دارنا العتيقة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • شاكرين السامرائي
    أديبة وكاتبة
    • 15-06-2012
    • 574

    دارنا العتيقة

    دارنا العتيقة


    رجعت بكل شوق السنوات إلى بيتنا القديم. فتحت بابا صدئت من الإهمال و الهجر, أبعدت شباك العناكب و صممت أذني عن صرير الباب, دفعتها بكل قوتي و رجعت إلى عمر مضى و طفولة باقية. لم يكن هناك أي صمت, تبدد السكون بكم الذكريات التي تدافعت تستقبلني. كنت أسمع صدى خطواتي في الباحة الأمامية و كأنها تدق باب الزمن و تقول, هل من أحد هنا؟ العبرات خنقت حنجرتي و زاغ البصر من دموع انهمرت من عيني دون وعيي. كم تبدلت هذه الدار, كنت أتذكرها أكبر ربما هرمت و انكمشت كما البشر, و لكنها مع ذلك لا زالت جميلة.
    هنا في دارنا العتيقة نطقت أولى كلماتي و خططت أول حروفي, كم حجبت هذه الجدران لحظات ضعف و فشل, سعادة و نجاح, هنا بكينا و هناك ضحكنا, تشاجرنا و تصالحنا, و لكن أحلامنا و أمانينا تعدت الجدران. و كان السفر و الرحيل, بحثنا لنا عن سكن آخر, قلنا سيكون أكبر و أجمل. لم نكن ندرك حينها أن دار الطفولة هي الأكبر و الأوسع, هي الأمان و الحنين, المحبة و أحلى السنين.
    كانت النوافذ بلا زجاج, التراب و بقايا أوراق الشجر هما من افترشا الأرض, وحدها الحشرات من سكن الدار. تغير كل شيء, لكن بقيت هناك نخلة الدار, علت و هرمت, و تشابك سعفها, لكنها لا زالت تذكرني, و ما زال حبل أرجوحتي القديمة يطوق جذعها. أشعر و كأنها تناديني, تحاكيني, و تشكو البعاد, كيف عرفت من أكون؟! و قد كبرتُ و غيرتني السنون. هي تسألني عن أهل هذي الدار, من غرسها هنا قبل سنوات طويلة وسقاها ماءا و أملا. لكن, كيف سأخبرها عمن رحل و لن يعود!!, عن أحلام ماتت و أماني ذابت في الدموع.
    رجعت يا داري القديم, أبحث عن كلمة كتبتها يوما على جدرانك يوم قررنا هجرانك (سأعود, و سأبقى أتذكرك, فهل ستذكرني) لم أجد لكلماتي مكانا, فقد نسيت أين خططتها أم هي الدار من نسيت ما كان. غسلها المطر المتسرب من الشقوق وأخفى كل الكلمات. إن كنت نسيت يا دارنا من نكون, فلن ننسى سنوات العمر و صدى الضحكات. ليتني أعود و أسكن هنا من جديد, عل الزمن يرجع بي إلى طفولة و أحبة و أصحاب, و لكن هيهات, الزمن لا يرجع و لن يعود. و تبقى الذكريات تزين جدران بيت عتيق.


    تحياتي – شاكرين السامرائي

    التعديل الأخير تم بواسطة شاكرين السامرائي; الساعة 26-07-2012, 18:52.
  • أ.د/خديجة إيكر
    أستاذة جامعية
    • 24-01-2012
    • 275

    #2
    تلك هي ذكريات الطفولة بأحداثها و أماكنها
    تظل عالقة بالذهن مهما تقادمت
    و نظلّ نحنّ إليها رغم طول الزمن
    مضمون سام وأسلوب سلس
    دمت و سلمت شاكرين السامرائي.
    إذني ( أُّذُنَيَّ) ،
    احد ( أَحَد) ،
    أخر( آخر) ،
    ندرك حينها إن ( أَن)
    الآمان ( الأمان )
    داري القديم ( القديمة)
    ابحث ( أبحث)
    اسكن( أسكن)

    تعليق

    • شاكرين السامرائي
      أديبة وكاتبة
      • 15-06-2012
      • 574

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة أ.د/خديجة إيكر مشاهدة المشاركة
      تلك هي ذكريات الطفولة بأحداثها و أماكنها
      تظل عالقة بالذهن مهما تقادمت
      و نظلّ نحنّ إليها رغم طول الزمن
      مضمون سام وأسلوب سلس
      دمت و سلمت شاكرين السامرائي.
      إذني ( أُّذُنَيَّ) ،
      احد ( أَحَد) ،
      أخر( آخر) ،
      ندرك حينها إن ( أَن)
      الآمان ( الأمان )
      داري القديم ( القديمة)
      ابحث ( أبحث)
      اسكن( أسكن)
      جزاكم الله خيرا الأستاذة الفاضلة مروركم على النص و التصويب,, أمتناني و تقديري

      تعليق

      • شيماءعبدالله
        أديب وكاتب
        • 06-08-2010
        • 7583

        #4
        وما أجمل الدار العتيق
        وفيه ذكرياتنا الجميلة
        طفولتنا
        لملمة شتاتنا
        أيام لا تنسى
        جميلة بهذا السرد غاليتي شاكرين
        يسلم حضورك وما نثرتِ من عبير الحرف
        محبتي وأكثر

        تعليق

        • شاكرين السامرائي
          أديبة وكاتبة
          • 15-06-2012
          • 574

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة شيماءعبدالله مشاهدة المشاركة
          وما أجمل الدار العتيق
          وفيه ذكرياتنا الجميلة
          طفولتنا
          لملمة شتاتنا
          أيام لا تنسى
          جميلة بهذا السرد غاليتي شاكرين
          يسلم حضورك وما نثرتِ من عبير الحرف
          محبتي وأكثر
          و يسلم حضورك عزيزتي و جزاك الله الخير كله ردكم الراقي الجميل

          تعليق

          • غسان إخلاصي
            أديب وكاتب
            • 01-07-2009
            • 3456

            #6
            أختي الكريمة شاكرين المحترمة
            مساء الخير
            هلا وغلا بك على الدوام .
            ننتظر كل ماتكتبين بكل الود والتقدير .
            ما أحيلى الذكريات القديمة لكل مكان عشنا فيه ، لهونا ، تسلينا ، درسنا !!!!!!!
            لذا قال أبو تمام :
            كم منزل في الأرض يألفه الفتى ---------- وحنينه أبدا لأول منزل
            نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى ----------- مالحب إلا للحبيب الأوّل
            ستبقى تلك الذكريات راسخة في أعماق كل منا ، وخاصة إذا كانت عزيزة علينا .
            تحياتي وودي لك .
            جزاك الله خيرا أختي ( د ، خديجة ) .
            (مِنْ أكبرِ مآسي الحياةِ أنْ يموتَ شيءٌ داخلَ الإنسانِِ وهو حَيّ )

            تعليق

            • شاكرين السامرائي
              أديبة وكاتبة
              • 15-06-2012
              • 574

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة غسان إخلاصي مشاهدة المشاركة
              أختي الكريمة شاكرين المحترمة
              مساء الخير
              هلا وغلا بك على الدوام .
              ننتظر كل ماتكتبين بكل الود والتقدير .
              ما أحيلى الذكريات القديمة لكل مكان عشنا فيه ، لهونا ، تسلينا ، درسنا !!!!!!!
              لذا قال أبو تمام :
              كم منزل في الأرض يألفه الفتى ---------- وحنينه أبدا لأول منزل
              نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى ----------- مالحب إلا للحبيب الأوّل
              ستبقى تلك الذكريات راسخة في أعماق كل منا ، وخاصة إذا كانت عزيزة علينا .
              تحياتي وودي لك .
              جزاك الله خيرا أختي ( د ، خديجة ) .


              جزاكم الله خيرا استاذنا لتواصلكم الرائع مع ما يخطه قلمي المتواضع,, أمتناني و تقديري

              تعليق

              يعمل...
              X