دارنا العتيقة
رجعت بكل شوق السنوات إلى بيتنا القديم. فتحت بابا صدئت من الإهمال و الهجر, أبعدت شباك العناكب و صممت أذني عن صرير الباب, دفعتها بكل قوتي و رجعت إلى عمر مضى و طفولة باقية. لم يكن هناك أي صمت, تبدد السكون بكم الذكريات التي تدافعت تستقبلني. كنت أسمع صدى خطواتي في الباحة الأمامية و كأنها تدق باب الزمن و تقول, هل من أحد هنا؟ العبرات خنقت حنجرتي و زاغ البصر من دموع انهمرت من عيني دون وعيي. كم تبدلت هذه الدار, كنت أتذكرها أكبر ربما هرمت و انكمشت كما البشر, و لكنها مع ذلك لا زالت جميلة.
هنا في دارنا العتيقة نطقت أولى كلماتي و خططت أول حروفي, كم حجبت هذه الجدران لحظات ضعف و فشل, سعادة و نجاح, هنا بكينا و هناك ضحكنا, تشاجرنا و تصالحنا, و لكن أحلامنا و أمانينا تعدت الجدران. و كان السفر و الرحيل, بحثنا لنا عن سكن آخر, قلنا سيكون أكبر و أجمل. لم نكن ندرك حينها أن دار الطفولة هي الأكبر و الأوسع, هي الأمان و الحنين, المحبة و أحلى السنين.
كانت النوافذ بلا زجاج, التراب و بقايا أوراق الشجر هما من افترشا الأرض, وحدها الحشرات من سكن الدار. تغير كل شيء, لكن بقيت هناك نخلة الدار, علت و هرمت, و تشابك سعفها, لكنها لا زالت تذكرني, و ما زال حبل أرجوحتي القديمة يطوق جذعها. أشعر و كأنها تناديني, تحاكيني, و تشكو البعاد, كيف عرفت من أكون؟! و قد كبرتُ و غيرتني السنون. هي تسألني عن أهل هذي الدار, من غرسها هنا قبل سنوات طويلة وسقاها ماءا و أملا. لكن, كيف سأخبرها عمن رحل و لن يعود!!, عن أحلام ماتت و أماني ذابت في الدموع.
رجعت يا داري القديم, أبحث عن كلمة كتبتها يوما على جدرانك يوم قررنا هجرانك (سأعود, و سأبقى أتذكرك, فهل ستذكرني) لم أجد لكلماتي مكانا, فقد نسيت أين خططتها أم هي الدار من نسيت ما كان. غسلها المطر المتسرب من الشقوق وأخفى كل الكلمات. إن كنت نسيت يا دارنا من نكون, فلن ننسى سنوات العمر و صدى الضحكات. ليتني أعود و أسكن هنا من جديد, عل الزمن يرجع بي إلى طفولة و أحبة و أصحاب, و لكن هيهات, الزمن لا يرجع و لن يعود. و تبقى الذكريات تزين جدران بيت عتيق.
تحياتي – شاكرين السامرائي
رجعت بكل شوق السنوات إلى بيتنا القديم. فتحت بابا صدئت من الإهمال و الهجر, أبعدت شباك العناكب و صممت أذني عن صرير الباب, دفعتها بكل قوتي و رجعت إلى عمر مضى و طفولة باقية. لم يكن هناك أي صمت, تبدد السكون بكم الذكريات التي تدافعت تستقبلني. كنت أسمع صدى خطواتي في الباحة الأمامية و كأنها تدق باب الزمن و تقول, هل من أحد هنا؟ العبرات خنقت حنجرتي و زاغ البصر من دموع انهمرت من عيني دون وعيي. كم تبدلت هذه الدار, كنت أتذكرها أكبر ربما هرمت و انكمشت كما البشر, و لكنها مع ذلك لا زالت جميلة.
هنا في دارنا العتيقة نطقت أولى كلماتي و خططت أول حروفي, كم حجبت هذه الجدران لحظات ضعف و فشل, سعادة و نجاح, هنا بكينا و هناك ضحكنا, تشاجرنا و تصالحنا, و لكن أحلامنا و أمانينا تعدت الجدران. و كان السفر و الرحيل, بحثنا لنا عن سكن آخر, قلنا سيكون أكبر و أجمل. لم نكن ندرك حينها أن دار الطفولة هي الأكبر و الأوسع, هي الأمان و الحنين, المحبة و أحلى السنين.
كانت النوافذ بلا زجاج, التراب و بقايا أوراق الشجر هما من افترشا الأرض, وحدها الحشرات من سكن الدار. تغير كل شيء, لكن بقيت هناك نخلة الدار, علت و هرمت, و تشابك سعفها, لكنها لا زالت تذكرني, و ما زال حبل أرجوحتي القديمة يطوق جذعها. أشعر و كأنها تناديني, تحاكيني, و تشكو البعاد, كيف عرفت من أكون؟! و قد كبرتُ و غيرتني السنون. هي تسألني عن أهل هذي الدار, من غرسها هنا قبل سنوات طويلة وسقاها ماءا و أملا. لكن, كيف سأخبرها عمن رحل و لن يعود!!, عن أحلام ماتت و أماني ذابت في الدموع.
رجعت يا داري القديم, أبحث عن كلمة كتبتها يوما على جدرانك يوم قررنا هجرانك (سأعود, و سأبقى أتذكرك, فهل ستذكرني) لم أجد لكلماتي مكانا, فقد نسيت أين خططتها أم هي الدار من نسيت ما كان. غسلها المطر المتسرب من الشقوق وأخفى كل الكلمات. إن كنت نسيت يا دارنا من نكون, فلن ننسى سنوات العمر و صدى الضحكات. ليتني أعود و أسكن هنا من جديد, عل الزمن يرجع بي إلى طفولة و أحبة و أصحاب, و لكن هيهات, الزمن لا يرجع و لن يعود. و تبقى الذكريات تزين جدران بيت عتيق.
تحياتي – شاكرين السامرائي
تعليق