الهديــــــــــة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الضيف حمراوي
    أديب وكاتب
    • 28-11-2008
    • 70

    الهديــــــــــة

    الهدية

    وانطلق موكب العروس، الفقيرة بلا حدود، تحت زغاريد النسوة المعرسات الحادة المتحدية،تنتهك حرمة أذان الجارات المتطلعات من الزوايا والشقوق، وتنهدات الجدات، و الأمهات النافثات في العقد، وفي صدورهن.

    وآزرتها طلقات البارود ؛ تزرع الرعب في قلوب العذارى من سرعة هذا الزمن القاسي ،وتدمي بأصابعها الجارحة كلوم العوانس ؛ الواهنات ؛ الجالسات خلف الأبواب الموصدة، في هذه البيوت الفقيرة؛ المتهالكة الجدران ، المدعومة بظهور شبانها المقوسة ، الملفوفة في أسمال تربة، مغبرة ، متسخة ، يضحكون في بلاهة ، ساخرين من كل شيء ، يمتعون النظر بسعف الدوم الحاد ، وأكف التين الشوكي المستعدة ؛ والمتأهبة لصفع هذه الخدود المكدودة ؛ البلهاء ،بعيونها المتلصصة المترصدة.

    علا صوت من هناك مصدره " الزقاي" تصحبه قهقات هأ هأ هأ :

    - يا البكري ؛ أرأيتم هذه البرذعة التي يحملونها فرحين ، هأ – هأ- هأ ؟.

    تجاوبت معها قهقهات ساخرة؛ انطلقت من أسس الجدران المتقابلة؛ سرعان ما انكمشت، حين استدار نحوهم فارس من الموكب، وقبل أن يتحدث الفارس، أخرج حصانُه لسانَه؛ ثم قال - كما جرت عادة الحيوان في فن القول إلى اليوم - بلغة ركيكة من وراء لجامه، وكأنه يمضغ كرة من اللبان:

    - إن كنتم تسخرون منها ؛ فهي قد غادرت؛ على كل حال، و إن كنتم تسخرون منا؛ فإنكم لن تدركوا مقدار غبائكم إلا حين تعرفون البغل الذي نأخذها إليه... !. ثم استدار منصرفا؛وقد أغنى راكبه عناء الحديث.

    وبعد سنوات عديدة عادت العروس ، سيدة منعمة مع ابنها ؛ في سيارة فخمة رباعية الدفع، ملأى بالمئونة و الهدايا لجبر نفوس العوانس ، فخرج الناس مستطلعين يتساءلون؛ لزيارة من جاءت هذه السيدة الثرية؟ وكلهم يتمنى لو تجعل بيته مقصدها. وكان من بين الهدايا التي تلقاها "الزقاي" برذعة جديدة.... وارتفعت قهقهات هأ - هأ –هأ . ..




    الضيف حمراوي 14/5/2012
    التعديل الأخير تم بواسطة الضيف حمراوي; الساعة 02-04-2013, 15:58.
  • أحمدالحارون
    أديب وكاتب
    • 22-09-2009
    • 180

    #2
    سمات الفقر تتشابه فى النفس الإنسانية
    وروح السخرية والتهكم سلاحان يواجه بهما الفقير أحيانا حظه التعس
    لكن
    قد تعطينا الأيام على نحو لا نتوقعه
    فالرزق فى السماء، وإن كان مرتبطا بأسباب، فهناك المسبب
    كان اولى ببطلة قصتك أن تعفو وتصفح
    شكرى وتقديرى لكم
    لا هنتم وكونوا بخير
    قد ينعم الله بالبلوى وإنْ عظمت
    ويبتلى الله بعضَ القوم بالنِّــــعمِ

    تعليق

    • ريما ريماوي
      عضو الملتقى
      • 07-05-2011
      • 8501

      #3
      نعم وما الرزق إلا على الله ..
      نص طريف بحبكته ..
      صيغ بحنكة ودراية ..
      عميق في هدفه ...

      والعروس انتقمت من الزقاي
      المستهزيء بها من خلال
      الهدية التي وصفها بها...

      أهلا وسهلا بك الضيف الحمراوي..
      وبعودتك الميمونة...


      تحيتي واحترامي.


      أنين ناي
      يبث الحنين لأصله
      غصن مورّق صغير.

      تعليق

      يعمل...
      X