تجولت مع الحزن
تصافحنا
و تعارفنا
و تلاقينا
و لم أدري إلا و أنا متعلقة به
و كان يسحبني معه لمتاهات
و أعماق سحيقة
حتى أحببته
نعم أحببت الحزن
و أحبني
و صار رفيقي
تغلغل إلى أعماقي
و صار جزء من كياني
حتى أنني سرت في دربه
مغمضة العينين
أثق به
و أترك له قيادتي
لن أنكر أنه وهو يعرفني بنفسه
حذرني
بيد أني لم آخذ حذري
ذبت فيه
حتى بت لا أعرف
أكان جزء مني
أم أنني أصبحت جزء منه
و مرت أيام و شهور
و أنا مسحورة بعينيه الناعستين
و هو يسحبني بعيدا بعيدا
عن كل مفردات حياتي
و أنا راضية و سعيدة
و ظل يسير
و أنا أسير خلفه
مخلفة ورائي كل ما أملك
و طال الطريق
و طال
و كان لا ينظر إلي
و بعد فترة لم يكن يجيبني
توقفت
و طالبته بالتوقف
فاستدار لي
فرأيت وجها آخر
لا أعرفه
و عيون آخرى
ليست ما انجذبت إليها
صحت به: من أنت؟
قال أنا الحزن
قلت: لا لست هو
فأجاب: بل أنا هو
و لكنك كنت تتخيلين لي صورة أخرى
و قد حذرتك و لم تقتنعي
هذا هو أنا
لم أخدعك
أنت من خدعتِ نفسكِ
اختنق صوتي بالدموع
ماذا تقصد؟
لم تكن صورتك حقيقية؟
فأجاب: لم تكن تخيلاتك حقيقة
لم أخدعك
تعرفين أني الحزن
و لم أقل لك أنني السعد
فقلت: لكنك كنت سعدي
أجاب: وهم
أنت صنعتيه
و لم أشارك في صنعه
قلت: بل شاركت
لماذا لم توقفني؟
فأجاب: تمزحين
أليس كذلك؟
قلت: لا أمزح
لماذا سكت؟
فأجاب: و من قال أنني
أتكلم
أنا الصمت
لغتي البكاء
و الدموع
و لا أتكلم
بمقدورنا أن نظل أصدقاء
تأتين لي
و تبكين
و أسمعك
هذا ما أجيده
و غذائي دموعك
و دموع كل المحزونين
نحتاج لبعضنا
خصوصا أنتِ
رغم كل الصديقات
لكن دموعك ثرية
تغريني
فقلت: لا لا أقبل
لا أريد
لن يحدث
فأجاب : حسنا
لا مشكلة
سألغيكِ من حساباتي
فليس لدي وقت أضيعه
الكثيرات غيرك ينتظرنني
تعلمين
أنني أحيا على دموعهن
وداعا
و كفكفت دموعي بسرعة
حتى لا يراها
و رسمت ابتسامة كبيرة
ضايقته بشدة
فصاح بي:
اذهبي من هنا
لا أريد أن أراك
لا تأتي هنا ثانية
لا مكان لكِ عندي بعد الآن
خرجت مسرعة
و لازال دمعي يجري
بلا توقف
حتى أصبحت بعيدة
بعيدة جدا
صرت بأمان
مسحت دموعي
و اغتصبت ابتسامة
و صرت اقنع نفسي
أن ذلك هو الأفضل
و أنا أسير في الطريق
تفقدت قلبي في صدري
فلم أجده
لقد تركته هناك!!
لا لن أعود أبدا
سأعيش بدون قلب
و أكملت المسير
و سرعان ما توقفت
و نزلت على ركبتي
أبكي و انتحب
لا بد أن أستعيد قلبي
لا يمكنني أن أحيا بدونه
ودون أن أدري
ومع بكائي ونحيبي
عاد لي الحزن!!
تعليق