مجرد صورة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد الفاضل
    أديب وكاتب
    • 21-12-2011
    • 208

    مجرد صورة

    مجرد صورة – محمد الفاضل

    تكاد الشوارع تخلو من المارة . سكون مطبق لايعكر صفوه سوى مرور بعض المركبات بين الفينة والأخرى . بدأت ندف الثلج تتساقط من السماء تباعاً فاكتست الأرض بحلة بيضاء . الكون يلفه ضباب كثيف يحجب الرؤية ، في مشهد يشي بالوحدة والكاَبة . تهب ريح باردة فتشعر بلسعات البرد وهي تخترق المفاصل عميقاً . الجو شديد البرودة في الخارج . اشتد به السهاد ليلة أمس ولعج الهم بصدره .
    دس يده في جيب معطفه في محاولة مضنية للحصول على شئ من الدفء ولكن دون طائل . وبينما كان يهم بالصعود إلى الباص استوقفه مشهد امرأه في عقدها السادس كانت تقف خلفه ، شعر نحوها بعاطفة غريبة !
    ياألهي ! كم يشبه وجهها وجه أمي ، كان يتمتم مع نفسه بصوت منخفض . أراد أن يبوح لها بما يعتمل في صدره من مشاعر وأحاسيس ولكنه لم يجرؤ . رمقها بنظرة حانية محبة وكان قلبه يخفق بشدة ، حانت منها التفاتة ، فعلت الحمرة وجنتيه وأطرق برأسه حياءاً .
    بعد دقائق قليلة ترجل من الباص وهو مازال يجول ببصره بحثاً عن وجه تلك المرأة . دلف إلى المقهى وطلب فنجاناً من القهوة ، وجلس يتأمل البخار المتصاعد من القهوة . أشعل سيجارة وبدأ ينفث الدخان في الهواء وهو يسرح بخياله بعيداً حيث دفء الشرق.

    على مقربة منه كان يجلس شاب ذو ملامح شرقية وهو يحتسي الشاي . بدأت تتراقص أمام ناظريه أجمل الذكريات وكانت ترتسم على محياه ابتسامة ولكن يشوبها حزن عميق لاتخطئه العين .أشعل سيجارة ثانية ، وثالثة وبدأ ينفث الدخان مجدداً بلذة ونشوة غريبة.

    بعد لحظات أخرج من جيب سترته شئ ما وبدأ يتأمله بصمت وخشوع . كان يقبض عليه بكلتا يديه مخافة أن يضيع ، ثم أخرج ورقة وبدا أنه يكتب شئ .وفي تلك الأثناء كان الشاب الاَخر يرقب المشهد عن بعد .

    فجأة خر مغشياً عليه فوق الطاولة وظلت يده اليمنى ممسكة بذلك الشئ. هرع النادل إلى الطاولة وتحلق حوله بعض زبائن المقهى الذين اعتراهم الفضول ومنهم الشاب الذي كان يجلس بجانبه ، وهم في حيرة . حاولوا اسعافه ولكن دون جدوى . دنا منه الشاب الاَخر ولشدة دهشته وجد فوق الطاولة صورة مهترأة لامرأة ، وبجانبها ورقة كتب عليها عبارة ... سامحيني ياأمي !

    مجرد صورة – محمد الفاضل
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد الفاضل; الساعة 14-07-2012, 09:52.
    sigpic

    روحي تحلق بعيداً في الفضاء تخترق الاَفاق ، ترنو إلى أحبة حيث الشحرور والحسون يشدو على الخمائل أعذب الألحان . لما رأى الحمام لوعتي وصبابتي رق لحالي وناح على الأيك فهيج أحزاني وأشجاني . أتسكع في أروقة المدينة وأزقتها .. أبحث عن هوية ووطن ! ولا شئ غير الشجن . أليس من الحماقة أن نترك الذئاب ترتع فوق تخوم الوادي ؟
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    المشاركة الأصلية بواسطة محمد الفاضل مشاهدة المشاركة
    مجرد صورة – محمد الفاضل

    تكاد الشوارع تخلو من المارة . سكون مطبق لايعكر صفوه سوى مرور بعض المركبات بين الفينة والأخرى . بدأت ندف الثلج تتساقط من السماء تباعاً فاكتست الأرض بحلة بيضاء . الكون يلفه ضباب كثيف يحجب الرؤية ، في مشهد يشي بالوحدة والكاَبة . تهب ريح باردة فتشعر بلسعات البرد وهي تخترق المفاصل عميقاً . الجو شديد البرودة في الخارج . اشتد به السهاد ليلة أمس ولعج الهم بصدره .
    دس يده في جيب معطفه في محاولة مضنية للحصول على شئ من الدفء ولكن دون طائل . وبينما كان يهم بالصعود إلى الباص استوقفه مشهد امرأه في عقدها السادس كانت تقف خلفه ، شعر نحوها بعاطفة غريبة !
    ياألهي ! كم يشبه وجهها وجه أمي ، كان يتمتم مع نفسه بصوت منخفض . أراد أن يبوح لها بما يعتمل في صدره من مشاعر وأحاسيس ولكنه لم يجرؤ . رمقها بنظرة حانية محبة وكان قلبه يخفق بشدة ، حانت منها التفاتة ، فعلت الحمرة وجنتيه وأطرق برأسه حياءاً .
    بعد دقائق قليلة ترجل من الباص وهو مازال يجول ببصره بحثاً عن وجه تلك المرأة . دلف إلى المقهى وطلب فنجاناً من القهوة ، وجلس يتأمل البخار المتصاعد من القهوة . أشعل سيجارة وبدأ ينفث الدخان في الهواء وهو يسرح بخياله بعيداً حيث دفء الشرق.

    على مقربة منه كان يجلس شاب ذو ملامح شرقية وهو يحتسي الشاي . بدأت تتراقص أمام ناظريه أجمل الذكريات وكانت ترتسم على محياه ابتسامة ولكن يشوبها حزن عميق لاتخطئه العين .أشعل سيجارة ثانية ، وثالثة وبدأ ينفث الدخان مجدداً بلذة ونشوة غريبة.

    بعد لحظات أخرج من جيب سترته شئ ما وبدأ يتأمله بصمت وخشوع . كان يقبض عليه بكلتا يديه مخافة أن يضيع ، ثم أخرج ورقة وبدا أنه يكتب شئ .وفي تلك الأثناء كان الشاب الاَخر يرقب المشهد عن بعد .

    فجأة خر مغشياً عليه فوق الطاولة وظلت يده اليمنى ممسكة بذلك الشئ. هرع النادل إلى الطاولة وتحلق حوله بعض زبائن المقهى الذين اعتراهم الفضول ومنهم الشاب الذي كان يجلس بجانبه ، وهم في حيرة . حاولوا اسعافه ولكن دون جدوى . دنا منه الشاب الاَخر ولشدة دهشته وجد فوق الطاولة صورة مهترأة لامرأة ، وبجانبها ورقة كتب عليها عبارة ... سامحيني ياأمي !

    مجرد صورة – محمد الفاضل
    الزميل القدير
    محمد الفاضل
    ليتك تكرمت علينا وأشرت ولو من بعيد عن فعله الذي جعله يتأسف
    عقوق الوالدين يستحق أن ننير عليه بعض الجوانب حتى لو من بعيد
    هل طلب السماح لأنه عرف أن أجله قد جاء وأراد السماح من فعل غير متعمد؟
    أم أنه طلب السماح لأنه يعرف بأنه مذنب بحق والدته؟
    نص فيه حكمة
    يستحق أن ننيره ببعض الضوء كي يكون عبرة
    ودي وتحياتي
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • محمد الفاضل
      أديب وكاتب
      • 21-12-2011
      • 208

      #3
      الزميلة القديرة عائدة
      بداية أود أن أقول إن استقصاء معنى العمل الأدبي وسبر أغواره ومحاولة تأويله يعتمد على عدة عناصر وأهمها نظرتنا للأمور وهو مايفرض على المتلقي أي القارئ قراءة معينة. وهذا مايجعلنا نحلق في فضاءات النص ونستمتع به . الرسالة التي أردت إيصالها إلى القارئ أو الثيمة التي حاولت جاهداً إبرازها هي قدسية الأم والوطن ، هذا من ناحية ، الأمر الاَخر الذي لايقل عنه أهمية هو معاناة الملايين من الذين هاجروا مضطرين إلى الغرب بسبب ترف الحرية والديمقراطية التي تعيشها مجتمعاتنا العربية !!!!
      بطل القصة يعيش صراع داخلي مع نفسه المتعبة التي أضناها الحنين والشوق ،في بلد غربي ،وقلبه ممزق بسبب بعده عن وطنه وأمه التي لم يعقها يوماً .تعمدت جعل النهاية مفتوحة والنص يكتنفه شئ من الغموض بغية خلق حالة من الإثارة والتشويق لدى القارئ كي يعمل عقله كل بحسب نظرته للأمور . أتمنى أن أكون قد وفقت في ذلك .
      يسعدني دائماً مرورك الجميل وعباراتك الراقية
      تقبلي خالص الود والتقدير
      التعديل الأخير تم بواسطة محمد الفاضل; الساعة 17-07-2012, 17:26.
      sigpic

      روحي تحلق بعيداً في الفضاء تخترق الاَفاق ، ترنو إلى أحبة حيث الشحرور والحسون يشدو على الخمائل أعذب الألحان . لما رأى الحمام لوعتي وصبابتي رق لحالي وناح على الأيك فهيج أحزاني وأشجاني . أتسكع في أروقة المدينة وأزقتها .. أبحث عن هوية ووطن ! ولا شئ غير الشجن . أليس من الحماقة أن نترك الذئاب ترتع فوق تخوم الوادي ؟

      تعليق

      يعمل...
      X