********
يرن الهاتف لا بد أنه المتصل..صرخت في طفليها علهما يخفضان صوتيهما..و حملت رضيعها الباكي مسرعة لترد قبل أن ينقطع الاتصال..
-آلو......
- ما بك تلهتين..
- لا شيء..كيف حالك؟
- بخير..و أنت..كيف كان يومك؟
تفقدت عينيها المنزل..كل شيء مقلوب رأسا على عقب..توقفت نظراتها عند طفليها المتناوشين..
- الحمد لله..كل شيء على ما يرام..
- أنا في الطريق إلى المنزل..هل تحتاجين شيئا أحضره معي؟
- لا..
بلى..بلى..ابتع حفاظات للصغير..
- ما به يبكي..
- يريد الخلود للنوم و ضجيج إخوته يمنعه عن ذلك..
- لا بأس..لا بأس..سأكون معك بعد نصف ساعة..
- في رعاية الله..
سيصل بعد نصف الساعة! لن تستطيع توظيب المنزل في نصف ساعة!
الهاتف يرن مرة أخرى..أخذت تهز رضيعها عله يهدأ و ينام..
- هل نسيت شيئا؟
- إنها أنا..كيف حالك صديقتي العزيزة
- الحمد لله..آسفة عزيزتي..لن أطيل الحديث معك ..
- مشغولة كالعادة..لا أدري كيف لجامعية متفوقة مثلك أن تتخلى عن كل شيء..و تصبح ربة بيت!
- ليس هذا وقت النقاش عزيزتي..سأنهي المكالمة و أتصل بك لاحقا..مع السلامة..
نام الصغير..اتجهت لغرفته واضعة إياه بروية على سريره..تبعها الطفلان صارخين و كأنهما يتعمدان إيقاظه..نظرت إليهما متوعدة..ثم أخرجتهما من الغرفة و أغلقت الباب بسرعة..
الحمد لله لا يزال نائما..
راحت تحاول ترتيب ما يمكن ترتيبه في المنزل..و الطفلين يتبعانها كظلها..يعيدان رمي ما ترفعه عن الأرضية..نظرت إليهما بحدة..أخذا يضحكان ببرائة..يظنانها تلعب معهما..ابتسمت رغما عنها وهي تتمتم : صبرك يا الله!
اتجهت للحمام..و أغلقت الباب ورائها بسرعة..
- ماما..ماما..
- سأخرج حالا يا حبيبي..
أخذت تتمعن صورتها في المرآة
هالات سوداء تحيط بعينيها..وجه شاحب و ملامح متعبة..
تمتمت : من الصعب إصلاح كل هذا الآن..
سرحت شعرها مسرعة..و أعادت ترتيب ملابسها..المنامة التي لم تجد الوقت لتغييرها منذ الصباح..
- بابا وصل..بابا وصل..
اختطفت نظرة أخيرة على صورتها في المرآة ..حاولت رسم ابتسامة على وجهها وخرجت..
- كيف حالك؟
قبلها على جبينها مجيبا : الحمد لله..و أنت هل أتعبك الصغار اليوم
- قليلا..
عاد للبكاء ثانية..غير ملابسك و اذهب لغرفة الجلوس.. سأحضره و ألحق بك..
أخذ يجر قدميه نحو غرفة النوم..و الطفلين ممسكين برجليه..
- بابا ..العب معنا الكرة..
-و أين الكرة؟
- دعا والدكما يغير ملابسه أولا!
رد ضاحكا: دعيهما..فقد اشتقت إليهما..أحضري الصغير اشتقت إليه أيضا..
********
و في المساء......
- هل ناما؟
- أجل بعد كل ذلك الجري وراء الكرة ..والحساء اللذيذ و الحمام الساخن..سقطا على سريريهما مغشيا عليهما..
ضحكت..
-جئتَ متعبا من العمل..فأكملا عليك بطلباتهما..بابا لنلعب..بابا نريد حماما..!بابا أتل علينا القرآن قبل أن ننام!
- المهم هل نام الصغير؟
-مغشيا عليه أيضا..فقد تحالفا عليه هذا اليوم..لم يستطع النوم بسبب صخبهما..
- جيد سأذهب لصلاة العشاء..
-تقبل الله
فور خروجه للمسجد ..أخذت حماما سريعا..انتقت ما ستلبسه..أخرجت أدواتها السحرية..كحل على العينين..القليل من هذا الوردي و ذاك الأحمر..تمعنت صورتها في المرآة بسعادة..اختفت الهالات..الشحوب..اختفت تلك الملامح المتعبة!
بعد الصلاة..جلست تتل القرآن لحين عودته..
- جوهرة تتلألأ في منزلي..
أغلقت المصحف و أعادته مكانَه..
- لولاك لما تلألأت..لا أعرف كيف أرد لك حسن معاملتك ومساعدتك لي في الصغيرة قبل الكبيرة..
- إن هو إلا هدي رسولنا الكريم.. صلى الله عليه وسلم ألم يقل : " رفقاً بالقوارير"..أي رفقا بالنساء
- .. صلى الله عليه وسلم
- و لا أحتاج أن أذكرك بقصة الرجل الذي ذهب يشكو إلى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه زوجته أنها آذته - فسمع صوت عمر يرتفع على صوت زوجته وصوتها يرتفع على صوته،و حين فتح عمر الباب وجد الرجل يعود أدراجه.. فناداه وسأله: أين تذهب؟ قال: يا أمير المؤمنين! أتيت في أمرٍ فسمعت صوت زوجتك وصوتك فذهبت، قال: ولم؟ قال: امرأتي آذتني وسبتني وشتمتني، فأتيت أشكوها إليك، فلما سمعت امرأتك تسبك وتشتمك ذهبت، فتبسم عمر رضي الله عنه وأرضاه، وقال: [[إنما العيش بالمعروف، إنها امرأتي تصنع لي خبزي وتغسل ثوبي وتخدمني، فإذا لم نتلطف بهن ما عشنا معهن ]]
هزت رأسها مبتسمة فأكمل ضاحكا : ثم ما أفعله و إن كان واجبا علي فهو يصب في مصلحتي أيضا ألم تسمعي قول الحكماء:
- المرأة قلب به صفاء..وعقل رغم نقصه به دهاء..إن وضعتك في قلبها..رفعتك للسماء..و إن وضعتك في عقلها ..فلن يحل عليك مساء!
*********
تمت في 24-06-2012
بقلم سيدة الشمال
يرن الهاتف لا بد أنه المتصل..صرخت في طفليها علهما يخفضان صوتيهما..و حملت رضيعها الباكي مسرعة لترد قبل أن ينقطع الاتصال..
-آلو......
- ما بك تلهتين..
- لا شيء..كيف حالك؟
- بخير..و أنت..كيف كان يومك؟
تفقدت عينيها المنزل..كل شيء مقلوب رأسا على عقب..توقفت نظراتها عند طفليها المتناوشين..
- الحمد لله..كل شيء على ما يرام..
- أنا في الطريق إلى المنزل..هل تحتاجين شيئا أحضره معي؟
- لا..
بلى..بلى..ابتع حفاظات للصغير..
- ما به يبكي..
- يريد الخلود للنوم و ضجيج إخوته يمنعه عن ذلك..
- لا بأس..لا بأس..سأكون معك بعد نصف ساعة..
- في رعاية الله..
سيصل بعد نصف الساعة! لن تستطيع توظيب المنزل في نصف ساعة!
الهاتف يرن مرة أخرى..أخذت تهز رضيعها عله يهدأ و ينام..
- هل نسيت شيئا؟
- إنها أنا..كيف حالك صديقتي العزيزة
- الحمد لله..آسفة عزيزتي..لن أطيل الحديث معك ..
- مشغولة كالعادة..لا أدري كيف لجامعية متفوقة مثلك أن تتخلى عن كل شيء..و تصبح ربة بيت!
- ليس هذا وقت النقاش عزيزتي..سأنهي المكالمة و أتصل بك لاحقا..مع السلامة..
نام الصغير..اتجهت لغرفته واضعة إياه بروية على سريره..تبعها الطفلان صارخين و كأنهما يتعمدان إيقاظه..نظرت إليهما متوعدة..ثم أخرجتهما من الغرفة و أغلقت الباب بسرعة..
الحمد لله لا يزال نائما..
راحت تحاول ترتيب ما يمكن ترتيبه في المنزل..و الطفلين يتبعانها كظلها..يعيدان رمي ما ترفعه عن الأرضية..نظرت إليهما بحدة..أخذا يضحكان ببرائة..يظنانها تلعب معهما..ابتسمت رغما عنها وهي تتمتم : صبرك يا الله!
اتجهت للحمام..و أغلقت الباب ورائها بسرعة..
- ماما..ماما..
- سأخرج حالا يا حبيبي..
أخذت تتمعن صورتها في المرآة
هالات سوداء تحيط بعينيها..وجه شاحب و ملامح متعبة..
تمتمت : من الصعب إصلاح كل هذا الآن..
سرحت شعرها مسرعة..و أعادت ترتيب ملابسها..المنامة التي لم تجد الوقت لتغييرها منذ الصباح..
- بابا وصل..بابا وصل..
اختطفت نظرة أخيرة على صورتها في المرآة ..حاولت رسم ابتسامة على وجهها وخرجت..
- كيف حالك؟
قبلها على جبينها مجيبا : الحمد لله..و أنت هل أتعبك الصغار اليوم
- قليلا..
عاد للبكاء ثانية..غير ملابسك و اذهب لغرفة الجلوس.. سأحضره و ألحق بك..
أخذ يجر قدميه نحو غرفة النوم..و الطفلين ممسكين برجليه..
- بابا ..العب معنا الكرة..
-و أين الكرة؟
- دعا والدكما يغير ملابسه أولا!
رد ضاحكا: دعيهما..فقد اشتقت إليهما..أحضري الصغير اشتقت إليه أيضا..
********
و في المساء......
- هل ناما؟
- أجل بعد كل ذلك الجري وراء الكرة ..والحساء اللذيذ و الحمام الساخن..سقطا على سريريهما مغشيا عليهما..
ضحكت..
-جئتَ متعبا من العمل..فأكملا عليك بطلباتهما..بابا لنلعب..بابا نريد حماما..!بابا أتل علينا القرآن قبل أن ننام!
- المهم هل نام الصغير؟
-مغشيا عليه أيضا..فقد تحالفا عليه هذا اليوم..لم يستطع النوم بسبب صخبهما..
- جيد سأذهب لصلاة العشاء..
-تقبل الله
فور خروجه للمسجد ..أخذت حماما سريعا..انتقت ما ستلبسه..أخرجت أدواتها السحرية..كحل على العينين..القليل من هذا الوردي و ذاك الأحمر..تمعنت صورتها في المرآة بسعادة..اختفت الهالات..الشحوب..اختفت تلك الملامح المتعبة!
بعد الصلاة..جلست تتل القرآن لحين عودته..
- جوهرة تتلألأ في منزلي..
أغلقت المصحف و أعادته مكانَه..
- لولاك لما تلألأت..لا أعرف كيف أرد لك حسن معاملتك ومساعدتك لي في الصغيرة قبل الكبيرة..
- إن هو إلا هدي رسولنا الكريم.. صلى الله عليه وسلم ألم يقل : " رفقاً بالقوارير"..أي رفقا بالنساء
- .. صلى الله عليه وسلم
- و لا أحتاج أن أذكرك بقصة الرجل الذي ذهب يشكو إلى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه زوجته أنها آذته - فسمع صوت عمر يرتفع على صوت زوجته وصوتها يرتفع على صوته،و حين فتح عمر الباب وجد الرجل يعود أدراجه.. فناداه وسأله: أين تذهب؟ قال: يا أمير المؤمنين! أتيت في أمرٍ فسمعت صوت زوجتك وصوتك فذهبت، قال: ولم؟ قال: امرأتي آذتني وسبتني وشتمتني، فأتيت أشكوها إليك، فلما سمعت امرأتك تسبك وتشتمك ذهبت، فتبسم عمر رضي الله عنه وأرضاه، وقال: [[إنما العيش بالمعروف، إنها امرأتي تصنع لي خبزي وتغسل ثوبي وتخدمني، فإذا لم نتلطف بهن ما عشنا معهن ]]
هزت رأسها مبتسمة فأكمل ضاحكا : ثم ما أفعله و إن كان واجبا علي فهو يصب في مصلحتي أيضا ألم تسمعي قول الحكماء:
- المرأة قلب به صفاء..وعقل رغم نقصه به دهاء..إن وضعتك في قلبها..رفعتك للسماء..و إن وضعتك في عقلها ..فلن يحل عليك مساء!
*********
تمت في 24-06-2012
بقلم سيدة الشمال
تعليق