قراءة انقلابية في قصّـ(انقلاب لحظي/أحمد عيسى)
محمد سليم :
محمد سليم :
بين حانة ومانة,,تذكرتُ في آن..أهل قريتي النائية والفقيرة,,كلما أشتد بهم الفقر وفتك بهم الجوع أكثر وتخطفهم العوز والحرمان تخطّفا..كلما خلعوا ثيابهم بطيب خاطر وذهبوا لـ ترزي القرية..طوابير مُكدسة طوابير مُهلهلة تنتظر المقص أن يفعل فعلته الشنعاء بها..ليعودوا أكثر سعادة بعدما "قيّف, ضيّق, ظبّط, رقّع" ثيابهم تلك إلتي تستصرخهم طالبة حريتها من دكتاتورية جلودهم..والفائز بحريته" خِرقة من قماش" يسرقه الترزي أُجرة ما فعل بها,,هذا مقارنة بالعودة لزماننا هذا إذ تتكدس خزائن الغنى بثياب ما أنزل الله بها من سلطان و..الفقير المُعدم لم يعد يشحذ بالمطلق بل صار أكثر بجاحة في مطالبته بمصاري الغني إن لم يسرقها من أحشائه سرقة!..بين فينة وفينة..كنتُ أُحدّق بهذا النصّ القصصي من رأس عنوانه..وأتناول السؤال تلو السؤال كيف يكون الانقلاب من حال لحال بلحظة؟!وكيف للحظة أن تحمل الشيء وضده معا؟!,,وبلُحيظةٍ أخرى خاطفة,,قلت:دعونا من القراءة التفكيكية التي لا تجذب زبونا ولا قاصّا؟,,فالكل قد أترضى هندامه,,وكأني بها كنت أحدث نفسي سرا وأقصقص حالي مزعا مزعا,,ولنذهب الآن في جمهرة..نُعدّل ونبدل في تلكم القصة..بما يناسب مزاج اللحظ الآنية,,ثم,,نرقص معا على إيقاع الدفوف كرقص ديوك مذبوحة من الألم..أليس هذا هو المعنى المُراد بقول القاصة أحلام مستغانمي:هذه المرأة التي على إيقاع الدفوف القسطنطينية,تطارحك الرقص كما لو كانت تطارحك البكاء..فأي جديد أتت به القاصة ليزيد في الدلالة والمعنى بيتاً؟! غير أنها سرقت من عقولنا الصورة البلاغية المتخيلة بإيحاءاتها المحفورة على مر الزمن لتسوّق لنا كلمات إنشائية مرسومة على الورق؟!كي نتساءل معها كيف تكون مطارحة امرأة بكاءً ..ورقصا؟! وما المُطارحة غير ضغط العجينة لنسوي مرتفعاتها بيد على مِطرحة من خشب أمام فرن مُشتعل؟,,والآن لننتقل سويا من حرفية المطارحات الغرامية بما فيها من قُبلّ سوقيّة.. إلى ردهات المشفى والألم..لنطمئن على حال بطلنا...
وها هو بطل القصّ الشاب يخبرنا من أول سطر؛أن أحداهن على سهوة صرخت فيه بقولها كمْ أحسدك يا جباااااااار,,ومضت لحال سبيلها خلف الجدار,,هاهاهاها يلعبوا أستغماية بالأحلام من جدار لجدار,,لم تأت للفتى جرأةً ليجري بأثرها ليلامس بيديه جفونها ويهمس من خلفها أنا مين مين كما سينما الجماهير؟,,شو بيه هذا الشاب؟ أمريض أنت ياااااازلمة؟,,لا..هو بكامل سحنة الشباب صحة وحيوية ولديه عينا صقر..أغمض عينيه حالماً أنها تمتطي وتتمطى على كرسي هزاز يهنئ بها وكأنها بكرمة أم هانئ تنتظر إنضاج عناقيد العنب..خلعت عويناتها؟ ياااالطيف ياالطيف,,وماذا بعد الخلع..ناااامت بالطبع على جنب..بعد أن غلبها النعاس على الأريكة,,والشاب من طيبة قلبه تركها والشخيرعال العال..ليرسل لها رموش عينيه تحرس رموشها الناعسة,,من خلف الجدار؟ طبعا كل هذا حدث بانقلابية اللحظة..ولا عجب..ولو كنتُ أنا.. لأججتُ النااااار أشتعالا وأرسلت بارودتي مع رموشي على عجل أو ببسكلته موووووتوسيكل,,كي لا تحلم بأحد غيري,,وإلا بـ البارودة أُسيّح دمه,,والآن للنجوم التالية:
((***
أنتِ هشة جداً ، أخاف أن تتكسر يداكِ لو حللتِ قيودك.))
أذن الحبيبة رُقيقة رِقة لفّة رُقاق..خاتم الخطوبة أو الزواج هو قيدها..كيف واتته لحظية الفكرةأنها تتنتظر منه أن يخلع قيدها!؟ يا له من شاب..بمجرد أن قالت له أنثي مليحة يا جباااار استعلت نيران الثورة بأرجاء جسده..يُذكرني بــالمُفجر بو عزيزي التونسي صرخت الشرطية فيه هذا غير جائز إلا برخصة بلدية أشعلها نااااااااارلم تنطفئ.. وألا عبد الحليم حافظ لمّا غني ناااااار والكورال من خلفه يصدحون ناااااااااااااااريا حبيبي نااار..حتى شقشقة النهااااااااار ولم تصل رجالات المطافئ حتى بعد أن باع ملايين شرائط الكاست للمُعجبين والمعجبات وما زالت النيران مشتعلة..فكيف يستعذب الناس نار الحب حد الغناء؟..أتراهم مجانين؟.. يا خووووي بلا وكسة كده..دعك منهم ولنكن مع صاحبنا..
***))
هل تعلم أنها تراقبني منذ ساعة أو ربما أكثر ؟ هل ترى عيناها تتابعني مذ جلسنا هنا ؟ أخبرتك ولم تصدق ، أظنها تحبني حقاً !
لم يرد ، نظر لها في دهشة ، رأيتفي نظراته بعض إعجاب ، وشعرت بغيرة تشتعل داخلي وداخله ، اقتربت منه حتى صار وجهي أمام وجهه ، رفعت إصبعي حتى كاد يقتلع عينه فتأوهنا ، وقلت :
- حاذر يا صديقي ، فتلك من المحرمات
تراجع تملؤه الدهشة ، ثم هز كتفيه لا مبالياً واختفى من أمامي ، رأيتها تحادث زميلها ، و سمعت صوت ضحكتها تهز كياني ، نظرت لها محذراً ، وضعت غضب الدنيا كله في ملامحي ، ثم انصرفت غاضباً ، هكذا ستشعر بي ، وستعرف أن مشاعري لم تكن يوماً لعبة في يديها ، راودتني رغبتي أن أنظر خلفي ، أن أرى رد فعلها ، اختفيت خلف عمود من الرخام أمام مدخل المشفى ، نظرت إلى حيث كانت ، فوجدتها قد اختفت ، مخلفة أكواما من ذكرى وغضب.))
ولمّا وجدها المُتيّم مقيدة المعصم بخاتم ..لا مفر أن يُحدّث نفسه..مُتخيلا مُتوهما بين ذاته المفلوجة نصفين كأي محب ولهان تتجاذبه شتى التصورات والحِيل ولا يرضى إلا أن يكون حبيبه له حتى لو ناده هاتف من العقل، الضمير، الرجولة والشهامة والنخوة ..لا يسمع إلا نبضات قلبه هو ويختلق مليون حُجة وسبب لأعذاره..وهذا هو الحب بانقلاباته اللحظية التي تشغل حيز القلب الفارغ لينبض بقوة العشق؟!.ولذ جاء تلك العبارة التالية..
***))
ضعي يدك على قلبي ، وأخبريني ، هل تشعرين بي حقا ؟))
هاهاهاها,,يُلاعبها هذا الفتى الشقي..ويريدها أن تهدهد قلبه..ويريد إجابة بإخبارية ويا للهول.. يا صديقي..فــ لو وضعت الحبيبة يديها لــ فطْ القلب من مرقده رقصا وفرحا..ولقالت لك حينئذ قلبك ناااااااااااااار يا جباااااااار..ناار ( دخل في عِبك ناااااااارهاهاهاها)
***))أولد صباحاً حين تفتح باب غرفتي ، تنطق اسمي همساً فأشعر به بطيئاً كأنه لا يريد أن يغادر شفتيها ، أحاول أن أبدو هادئاً فأخاف أن يسبقني إليها ، أهرع لأخبرها كم تبدو جميلة هذا الصباح ، فتهرب مني ، أتبعها في الممر الطويل الذي يتسع أحياناً ويضيق أحياناً أخرى ، أجدها خلف الباب الخشبي تجفف دمعها ، قلت لها ذات دموع :
- هل تخشين الارتباط إلى هذا الحد ؟
أومأت برأسها فلم أعرف بالإيجاب أم بالنفي ، سمحت لنفسي أن ألتقط دمعتها الهاربة بين أصابعي ، قضيت ليلتي أحلل ذراتها في معملي ، أبحث في ملوحتها عن نفسي ، تعلمت الكيمياء من أجلها ، وأتقنت الشعر حتى تدركني ، قالت لي دموعها :
ابق معي ، ظلّ أرجوك كما أنت .
لم أبال بالخاتم الذي كان يحتل بنصرها اليسرى قبل شهور ، لم أسأل فيم لبسته ولم خلعته مرة أخرى ، لكني لا أنكر أن يدها بدونه أجمل ، هذه فتنة تلوثها الملابس والمصوغات ..
لقد خلقتِ لتكوني شفافة كما أنتِ .)) .
بطلنا,, من الليل ينتظرها" وكيف ينام بلا رموش؟ مُش ممكن طبعا فالرموش هى كساء العينين وهل ننام عرايا بلابيص بلا غطاء!"..وفي الصباح يخرج مولودا جديدا من طول السهر..إذ تَفتح غرفته وتهمس همسا باسمه.." لــ تحقنه حقنة بالعضل وربما في مكان آخر لولا الكسوف لكتبتها لكم..هاهاهاهاهاها" ثم تغادر بنغزة وبغمزة فيهرول خلفها..تهرب منه لردهة وتبكى وتبكى وتبكى والدموع تسح وتسح وتسح انهارا أنهارا يا ولدي ..ويا خيبتاه لم يخطفها بحضنه ويجفف دمعاتها بحرارته!..وإنما قال لها بصبابة البراءة" تصبب بلهجة لبنانية": يا دامعة العين الكحيلة هل تخشين الارتباط؟ حد البكاء( هل يجوز أنه تعشى مِسقعة بالدمعة؟..واللهِ يجوز برضك وطلعت على قلبه)..المهم أخيرا سرق حبّة دِمعة ؟والله معه( يُقال أن اللص يناجي ربه أن يوفّقه هاهاهاها بالستر),, المهم..عمل منها حكاية ونسج خيوط حدوتة عظيمة من دمعة..يحملها برفق..يتذوقها بعذوبة..يذهب بها لحكيم ليمرّضها ..ويحللها..والدمعة تكبر وتكبر وتكبر,,وأخيرا.. الدموع أطمئنت وأرتاح بالها وانتفخت كبالون العُرس المنفوخ وحدثته العين بالعين : كن معي وبداخلي,,هنا ولاشك صورة لم أرها من قبل ..تخيّل أن سعادتك .. سرقتْ دمعة فاره من عين حبيبتك؟ (بعد تقشير البصلة )..تخيّل..لا بد أن الدمعة حارة نااااااااااااااار..وبالقطع ســ تلسوعك( مفردة تلسوع..هل قابلتها من قبل بأي قصة هاهاها؟!)..لا يهم..المهم أنك أتلسوعت بنار العشق وأنا أمازحك و..وتحت يديك دمعة هل تدخل بها باحثا عن اللحمة هاهاهاها؟..هل تذوقت يوما دمع الحبيب؟..أسألني أنا واللهِ أنه لشرش مااااالح كماء الجبن القديمة حتى أنك تتعجب من هول ما تستمتع بها..,,ولتكملة الصورة دعونا نرى الآن البنصر..إلا يّذكرك بسكين الجزار الخنصر؟..هذا ما كان والخاتم بيدها اليسري؟ ياااااااجبار أذن متزوجة ولها بعلٌ سيضربك يضربك!؟وعند ها هنا نكتفي كي لا ندخل في جدار صلِد..وننتقل إلى النجوم التالية.....
((***
في مساء يشبهني رقصت رقصتي الأولى ، حين أمسكَتْ يدي ، رافقتني إلى الصالة الكبرى ، وطلبت مني أن أكون شريكها ، على وقع الموسيقى الحزينة صرنا معاً ، جسدين يحكمهما قانون واحد ، يحيط بهما كيان مادي متمايز ، وهالةٌ واحدةٌ متفردة ، لا يحكمنا إلا قانون الحب .
وهناك .. وجدتك في انتظاري ..
دقائق في صحبتها ، تطفئ نيران شوقك ، تضعها بين ذراعيك ، فتبتعد عنك
تريد لك أن تشتعل ، أن تزداد حبا وشوقا
وقبل لحظة من معانقة شفتيك تعطيك ظهرها وتمضي
تبتعد عنك وتقترب مني ..
أمسك يديها ، وأرجوها أن تبقى
كنت ستسألها : كيف كانت قبلتي الأولى ؟
هذه المرأة التي حملت ملامح ايزيس ، تحول بينك وبينها سماعة طبية ، ومعطف أبيض ، وشعرٌ ثائرٌ يشبهك
ولم تفعل ..
تنزع يديها وتمشي ، أصرخ بك وبها ، يذهلني صمتك كما يدهشني هروبها ، أتساقط أرضاً وكأن جسدي استجاب أخيراً لكل عوامل الجاذبية ، تعود إليَّ مسرعةٌ والفزع يبدو في ملامحها ، تضع رأسي على ركبتيها ، تتحسس شعري وأنا أبدو ذابلاً كأني زهرة فقدت ماءها مرة واحدة
أقول لها :
- هل تحبينني حقا ؟
فتهز رأسها إيجاباً ، أقسم أنها فعلت ، فأقول وأنا أشعر بالدماء تعود إلى جسدي مرة أخرى :
- فعلام تحسدينني إذاً ؟
تقترب مني حتى أشعر بعطرها وحرارة شفتيها ، تقول وهي بين ذراعي وأنفاسها الحرَّى تغطيني لأنتشي حد الثمالة :
((- أنك تعيش عالمك .
في ذات مساء ثوري كما حال بطلنا,,وضع العقدة بالمنشار..وبدأ النشر..هاهاهاها النشر موووالفشر؟,,يا عزيزي هناك فرق بين أن تعيش حياتك تتخيّل وتتوهم وتعشقها مستمتعا بكل لحظة فيما تتخيله وبين.. أن تعش حياتك مفلوجا نصفين بين شيئين متضادين..بالأولى تعيش عالمك سعيدا وبالثانية تعش معذبا..,,كما وأن القيود وإن كانت مُحدِدة للحرية إلا أنها لها قوانينها المتعارف عليها..الخ والخ نااااااااااااااار يا حبيبي نااااااااااار.وفااار يا روحي فاااااااار
***))
أترى .. عالمي وحدي من يثيرها ، أترى أنك لا شيء.))
وهنا,,بأخر جملة خبرية لم أجد علامة استفهام فهل لذلك من مغزى؟,,وهل يا هل تُرى ما هو الأجدى أن نتناغم مع العالم الذي نعيشه بأقوال وأفعال نُمثلها تمثيلا لنرضى الآخرين؟..أم نكن قيمة بعالمنا ونحقق ذواتنا بغض النظرعن نظارة " عوينات"الآخر المختلف ورغباته؟,,كثيرة كثيرة هي الأسئلة .. خاصة والقصّ ينسج نسيجا متشابكا بخيوط ميكروسكوبية غير جلية..حيث قضايا كثيرة تجعلك تلتحفها متدثرا بها..لتفُك إشكالاتها ...,, هل نحب من يشبهنا؟أم نعشق المخالف لنا ونريده لنُكمل به أنفسنا ؟لم يحب المريض طبيبه؟ولم تحب التلميذة أستاذها ؟..هل من الجنون أن نتخيّل لحظات مجنونة أيضا !؟..كثير هي الأسئلة بلا اجوبة ...,,
مكتفيا ,,إذ
مكتفيا ,,إذ
ربما تخطفني انقلابية اللحظة إلى مواضيع أخرى ...على شاكلة :
الشكر جل الشكر لكل من مر على قراءاتي المنشورة هنا بإشراقات نقدية ..
سواء بالقراءة العابرة أو بالمشاركة الفاعلة وأخص بالذكر؛
الأديب الفاضل وأخي العزيز الناقد / سالم الحميد
الأديب الكريم وأخي العزيز الناقد / الهوتمل أبو الفهد
والقاص/ة ,, إيمان الدرع , آسيا رحاحلية,احمد عيسى, ربيع عقب الباب ,دينا نبيل, منار يوسف
وجزيل الامتنان والعرفان أنى.. استمتعت معكم بما كتبتم أنتم أهل الأدب القصصي
وكنتُ بكل قراءة أستمتع حقا ......ومعذرة
تحياااااااااتي
حقا كانت مني قراءة انقلابية اللحظة لتكون الأخيرة ...فهل
رأيتم من قبل قراءة بها مزحة وعلى كل حال أظن أنها طريفة لنختم بها ؟!. أو
هكذا ظننت.............بن سوار مرسي بيغو..بس خلاااص.
هكذا ظننت.............بن سوار مرسي بيغو..بس خلاااص.
11/05/2012
تعليق