[bor=5BFF29]اعتِكافٌ في مِحرابِ الشوق
عبد اللطيف غسري
مُنْيَةَ الروحِ..
شطَّ بنا الزمانُ وأوغَلَ المكانُ في سديمِ الوحشةِ، وأضحى حلمُ الوصالِ ضَرْبا من خيالٍ تغزلُ خيوطهُ الضوئيةَ أناملُ الشوقِ المتوهج. أستنجدُ باليراعِ مرة أخرى بعد أن أعْيَاني التخبطُ في دروبِ الانتظار ومتاهاتِ الحنينِ. أكادُ أسْتشِفُّ في أنفاسِ اليراعِ شَهقاتِ الهُزْءِ مِمَّا آلَ إليهِ واقعي المريرُ تحت شمسِ غيابكِ القائظةِ. لكنه هُزْءٌ وَدودٌ لا أثرَ للشماتةِ فيه. هُزْءُ الصديقِ المشاكسِ الذي يَودُّ أن يَنتشِلَني من مُستنقعِ العشقِ الموؤودِ في رَغامِ البَيْنِ. لا أعلمُ على وجهِ الوضوحِ ما إذا كانت أناملي تحملُ القلمَ أم أنه هو الذي تحملُني نسائِمُهُ الورديةُ العليلةُ على بساطِ الأملِ المُجَنَّحِ. ما همَسْتُ إليهِ يومًا مُلتمِسًا منهُ نجدةً تذرُو قشَّ الحيرةِ عن روحي إلا تدفقتْ أحضانُهُ الدافئةُ بندى العطفِ المُضمَّخِ بأريجِ الكلامِ الأثيرِ إلى خواطرِ البلابلِ.
هل أحدثكِ عن غزوات الشوق المُطَّرِدَة في مُعْتركِ القلب؟ وكيف لي أن ألِمَّ ببعضِ تجلياتها وهي أشدُّ إيلامًا وأعمقُ أثرًا في الروح مِن أن تُحيطَ بها جَرَّةُ قلمٍ؟ هل يكفي أن أقولَ إنَّ الحياةَ في غيابِكِ أشْبَهُ بكهفٍ غائرٍ لا مشكاةَ فيهِ ينبعثُ منها بصيصُ ضوءٍ ولا مزهريةَ فيهِ يَعبَقُ عُنُقُها بهمستِ وردِ؟ كان للوجود معنى الألقِ حينَ كنتِ جزءًا منهُ، فلما آثَرْتِ جانِبَ البَيْنِ تصَدَّعتْ أركانُهُ وخفتَتْ أنوارُهُ. أمْسَيتُ لا آوي إلى مَضجَعِ السكونِ مِن خِضَمِّ الحركةِ إلا طَرَقَ السُّهدُ أجفاني الكليلةَ وقامَ طيفُكِ المُجَلَّلُ بهالاتِ الحُسنِ والعِنادِ يَمنعُ عَني نَجْداتِ النوم. عندئذٍ لا أملِكُ إلا أنْ أتحسَّسَ موضِعَ الجُرحِ في هيكلِ الروحِ فأذرَّ فوقهُ حَبَّاتٍ مُورقاتٍ من بَلسمِ الصبر وأرُشَّهُ بقطراتٍ دافئاتٍ مِن تِرْيَاقِ الأمَلِ.
من وراءِ السحبِ الكثيفةِ التي تملأ أفُقَ الحياةِ يُطِلُّ عليَّ وجهُ الأملِ مشرقًا باسمًا مُبشِّرًا بغدٍ جديدِ شائقٍ رائقٍ تبرُزينَ فيهِ مع شَقشَقةِ الصبحِ الأثير، تشُدُّكِ إليَّ ذؤاباتُ الشوقِ السندُسيةُ.
تعاليْ يا حبَّةً من سُويداءِ القلبِ أزْهَرَتْ أقحوانًا وأيْنعَتْ ثمَرًا وجِنانًا.
تعاليْ فابْعثِي جُثمانَ العِشقِ مِن رَقدةِ الخمول، وأعيدِي لِبلابِلِ الوجودِ ألحانَ الفرَحِ مِنْ ناياتِ الوصالِ.
آيت اورير – المغرب
25/02/2012[/bor]
عبد اللطيف غسري
مُنْيَةَ الروحِ..
شطَّ بنا الزمانُ وأوغَلَ المكانُ في سديمِ الوحشةِ، وأضحى حلمُ الوصالِ ضَرْبا من خيالٍ تغزلُ خيوطهُ الضوئيةَ أناملُ الشوقِ المتوهج. أستنجدُ باليراعِ مرة أخرى بعد أن أعْيَاني التخبطُ في دروبِ الانتظار ومتاهاتِ الحنينِ. أكادُ أسْتشِفُّ في أنفاسِ اليراعِ شَهقاتِ الهُزْءِ مِمَّا آلَ إليهِ واقعي المريرُ تحت شمسِ غيابكِ القائظةِ. لكنه هُزْءٌ وَدودٌ لا أثرَ للشماتةِ فيه. هُزْءُ الصديقِ المشاكسِ الذي يَودُّ أن يَنتشِلَني من مُستنقعِ العشقِ الموؤودِ في رَغامِ البَيْنِ. لا أعلمُ على وجهِ الوضوحِ ما إذا كانت أناملي تحملُ القلمَ أم أنه هو الذي تحملُني نسائِمُهُ الورديةُ العليلةُ على بساطِ الأملِ المُجَنَّحِ. ما همَسْتُ إليهِ يومًا مُلتمِسًا منهُ نجدةً تذرُو قشَّ الحيرةِ عن روحي إلا تدفقتْ أحضانُهُ الدافئةُ بندى العطفِ المُضمَّخِ بأريجِ الكلامِ الأثيرِ إلى خواطرِ البلابلِ.
هل أحدثكِ عن غزوات الشوق المُطَّرِدَة في مُعْتركِ القلب؟ وكيف لي أن ألِمَّ ببعضِ تجلياتها وهي أشدُّ إيلامًا وأعمقُ أثرًا في الروح مِن أن تُحيطَ بها جَرَّةُ قلمٍ؟ هل يكفي أن أقولَ إنَّ الحياةَ في غيابِكِ أشْبَهُ بكهفٍ غائرٍ لا مشكاةَ فيهِ ينبعثُ منها بصيصُ ضوءٍ ولا مزهريةَ فيهِ يَعبَقُ عُنُقُها بهمستِ وردِ؟ كان للوجود معنى الألقِ حينَ كنتِ جزءًا منهُ، فلما آثَرْتِ جانِبَ البَيْنِ تصَدَّعتْ أركانُهُ وخفتَتْ أنوارُهُ. أمْسَيتُ لا آوي إلى مَضجَعِ السكونِ مِن خِضَمِّ الحركةِ إلا طَرَقَ السُّهدُ أجفاني الكليلةَ وقامَ طيفُكِ المُجَلَّلُ بهالاتِ الحُسنِ والعِنادِ يَمنعُ عَني نَجْداتِ النوم. عندئذٍ لا أملِكُ إلا أنْ أتحسَّسَ موضِعَ الجُرحِ في هيكلِ الروحِ فأذرَّ فوقهُ حَبَّاتٍ مُورقاتٍ من بَلسمِ الصبر وأرُشَّهُ بقطراتٍ دافئاتٍ مِن تِرْيَاقِ الأمَلِ.
من وراءِ السحبِ الكثيفةِ التي تملأ أفُقَ الحياةِ يُطِلُّ عليَّ وجهُ الأملِ مشرقًا باسمًا مُبشِّرًا بغدٍ جديدِ شائقٍ رائقٍ تبرُزينَ فيهِ مع شَقشَقةِ الصبحِ الأثير، تشُدُّكِ إليَّ ذؤاباتُ الشوقِ السندُسيةُ.
تعاليْ يا حبَّةً من سُويداءِ القلبِ أزْهَرَتْ أقحوانًا وأيْنعَتْ ثمَرًا وجِنانًا.
تعاليْ فابْعثِي جُثمانَ العِشقِ مِن رَقدةِ الخمول، وأعيدِي لِبلابِلِ الوجودِ ألحانَ الفرَحِ مِنْ ناياتِ الوصالِ.
آيت اورير – المغرب
25/02/2012[/bor]
تعليق