أنا أصدقكم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • توفيق بن حنيش
    أديب وكاتب
    • 14-06-2011
    • 490

    أنا أصدقكم

    قال لي :" انا أصدق إيمانا منكم ...أنا أتوضأ حينما أتوضّأ فلا يداخلني الشكّ في العدد ولا في الكيف وأركع وأسجد ولا أبالي إن انا زدت أو أنقصت وأقرأ ولا يهمّني إن أنا قدّمت او أخّرت ...أصلّي ولا أنشغل باستواء صفوفكم وانتظام أقدامكم ولا أنتبه إلى ترديد المردّد ولا أتتبّع زلات لسان الإمام ولا أقف عند الوعيد وتصنّع القارئ الرّهبة ...أنا أصلّي وأترك مساجدكم وثقتي في أنّ الله يقبل صلاتي لا تتزعزع وأنتم تغادرون متدافعين شاكين صاخبين كأنّكم تخرجون من سوق استنفذ كلّ أموالكم وطاقاتكم بينما أخرج أنا جذلا لأنّني أسمع صوت الله في داخلي يقول لي أنت وحدك لا تشبههم وأسمع الصّوت في داخلي يقول لي أنت وحدك من صلّيت اليوم ...تخرجون من المسجد متدافعين بالمناكب متصايحيين باحثين عن نعالكم المسروقة فلا تجدونها فتثورون وتسبون بعضكم وبعضكم يسبّ الله واليوم والمسجد في سرّه وتتبادلون النّظرات الملغومة وتتلاعنون وتقسمون بأغلظ الأيمان أنّكم على حقّ وأنّ الآخر على الباطل وترتفع أصواتكم فتسخر من حلومكم العنايةُ الربانيّة في علاها بينما أترك لكم نعلي وأسير حافيا مستجيبا لدعوة نورانيّة في قلبي تأمرني بترك النّعل والانخراط في طريق الله حافيا ...كنتم دائما تسخرون مني وتقولون :"إنّه لا يركع مثلنا ولا يسجد مثلما نسجد وقد يستعجل الخروج قبل انتهاء المنسك "وتقولون " إنّه يضحك راكعا ويلغو في الجُمَعِ مسبّحا ويكلّم الهواتف " وتقولون :"إنّ به جنّه" وتقولون :"كلمّا استوت صفوفنا دخل بيننا فأفسد نظامها " وتقولون كلّما اتّحدت كلمتنا في التّأمين نشز له صوت وارتفع له خُلف وفرّق كلمتنا ومكّن الشيطان من فُرَجِنا فتسلّل إلى قلوبنا وعقولنا " وقلتم :"لو لم يكن بيننا لما انهزم جيشنا " ...أتذكرون صيامكم الذي تُتْبعونه الأذى ؟ ألم تكونوا تصومون وأنتم تتذمّرون من وطأة العطش وشدّة الحرّ وإذا أذّن المؤذّن أسرعتم إلى سدّ حاجاتكم وجعلتم تتذاكرون اليوم والأمس وتقارنون أثر كلّ منهما فيكم وكدتم تلعنون الصّيام وأنتم في الآن نفسه تدّعون الورع وتتمنون من الله الأجر الوفير أما صاحبكم فلا يفطر إذا صام إلاّ وقد رأى من الله اليقين وتأكّد من أنّ الله قد ملأ فراغه يقينا وحبّا وثباتا وتقوى ولا يفطر إلاّ إذا وجد الصّوت يتردّد في أرجاء ذاته يتوسّل إليه أن يفطر ويقدّم له براهين الحبّ والودّ والرّحمة ...هو لا يفطر إلاّ إذا رأى من ربّه الآية الكبرى ...يراها يجلّلها التسبيح ويحفّ بها التقديس ...هو لا يفطر على طعام مرّتين ولا يشرك بالارتواء المقدّس شربة ماء ...لذلك أقول لكم ما تفعلونه لا يتجاوز الدّنيا وأحكامها ونواميس المجتمع وحرص الناس على الانتظام وما أفعله هو بالفعل مركبي إلى نور الله لأنّه لا ينضبط بضوابط الفانية
    توفيق بن حنيش 27 أوت 2012
  • د مرتضى الشاوي
    عضو الملتقى
    • 08-07-2011
    • 85

    #2
    خاطرة فنية قريبة من المقال الاجتماعي تبحث في المقارنة بين الثابت والمتغير وبين النظام واللا نظام وبين الجد والهزل وبين الصدق والكذب ويستعمل الكاتب الأسلوب الحكائي في حوار خارجي ( الدايلوج ) يختفي حوله المتكلم بأقنعة تتضمن مفارقات فكرية حادة التقطها من واقع مرير متضاد في جزئياته .
    ارجولك التوفيق في كتاباتك القادمة .

    تعليق

    • توفيق بن حنيش
      أديب وكاتب
      • 14-06-2011
      • 490

      #3
      شكرا جزيلا دكتور ...شكرا على المرور وعلى التّعقيب الذي أفادني كثيرا

      تعليق

      • ليندة كامل
        مشرفة ملتقى صيد الخاطر
        • 31-12-2011
        • 1638

        #4
        السلام عليكم
        لست ناقدة لكن إعجابي بالنص حز في نفسي أن أقول لك ما أروع قلمك المشرق تكتب بطريقة فلسفية وفكر عميق
        ما هذه الثقة بين البطل والخالق حقا الإمان يأتي من القلب وليس من أشباه الافعال
        هي قريبة الى القصة أظنها ؟؟
        تقديري العميق
        http://lindakamel.maktoobblog.com
        من قلب الجزائر ينطلق نبض الوجود راسلا كلمات تتدفق ألقا الى من يقرأها

        تعليق

        • توفيق بن حنيش
          أديب وكاتب
          • 14-06-2011
          • 490

          #5
          شكرا يا لندة ...لقد نفذت إلى أعماق النصّ ... وجدتُ ما قلتِه في صميم النّقد وما كان تصريحك بعدم الاختصاص في مجال النّقد إلاّ من قبيل التواضع ...دامت سعادتك

          تعليق

          • عبدالله محمد عبدالله
            أديب وكاتب
            • 10-02-2013
            • 365

            #6
            اظنها السخرية ممن ظن عنده التميز .... أحسن و أساء .. أخطأ وأصاب ....
            صفة المؤمن الحقيقي " يؤتون ما آتوا و قلوبهم وجلة "
            " اني لاعلمكم بالله و اشدكم له خشية "
            " انا خير منه " طردت إبليس ...
            لو كان الكلام على غير لسان المخاطِب ( لاختلف الامر فما اجمل " هو " هنا ان اردت الوجه الاخر)
            ----------------------
            وكما اسلف الدكتور :
            " خاطرة فنية قريبة من المقال الاجتماعي تبحث في المقارنة بين الثابت والمتغير وبين النظام واللا نظام وبين الجد والهزل وبين الصدق والكذب ويستعمل الكاتب الأسلوب الحكائي في حوار خارجي ( الدايلوج ) يختفي حوله المتكلم بأقنعة تتضمن مفارقات فكرية حادة التقطها من واقع مرير متضاد في جزئياته ".
            ------------------------
            مفارقات مضحكة مبكية : فلا الرتيب اتقن , ولا المنتقد احسن , كما اسلف استاذنا " مفارقات حادة من واقع مرير " أرى بطل قصتنا على رأسه ...
            فالتعامل مع الله له ادب و طريق...
            و لك كل احترام و تقدير
            و السلام
            التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله محمد عبدالله; الساعة 20-03-2013, 22:14.

            تعليق

            • توفيق بن حنيش
              أديب وكاتب
              • 14-06-2011
              • 490

              #7
              عبد الله محمّد عبد الله شكرا على الاهتمام الذي أبديت ...ملاحظاتك لها ما يبرّرها

              تعليق

              • سالم وريوش الحميد
                مستشار أدبي
                • 01-07-2011
                • 1173

                #8
                نص عميق المضمون بعيد المرامي يستحق أن يبذل له جهدا متميزا
                و تأطيره
                بإطار الوعي الذي يجب أن يميز بين ماهو حقيقي ومزيف ماهو أصلي وماهو دخيل
                الدين دين يسر وليس دين عسر ( يريد بكم الله اليسر ولايريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ماهداكم ولعلكم تشكرون )) البقرة .. والأعمال بالنيات ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرء مانوى )
                نعم أن هناك كثيرا من الذين يتظاهرون و يدعون تشبثهم بعروة الدين الوثقى وتمسكهم بدقائق تعاليم السنة
                ويعمل وفق مايراه أنه الصراط القويم الذي يجب إلايحيد عنه ، فيطيل اللحى ، ويطيل الصلاة تظاهرا ويحلل ويحرم مايتفق ومصالحه ، ويظهر خلاف ما يبطن فيصوم صياما شكليا قد يحرم نفسه الطعام لكنه لايمنع نفسه عن الغيبة والبهتان ويتلاعب بالحديث ويفسر الأيات بما يوافق هواه،ويتصنع الورع ويختم على جبهته
                بختم دلالةالتقى ليثبت للغير إن ماجاء في سورة الفتح (سيماهم في وجو هم من أثر السجود ) لكنه ينسى أن
                ذلك كذب على الله وافتراء وخداع للناس أولئك المنافقين الذين ذكرهم الله في سورة محمد (لو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم )) متناسين أن الله يعرف خائنة الأعين ...
                ويحل الدماءالتي حرم الله سفكها إلابالحق .. بدلالة آيات حمالة لأوجه متعددة ..
                أستاذي الغالي أن الأيمان الحقيقي هو إيمان القلب والجوارح ..
                وربما سؤال يدور في ذهن الكثير إيهما أفضل عند الله إنسان غير مسلم نفع البشرية بعلمه
                كأن يكتشف دواء لأمراض مستعصية ، أو يقلل من جهد الأنسان ووقته الذي يذهب هباء نتيجة
                لاستخدامه أدوات لاتتوائم مع تقنيات العصر والمسمى بعصر السرعة
                أم مسلم مدع إقامة حدود الله بالجهر فاسق كافر بالباطن ..
                نعم أن بطل نصك أصدقهم وأكثرهم قربا لله
                أرى أننا بحاجة إلى مراجعة حقيقية لتقيم الكثير من المسترزقين عن طريق الدين
                لن نجعلهم أئمة لنا فما دام للإنسان عقل وقد تخطى مرحلة الإكتساب المعرفي دون تفهم أوتعقل
                وأصبح له حجة وبيان ... لذا عليه أن يأخذ ماهو متوائم مع المنطق والعقل والقرآن والسنة ويرجعها إلى رحمة الله
                وعدالته والصفات التي يتصف بها .لتكون
                له دستورا في حياته ....
                تقديري واحترامي لك أستاذي الفاضل
                شدني النص ... فنحن بحاجة لمثل هذا الإنسان الذي يظهر على بساطته .. إنسانا نقيا بلا رتوش
                تقديري واحترامي لك
                دمت مبدعا
                على الإنسانية أن تضع حدا للحرب وإلا فسوف تضع الحرب حدا للإنسانية.
                جون كنيدي

                الرئيس الخامس والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية

                تعليق

                • توفيق بن حنيش
                  أديب وكاتب
                  • 14-06-2011
                  • 490

                  #9
                  أستاذنا سالم وريوش الحميد ..
                  تقبّل شكري وامتناني على هذا التاج الذي وضعته على رأس هذا النصّ المتواضع وثق أنّ ما كتبته يسمو ويرتفع عن المرقى الذي أدركته الأدبية في نصي ...كانت قراءة أصابت كبد الغاية وانتهت إلى إعادة إنتاج للمقول بما يتوافق والذّائقة الفكرية اليوم

                  تعليق

                  يعمل...
                  X