الذبــــــــاب
حين عزمت على العودة وجدت ما يشدني ويمنعني منها، من دون أن أعرف لذلك سببا..فتور لم أعهده في سفرياتي السابقة ..لقد كانت بحق دائما تستهويني، وتجذبني، فما أشعر إلا وأنا المتسكع الوحيد في أنهجها التي لا تعرف أحدا يهدر وقته الثمين سواي..فالكل ينتهز ساعاته ، إلا أنا أراها تنتهزني في حلي، وفي سفري..
حملت بعض ما تعودت حمله في مثل هذه الأسفار، وخرجت وحيدا بعد أن ودعت أهل البيت.. وصلت الساحة الكبيرة التي تنزل فيها الطائرات، وتطير منها، والتي يسمونها تجاوزا هنا في بلدي ًمطارً.. استكملت الإجراءات التي تسمح لي بالخروج، ووجدتني أمرق إلى بطن هذه الطائرة التي كلما امتطيتها شعرت بجبال تنزاح من على كاهلي ..
ساعات طوال قضيتها أتلهى بالتسليات المحملة على جهاز هاتفي النقال..ورحت أحاول إعادة ترتيب الأرقام من 1 إلى 15 .. ولما رأتني جارتي أسرف في تضييع وقتي، ناولتني مجلة ظانة أنني أشكر لها صنيعها، ولولا أنني رأيتها عجوزا لا تتحمل الصفع لصفعتها، لأنني منذ صغري لا أطيق رؤية الكتب، أو المجلات الجادة،ولكنني تظاهرت بالفرح، ورحت أقلب الصفحات، ولسوء حظي كانت خالية من الصور.. عدت إلى عنوانها، فلم أفهمه..تبادر إلى ذهن المخلوقة أنني أبحث عن رقم المجلة، فقالت : إنه العدد الأخير.. حملقت في وجهها، ودسست عيني في المجلة، ورحت أقلب صفحاتها أتهجى الحروف تارة، وأدخل حينا من الدهر في أحلام يقظة، وأخيرا لم أستفق إلا على صوت المضيفة يدعونا إلى شد الأحزمة لأن الطائرة تستعد للهبوط .. أعدت المجلة لصاحبتها من دون أن أشكرها حتى لا تكرر مثل هذه السلوكات مع غيري من أعداء الحرف..شددت حزامي..وألقيت نظرة من النافذة فتراءت لي نيويورك بناطحات سحابها كأنها بيوت طينية ملتصقة بالأرض، ثم بدأت تكبر شيئا فشيئا..
يوم جميل حقا.. جو ربيعي .. فالربيع هنا ربيع، وليس صيفا أو شتاء..أما فصولنا نحن فكلها إما خريف، أو خريف، أو خريف... جثمت الطائرة على الأرضية..
الآن ..قل عن هذا المكان ًمطار ً ولا تخجل..
أسرعت في النزول..ليس لي سوى حقيبة صغيرة، لأنني ذاهب، ولو كنت عائدا لـطفح الكيل..
وقفت في الطابور ..والعادة ان ليس هنالك طوابير.. ما الجديد؟.. بعضنا فقط يدقق معهم.. أما الآخرون من أمثال جارتي العجوز من ذوي البشرة غير السمراء، او السوداء فكان لهم شأن آخر..إنهم أصحاب البيت..
جاء دوري تقدمت وبصمت..فجأة ..هناك من يرمقني ويطيل النظر إلى كتفي..أشعر بامتعاض.. أتلمس كتفي .. تنتقل عيناه إلى الكتف الآخر أتلمسه..تجمدت عيناه بكتفي، وتجمدت في مكاني.. يمد يده إلى سماعة الهاتف: الو.. هوليود.. إن ما تبحثون عنه وصل.. عددهم أربعة .. نعم من دون حاملها..
فرحت ، هوليود .. إذن سأقوم بدور ما في السينما.. التفت ..لكن ما حكايةالأربعة ، فأنا وحيد، ليس هناك غيري.. هناك خلل ما .. حجزوني لأكثر من ساعة..
أبواق إنذار تنطلق من سيارة تصل إلى المكان..
أين هـــم؟؟ .. يدلونهم عليّ.. أحاط بعناية فائقة وأنا أركب السيارة التي أحكم إقفال أبوابها.. العيون تقع على كتفيّ .. تنطلق السيارة ، تطلق أبواقها.. يخلون لها الطريق.. نصل إلى هدفنا ، ننزل من السيارة ، يحيط بي بعضهم ، يقودونني إلى حديقة واسعة .. أسأل عن وجودي بهذا المكان..
سيدي : نقدم اعتذارنا على الإزعاج ، ولكننا فقط بحاجة إلى الذبابات الأربع التي حملتها معك من افريقيا حتى نستنسخ منها .. فالذباب الأسود انقرض منذ وقت طويل.. وقد نحتفظ بك لأنك قد تكون المكان المفضل لتكاثره..فكرت في الأمر..وضربت أخماسي في أسداسي.. فما وجدت أنني لا أصلح فعلا لشيء سوى لإنتاج الذباب..وأشرت عليهم بعدم فتح مناقصات لأن المنافسة ستغرق سوقهم..
حين عزمت على العودة وجدت ما يشدني ويمنعني منها، من دون أن أعرف لذلك سببا..فتور لم أعهده في سفرياتي السابقة ..لقد كانت بحق دائما تستهويني، وتجذبني، فما أشعر إلا وأنا المتسكع الوحيد في أنهجها التي لا تعرف أحدا يهدر وقته الثمين سواي..فالكل ينتهز ساعاته ، إلا أنا أراها تنتهزني في حلي، وفي سفري..
حملت بعض ما تعودت حمله في مثل هذه الأسفار، وخرجت وحيدا بعد أن ودعت أهل البيت.. وصلت الساحة الكبيرة التي تنزل فيها الطائرات، وتطير منها، والتي يسمونها تجاوزا هنا في بلدي ًمطارً.. استكملت الإجراءات التي تسمح لي بالخروج، ووجدتني أمرق إلى بطن هذه الطائرة التي كلما امتطيتها شعرت بجبال تنزاح من على كاهلي ..
ساعات طوال قضيتها أتلهى بالتسليات المحملة على جهاز هاتفي النقال..ورحت أحاول إعادة ترتيب الأرقام من 1 إلى 15 .. ولما رأتني جارتي أسرف في تضييع وقتي، ناولتني مجلة ظانة أنني أشكر لها صنيعها، ولولا أنني رأيتها عجوزا لا تتحمل الصفع لصفعتها، لأنني منذ صغري لا أطيق رؤية الكتب، أو المجلات الجادة،ولكنني تظاهرت بالفرح، ورحت أقلب الصفحات، ولسوء حظي كانت خالية من الصور.. عدت إلى عنوانها، فلم أفهمه..تبادر إلى ذهن المخلوقة أنني أبحث عن رقم المجلة، فقالت : إنه العدد الأخير.. حملقت في وجهها، ودسست عيني في المجلة، ورحت أقلب صفحاتها أتهجى الحروف تارة، وأدخل حينا من الدهر في أحلام يقظة، وأخيرا لم أستفق إلا على صوت المضيفة يدعونا إلى شد الأحزمة لأن الطائرة تستعد للهبوط .. أعدت المجلة لصاحبتها من دون أن أشكرها حتى لا تكرر مثل هذه السلوكات مع غيري من أعداء الحرف..شددت حزامي..وألقيت نظرة من النافذة فتراءت لي نيويورك بناطحات سحابها كأنها بيوت طينية ملتصقة بالأرض، ثم بدأت تكبر شيئا فشيئا..
يوم جميل حقا.. جو ربيعي .. فالربيع هنا ربيع، وليس صيفا أو شتاء..أما فصولنا نحن فكلها إما خريف، أو خريف، أو خريف... جثمت الطائرة على الأرضية..
الآن ..قل عن هذا المكان ًمطار ً ولا تخجل..
أسرعت في النزول..ليس لي سوى حقيبة صغيرة، لأنني ذاهب، ولو كنت عائدا لـطفح الكيل..
وقفت في الطابور ..والعادة ان ليس هنالك طوابير.. ما الجديد؟.. بعضنا فقط يدقق معهم.. أما الآخرون من أمثال جارتي العجوز من ذوي البشرة غير السمراء، او السوداء فكان لهم شأن آخر..إنهم أصحاب البيت..
جاء دوري تقدمت وبصمت..فجأة ..هناك من يرمقني ويطيل النظر إلى كتفي..أشعر بامتعاض.. أتلمس كتفي .. تنتقل عيناه إلى الكتف الآخر أتلمسه..تجمدت عيناه بكتفي، وتجمدت في مكاني.. يمد يده إلى سماعة الهاتف: الو.. هوليود.. إن ما تبحثون عنه وصل.. عددهم أربعة .. نعم من دون حاملها..
فرحت ، هوليود .. إذن سأقوم بدور ما في السينما.. التفت ..لكن ما حكايةالأربعة ، فأنا وحيد، ليس هناك غيري.. هناك خلل ما .. حجزوني لأكثر من ساعة..
أبواق إنذار تنطلق من سيارة تصل إلى المكان..
أين هـــم؟؟ .. يدلونهم عليّ.. أحاط بعناية فائقة وأنا أركب السيارة التي أحكم إقفال أبوابها.. العيون تقع على كتفيّ .. تنطلق السيارة ، تطلق أبواقها.. يخلون لها الطريق.. نصل إلى هدفنا ، ننزل من السيارة ، يحيط بي بعضهم ، يقودونني إلى حديقة واسعة .. أسأل عن وجودي بهذا المكان..
سيدي : نقدم اعتذارنا على الإزعاج ، ولكننا فقط بحاجة إلى الذبابات الأربع التي حملتها معك من افريقيا حتى نستنسخ منها .. فالذباب الأسود انقرض منذ وقت طويل.. وقد نحتفظ بك لأنك قد تكون المكان المفضل لتكاثره..فكرت في الأمر..وضربت أخماسي في أسداسي.. فما وجدت أنني لا أصلح فعلا لشيء سوى لإنتاج الذباب..وأشرت عليهم بعدم فتح مناقصات لأن المنافسة ستغرق سوقهم..
تعليق