حكمت المحكمة .... !!!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ابراهيم عبد المعطى داود
    أديب وكاتب
    • 10-12-2008
    • 159

    حكمت المحكمة .... !!!

    إهداء
    الى الظالمين فى كل زمان ومكان
    أهدي
    حكمت المحكمة ....!!!
    حكمت المحكمة بالسجن المؤبد ......
    على الفور شهقت أم محمد وهي محشورة فى قطار الصعيد .. وخرّت ساق باسييف -المبتورة على مشارف جروزني- ساجدة مسبحة .. فيما تردد فى جنبات سهول هلمند دعوات الشكر والعرفان .. ومن اعماق البحر الاحمر انبثقت الف زهرة ياسمين وغمر اريجهم الآفاق .. أما هارون فلا زالت صرخته تدوى وهو يقفز فوق صدر بلال قائلا : إذا جاء ربك فسأسجنه فى الزنزانة المجاورة ...
    وعندما حرّز الحارس متعلقاته الشخصية وساعته الثمينة غشيته أمواج رمادية سرعان ماتحولت الى دوامات سريعة متلاحقة طمست فؤاده وحجبت الرؤية فسقط مغشيا عليه .. التف الأطباء والأجهزة حول جسده .. بذل جهدا هائلا كي يعود الى الواقع .. كي يتشبث بأطر النافذة وقضبانها الحديدية الصلدة .. لكن القضبان أمامه تتمايل والدوامة تقترب منه بسرعة مذهلة .. أحس بأشياء هائلة تتحطم فوق ضلوعه وأضواء تبرق وتتلاشى فى الظلمة المفزعة .. ضجيج المتظاهرين يستحيل الى هدير بداخله عندئذ سرت فى جسده موجة من الحرارة والقشعريرة .. أحس بحاجته الى التقيؤ فلم يتقيأ .. ثمة قوة مجهولة تدفعه الى الجحيم .. !! امتلأت الغرفة أمامه برؤوس مكورة من رجال ونساء واطفال وشيوخ من الأرض حتى السقف .. كادت انفاسه أن تختنق .. كانت الرؤوس تصرخ فى وجهه آن وتضحك بهستيريا آن آخر .. سرعان ماجتمع الضاحكون فى ركن والصارخون فى ركن آخر واحتدم بينهما السباب .. ثم فجأة تتدحرج كل الرؤوس فى سرعة جنونية نحوه .. ركل غطاءه ونهض مرتعشا وهو يصرخ "أضيئوا الأنوار " .. خارت قواه فجأة فعاد من جديد الى الظلمة والسكون .. بقايا خلايا فى دماغه لازالت تعمل وعن طريقها فتح طرف عينيه .. رأسه تكاد تنفجر .. لازالت الرؤوس المكورة تحدق به .. ارتعب .. صرخ لحراسه أن ابعدوهم أو اقتلوهم .. شاهد بلاط الغرفة وبقعة دم تستقر فى المنتصف .. سرعان ماكبرت وتضخمت مثل ينبوع ماء تغذيه جداول من هنا وهناك .. ارتفعت الدماء وحازت الفراش فأضحى كمن يسبح فى بركة من الدماء .. خبط بساقيه فى الدماء وصرخ مستغيثا فى حين لعلعت الرؤوس بالضحك والصخب .. جاءه طنين حشرة .. حاول أن يجتهد لمعرفة مصدرها لكن الاطباء والجداران والسرير والاجهزة والرؤوس المكورة وقضبان النافذة تأرجحوا جميعا أمام ناظريه .. ثم أفاق على رائحة نتنة .. خيل اليه أن جسده امتلأ بالدود .. أحس به يرعى فى طمأنينة .. ضحك فى جنون بينما الرؤوس المكورة تبادله الضحكات واللعنات .
  • ميساء عباس
    رئيس ملتقى القصة
    • 21-09-2009
    • 4186

    #2
    بذل جهدا هائلا كي يعود الى الواقع .. كي يتشبث بأطر النافذة وقضبانها الحديدية الصلدة .. لكن القضبان أمامه تتمايل والدوامة تقترب منه بسرعة مذهلة .. أحس بأشياء هائلة تتحطم فوق ضلوعه وأضواء تبرق وتتلاشى فى الظلمة المفزعة ..

    هلا
    أديبنا الجميل ابراهيم
    ومرحبا بك وبحرفك الواثق
    قصة متينة الحبك
    سرد جميل
    بأسلوب مشوق
    وخصوصا في وصفك الرائع لفئتين متناقضتين
    والنهاية كانت جميلة جدا
    شكرا لك لهذا الجمال
    دمت رائعا
    ميساء العباس
    مخالب النور .. بصوتي .. محبتي
    https://www.youtube.com/watch?v=5AbW...ature=youtu.be

    تعليق

    • محمد فطومي
      رئيس ملتقى فرعي
      • 05-06-2010
      • 2433

      #3
      حكمت المحكمة..
      نصّ يستدعي الوقوف عنده.
      اجتمعت بين طيّاته عناية الحبك و فرادة الأسلوب و خاصّة ذاك المُتخيّل التراجيدي الذي وصف الحالة و حرّض على تأمّلها و الانتباه إليها دون السّقوط في المباشرة و التّوثيق.
      بوركتَ أخي العزيز.
      احترامي و تقديري.
      مدوّنة

      فلكُ القصّة القصيرة

      تعليق

      • موسى الزعيم
        أديب وكاتب
        • 20-05-2011
        • 1216

        #4
        اقف امام نص يأخذ بالانفاس ......ليس على صعيد الفكرة والحبكة والموضوع وإنما على صعيد شغل الكاتب وعنايته باللغة الراقية
        اذ لا تجد لفظة الاوقد وضعت في مكانها حيث تحقق الفائدة والدور
        نص يأخذك بيديه كي تقرأ فيه الكابوس الذي نعيشه يوميا
        وقد استفاد الكاتب من تجارب البشرية جمعاء اذ أصّل لفكرة الظلم عبر تاريخ البشرية جغرافيا
        وجاءت الخاتمة ..والخلاصة ...ليقول النص أن الغلبة لمن يضحك أخيرا.. الغلبة للشعب والمظلومين وهو ما تواءم تماما مع العنوان
        مع حكام امتهنوا القتل والسباحة في دم البشر
        دام ابداعك ايها النبيل الاديب ابراهيم عبد المعطي

        تعليق

        • وسام دبليز
          همس الياسمين
          • 03-07-2010
          • 687

          #5
          شكرا ليدك ان خطت هنا فامتعتنا وابدعت استمتعت بقوة هذا النص
          دمت بخير

          تعليق

          • محمد سلطان
            أديب وكاتب
            • 18-01-2009
            • 4442

            #6
            ومازال العبيد يعشقون جلاديهم...

            تحية لك وللنص الذي أظهر مدى عفنهم ..

            ورمضان كريم
            صفحتي على فيس بوك
            https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

            تعليق

            • ابراهيم عبد المعطى داود
              أديب وكاتب
              • 10-12-2008
              • 159

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة ميساء عباس مشاهدة المشاركة
              بذل جهدا هائلا كي يعود الى الواقع .. كي يتشبث بأطر النافذة وقضبانها الحديدية الصلدة .. لكن القضبان أمامه تتمايل والدوامة تقترب منه بسرعة مذهلة .. أحس بأشياء هائلة تتحطم فوق ضلوعه وأضواء تبرق وتتلاشى فى الظلمة المفزعة ..

              هلا
              أديبنا الجميل ابراهيم
              ومرحبا بك وبحرفك الواثق
              قصة متينة الحبك
              سرد جميل
              بأسلوب مشوق
              وخصوصا في وصفك الرائع لفئتين متناقضتين
              والنهاية كانت جميلة جدا
              شكرا لك لهذا الجمال
              دمت رائعا
              ميساء العباس
              ودام حضوركم الراقى وكلماتكم الثرية .

              تعليق

              يعمل...
              X