المفقود

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسن محمد نجيب صهيوني
    أديب وكاتب
    • 16-10-2010
    • 48

    المفقود

    المفقـــــود
    ماضٍ من الأيام، ما تتبدل = ذكرى تظل إذا الفتى يترجَّلُ
    ذكرى بها قد أسفرتْ عن حالها = أحداثُها، صَرْعى بها تتقلقل
    ويشُقُّ حاضرَها فتِيٌّ يانع = أضحت به تلك الغواية تنخُل
    هي عشقه الأبدي، وهي حياته = وهي الردى في غيها والمأمل
    هي فتنة الرائي شغوفاً طامعاً = سحرٌ من الأطياب عذبٌ سَلْسَل
    قـدرٌ عليه، وللهـوا أسبابه = حُمَّ القضاءُ بها، وحُمَّ المقتل
    والفتك صنعتها، فكيف يصدها = حرص به هذي الشواهد تَمْثُل؟َ
    *********
    أضحت بقارعة الطريق يجنها = غولٌ يرى في ثوبها يتبدّل
    تمشي الهوينى عارِضاً مستعرضاً = كالريم في عرض الربى تتنقّل
    تختال عامدة، وتربُض مبسماً = لكأنها طيف سرى يتسلّل
    ولَهَاً بها الملتاعُ إن تبْصُرْ به = طُلابُها من حولها تَتَجَحْفل
    وتخالها ما إن دنت من ذا تَرى = أو ذاك وجهاً باسماً يتهلهل
    فتنقّلت بين الوجوه كأنها = كالرسم ريشتُه انتقت ما يَجْمُل
    وتخيّرته من الورى، فَجَرَى به = عَطَلٌ غشا عينيه مما تَشْهَل
    أسِعفْ به غُنْماً لها، أوداجُه = هطّالةٌ فيضَِ الفتوّة جَدْول!!
    متَنَفَّساً فيه الصبا مسْتَشْرَفاً = ما كاد فيه من الضلوع يُجَلْجِل
    عهدي به في عنفوان شبابه = ليس الذي يُرجى به مُتَغَزَّل
    فعلامَ، واحرقي!، يُقاد، أرى به = من تحته بأس الغِوى يتغلغل؟!
    أضحى لها حظواً، وكان يشوقه = نار به تشوي وقلب يخْطََل
    قدماه تَجْمَرّان في نعليهما = ولبابه المغدور فيه مُعَطّل
    وشغافه نَوْحٌ يدُقُّ حَمِيَّها = عَجِلاً بما يأتي به المستقبل
    أمٌّ له لو أدركت ما نابه = حالاً، لَعَمْرُ أبيه، بئس الموئل!!
    لقَضَتْ بما اسطاعت يداً لفقيدها = حتى يَرِقَّ لمقلتيها الحنظل
    هذي لعمري التهلُكات لذائذاً = من حيث جنيُّ الهوا يتغوّل
    والقادم المشؤوم لو يدري به = ماضيه كان مع التعفف أنبلُ
    ودنت له فإذا العيونُ حديثُها = سرعان ما أوحت به ما تحمل
    سَحّاً تجود من الغرام يسوقها = زعْماً حواه من الشكاةِ تَعَوُّل
    وغدت تناغيه الرغائب أخْيُلاً = برهافة من حيث تحيي تقتل
    كالأنْمُلِ انتفضت فكنّ حباحِباً = من وَجنةٍ في صَفحِها تتنمّل
    **********
    إذهبْ معي، فالدار، لو تدري بها = كم تشتهي جدرانها إذْ تُقْبِل!
    إذهب معي، فالزهرُ حان قَطافه = أفما ترى سيقانُه كم تُثْقَل!
    فتغرّد الغِرّيدُ في أحشائه = لكأنَما الأحشاءُ فيها بلبل
    وتضاحك الدرب النديُّ لخطوه = فخطاه في درب الهوا تتسربل
    ومضى يرِفُّ الليل أنْسَهما معاً = في ساعة صرعى وأخرى تثمُل
    كان المساءُ حرارة قانيّةً = لا مطبقٌ جفناً ولا مترجِّل
    والغرفةُ المعياةُ تنشد راحة = من زائرٍ لمّا يزلْ يسترْسِل
    ليلى أحسُّ الدم بين أضالعي = يغلي، وروحي في حشاتي تصهل
    وأحسُّ قلبي نبضَه هَلَعٌ به = لكأنه مَسٌّ به يتنزّل
    وحشيةً يذوي الفقيد فداءَها = مستنزَفاً في جهده يتحلّل
    وتأنُّ أضلُعه على سَكَراته = قِطَعاً شراهتُها لها تستأصَل
    وتعُجُّ من شريانه رغباتِها = ويجُؤّه منها افتراسٌ أنكَل
    نِعَمٌ له الأكُلاتُ، في لذاتها = منها اشتهى حيثُ الزمانُ الأول
    فإذا انبلاج الصبح يَمْكُو ناهداً = جَسَدٌ به تَلَف وآخرُ يأفَل
    وإذا انطواء الليل يحكي قصة = ذهبت به كالسحر حين يُخَيَّل
    لتراهما روحين نائمتين في = كَنَفيْهما حُلُمٌ الصبا يتخضّل
    هذي هي الساعات تأتي سُرّعاً = حيناً، وحاناً بعضها متأجَّل
    ***********
    ومضت به الأيام شاغلَ عهدِه = ما كان منه من الهوى مُتَجنْدَل
    قَدَمٌ بها زَلَلٌ، وأخرى خلفها = ينعى بها أمساً غدٌ متسلسِل
    والحال هذا الحالِ لا صَرْفٌ له = أملاً، ولا سببٌ به متعوَّل
    سنةٌ مضت والناس بين مكذِّبٍ = مما اعتراه وبين راءٍ يذهَل
    هذا الفتى ولّى بقادِم عهدِه = من قبل حين به الفتوة تحفل
    هذا هو الملقى على أوجاعه = لم يبق من أضلاعه متأمَّل
    عيناه ذابلتان في غوْرَيْهما = ويداه ترتعشان رَجفاً ينغُل
    قد كان ماضيه يشقشق خافقاً = بشبيبة ترعى، وزندٍ يبسُل
    فأبى له إلا المهالكَ، لاعجاً = يغترُّ فيه فتوة، ما يفضُل
    حتى غدت عنه الفتوة غابراً = والباقيات بها غدٌ متحوِّلُ

    حسن محمد نجيب صهيوني




    .................................................. ...................
    للمزيد يرجى زيارة الرابط التالي:
    http://hasannajeb.ahlamontada.com
    مع فائق الشكر والتقدير
  • السيد سالم
    أديب وكاتب
    • 28-10-2011
    • 802

    #2
    ما أروع الألفاظ والمعاني
    موسيقى راقية ومتدفقة
    جدول من الأحاسيس الشجية
    أطربتنا
    لك ودي
    تقبل مروري
    د. السيد عبد الله سالم
    المنوفية - مصر

    تعليق

    • حسن محمد نجيب صهيوني
      أديب وكاتب
      • 16-10-2010
      • 48

      #3
      تشكر أخي د. السيد عبدالله على مرورك نفحاتك المعطرة على القصيدة ..

      لك كل ودي وتقديري
      .................................................. ...................
      للمزيد يرجى زيارة الرابط التالي:
      http://hasannajeb.ahlamontada.com
      مع فائق الشكر والتقدير

      تعليق

      يعمل...
      X