شهيق محايد .
قطرات الندى هنا تتجسد على زجاج نافذة مواربة بحرية تامة دون أية موانع تُذكر، فهنا يقطن من يحمل في قلبه أوجاع " فيكتور هوجو" الذي دونها في روايته المشهورة " البؤساء " ، شَرفَ سجادته بركعتي الفجر و أسكت شغب معدته بما يُسمن من جوع ، أدار بصره بخطفات سريعة ماراً بهما على أشقائه الخمسة ، حملق بعينيه و أطال النظر في وجه والدته ، قبّل جبينها و أثار شهيتها لتُزين أذنيه بقولها : " الله يرضى عليك يا ابني "و كأنه يتظاهر بالرحيل إلى مكان ليس يكسوه بشري ، عالم خاص بالأزهار و الأقمار ، يتمكن في فضائه من نثر حروفه الساحرة دون أن يُخفي تفاصيله بخجل غامض ، يصبح بذاك العالم مُعتزاً بذاته و موهبته التي تكاد تعلن انضمامها لسجل الوفيات ، ففي عالمه الساذج هذا كان يعتقد انه جرذان يجلبه الأطباء لتثرية جهودهم بتجارب صحيحة مؤكدة ، استقرت المركبة و بدأت جولته الأكاديمية ، و في منتصف يومه شرع الألم بانتهاز ضعف جسده و طفق يغزو أركان فكره ، شعر بجرعات كبيرة من الاختناق تجتاحه دون أن يعلم أدني سبب لذلك ، خَطَ سطره الأخير في دفتر محاضراته ، ازدرى الممر و شق طريقه مُصافحاً الجدار كلصٍ يخشى كشف قناع سرقته للمصرف ، كان وجهه قطعة ورق في شارع يشكو ازدحام زائريه فأُنهكت من كثرة انسدالها تحت أقدام المارة ، يحاول تمزيق طقوس وحدته و يرسم في مخيلته أن يُلقي السلام هنا و هناك ، و أن يمشي مُصطحباً لرهطٍ من رفقة تنجحُ في سلب قسوة أيامه التي لا تعترف ببرامج الرحمة ، ألقى برأسه على أرضية الحرم الجامعي و أطفأ سراج عينيه و تاه بعقله يُذاكر معاناته اليومية و كيف لشابٍ يافع دونه أن يخرج من حارته دون تثقيل جعبته بإهانات أطفالٍ لقطاء الكرامة ، و ما السبيل نحو إيقاظ روحٍ أُعدمت بسهام صامتة ليس له أي ذنبٍ لاستقطابها نحوه ، ملَّ البحث و التجربة فجمجمة رأسه تكدست بأنواع فاجعة من الفشل ، و بينما هو غارق في بحر يأسه فإذا بصوت ناعم يهمس :" مسكين هو يعيش أنوثة انطوائية " ، و إذ بآخر يسرق سمعه لكن بنصيب ضجيجٍ أكبر : "هو شاذ تجنبه كي لا تجلب المتاعب لنفسك " ، صغًرت عيناه إثر ضمهما للداخل محاولاً إخفاء ينبوع دموعه ، و نطق دون تحريك فيّه : " ماذا لو لم أكن معاقاً ؟ ثم خطف شهيقاً دون زفير.
انتهي .!
قطرات الندى هنا تتجسد على زجاج نافذة مواربة بحرية تامة دون أية موانع تُذكر، فهنا يقطن من يحمل في قلبه أوجاع " فيكتور هوجو" الذي دونها في روايته المشهورة " البؤساء " ، شَرفَ سجادته بركعتي الفجر و أسكت شغب معدته بما يُسمن من جوع ، أدار بصره بخطفات سريعة ماراً بهما على أشقائه الخمسة ، حملق بعينيه و أطال النظر في وجه والدته ، قبّل جبينها و أثار شهيتها لتُزين أذنيه بقولها : " الله يرضى عليك يا ابني "و كأنه يتظاهر بالرحيل إلى مكان ليس يكسوه بشري ، عالم خاص بالأزهار و الأقمار ، يتمكن في فضائه من نثر حروفه الساحرة دون أن يُخفي تفاصيله بخجل غامض ، يصبح بذاك العالم مُعتزاً بذاته و موهبته التي تكاد تعلن انضمامها لسجل الوفيات ، ففي عالمه الساذج هذا كان يعتقد انه جرذان يجلبه الأطباء لتثرية جهودهم بتجارب صحيحة مؤكدة ، استقرت المركبة و بدأت جولته الأكاديمية ، و في منتصف يومه شرع الألم بانتهاز ضعف جسده و طفق يغزو أركان فكره ، شعر بجرعات كبيرة من الاختناق تجتاحه دون أن يعلم أدني سبب لذلك ، خَطَ سطره الأخير في دفتر محاضراته ، ازدرى الممر و شق طريقه مُصافحاً الجدار كلصٍ يخشى كشف قناع سرقته للمصرف ، كان وجهه قطعة ورق في شارع يشكو ازدحام زائريه فأُنهكت من كثرة انسدالها تحت أقدام المارة ، يحاول تمزيق طقوس وحدته و يرسم في مخيلته أن يُلقي السلام هنا و هناك ، و أن يمشي مُصطحباً لرهطٍ من رفقة تنجحُ في سلب قسوة أيامه التي لا تعترف ببرامج الرحمة ، ألقى برأسه على أرضية الحرم الجامعي و أطفأ سراج عينيه و تاه بعقله يُذاكر معاناته اليومية و كيف لشابٍ يافع دونه أن يخرج من حارته دون تثقيل جعبته بإهانات أطفالٍ لقطاء الكرامة ، و ما السبيل نحو إيقاظ روحٍ أُعدمت بسهام صامتة ليس له أي ذنبٍ لاستقطابها نحوه ، ملَّ البحث و التجربة فجمجمة رأسه تكدست بأنواع فاجعة من الفشل ، و بينما هو غارق في بحر يأسه فإذا بصوت ناعم يهمس :" مسكين هو يعيش أنوثة انطوائية " ، و إذ بآخر يسرق سمعه لكن بنصيب ضجيجٍ أكبر : "هو شاذ تجنبه كي لا تجلب المتاعب لنفسك " ، صغًرت عيناه إثر ضمهما للداخل محاولاً إخفاء ينبوع دموعه ، و نطق دون تحريك فيّه : " ماذا لو لم أكن معاقاً ؟ ثم خطف شهيقاً دون زفير.
انتهي .!
تعليق