إهداء
الى الظالمين فى كل زمان ومكان
أهدي
حكمت المحكمة ....!!!
حكمت المحكمة بالسجن المؤبد ......
على الفور شهقت أم محمد وهي محشورة فى قطار الصعيد .. وخرّت ساق باسييف -المبتورة على مشارف جروزني- ساجدة مسبحة .. فيما تردد فى جنبات سهول هلمند دعوات الشكر والعرفان .. ومن اعماق البحر الاحمر انبثقت الف زهرة ياسمين وغمر اريجهم الآفاق .. أما هارون فلا زالت صرخته تدوى وهو يقفز فوق صدر بلال قائلا : إذا جاء ربك فسأسجنه فى الزنزانة المجاورة ...
وعندما حرّز الحارس متعلقاته الشخصية وساعته الثمينة غشيته أمواج رمادية سرعان ماتحولت الى دوامات سريعة متلاحقة طمست فؤاده وحجبت الرؤية فسقط مغشيا عليه .. التف الأطباء والأجهزة حول جسده .. بذل جهدا هائلا كي يعود الى الواقع .. كي يتشبث بأطر النافذة وقضبانها الحديدية الصلدة .. لكن القضبان أمامه تتمايل والدوامة تقترب منه بسرعة مذهلة .. أحس بأشياء هائلة تتحطم فوق ضلوعه وأضواء تبرق وتتلاشى فى الظلمة المفزعة .. ضجيج المتظاهرين يستحيل الى هدير بداخله عندئذ سرت فى جسده موجة من الحرارة والقشعريرة .. أحس بحاجته الى التقيؤ فلم يتقيأ .. ثمة قوة مجهولة تدفعه الى الجحيم .. !! امتلأت الغرفة أمامه برؤوس مكورة من رجال ونساء واطفال وشيوخ من الأرض حتى السقف .. كادت انفاسه أن تختنق .. كانت الرؤوس تصرخ فى وجهه آن وتضحك بهستيريا آن آخر .. سرعان ماجتمع الضاحكون فى ركن والصارخون فى ركن آخر واحتدم بينهما السباب .. ثم فجأة تتدحرج كل الرؤوس فى سرعة جنونية نحوه .. ركل غطاءه ونهض مرتعشا وهو يصرخ "أضيئوا الأنوار " .. خارت قواه فجأة فعاد من جديد الى الظلمة والسكون .. بقايا خلايا فى دماغه لازالت تعمل وعن طريقها فتح طرف عينيه .. رأسه تكاد تنفجر .. لازالت الرؤوس المكورة تحدق به .. ارتعب .. صرخ لحراسه أن ابعدوهم أو اقتلوهم .. شاهد بلاط الغرفة وبقعة دم تستقر فى المنتصف .. سرعان ماكبرت وتضخمت مثل ينبوع ماء تغذيه جداول من هنا وهناك .. ارتفعت الدماء وحازت الفراش فأضحى كمن يسبح فى بركة من الدماء .. خبط بساقيه فى الدماء وصرخ مستغيثا فى حين لعلعت الرؤوس بالضحك والصخب .. جاءه طنين حشرة .. حاول أن يجتهد لمعرفة مصدرها لكن الاطباء والجداران والسرير والاجهزة والرؤوس المكورة وقضبان النافذة تأرجحوا جميعا أمام ناظريه .. ثم أفاق على رائحة نتنة .. خيل اليه أن جسده امتلأ بالدود .. أحس به يرعى فى طمأنينة .. ضحك فى جنون بينما الرؤوس المكورة تبادله الضحكات واللعنات .
الى الظالمين فى كل زمان ومكان
أهدي
حكمت المحكمة ....!!!
حكمت المحكمة بالسجن المؤبد ......
على الفور شهقت أم محمد وهي محشورة فى قطار الصعيد .. وخرّت ساق باسييف -المبتورة على مشارف جروزني- ساجدة مسبحة .. فيما تردد فى جنبات سهول هلمند دعوات الشكر والعرفان .. ومن اعماق البحر الاحمر انبثقت الف زهرة ياسمين وغمر اريجهم الآفاق .. أما هارون فلا زالت صرخته تدوى وهو يقفز فوق صدر بلال قائلا : إذا جاء ربك فسأسجنه فى الزنزانة المجاورة ...
وعندما حرّز الحارس متعلقاته الشخصية وساعته الثمينة غشيته أمواج رمادية سرعان ماتحولت الى دوامات سريعة متلاحقة طمست فؤاده وحجبت الرؤية فسقط مغشيا عليه .. التف الأطباء والأجهزة حول جسده .. بذل جهدا هائلا كي يعود الى الواقع .. كي يتشبث بأطر النافذة وقضبانها الحديدية الصلدة .. لكن القضبان أمامه تتمايل والدوامة تقترب منه بسرعة مذهلة .. أحس بأشياء هائلة تتحطم فوق ضلوعه وأضواء تبرق وتتلاشى فى الظلمة المفزعة .. ضجيج المتظاهرين يستحيل الى هدير بداخله عندئذ سرت فى جسده موجة من الحرارة والقشعريرة .. أحس بحاجته الى التقيؤ فلم يتقيأ .. ثمة قوة مجهولة تدفعه الى الجحيم .. !! امتلأت الغرفة أمامه برؤوس مكورة من رجال ونساء واطفال وشيوخ من الأرض حتى السقف .. كادت انفاسه أن تختنق .. كانت الرؤوس تصرخ فى وجهه آن وتضحك بهستيريا آن آخر .. سرعان ماجتمع الضاحكون فى ركن والصارخون فى ركن آخر واحتدم بينهما السباب .. ثم فجأة تتدحرج كل الرؤوس فى سرعة جنونية نحوه .. ركل غطاءه ونهض مرتعشا وهو يصرخ "أضيئوا الأنوار " .. خارت قواه فجأة فعاد من جديد الى الظلمة والسكون .. بقايا خلايا فى دماغه لازالت تعمل وعن طريقها فتح طرف عينيه .. رأسه تكاد تنفجر .. لازالت الرؤوس المكورة تحدق به .. ارتعب .. صرخ لحراسه أن ابعدوهم أو اقتلوهم .. شاهد بلاط الغرفة وبقعة دم تستقر فى المنتصف .. سرعان ماكبرت وتضخمت مثل ينبوع ماء تغذيه جداول من هنا وهناك .. ارتفعت الدماء وحازت الفراش فأضحى كمن يسبح فى بركة من الدماء .. خبط بساقيه فى الدماء وصرخ مستغيثا فى حين لعلعت الرؤوس بالضحك والصخب .. جاءه طنين حشرة .. حاول أن يجتهد لمعرفة مصدرها لكن الاطباء والجداران والسرير والاجهزة والرؤوس المكورة وقضبان النافذة تأرجحوا جميعا أمام ناظريه .. ثم أفاق على رائحة نتنة .. خيل اليه أن جسده امتلأ بالدود .. أحس به يرعى فى طمأنينة .. ضحك فى جنون بينما الرؤوس المكورة تبادله الضحكات واللعنات .
تعليق