عصفور فهم معنى الحرية
كان يا مكان... داخل أحد البيوت فى شارع من شوارع (مصر المحروسة) تقطن أسرة وليد وهو فتى يبلغ من العمر عشرة سنوات وهو ابن وحيد لذا فقد اشترى له والداه عصفور جميل منذ أن كان فى السابعة من عمره، وقد أطلق عليه وليد اسم توتى,الرائع فى الأمر أن كلاهما صار أعز صديق بالنسبة للآخر.
ولكن حكاية عصفورنا مع الدنيا لم تبدأ بعد،وانما بدأت حين كان وليد يحتفل مع عصفوره توتى بمرور ثلاثة سنوات على صداقتهما،ولكن وبسبب شدة سعادة وليد واشغاله فى الاحتفال نسى أن يغلق باب القفص بالقفل الخاص به وقد كان القفص موضوع فى شرفة المنزل،وخلد وليد الى النوم، وعندما لاحظ توتى هذا الأمر أخذت فكرة الخروج الى الدنيا تراوده وظل يفكر فى الأمر ويقول لنفسه: وليد صديقى العزيز والوحيد وأنا أحبه كثيرا ولكنى أتمنى رؤية ذلك العالم الواسع وراء هذا القفص......
وبعد تفكير مطول قرر الخروج الى الدنيا مبررا ذلك لنفسه بأن تلك الفرصة لن تتكرر مرة اخرى، وأنه لن يشتاق لصديقه وليد لأنه سوف يعود لزيارته.
ولكن عصفورنا الصغير لم يكن يعرف ما ينتظره وراء هذا القفص.
والآن هيا بنا نتفقد حال توتى.......
هاهو قد خرج وللمرة الأولى الى الدنيا وقد فرح بذلك فرحا شديدا وأخذ يحدث نفسه وهو فى حالة انبهار ويقول: هل حقا كل هذا الفضاء الشاسع موجود خلف أبواب قفصى؟!وقد كنت محروما من كل هذا!!!
وقرر أنه ليس عليه تفويت ثانيه واحدة دون أن يستمتع فيها بذلك العالم الكبير من حوله،وانطلق الصغير ليبدأ رحلته،أهم تجربة فى حياته.
ظل توتى يحلق ويحلق حتى وصل الى مطعم فخم وجميل وقرر الدخول لرؤية الناس الموجودين فيه وحين دخل الى هناك رأى الكثير من الناس الذين يتناولون الطعام،وعندما رأوه أخذوا ينظرون اليه بحب واعجاب، فاطمئن صغيرنا المسكين اليهم ووقف على احدى الطاولات فاذا به يفاجىء بيد أحد الجالسين على الطاولة ترتطم بجسده كمحاولة لابعاده عن طعامهم ظنا منه أن توتى يرغب فى تناول طعامه هو وعائلته، فسقط توتى على الأرض وأصاب احدى قدميه، ومن ثم أخذ الناس يصيحون منادين على أصحاب المطعم ليخرجوا ذلك العصفور من المطعم خوفا منهم من أن يلوث طعامهم، قاوم توتى ألمه وحلق بعيدا خارج المطعم وظل يحلق حتى وصل الى سطح أحد البيوت، ومن ثم وقف هناك للاستراحة، وبينما هو يريح قدمه فاذا بأولاد مشاغبين يمسكون به ويضغطون على جسده وينقلونه من يد الى يد ظانين أنهم بهذا يلعبون معه، فظل توتى يعافر من أجل الهروب من بين أيدى هؤلاء المشاغبين، وبالفعل نجح فى الهروب منهم.
وعاد يحلق مرة أخرى حتى وصل الى مكان خالٍ من هؤلاء البشر المجانين، هذا المكان هو على شاطىء البحر المتوسط بالاسكندرية ولم يكن أحد هناك لأنهم كانوا فى فصل الشتاء.
جلس توتى يفكر فى وضعه المأساوى ويقول لنفسه:ماذا أفعل الآن؟ أنا مصاب ولا أعرف الى أين أذهب؟ كما أننى جائع،ياليتنى لم أترك منزلى فهذا العالم أكبر من مقدرتى،ترى ماذا يفعل وليد الآن؟هل تراه نسانى؟
فاذا بملاك يظهر فى السماء ويأتيه محلقا،انها عصفورة جميلة جاءته ووقفت بجانبه وحدثته قائلة من أنت؟وما الذى جاء بك الى هنا؟
فقص عليها حكايته، ثم سألها:ما اسمك؟وماذا تفعلين أنت هنا؟
فأجابته قائلة:أنا اسمى ليلو وأعيش هنا منذ ولادتى لذا فقد أصبحت أجيد الحياة فى ذلك العالم الصعب.
فحدثها توتى قائلا: كم أتمنى العودة الى صديقى وليد، لقد عشت أصعب تجربة فى حياتى ولا أعرف ان كانت ستنتهى على خير...
فقالت ليلو: أعرف عما تتحدث فقد تعاملت مع البشر من قبل وأعرف كم أن بعضهم متقلبون وعديموا الشعور وأحيانا مجانين.
ثم تابعت ليلو قائلة: أتريد العودة الى صديقك؟
فأجابها قائلا: بالطبع أريد، ولكن كيف؟
فقالت له: الم يذكر أمامك قط اسم الشارع الذى يقع فيه منزله؟
ففكر توتى قليلا ثم قال:نعم لقد سمعته مرة يتحدث فى الهاتف ويقول أنه يسكن فى منطقة محطة الرمل بالاسكندرية.
فابتسمت ليلو وسألت: ألا تقصد ذلك الشارع هناك؟
فقفز توتى فرحا وانطلق مسرعا حتى وصل الى منزل صديقه وليد وقد لحقت به ليلو.
وزادت سعادة توتى عندما رأى القفص لا زال موضوعا فى الشرفة، حيث أنه بهذا قد علم أن وليد لا زال ينتظره وأنه لم ييأس من عودته، وقبل أن يسرع الى قفصه عاد يفكر فى الأمر وفى أنه وبالرغم من قساوة تلك التجربة الى أنها كانت المرة الأولى التى شعر فيها أنه حر فيما أفعله، ولكنه كذلك كذلك قد اشتاق لصديقه وليد كما أنه يحتاج الى صديق مثله....
ترى ماذا يفعل ذلك الصغير؟
فنظر الى ليلو وطلب منها أن تساعده فى الخروج من حيرته.
فصمتت ليلو لوهلة ثم أجابته قائلة:لو كنت مكانك لما وجاءتنى فرصة الاختيار لما كنت أبدا لأتخلى عن حريتى، وكذلك لما كنت لأتخلى أبدا عن صديق يهتم لأمري.
فحدثها قائلا: لقد زدتى من حيرتى، كيف يمكننى الجمع بين كلا الأمرين؟
فأجابته قائلة: الأمر يرجع اليك وحدك وأنت الوحيد القادر على تحديد الخيار الصائب تعالى لنقف على سطح منزل صديقك وليد ولتفكر بهدوء وتروى.
أخذ توتى يفكر وهو فى حيرة لا يحسد عليها،وأثناء ما هو غارق فى التفكير فاذا به يسمع صوت باب أحد الشرفات يفتح انه باب شرفة وليد والشخص الذى خرج الى الشرفة هو وليد.
فى تلك اللحظة رأى توتى الثلاث سنوات التى قضاها مع وليد تجرى أمام عينيه وتذكر مدى قرب وليد منه ولغة التواصل الموجودة بينهما، فقرر الذهاب اليه ومحادثته كيف لم يكن يعرف!ولكن ثقته بوليد كانت تكفيه.
وانطلق توتى محلقا ووقف على سور شرفة وليد فوجىء وليد كثيرا ولكنه كان بمنتهى السعادة وأسرع يمسك بتوتى ولكن توتى كان يحلق بعيدا كلما حاول الامساك به.توقف وليد عن محاولة الامساك بتوتى وأخذ يفكر فى سر عودته ان لم يكن يريد الدخول الى قفصه.
خيم الصمت على المكان وأخذ كل منهما يحدق بالآخر.
فظل وليد يفكر ويفكر حتى فهم موقف توتى.
فابتسم ونظر الى توتى وأخذ يحدثه وكأن توتى سوف يجيبه ويقول: نعم، لقد فهمت... أنت تريد حريتك ولكنك بحاجة الى من يساعدك فى الحفاظ عليها... لا تقلق يا صديقى سوف اعطيك كل ما تحتاج اليه وكذلك سأتركك تخرج الى الدنيا وتعود وقتما احتجتنى،ولكن الآن تعالى معى لأعالجك وبعدها أتركك تفعل ما تريد.
ومن ثم مد وليد يديه لتوتى لكى يأتى معه لمداواة جروحه.
سر توتى كثيرا لأن وليد لم يخيب ظنه،وفى هذا الوقت ظهرت ليلو فاستنتج وليد أن توتى قد وجد شريكة حياته....
وبعدما شفى توتى أمسك وليد بكلا العصفورين وأطلق سراحهما ليتجولا بحرية،وودعهم وهو يقول:الى اللقاء لا تقطعوا الزيارات.
وهكذا استرد عصفورنا حريته ولكنه لم يستغن عن صديقه،وكذلك فان ليلو قد فازت بصداقة انسان رائع ووفى، وقد فاز كلا العصفورين كذلك بالآخر....
بقلمى.gif)
كان يا مكان... داخل أحد البيوت فى شارع من شوارع (مصر المحروسة) تقطن أسرة وليد وهو فتى يبلغ من العمر عشرة سنوات وهو ابن وحيد لذا فقد اشترى له والداه عصفور جميل منذ أن كان فى السابعة من عمره، وقد أطلق عليه وليد اسم توتى,الرائع فى الأمر أن كلاهما صار أعز صديق بالنسبة للآخر.
ولكن حكاية عصفورنا مع الدنيا لم تبدأ بعد،وانما بدأت حين كان وليد يحتفل مع عصفوره توتى بمرور ثلاثة سنوات على صداقتهما،ولكن وبسبب شدة سعادة وليد واشغاله فى الاحتفال نسى أن يغلق باب القفص بالقفل الخاص به وقد كان القفص موضوع فى شرفة المنزل،وخلد وليد الى النوم، وعندما لاحظ توتى هذا الأمر أخذت فكرة الخروج الى الدنيا تراوده وظل يفكر فى الأمر ويقول لنفسه: وليد صديقى العزيز والوحيد وأنا أحبه كثيرا ولكنى أتمنى رؤية ذلك العالم الواسع وراء هذا القفص......
وبعد تفكير مطول قرر الخروج الى الدنيا مبررا ذلك لنفسه بأن تلك الفرصة لن تتكرر مرة اخرى، وأنه لن يشتاق لصديقه وليد لأنه سوف يعود لزيارته.
ولكن عصفورنا الصغير لم يكن يعرف ما ينتظره وراء هذا القفص.
والآن هيا بنا نتفقد حال توتى.......
هاهو قد خرج وللمرة الأولى الى الدنيا وقد فرح بذلك فرحا شديدا وأخذ يحدث نفسه وهو فى حالة انبهار ويقول: هل حقا كل هذا الفضاء الشاسع موجود خلف أبواب قفصى؟!وقد كنت محروما من كل هذا!!!
وقرر أنه ليس عليه تفويت ثانيه واحدة دون أن يستمتع فيها بذلك العالم الكبير من حوله،وانطلق الصغير ليبدأ رحلته،أهم تجربة فى حياته.
ظل توتى يحلق ويحلق حتى وصل الى مطعم فخم وجميل وقرر الدخول لرؤية الناس الموجودين فيه وحين دخل الى هناك رأى الكثير من الناس الذين يتناولون الطعام،وعندما رأوه أخذوا ينظرون اليه بحب واعجاب، فاطمئن صغيرنا المسكين اليهم ووقف على احدى الطاولات فاذا به يفاجىء بيد أحد الجالسين على الطاولة ترتطم بجسده كمحاولة لابعاده عن طعامهم ظنا منه أن توتى يرغب فى تناول طعامه هو وعائلته، فسقط توتى على الأرض وأصاب احدى قدميه، ومن ثم أخذ الناس يصيحون منادين على أصحاب المطعم ليخرجوا ذلك العصفور من المطعم خوفا منهم من أن يلوث طعامهم، قاوم توتى ألمه وحلق بعيدا خارج المطعم وظل يحلق حتى وصل الى سطح أحد البيوت، ومن ثم وقف هناك للاستراحة، وبينما هو يريح قدمه فاذا بأولاد مشاغبين يمسكون به ويضغطون على جسده وينقلونه من يد الى يد ظانين أنهم بهذا يلعبون معه، فظل توتى يعافر من أجل الهروب من بين أيدى هؤلاء المشاغبين، وبالفعل نجح فى الهروب منهم.
وعاد يحلق مرة أخرى حتى وصل الى مكان خالٍ من هؤلاء البشر المجانين، هذا المكان هو على شاطىء البحر المتوسط بالاسكندرية ولم يكن أحد هناك لأنهم كانوا فى فصل الشتاء.
جلس توتى يفكر فى وضعه المأساوى ويقول لنفسه:ماذا أفعل الآن؟ أنا مصاب ولا أعرف الى أين أذهب؟ كما أننى جائع،ياليتنى لم أترك منزلى فهذا العالم أكبر من مقدرتى،ترى ماذا يفعل وليد الآن؟هل تراه نسانى؟
فاذا بملاك يظهر فى السماء ويأتيه محلقا،انها عصفورة جميلة جاءته ووقفت بجانبه وحدثته قائلة من أنت؟وما الذى جاء بك الى هنا؟
فقص عليها حكايته، ثم سألها:ما اسمك؟وماذا تفعلين أنت هنا؟
فأجابته قائلة:أنا اسمى ليلو وأعيش هنا منذ ولادتى لذا فقد أصبحت أجيد الحياة فى ذلك العالم الصعب.
فحدثها توتى قائلا: كم أتمنى العودة الى صديقى وليد، لقد عشت أصعب تجربة فى حياتى ولا أعرف ان كانت ستنتهى على خير...
فقالت ليلو: أعرف عما تتحدث فقد تعاملت مع البشر من قبل وأعرف كم أن بعضهم متقلبون وعديموا الشعور وأحيانا مجانين.
ثم تابعت ليلو قائلة: أتريد العودة الى صديقك؟
فأجابها قائلا: بالطبع أريد، ولكن كيف؟
فقالت له: الم يذكر أمامك قط اسم الشارع الذى يقع فيه منزله؟
ففكر توتى قليلا ثم قال:نعم لقد سمعته مرة يتحدث فى الهاتف ويقول أنه يسكن فى منطقة محطة الرمل بالاسكندرية.
فابتسمت ليلو وسألت: ألا تقصد ذلك الشارع هناك؟
فقفز توتى فرحا وانطلق مسرعا حتى وصل الى منزل صديقه وليد وقد لحقت به ليلو.
وزادت سعادة توتى عندما رأى القفص لا زال موضوعا فى الشرفة، حيث أنه بهذا قد علم أن وليد لا زال ينتظره وأنه لم ييأس من عودته، وقبل أن يسرع الى قفصه عاد يفكر فى الأمر وفى أنه وبالرغم من قساوة تلك التجربة الى أنها كانت المرة الأولى التى شعر فيها أنه حر فيما أفعله، ولكنه كذلك كذلك قد اشتاق لصديقه وليد كما أنه يحتاج الى صديق مثله....
ترى ماذا يفعل ذلك الصغير؟
فنظر الى ليلو وطلب منها أن تساعده فى الخروج من حيرته.
فصمتت ليلو لوهلة ثم أجابته قائلة:لو كنت مكانك لما وجاءتنى فرصة الاختيار لما كنت أبدا لأتخلى عن حريتى، وكذلك لما كنت لأتخلى أبدا عن صديق يهتم لأمري.
فحدثها قائلا: لقد زدتى من حيرتى، كيف يمكننى الجمع بين كلا الأمرين؟
فأجابته قائلة: الأمر يرجع اليك وحدك وأنت الوحيد القادر على تحديد الخيار الصائب تعالى لنقف على سطح منزل صديقك وليد ولتفكر بهدوء وتروى.
أخذ توتى يفكر وهو فى حيرة لا يحسد عليها،وأثناء ما هو غارق فى التفكير فاذا به يسمع صوت باب أحد الشرفات يفتح انه باب شرفة وليد والشخص الذى خرج الى الشرفة هو وليد.
فى تلك اللحظة رأى توتى الثلاث سنوات التى قضاها مع وليد تجرى أمام عينيه وتذكر مدى قرب وليد منه ولغة التواصل الموجودة بينهما، فقرر الذهاب اليه ومحادثته كيف لم يكن يعرف!ولكن ثقته بوليد كانت تكفيه.
وانطلق توتى محلقا ووقف على سور شرفة وليد فوجىء وليد كثيرا ولكنه كان بمنتهى السعادة وأسرع يمسك بتوتى ولكن توتى كان يحلق بعيدا كلما حاول الامساك به.توقف وليد عن محاولة الامساك بتوتى وأخذ يفكر فى سر عودته ان لم يكن يريد الدخول الى قفصه.
خيم الصمت على المكان وأخذ كل منهما يحدق بالآخر.
فظل وليد يفكر ويفكر حتى فهم موقف توتى.
فابتسم ونظر الى توتى وأخذ يحدثه وكأن توتى سوف يجيبه ويقول: نعم، لقد فهمت... أنت تريد حريتك ولكنك بحاجة الى من يساعدك فى الحفاظ عليها... لا تقلق يا صديقى سوف اعطيك كل ما تحتاج اليه وكذلك سأتركك تخرج الى الدنيا وتعود وقتما احتجتنى،ولكن الآن تعالى معى لأعالجك وبعدها أتركك تفعل ما تريد.
ومن ثم مد وليد يديه لتوتى لكى يأتى معه لمداواة جروحه.
سر توتى كثيرا لأن وليد لم يخيب ظنه،وفى هذا الوقت ظهرت ليلو فاستنتج وليد أن توتى قد وجد شريكة حياته....
وبعدما شفى توتى أمسك وليد بكلا العصفورين وأطلق سراحهما ليتجولا بحرية،وودعهم وهو يقول:الى اللقاء لا تقطعوا الزيارات.
وهكذا استرد عصفورنا حريته ولكنه لم يستغن عن صديقه،وكذلك فان ليلو قد فازت بصداقة انسان رائع ووفى، وقد فاز كلا العصفورين كذلك بالآخر....
بقلمى
.gif)

تعليق