لــــــقاء
........
سبعٌ عِجافٌ
وحِبالُ الوصلِ مقطوعةٌ
وأبوابُ الودِّ موصدة
شجراتُ البعدِ تحنظلتْ وأثمرتْ
والبينُ أحتسي مرارته
وُيقرحُ الهجر قلبي
والبؤسُ يقبلُ علىَّ حاسراً وجههُ
لا يستحْيى مني ولا يعتذرْ
ويوشك ميزانُ الإرادةِ داخلي أن ينكسر
وأسئلة حيرى، ودوامة تضيقُ ولا تنفرجُ
وأجرجر أقدامى فى تثاقلٍ وذهولٍ
وصرتُ كمريضٍ من غير مرضٍ
أو كدرهمٍٍ زائفٍ لا يقبله الناس
ورغم ذلك
أزيدُ وأتيه بها كلفاً وشوقاً
وقلبى من الأسى عليها يكادُ ينسحقُ
وأتمنى
أن أستخرجَ من أعماقى عشقّاً كامناً
فقد غرس الهجر أنيابه فى أركان وجدانى
ولمّا كنتُ معصورَ القلبِ
حزينَ الفؤادِ
مكدر المزاج
وبدا كلُّ شيءٍ كالحاً
حملتُ حقيبتى وذكرياتى
واتخذتُ من السفر مطيةً
علنى أنجو مما يلاحقُ فكرى
وبجوار نافذة القطار أسكنتُ بدنى
تحتضنُ أناملى ستارتها مداعبة
وأغرسُ فى كبد السماء عينى
متمنياً
أنْ اُقْذَفَ وحقيبتى حيث لا يُراني
فلعل السلوَ ينجيني
وليتَ البعدَ يُنسيني
وعلى غير وعد
ودون سابقِ موعدِ
وقبل أن ينغرسَ عقربُ ساعتى
بــ رأس السادسة
ليعلنَ مولدَ رحلة قطارى
سمعتُ صوتاً من صوبٍ
جاءتْ ترفلُ فى سواد عباءتها
وتكومتْ فى زاويةِ المقد
استوثقتْ من جِلستها قبالتى
ونامتْ حقيبة أشيائها على ركبتيها
ترقبُ خفق قلبها المتلاحق
تتورعُ خواطرها
وتخشعُ أفكارها
ولسانُ حالها يقولُ للجميعِِ
صهٍ، أو سبحوا
وبالجمال تيمموا
إنها " ليلى"
وأجزم أني بها لمجنون
فكم نقشتْ اسمها فى دفاترى
وبين المقل
أتراهُ القدر؟
يطَّرزُ لى سويعاتٍ قربٍ مرجوة
هالها منظرى وأدركتْ
أن زواجها دقَّني دقَّ الرحى لما تدورُ عليه
وخيم علينا سكونُ قاعاتِ الموتى للحظات
جلست قبالتى كجبلٍ لا يتزعزع
لكن على محياها اصفرار الهوى
وحين تلاقتْ عينانا
سفكَ وجهها دم الخجل
وزكا عبيرها أنوفَ الحاضرين
فــ كستْ المكانَ طهرَ حباتِ الندى
فقد أوتيتْ من الحسن أعجبه
ومن الطيبةِ مداها
وكانتْ فطرتها تفوق حسنها حسناً
فهى بين العطر مسكٌّ
وبين الزهر ياسمينة
و
وجاءتْ بوصلٍ حينَ لا ينفعُ الوصلُ
وكنتُ قبالتها كعودِ حشيشٍ
تحركه أدنى ريح
و
استيقظ الماضى الملتصقُ بــ نياطِ الفؤاد
وانبجس صديدُ الذكرياتِ
واشتعل الجوى المخبأ بــ دثار القلبِ
وهزنى وجدٌ لا طاقة لــ صدرٍ به
وشوقى يهفو من تحتِ غشاء الحياء
وما توقع كلانا الذى وقع
وراحتْ بطرف العين ترنو
كمن يلوكُ علكته بتؤدة
وبــ بسمةِ ثغر تقطر شهداً أومأتْ
هذا انتمائى إليك
على البعد أعلنهُ
وكان طولُ الدربِِ رجاءً يظلنى
وأستشعرُ قيامة مؤجلة حين ينقطعُ
ورحتُ أتابع كى لا يطيشُ لنظراتها سهمٌ
ولا يسقطُ لحركةٍ منها فهمٌ
وهربتُ من نظرتها بإطراقة ملجومة بحياء
وتزاحمتْ الأسئلة حيرى فى رأسينا
وتراقص القلق على وجهينا
واشتد خغفان نبض الهوى
وهزَّ الوجد منا أفنان القلوب
وبعثنا شكاية الهجر
وبين
قلبٍ يئن
وصدر يتنهد
وحلمٍ شجىٍّ يسبح فى خيالي
وثمرة شهية مغموسة بمعصية
دوى فى أعماقى صوتٌ يقولُ:
هذا ليس لي
هذا لا ينبغي لى
فانا دوماً
أحذرُ خطواتِ الخطايا ووقعها
وأهربُ من بثِّ الأماني بالمنايا
ويتوقف قطارى
وأفتح جفنى على مهلٍ
فأفيقُ على حلم جميل كنتُ أشتهيه
وأطلقتْ عينى دمعة وقعت أرضاً فتكسرتْ
وعدتُ أدراجى على ذات القطار ــ ونفس المقعد
أخوض فى دمعي
وأتوكأ على منسأة الذكريات
وعلمتُ أني
ما لى عن هواها فطام.
....
من دفتر ذكريات
(أحمد الحارون)
المنصورة
........
سبعٌ عِجافٌ
وحِبالُ الوصلِ مقطوعةٌ
وأبوابُ الودِّ موصدة
شجراتُ البعدِ تحنظلتْ وأثمرتْ
والبينُ أحتسي مرارته
وُيقرحُ الهجر قلبي
والبؤسُ يقبلُ علىَّ حاسراً وجههُ
لا يستحْيى مني ولا يعتذرْ
ويوشك ميزانُ الإرادةِ داخلي أن ينكسر
وأسئلة حيرى، ودوامة تضيقُ ولا تنفرجُ
وأجرجر أقدامى فى تثاقلٍ وذهولٍ
وصرتُ كمريضٍ من غير مرضٍ
أو كدرهمٍٍ زائفٍ لا يقبله الناس
ورغم ذلك
أزيدُ وأتيه بها كلفاً وشوقاً
وقلبى من الأسى عليها يكادُ ينسحقُ
وأتمنى
أن أستخرجَ من أعماقى عشقّاً كامناً
فقد غرس الهجر أنيابه فى أركان وجدانى
ولمّا كنتُ معصورَ القلبِ
حزينَ الفؤادِ
مكدر المزاج
وبدا كلُّ شيءٍ كالحاً
حملتُ حقيبتى وذكرياتى
واتخذتُ من السفر مطيةً
علنى أنجو مما يلاحقُ فكرى
وبجوار نافذة القطار أسكنتُ بدنى
تحتضنُ أناملى ستارتها مداعبة
وأغرسُ فى كبد السماء عينى
متمنياً
أنْ اُقْذَفَ وحقيبتى حيث لا يُراني
فلعل السلوَ ينجيني
وليتَ البعدَ يُنسيني
وعلى غير وعد
ودون سابقِ موعدِ
وقبل أن ينغرسَ عقربُ ساعتى
بــ رأس السادسة
ليعلنَ مولدَ رحلة قطارى
سمعتُ صوتاً من صوبٍ
جاءتْ ترفلُ فى سواد عباءتها
وتكومتْ فى زاويةِ المقد
استوثقتْ من جِلستها قبالتى
ونامتْ حقيبة أشيائها على ركبتيها
ترقبُ خفق قلبها المتلاحق
تتورعُ خواطرها
وتخشعُ أفكارها
ولسانُ حالها يقولُ للجميعِِ
صهٍ، أو سبحوا
وبالجمال تيمموا
إنها " ليلى"
وأجزم أني بها لمجنون
فكم نقشتْ اسمها فى دفاترى
وبين المقل
أتراهُ القدر؟
يطَّرزُ لى سويعاتٍ قربٍ مرجوة
هالها منظرى وأدركتْ
أن زواجها دقَّني دقَّ الرحى لما تدورُ عليه
وخيم علينا سكونُ قاعاتِ الموتى للحظات
جلست قبالتى كجبلٍ لا يتزعزع
لكن على محياها اصفرار الهوى
وحين تلاقتْ عينانا
سفكَ وجهها دم الخجل
وزكا عبيرها أنوفَ الحاضرين
فــ كستْ المكانَ طهرَ حباتِ الندى
فقد أوتيتْ من الحسن أعجبه
ومن الطيبةِ مداها
وكانتْ فطرتها تفوق حسنها حسناً
فهى بين العطر مسكٌّ
وبين الزهر ياسمينة
و
وجاءتْ بوصلٍ حينَ لا ينفعُ الوصلُ
وكنتُ قبالتها كعودِ حشيشٍ
تحركه أدنى ريح
و
استيقظ الماضى الملتصقُ بــ نياطِ الفؤاد
وانبجس صديدُ الذكرياتِ
واشتعل الجوى المخبأ بــ دثار القلبِ
وهزنى وجدٌ لا طاقة لــ صدرٍ به
وشوقى يهفو من تحتِ غشاء الحياء
وما توقع كلانا الذى وقع
وراحتْ بطرف العين ترنو
كمن يلوكُ علكته بتؤدة
وبــ بسمةِ ثغر تقطر شهداً أومأتْ
هذا انتمائى إليك
على البعد أعلنهُ
وكان طولُ الدربِِ رجاءً يظلنى
وأستشعرُ قيامة مؤجلة حين ينقطعُ
ورحتُ أتابع كى لا يطيشُ لنظراتها سهمٌ
ولا يسقطُ لحركةٍ منها فهمٌ
وهربتُ من نظرتها بإطراقة ملجومة بحياء
وتزاحمتْ الأسئلة حيرى فى رأسينا
وتراقص القلق على وجهينا
واشتد خغفان نبض الهوى
وهزَّ الوجد منا أفنان القلوب
وبعثنا شكاية الهجر
وبين
قلبٍ يئن
وصدر يتنهد
وحلمٍ شجىٍّ يسبح فى خيالي
وثمرة شهية مغموسة بمعصية
دوى فى أعماقى صوتٌ يقولُ:
هذا ليس لي
هذا لا ينبغي لى
فانا دوماً
أحذرُ خطواتِ الخطايا ووقعها
وأهربُ من بثِّ الأماني بالمنايا
ويتوقف قطارى
وأفتح جفنى على مهلٍ
فأفيقُ على حلم جميل كنتُ أشتهيه
وأطلقتْ عينى دمعة وقعت أرضاً فتكسرتْ
وعدتُ أدراجى على ذات القطار ــ ونفس المقعد
أخوض فى دمعي
وأتوكأ على منسأة الذكريات
وعلمتُ أني
ما لى عن هواها فطام.
....
من دفتر ذكريات
(أحمد الحارون)
المنصورة
تعليق