ضياع مواطن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فاطمة يوسف عبد الرحيم
    أديب وكاتب
    • 03-02-2011
    • 413

    ضياع مواطن

    ضياع مواطن


    مشـــــــــهد واحد

    الشخصية الرئيسة: الصيدليّ.

    الشخصيات الثانوية: ثلاث شخصيات غير محددة الملامح،( يرمز لها بالحرف س1-س2-س3)ترتدي أقنعة لوجوه غير واضحة المعالم مرسومة رسما تجريديا، تأخذ مكانها على المسرح حول الصيدليّ، وتكون حركتها سريعة وعشوائية أحيانا، ومنظمة أحيانا أخرى، لمحاورة الصيدليّ (يوجد في ديكور المسرح لوحات تجريدية معبرة عن حالة العربي المتأزمة ) تُسمع عبارات على شكل نداءات متتابعة من خلف الكواليس ومن أماكن متفرقة في المسرح بأسلوب خطابي:
    :الخُلق : الخُلق، فضيلة
    :لا لا، الخلق فريضة : الخلق وهم، بل سراب
    : الخلق حياة : لا، بل حاجة اجتماعية
    :الحقيقة : وجود سرمدي
    وجود من ؟ : أنا وأنت
    :الضمير : التزام بحكم الشريعة
    : الضمير بضاعة مستهلكة : إنّه ميزان العدل على الأرض
    : المصلحة :ها، ها، الناطق الرسمي باسم الطغاة
    : السلام :حلم ضائع منذ وجود الإنسان على الأرض
    : السعادة : فقاعات ملونة تزهر في أحلام الورى.


    يظهر الصيدليّ على المسرح أشعث الشعر، ملابسه غير مرتبة، مضطرب الحال، صائحا بتوسّل: يا أهل الخير، ساعدوني، يا أهل النخوة، يا أهل الفضل، يا أهل المروءة، ساعدوني.
    س1 (ساخرا): ها، ها، المروءة مخبّأة في بطون الكتب، تراث قديم بلا فائدة.
    الصيدليّ (بصوت مخنوق): ساعدوني، الدواء سيكون قاتلا.
    س2: (اعتدل عن اتكائه): كيف؟الدواء، عدو للمرض وعنصر للشفاء.
    الصيدليّ (متهدّج النبرات): قد يموت إن لم أصل إليه قبل تناول الدواء.
    س3(يقبل من أقصى المسرح مندفعا):تقول موتا، أمر عادي جدا، الموت هو الحقيقة السرمدية الوحيدة التي تصل إلينا في موعدها، لمَ أنت غاضب؟
    الصيدليّ(بانفعال مضطرب): يجب إنقاذه، إنّه يعاني من هبوط في القلب صرفت له دواء خافضا للضغط، إن ابتلعه قد يموت وأكون أنا الجاني.
    س1(مؤنبا): إنّ السعي نحو الثراء شغلك عن المحافظة على حياة المواطن.
    س2(يغمز بمكر): آه رُبّ غانية جميلة قد مرت أمامك، فسلبت الّلبّ والقلب.
    الصيدليّ: لا والله بل ازدحام الناس على طلب الدواء، جعلني أخطئ.
    س3(في سخرية مرّة): أنت رجل مفترٍٍ، أتدعي، أنّ الأمراض منتشرة.
    الصيدليّ (متعثرا بكلماته): لا،لا أقصد هذا، فالجميع بخير ولله الحمد، إنما الأمراض التقليدية هي المنتشرة. واعترف أنّ الوطن يعمّ فيه السخاء والرخاء، وتلاشي الغلاء؟
    ( يُسمع صوت مدويّا: سخاء، رخاء،لا غلاء، سخاء، رخاء، لا غلاء )
    س1(مسترسلا): كيلو البندورة بشلن، شلن، شلن.وزيادة معقولة، دينار.
    س2(فخورا): كيلو التفاح بشلن أيضا لكن بزيادة بسيطة "ديناران فقط"
    س3(بائسا): اللحم رخيص جدا، الكيلو بربع دينار لكن بزيادة مطردة، عشرة دنانير فقط، الأسعار في متناول الجميع.
    (جماعيا من خلف الكواليس): لا للعمولة، لا للضريبة،لا للإتاوة.
    س(بهدوء)1: الطعام رخيص ومتوفر بكميات كبيرة، والتخمة منتشرة.
    الصيدليّ (ملهوفا): محمود سالم قد يموت بسبب خطأ علاجيّ.
    س2(بسخرية مبطنة بأسى): لا تبالي، الموت له أسبابه، والغفلة سبب "أزورت برجل"!
    س3 (معتمرا قبعة الشرطيّ ويكتب): هيا، ما اسمه وعمره والطبيب المعالج.
    الصيدليّ (متحيّرا): بلا عنوان، لا أعرف سوى أنّه محمود سالم.
    يجلس الثلاثة على الأرض يستبدلون الأقنعة س1) بنبرة قوية): محمود غانم هذا الإرهابي الذي نبحث عنه،مطلوب، مطلوب، ما زمرة دمه؟
    س2(بصوت حازم): نعم أليس هذا الملتحي الذي يصلي الأوقات الخمسة ويتصدق ويتلو القرآن الكريم؟
    س3( بنبرة صارمة): هذا إرهابي، اعترف أين هو؟
    س1 (محركا ذراعه لأعلى وأسفل بحركة سريعة ونبره صارمة): القوا القبض عليه، أنه هو، وأنت أحد أعوانه، القوا القبض عليه.
    الصيدليّ(اعترته صدمة الخوف مرتجفا): سيدي أنه مواطن عادي مطحون، آه، تذكرت اغريراق عينيه بالدمع، لأنه لم يستطع دفع ثمن الدواء كاملا.
    س2(بغضب): أتدعي، إنّه نصّاب !!
    س3(بنبرة قاسية): إدعاء وافتراء، مستحيل أن يكون هناك مواطن فقير، قد تفتري وقد تدّعي إنه يفترش الأرض ويلتحف السماء، أو يسكن خيمة. الصيدليّ(بحزم): إنّه تسوّل الدواء فقط.
    س1(بعصبية): يا للوقاحة، أتقصد خفية، أنّه قد تسوّل الطعام!!
    الصيدليّ: (بكلمات سريعة وأنفاس لاهثة) لا بل عفيف النفس، تذكرت لقد قلت له"خليها علينا يا رجل" رفض بكبرياء" فردّ بإباء "إن توفر المبلغ سأعيد لك الباقي" لكنّه في خطر،ابحثوا عنه.
    س2(متجاهلا أمره): (يعطيه ظهره وبنبرة حازمة)تقول معصوم سالم، هذا الرجل الذي دوّخ العدالة بارتكابه الكثير من الجرائم.
    س3(يخبط بيده على الطاولة ويصرخ بصوت عالٍ) جرائم،جرائم، لقد أفزع الّناس إذ قام بعشر عمليات اغتصاب وثلاث حالات قتل، أما عن السرقة والنصب فحدث ولا حرج.
    الصيدليّ: (يقول باستعطاف ويهز رأسه) اللهمّ الصبر، أقول لك يعاني من هبوط في القلب، كيف له أن يقوم بكل هذا؟
    س1( بصوت مسرحي هائج متوعدا) المؤامرة الكبرى بانت، أنت تحميه بحجة المرض أو قد تكون متآمرا معه.
    الصيدليّ: (يشوب وجهه البله)بل هو مواطن عادي، وكلّ أعراض المواطنة تبدو على محياه.
    س2: (في سخرية لاذعة) أفصح عن مكنون قلبك.
    الصيدليّ ( ضحك ضحكا مرا) المرض والفقر حالات عرضية وتزول، آه تذكرت أنه يدفع الضريبة التي تفتت عظامه ويغسل الكُلى.
    س3 (في جديّة خالصة): أنت تريد أن تقول أنه يقوم بغسيل الأموال العامة ويتسبب بأزمات اقتصادية، قلت لي اسمه مدحور غانم.
    الصيدليّ: (بصوت محايد )يا ويلي،أرى أنه يقترب من الهلاك وأنا السبب
    س1 مرتابا:أنت قلت سبب، والنّاس تموت يوميا بآلاف الأسباب.
    س2(يقوم بحركة دائرية مقلدا حركة السياقة): بيييـب، هذه البيب سبب رئيسي للموت على الطرقات عند مخالفة أنظمة المرور، والأطعمة الفاسدة سبب آخر للموت، وأقبية السجون ووو...
    الصيدليّ(بصوت مختلج مرتعش):آلآن وقت الهذر؟؟ الوقت ثمين قد يموت، لن يرتاح ضميري إذا مات محمود سالم.
    س3 (بحزم):أتسأل عن محمود سالم؟ كلّ المؤشرات والدلالات تؤكد أنّه مات،مات.
    الصيدليّ: (يواصل حديثه همسا على هيئة هذيان) اللهم اغفر لي، لم أقصد قتله، ومن أين لي أن أدفع الديّة وأنا بالكاد أحصّل قوتي.
    س1(ينظر مليّا في عينيه):لكنّ محمود سالم مات منذ خمس سنوات.(صوت جماعي مع طرق على الطبل:ونيف ونيف ونيف (بإيقاع متواتر).
    س2(مستكينا): مسكين مات ولم تتحقق أحلامه.
    س3: (ساخرا) ها ها ها كيف،" أراب جوت تيلنت" أو"ستار أكاديمي" تحقق حلم كلّ عربيّ، إنها تحقق الرفاه والنماء والحرررررررررية.
    س1(جذلا على إيقاع موسيقي هادئ): أحلام، وأحلام ،هالات ملونة تزغرد في عالم الخيال، فقّاعات تتلاشى حين تلامس الواقع.
    الصيدليّ: تذكرت، إنّه يعاني من رُهاب المرتفعات وفواتير الماء والكهرباء.
    س2: أتعترف بأنّه الإرهابي الذي يُقتلع زيتونه،ويُهدّم بيته ويُقتّل أطفاله.
    س3(متسائلا على حين غفلة): أأنت تقصدهم، أنهم مساكين يدافعون عن كيانهم وحصونهم وأسوارهم الحصينة.
    الصيدليّ( ينظر في الفراغ الموجس دائرا حول نفسه متوحدا مع ضجيج داخلي متضارب): أنقذوه أرجوكم لا أريد أن أكون السبب في موته.
    س1: أنت قلت سبب، ويوميا يموت الناس لسبب بسيط وهو نشر السلام، وحروب التحرر والربيع العربي.
    الصيدليّ: السّلام ينتشر إذا تحقق العدل.
    س2: (يدلي تقريرا)العدل في زماننا تحقيق مصالح الأقوياء على حساب قهر الضعفاء وجوع الفقراء.
    س3( يلتفت إليه ويميل إلى الصمت لحظة ثمّ يعلن): النّاس تموت يوميا بالآلف وقد يكون السبب "الكوارث الطبيعية" أتخالف أنظمة الكون.
    الصيدليّ(يأخذ أنفاسا بطيئة ضاربا كفا بكف): هذا قدر محتوم لا نستطيع حياله إلا التسليم.
    س1 (يذهب ويقبل ملوحا بيده):تناسى الاهتمام بمواطن عادي، سفاهة قولك.
    الصيدليّ (باكيا):يا أخي، مشكلتي في ضميري لن يهدأ إذا لم أجده.
    س2(فرقع ضحكة):تقول الضمير هذه الجوهرة المفقودة في قيعان الاستبداد.
    س3(يتحدث بأسلوب تهكميّ): بل الضمائر معروضة على أرصفة الطرقات.
    (تُؤدّى أغنية على إيقاع "الراب" فيها مضامين فكرة المسرحية)
    "شيء يحزّن
    لما صاحب الحق يشحت
    لما لون الصدق يبهـت
    لما يصبح في البلدي
    الشمال زي اليمين
    شيء يحزّن.. شيء يحزّن
    لما نرضى و نستكين
    و لمايرقص طول السنـين
    أراجوز لعيـن
    بشكل سافر بهلوانـي
    قال هوانـي.. وزادهوانـي" (1).

    س1(يضع يده على كتف الصيدلي):فلنكن أكثر جديّة وجدليّة ونبحث عن مواطن، أليس هو الأغلى.
    س2(بانفعال شديد) هراء ما تقول، أغلى ما نملك أرصدة البنوك والقصور والحرائر وووو....
    س3 (باهتمام): سجّل يا عربي، مسكنه المتداعي وعدد أولاده الحفاة العراة.
    س1(يسترسل آمرا): خبّر يا عميل.
    س2(بنبرة حاسمة): هيا ما عنوانه ؟
    الصيدليّ (ضاحكا بلوعة): لا أعرف له عنوانا، لكنّه سلك طريق الجنوب.
    س3 (متبرما ضجرا): أف، كأني أبحث عن إبرة في كومة قش، الآلاف يسلكون يوميا طريق الجنوب.
    الصيدليّ (هامسا): قد يكون أبا لعدد من الأطفال، يصبحون أيتاما وفقراء.
    س1( مخاطبا نفسه): الفقر في كل مكان، حالة جديدة لن تؤثر، عادي جدا.
    س2 (ينظر مليا في عينيه):ما رأيكم نبحث عنه في الحاسوب الذي يعرف كلّ كبيرة وصغيرة عن كل مواطن.
    س3( بأسلوب تقريري):الحواسيب تحسب الضرائب وفواتير الكهرباء والماء والهاتف والتحركات الخفية والمضامين السياسية.
    س1 (يتغافل عن فهم دلالاته): ألا يعلم الحاسوب أنه يعاني من هبوط في القلب ومن الفشل الكلوي والفقر ؟؟
    س2( في سخرية لاذعة): هذه الحواسيب مصّاصة دماء الشعوب لا تترك صغيرة ولا كبيرة إلا وتعرفها.
    س3(بقوة) ولكنّها مشفرة ضد الفقر والمرض.
    س1 (مغيرا مجرى الحديث برما به): الشعوب بليدة لاهية بأسباب الفساد.
    س2(بنفاد صبر): في أيّ الملفات نجده، قد يكون نائما ؟
    س3 (ضاحكا بلوعة): أو ابتلعه فيروس القهر.
    الصيدليّ موجها كلامه إلى س1: يحب أن نكثف الجهود للبحث عنه.
    س1(هذيان من يناجي نفسه): أنبحث عن مواطن عادي!! دعك من هذا.
    س2 (يتكلم بلهجة تقريرية): إن تاه طفل في الغرب، تستنفر كلّ المؤسسات الوطنيّة جهودها بحثا عنه ولا يهدؤون إلا إذا عثروا عليه.
    س3 ( بصوت خافت واضعا يده عند فمه كمن يهمس سرا): ونحن هنا لا نقوم ولا نحرك ساكنا حتى إذا ضاعت شعوب بأكملها.
    س1(بلهجة خطابيّة):إنّها الديمقراطية
    س2(بسخرية مقهورة): الدمى قراطية تكون في الانتخابات الرئاسيّة، تسعة وتسعين وتسعة أعشار وتسع العشر وعشر التسع وووو ........
    س3 (يواصل حديثه همسا على هيئة هذيان): كأننا فوق رقعة الشطرنج.
    (تأخذه نوبة سعال خانقة): وما علاقة الشطرنج في هذا الموضوع!!
    س1 (كمن يتخلص من جواب عسير): لأننا حجارتها يحركونها كما يشاءون.
    الصيدليّ: من هم ؟
    س2(مأخوذا): اللّهم، اجعل كلامنا خفيفا عليهم.
    س3( مكذبا هواجسه): أنت تضيّع الوقت، وتعطي الموضوع أكثر مما يستحق، لأن محمودك هذا ميت.
    س1(بفخر):ألا يكفيه أنّه مات وهو في غاية السعادة
    س2(بتقريرية مفتعلة) ألم يمت في الصيف الفائت على رصيف مقهى صيفيّ؟
    الصيدليّ (ببلاهة):كيف... ؟؟لا أعلم؟
    س(3باسترخاء):لأنه يتابع المونديال باهتمام وبسبب فرحته لانتصار برشلونة على على على... ماااااااااااات، وأيهما أفضل الموت السعيد أم التفكير البليد.
    الصيدليّ (مهتاجا منفعلا): كيف؟
    س1 (مهتاجا منفعلا باختلاط): لو نظر حوله وفكّر سيموت قهرا،لكنه مات وهو في غاية السعادة.
    س2(مضطربا):هذه إهانة، أتقصد أن الملايين أحياء لأنهم لا يفكرون.
    س3(بصوت وشى بغضب): التفكير سفاهة هذا العصر، لكنّه إن مات في هذا الوقت يكون قد خسر متعة كبيرة قد ترافقه وتسلّيه في الدار الآخرة.
    الصيدلي : ماذا تقول وهل ينفعنا في الدار الآخرة إلا العمل الصالح والطاعات.
    س1(يبكي بمرارة): ابكيه يا رجل، لقد خسر بموته متعة المونديال الذي يحقق لنا نشوة الانتصارات، والبطولات التي تتكرم علينا بها تلك الكرة الساحرة وتعطي لوجودنا معنى.
    الصيدلي(باستهانة): صدقت، شعوب عقلها وإبداعاتها في دحرجة كرة بين الأقدام، مسكين محمود سالم قد يخسر بموته الآن متاع الدنيا وذخيرة الآخرة.
    س1: لكن، لا تيأس اتصل بالمسؤولين وستحقق ما تريد اتصل، اتصل!!
    س2(يضرب كفه بكف تهريجا):ها ها، اتصل تربح جوائز سخيّة بل أرسل"sms" اتصالات،اتصالات تزيد الأغنياء واحدا وتزيد الفقراء ألفا.
    س3(ساخرا): اتصل ستُفسر أحلامك لتقتنع أنك من الأولياء الصالحين، وتحقق أمنياتك، وما تتمناه في الواقع تراه في الأحلام.
    س2(يحاكي خياله): الغلاء منتشر،ما الضرر لو كان الموت رخيصا.(يخرج)
    تؤدى أغنية (سلام مربع، على إيقاع الراب)
    تشريعات على كيف هواهم شرّعوها
    وعود قالوها و ضيّعوها
    و لعبة بايخةاتعودوها
    ناس بترضى وناس بتخضع
    ناس مُناها تحب تسمع
    يبقى تسمع على مزاج
    خطبة تخلق الف مصنع
    خطبة تروي و خطبة تشبـع
    خطبة تبنـي
    فوق رمالالصحرا ألَفات المبانـي
    سـلام مربـع للي بانـي(2)

    الصيدليّ (يقول بحزن): أيموت هكذا بلا ثمن.
    س3 (فأحاطه بنظرة كاشفة للواقع): أنفلونزا الأوبئة حرب اقتصادية، فإن مات بسبب خطأ بالدواء أهون من أن يموت بسبب خدعة انتشار الوباء،لا تبالي بالثمن.
    س1 (يغالب دمعة يائسة): مسكين، بائس.
    س2(باستغفال): من؟
    س3 (يصيح صيحة هستيرية): المواطن المسحوق، محمود سالم.
    س1 (يناجي نفسه بهوس): لعله أطلق ساقيه للريح وابتلعه زلزال تسو نامي.
    س2 (بحزم ): لعله حلّق مهاجرا لكسب رزقه في قيعان الذل والمرارة.
    س3 (باستياء): لعله يخزّن المياه العربية في كهوف الزمن، حتى لا تقتنص في صراع الثروات.
    الصيدليّ (محتارا): الأمل مفقود في العثور على محمود سالم في صراعات العالم.(يهمّ بالانسحاب)أيكون قد لقي مصرعه في ثورات الربيع العربي الدامي أو انتحر لأنه اكتشف أن ربيعه شتاء ثلجيا قاسيا أغلق عليه كلّ سبل الوجود.
    س1(يناديه بصوت تداخلت معه نبرات موسيقى حزينة): يا أخي، عد إلى غيبوبتك، أقصد بيتك، وضع ضميرك الحيّ في ثلاجة.
    س2 (برويّة): ستحتاجه،لمّا تعود الأمور إلى وضعها ويعتدل ميزان الحق.
    (يخرج الجميع ويبقى الصيدليّ على المسرح مهموما ثمّ يغني موالا يعبر فيه عن حالة الاختناق التي يعاني منها كل مواطن عربي ومخاطبا للجمهور بثقة): يا قوم، ارجعوا، لقد وجدته.
    صوت جماعي من خلف الكواليس: أين، أين، أين؟
    الصيدليّ (مخاطبا الجمهور بقهر): وجدته في عيونكم، في قهركم، في عذاباتكم، في ضياعكم، في أقبية السجون في غيابات الظلم.
    س3 (تعلو الأصوات): أهو المطحون دائما.
    الصيدليّ (يحكي بأقصى طاقتة): إنّه هناك في فلسطين والعراق وأفغانستان،ولبنان ووو.. إنه يحترق في مجاهل الفقر والجهل والظلم، يتخبط في التداعيات الأخلاقيّة يغرق في بحور الحيرة، إنّه أنا وأنت وهم وأنتم.
    تظهر الشخصيات وهي تتحرك كالدمى، الأيدي ممدودة باستقامة ثم مسدولة وبصوت واحد: نحن "محمود سالم"، مظلوم مطحون، مقهور ويسبلون الأيدي يخفضون الرأس ثم يلوّحون بالأيدي للجمهور ويخرجون.

    * مقتطفات الشعر(1)و (2) من قصيدة"سلام مربع" للشاعرة المصرية "إيمان البكري".
    التعديل الأخير تم بواسطة فاطمة يوسف عبد الرحيم; الساعة 27-06-2012, 19:33.
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    زاوية الرؤية هنا كانت ممتعة أستاذة
    أعادتني فورا إلي نص الكبير صلاح عبد الصبور ( مسافر ليل )
    و اعمال الماغوط
    و لكن الطرق على لعبة المعالجة ، برغم الكثير من الايجابات التي تمت بها
    لم تكن موفقة و يظهر ذلك في الاشعار التي استعنت بها
    لم تكن حاضرة بل ميتة و لا روح لها
    لدرجة أني ظننتها حديثك أنت الذي يستبدل عن العرض باشعار تتحدث في ذات المعاني أو بذات المعاني

    لكنه برغم كل شىء نص رائع
    طالما مازال في ايدينا ، ومن الممكن ضخه بما نريد ، و إبعاد مالا نريد !
    فقضيته أكثر اتساعا و عمقا من مجرد انقاذ فرد كما هو واضح في مبتدأ الأمر !

    الزخم كله كان يأتي من الشخوص ( الدمى ) الثلاث ، و لذا سوف يكون أجمل و أجمل
    لو أعطينها أكثر ، و خلصناها من بعض الحديث !

    مبارك لك هذا النص

    تقديري لقلمك المبدع !
    sigpic

    تعليق

    • فاطمة يوسف عبد الرحيم
      أديب وكاتب
      • 03-02-2011
      • 413

      #3
      الأستاذ ربيع
      تحية وبعد
      أنا شاكرة اهتمامك وانتظر تعليقك لما فيه من نقد بناء وتوجيه، أما عن مسرحية "مسافر ليل" لم أقرأها لقد قرأت مأساة الحلاج للعملاق صلاح عبد الصبور، أما فكرة الشعر فأنت محق لم أجد ما يناسب وأنا لا أكتب الشعر، لكن بما إني حريصة على تقديم العمل الاستعراضي لكونه عمل مدرسي لا بد من وجود نشاط جماعي وحراك فني لإدخال عدد كبير من الطالبات في العمل، لذا أدخل الغناء الفلكلوري الجماعي الخاص ببلاد الشام أو رقص الباليه أو الدبكات الشعبية في كل عمل، لكني رغبت في التغيير ففكرت في " فن الراب" كونه فن شبابي ومرغوب لدى هذا الجيل، لكن يبدو أني أسأت اختيار الشعر سأحذفه وأبحث عن نص مناسب يتوافق مع فكرة النص، وقد حاولت إعطاء الدمى حوارا قد يكون من معطيات الزمن الحاضر واهتماماته كبعض البرامج التلفزيونية الطاغية على اهتمام هذا الجيل ، سأعود لمراجعة بعض الحوار وأحذف منه ما كان غير مناسب.
      أستاذي القدير
      لك مني كل التقدير

      تعليق

      • ربيع عقب الباب
        مستشار أدبي
        طائر النورس
        • 29-07-2008
        • 25792

        #4
        أهلا بالمبدعة الكبيرة / فاطمة

        لا .. لا تنقلي شعرا
        بل اكتبي ما تريدين كتابة عادية بما يجب أن يكون عليه الشعر الغنائي الذي سوف يغنى في العمل
        و أقول لك .. أنا اترك هذا في الغالب للمخرج حتى لا أتدخل في عمله و تصوره
        و لا تقولي أن هذا العمل مدرسي .. ارجوكي
        أنت تكتبين نصا مسرحيا جيدا ، يستطيع أن ينافس ما يكتب الكبار

        اكتبي فاطمة مسرحا
        لا تتوقفي
        أنت كاتبة مسرح سوف يكون لك علامة !

        تقديري و احترامي
        sigpic

        تعليق

        يعمل...
        X