
جلس الأب مع أبنائه في وقت الظهيرة،
وبدأ الحديث وهو يستهل في بداية حديثه عن إشراقه نور الإسلام وبداية بزوغه،
وثم عرًّج في حديثه عن ملاحمٍ برزوا فيها أبطالا عظماء،
رسموا رياح التغيير في بلاد الكفر،

وهم يجعلون المسلم يهابه الجميع ويحسبون له ألف حساب،
وأثناء ما كان الأب يتحدث إلا وأحد الأبناء يرفع يده وهو لا يريد المقاطعة ،
فانتبه له الأب وقال : ماذا تريد يا ولدي ؟
فقال الابن : يا أبي أريد الذهاب إلى زميلي في المدرسة ،
وهو في القرية المجاورة لكي نحِلّ الواجب سويًا
فقال الأب : اذهب ولا تدع الشمس تغيب عليك وأنت هناك،
فقال الابن : سمعا وطاعة يا أبي ولن اتأخر.
وذهب الولد إلى زميله في القرية المجاورة،
وعندما انتهى من كتابة الواجب هَمَّ بالرجوع إلى قريته ،
وفي أثناء سيره وهو عائد إلى بيته،
سمع دويَّ انفجار فأوجس في نفسه خيفة
بأن يكون ذلك الانفجار في قريته، أو في بيته ،
فأسرع في خطاه والذعر والخوف قد تسلل إلى قلبه وبدأ يدعو ويقول : اللهم سَلمَّ سَلمَّ .
وعند وصوله للقرية، وعند بيته بالتحديد
انعقد لسانه وازداد خفقان قلبه وبدأ الاضطراب يشل من حركته،
وهو يرى جمعًا من الناس ينتشلون الجثث من أشلاء منزله المتهالك

فصاح وهو ينادي أفراد عائلته فردا فردا ،
وعيناه تذرف بدموع مجنونة لا تريد أن تقف أمام المصاب العظيم،
حينها جاء رجل مسن ليواسي الطفل المكلوم ،
وأخرج من جيبه منديلا ليمسح دموعه، وقال له :
يا ولدي إن مشاهد الدمار، وقصص الضحايا تتكرر يوميا على مرأى ومسمع العالم ،
ولا حياة لمن تنادي ، يا ولدي إن الله يمهل ولا يهمل ،
ولا تحزن إذا كان الباطل قد استفحل في هذه البلاد،
واختفت عدالة الأرض ، فلا بد من يوم يظهر فيه الحق وتتحقق به عدالة السماء ،
وأنا أنصحك يا ولدي بالصبر لأنه أقوى سلاح يتسلّّحُ به الإنسان المؤمن ،
وتأكد أن الله مع الصابرين .
تعليق