ليه يا بنفسج

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فاطمة يوسف عبد الرحيم
    أديب وكاتب
    • 03-02-2011
    • 413

    ليه يا بنفسج

    أيقظها رنين الهاتف من كوابيس حزن وجيع قيدها سنين، ليعيدها إلى ذلك الصحو الذي يزرع صمته الشاحب فيّ دربها: ابنتي الحبيبة، لقد تحدد موعد زفاف أختك الأسبوع القادم! زهت بنشوة السرور، للفرح مرور نادر في حياتها، أغوتها فرضية الاستعداد، وألح عليها نداء الأناقة فسارعت للبحث عن فستان يليق بالمناسبة الغالية ولأنها تحب الخصوصية والتميز ارتادت السوق لتختار لون القماش والتصميم الذي يناسبها، وكأن الرداء هو الشيء الممكن اختياره، تماوجت ألوان الأقمشة أمام ناظريها وأغرقتها الحيرة، وكأنها تبحث عن لون له بصمة في الذاكرة، وفجأة أطل اللون يناجيها وهو بيد صبية تتأمله، انبرت للبائع طالبة أن يقتطع خمسة أمتار من أورغنزا البنفسج الغامق، رد البائع موضحا:لكنّه غالي الثمن: لا أعبأ بالثمن، أريده، حملته كحلم وادع من ذكرى لا علاقة لها بالفرح، ليسرقها الحرمان وينثرها في نزف الزمن البطيء.

    رحلت بها الذكرى إلى جهاز عرسها حين اختارت فستان البنفسج الواسع لارتدائه في "حفل المباركة" الذي يلي حفل الزفاف بأسبوع، واهتمت بتصميمه كاهتمامها بفستان زفافها،فسهرة المباركة تدعو إليها خاصة محبيها وصديقاتها وترقص بالشموع المضاءة على أصابعها وتقدم "المحلاية" المزينة بالمكسرات، خصوصية هذه الليلة تفوق ليلة الزفاف، لأنها مدخل لعالم الزوجية اجتماعيا وتفاؤل لحياة زوجية سعيدة، فيها تتناثر الثرثرة الخفية والموحية عن أحاديث ليلة الزفاف وستزهو حين تتجنب الصديقات اللواتي لم يدخلن القفص الذهبي محادثتها خوفا من كشف مستور ما حدث مع العروس ليلة الزفاف.


    أقبل عليها وتقطيبة تحتل ملامحه: علينا إلغاء حفل المباركة لأننا سنسافر للخليج لاستلام عملي فلا يوجد حجز إلا بعد غدٍ، فغرت فاها ببلادة واضحة وترنحت في دوامات التلاشي، رجته أن يؤجل السفر:أحكموا الطوق الزمني حولي، لا مجال للتأجيل والأمر ليس بيدي.

    رأت أمها غزير دمعها وهي تحتضن الفستان البنفسجي، هدأتها قائلة: لا تحزني، ارتدي الفستان "الليلكي" في الحمل، هو واسع، وهل هناك أسعد من فرحة الأمومة، استسلمت للمشيئة واحتفظت به في حقيبة سفر، والتوق جارف للتحليقبه في أجواء فرح، انتظرت فرحا يغلفه حلم أمومة ، لكنه أبى أن يلامس جسدها، ومرت سبع سنوات وقرر الطب أنها لن تكون أمّا، في يوم أقبل زوجها مخترقا وجودها بنظرة فزعة وملامح غامضة قائلا "معي ضيفة، تعرفي عليها" دخلت امرأة حامل ترتدي فستانها البنفسجي، بكت، حشرجة أقفلت الحنجرة، ولمست طرف الفستان بحسرة حرمان، بادرها بلؤم خفي: اعذريني أخذته من خزانتك دون علمك، يجب أن تطأ أحلامك أرض الواقع حتى لو تدثرت بالمرارة فهذه زوجتي التي حققت أملي بالأبوة، وهذا فستانك أحببت أن أراه عليها، سأعوضك بسوار ذهب، انفجر الصمت حادا وتبعثرت خلاياها ردت بصوت مخنوق:لا أريد ذهبا بل أريد فستاني محتضنا أمومة هاربة، أمسكت طرف الثوب بشغف وبكت بكاء مرا، انتابها إحساس بالعري وضياع الأمان وافترشت ساحات الضياع والاغتراب عمرها، وتجذّرت الحسرة وتشعبت حتى أضحت بحجم مآسي العمر وكأن الرمال تحت قدميها شوكية ورشح الأزيار في جسدها.

    ارتضت بالأمر الواقع واحتضنت حلم البنفسج كقلب ينبض بأحلى معاني الحب فيحي روحا سحقها لؤم البشر أو كحبيب في الخيال تحاكيه ولكن لا تعرف له اسما ولا رسما وترنمت: "ليه يا بنفسج بتبهج وانتَ زهرحزين".

    الليلة سترتدي الرداء البنفسجي الجديد في حفل زفاف أختها، الذي انتظرته بشوق سنين عمرها،ليلة واحدة قد تختزل فيها أسى العمر،ودوّىّ الأنين المكتوم في ظلمة حالكة حين انتابتها أعراض أزمة قلبية مــــــوغلة بخيبــات من الذاكرة ومن فراغ المدىنقلت على حمّالة تحوطها أجهزة طبيّة وصبي الخياط يلوح بفستان البنفسج، وعين دامعة وتلويحة يد مودعة أسملت كلّ حواسها حتى حدود الغيبوبة، وظل الصبي يحمل فستانا لم يجد فرحا في حياة صاحبته وبكت عمرا هرب منها ولم تجد في حناياه لحظة فرح مبهرة.
    التعديل الأخير تم بواسطة فاطمة يوسف عبد الرحيم; الساعة 04-09-2012, 09:31.
  • ميساء عباس
    رئيس ملتقى القصة
    • 21-09-2009
    • 4186

    #2
    ردت بصوت مخنوق:لا أريد ذهبا بل أريد فستاني محتضنا أمومة هاربة، أمسكت طرف الثوب بشغف وبكت بكاء مرا، انتابها إحساس بالعري وضياع الأمان وافترشت ساحات الضياع والاغتراب عمرها، وتجذّرت الحسرة وتشعبت حتى أضحت بحجم مآسي العمر وكأن الرمال تحت قدميها شوكية ورشح الأزيار في جسدها.

    فااااطمة القاصة الجميلة
    اشتقتك
    والله استفقدتك
    ربي تكوني بخير
    ليه
    ليه
    ليه يا بنفسج
    ليه يافاطمة
    كل هذا الألم
    تلك العروس وماتحمله من أفكار وأجنحة تحلق بها بعيدا عن الواقع
    لتصطدم بصخور واقعية صلبة
    عنوان جمييل
    مع أنه مباشرة يذكرنا بتلك الأغنية
    ومع هذا
    وصلني منذ العنوان أن هذا النفسج معتق بالحزن
    معتق بالأنتظار
    فاطمة
    قصة جميلة جدا
    ممتعة
    وأسلوبها رائع
    حرفك الحزين المعمّر طفولة
    شعرته وأحببته
    إلا أن الحدث المفاجئة
    كان مباغتا جدا وسريعا
    كما ال حدث الأخير حين أصيبت بأزمة قلبية
    أيضا كان جدا سريع وغير ممهد
    ولو كان الحدثين كتبا بتأني
    لجبتي أجلي
    محبتي يالغالية
    ومرحبا بعودتك
    مازال مكانك شاااغرا
    هنا وفي القلب
    أنتظر جديدك
    ومشاركاتك

    محبتي
    ميساء العباس
    مخالب النور .. بصوتي .. محبتي
    https://www.youtube.com/watch?v=5AbW...ature=youtu.be

    تعليق

    • فاطمة يوسف عبد الرحيم
      أديب وكاتب
      • 03-02-2011
      • 413

      #3
      الرقيقة جدا ميساء
      ما هذه الكلمات الرائعة التي عبرت عن حبك للنص بصدق وتلقائية شفافة،
      أشكرك غاليتي صدقا ومن كل قلبي
      أهلالالالالالالا بك عزيزتي
      مع كل تقدير

      تعليق

      يعمل...
      X