ما إن بدا الظلام وسكن الكون وتمايلت الأشجار تأثراً بالنسمات ، ما أن ذهبت الشمس وبدا القمر متلألأاً بزرقة السحب الصافية، ودارت النجوم تتقارب وتتناجي ولمع بريقها في الأفق وجدت الروح مني تهيم وبرفق تأخذني إلى العلا وتمازجت و تلاحمت بطيفها تدعوه ليرتشف من روعة الكون الذي ما كان إلا بفضل قربه وتقاربه .وبنعومة كانت تطوف الكون تدور وتدور تمد ذراع العلا للأفق لتتعانق مع النسمات وتراقص الفضاء و بلا جاذبية تهيم . تارة تعلو وتلامس السما وأخرى تتمايل تلتقط النجمات ، ومع العبير الساري تلتف حتى يشملها لتشتم بخلاياها ذاك العبير وتثمله ، ها هي تلامس النجمات وترتقي السحب وتعلو وتراقص الفضاء ، ها هي بدا من لمساتها فعل السحر، ما إن لامست الزهور إلا وتفتحت ، فطافت تغدق على الكون لمساتها ، ذاك النهر يجري وها هو المطر ينسال والشجر صحى به الحفيف وتلك القنوات عزف بها الغدير أروع السمفونيات ، صاحبت الطير والفراشات وحاورت النسيم وقطرات الندى ، غدت لا تعرف أين هي بل أين هو ، تسيل منها العبارات ولا تسمع صوتاً للنبرات هل رأيت ماذا أحدث تمازجنا و كيف سحرت عالمي ..؟
فرد الصدى بداخلها معكِ عين الجمال صاحبتني وأشعة النور صافحتني ، كوني معي ولتتبعيني لأريكِ ماذا فعلتِ بعالمي .
حينها شعرت بدفء يلامس كفي ويسري ويكمل الصدى هيا لتري كيف أصبحت بالقُربِ .
أخترق بي المجال وإرتقى سحب الجمال فسمعت معه مزامير داود وردد هذه بضع آيات الرحمن لا تفارق مسمعي ، تنقلنا بين السحب ولهونا بكرات الثلج ناصع النقاء فسمعته هكذا جعلتيني ببراءة الطفل ألهو وأعدتي لي صفحات النقاء ، طاف بي أروقة الجمال و قال أنصتي قد تبدل حفيف الشجر ليملء الكون تسبيحه وها هي قطرات الندى تردد سبحانك ربي وبحمدك ، وهذه قاطعته ... دعني أتفقد روعة عالمك وأطوف مكامن روعتك . أغمضت عيني على عالمه ، وإستنشقت مسكاً سرى من بين أنفاسه ، وتركت يدى تلامس فضاء وجوده ، وأكملت رحلتنا بصفحات الليل الساكن ، فرأيت الطير ساجدا والنهر مكبرا وحبات الرمل تحمد وتشكر بأصوات تبهر العازفين ، وما كدت أعاود إستنشاق مسكهِ حتى آتاني ملائكة السحر مرددين كل الحمد والشكر وتسبيح لعظيم الملك وناشدوني أن أصطف بينهم ويزاحم صوتي نبراتهم وأدعوا ربي بقربهم ، فسال الدمع حتى إنتشت الروح وإرتقى وعلا طهرها ، فجائني من بيني أرأيتي كيف لإمتزاجنا وتلاحمنا من أثــــر ..
تعليق