((( منْ شاءَ بعدَكِ فَليَمُتْ )))

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ربيع بن المدني السملالي
    • 09-08-2011
    • 4

    ((( منْ شاءَ بعدَكِ فَليَمُتْ )))


    منْ شاءَ بعدَكِ فَليَمُتْ

    بقلم / ربيع بن المدني السّملالي
    أمّي :
    كلّمَا رَأيتُ أترَابِي برفقةِ أمهاتِهنّ أمامَ بابِ الْمَدْرَسِة أكادُ أختَنِقُ بُكاءً ، أتمزّقُ ألَماً ، وَوَحْشَةً ...أتيهُ في غَاباتٍ من التّناقضاتِ ، وَ التّساؤلاتِ الّتي ترتَطمُ بقَلبي الصّغيرِ الْكَسير ، لاَ أستطيعُ لها تفسيراً ....كلّ واحدٍ منهم ماسكٌ بيدِ أمّه الدّافئة ، مُتشبّثٌ بهَا ، يُخيّلُ إليّ أنّهم يخافُون أن أنتزِعَهَا منهُم ..أحسُّ بالإهمالِ الضّارب بأطْنابِه على رُبُوعِ فُؤادِي يَنْهَشُنِي .. أشعرُ بالْهَوان كَوَحْشٍ كَسِيرٍ ، يَتسلّقُ جُدرانَ أعماقِي لِيَفْتَرِسَنِي ..
    الضّياعُ يَحْتَلُّنِي ، يُسَرْبِلُنِي بالْغُمُوضِ ، يترُكُني لِلْعَوَاصِفِ تُعذّبُني ، لِلأَنْواءِ تَخْتَرِقُنِي ..وللقَلقِ يُخْمِدُ شهيّتي ..
    لِمَ تَرَكْتِنِي أمّاهُ فِي هذا الْعَالَمِ الْغَارِقِ فِي بُحُورِ الأزَماتِ ، الضّائعِ في صَحَارِي الْمُلمّاتِ ، أتنفّسُ الألمَ الأليمَ ، أشربُ الزّفراتِ الْحرّى ، وأتغَذَى الأوجاعَ الْمُضْنية ..
    تزوّجَ أبي من بَعْدِك فَأهْمَلَني ..
    زَوجتهُ تنهَرُني ، تزجُرُني ، تضرِبُني ، وتَشْتُمُني ...
    لقَدْ ذَهَبتِ يا أمّي ، وبِذَهَابِكِ ذَهبَ الّذينَ يُعَاشُ في أكْنَافِهم ، في رعايَتِهم ، في أحْضَانِهِم ..
    بعدَ رحِيلِكَ عَرفتُ قِيمَةَ الْمَأوى وعُذوبتَها ، وَدِفْءَ الاسْتقرارِ ..
    الدّنيا بِدُونِك الآن لاَ تُسَاوي قُلاَمَةَ ظُفْرٍ..
    عِفْتُ أيّامِي الرّتيبةَ بِفقدِك .. تعفّنتْ رُوحِي مُذْ أُغْلِقَتْ نَوافِذُ حيَاتِي عن شُعَاعِ شَمْسِك .. وكلّما جنّ عليّ ليلُ الْوحدةِ الْبَهيمُ ، تركتُ العنانَ لعَبراتِي تنسَكِبُ مِدْراراً ...
    وها أنذا الآنَ أجلسُ القُرْفُصَاءَ بِجانبِ قَبْرِك ..هذه الحُفرَةُ الضّاحِكَةُ من تزاحمِ الأضْدادِ ، السّاخِرة من غُرورِ بَنِي الْبَشَر ، وَالْمُتَرَبّصَةِ بِنَا عَلَى الدّوام ..
    الزَّمنُ مُوحِشٌ ، مُقْفِرٌ في نَاظِريّ ، وَالأرْضُ خَالِيَةُ الْجَوَانِبِ بَلْقَعُ ..فلاَ عُصفورٌ يُغرِّدُ ، ولا غُصنٌ يَتَحَرّكُ ..ولا هواءٌ نقِيٌّ يُسْتَنْشَقُ ...
    ( أفكارٌ شَائِكةٌ في عَقْلِي الْمحدودِ ، تتفرّع ، تتشعّب ، تنأى بعيداً ، تُوغِلُ في البحثِ عنْ تفسيرٍ ، ..لتعودَ وتَصُبَّ فِي الْوِعَاءِ الْقَاسِي للحَقِيقة الْقَاهِرة : الموتُ !! )
    ليسَ فِي الْحَيَاةِ مَا يُغْرِيني بِها ، ولا ما يُرغّبُني في بَهْرَجِها ...فقدْ أصْبَحتُ أتجنّبُهَا كمَا لَو كانتْ رِجْساً ..
    أدْعُو اللهَ أن يأخذنِي إلى جِوَارِك ...فَشتّانَ بَيْنَ جِوَارِكِ وَجِوَارِي !
    أمّي :
    منْ شاءَ بعدَكِ فَليَمُتْ ...فعليكِ كُنتُ أحَاذِرُ


    24 / 05 / 2012

  • ريما الجابر
    نائب ملتقى صيد الخاطر
    • 31-07-2012
    • 4714

    #2
    تحية لكل الأمهات
    ورحم الله من رحل منهن
    همسات قلب تلظى بنار فقد الأم
    نفثات قلم يلمع بتميز
    لكن تمني الموت ليس حلا
    فمن وهب الحياة كتب الآجال
    شكرا لنبض قلمك
    وبانتظار البوح القادم
    http://www.pho2up.net/do.php?imgf=ph...1563311331.jpg

    تعليق

    • سميرة رعبوب
      أديب وكاتب
      • 08-08-2012
      • 2749

      #3
      الحياة بدونك صفحة مليئة بالسواد ، لامعالم لها ولا وجوه ..
      زوايا يسكنها الآنين ، وعروش خالية إلا من الحزن الدفين
      بقايا من فرحة وأشلاء ذكريات على ضريحك تسافر إلى عوالم الماضي
      تلتمس لحظة من دفء أو هنيهة من حنان فُقِدَ منذ زمن
      بعد رحيلك ، لا وطن يأويني ، ولا قلب يعرف نبضات الصدق التي كانت تضيء لي
      ظلمات عوالمي .. كل الوجوه لا ملامح لها إلا قلب أمي !

      على نبضك الصادق رتلت كلمات الحب الأزلي لأقدس إنسانة في حياتي
      رحم الله أمك الغالية وأسكنها فسيح جناته ورحم الله كل أم نبضت بالحب لفلذات أكبادها
      أستاذنا الفاضل / ربيع بن المدني السملالي،
      كلمات ينساب منها صدق الشعور وحرارة العاطفة لأعظم قلب في الدنيا
      تقديري الكبير ليراعك ~

      رَّبِّ
      ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا




      تعليق

      • جلاديولس المنسي
        أديب وكاتب
        • 01-01-2010
        • 3432

        #4
        نعاني هذا وزيادة نعاني الضياع ونجتهد في رسم حياة لا نحياه
        حقا ما بعد فقدك أمي .... !!!!
        الموتُ !! )
        ليسَ فِي الْحَيَاةِ مَا يُغْرِيني بِها ، ولا ما يُرغّبُني في بَهْرَجِها ...فقدْ أصْبَحتُ أتجنّبُهَا كمَا لَو كانتْ رِجْساً ..
        فما أعجب إلا من راغب في إزدياد.
        رحم الله أمهاتنا وغفر لهم
        اللهم قارب بيني وبين أمي ولا تدع للحياة مكان بداخلي

        تعليق

        • شيماءعبدالله
          أديب وكاتب
          • 06-08-2010
          • 7583

          #5
          أمي وما جنيت بعدك سوى الحزن والويلات ..
          أمي يوم رحلتِ حلت اضمحل الهواء ويبس الزرع وجف ضرع السعادة حتى هربت مني ..

          حيا الله أديبنا الكريم ومرحبا بك بين صفحاتنا
          أبدعت السرد وجملت الخاطر بلمسات حكائية راقية رغم الحزن الذي شابها
          حقا بعد رحيل الأم لا شيء يهنأ
          سلمت ومدادك الراقي
          وننتظر مزيدا من هذا الهطول الجميل من حرفك
          تحيتي وتقديري

          تعليق

          • أمنية نعيم
            عضو أساسي
            • 03-03-2011
            • 5791

            #6
            رحم الله والدتك ووالدتي وجعلهما رفقاء في الجنه اللهم آمين آمين آمين
            ليس للموت من حل ...وربما انك أثرت دمعي بحرفك لمرور الغالية بين السطور
            ورغم أني فقدتها من سنين اربع الا انها ما تزال في دمي تسير
            زرعت تعاليمها على صفحات أيامي بين أولادي فكأنها ما فارقتنا
            غالباً ما أقول لهم " قالت كذا ...عملت كذا ...وهكذا " حتى لا تغيب عن اذهاننا لحظه
            فصرت ارى اني جعلت لها عمراً فوق عمرها الذي قضاه الرحمن برحمته
            ربما أني مررت بما أنت فيه أخي من نكران لفقدها ولكني وفي لحظة صفاء مع الله العظيم
            أيقنت أنه بموتها قد وهبت لي الشئ الكثير ...استثمر ذكراها لرفع درجاتها فهكذا يكون البر بها
            بعد موتها ...آآآآآآآآآآآآآآآآه يا أم ما اصعب فرقاك حتى وان كنت كبير ...
            تحياتي لك موصوله اخي ورحم الله الغاليتان ...
            [SIGPIC][/SIGPIC]

            تعليق

            يعمل...
            X