أفكار بلا أزرار

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبد الرحيم التوراني
    أديب وكاتب
    • 09-08-2012
    • 25

    أفكار بلا أزرار

    أفكار بلا أزرار

    عبد الرحيم التوراني


    فكر في الجلوس في مقهاه المفضلة. طلب قهوته المعتادة. بلا سكر. تضاحك مع صاحبه النادل الجنوبي. لما حضرت شلة الأصدقاء انشغل عن صاحبه. تركه يعمل.
    حك رأسه وتراجع عن الذهاب إلى المقهى. قال:
    ـ لماذا لا أقوم بزيارة إلى المكتبة؟ أريد أن أقتني رواية جديدة للروائي علاء الأسواني.
    منذ قرأ لهذا الكاتب رواية "عمارة يعقوبيان"، فتش عن روايته "شيكاغو".
    دخل إلى المكتبة. لا أحد غيره جاء لاقتناء كتاب. الوقت صباحا. تساءل:
    - الناس منشغلون بما هو أهم من الروايات.
    قال: - ربما سخر مني عامل المكتبة لو علم أني استيقظت وجئت توا من فراشي لشراء نسخة من رواية. سأتعمد أني أبحث عن مؤلف جماعي يناقش القانون الدستوري.
    ضحك من نفسه ومشى صوب جناح رفوف الرواية. فوجئ أنهم استبدلوا مكانها بإصدارات الطبخ. طلب مساعدة المشرف. دله على ركن قصي. هناك جناح كتب الإبداعات العربية. جمعوا كتب القصة والرواية والسير ودواوين الشعر في رف واحد مشترك. برر المشرف ذلك بقلة نشر كتب الشعر والسير.
    عدل عن الذهاب إلى المكتبة. راودته فكرة الذهاب إلى "الجوطية"؛ سوق بيع الأشياء القديمة والمستعملة. فتش عن معطف قديم. ساوم بائعا ملتحيا أسمر.
    قال:
    ـ لو حلق هذا البائع لحيته لظننته الممثل يحيى الفخراني.
    هو يحب الأفلام والمسلسلات التلفزيونية التي يقوم ببطولتها هذا الفنان المصري.
    لم يتنازل يحيى الفخراني عن درهم واحد من الثمن الذي أعلنه. قال وهو ينظر إلى زبون آخر:
    ـ لقد جئتك من الأخير. لن أربح معك سوى البركة. ما عليك إلا أن تتوكل على الله. خذ المعطف يا رجل. هو من حظك. سيبدو جديدا لو تم إخضاعه لإبرة خياط وتم غسله.
    أدى الثمن وارتدى المعطف العسكري بلا أزرار. أخذت عيون المارة تلسعه. درجة الحرارة تقترب من الأربعين. والناس في الشاطئ.
    غير فكرته. طرح موضوع الذهاب إلى الجوطية جانبا. واستغنى عن شراء معطف قديم.
    استهوته فكرة النزول إلى الشاطئ. كان الشاطئ غاصا بالمستحمين. لو رميت إبرة لما وصلت إلى الأرض. اشترى مصاصة حمراء من بائع متجول. دارى بها جوعا حول أمعاءه إلى أوتار. اكتشف أنه تأخر عن الزواج كثيرا. غزا الشيب مفرقيه. تقدم إليه شخص متوتر واتهمه بالتحرش بصاحبته.
    قال الرجل:
    ـ كيف تسمح لك مروءتك أن تتحرش بزوجتي؟ من دون كل هذه القيامة من الأرداف لم يعجبك إلا ردفي امرأتي.. منذ الصباح وأنت تأكلها بعينيك الخبيثتين..
    كان سيرد عليه بأنه معجب فقط بموديل المايو وبزركشته. لكنه فطن بسرعة إلى العذر الأقبح من الزلة. كاد الأمر أن يتطور لولا أولاد الحلال.
    أبعد فكرة الزواج عن ذهنه. وعدل عن النزول إلى الشاطئ.
    جلس وحيدا يفكر. ماذا سيفعل بنفسه. هو هنا بسبب امرأة. هو لا يستطيع الذهاب إلى أي مكان. لا قدرة لديه على فعل ذلك. رغم أن مقهاه المفضلة والمكتبة وسوق الأشياء القديمة والمستعملة غير بعيد عن مكان تواجده. الشاطئ أيضا الوصول إليه لا يتجاوز نصف ساعة. نصف ساعة حسبها فوجدها تصل إلى حوالي سنة إلا بضعة أيام. هو في زنزانة محكوم عليه بسنة. لم يذكر لنا تفاصيلا حول سبب سجنه. يقول السبب امرأة ولا يضيف. يشرد. يدع فكره يتجول في المدينة ثم يعود إليه متعبا لينام جنبه
  • محمد فطومي
    رئيس ملتقى فرعي
    • 05-06-2010
    • 2433

    #2
    لا شكّ أستاذ عبد الرّحيم بأنّنا أمام قاصّ مُبدع اختبر جيّدا مواطىء القلم الأكثر تأثيرا و تشويقا و دعوة لمواساة هذا الإنسان الشقيّ الذي هو نحن بالنّهاية.
    لمستُ سلاسة و فرادة في تكوين الجمل القصيرة المُشبعة بالدّلالة.
    و تلك القفلة التي كانت أكثر من رائعة.

    أحسنت أخي الكريم.

    أهمس لك فقط بأن تُباعد بين نصوصك كي لا تُزاحم بعضها و تأخذ حظّها من القراءة و تفسح المجال للإخوة الأعضاء بأن يدلو بآرائهم بها في سعة.

    كن بخير و ودّ و مرحبا بك و بأدبك المتميّز.
    مدوّنة

    فلكُ القصّة القصيرة

    تعليق

    • ميساء عباس
      رئيس ملتقى القصة
      • 21-09-2009
      • 4186

      #3

      هذه الأزرار
      نثبتها بدبوس من أفكار

      قرأت الخوف أولا
      فقلت ربما هذا الأديب مبتدأ
      قرأت أفكار بلا أزرار ؟؟؟؟؟
      مخضرم المشاعر
      معتق الأدب
      الجميل عبد الرحيم
      نعم قصة جميلة جداااااااا
      عفوية وبساطة ماأجملها
      وأنت توظفها لخدمة الأحداث
      ممتعة جدا
      مشوّقة
      سخرية ولاأروع

      وعذرا
      منك
      لايجوز أن ينشر الأديب عمل إلا بعد أربعة أيام
      وهذا لصالح الأديب
      حتى يتثنى للجميع مشاهدته
      والوقوف على مسرحه
      وتبني الأدوار
      هلااااااااااا
      أديبنا الرائع
      ننتظر جديدك دائما
      كما ننتظر مشاركاتك
      دعواتي
      دمت بألق
      ميسـاء العباس

      دخل إلى المكتبة. لا أحد غيره جاء لاقتناء كتاب. الوقت صباحا. تساءل:
      - الناس منشغلون بما هو أهم من الروايات.
      قال: - ربما سخر مني عامل المكتبة لو علم أني استيقظت وجئت توا من فراشي لشراء نسخة من رواية. سأتعمد أني أبحث عن مؤلف جماعي يناقش القانون الدستوري.
      مخالب النور .. بصوتي .. محبتي
      https://www.youtube.com/watch?v=5AbW...ature=youtu.be

      تعليق

      • حسن لختام
        أديب وكاتب
        • 26-08-2011
        • 2603

        #4
        أشكرك على هذا القص الشيق والممتع..بساطة الأسلوب وسلاسته، وطريقة سرد الأحداث جعلته أروع..أحييك
        تقديري،أخي عبد الرحيم التوراني

        تعليق

        يعمل...
        X