قدفت بقلمي الى البحر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • القلم الحر
    عضو الملتقى
    • 03-05-2008
    • 24

    قدفت بقلمي الى البحر

    بسم الله الرحمان الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

    تحية طيبة الى كل القراء الأعزاء

    ...............


    قدفت بقلمي الى البحر



    دات مساء جلست في مقهى الشاطىء . أتلدد بدفىء فنجان قهوة سوداء .
    أردد عبارات همس بنت الشاطىء .

    أنظر الى البحر وشساعته طوله وعرضه ؛ أفقه وعمقه سكونه وهديره .
    اقترب الغروب وارتسم في ثنايا بعده الشفق الأحمر ؛ طوى نهاية النهار .
    وهيأ لليل آخر مجهول القدر .

    مشيت فوق رماله ببطء ؛ واعتليت احدى صخوره ؛ أنظر الى سطحه المجهول
    الأعماق ؛ فمسكت بالقلم ؛ وفي لحظة ألم ؛ قدفت به داخل اليم ؛ لم يهزني
    الحنين الى مصدر الهم ؛ أدرت ظهري وتركته وحيدا يعانق الغرق .

    تتجادبه التيارات وتتقادفه الأمواج ؛ يغوص تارة بين أعماق صخوره المهولة
    ويطفو مرة فوق زبد سطحه ؛ تجاهلته وابتعدت عنه ؛ ولسان حالي يقول هدا
    فراق بيني وبينك ؛ لعلك تغرق وتستريح من غمي ؛ وعساي بغرقك أستريح
    من همك ؛ وداعا أيها القلم دون الأمل في اللقاء كما لو لم نكن من قبل أصدقاء

    استرح لعلي باستراحتك أهدأ وأستكين من وجع الكلام ؛؛؛ بك تألمت ومعك سهرت ؛؛؛ وبريشة من جنسك اندبحت ؛؛؛ لا تتألم أيها القلم ولاتندم ؛؛؛ دعني
    أفضل الصمت ؛ لعل حكمته تغنيني أو تفنيني ....

    رجعت الى حال سبيلي كالغريب وسط الديار ؛ كغربة الأقلام المأجورة ؛ التي
    حولت رؤوس أقلامها الى رؤوس أموالها ؛ تنشر ثقافة تنفث من خلالها سمها
    مقابل العملة الصعبة ؛ لا يهمها ان كانت كلابا مسعورة أو ناشرة لخزعبلات
    في سلة مهملات مزبلة التاريخ ...

    الصمت عن قول الحق ؛ أهون من طمسه ؛ لأن الدهاء يحتاج الى ثياب بينما
    الحقيقة تحب أن تمشي عارية ؛ لا تحتاج الى لباس الرهبان وقلوب الدئاب
    الدواري ؛ تميل حيثما مالت الريح ؛ وترجو النجاة دون أن تسلك طريقها ؛
    متناسية بأن السفينة لا تجري في اليبس ؛ ميلي أو استقيمي ؛ فاليد التي تصافحك بحرارة قد تصفعك بشدة .....

    قدفت بقلمي الى البحر ... ودهبت بي قدمي الى الموت ... فرأيت قدمي قد
    أراقت دمي في أرض قحلاء ؛ تربتها رمداء مسالكها وعراء سكانها غرباء
    أبحث عن أثر أطلال بلهاء ؛ تاهت في عمق الصحراء ؛ ليس معها شربة ماء
    فأين أجد هده الحمقاء ؟ لأناولها الدواء لمرض مزمن عجز عن وصفه الأطباء
    فمابالها غادرت الديار والأخلاء ؛ فمن منا يسلم من دلك الداء ؟ فلولا الامل و
    الرجاء ما فرحت بنت حواء بمولودها الجديد رغم الوجع وطول مخاض وعناء

    ما غركي ... وما دهاكي ... تدعي أنك قاصرة لا تدرك كنه الحياة .....
    تدعي أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر ؛ من أجلك تهث خلف أثر
    أقدامك حتى تجمعت السيوف لضربي واجتثات جدوري ... حتى المنابر
    لمظلمتي خرصت والعنابر لشكايتي تكدست .... فبئس الأسود خلف قضبان
    الحدائق ... وبئس العقارب التي تتبول عليها الثعالب ... وبئس الأشبال التي
    تولد بلا أنياب وبلا مخالب ......

    قدفت بقلمي الى البحر ... حين اختلطت علي الأمور وتداخلت فيما بينها
    السطور واستعصت المعاني ولم أعد أتقن فحوى الأساطير ... راجعت المفاهيم
    في كل قواميس تاريخ العصور ... لعلي أحلل مغزى رائحة العطور . كيف
    استمدت وجودها رغم قلع الجدور .. وما الحكمة من معانقة رحيق الزهور ..
    دون أن يعبر عن السرور أو تلتمس منه الخير المطلق دون أن تتأدى بالأشواك
    ومختلف الشرور ......

    حرصت على ميزان الشعور وسجلت احساس طعمه وسط الزهور ... وقلت
    هل سيحافظ على نفس الايقاع بجانب الصخور أم سيتغير كليا مع وقع
    خرير المياه ... وجبت السماء بمقلة الأبصار لأفهم سر تعلق القلوب بنور
    الأقمار... ولحد الآن لست أدري ما تريده فعلا الأقدار من هارب غادر الديار
    نهارا وأعلنها جهارا ......

    قدفت بقلمي الى البحر ... حتى الحوت رفض أن يحضنه ... حتى الأعماق
    ما استطاعت أن تستوعبه ... وظل فوق السطح وكأن حبره يوحي اليه اياك
    اياك أن تغرق ... حتى الماء لم يبثله لأن قوة شعاع الشمس تجفف قطرات
    الندى العالقة في صغر حجم قوامه ....

    قلم في بحر الظلمات .. رفعت له علامات .. فمن دا الدي يجرؤ على كسره
    فوق ظهر أعالي البحار .

    استراحة قلم في مثلث الرعب بين العقل ... والقلب ... والصدر ... مثلث
    المتاعب حيث لا مكان للمزاح واللهو وليس حلبة للتجارب ولو من باب التلاعب ... فهو هدية لكل طاغية بأن يلزم حدود الأدب والا فلن يجد له مكانا
    للهرب .... فهو مفخرة لكل العرب ...


    تحية حب وتقدير لكل من يحمل ريشة من دهب
    التعديل الأخير تم بواسطة القلم الحر; الساعة 03-05-2008, 22:41.
  • منجية بن صالح
    عضو الملتقى
    • 03-11-2009
    • 2119

    #2
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    رسالة جميلة تتطرق إلى موضوع الأقلام الكاتبة و المكتوبة
    في أيد طليقة او مغلولة قلت لنفسي لعلي أرسلها لمن يحب أن يعرف
    دور القلم في رسم الألم
    تحياتي لرواد قسم نثر الفنون

    تعليق

    • منيره الفهري
      مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
      • 21-12-2010
      • 9870

      #3
      [align=center]قلم في بحر الظلمات .. رفعت له علامات .. فمن دا الدي يجرؤ على كسره
      فوق ظهر أعالي البحار .

      نعم من ذا يستطيع كسر القلم....لا أحد ...لأن كلمة الحق أقوى من القنابل...

      حتى و إن ألقيت قلمك في البحر سيعود لك وستكتبان معا تاريخ وطن الكلمات

      جميلة جدا هاته الرسالة أستاذي الفاضل "القلم الحر"

      لك مني كل التقدير و الاحترام
      [/align]

      تعليق

      يعمل...
      X