ومكنا للعصافير
(قطراتٌ من دموعي للراحل حلمي سالم)
بعد أن بهتَ اللّونُ
وانصاعتْ حكمةُ مولانا
لنداءِِ القبرِ
هاجتْ أمكنةٌ من قلبِ مطارحها
وانزاحتْ أزمنةٌ
نحو ضياعِ العُمرِ.
كُلُّ عصافيرِ البحرِ
كالوتدِ المخلوعِ على سهوٍ
جاءتْ
مِجدافاً نزّاعاً لصمامِ الأمنِ
عزّافاً من زهري.
أدركها الوسنُ المزهوُّ بنصري
كي تصبحَ سوسنةً
في مفرقِ مقتولٍ
منثورٍ في بهوِ الدّلتا
مزروعٍ في نحرِ القصرِ.
أرّقها من سحري
يومٌ للزينةِ منصوبٌ
أو خوفٌ من لعنةِ موسى
إذْ يَلعنني قريباً من ظهري.
كُنتُ أسميها عند خروجي
من قُمْقُمِ مولايَ
طلعَ الثّمرةِ من شجري.
أنّي قد مكنتُ عصافيري
مركبةً كي تصعدَ للتلِّ
ترقبُ آلهةً تخرجُ من شُطآنِ الوادي
في زيٍّ محبوكٍ كالماضي
تحبسُ خلفَ الأضلاعِ
شعباً من عطرِ.
أحصنةً لسباقٍ ما عاشتْ
حتى أدركها المللُ
ألقاني بعد الصخرِ
صخراً مكسورَ الوجدانِ
حمّالاً جثةَ أحفادي
كي أخفيَها قبل شروقِ الشمسِ
دمعاً...دمعاً...دمعا
دمعاً من مطرِ.
د. السيد عبد الله سالم
المنوفية – مصر
تعليق