غرامية مياه معنية
~~~~~~~~~~~~~
الماء ؛، كم مرة قلتها : لو قدر لي العيش في الجاهليات الأولى لاتخذته مع .. معبودا ـ أقول لو مع التعوذ مما سوى التوحيد ـ
مع الصيف أتعطش للماء لا أطيق مفارقته ، يقلقني إحساس أن أموت عطشانا ، كوابيس نهارية تضفى على يقظتي اليباس ، مع الماء أحس بالاكتفاء المادي لا تعنيني هذه الزخارف المترفة ، مع الماء مازلت أحس بأمبراطورية الإنتشاء إلى حد التعجب ، كيف لا يحصل السكر بالماء
أتلو :(و جعلنا من الماء كل شيء حي) لا أحس بالحياة الآن إلا مع إبريق ماء ، إبريق كبير
.. رائع أن لا يمس الماء تأثيم من الفتاوى المتعطشة للبؤس .. آه كم أحلم بالجلوس على ضفة نهر عذب طوال نهار صيفي ،
حينها ينتصب عرشي على الماء كفقاعة تقاوم العواصف
يتدلى ساقي إلى النهر ، بينما تمتد الأخرى على عشب ساخن
منتهى الخلوص من الضجيج ، ذروة العروج إلى التعالي
نظافة من قذارة الكراهية ، من وسخ القضايا ، من سخام الثقافات
من عرق التعاليم ، من جنابة التراث .. أغسلني يا ماء
.. الواقع أنني اتحدث في هذه الظهيرة بانتظار عودة الماء إلى الحنفية المغدورة
لكي أستحم ، ملعونة يا وزارة العطش (أتخيّل قول ذلك)
ياغاصبة الماء يا عدوة النهر يا دائرة المياه (أهمُّ بقول ذلك)
ايها الماء المنتظر عجل على جسدي بالغرق ، عن قريب أسافر عبر السفينة
فاختطفني ياخليج (نعم أهمس بذلك).
فيما كنت أكتب قصة مائية كان الإبريق يجف و غيض الماء ، بينما علب المياه العدنية مهددة بالنهاية ، ماء معلّب مشهد لا يبعث الإطمئنان
( نوفا ، الهنا، الشفاء، زلال ..) أسماء لعلب الماء المخفف مثل الدايت ، قال شيخ الحداثة محمد العلي في عنوان ديوانه : لا ماء في الماء
هل فقد الماء المعلب ما هية مائيته ؟ بالطبع أحن إلى ماء الإبريق أحسه كامل المائية ، لم يفقده التعقيم سطوة الإرتواء ، و سجايا التدفق على الثياب ، كم أنت رقيقة أيتها المياه المعدنية , أنا بحاجة إلى لجة تندلق على عطشي فتزجه إلى البدد
عطشان يا صبايا دلوني على السبيل (حاولت الغناء بصوت مبحوح)
أف نسيت أن اقوم إلى الحنفية أتوسلها سطل ماء للاستحمام قبل انبعاث رائحة الجرب من الجلد المرهق بالوجودية الملتهبة ، ألا ما أخبثك ايتها الفلسفة و مع هذا تبدين نملة جفاف و أنت بانتظار قطرة ماء (هكذا تأملت).
الماء مازال مقطوعاً و مع هذا لا تكف الحنفية عن التقاطر و كأنها ترش الدموع قائلة : ليس بوسعي إلا هذا ، جلست حانقاً أواصل هذه الكتابة بلا جدوى أحس بحاجة إلى علبة ماء لا تروي عطشي لا تطفيء احتقاني ، أما حرارة السخط على وزارة الجفاف ، فقد خمدت جذوتها لكي لا يقودني الطيش إلى تثوير العطش ، فما عدت أجنح إلى ما سوى الغرق الحبي ، كم أتعطش إلى حديثك يا حبيبتي و لكن بيننا محيطات مياه مالحة ، عطشان يا صبيتي إلى رحيق الوصال و لهذا أتعامل ببرودة مع وزارة المياه و الكهرباء ، فالغرق في الحب يكفيني
ثم حسبي التكهرب بالشوق إليك يا عين جوهرية حبي المتعطش
يا كوثر صحراء و جودي المتيبّس بالهجر القديم ، اسقيني قطرة فقد عطشت في صحارى العولمة المتخشبة و الربيع الناشف ، يا شلال الغرام . مسكينة منشفتي بدت مشتاقة إلى بلل جسدي ، كزوجة شريفة تود أن لا يدفعها جفاف زوجها إلى تجاوز الأخلاق الشرعية
هكذا تخيلت فوطتي البنفسجية محرومة من بلل الاغتسال .
تعليق