الاعمى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسام فوزي سعيد
    أديب وكاتب
    • 26-05-2012
    • 19

    الاعمى

    الأعمى
    أمسية من عذاب في إحدى أجنحة اليأس، و رجلٌ في مقتبل العمر هناك يجلسُ و الدموع..
    جميلُ الوجه؛ هيبة ووقار، مقلتان كالبحر أسرارهما.. و رموش تحسده عليها آلافُ الجميلات.
    كأبطال الروايات وصفه!!
    ملامح وجهه اليوم جامدة..
    بعد ثورة حياة و صخب شباب!!
    اليوم هو ربُّ عائلة؛ لديه زوجة و أطفال في براري الفقر تائهون!!
    و هو رويداً رويدا في نفق دامس يسير.
    القدر يطلق رصاصة المرض، تصيبه في مقتل نظر..
    يكادُ لا يلمس من أقمشة النور إلاّ أثواب الظلام!!
    رفيقة عمره مواسية، تشد على يده و العبراتُ تتدافع في عينيها، تصرخ بصمت ألف صرخة..
    و صوتٌ على دروب الرجاء خافت يقول: - الصبر حبيبي، اجعل إيمانك بربك كبير.
    من أعماق إيمانه بركان قناعة و تبصر: - و نعم بالله.

    نافذة أمل تلقي صدى سؤال من زوجة تخشى الأعظم على أرض استيائه:
    - عزيز النفس، أبيٌّ.. و لكن الحالُ لا يحتمل التأخير، اذهب إلى أبيك، عله إن علم بأمرك رأف قلبه، و حلقت ملائكة الرحمة في نفسه.. عسى أن تتراقص فراشات الأبوّة في روحه اللاهثة خلف جواري المال بعد غياب!!
    صوتٌ يقطع أوتار الآمال بسيف " لا".
    تعود أم أطفاله لتقول: هذا حق لك، إنه والدُك، يملكُ من فضل الله المال الوفير..
    و أمام إلحاح الزوجة و جوع الصغار، كان لا بدّ من الرضوخ!!

    متلمسّاً سبيله بعصى، متعثراً أحيانا يجوب شوارع القرية، خطوةً خطوة إلى مزرعة أبيه..
    منهكاً يقفُ على مشارف تل، و الحرُّ يلهبُّ جسده يرديه ظمآنا، و حبّات العرق تلثم جبينه..
    نباح كلب و هزة ذيل ترسم لوحة بريشة من سرور!!
    و يرتمي هذا الصديق في أحضانه، يكاد من لهفته أن يرميه أرضاً..
    من البعيد صوتٌ أجش و خيالُ: - ماذا تريد؟ لمَ أتيت؟!!
    قرار بالرحيل أرعد كالعاصفة في وديان أفكاره، و لكن أطفالاً ينتظرون الطعام، و هو منذ ثلاثة أشهر عاطل عن العمل... كلمات تنزف حسرة:
    - أبي، أنا مريضٌ.. نظري بات ضعيفاً، بالكاد أستطيع أن أرى أمامي، أنا عاجزٌ؛ لا مال لدي ولا وظيفة، أريدُ نقوداً لإجراء عمليّةٍ مستعجلة و..
    يقاطعه و أفاعي اللؤم تحرك لسانه تنفثُ سموم كلماته الجارحة:
    - ماذا؟!!! تريد مالي!! ارحل فطلبك مرفوض، أنت الذي عصيت أمري، قتلت في عقر هيبتي الإباء، بمطرقة تهورك هشمت أحجار قراري، نسفت بزواجك برج أحلامي..
    مثقلا ً بالخيبة يعود الشاب أدراجه، يرافقه كلبه الأمين..
    حروفٌ تتطايرُ ندماً من أبٍ مرتهن لقرارت عاداتٍ سقيمة: - كم تريد، سأعطيك المال.
    يرحلُ و القلب يعتصرُ ألماً، و كرامته تهدرُ غضبا..

    وفي مملكة الحقد أبٌ أعمى القلب، ضرير الحنان، كفيف الإنسانيّة..
    جاهلٌ يقتات من أشجار المادة ثمار جشع و سراب!!

    السنين تمرُّ؛ و يدُ العون تمتدُّ لهذا الشاب، تساعده على تحمّل قسوة الأيّام.
    و صفعة قدر ترمي الأب الجائر سقيماً، و قد ألمّت صاعقة وباء بماشيته..
    و استعرت نيرانٌ مخفيّة بلون الانتقام من طاغية جبّار، عبداً كان للمال، ينفذ أرضاءً لسيّده جرائم غطرسة و تكبّر!! و هو في القعر مستوطنُ.
    روحه تلفظ أنفاسها الأخيرة، صحوة ضمير و قطرات كلام: كنت أعمى.. سامحني.
    و في ربيع الحياة شابٌ مبصر الإيمان، قوي العزم، كبير الخلق، جبّارُ.. و زوجة عطوف وفيّة.

    حسام فوزي سعيد - كاتب من لبنان
    التعديل الأخير تم بواسطة حسام فوزي سعيد; الساعة 29-05-2012, 06:45.
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    أسلوب التناول
    و اللغة الجميلة دهست القص و لم ترفعه للصدارة
    و حولته إلي خاطرة رائعة
    إلي جانب القفلة التي طالت كثيرا لأنها لم تذهب إلي قص بقدر ما ذهبت إلي الحكمة و الارشاد
    وضح تواجد الكاتب بين السطور
    و أسلوب التأخير و التقديم كان زائدا بل و ملحا !

    أهلا بك أخي الجميل حسام

    محبتي
    sigpic

    تعليق

    • حسام فوزي سعيد
      أديب وكاتب
      • 26-05-2012
      • 19

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
      أسلوب التناول
      و اللغة الجميلة دهست القص و لم ترفعه للصدارة
      و حولته إلي خاطرة رائعة
      إلي جانب القفلة التي طالت كثيرا لأنها لم تذهب إلي قص بقدر ما ذهبت إلي الحكمة و الارشاد
      وضح تواجد الكاتب بين السطور
      و أسلوب التأخير و التقديم كان زائدا بل و ملحا !

      أهلا بك أخي الجميل حسام

      محبتي
      عاشق النيل
      المستشار الأدبي ربيع عقب الباب
      بعد التحية و السلام
      شكراً لحضورك و نقدك البناء و الصائب و سأقول : ربّما لمرة أحببتُ أن اصدر حكماً قاسياً لحساسية الموضوع و لعبرةٍ أردتها أن تضرب بحدّها ضمير غائب..
      و لكن لدّي سؤال: القصة أنواع منها القصّة التي ترتكز على الحوار و منها القصة السردية و الخاطرة تبقى خاطرة لبضع كلمات.. فأين الخاطرة ؟و أين التأخير؟ و ما المانع في أن نجمع بين جمال الكلمة و القص إن كان هذا يغني؟ أخيراً أرحبُ بك على صفحتي
      حسام فوزي سعيد - كاتب من لبنان
      التعديل الأخير تم بواسطة حسام فوزي سعيد; الساعة 07-06-2012, 06:19.

      تعليق

      • جمال عمران
        رئيس ملتقى العامي
        • 30-06-2010
        • 5363

        #4
        الاستاذ حسام
        مررت من هنا اخى واعجبنى كثيرا رقى الكلمات والمفردات المتناغمة.. فيما يشبه النثر
        تحيتى ومودتى ..
        *** المال يستر رذيلة الأغنياء، والفقر يغطي فضيلة الفقراء ***

        تعليق

        • حسام فوزي سعيد
          أديب وكاتب
          • 26-05-2012
          • 19

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة جمال عمران مشاهدة المشاركة
          الاستاذ حسام
          مررت من هنا اخى واعجبنى كثيرا رقى الكلمات والمفردات المتناغمة.. فيما يشبه النثر
          تحيتى ومودتى ..
          لحضورك أخي جمال باقات شكر و تقدير
          دمتَ بألف خير

          تعليق

          • ريما ريماوي
            عضو الملتقى
            • 07-05-2011
            • 8501

            #6
            وانا اعجبني ما قد قرأت ...
            انتظر جديدك الأجمل ...
            أهلا ومرحبا بك...

            تحيتي وتقديري.


            أنين ناي
            يبث الحنين لأصله
            غصن مورّق صغير.

            تعليق

            • حسام فوزي سعيد
              أديب وكاتب
              • 26-05-2012
              • 19

              #7
              [QUOTE=ريما ريماوي;839716]وانا اعجبني ما قد قرأت ...
              انتظر جديدك الأجمل ...
              أهلا ومرحبا بك...
              المشرفة العامة ريما ريماوي
              شكراً لجميل تقديرك و ياسمين اعجابك ..
              كل المودة
              حسام فوزي سعيد

              تعليق

              يعمل...
              X