قصةنبض القلوب
الفصل الأول
مشت فتاة ذات العينين الساحرتين في سوق مزدحم في إحدى أحياء دمشق كانت سارحة في تذكر ماضيها وكيف مات أباها وهي في سن السابعة وتسارعت أمها وتزوجت من رجل لئيم عذبها وعذب أخاها كان لا ينفق عليهما ويذلهما ويطرد أخاها الكبير دائما وعندما بلغ أخوها سن السادسة عشرة طرده زوج أمهمامن المنزل للأبد وعاش أخوها المسكين مشردا يفترش الأرض ويتسول في الطرقات وصارت تكن جفاء لزوج أمها وعندما بلغ أخوها سن السابعة وهي بلغت سن السابعة عشرة أخذها أخوها من منزل أمهما لتتخلص من ظلم زوج أمهما وذهبا ذهبت إلى منزل صغير شعبي متهالك وعاشا فيه عانا فقرا وجوعا أليما إلى أن سرق أخاها خبزا من البقالة وشكى عليه صاحب البقالة وأتت الشرطة واعتقلته وظلت المسكينةوحيدة في ذاك المنزل المتهالك وصارت تكتب أشعارا عن أخيها الكبير المودع في السجن أملا بأن تنشرها يوما ويتخلص أخيها من القضبان ليعود إليها إذ ليس لديها الإمكانية المادية لنشر أشعارها الجميلة .. علا على وجهها حزنا دفينا, ورجعت إلى منزلها تذكرت أنها نسيت إغلاق الباب فأسرعت نحو منزلها ودخلته ورأته خاليا تفقدت أنحائه ولا يوجد شيء الأثاث والملابس وبعض المال وأشعارها الهائلة ولت! أخذها سارقا صدمت حينها وأغمي عليها وحينما استيقظت من إغمائها أصبحت حبيسة منزلها الخاوي لمدة شهر والحزن والحرقة يعتصران كيانها وعلاوةالأمل تلاشى منها.
خرجت من منزلها بحثا عن الأمان وهي تقول : الأمل لا زال موجودا فمحال أن أجعل اليأس والقنوط والجزع يغلبوني أمرنا الله بالكفاح وعدم الجزع سأكافح مهما صار معي سأمضيفي دروبي سأمشي وأمشي إلى أن أجد بر الأمان.
وبينماحل الليل خافت الفتاة وأتتها هواجس ألوانا بيضاء تحوم حولها وأشياء تمسك يدها خافت وقالت : ما بالي يا ربي ارحمني! .. لا تدري أين تذهب وإذ بها تصل إلى مدينة حلب وهي بملابسها الملوثةوشعرها الأشعث الذي لم تمشطه منذ فترة طويلة وهي تمشي ومخفضة رأسها بخجل آلمها رأسها كثيرا فوضعته بين راحتي يديها وهي تمسكه بقوة فجأة أمسك ذراعها رجل وهو يسألها: هل أنت بخير؟
_من أنت ابتعد عني!
_أخبريني هل بك أذى؟
_أنا فقط ضائعة عن نفسي.
_عزيزتي سأساعدك.
بدا ذلك الرجل المتوسط العشرين حساسا جدا
وبخته الفتاة : قلت ابتعد عني أيها المتطفل.
ثم أوجعها رأسها كثيرا وكاد أن يغمي عليها أمسكت الفتاة ذراعه كيلا تسقط أرضا وسقطت مغشيا عليها في أحضانه
...
استيقظت على كلمات الطبيب وهي على سرير في غرفة منزل صغير متواضع.
الطبيب يقول للرجل : الفتاة مصابة بانهيار عصبي وضغوط نفسية فقط يجب أن ترتاح الراحةوالاسترخاء أهم شيء.
بسط يده ذلك الرجل وصافح الطبيب وقال له بابتسامة مريحة : حسنا لا تقلق.
كانت الفتاة تفتح عينيها بإعياء وتغلقها وعلى المنضدة التي قرب السرير قدح شاي حار خرج الطبيب من الغرفة قالت للرجل بجفاء : أنت يا هذا لماذا جلبتني إلى منزلك هل بك شيء أأنت مغفل؟!
_عزيزتي أنا سأساعدك فقط وعندما تداوين سوف أخرجك.
_لا تفعل مثل الروايات حينما يخطف رجل أجنبي فتاة تائهة .. حرام أن أبقَ في منزلك أنت لست مِحْرما لي.
_عزيزتي أرجو أن تعديني مثل أخيك واشربي الشاي المنعش قبل أن يبرد.
قالت بعناد: لن أشربه.
وأشاحت بوجهها
قال ببرودة: اسمعي إن لم تشربيه الآن فسوف يبرد ويذهب مذاقه المهدئ .. ما اسمك؟
_صفاء.
قال وهو يحك ذقنه بتأمل : آه اسم ذو معنى جميل.
قالت: بالله عليك دعني وشأني.
_حسنا سوف أخرج من الغرفة فأنا منهمك برسوماتي.
وخرج من الغرفة نظرت الفتاة إلى الأعلى وقالت : مغفل!
ثم نظرت إلى الشاي وشربته رغما عنها لأنها كانت تشعر بعطش وجوع مرير.
تعليق