التصويت على مشاركات قراءة في كتاب مايو-يوليو 2012

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ركاد حسن خليل
    أديب وكاتب
    • 18-05-2008
    • 5145

    التصويت على مشاركات قراءة في كتاب مايو-يوليو 2012

    [frame="1 10"]
    التصويت على مشاركات قراءة في كتاب مايو-يوليو 2012
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    يسعدني في نهاية الفترة التي خصصناها لاستقبال مشاركاتكم في مسابقة قراءة في كتاب أن أنقل لكم جميع القراءات التي قدّمها المشاركون في هذه المسابقة للتصويت عليها وتقييمها من قبل لجنة مختصة مكوّنة من أساتذة كبار في ملتقى الأدباء والمبدعين العرب عرفوا بكفاءتهم ونزاهتهم وشفافيّتهم.
    ولكن بدايةً اسمحوا لي أن أسجّل بعض النّقاط أراها ضرورية للتنويه على ما اتخذنا من إجراءات تتعلّق بالمسابقة وشروط المشاركة فيها.. ولشرح كيفية احتساب الدّرجات لتحديد الفائزين..
    شروط المسابقة:
    *
    أن تكون القراءة خاصّة المتسابق ومكتوبة بلغة عربية سليمة
    *
    أن لا تكون منقولة
    * أن تكون غير منشورة من قبل في أيٍّ من وسائل النّشر وأن تقدّم خصّيصًا لملتقى الأدباء والمبدعين العرب.. وأن لا يتم نشرها في أي وسيلة إعلاميّة أخرى إلاّ بعد مرور أسبوع من نشرها في الملتقى.
    لذلك ومراعاةً لهذه الشروط فقد اعتمدنا تقييم المشاركات على النحو التالي:
    تقوم اللجنة الكريمة الخاصة بالمسابقة بدراسة المشاركات وتقييمها حسب
    موضوع الكتاب وأهمّيته..... 20 درجة
    الصياغة اللغوية والنحويّة والبلاغية وخلوّها من الأخطاء... 20 درجة
    أفضل مختصر لكتاب وشموليته كمختصر لموضوع الكتاب........ 20 درجة.
    ما يعني اننا أعطينا لتقييم اللجنة 60% من التقييم العام
    وأعطينا لتصويت الأعضاء ما نسبته 40 % من التقييم العام.
    أي مشاركة منقولة ولا تعود للمشترك في المسابقة تعتبر باطلة ولاغية وستهمل.
    تقييم اللجنة للمشاركات تقييم نهائي.. يحق للمشارك طلب توضيح للدرجة التي حصلت عليها مشاركته.. دون حق الاعتراض.
    إذا تساوت الدرجات بين مسابقتين فائزتين تقسم الجائزة المالية بين صاحبيها.. وينال كلٌّ منهما وسام القراءة والمطالعة.
    أشكر الجميع على حسن الاهتمام والمتابعة .. متمنّيًا للجميع الفوز والتوفيق.

    تحياتي لكم
    تقديري ومحبتي
    ركاد أبو الحسن
    [/frame]
    19

    هذا الاستطلاع منتهي


  • ركاد حسن خليل
    أديب وكاتب
    • 18-05-2008
    • 5145

    #2
    [frame="7 10"]
    رحلتي من الشك إلى الإيمان


    الكاتب مصطفى محمود

    نبذة عن الكاتب
    مصطفى محمود مفكر وطبيب وكاتب وأديب مصري.
    ولد 1921و توفى 2009 درس الطب وتخرج عام 1953 ،ولكنه تفرغ للكتابة والبحث عام 1960
    ألف 89 كتابا منها الكتب العلمية والدينية والفلسفية والاجتماعية والسياسية إضافة إلى الحكايات والمسرحيات وقصص الرحلات، ويتميز أسلوبه بالجاذبية مع العمق والبساطة.

    مقدمة

    حين يزهو العقل بنفسه حد الشطط خاصة في عصر التفوق الحضاري المادي فيتخيل الإنسان أنه لا يستطيع أن يؤمن إلا بكل ما هو محسوس و خاضع للتجرية .. تسير رحلة الكاتب في البحث عن الله ليتوصل له من خلال الفطرة السليمة و من خلال سراج العلم إنطلاقا من المحسوسات إلى الغيبيات إلى الإيمان بالله الواحد الأحد

    فصول الكتاب

    الجسد

    أن نكون كلنا من أصل واحد و خامة واحدة لكن تختلف شخوصنا و أفكارنا و أنواعنا هذا هو الغريب حقا !! .. فكل إنسان له صفات يتميز بها و له بصمة و شفرة تخصه وحده و لا يشترك معه أحد أبدا فيها كالبصمة الوراثية و هذه حقيقة علمية مؤكدة . إذن فهناك صانع ماهر لا يمكن إنكاره
    و قد تصور بعض العلماء أن الجسد و الروح لا يختلفان و أنه من الممكن معرفة الروح من خلال تشريح الجسد لكنه ثبت أنه تصوّر غير صحيح لأن الجسد له احتياجات لا تأبه لها الروح كالطعام و الروح لها احتياجات لا يأبه لها الجسد بل ربما تضحي بالجسد في سبيل هذه الاحتياجات كالحرية و مفاد هذا أن الروح منفصلة عن الجسد بل و تعلو عليه و ليست تابعة له و هي هذا النور الذي يهدي الإنسان إلى طريق الحقيقة .

    الروح

    لدى الإنسان معجزة أسمها الذاكرة وهي هذا الأرشيف الذي يسجل كل الأحداث الذي يعيشها الإنسان و قد اختلف الفلاسفة و العلماء في مكان هذا الأرشيف و قد تصورها الماديون في المخ لكن الحقيقة أن الذاكرة لا يجري عليها ما يجري على الجسد من تلف أو فناء فهي تتسم بالحضور و الديمومة و من البدهي تصور بقائها بعد الموت .
    و فكرة العدل و العقاب تدلنا إلى وجود جزاء أخروي بعد الموت لهذه الروح إذا سخرّت الجسد فيما لا يرضى الله .

    العدل الأزلي

    الكون كله مجموعة من القوانين المنضبطة الصريحة التي لا غش فيها و لا خداع و ما يحدث من غش و خداع كان نتيجة تلك الحرية التي وهبها الله للإنسان بعد أن قبل الأمانة و حملها فسار الإنسان في طريق الغواية و أساء إستعمالها في غير الوجه الذي أراده الله فكانت الحروب و الصراعات و من ثم كان يجب عقاب من أساء استخدام هذه الحرية و بهذا يتحقق العدل الذي نطالب به أنفسنا و غيرنا بشكل فطري و غريزي و إذا لم يتحقق العدل في الدنيا انتظرنا تحققه في الآخرة لأن العدل حقيقة أزلية و الله هو الحق العدل

    لماذا العذاب ؟

    يتسائل البعض لماذا يعذبنا الله و _ و الله محبة ؟
    تكون الإجابة هل الله يحب الظلم ؟ هل عليه أن يترك الظالمين و الباغين دون حساب و دون عقاب ؟ أنه العدل الفطري الذي ننتظر أن يتحقق أما في الدنيا أو الآخرة
    كما أن هناك عذاب ابتلاء من الله لصفاء الروح و جلو النفس كما حدث مع الأنبياء و الرسل .. لذا فإن وراء بعض العذاب حكمة من الله و قد يكون عقابا لتحقيق العدل

    ماذا قالت لي الخلوة ؟

    هذا الإنسان المغرور مخدوع في نفسه إذا تصور أنه من أهل الصدق .. فجميع مظاهر و مشاهدات حياتنا عندما نرصدها نجدها خالية من الصدق سواء كان الأمر متعلق بالسياسة أو الحب أو مشاغل حياتنا العادية
    لكن متى يكون الإنسان حقا صادقا ؟
    يكون الإنسان صادقا في موضعين .. الأول : حين يكون الإنسان في معمله يبحث عن الحقيقة من خلال العلم .
    الثاني : حين يكون في لحظة مصارحة مع نفسه في خلوته في محاولة لفهم نفسه و العالم فيدله قلبه على كل ما يريد أن يعرفه و تهديه فطرته إلى الحق و إلى الله بدون أي جهد .

    التوازن العظيم

    كل الأدلة ترشدنا إلى أن الكوان متوزان في كل شىء و أنه منظم تنظيما دقيقا لهذا فمن الخطأ القول أن هذا التوازن وليد صدفة لأن الصدف لا تتكرر هذا التكرار المتقن .. فالفطرة الصحيحة تقول أن هناك آله خالق باريء مصوّر و هو الذي أبدع هذا الكون على هذا النسق الفريد الدقيق المنظم .. و إذا كان العلماء الماديون يقتنعون بما هو خاضع للتجربة و المشاهدة فإن هناك غيبيات يعترفون بها و لا يستطيعون إنكارها كالجاذبية و الموجات اللاسلكية و الألكترون و الذرة .. فالحقيقة أن العلم لا يعرف ماهية أي شىء على الإطلاق .

    المسيخ الدجال

    المسيخ الدجال الذي حدثتنا عنه الأديان يقول بعض العلماء أنه ظهر و أنه ماهو إلا هذا التقدم المادي الذي بهر الإنسان و بدلا من أن يعتبره وسيلة لتحقيق غاية . انشغل به و عبده و أصبح في خدمته و تناسى الدين و هو يظن أن التكنولوجيا المادية ستحقق له السعادة و الطمأنينة
    لكن الحقيقة أن الدين و العلم لا يتعارضان و كل منهما يحتاج للآخر .. فالدين يشتمل على كل العلوم و يحتاج العلم لاكتشافها و العلم يحتاج للدين لتكون غايته خيّرة و شريفة و في خدمة البشرية
    الدين الإسلامي دين عقل يحض على العلم .. و يرغب أن يكون هناك اقتران بين المادة و الروح و بهذا يتحطم المسيخ الدجال و تقوم دولة الإنسان الكاملة
    فتبارك الله تعالى الذي خلقنا باسمه الرحمن الرحيم

    الرؤية الشخصية

    الكتاب يحمل تجربة علمية صوفية روحية تدعو الإنسان إلى الرجوع إلى فطرته السليمة و إلى استخدام العلم و المشاهدات لمعرفة الله عز و جل .. فالفطرة السليمة كافية للوصول بالإنسان إلى طريق الحق
    [/frame]

    تعليق

    • ركاد حسن خليل
      أديب وكاتب
      • 18-05-2008
      • 5145

      #3
      [frame="4 10"]
      المرأة الحقوق والمفاهيم لأحمد القبانجي
      .

      أولا: نبذة عن الكاتب:
      أحمد حسن علي القبانجي مفكر إسلامي لبرالي عراقي ولد في النجف في 2 يناير 1958، يسعى إلى صياغة ما يصفه بإسلام مدني يتوافق مع العدالة وحقوق الإنسان ويجيب حسب رأيه عن إشكاليات الفكر الإسلامي التقليدي حيث يدعي أن التمسك الحرفي بالنصوص يعني عدم قدرة الإسلام على مواكبة التقدم المعرفي للإنسان، وبالتالي عدم قدرة الدين على الاستمرار دون أن يؤدي إلى تأخر المسلمين، ويرى أن كل فكر ديني هو لا يمثل سوى قراءة للدين وأن النصوص الإسلامية كانت ملائمة للمجتمع الذي جاء فيه لذا لا يمكن الالتزام بها حرفيا ويجب إعادة قراءة النصوص بما يلائم المتغيرات الحالية، حيث يرى أن الشريعة متغيرة بينما الدين ثابت ولذلك أدلة منها وجود الناسخ والمنسوخ في القرآن. المصدر: ويكيبيديا.

      ثانيا: قراءة في الكتاب:
      يقوم المُفكّر القبانجي في كتابِهِ هذا بتفتيتِ نصوصَ تُراثٍ قد حُشي بكلماتِ مُهينة, مُحقّرة للمرأة, من مثلِ القولِ المريض : " المرأة كلّها شرّ, وشرّ ما فيها أنه لا بدّ منها" ليدافعَ عن إنسانيّتها التي أكّدها الدينُ مُمثلا بالقرآن وليزيلَ_ بحريّةِ فِكره وخروجِهِ عن قيدِ/قفص الإجماعِ والرأيُ الأغلب_ عن نفسها شعورَ الإحباطِ ويمسحُ عن فِكرِها أيّ بُقعةِ شكّ تِجاهَ عدالةِ دِينِها وإنصافِه لها.
      لحِسنِ حظّي أني قرأتُ هذا الكِتابِ وصفحة معرفتي بمؤلفهِ بيضاءَ سوى منِ اسمهِ وتعريفٍ مختصر له في ويكيبيديا قرأتهُ بشكْلٍ سريعٍ, كي لا يتأثّرَ حكمي على ما في الكتابِ برأيي بكاتبهِ أو رأيي بمُجمَلِ فِكرهِ, لذلكَ كانَ تقديري للكتابِ محضٌ من أيّ تأثيرٍ سوى ما جاءَ فيه من سحقٍ لدناءةِ بعض المقولات المسجّلة في كتبِ التّراث, وما ترسّبَ في نفسي من كُرهٍ ومقتٍ لها, ولاستمراريّة ترديدها.
      *
      الكتاب في مُجملِهِ مقسّم إلى قسمين الأول: عن المفاهيم ويقوم فيه بدراسة النصوص والروايات الموجودة في كتب التراث والتي تضعُ وتحقّرُ من شأن المرأة, مثل قولهم " شاوروهنّ وخالفوهنّ" ويقارنها بآياتِ القرآن, ويبحثُ هلْ لها أصل في الإسلام أم أنها مجرّد أقوالٍ تعكِسُ ثقافةَ وظروفِ ذلكَ الزمان فقط؟ والقسم الثاني عن الحقوق, والأحكام المتعلقة بالمرأة في الإسلام مثل: حق القوامة, الحجاب, الزواج والطلاق..
      ابتدأ قبلَ ذلك بفصل يقدّم للكتاب عنونه بعنوان: " موقف الإسلام من المرأة" ويتساءل فيه: هل استطاع الإسلام أن يعطي المرأة جميع ما لها من حقوق؟ فيجيب عن هذا التساؤلِ باستعراضِ ثلاثة آراء:
      الرأي الأول وهو رأي الأغلبية (الأصوليين): ويقولون بأن الإسلام ضَمِن للمرأة جميع ما تحتاجه من حقوق.
      الرأي الثاني: أصحابه يرونَ أن الإسلام وإن أخرجَ المرأة من الظلامِ إلى بقعة الضوء؛ إلا أن الظروف الثقافية والاجتماعية في ذلك الوقت حالت دون تقرير جميع الحقوق المشروعة للمرأة فاكتُفي بالحدّ الأدنى منها.
      الرأي الثالث: يقول بأن التشريع الإسلامي بالنّسبةِ لحقوق المرأة يتصف بالعدالةِ والمعقوليّة في تلك الأجواء الثقافية والظروف الاجتماعية وهذا لا يعني الجمود على هذي التشريعات في حال تغيّر الموضوع بتغيّر الزمان والمكان. (وهذا الرأي تتمحور حوله أبحاث هذا الكتاب)
      ويقرر الكاتب أن يفصِلَ بين الدين والشّريعة, ويقدّم الفرق بينهما فيقول: " الدين هو ما تشترك في مضمونه جميع الأديان السماوية, أما الشّريعة فهي الأحكام والقوانين والسّنن الخاصة بكلّ طائفة وقوم من البشر من حيث مراعاتها لمتطلّبات الواقع الاجتماعي والثقافي فالأول يدخل في دائرة الثابت والثاني يدخل في دائرة المتغيّر.
      ويؤكّد الكاتبُ أنّ النّصوص الدينيّة الكلّية والمفاهيم الإسلاميّة والقرآنية تقرّ حقيقة مساواة المرأة للرجل في شرف الإنسانية والحقوق الفطرية وهذه النّصوص أصل أولي وأساس فقهي يقوم عليه صرح البناء التشريعي والحقوقي لقضايا المرأة ومن هذه النصوص:
      (( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالا كثيرا ونساء )) النساء: 1
      ((والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)) التوبة:71
      يقول: (( ومن هذه النصوص يمكننا فهم موقف الإسلام كدين من المرأة, وأما موقف الإسلام كشريعة, أو موقف الإسلام الفقهي وما يتضمنه من أحكام خاصة بالمرأة فلا ينبغي أن يُحسب على الدين لتنوع المرجعيّات الفكرية لدى الفقهاء وتابعيّة الأحكام لمتغيّرات الزمان والمكان والظروف...))

      تحياتي, وشكري لكَ[/frame]

      تعليق

      • ركاد حسن خليل
        أديب وكاتب
        • 18-05-2008
        • 5145

        #4
        [frame="13 98"] قراءة في كتاب
        لسم الكتاب : مفاهيم نقدية
        [/frame]
        [frame="13 98"]
        اسم المؤلف : رينيه ويليك
        ترجمة : دكتور محمد عصفور
        ===============
        نبذة مختصرة عن المؤلف والمترجم :
        أ‌) المؤلف : الفيلسوف التشيكي رينيه ويليك :
        أديب ناقد وأستاذ جامعي كبير في النقد المقارن بجامعة ( ييل ) ، ولد في فينا 1903 ، وحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة براغ سنة 1926 ، وهاجر إلى أمريكا بعد دراسة في جامعة لندن من 1935 إلى 1939 ، ثم حصل على عدد من الدكتوراه الفخرية من جامعات ( أكسفورد ، وهارفرد ، وروما ، وكولومبيا )
        *ومن مؤلفاته : 1- نشوء تاريخ الأدب الإنجليزي
        2- مفهوم النقد الأدب 3- تاريخ النقد الحديث من ستة أجزاء
        ب) المترجم : الدكتور محمد عصفور :
        فلسطيني من حيفا ولد عام 1940 ، وحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة (إنديانا الأمريكية ) 1973 ، ثم عمل بعد ذلك أستاذا بها من سنة 1982 ، وهو شاعر وأديب طبع له ديوان شعر باسم ( دموع الكبرياء )
        وفازت ترجمته عن كتاب ( البدائية ) بجائزة معرض الكويت التاسع للكتاب سنة 1983 ، وله العديد من الترجمات في الأدب والنقد مجال تخصصه ، وله أيضا عدة أبحاث باللغتين العربية والإنجليزية في الأدب.
        ومن أهم مترجماته كتاب ( مفاهيم نقدية )
        الذي أحاول قراءته بإيجاز من وجهة نظر ترتبط بالنقد العربي ومفاهيمه العامة ، التي ذكرها المؤلف في كتابه .
        القراءة في الكتاب لتقريب محتواه إلى القارئ الفاضل بصورة مبسطة :

        المقدمة :
        عبر المترجم في كلمته في البداية عن اختلاف مفاهيم بعض المصطلحات الأدبية والنقدية بين الغرب والشرق
        وضرب مثلا لذلك مصطلح ( فن الشعر ) الذي قد يوحي لدى بعض الدارسين للأدب بالتوقف عند القصيدة والشعر بعامة بينما ينسحب التعبير الأجبني على فنون أخرى غير الشعر مما يطلقون عليه اسم ( البويطيقا )
        Poetics ، وهكذا في مصطلحات أخرى قد أضعها بلغتها التي اختارها المؤلف .
        الكتاب : شمل ستة عشر فصلا من القطع المتوسط ، جاء في 494 صفحة بمراجعه وهوامشه كما يلي :
        1- النظرية الأدبية والنقد الأدبي ، والتاريخ الأدبي
        2- التطور في التاريخ الأدبي
        3- الشكل والبنية في نقد القرن العشرين
        4- الرومانسية في التاريخ الأدبي
        5- الرومانسية ثانية
        6- الواقعية في البحوث الأدبية
        7- الكلاسيكية كاصطلاح ومفهوم في التاريخ الأدبي
        8- الرمزية كاصطلاح ومفهوم في التاريخ الأدبي
        9- الأدب المقارن اسمه وطبيعته
        10- الأدب المقارن اليوم
        11- أزمة الأدب المقارن
        12- نظرية الأنواع الأدبية والقصيدة الغنائية والتجربة
        13- الشاعر ناقدا ، والناقد شاعر ، والشاعر الناقد
        14- الدراسة الأسلوبية وفن الشعر والنقد الأدبي
        15- خريطة النقد المعاصر في أوروبا
        16- الاتجاهات الريسة في نقد القرن العشرين
        وسوف أحاول في قراءتي وضع نقاط مركزة عن مجمل ما ورد في فصول الكتاب من مضامين تتعلق بمفاهيم النقد الأدبي والتي لا تغني القارئ من الرجوع إلى الكتاب عينه لمعرفة تفاصيله ولأهميته لكل المهتمين بعملية النقد ومدارسه وأساليبه ونظرياته ، راجيا أن أفيد بقراءتي الأعضاء العرب في الملتقى
        إن شاء الله

        • وقد فرَّق المؤلف في الفصل الأول من كتابه ( مفاهيم نقدية ) بين ؛ النظرية ، والنقد الأدبي ، والتاريخ الأدبي ؛ حيث جعل الدراسة للمبادئ والمعايير الأدبية تختلف عن دراسة الأعمال الأدبية ذاتها
        • فالنظرية تدرس المبادئ بينما يختص النقد الأدبي بالاهتمام بالعمل الأدبي ذاته مشتملا على النظرية وتاريخها الأدبي ، فهناك تعاون بين النظرية والنقد والتاريخ
        • فعلم الأدب يدل على المعرفة المنظمة في القديم ، وتسميته بالنظرية الأدبية كمصطلح كما ذهب الإنجليز أفضل ؛ لأن كلمة علم : science) أخذت تدل حديثا على العلوم الطبيعية ، والبحث الأدبي قد يفهم منه استبعاد النقد والتقويم والتأمل في النصوص الأدبية ، فتخصيص مصطلح النقد الأدبي أفضل لأن كل شيء فيه يجب أن ينسب إلينا كنقاد بينما ينظر إلى الأدب في التاريخ الأدبي باعتباره منتميا لحقبة زمنية فلا يقوم إلا بالنسبة لتلك الفترة فالمعيار الوحيد للنقد الأدبي ، هو الشعور والإحساس الشخصي ، وإن كان تاريخ المراجعة الأدبية للإنتاج الشعري يثير قضايا تاريخية واجتماعية متعددة
        • النقد له صلة بالفن من جهة الحس الفني التذوقي ، ومهارات الأسلوب والتأليف والخيال ؛ فهدف النقد الأدبي هو التوصل لمعرفة منظمة تخص الأدب عموما أي إلى نظرية لها أحكام أدبية
        • ومن يزعم أن النظرية الأدبية والنقد عالتين على الأدب و الإبداع الفني الأدبي لأن الناقد فنان لم يكتمل فنه ، فزعمه باطل كما يرى المؤلف ( فراي الفرنسي ) في كتابه ( تشريح النقد ) الذي قيل في مدحه إنه أفضل كتاب نقدي في أوربا منذ حقبة طويلة ، وهذا الكتاب في النظرية النقدية يؤكد أن النقد بنيان من الفكر والمعرفة له وجوده الخاص ، فالناقد الذي يعرِّفُ بالأدب فقط إنما يمثل جمهور القراء ويسجل أهواءهم لأنه ينتقد على عجلة من الذوق المتعمق دون دراسة للأدب كنظرية أو تاريخ .
        • يقول مؤلفنا في كتابه ( مفاهيم نقدية ) إنني لا أفهم كيف يمكننا أن نفصل عمليا بين الدراسة والتقويم فإن النظريات والمبادئ والمعايير النقدية في تاريخ الأدب لا تنشأ في فراغ ) فالناقد الحقيقي عن طريق الاتصال بالعمل الأدبي الفني ذاته يختاره ويفسره ويحلله ، ويطلق عليه في النهاية حكما من واقع حسِّه الفني التذوقي ، داعما حكمه بالأمثال المقارنة من الأعمال الأدبية الأخرى في ذات الموضوع
        • ثم يسرد المؤلف وجهة نظر النقاد الجدد في نقد العمل الأدبي على أنه بناء لفظي يتصف بقدر من التماسك والاكتمال ، مع عدم إنكار أهمية المعلومات التاريخية في التفسير الشعري للنصوص ، فالكلمات أيضا والأساليب الأدبية تراث تاريخي يعرف منها الجيد والرديء ، فالدراسة المتأنية للنصوص الأدبية تربطها بإحساس وبيئة ودراسة وتاريخ الأديب والناقد معا ليفهمها القارئ والمتلقي ويتذوق الحكم النقدي الصادر في شأن العمل الأدبي ، فالقصيدة يجب أن تقرأ كقصيدة ، وأي عمل أدبي يوضع تحت منظار الناقد ينبغي أن ينقل إجابته عما يقوله النص دون زيادة عن المعنى الذي يتضمنه من وجهة نظر قائله ، حتى لا تؤدي طريقة القراءة المتأنية إلى فذلكات وأخطاء في التعسف النقدي إلى ضجر القارئ والدارس للنقد الأدبي .
        • ويرى المؤلف والمترجم أيضا أن طريقة التحليل البحثي العلمي في أي فرع من فروع المعرفة لا يتقدم إلا بالفحص الدقيق المتأني لموضوع البحث وبوضع الأشياء تحت المجهر بعيدا عن قيمة التفاصيل المتعلقة بترجمة أشخاص المؤلفين أنفسهم ، فنحن نحتاج إلى معايير نقدية موضوعية محكومة بقيمة الأعمال الأدبية الفنية ذاتها المطروحة للنقد ، ليضع النقاد الأحكام المقبولة ، فهناك مقولات عامة في المنطق والرياضيات تخدم قضية المعرفة العلمية مثل : 2+2=4 ، والنقد الحديث ينبغي أن يضع أحكاما حول قواعد أخلاقية للعمل الأدبي تصح في كل الأحوال فمثلا : استنكار ذبح الأبرياء في تعليق الناقد على نص ما ، يوجد من الصياغات الأدبية الفنية النقدية ما يرى فيها المؤلف والقاريء مقولة حيادية صادقة متعلقة بالتاريخ والأمور الإنسانية جاءت في أسلوب فني أدبي يقوم النص في بنيانه ويعلم الأدباء في إنشاء نصوص مماثلة لموضوع العمل المنقود مستقبلا ليؤدي معرفة حقيقية سواء في نصها أو في بنيان نقدها عند النقاد بتقويم موضوعي يحقق هدف النقد الأدبي من التوصل إلى قدر من المعرفة أمام القارئ والدارس فضلا عن صاحب النص ذاته
        • يفرق المؤلف بعد ذلك بين المؤرخ والناقد فيرى أن المؤرخ يعيد تشكيل الواقعة التاريخية التي حدثت في الماضي على أساس روايات شهود العيان من النصوص الموثقة بينما يظل موضوع الباحث الأدبي والناقد عمل فني في متناول يده عليه أن يفهمه ويفسره ويقومه بحيث يكون المؤلف ناقدا لذاته حتى يكون مؤرخا موضوعيا يؤسس لقيم التقويم الناجح الذي يستعيد الأحكام النقدية بمعايير واحدة ؛ وهو النجاح الذي يصادفه العمل الأدبي تاريخيا في زمانه وبعد زمانه ، فتفحص تاريخ الأدب في ضوء آراء الماضي فقط في تقويمها ، قد لا يرضي أصحاب النقد الحديث والذوق الحسي المعاصر للناقد والقاريء على السواء ، لأن النقد حديثا قد اكتسب على مر السنين ثروة من المعاني الجديدة لا تجعل التاريخ الأدبي النقدي ملزما بأحكامه للمحدثين في موضوعية تجعل الأحكام تتحلى بأعلى قدر من التجرد من الذات أو المجاملة أو السيرة الذاتية للمؤلف للعمل الأدبي ، فكلما ذاد تعقيد العمل الفني كلما تعددت البُنى والقيم التي يجسدها ، وكلما غدا تفسيره ونقده أصعب لأنه يرتقي على ما وراء حدود الذوق الفردي وهو ما يمكن أن ندعوه بالفن العالمي في النقد الأدبي الذي يستند من الناحية المنهجية إلى إطار فكري داخل اللاوعي قوامه المعايير النحوية والأسلوبية والتاريخية الأدبية .
        • مفهوم التطور نقصد به أن النظام الأدبي المتزامن لا يتفق ومفهوم الحقبة الزمنية لعملية النقد كما نفهما عادة لأن ذلك النظام لا يضم مجرد أعمال أدبية متقاربة في الزمن بل يضم أيضا أعمالا جيء بها من آداب أجنبية ومن حقب أقدم ؛ ولذا فإن ثبْتا عشوائيا بالأعمال الموجودة معا لا يكفي ، بل لابد من سلسلة الأعمال الأدبية في أي عصر من العصور أن يكون سلسلة هرمية تصاعدية مرتبطة بتطور الفن
        • لا يظل شيء من شكل القصيدة ولا بنيتها العروضية ولا علاقاتها الإيقاعية ، ولا أسلوبها الخاص إذا ما فصلت ذلك في عملية النقد عما تحتويه من معنى هادف صيغ بإحساس قوي واضح
        معنى الرومانسية هو الأقصوصة الخيالية ، والتصوير المؤثر وورد المصطلح أول ما ذكر في فرنسا عام 1669 ثم في انجلترا 1674 وهو من أدب العصر الوسيط وبداية عصر النهضة الأدبية في أوروبا ، وقد كتب أدب الرومانسية بعد فترة الكلاسيكية المحدثة ، ومن أشعار المؤلف بيليك قوله: كل ذرة رمل،
        كل حجر على هذه الأرض
        كل صخرة ، وكل تل
        كل نبع ، وساقية
        كل عشبة ، وكل شجرة
        كل جبل وربوة وأرض وبحر
        وغيمة ونيزك ونجمة
        رجال يُرَوْنَ من بعيد

        • تاريخ الكلمات الدلالية لا يتطابق بالضرورة مع تاريخ المفهوم المعنوي كما نصوغه هذه الأيام ، وعلينا أن نسأل من ناحية عما عناه المؤلف المعاصر من مفاهيم جديدة وهو ما يشار إليه بالمعنى الرمزي المراد في تجربة الشاعر الحسية والشعوري
        • اتضح اهتمام العالم بالأدب المقارن خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر فقد جاء اسم الآداب المقارنة في رسالة خاصة لم تنشر إلا في سنة 1895 وتعني الكلمة ( مقارنة ) تبادل المفاهيم والمضامين الموضوعية للأعمال الأدبية بين آداب العالم المختلفة وطريقة التعبير عنها بنفس أنماط وأشكال النصوص من شعر أو نثر ، وعلى الشعوب أن تحافظ على التوازن في هذه الدراسة بين القومية والعالمية حين تعرض النصوص للمقارنة الداخلية أو الخارجية مع الآداب الأخرى
        • ومن الأزمات التي حدثت لعملية النقد المقارن تفسير مفهوم الشعر الغنائي بين آداب الدول المختلفة ومعرفة الطبيعة العامة للقصيدة الغنائية أو لما تعنيه ، ومن الأجدى أن نوجه اهتمامنا على تنوع الشعر ومدارسه وتاريخه بوصف الأنواع الأدبية كما تتمثل في تقاليدها المجسدة بالأفكار التي تتناولها
        • وفي الفصل الأخير ( السادس عشر ) عرض المؤلف للاتجاهات الرئيسة في نقد القرن العشرين ؛ بما سمي عصر النقد ، حيث وصل النقد الأدبي إلى درجة جديدة من الوعي بالذات ومكانة أعظم في المجتمع فجاء في الآونة الأخيرة من القرن العشرين بأحكام جديدة متطورة في عملية النقد الأدبي وتعددت مدارسه كما تعدد من قبل المدارس الأدبية من كلاسيكية ومحدثة ورومانسية ورمزية وواقعية وقد تعدى النقد حدود البلدان لتجانس أهداف النقد ومناهجه في رؤية النصوص الأدبية العالمية حتى في حالة غياب العلاقات التاريخية ، وامتدت على جذور الماضي إلى اتجاهات يمكن تمييزها في ستة مناهج حديثة ؛ قد لا أوفيها بالتفصيل كما ذكر المؤلف إلا أني أشير باختصار إليها وهي :
        1- النقد الماركسي : وهو منهج في علم موضوعي يدرس المكونات الاجتماعية للعمل الأدبي من حيث التذوق والواقعية في وصف العمل بأمانة وبيان فهمه بعمق لبنيته ومضمونه من خلال الشخصية والصور والأفعال والمشاعر
        2- النقد النفسي : وهو قراءة ما يكمن تحت السطح أو خلف القناع في النص الأدبي ، فالأدب يحتوي على مخزون غني من الدلالات ، كما اتخذ فرويد ( عقدة أويب لتحليل مسرحية هاملت ) وهو نقد غالبا ما يتجنى على معنى العمل الفني البارز ووحدته
        3- الاتجاه الثالث النقد اللغوي الأسلوبي : باعتبار كون الشعر لا يكتب بالأفكار ؛ بل بالكلمات والأساليب ، وقد أسست في روسيا خلال الحرب العالمية الأولى جمعية لدراسة اللغة الشعرية أصبحت فيما بعد نواة للحركة النقدية الشكلية لاكتشاف الخاصية الأسلوبية باعتباره السطح الذي يقود الناقد إلى الدراسة والتصنيف النحوي والدلالي للكلمات وتركيبها وأوزانها وإيقاعها وغرابتها أو حداثتها ن وهذا الاتجاه لم ينتشر انتشارا واسعا في العالم الأنجلو سكسوني لأن الفجوة توسعت بين اللغويات والنقد الأدبي....إلخ
        4- اتجاه المدرسة الشكلية العضوية الرمزية الجديدة : تعتبر الفن حدسا وتعبيرا في الوقت ذاته ، ومسألة ذهنية يفترق فيها الشكل عن المضمون ، ويلعب النقد دورا في خدمة المجتمع حين ينظر الناقد للعمل الأدبي موجها رؤيته على العاطفة السائدة دون أحادية في التصنيفات البلاغية أو الرمزية أو النوع الأدبي ، ولا فرق عند أصحاب هذا الاتجاه بين خالق العمل الفني والناقد والقارئ والعمل ذاته ، وأقصى ما يستطيع الناقد أن يفعله هو أن يزيل الحواجز بين تلك العناصر ويصدر حكمه حول ما إذا كان العمل شعرا أم غير شعر
        5- النقد الأسطوري الذي يستعين بمكتشفات الأنثربولوجيا الثقافية وأفكار أكثر حيوية للصور التي انطبعت في ذهن الإنسان وهي ما جعلت النقاد يكتشفون الأساطير الأصلية للبشرية خلف الأدب وبخاصة الأدب الإلهي والهبوط إلى الجحيم والتضحية والقيم الأخلاقية النابعة من النص الأدبي
        6- النقد الوجودي الفلسفي الذي هيمن على الحياة الفكرية بعد الحرب العالمية الثانية ، وإذا نظرنا إلى الوجودية باعتبارها فلسفة اليأس والخوف والارتعاش والشعور بالانكشاف وسط عالم معادٍ فالشعر وعي للذات والزمن شكل من أشكال الخيال الشعري الغنائي والملحمي والمأساوي فيربط الناقد بين الغنائي بالحاضر ، والملحمي بالماضي ، والدراما بالمستقبل ، فأصبح النقد عند أصحاب ذلك الاتجاه ينطلق من الحرية المفقودة ويخلق عالما وهميا من اللاواقع ويمتزج بعناصر الرمزية والسريالية ، وبدأت أفكار هذه النظرية تدخل في الكتابات النقدية الأمريكية ن بالنظرة المباشرة لمفهوم الشعر بان يُرى فيه فهما للوجود بكل مباشرته .
        * المراجع التي اعتمد عليها المؤلف : وذكر المؤلف عقب كل فصل من فصول كتابه الستة عشر مجموعة كبيرة من المراجع جُلّها من المراجع الأجنبية ، ومنها كتاب مدخل إلى النقد الأدب المقارن للدكتور غنيمي هلال مترجما إلى الإنجليزية .
        والله ولي التوفيق
        [/frame]

        تعليق

        • ركاد حسن خليل
          أديب وكاتب
          • 18-05-2008
          • 5145

          #5
          [frame="10 10"]
          قراءة
          في ديوان " وخرَّ موسى "*



          مقدمة :
          بسم الله الرحمن الرحيم

          الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة على المبعوث رحمة للعالمين أبي القاسم محمد ( ص ) وعلى أحبابه وأهل بيته وأصحابه الطيبين .
          وبعد ..
          ديوان " وخرّ موسى " مجموعة من القصائد النثريّة ، مختلفة الأزمان ، يجمعها المبدع في ديوان واحد ، ومن تلك القصائد ما هو مؤرخ عام 2002 م وهناك ما هو مؤرخ عام 2010 م ، وثمة مجموعة أخرى خلت من الإشارةِ التاريخية . عدد النصوص 35 نصا ، يلازمُ الإهداء نصوصاً كثيرةً ، من يقرأ الديوان للمرة الأولى يكاد لا يفهمه أو لا يستسيغه ، اللهم بعض الانزياحات الممتعة ذات النشوة المجازية الجديدة ، ومرد ذلك إِلى الغموض الذي يضاجع النصوص ، لكن هذا الغموض يتلاشى مع القراءات اللاحقة ، وتنكشفُ كثيراً من تلك العوالم التي رسمها المبدع . الأنا طافحة في النصوص بشكلٍ ملفت للنظر ، وقد ظهرت تلك " الأنا " بثوب حزين بائس يائس ، وهو ما جعل قراءتنا تتتبع تلك اللغة الحزينة المتسيدة على صفحات الديوان ، وهي قراءة وصفية موثقة بالنصوصِ .
          قصيدة النثر عالم إبداعيّ مصنوع صنعة محكمة ، عالم لغويّ ينمُّ عن صنعة وتلاعب حرّ وكبير في التراكيب والمفردات وانتقائها ، لذا فهي تقترب كثيراً من ثقافة كاتبها ، ومن سعة اطلاعه، أَو ما يسمى بنص الثقافة ، إِذ تنقل الثقافة أكثر من نقل المشاعر والعواطف والأحاسيس ، ويعود السرّ في ذلك التلاعب خلق عوالم جديدة بعيدة عن الابتذال والاستهلاك المتداول ، وعندئذٍ فهي بحاجة إِلى وقفة تأمل مع كلّ فقراتها من لدن القرّاء ، ومع كلّ تراكيبها وصورها ، وهذا لا يعني عدم الوقوف مع النصوص الموزونة التي تهبُ القارئ اللذة والنشوة الموسيقيّة على الأقلّ إِبّان قراءتها . وكي تستعيض النصوص النثريّة ما للإيقاع من أَثرٍ جماليّ في النصّ الشعريّ ، عمدت إِلى الصورة المصنوعة ، أَو إِلى صناعة الصورة ، وإِلى انتقاء المفردة انتقاءً لا يبعد في بعض الأحايين عن التكلف ، وبناء تراكيب لغويّة ذات علاقات غير متوقعة ، والبحث عن خرقٍ متجددٍ لأُفق توقع القرّاء .

          من يقرأ ديوان " وخرّ موسى " يرحل من العالم المعيش بكلّ ما فيه من سوداوية وألم وبكل ما فيه من بسمة وفرح ، ليغوص في عالم منطفئ الأضواء ، معتم المفردات ، قد رحلت كلّ المفردات الدالة على البهجة والفرح بصيغٍ وتراكيب ظاهرة ، ورُبَّما يعود السبب إِلى الواقع المأساوي الذي يعيشه المبدع ، وليس ذلك ببعيد ، فهو قد وضع على غلاف مجموعته الأخرى ( الموت في بلدي يلهو مع الأطفال ومع الأحبة في الأسرة )[1] ، ولم يستولِ الموتُ على لغة النصّ فحسب ، وإِنَّما يشعر القارئ بالتعمد في صياغة نوع من اليأس في نصوص المجموعة كلّها ، وخلق عالم بائس حزين ، يقطر الانعزالية والرغبة في الابتعاد عن أية نسمة من نسائم الفرح ، وكأنّ المبدعَ غار في القاموس العربي باحثاً عن تلك اللفظة الانطفائية ليرصع بها نصوصه المُشكِّلة لعالمه الإِبداعي ، وقد نجح في ذلك ، حتّى ليشعر القارئ بِأَنَّ المبدع كان يتلذذ بذلك الحزن المخيم على كلماته ، إذ إن المجموعة كلها ذات نفس يائس سوداوي ، وما كان ذلك الانتقاء إِلا ليلاءم تجارب المبدع النفسيَّة والاجتماعيَّة ، وليعبر عن مكوناته الداخليَّة بكلِّ ما فيها ، ويحدث توازناً نفسيّاً عبر الكتابة الأدبيَّة .

          الغلاف يفضح أغلب ما تحته ، وغلاف ديوان " وخرَّ موسى " يتخذ من صورة لهيكل عظمي مشوّه لباساً له ، فضلاً عن ذلك أنَّ الصورة " الهيكل العظمي " بالرغم من تهشمه أَلا أنه منتصب ومتكئ على عبارة في المنتصف وهي " متُّ ولم يبكني سواي " ، ويبدو للقارئ تلذذ المبدع بالموت الذي لا يخطئ أحداً ، لكن من شدّة شوقه إِليه يناجيه بلغة التذمر من العيش ، ولا رغبة في البقاء ، وهذا متجسد في لغة " سعد المظفر " في هذه المجموعة .
          بعدما يترك القارئ الغلاف ويلج في الإهداء ، يلاحظ أمراً يؤكد ما بدا له من الغلاف ، إذ إن الشَّاعِر يستلذ بهذه الروح اليائسة واللغة المنطفئة ، حتَّى على مستوى الإهداء نلاحظه يقول : ( إِلى أَفضل أصدقائي الذي احتضن الموت قلبي ... هادي السيد قال لي يوماً ... أنتَ أَسوء أَصدقائي لقد خيبتَ ظني ، كتبتُ قصيدة نعيك لكنك لم تمت ) . وتوقيع الإهداء جاء باللغة ذاتها ( شكراً لتحريككم جثتي ) ، فما كان الهادي أفضل الأصدقاء إلا لأنه أمات المبدع ، وقد أثنى المبدع على المُهدى لهم لسبب وهو التعامل معه على أساس أَنه جثة .
          القصائد التي تضمها المجموعة ذات جوٍّ واحد ، ولغة واحدة ، وقد اتخذت بعض العنوانات الإشارة المباشرة إِلى مضمونها أَو إِلى الانطفاء والبؤس والتذمر من الواقع ، وثمة عنوانات مغرية بأَنها تختلف عن غيرها ، لكن بعد مصافحتها تتغير وجهة النظر تلك ، وتؤكد لغتها وبناؤها التركيبي على أنها حلقة من تلك الحلقات ، وثمة حضور للعنوان البريء أَيضاً ، وسنعرض بعضا من تلك القصائد :

          العنوان الدالّ :
          هو ذلك العنوان الذي يشيرُ إِلى ما تحته بصورةٍ جلّيَّةٍ ، ومن خلالها يعرف القارئُ أنَّه بإِزاء نصٍّ أقلّ ما يقالُ فيه إِنَّه حزين ، وله أمثلة كثيرة في الديوان ، ولا يخفى أَنَّ عنوان الديوان ينطوي تحت هذا النوع ، وقد أَجادَ العنوانُ في بيانِ ما تحته من لغة وصور وتراكيب . ومن الأَمثلة على سبيل التمثيل :-
          الشهيد .. أنا : غير العنوان اللغة وبكل صورها ذات الروح المغرقة في الابتعاد عن البهجة والأمل ، بعيدة عن لحظة الفرح ، وحتى عن الفرح بلقاء الله " جلّ وعلا " بعد الرحيل عن العالم الأرضي التعيس بحسب ما رسمه المبدع ، ومن الصيغ الظاهرة على سبيل التمثيل ( بكيت قبري [...] وأرخ جثتي الذابلة [...] صمتي الأخير [...] جثة رسمتُ لها قبراً )[ 1 – 2 ] .

          السجن : النصّ ذو لغة حزينة للغاية ، تحمل دلالات البؤس والرفض للحياة بصورتها المقيتة ، وقد عرض النصّ بجانب بؤس الذات ويأسها ، الضحكة والقهقهة على وجه السجان ، فيقول :
          ( رأيتُ نفسي في سيجارته
          جمرٌ ودخان
          أَموت وأخرق الأبواب
          ويرمي ظل ممدود
          الساق على الساق )[ 7 ] هذا المقطع من النصّ يصور مونولوج بين الذات وسجانها .
          أُفق دامي : العنوان هنا واضح ولا يحتاج إِلى إضاءة ، فهو دامٍ ، ربما يكون أقرب العنوانات إِلى الواقع العراقي ، فالدماء كانت وما تزال الأفق الأرحب للعين العراقية ، وفي هذا النصّ نرى قوله :
          ( تركته
          على الرصيف
          الذي يعشق خطوه
          اشتعلت أقدامه بالشمس
          وتسمر ظله
          ناديته
          يا جثة كان صاحبي
          وأَنا تحتسي عيناي دماك
          أزعق صاحبي
          أهمهم
          إِلى أين الرحيل
          تجر الصمت تتجاهل الصراخ ) [ 58 ]
          هذيان الأجوبة : يحمل العنوان صفة مذمومة ، وقد اقترنت بالإجابة ، وعندها تصبح الأجوبة فارغة هاذية غير ذات معنى ، وهو حالها في الواقع العراقي المعاش ، ويفتتحها الشَّاعِرُ بقوله :
          ( واقفٌ يهذي
          تعصف الريح به
          وشمس العذابات
          يوقظ الكلام بالكلام
          يذبح الصمت باللفظ
          يهتك السكون
          يدوس الزمان على الرصيف خيال
          ثواني العذاب ... شمس ... تراب )[ 78 ]

          العنوان المراوغ :
          المراوغة أُسلوب يعتمدُ الخداع ، إِذ إِنَّه يظهر شيئاً ويبطنُ خلافه ، وهو حيلة يستعملها المبدع لجذب الانتباه أَو لتسليط الضوء على أَمر مهم مقصود ، أَو على دلالة يرغب في تأكيدها ، ويسعى هذا العنوان إِلى السخريَّة أَحياناً والمفارقة أَحياناً أُخرى ، لكنه في الديوان جاء بريئاً من هاتين الصفتين ، لكنه لم يستطع وقد أَصابه العجز عن كشف ما تحته من لغة بائسة وصور سوداوية ، وما كان ذلك إِلا عن قصد المبدع ، فلغته هي هي أين كانت ، ومن الأَمثلة على هذه القصائد التي تحمل مثل هذه العنوانات على سبيل المثال :-
          ألوية الظفر : كأن العنوان يشي بالنصر والفرح ، ويدل على ذلك النصر للذات المبدعة ، لكن أي ظفر ؟ هل ما أَثبته في نهاية قصيدته " نبع التشتت " بقوله :
          ( أَخط في اللوح
          حزني
          فمن يمحو الكلمات )[ 22 ]
          إِنه الاستفهام الاستنكاري ، المتهكم بالواقع وبقدرته على السيطرة على الذات المبدعة ، وهذا هو الظفر الذي حصل عليه الشَّاعِر ، فنراه يقول في " ألوية الظفر " عن الشمس :
          ( وتغسلُ وجه المدينة بالعرق )
          ويسخر هازئاً من الحياة ومن العمل فيها بقوله :
          ( حمراء ... أفديها بقلبي
          وأَبقى صباغ أَحذية
          بكفي ... أرويها )[ 31 – 32 ] .

          أنت قلبي : العنوان يخدع القارئ بأَنه نص غزل ، لكنه غزل من نوع آخر ، التغزل بالموت والحزن ، فيقول :
          ( كان الحزن بجوف النجم
          يحاول أن يدرك
          قبل صباح الموت زجاجة القلب
          ويحضر جنية الحكايا
          من نعاس
          والخوف من وهم )[ 53 ]
          وهكذا تكون لغة النصّ بأكمله لتخلق أجواء حزن معتم .
          تجرد : يشي العنوان بتخلص الإنسان الأرضي من عالمه السفلي والارتحال إِلى عالم علوي ، والتخلص من شوائب الحياة الدنيا ، فكان العنوان تجرد ، يقول :
          ( توهج شعري الكلمات
          بدأ لساني يقطر حزناً
          ناغيت طفل القلب
          هل انسج لك وطناً
          قال أريده صحراء
          ونهاره مساء ) [ 55 – 56 ]
          صنع المبدع له في هذا المقطع عالما منطفئ ، صحراوي معتم ويتخذه وطناً ، فما كان طفل القلب إلا صورة أخرى للذات المبدعة .
          القصائد الأخرى لا تخرج عن هذين العنوانين ، العنوان الدال الذي يشير بكل يسر إِلى محتواه ، والعنوان المخادع الذي يوحي بأَننا أمام نص مغاير لما تعارفنا عليه من لغة القصائد الأخرى لكن نفاجئ بما يتضمنه من لغة حزينة وتراكيب يائسة .
          تجدر بنا الإشارة إِلى بعض العنوانات التي يمكن أن نسميها البريئة ، وهي التي لا تحمل دلالة سلبية ولا إيجابية ، ومنها ( جرائد ، رائحة الماء ، عرض مسرحي ، لغة الحروف ، ازحفي ، تواصل الليالي القادمة ، على الضفاف ) ، ولكن المضمون هو ذاته لم يتغير . سنعرض مقطعاً من نص " عرض مسرحي ، يقول الشَّاعِرُ :
          ( رسمتك مسرحاً من ورق
          وألقيت الدمع بوجه الجمهور
          قلت لهم ...
          إنَّ النصَّ منتفخ الجثة
          [ ....]
          إني أحيي وطني
          تراب الحرب وشمه بارود ) [ 65 ]
          ثم يختمه بقوله :
          ( سالت من عيني أنوار الأشياء
          صفق جمهور الفلاحين
          في المقبرة آخر عرض
          للأموات الباقين ) [ 66 ]
          العنوان بريء لا يحمل الدلالة التي يتضمنها النصّ ، ويمكن القول إنه وعاء يتقبل ما يملى به ، وقد جعله الشَّاعِر معتماً غامضاً ، وبقايا من عظام بالية .
          ثمة إشارة أخيرة وهي يتضمن الديوان نصاً يختصر الرحلة مع الديوان بأكملها وهو ( وجهي والعصفور ) ، فيه تتجلى كلّ طاقات المبدع في خلق الأجواء والفضاءات السوداوية والحزينة البائسة اليائسة .
          في الختام لغة الديوان بصورة إجماليّة لغة حزينة يائسة بائسة ، متذمرة من الواقع وما فيه ، ولا يتوقعُ القارئ من الديوان أَيَّة نسمة للغة التفاؤل والحياة ، وحتى قصائد الإهداء أَيضاً اللغة ذاتها تسربلها ، أَضف إِلى ذلك الغزل كان بالنسج نفسه ، وعندها نقول أَنَّ الشَّاعِرَ صنع عالمه اللغويّ الخاص بحزنه وألمه ، ربّما يعكسُ ذلك شيئاً من نفسيته وواقعه المعيش .

          الإحالات :
          _____________[*] – الديوان للشاعر العراقيّ " سعد المظفر " ، المولود عام 1962 م ، في قضاء المدينة / محافظة البصرة ، عاش شطراً من حياته في محافظة كركوك ، ثم عاد إِلى موطنه ، يعيش الآن زاهداً ، له مجاميع شعرية طبعها على نفقته الخاصة بنسخ ذات عدد خيالي ، لا تتجاوز النسخ العشرين نسخة ، ومن تلك الدواوين : جمهورية الأرصفة ، وزلة عشق .
          [1] - ظهر الغلاف من : جمهورية الأرصفة .[/frame]

          تعليق

          • ركاد حسن خليل
            أديب وكاتب
            • 18-05-2008
            • 5145

            #6
            [frame="14 10"]
            سم الله الرحمن الرحيم

            خاص بمسابقة قراءة في كتاب
            عنوان الكتاب : الدلفين يأتي عند الغروب

            الصنف الأدبي :رواية علمية
            الناشر: دار الفتى العربي بيروت لبنان
            الطباعة:مطبعة البابا بيروت لبنان
            الطبعة الأولى 1983
            مقاس الأوراق 20 سنتمترا على 14 سنتمترا
            عدد الصفحات 150 صفحة تقريبا
            الكاتب: صنع الله إبراهيم،ولد في القاهرة سنة 1937،درس القانون ثم الإخراج السنمائي، عمل في الصحافة،ذاع صيت روايته الأولى( تلك الرائحة) وترجمت إلى الأنجليزية،شغف بعالم الحيوان والطبيعة،وجعل منها موضوعا لعدة روايات تعتبر الأولى من نوعها،حازت روايته(يوم عادت الملكة القديمة)جائزة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التابعة للجامعة العربية سنة 1982.
            قراءتي في الكتاب:
            كتاب اقتنيته وأنا لم أزل بعد في الخامسة عشرة من العمر،قرأته حينها مراهقا مندفعا ،واليوم أقرأه باندفاع المراهقة، وعلى ما رسخ في ذهني من أحداث منذ أكثر من خمسة وعشرين عاما أستغرق من جديد في متاهة واضحة الدروب غير عصية على الفكر،فهي قصة علمية تتحسس عنفوان الأطفال وهم على أهبة الغوص ليسبروا أغوار عالم لم يروه بهذه الطريقة،وبإرشاد من الوالدين يتشرب القلب أسمى تعبير وأنبل صياغة،فلا يزال الخيط الذي مده المخرج السينمائي والكاتب صنع الله إبراهيم، يجتذبك فلا تنفك تطارده في غير ملل ولا كلل،وحيثما اغترفت أزلت ظمأ المعرفة وحل محله رِيُّ الفكرة وعذوبة القراءة،تلك حكاية الصغيرة نادية في عامها الثاني عشر وقد وعدها أبوها الذي يعمل في مجال الأبحاث العلمية البحرية برحلة ممتعة إذا نجحت إلى عام جديد ،وكان الوالد عند وعده،وبدأت التحضيرات على قدم وساق لجمع المتاع اللازم، ثم ركب الجميع السفينة فراحت تمخر عباب البحر ،ونادية تقف مندهشة أما روعة المنظر فالماء يمتد إلى اللانهاية والدلافين تقفز من حين لآخر فتسحر الصغيرة بقوامها الرشيق،وحركاتها الجذابة،ورفع الأب بصره عاليا فأومأ للصغيرة أن الجو ينبئ بعاصفة قادمة،وكان ما كان من صخب وتلاطم وفوضى وجلبة سببتها الأمواج الهادرة وهي تصفع السفينة من كل جهة، ولما انقضت العاصفة استيقظت الفتاة وحيدة على إحدى الشواطئ العربية الجنوبية، أجالت بصرها حول جسدها فكانت بعض الخدوش عليه ،وتمزقت سترتها ،واستعادت وعيها .تلفتت في كل جهة فلم تر أي أحد تعرفه أولا تعرفه،لاشيء غير الرمال والصخور وصوت الماء يندفع فيغمر طرف الشاطئ ثم ينحسر في شوق إلى عرض اليم،والكثير من الطيور على الصخور الممتدة،نهضت لتسير فأدركت أنها بلا حذاء، تمالكت نفسها وقاومت لذعات الرمل الحارق،وحِدة الصخور،فلم تسلم من الجراح، فأشغلتها المسيرة عن همومها وأنستها فقدان والديها ،لكن الليل كان سريعا القدوم، وما إن أستل ستاره حتى اندفعت الذكريات أمامها وانتابها القلق والحزن إلى أن غفت فما استفاقت إلا على همسات الطيور في الصباح النقي،ولأنها وحيدة فلا مجال للتراجع،استحضرت كل ما تعرف من مغامرات ،من السندباد إلى حي بن يقظان،وبادرت لصنع راية بسترتها فوجدت عودا متينا ثبتتها عليه ومضت إلى أعلى المرتفع وجمعت الأحجار ليزداد صمود العود.
            وبين الحين والحين يستطرد الكاتب في أسلوب علمي أدبي أنيق،إذ بينما هو يقتادنا مع الفتاة في مغامراتها يلقي درسا حول الحياة في تلك المنطقة ،حيوانات بحرية.. سلاحف تحفر لتضع البيض..ومخلوقات غريبة كالسمكة التي تخزن نفسها في الرمل فلا يظهر منها إلا فوهة صغيرة..وطيور تطارد فراخ السلاحف حين فقسها ،ونباتات تأقلمت مع البيئة المائية،فصنعت حولها غشاء مخاطيا حتى لا تتلف الأمواج سيقانها،وسراطينُ ضعيفة الجسم تبحث عن قواقعَ على مقاسها فتأوي إليها مدة،حتى إذا نما جسمها وضاق المسكن مضت من جديد في رحلة البحث عن مأوى أوسع.
            وبين هذه وتلك تستمر الفتاة في مغامراتها ،فقد صنعت من النباتات حذاء بسيطا يحمي قدميها الصغيرتين من حرارة الرمل ويقيها حدة النتوءات الصخرية،واتخذت عصا تدافع بها وتدفع عنها المتطفلين،ثم يأخذنا الكاتب في مشهد أقرب إلى السينمائية منه إلى الأدبية،فبينما الصغيرة ملتفة داخل كهفها الضيق هبت العاصفة مزمجرة صارخة وتلاطم الموج في غضب وعنفوان،حتى بلغ مدخل الكهف فمضت الفتاة تحاول صده بكل ما أوتيت من قوة إلى أن وهنت قواها ،ثم انحسر الغضب واستكان الأفق،واستعادة الطفلة هدوءها،فمضت تسجل على جدار الكهف هذا المشهد المفزع .. تنقش بصخرة صغيرة كل التفاصيل لتضمها إلى بقية المعلومات المحفورة هناك،فكونت سجلا منظورا عن مغامراتها ليقرأه كل زائر،وتتباهى بنباهتها وذكائها فكل صغير مكانها كان سينسى كل شيء فكيف يفكر في تسجيل ملاحظات علمية على جدار كهف مظلم.
            وفي إحدى جولاتها الاستكشافية المنفردة كانت الفتاة قرب الشاطئ فسمعت صراخا جذب انتباهها،تقربت فإذا به دلفين صغير ،ابتهجت ابتهاجا لا حد له،لكن الحيوان متعب مرهق ،كاد يغرق حين انفلت من بين يديها،ثم اختفى ،فتجهم وجهها حزنا،وسرعان ما التقت بصديقها من جديد ،فأسمته (فن فن) ووجدت في هذا الوافد ما ينسيها أساها، وراحت تفرغ في مسمعيه ثرثراتها المعهودة، وتمارس معه هوايتها في الحديث دون انقطاع كما يقول الكاتب.
            وهكذا كل مساء تترقب نادية الشاطئ وتنادي: هيا يا فن فن ،كأنما هي (علي بابا) حين ينادي افتح يا سمسم.. فيقبل الدلفين مرحا سعيدا يداعبها وتلاعبه ،تتلمس جسمه الذي برع الكاتب في وصفه كما برع في وصف كل الكائنات التي تعيش هناك،وقبل حلول الظلام ينفلت الصغير من بين أحضان الفتاة عائدا إلى الماء ملوّحا في إشارة للوادع حتى اللقاء الجديد.
            وفي ذات يوم بينما كانت الصغيرة تترقب الأمل،لمحت من بعيد ظلالا، خُيّل لها أنه قارب كبير،اندفعت إلى الأسفل تتأكد مما رأت ،فإذا بها مجموعة من الرجال قدموا للبحث عنها،واستغرقت الفتاة في حزن ممزوج بالفرحة،فهي ستغادر بيئة تربت فيها أياما وكونت صداقات بريئة لا تعرف المراوغة،ومن جهة ستعود إلى أسرتها التي اشتاقت إليها أيما شوق،وراحت الصغيرة تلحّ على الوافدين أن يصطحبوها ويصورا ما كتبت على جدران الكهف،ويلتقطوا مشاهد لكل متر في الجزيرة الخضراء الصغيرة.
            ثم ركب الجميع القارب،ووجّه القبطان الأمر بالعودة،وبينما هم يشقّون عباب البحر،أقبل دلفين من بعيد يقفز ويعود إلى الماء محاولا اللحاق بالسفينة،تطلعت نادية وبعض الدموع تنحدر على وجنتيها فأدركت أنه فن فن ،لعله يريدها أن تبقى معه .وأمر القبطانُ فألقيت الشباك واصطاد الرجال الحيوان الصغير،وما هي إلا لحظات حتى قبع ممددا على غير إرادة منه فوق القارب ،فاندفعت نادية تبكي وترشه بالماء،وتصرخ.. أتركوه إنه صديقي .. أرجوكم،وأمام إلحاح طفولي انكسرت شوكة التصلب،فنادى القائدُ :أعيدوه إلى البحر،وارتطم الدلفين بصفحة الماء فسرت الحياة فيه من جديد،وأقبلت مجموعة من الدلافين تطارد القارب كأنما تحاول أن ترد جميل الفتاة.
            رفعت نادية بصرها ولاحت لها الراية التي نصبتها في الأعالي ،ومدت يدها تربت على عصفورها الصغير (مينو) الذي أبى إلا أن يصحبها ويفارق جزيرته.
            وعلى شعور الاستكانة والشوق غادرت الفتاة الأرض العذراء وهي تعلم أنها لن ترى فن فن من جديد،أو تتمنى أن يحالفها الحظ فتأوب مرة أخرى لتنعم بالحياة أياما في جنة عرفت منها الكثير الكثير.
            هكذا كانت الرحلة التي أخذانا فيها الكاتب صنع الله إبراهيم،مع الصغيرة نادية،رحلة أشبه بتلك المشاهد الني نراها في القنوات العلمية حين يبث شريط يصور الحياة البحرية.لكنها مع الكاتب ألذ وأمتع فالحروف والكلمات لا تنفك تبعث في نفسك الشعور بالنشوة والمتعة مع كل مشهد، وبالسمة الموسوعية التي تناثرت بين الصفحات متمثلة في سعة المعلومات ودقتها ،والصور الفوتوغرافية التي المبثوثة بين الأحداث لتأخذ القارئ في رحلة أقرب إلى الواقعية ،تعتريك الدهشة من عظمة الخالق فلا تملك إلا التسبيح لقدرته التي تفرد بها فاوجد الطبيعة بزخم حياتها وامتداد أنفاسها منذ الأزل إلى أن يشاء، وأمام ميزة المتعة عند القارئ الكبير،نجد القارئ الصغير فوق ذلك يكتسب المعرفة العلمية،ويخوض المغامرة بعينيه وعقله وقلبه وروحه،فيتشرب اللغة والأسلوب الرصين في طعمها العلمي،ويعرف جانبا من ثراء الطبيعة العربية بشواطئها الساحرة وجزرها اليافعة.
            ورغم الأسلوب العلمي الغالب في سرد الأحداث إلا أن رهبة الحبكة الأدبية، ونكهةً خفيفة من البيان منحتا الروايةَ طعما لا أظن أحدا ينساه إذا أتم القراءة.[/frame]

            تعليق

            • حسين يعقوب الحمداني
              أديب وكاتب
              • 06-07-2010
              • 1884

              #7
              شكر للموضوع .... نتابع معكم بكل ودّ
              .....لمطالعة المشاركات
              نتمنى للموضوع النجاح مع التقدير للمجهود البذول

              تعليق

              • عبير هلال
                أميرة الرومانسية
                • 23-06-2007
                • 6758

                #8
                مساؤكم ورد

                القراءات بديعة للغاية ..

                واضح جدا الجهود الجبارة المبذولة بها


                كما أشكر القدير

                ركاد لجهوده ..

                تم التصويت بالتوفيق للجميع

                أرق تحياتي
                sigpic

                تعليق

                • مليكه محمد
                  ملكة القلوب
                  • 20-07-2012
                  • 297

                  #9
                  تصويتي

                  أشكركم على حرصكم الدؤوب
                  وتصويتي كالتالي لأنه لايمكن التصويت إلا لاختيار واحد فقط وكنت أرغب بأمرين
                  رحلتي من الشك إلى الايمان أو قراءة في ديوان وخرّ موسى
                  وشكرا
                  قد كان لي أمل تبعثر في الليالي.. و اندثر
                  قد كان لي عمر ككل الناس..ثم مضى العمر
                  فاروق جويدة
                  همسة : ما زلت " طالبة " فضلا لا أحب أن يناديني أحد ما " أستاذة " ، ودمتم بود

                  تعليق

                  • فاطمة الضويحي
                    أديب وكاتب
                    • 15-12-2011
                    • 456

                    #10
                    جهود جبارة ، بارككم ربي وسددكم ..
                    اخترت (رحلتي من الشك إلى اليقين)
                    لكن المشاركات قليلة !
                    قراءة مختصرة مع مراعاة الشمولية .
                    وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
                    ذكريات عبرت مثل الرؤى : ربما أفلح من قد ذكرى
                    ياسماء الوحي قد طال المدى: بلغ السيل الزبى وانحدرى

                    تعليق

                    • منتظر السوادي
                      تلميذ
                      • 23-12-2010
                      • 732

                      #11
                      بارك الله فيكم
                      جهود كبيرة
                      ونتمنى ان يتزايد عدد المشتركين

                      لك أستاذنا ركاد
                      باقات من الياسمين
                      الدمع أصدق أنباء من الضحك

                      تعليق

                      • شيماءعبدالله
                        أديب وكاتب
                        • 06-08-2010
                        • 7583

                        #12
                        السلام عليكم ورحمة الله
                        أستاذ ركاد حسن تحية تليق وكل عام وأنت بخير أعاد الله عليكم رمضان أعواما عديدة وبارك بكم
                        وسلمكم الله على هذا الجهد الراقي
                        وقد صافحنا نصوص هذه الصفحة المميزة وصوتنا ..
                        نسأل الله لكم التوفيق والسداد ولكل من شارك النجاح الدائم والعمل المثمر
                        شاكرين روعة تعاملكم وعطاءكم
                        تحيتي وتقديري

                        تعليق

                        • محمد فهمي يوسف
                          مستشار أدبي
                          • 27-08-2008
                          • 8100

                          #13
                          قرأت أمس هذه الباقة العطرة
                          من خلاصة قراءات المتسابقين الكرام
                          فأضفت إلى معرفتي الثقافية بالكتب التي شلمتها المسابقة
                          إضافات ثرية تجعلني أعاود قراءة تلك الكتب من ألفها إلى يائها
                          عندما تتاح لي الفرصة قريبا مرة أخرى
                          لمزيد من الغوص في حروف وكلمات مؤلفيها أنفسهم
                          جزاك الله عنا أخي الفاضل الأستاذ ركاد خيرا
                          لما تقدمه للقاريء العربي من زخيرة أدبية وثقافية يمكن أن يضيفها
                          إلى مكتبته الذهنية ،
                          ودعوة للإخوة أعضاء الملتقى بتصفح الموضوع
                          برغبة في التعرف إلى تلك الكتب بتأن ودقة والحكم على قارئيها لكم
                          وشكرا للجميع.

                          تعليق

                          • ركاد حسن خليل
                            أديب وكاتب
                            • 18-05-2008
                            • 5145

                            #14

                            وأنا بدوري أشكرك على مرورك ومتابعتك العطرة
                            الأستاذ الفاضل حسين يعقوب الحمدان
                            كل عام وأنتم بألف خير
                            تحياتي لك
                            تقديري ومحبتي
                            ركاد أبو الحسن
                            المشاركة الأصلية بواسطة حسين يعقوب الحمداني مشاهدة المشاركة
                            شكر للموضوع .... نتابع معكم بكل ودّ
                            .....لمطالعة المشاركات
                            نتمنى للموضوع النجاح مع التقدير للمجهود البذول

                            تعليق

                            • ركاد حسن خليل
                              أديب وكاتب
                              • 18-05-2008
                              • 5145

                              #15

                              الأستاذة الشاعرة الراقية الأميرة أميرة عبدالله
                              مرحبًا بك واهلاً
                              أشكرك من القلب على هذا المرور الطّيب العطر
                              تقديري ومحبتي
                              ركاد أبو الحسن

                              المشاركة الأصلية بواسطة أميرة عبد الله مشاهدة المشاركة
                              مساؤكم ورد

                              القراءات بديعة للغاية ..

                              واضح جدا الجهود الجبارة المبذولة بها


                              كما أشكر القدير

                              ركاد لجهوده ..

                              تم التصويت بالتوفيق للجميع

                              أرق تحياتي

                              تعليق

                              يعمل...
                              X