلقي باللوم عليها, ويعاتبها على ما آلت إليه الأمور بينهما من ضياع وفتور وجمود.
      ويحثها على الفعل والانفعال, فالاعصار لابد له من جموح والبارود لابد له من شذ, فيدعوها للاقتراب أكثر بفهمه وإرضائه, يقول:
      أتدرينَ ؟
      بأَنْ لا بُدّ للإعصارِ مِن جَمَحٍ
      وللبارودِ من شَذّةْ
      فلا تترددي أن تعرفي عن حالتي نُبذَةْ
      وأفضت به الآلام النفسية إلى أن يسترسل في عرض ما يؤرقه على مسامعها, ووصف الحالة التي وصل إليها:
      فقد أودى بي التكرارُ
      واعتادتْنِيَ الأوكارُ
      بتُ العابثَ المهزومَ فوق مجامرِ اللَذّةْ
      برغم غريزتي الفَذّةْ
      ودفقِ الرغبةِ العاتي
      أقاومُ عندكِ النبذَ
      ودفعَ الأخوةِ الأغرابْ
      ونجد الشاعر في المقطع الموالي حريصا على استحضار ذكريات حبه المتألق, وتذكير الطرف الآخر بها. لأن في استحضارها مبررا قويا لإدانة المرأة/ الشريكة في الحياة:
      أتذكرُني تلافيفُكْ ؟؟
      أيذكرُ لمستي جِلدُكْ ؟؟
      أيذكرُ صفقَ أشرعتي وعصفَ عواصفي بحرُكْ ؟؟
      أيذكرُ شطُّكِ الباكي
      معامعَ مَدّيَ المحمومِ يسبقُ جَزرِيَ المُنهَكْ ؟؟
      أيذكرُ دفءَ أمتعتي وغزوَ مواهبي مَهدُكْ ؟؟
      وحرص الشاعر على هذه الإدانة, واعتمد لهذه الدلالة أسلوب الاستفهام, أي الإدانة بصيغة تساؤلات لفهم هذا التبدل الطارئ الذي حدث في حياتهما, وذلك للتعبير عن الضياع والغربة في الحب وغربة الجسد.
      أملّتْ من تواقيعي تضاريسُكْ ؟؟
      أملّت إحتلالاتي متاريسُك ؟؟
      فهل تبقينَ صامتةً بلا شكوى
      وتبقى جنة ُ اللُّقيا
      بلا مأوى
      بلا ترحابْ
      ويسترسل البطل في توصيف حالة الحزن والمعاناة التي غدت ملمحا من ذاته, والتي ضاق بها ذرعا.
      وفي محاولة لترميم هذه العلاقة يناشدها العودة, وإن كان موقنا بأن لا جدوى من ذلك, يدعوها إلى الاقتراب والعودة إلى سابق عهدهما, فعاطفته ملتهبة, ونفسه تواقة إلى علاقة قوية تأسره, وإلى راحة نفسية وطمأنينة. يتوخى حبا قويا جامحا. يقول الشاعر:
      تعالي يا عروسَ الموتْ ..
      تعالي يا دموعَ الصمتِ
      يا ترنيمةَ الوجعِ
      تعالي يا مُخاصِمَتي أمامَ محاكمِ الوَلَعِ
      ألَا احترِقِي
      وفي أوصالِيَ اندلِعي
      لكن سرعان ما تعود تلك الروح التشاؤمية عند البطل, ويعلن الخسارة والاستسلام في المقطع الأخير من القصيدة, ويعبر عن خيبة أمل وإحساس قاتل بالفشل, إذ لا تجد الذات الشاعرة استجابة حقيقية من المرأة/ الحبيبة لتتفاعل معها وتشاركها عواطفها ونشوتها, فتعلن الخسارة والفشل..
      خَسارةْ ..
      لجهلٍ ماتَ في الحبِّ الشبابُ
      وطالَ في دمِنا احتضارهْ ..
      وتلكَ جسومُنا الموتى رماها خلفَ حاضرهِ
      لكي تعتاد أسوارَهْ ..
      خَسارةْ ..
      تآخى لَحمُنا وتشابهت فينا العُصارةْ ..
      خَسارةْ ..
      نشوقُ لأننا ما عادَ يجمعنا فراشْ
      وما زلنا نموتُ عِطاشْ
      وتُقمَعُ في مضاجِعِنا الإثارةْ

      .....
      القصيدة ناطقة بأحاسيس وانفعالات إنسانية قوية, حب تتجاذبه أنواع من العواطف, الحزن والشوق والحرمان والفشل..
      هذا على مستوى المضامين والدلالات في النص, أما على مستوى الخصائص الفنية أسجل ما يلي:
      ــ لغة النص: تميل إلى البساطة, وتنسجم كثيرا مع الموضوع وانفعالات الشاعر, فقد كان الحنين والولع والمعاناة يملأ نفسية الذات المبدعة, ولم يكن بد من تخير الألفاظ والعبارات التي تقابل ما يعتمل في النفس من عاطفة وأحاسيس متأججة.
      وسهولة التعبير وبساطة اللغة خاصية من خصائص الجانب الفني في الشعر الوجداني الحديث.
      وقد سخر الشاعر صادق حمزة منذر هذه اللغة اللينة للتعبير عن تجربة عاطفية إنسانية أشد ألما ومعاناة على نحو ما قرأنا في القصيدة.
      وكان الشاعر يحيد عن هذه اللغة المألوفة, ويلجأ إلى التعبير بالصورة (الإيحائية والبلاغية) لتوضيح عاطفة قوية أو حالة مأزومة, وهي صور مرتبطة ارتباطا قويا بأحاسيس الشاعر وذاكرته.
      وقد أبدع الشاعر في تصوير أحاسيسه ومشاعره ورصد حالات النفس كما يشعر بها. وقد اشتمل النص على جملة من الصور الاستعارية, ونذكر على سبيل التمثيل لا الحصر:
      أتذكرني تلافيفك ـ أيذكر لمستي جلدك ـ تهجر لهفتي الأنفاس ـ تطردني حماقاتي..
      وبالإضافة إلى الانزياح الدلالي:
      تعالي يا عروس الموت ـ لاألَا احترِقِي ـ وفي أوصالِيَ اندلِعي ـ بت العابث المهزوم فوق مجامر اللذة ...
      ــ تتميز القصيدة أيضا على مستوى البناء بتسلسل الأفكار والعواطف, فهي سرد وعرض من طرف واحد لسلبيات الطرف الآخر الحاضر في قفص الاتهام, والغائب بالرأي والدفاع.
      بطل القصيدة أخذ موقع اللائم والمدين والناصح, يعرف أين موطن الخلل في العلاقة بين الطرفين, ويبني تصوره لما يجب أن يكون, وقد اقتضى هذا عرض سلسلة من العواطف والأحاسيس الجامحة, وكل الأفكار تأتلف حول موضوع واحد هو موضوع عاطفي إنساني, يحاول تصحيح العلاقة بين الرجل والمرأة من وجهة نظر الذات الشاعرة, وانطلاقا من عرض المعاناة الذاتية.
      ــ الأساليب: سخر الشاعر مجموعة من الأساليب للتعبير عن تجربته وعلى رأسها الانشاء الطلبي, النداء والاستفهام بشكل خاص الذي عكس حالة التذمر النفسي والحسرة والاحساس بالفشل..
      استطاعت القصيدة تصوير هذا المنحى الرومانسي من قلق نفسي وحزن ومعاناة وغربة في الحب والجمال, حيث فشل البطل في تحقيق السكينة النفسية في علاقته مع المرأة وعن طريق الحب..
      أهنئك شاعرنا المبدع صادق حمزة منذر على تجربتك الشعرية.
      كل التقدي والاحترام

      تعليق

      يعمل...
      X