الدواخل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سعاد محمود الامين
    أديب وكاتب
    • 01-06-2012
    • 233

    الدواخل

    (الدَوَاخِل)
    كانت عقارب الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل، أزيز الطائرات الحربية يشق السكون، وقد ساد المدينة صمت كصمت المقابر. أنا وحد ي فى المنزل الذى رحل ساكنوه رحلة الخلود الأبدية، اشقائى اعدمهم النظام والدي ماتا حسرة وألما على فقدان ابنائهما. تركوني وحيدة برفقه جَدّة عجوز غيبها الزمن. تخاطب الأموات وتتحدث اليهم كأنها تراهم وتعيش بينهم. أراها أحيانا خارجة من حجرتها وانفاسها تعلو وتهبط فتذكرنى إنها مازالت على قيد الحياة، لاتدرى مايدور خارج حجرتها.

    سمعت طرقات على الباب الخلفى الموصد منذ زمن بعيد. كانت الطرقات متفرقة خافتة أشبه بنقرات طائر على حافة شباك خشبى. إحساس داخلي يحثني على فتح الباب، ولكنى خائفة. توقف الطرق برهة، ولكنه لم يتوقف داخل عقلي، ثم بدأ الطرق بقوة من جديد شعرت برأسى يتحطم نهضت مسرعة التصق بالجدران. اختبئ خلف الدرج أهرب هنا وهناك ولكن لايمكننى فتح الباب. الطرق مستمر قلبى تتسارع ضرباته شفتاي ترتجفان أريد الصياح بأعلى صوتى: اذهب بعيدًا أيها الطارق. أريد الخروج ولكن حين اخرج من يضمن لى الدخول من هذا الباب مرة أخرى. الطرق يزداد عنفا تناولت منضدة حديدية قديمة ودفعتها لأغلق بها المدخل كى لا يفتح الباب. ولكن هذة المرة جاء الطرق مروعًا اشعر بإهتزازالمنضدةالملتصقه بالباب، فأرعبنى ذلك. قفزت دفعة واحدة وازحت المنضدة واصخت السمع فسمعت أنفاسا متقطعة. دفعت بالمفتاح الى ثقبه بالباب الموصود وأدرته، مددت يدى الى المقبض كان مغطى بالأتربه. أدرته بضعة مرات بدأ صلبًا فدفعته بشدة انفتح الباب، هبت ريح قوية دفعتنى للداخل لم املك سوى الاستجابة لها. ثم خطوت إلى الأمام مرة أخرى، اندفع الطارق الى الداخل واغلق الباب خلفه. لم أتبين ملامحه. جسده يبدو بعيدًا عنى. بالرغم من عيْنى المفتوحتين لا أرى إلّا الظلام يلف المكان كليًا. حدقت فى الظلام بشدة رأيت بذلته العسكرية دنوت منه وسألته: من أنت؟ اجابنى بصوت واهن بلغة إنجليزية: طيار سقطت مروحيته. شهقت من الدهشة الممزوجة بالخوف ولكن بعد برهة هدأت نفسي المضطربة، وبدأ الخوف يفارقني، مددت له يدى وبقيت ممسكة بيده لا أدرى كم مضى من الزمن ربما دقائق. ومازال المكان مظلمًا ولكن الريح هدأت بعد أن أوصدت الباب.
    جلس على الأريكة. اشعلت شمعة فرأيت جروحًا وحروقًا فى فى وجهه وساعديه. قضيت الليل أضمد جراحه. عندما تلوح الشمعة بنورها على وجهه كنت أرى وجوه إخوتى فى قسماته، مما دفعنى لأسهر على راحته. تركته وذهبت لحجرتي. كم أنا متعبة وجسدي منهك. اختبأت تحت الغطاء أحاول جاهدة أن أغفو فقد أوشك الصبح على الانبلاج.
    دقت ساعة المنبه بعلو صوتها، فنجحت فى اسكاتها عندما حاولت الوصول اليها فسقطت على الأرض وصمتت. جلست على السرير طفت بأصابعي على عيني وهرشت رأسي، وامتدت يدي الى المصحف استعين به لعل العواصف التى كادت أن تقتلع ايماني أن تنجلى. خمس وثلاثون عامًا لم ينته الإنحناء ولم يتوقف التصفيق ولم تهدأ الجماهير. النسوة يتوشحن سوادهن الدائم ويخرجن يمارسن فروض الطاعة والولاء لهذا الرئيس.
    وجدته مستيقظا ابتسم ممتنًا وانساب حوار بيننا. كان مهذباً. لذلك ألفته وكان يعتذر كثيرًهو لايعرف هذه البلاد دفع عنوة للحرب. كانت الأنباء تتواترعن طيار هارب داخل المدينة، خرج الأهالى يبحثون عنه فى كل مكان يحملون الهروات والأسلحة البيضاء. بحثوا عنه فى كل مكان وسط المزارع داخل الانهار يتوعدون كل من يتستر عليه. كنت أعيرهم أذن صماء، وأكثف له الحماية غير عابئة بالتهديدات.
    دخلت جَدتي متسللة كالقطة ووقفت تنظر اليه، لم انتظر حتى تبدأ جدتى سرد قصة حياتها. أشرت لها بالانصراف فهمهمت بكلمات مبهمة، وزحفت نحو حجرتها. فقد ظنته شقيقي المغدور. جرس شديد العناد يرن على الباب قفز الطيار يجرجر جراحه واختفى. فتحت الباب ببط، فدفع بقوة الشرطى الغاضب وبأوامر شديدة اللهجةامرنى قائلا: نريد تفتيش هذا المنزل فابتسمت ببرود وبوجه جامد لاينم على شئٍ، اومأت بالموافقه فانصرف دون تفتيش.
    بمرور الأيام اقتربت من الطيار أكثر، كانت روحه حية بقوتها وضعفها تحدثنا عن حزننا المتلون بالقهر معا. فى صدورنا تضاد الأشياء اتحدنا فى اللحظة ذاتها رقم بعد المسافة، هو لم يأت لقتالنا أراد ان ينفذ أوامر فى حرب ربما خدع فيها. لقد تسللت روحي من جسدي بغير قيد نحوه، وقررت حمايته. رغم دهشة المداهمة، كنت ابحث عن لحظة هدوء من فراغ ممتد دون نهاية.
    كانت الريح تلطم الأبواب. وتقذف حبيباتها سيلاً رمليًا، عتمت الرؤيا عندما غادر الطيار المنزل. فى ليلة حالكة الظلام فى طريقه الذى رسمناه سويًا بعد أن اخبرت دوريتة التى تبحث عنه بمكان لقائه. كنت قد قاومت رحيله وتصدعت، كنت مشحونه بلحظة انفجار، كانت دواخلي تبكي فى صمت وتهذئ فى صمت.
    لقد تقمصني الحزن بقسوة، وحملت شوقي المتدفق، وطفت الشوارع أرصد الأخبار لم اسمع مايفيد بالقبض عليه. لقد هجرني النوم بعدما هبط هذا الطيّار على أرضي بقسوة، فأمطرت سمائي عواطفا متناقضه، لم استطع أن انسلخ من لحظة انصهاري فى تلك الأيام التى قضاها الطيار فى منزلي. حملت بقايا راياتي المنكسة فى معركة هزمت فيها أخلاقيًا كنت أدرى أن حمايتي للطيار هى سِقطتي الأخيرة، ولكن حين أتذكر أشقائي يستبيحني حزن يمزق دواخلي. سقطوا ظلمًا شامخون تركوني أبحث عن قسماتهم فى وجوه الآخرين.
    فتحت ستائر غرفتى الضاجة بالحزن، عند سماعى لصوت جموع ثائرة تطرق باب منزلي. كُسر الباب واندفع الجمع الى الداخل حطموا كل شى وصفونى بالعمالة والخيانة. سمعت جَدّتي الضجيج، خرجت تدس شيئًا فى ثوبهًا دفعت به على المنضدة صائحة: هذا ماتبحثون عنه؟ خبأته لكم خذوه وانصرفوا. لقد دفعت لهم بشارة الطيار. قد هالنى مارأيت لقد قدمت لهم جَدّتي حياتي فاعترفت... اخرجوا جدتى من المنزل. واشعلوا فيه النار مد اللهب ألسنته فتداعت ذكريات هذا المنزل.
    جلست بعيداً انظر إلى جثمانها الملطخ بالدم. وفمها المفتوح لعلها أرادت أن تقول شئ. وبعد لحظة جمود اعترتنى بدأت اشعر أن ساقيّ تخذلاني، وجسدي يرتعش، احرقتني دموعي عندما رأيت المنزل كومة من الحطام المتفحم. رجعت الى بلادى وابقيت صورتها فى دواخلي تهيمن على عقلي وتحرمني النوم، نصبت لها تذكارًا فى حديقة منزلي أضع عليه إكليلا من الورود
    كل صباح نحت عليه أبجدية حزن... إلى التى وهبتني الحياة ورحلت. تنازعت بين حب الأشقاء والوفاء للوطن.
    12/8/2011
    التعديل الأخير تم بواسطة سعاد محمود الامين; الساعة 25-06-2012, 09:51.
    مصر ومامصر سوى الشمس
    التي بهرت بثاقب نورهاكل الورى
    والناس فيك إثنان...
    شخص رأى حسنا فهام به
    وشخص لايرى!
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    كنت هنا ساردة بدرجة جيد
    لقصة عامرة بكثير من المشاعر الانسانية
    و دهشة واسعة ربما كانت كلطمة تستحق تمثالا

    و درجة جيد فقط لأن هناك أخطاء يجب ترميمها
    و ايضا جملة ربما يجب اعادة النظر فيها ( فى تلك الليله كنت أرقة وحيدة، ) إذ ليس لها مبرر
    و ايضا علامات الترقيم التي لم تغطي مساحة القص كما يجب !

    شكرا لك على تلك الدواخل

    تقديري و احترامي

    sigpic

    تعليق

    • محمد فطومي
      رئيس ملتقى فرعي
      • 05-06-2010
      • 2433

      #3
      أستاذة سعاد محمود،أزكى تحيّة.

      في الحقيقة لا أريد أن يرشح في ذهنك سوى أنّك أبدعتِ في هذا النصّ و أنّي أحببته كثيرا كقارىء عادي .و إن كنتُ أشاطر الأستاذ ربيع الرّأي فيما يجب حذفه في أكثر من موضع،مثال:
      تركوني وحيدة برفقه جَدّة عجوز غيبها الزمن وليس لها فى الحاضر وجود...
      حيث أنّ عبارة غيّبها الزّمن تكفي.
      في اعتقادي تركّز جوهر الموضوع في الجملة الأخيرة.
      فقد تضمّنت نظرتنا السّلبيّة للآخر فهو عدوّ دائما مادام لا يحمل شارة العشيرة.
      عرّجتِ بذكاء على عقدة المِلل العديدة في الوطن الواحد؛ و رحى الثّأر التي لا تنفكّ تسحق كلّ حلم جديد يخرج عن الموروث.
      كثيرة هي الإشكالات التي أثبتها و أثارها و أدانها و نبّه لها العمل.
      أشكرك أختي على المؤانسة.
      دمتِ بخير و ودّ.
      مدوّنة

      فلكُ القصّة القصيرة

      تعليق

      • سعاد محمود الامين
        أديب وكاتب
        • 01-06-2012
        • 233

        #4
        شكرا الأستاذ ربيع على هذه العلامة التى أشعر أنى لا استحقها حتى الآن (جيد) سأقوم بحذف الجملة. والترقيم مازلت أدرسه ربما أتقنه يوماً. والأخطاء الأخرى لم تدلنى عليها ولكنى سأقرأ النص ثانية علنى إهتدى اليها. سعدت بمرورك الذى دائما يضيف لى ما أبحث عنه من التوجيه دمت لخدمة الأدب .
        مصر ومامصر سوى الشمس
        التي بهرت بثاقب نورهاكل الورى
        والناس فيك إثنان...
        شخص رأى حسنا فهام به
        وشخص لايرى!

        تعليق

        • سعاد محمود الامين
          أديب وكاتب
          • 01-06-2012
          • 233

          #5
          الأستاذ محمد خالص شكرى وتقديرى لتداخلك وتوجيهك سأقوم بما أشرت لحذفه وأرجو أن يكون تعليقك مفصلا حتى أصحح ليخرج النص بأقل أخطاء ممكنة أنا هاوية للكتابة ولست متخصصة لذلك تفوتنى أشياء أحب دائما أن تنبهونى وتعلمونى لها لأتقن ما أ كتب أنا مازلت طفل يحبو .
          مصر ومامصر سوى الشمس
          التي بهرت بثاقب نورهاكل الورى
          والناس فيك إثنان...
          شخص رأى حسنا فهام به
          وشخص لايرى!

          تعليق

          • عائده محمد نادر
            عضو الملتقى
            • 18-10-2008
            • 12843

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة سعاد محمود الامين مشاهدة المشاركة
            (الدَوَاخِل)
            كانت عقارب الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل، أزيز الطائرات الحربية يشق السكون، وقد ساد المدينة صمت كصمت المقابر. أنا وحد ي فى المنزل الذى رحل ساكنوه رحلة الخلود الأبدية، اشقائى اعدمهم النظام والدي ماتا حسرة وألما على فقدان ابنائهما. تركوني وحيدة برفقه جَدّة عجوز غيبها الزمن. تخاطب الأموات وتتحدث اليهم كأنها تراهم وتعيش بينهم. أراها أحيانا خارجة من حجرتها وانفاسها تعلو وتهبط فتذكرنى إنها مازالت على قيد الحياة، لاتدرى مايدور خارج حجرتها.

            سمعت طرقات على الباب الخلفى الموصد منذ زمن بعيد. كانت الطرقات متفرقة خافتة أشبه بنقرات طائر على حافة شباك خشبى. إحساس داخلي يحثني على فتح الباب، ولكنى خائفة. توقف الطرق برهة، ولكنه لم يتوقف داخل عقلي، ثم بدأ الطرق بقوة من جديد شعرت برأسى يتحطم نهضت مسرعة التصق بالجدران. اختبئ خلف الدرج أهرب هنا وهناك ولكن لايمكننى فتح الباب. الطرق مستمر قلبى تتسارع ضرباته شفتاي ترتجفان أريد الصياح بأعلى صوتى: اذهب بعيدًا أيها الطارق. أريد الخروج ولكن حين اخرج من يضمن لى الدخول من هذا الباب مرة أخرى. الطرق يزداد عنفا تناولت منضدة حديدية قديمة ودفعتها لأغلق بها المدخل كى لا يفتح الباب. ولكن هذة المرة جاء الطرق مروعًا اشعر بإهتزازالمنضدةالملتصقه بالباب، فأرعبنى ذلك. قفزت دفعة واحدة وازحت المنضدة واصخت السمع فسمعت أنفاسا متقطعة. دفعت بالمفتاح الى ثقبه بالباب الموصود وأدرته، مددت يدى الى المقبض كان مغطى بالأتربه. أدرته بضعة مرات بدأ صلبًا فدفعته بشدة انفتح الباب، هبت ريح قوية دفعتنى للداخل لم املك سوى الاستجابة لها. ثم خطوت إلى الأمام مرة أخرى، اندفع الطارق الى الداخل واغلق الباب خلفه. لم أتبين ملامحه. جسده يبدو بعيدًا عنى. بالرغم من عيْنى المفتوحتين لا أرى إلّا الظلام يلف المكان كليًا. حدقت فى الظلام بشدة رأيت بذلته العسكرية دنوت منه وسألته: من أنت؟ اجابنى بصوت واهن بلغة إنجليزية: طيار سقطت مروحيته. شهقت من الدهشة الممزوجة بالخوف ولكن بعد برهة هدأت نفسي المضطربة، وبدأ الخوف يفارقني، مددت له يدى وبقيت ممسكة بيده لا أدرى كم مضى من الزمن ربما دقائق. ومازال المكان مظلمًا ولكن الريح هدأت بعد أن أوصدت الباب.
            جلس على الأريكة. اشعلت شمعة فرأيت جروحًا وحروقًا فى فى وجهه وساعديه. قضيت الليل أضمد جراحه. عندما تلوح الشمعة بنورها على وجهه كنت أرى وجوه إخوتى فى قسماته، مما دفعنى لأسهر على راحته. تركته وذهبت لحجرتى. كم أنا متعبة وجسدي منهك. اختبأت تحت الغطاء أحاول جاهدة أن أغفو فقد أوشك الصبح على الانبلاج.
            دقت ساعة المنبه بعلو صوتها، فنجحت فى اسكاتها عندما حاولت الوصول اليها فسقطت على الأرض وصمتت. جلست على السرير طفت بأصابعي على عيني وهرشت رأسي، وامتدت يدي الى المصحف استعين به لعل العواصف التى كادت أن تقتلع ايماني أن تنجلى. خمس وثلاثون عامًا لم ينته الإنحناء ولم يتوقف التصفيق ولم تهدأ الجماهير. النسوة يتوشحن سوادهن الدائم ويخرجن يمارسن فروض الطاعة والولاء لهذا الرئيس.
            وجدته مستيقظا ابتسم ممتنًا وانساب حوار بيننا. كان مهذباً. لذلك ألفته وكان يعتذر كثيرًهو لايعرف هذه البلاد دفع عنوة للحرب. كانت الأنباء تتواترعن طيار هارب داخل المدينة، خرج الأهالى يبحثون عنه فى كل مكان يحملون الهروات والأسلحة البيضاء. بحثوا عنه فى كل مكان وسط المزارع داخل الانهار يتوعدون كل من يتستر عليه. كنت أعيرهم أذن صماء، وأكثف له الحماية غير عابئة بالتهديدات.
            دخلت جَدتي متسللة كالقطة ووقفت تنظر اليه، لم انتظر حتى تبدأ جدتى سرد قصة حياتها. أشرت لها بالانصراف فهمهمت بكلمات مبهمة، وزحفت نحو حجرتها. فقد ظنته شقيقي المغدور. جرس شديد العناد يرن على الباب قفز الطيار يجرجر جراحه واختفى. فتحت الباب ببط، فدفع بقوة الشرطى الغاضب وبأوامر شديدة اللهجةامرنى قائلا: نريد تفتيش هذا المنزل فابتسمت ببرود وبوجه جامد لاينم على شئٍ، اومأت بالموافقه فانصرف دون تفتيش.
            بمرور الأيام اقتربت من الطيار أكثر، كانت روحه حية بقوتها وضعفها تحدثنا عن حزننا المتلون بالقهر معا. فى صدورنا تضاد الأشياء اتحدنا فى اللحظة ذاتها رقم بعد المسافة، هو لم يأت لقتالنا أراد ان ينفذ أوامر فى حرب ربما خدع فيها. لقد تسللت روحي من جسدي بغير قيد نحوه، وقررت حمايته. رغم دهشة المداهمة، كنت ابحث عن لحظة هدوء من فراغ ممتد دون نهاية.
            كانت الريح تلطم الأبواب. وتقذف حبيباتها سيلاً رمليًا، عتمت الرؤيا عندما غادر الطيار المنزل. فى ليلة حالكة الظلام فى طريقه الذى رسمناه سويًا بعد أن اخبرت دوريتة التى تبحث عنه بمكان لقائه. كنت قد قاومت رحيله وتصدعت، كنت مشحونه بلحظة انفجار، كانت دواخلى تبكى فى صمت وتهذئ فى صمت.
            لقد تقمصنى الحزن بقسوة، وحملت شوقي المتدفق، وطفت الشوارع أرصد الأخبار لم اسمع مايفيد بالقبض عليه. لقد هجرنى النوم بعدما هبط هذا الطيّار على أرضى بقسوة، فأمطرت سمائى عواطفا متناقضه، لم استطع أن انسلخ من لحظة انصهاري فى تلك الأيام التى قضاها الطيار فى منزلي. حملت بقايا راياتى المنكسة فى معركة هزمت فيها أخلاقيًا كنت أدرى أن حمايتي للطيار هى سِقطتي الأخيرة، ولكن حين أتذكر أشقائى يستبيحني حزن يمزق دواخلي. سقطوا ظلمًا شامخون تركوني أبحث عن قسماتهم فى وجوه الآخرين.
            فتحت ستائر غرفتى الضاجة بالحزن، عند سماعى لصوت جموع ثائرة تطرق باب منزلي. كُسر الباب واندفع الجمع الى الداخل حطموا كل شى وصفونى بالعمالة والخيانة. سمعت جَدّتي الضجيج، خرجت تدس شيئًا فى ثوبهًا دفعت به على المنضدة صائحة: هذا ماتبحثون عنه؟ خبئته لكم خذوه وانصرفوا. لقد دفعت لهم بشارة الطيار. قد هالنى مارأيت لقد قدمت لهم جَدّتي حياتي فاعترفت... اخرجوا جدتى من المنزل. واشعلوا فيه النار مد اللهب ألسنته فتداعت ذكريات هذا المنزل.
            جلست بعيداً انظر إلى جثمانها الملطخ بالدم. وفمها المفتوح لعلها أرادت أن تقول شئ. وبعد لحظة جمود اعترتنى بدأت اشعر أن ساقيّ تخذلاني، وجسدي يرتعش، احرقتني دموعي عندما رأيت المنزل كومة من الحطام المتفحم. رجعت الى بلادى وابقيت صورتها فى دواخلي تهيمن على عقلي وتحرمني النوم، نصبت لها تذكارًا فى حديقة منزلي أضع عليه إكليلا من الورود
            كل صباح نحت عليه أبجدية حزن... إلى التى وهبتني الحياة ورحلت. تنازعت بين حب الأشقاء والوفاء للوطن.
            12/8/2011

            الزميلة القديرةسعاد الأمين
            نص حقيقة وقفت عنده طويلا
            تمكنت فيه في الكثير من الأحيان بتلابيبه.. وهذا أمر جيد لأننا لا نستطيع أن نكتب نصوصا مكتملة وخالية من الشوائب
            صورت وبجدارة كيف تقبلت تلك الفتاة أن تتقبل الأجنبي على أن تقبل ابن جلدتها بالرغم من أن الطيارين وكلنا يعرف مدى إمعانهم بالقتل دون أن يعرفوا لأنهم يضربون مواقع وأهداف منتخبة لهم دون أن يعلموا أي خسائر بشرية يمكنها أن تنتج عن تلك الطلعة الجوية ( مصطلح عسكري بحت ) لأن الطيار يضرب الهدف ويذهب دون أن يعرف تلك البقعة أو كثافة السكان فيها ومدى تضررهم.. وحتى لو عرف فهو ينفذ أوامر مفروضة عليه.. !!!
            سأقرأ النص غدا مرة أخرى لأني أتصور أنه يستحق مني تلك القراءة
            أنت قاصة سيدتي وهذا ما وصلني من خلال قراءتي للنص
            ودي ومحبتي لك
            الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

            تعليق

            • سعاد محمود الامين
              أديب وكاتب
              • 01-06-2012
              • 233

              #7
              الاخت عائدة شكرا لك فى انتظار تعليقاتك لك مودتى
              مصر ومامصر سوى الشمس
              التي بهرت بثاقب نورهاكل الورى
              والناس فيك إثنان...
              شخص رأى حسنا فهام به
              وشخص لايرى!

              تعليق

              • موسى الزعيم
                أديب وكاتب
                • 20-05-2011
                • 1216

                #8
                الاستاذة سعاد
                قرات لك نصاً ممتعاً ..فيه مشاعر حصبة
                وافكار جميلة ... وسرد على درجة عالية من الجمالية
                فقط أهمس أن هناك ... وصفاص مجانياً في بعض الحالات
                وشرحا زائداً ...فقط النص بحاجة الى تنقية ...
                لك اطيب المنى والتحيات العطرة

                تعليق

                • سعاد محمود الامين
                  أديب وكاتب
                  • 01-06-2012
                  • 233

                  #9
                  الأخ موسى المحترم
                  شكرى وتقديرى على مرورك الجميل وتعليقك فقط ارجو منك اقتباس من القصة تشرح لى الاسهاب حتى اقيس عليه.ودمت
                  مصر ومامصر سوى الشمس
                  التي بهرت بثاقب نورهاكل الورى
                  والناس فيك إثنان...
                  شخص رأى حسنا فهام به
                  وشخص لايرى!

                  تعليق

                  • ريما ريماوي
                    عضو الملتقى
                    • 07-05-2011
                    • 8501

                    #10
                    أعجبتني قصتك كعادتي ...
                    اما الأخطاء هي هي، ألف الوصل والقطع وال
                    همزات،
                    فمثلا خبأتها وليس خبئتها... وأيضا الياء في آخر الكلمة
                    هي الياء نفسها وليس الألف المقصورة....

                    لكنني استمتعت معك وما يدور في لواعج البطلة.

                    كوني بخير سيدتي... تحيتي وتقديري.


                    أنين ناي
                    يبث الحنين لأصله
                    غصن مورّق صغير.

                    تعليق

                    • سعاد محمود الامين
                      أديب وكاتب
                      • 01-06-2012
                      • 233

                      #11
                      شكرا لك اختى ريما قد عدلت مصححة بعض الأخطاء اتمنى أن أتفادى الأخطاء الاملائية ودمت
                      مصر ومامصر سوى الشمس
                      التي بهرت بثاقب نورهاكل الورى
                      والناس فيك إثنان...
                      شخص رأى حسنا فهام به
                      وشخص لايرى!

                      تعليق

                      • سعاد محمود الامين
                        أديب وكاتب
                        • 01-06-2012
                        • 233

                        #12
                        الأخت ريما شكرا على المرور ولفت النظر سأعمل جاهدة لتجنب الأخطاء اللغوية اتمنى مرورك دائما ودمت
                        مصر ومامصر سوى الشمس
                        التي بهرت بثاقب نورهاكل الورى
                        والناس فيك إثنان...
                        شخص رأى حسنا فهام به
                        وشخص لايرى!

                        تعليق

                        يعمل...
                        X