مناجاة زيتونة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د. محمد الأسمر
    أديب ومفكر سياسي
    • 07-03-2009
    • 135

    مناجاة زيتونة

    المرفق هنا "رسالة إخوانية" كمحاولة لــِ : ميشيل الأسمر - وأنا بدوري انقلها للنشر بهذا الموقع - نتمنى له التوفيق


    مناجاة زيتونة
    بقلم : ميشيل الأسمر

    أسعد الله أيامك أينما أصبحت ، و أغمدك في أجنحة الراحة أينما أمسيت . يا من أهديتني طفولتي مذ أودع فيّ ربي مصل الحياة ، يا أباً ، يا أماً ، غرستني في جنة عطفك ، في ينبوع حنانك . يا من رويتني بدمك ، و قدمت روحك هدية في عيد ميلادي رخيصة من عمرك . أحببتك حبّ الابنة للأب ، حب العبد للرب ، حب الروح للجسد ، حب الإنس للأبد.
    اشتقت لك أيها الغائب الحاضر ، فأنت في اللب لا زلت ، روحك تسري في فروعي ، تحضنني و ترعاني ، فبعدك يعذّبني ، يُهلكني ، يذبحني ذبحاً ، ينثرني كالسلسال .
    أيها الغالي ، أأنت مرتاح في بّعدك ؟ ألم تشتق لليالي سمرك و النسيم يداعب خدّي و خدّك؟ إن الشوق يناجيني ، أفلا يداعب قلبك ؟ ها قد مرّت الأيام على غيابك ، و أنا أواسي نفسي - مع أني لم أرك – برؤية أحبابك . ألم تشتق للمعان عصيري في صحن زيتك ؟ أم وجدت حبّاً جديداً لك في غياهب بعدك ؟
    أعذرك ، و أعلم أن الظلم في الحياة أرهقك ، و أن رصاصة الزمان قد أدمت وجهك . أعذرك ، و أعلم أن زيتي لا يأتي برغيف الخبز و الزعتر ، لا ينتشل من أمعائك الخاوية سكين الجوع و يحميك من بوابة المعبر . اعذرني على سؤالي ، لكن ليطمئن قلبي : ألا زال حبك في قلبي يزهر ؟ أم أن وداعك لي جعل النسيان هو المقرّ ؟ أرجوك أجب عن سؤالي ، و اشف غليلي ، فالبعد أذبلني و الحياةَ أنساني . لكنها صورتَك تحييني و النسيان تُنسيني .
    يا حبيب الروح ، ألم يكفك طول الغياب ؟ ألم تشتق لفلذات أكبادك يقفون كل صباح على عتبة الباب ؟ يسألونني : متى أبي سيعود ؟ آليوم ، غداً ، أم في الغربة إلى يوم الحساب . كفاك ، قد أمتّني مذ غاب عني وجهك البسّام بالأحزان مُثقَل ، ألم يقل سيد البشر : (( اعقلها و توكّل )) . إن الأرض تناديك ، تناجيك ، تُداعب وجهك في عتب : عُد يا قرّة عيني ، فالأرض رائحة التراب ، عَبَق الزهر ، و النسيم الخجول ، هي عشيقتك جنة الله على الأرض الذّلول .
  • أ.د/خديجة إيكر
    أستاذة جامعية
    • 24-01-2012
    • 275

    #2
    .
    المشاركة الأصلية بواسطة د. محمد الأسمر مشاهدة المشاركة
    المرفق هنا "رسالة إخوانية" كمحاولة لــِ : ميشيل الأسمر - وأنا بدوري انقلها للنشر بهذا الموقع - نتمنى له التوفيق
    المشاركة الأصلية بواسطة د. محمد الأسمر مشاهدة المشاركة


    مناجاة زيتونة
    بقلم : ميشيل الأسمر

    أسعد الله أيامك أينما أصبحت ، و أغمدك في أجنحة الراحة أينما أمسيت . يا من أهديتني طفولتي مذ أودع فيّ ربي مصل الحياة ، يا أباً ، يا أماً ، غرستني في جنة عطفك ، في ينبوع حنانك . يا من رويتني بدمك ، و قدمت روحك هدية في عيد ميلادي رخيصة من عمرك . أحببتك حبّ الابنة للأب ، حب العبد للرب ، حب الروح للجسد ، حب الإنس للأبد.
    اشتقت لك أيها الغائب الحاضر ، فأنت في اللب لا زلت ، روحك تسري في فروعي ، تحضنني و ترعاني ، فبعدك يعذّبني ، يُهلكني ، يذبحني ذبحاً ، ينثرني كالسلسال .
    أيها الغالي ، أأنت مرتاح في بّعدك ؟ ألم تشتق لليالي سمرك و النسيم يداعب خدّي و خدّك؟ إن الشوق يناجيني ، أفلا يداعب قلبك ؟ ها قد مرّت الأيام على غيابك ، و أنا أواسي نفسي - مع أني لم أرك – برؤية أحبابك . ألم تشتق للمعان عصيري في صحن زيتك ؟ أم وجدت حبّاً جديداً لك في غياهب بعدك ؟
    أعذرك ، و أعلم أن الظلم في الحياة أرهقك ، و أن رصاصة الزمان قد أدمت وجهك . أعذرك ، و أعلم أن زيتي لا يأتي برغيف الخبز و الزعتر ، لا ينتشل من أمعائك الخاوية سكين الجوع و يحميك من بوابة المعبر . اعذرني على سؤالي ، لكن ليطمئن قلبي : ألا زال حبك في قلبي يزهر ؟ أم أن وداعك لي جعل النسيان هو المقرّ ؟ أرجوك أجب عن سؤالي ، و اشف غليلي ، فالبعد أذبلني و الحياةَ أنساني . لكنها صورتَك تحييني و النسيان تُنسيني .
    يا حبيب الروح ، ألم يكفك طول الغياب ؟ ألم تشتق لفلذات أكبادك يقفون كل صباح على عتبة الباب ؟ يسألونني : متى أبي سيعود ؟ آليوم ، غداً ، أم في الغربة إلى يوم الحساب . كفاك ، قد أمتّني مذ غاب عني وجهك البسّام بالأحزان مُثقَل ، ألم يقل سيد البشر : (( اعقلها و توكّل )) . إن الأرض تناديك ، تناجيك ، تُداعب وجهك في عتب : عُد يا قرّة عيني ، فالأرض رائحة التراب ، عَبَق الزهر ، و النسيم الخجول ، هي عشيقتك جنة الله على الأرض الذّلول .
    جميل هذا الانتقاء ،د/محمد الأسمر
    ورائعة هذه المناجاة من الزيتونة ...
    بورك بهاءُ الحرف
    وبورك شعور الانتماء إلى الأرض بكلّ ما فيها من إنسان و جماد

    تعليق

    يعمل...
    X