قراءة في قصيدة " يا نار مهلا " للأديب عدنان الإسلام
بعد نشر قصيدة " يا نار مهلا " في موقع رابطة الواحة , قدم الأخ الكاتب والأديب عدنان الإسلام قراءة لها , وأحببت أن أعيد نشرها هنا للفائدة :
.......................................
أخي اسمح لي بالتعقيب الطويل عليها
فوالله لقد وقعت من قلبي موقعا حسنا وكأنها لامست جرحا خفيا أطنه لم ولن يندمل
1-
[poem=font="Traditional Arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="double,6,black" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
يا نارُ مهلاً هلْ مَللتِ لِقائي =ضاعَ الهوى يا نارُ ضاعَ رَجائي
يا نارُ مهلاً في الفؤادِ بَقيّـةٌ=فخُذيْ بقيّتَـهُ بـدونِ حَيـاءِ
آمنتُ بالأيّامِ ضاحِكَةً مَعـي=فإذا بها كالحَيّـةِ الرَّقْطـاءِ
والسُّمُّ تنفثُهُ لقَتلِ مَشاعِـري=تُغري الفؤادَ بضحكَةٍ صَفراءِ[/poem]
يا نار يخاطب النار وكأنها إنسان يُخاطب وهنا صورة جمالية أولى واستعارة مكنية
ثم هاهو يتمهلها وكأن تسرع الخطى لتفلت من ناظريه وكأنها سئمت من لقاءه ولذلك يسأل
ثم هاهو يبث للنار شكواه فقد ضاع هواه وضاع رجاءه ، ثم نراه في البيت الثاني يشعرأن قلبه ما تخلى عن كل مشاعر حبه القديم فيتمهل النار لتأخذ البقية وكأن النار إنسان يأخذ من يد إنسان أخرى وهاهو يطلب من النار أن تتخلى عن كل حياءها وهي تحرق بقية من مشاعر كانت في فؤاده وهنا استعارات مكنية أخرى
ثم هاهو يصور الأيام كإنسان يضحك وهنا استعارة مكنية أخرى لكنه يفاجىء بها حية رقطاء وهنا تشبيه للإيام بالحية الرقطاء
وهذه الحية الرقطاء تنفث سمها لتقتل مشاعره ، مع انها ايها الحية تضحك له لكنها ضحكة صفراء لئيمة ولا ارى مناسبة لوصف الحية بالضحك الا لو كنى بها عن الدنيا وأظنه أراد ذلك
وهذا ردي :
والله أكثر ما أسعدني هو نقدكم وأراه عندي أهم بكثير مما كتبت
وأتمنى من كل قلبي أن تستمر ولو سيكون متعبا لكم ولقلمكم
ولكن هنا يعرف الكاتب معنى ما يكتب
وأرجو أن تبين مواطن الضعف أيضا ليتسنى تجاوزها في المستقبل
وأتفق معك فيما ذهبت إليه بخصوص الضحك والحية
ولكن من مفهوم الشطر الأول كانت الأيام هي الضاحكة وإذا بها تنقلب إلى أفعى
وما الأيام إلا الدنيا التي قصدتها.
2-
[poem=font="Traditional Arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="double,6,black" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
آمنتُ بالأيّامِ تُمـلأُ بالهَـوى=فإذا الهَوى عهدٌ بدونِِ وَفـاءِ
وإذا الوفاءُ خَرافةٌ أرنو لَهـا=والوَصلُ مَقتولٌ بكـلِّ جَفـاءِ
والشّوقُ رؤيا كالسّرابِ لظامِئٍ=والقلبُ يُتـرَكُ دونَمـا إرواءِ[/poem]
وهاهو شاعرنا يعطي الأمان للأيام ظانا منه أنها ستملأ بالهوى والحب فإذا بالحب عهد بلا وفاء
وهاهو الوفاء بالنسبة إليه خرافة ينظر إليها وكأنها اصبحت شيئا محسوسا ماديا ، وكما هو حال الوفاء فحال الوصل ليس بأفضل من ذلك بل هو مقتول بأبشع صورة وبعد وجفاء
والشوق مجرد رؤيا كحلم يراه النائم كالسراب لظاميء وهنا تشبيه تفصيلي لتقريب صورة الأمرين من الأذهان، وكما أن الظاميء ما استفاد من السراب شيئا وما روى عطشه ، فكذلك القلب ما ارتوى من الوصل ولا الشوق.
وكان هذا ردي :
كل التحية المعطرة بنسمات الفرات ودجلة رغم جراحهما
ما زلت تحرك قلمك وكأنك عشت المأساة لحظة بلحظة
سأدعك تكمل وأنا أقرأ واستمتع وأعود بخيالاتي إلى الماضي
إلى تلك اللحظات و ( الأيام ) التي أجبرتني على كتابة هذه القصيدة
وأشعر بالألم مرة ومرة أشعر بالسعادة إني تغلبت عليها رغم قساوتها
تقبل تحياتي وبانتظارك أن تكمل .
3-
[poem=font="Traditional Arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="double,6,black" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
بالخنجَرِ المَسمومِ يطَعنُ خافِقي=كي تشربَ الأيّـامُ فيـضَ دِمائـي
نَسي الحبيبُ حبيبَهُ في لحظـةٍ=ورَمى الهَوى في مَعبدِ التُّعساءِ
وتَـراً تُقَطّعُـهُ أنامِـلُ غــادةٍ=كالوردِ يَذبلُ فـي يَـدٍ بَيـداءِ
كمْ ظنَّ إنَّ الحـبَّ يَمـلأُ قَلبَهـا=كمْ ظنَّهـا كالـوَردةِ البَيضـاءِ[/poem]
ثم ها هو شاعرنا يخبرنا أن ثمة خنجرا مسموما يطعن فؤاده والخنجر كناية عن الغدر وعدم الوفاء ، واستخدام شاعرنا لكلمة يطعن فيه دلالة على استمرار الغدر والخذلان ممن أحب، وهاهي الأيام تشرب فيض دمائه وهنا صورة جمالية عميقة بل إنها صورتين متداخلتين أما أولاهما فأستعارة مكنية حيث شبه الأيام بشيء يشرب ثم شبه دمه بنهر يفيض فتشرب الايام من فيض هذا النهر وفيه دلالة على عمق الجروح وشدة تدافع الدم منها
ثم إن الحبيب قد نسي حبيبه في لحظة تعيسة ربما هي لحظة إنشغال الحبيب بآخر ، بل إنه ما اكتفى ان نسي الحبيب بل رمى الهوى الذي كان يجمعهما في معبد التعساء وهنا صور الشي المعنوي بالشيء المادي الذي يرمى وهو استعارة مكنية، ولي وقفة عند معبد التعساء فلا أرى أن إقحام بعض الكلمات الدينية في هكذا موضع يصح ، فالهوى ليس له معبد وكذلك التعساء بل المعابد على نطاق الأديان السماوية لله جل جلاله
وشريان مشاعره إنما قطعته أنامل غادة فتاة حسناء ، فذاب الحب بين أناملها ، كما يذبل الورد في يد البيداء وهنا استعارة مكنية حيث شبه الصحراء بإنسان له يد ، والصورة في الشطرين تشبيه مفصل بين الشطر الأول وبين الشطر الثاني
وهو الذي قد ظن أن الحب يملأ قلبها ، وأنها كوردة بيضاء لا تحمل حقدا ولا غلا ولا مكرا ولكن ويا للأسف ما كان ظنه في محله .
وكان هذا ردي :
شكرا لهذا الإسترسال والنقد الأدبي الذي لا يسعني إلا أن أفخر به
فقد زاد شرحك للصور الشاعرية من جمال القصيدة بل وزادني اعتزازا بها...
ولكن اسمح لي هنا أن أختلف معك .... بموضوع اقحام الكلمات الدينية
فأنا كنت بعيدا جدا عنها واسمح لي أن أبين وجهة نظري :
المعبد هي كلمة عامة ولا تعني بالضرورة المكان الذي يعبد فيه الله
فالكثير من المعابد كانت لعبادات وثنية ...
المعبد كلمة استعير معناها كثيرا من قبل كتاب وشعراء الغزل وقصد بها معبد الحب
وحتى كلمة المحراب قد استعارها البعض في التعبير عن المشاعر
أما التعساء فهنا تعبير يتحمل معان كثيرة .....
فمن يتعبد بمعبد لغير الله فهو تعيس دنيا وآخرة
وحتى في ( المعابد المخصصه لله تعالى ) هناك نوعان من التعساء ...
تعيس في دنياه ... وإيمانه بربه كبير وتلقاه لاجئا لمحراب الله ...
وتعيس في دنياه يخطو مسرعا لمعابد الله عندما تصيبه مصيبة وهم من لا يعرفون الله حق معرفته إلا إذا ابتلتهم الدنيا ... وهؤلاء ليس إيمانهم حقيقيا ...
إذن هناك معابد ... منها ما هو ليس لله تعالى
وهناك تعساء إما بوجودهم في هذه المعابد وإما يتقربهم لله زلفى
ألا تتفق معي إن من كان له من الأيام ماكان حتى يرمي هواه في هذه المعابد ....
معابد التعساء .....
4-
[poem=font="Traditional Arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="double,6,black" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
وبَنى مِن الأحلامِ صرحَ محبّةٍ=حتّى صَحا لِيَسيرَ كالغُرَبـاءِ
ظَمَأٌ رَوى شَفَتَيهِ يَحكي شَوقَََهُ=للخَمرِ يحْرقُ باقِيَ الأحْشـاءِ
يا نارُ هذي ذكرياتُ مَشاعِري=ودّعتُها يـا نـارُ دونَ لقـاءِ
قدْ ماتَ حُبّي والفؤادُ مُمـزَّقٌ=والرُّوحُ تلهبُها سِياطُ شَقائـي[/poem]
كما بنى شاعرنا من الأحلام صرحا من المحبة ، وهنا استعارة مكنية حيث شبه الأحلام بحجارة البناء التي يُبنى بها ، وهنا ايضا جعل للمحبة المعنوية صورة مادية وهو الصرح ، فلما استيقظ من غفلته وأنتبه من أحلامه نظر فإذا به وحيدا يسير سير الغرباء
وهذا الحلم إنما هو سراب زاد ظمأ شفتيه وهنا شبه الظمأ بالماء الذي يروي ، وهو يحكي شوقه للخمر وهنا استعارة مكنية حيث شبه الخمر بالإنسان الذي يسمع منه ، وهذا شوقه كالنار التي تحرق باقي الأحشاء وهنا استعارة مكنية أخرى
ثم يرجع مخاطبا النار كأنها عاقل يسمع مخبرا إياها بذكريات مشاعره التي ودعها دون أن يلتقيها وكأنه يأذن للنار أن تحرق ذكريات مشاعره فقد استغنى عنها .
لقد مات حبه ومزق فؤاده وفيه كناية عن العذاب وهاهو الشقاء يلهب بسياطه روحه ، وهنا شبه الشقاء بالإنسان الذي يجلد بالسوط وهنا استعارة مكنية ومعنى يلهب كأن الضرب أصبح نارا وفيه دلالة وكناية عن مدى الألم والحزن الذي يعتري روحه
وكان هذا ردي :
كلما تتعمق في المعاني وترسم الصور الجميلة كلما يزداد إبداع الكلمة
جميلة هي الصور التي رسمتها وجميل هذا الربط والتسلسل فيها ....
واسمح لي هنا أن أضيف ... وخاصة ما يتعلق بكلمة الخمر ... والتي
لم أكن أرغب باستخدامها ... فقد أوجدت صورة بصراحة لم أكن أفكر فيها
وعلى أية حال ... فالصورة التي كانت بذهني وشجعتني على ترك كلمة الخمر
رغم كراهيتي لها هو ما يلي :
ظمأ روى شفتيه يحكي شوقه ... للخمر يحرق باقي الأحشاء
وبالطبع حديثنا كان عن النار والغدر وما تمزق واحترق ...
وهنا تأكيد على إنه نتيجة لذلك ولليأس والإحباط رغبة كبيرة للـ ( الخمر )
ليحرق ما تبقى لسببين :
الأول إن الخمر محرم دينيا ومن يعاقره ويدمن عليه تكون النار جزاءه في الآخرة
والثاني قد تعود البعض ممن يمر بمصيبة أن يلجأ للخمر كأداة للنسيان والحقيقة هي إن الخمر ما هو إلا داء يمزق من الأحشاء ما يستطيع ويحرق ما يستطيع ...
وهكذا يتحقق لليائس أن يحرق ما تبقى في جسده بعد أن حرق قلبه في الدنيا كما يتحقق له حرق الجسد والروح في الآخرة ... نتيجة تعاطيه الخمر ...
5-
[poem=font="Traditional Arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="double,6,black" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
هذي مَعابدُه يُحطِّمُها النّوى=وتُحطِّمُ الأقدارُ كُلَّ رَجائـي
اليومَ قدْ مزَّقتُ أوراقَ الهَوى=ورَميتُ فيكِ بَقيَّةَ الأشـلاءِ
ظَمآنَةٌ يا نارُ فآلتَهمي الهَوى=كُلَّ الهَوى فاللّيلُ دونَ ضياءِ
والبدرُ مُنتحِرٌ بظُلمَـةِ ليلـهِ=واللّيلُ يَستُـرُهُ بكـلِّ رداءِ[/poem]
يقول شاعرنا أن معابد قلبه يحطمها الأسى والبعد ، وتحطم الأقدار كل رجاء له وفي البيت صور بلاغية متعددة
واليوم قد مزق شاعرنا أوراق الهوى وهنا شبه الهوى بالكتاب ذي الأوراق التي تمزق وفيه استعارة مكنية ، ثم هاهو يرمى بقية أشلاء حبه القديم في النار مخاطبا لها كأنها انسان عاقل يعي ويفهم، وفيها استعارة مكنية ، كما أنه شبه الحب بالجسد مقطع الأشلاء وفيه استعارة مكنية
وفي البيت كله كناية عن مدى الأسى والحزن لغدر الحبيب
ويستمر في مخاطبة النار قائلا لها أنها ظمآنة وهذه صورة بديعة إذ معلوم أن النار إن سقيت انتهت لكنها هنا ظمآنة وما يذهب عطشها ان تلتهم الهوى الذي مزق شاعرنا اوراقه
ثم يحثها ان تلتهم كل الهوى ولا تبقي منه شيئا
ولا ادري ما مناسبة "فاللّيـلُ دونَ ضيـاءِ" إلا إذا قصد الشاعر منها ان تلتهم النار ذلك الليل المظلم الذي لا أثر للضياء فيه
وهاهو البدر منتحر وفيه استعارة مكنية حيث شبه البدر بالإنسان الذي ينتحر ، بظلمة ليله وفيه استعارة مكنية حيث شبه الظلمة بأداة الإنتحار ، والليل يستر البدر بكل رداء مظلم فلا ترى له أثرا وفي البيت كناية عن مدى حزن الشاعر حتى انه رأى أمام ناظريه كل شيء معتم
وكان هذا ردي :
نعم أتفق معك في كل ما ذهبت إليه ....
أما الدعوة للنار أن تلتهم كل شئ ... فالليل دون ضياء
فهو بصيص من الأمل وعودة للواقع فالنار باستمرار اتقادها
بسبب الإتيان على ما تبقى ستضئ بوهجها الليل المظلم والذي رغم ظلامه
اختفى فيه البدر ... وهاهو الليل يخبئه أيضا بظلامه
وهو بين كل هذا الحزن إنما يعبر عن بصيص الأمل الذي يمكن أن يتكون
وأن ثضاء حياته بعد حرق ما تبقى.
6-
[poem=font="Traditional Arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="double,6,black" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
لا لمْ يعدْ في القَلبِ جُرحٌ صامِتٌ=فَجِراحُهُ لـمْ تغـفُ كالأثـواءِ
لا لمْ يعدْ في القلبِ شَوقٌ للهَوى=والحُبُّ قَبـرٌ أظلَـمُ الأرجـاءِ
جُدرانُهُ تَشكو البَلى في صَمتِهـا=تبكي رَحيلَ صَباحِها الوضّـاءِِ[/poem]
ثم هاهو شاعرنا ينفي كون جرحه صامتا وكأنه يجيب من عاتبه ببوحه لألمه ، وهنا استعارة مكنية حيث شبه الجرح بالإنسان الذي يصمت وحذف المشبه به وجاء بصفة من صفاته وهي الصمت
فجراح القلب لا تغفو ولا تعرف الإستكانة ، فهي متقدة وفي البيت كناية عن مدى الألم الذي يعتصر فؤاده
ثم ينفي كونه مشتاق للهوى ، فالحب بالنسبة إليه قبر للمشاعر وهذا القبر مظلم الأنحاء
وجدران هذا القبر تشكو من العطب والإندثار للمشاعر، وهنا استعارة مكنية حيث شبه القبر بالإنسان الذي يشكو، وهي في صمتها أبلغ منها في كلامها فهي تشكو صامتة ، تشكو متحسرةعلى رحيل صباحها الوضاح وفيها كناية عن مشاعر السرور والفرح التي ما أبقاها غدر الحبيب
أخي بالتوفيق ولاشك أنك تملك الحرف وتجيده
..........................
القراءة نشرت في موقع رابطة الواحة.
....................
بعد نشر قصيدة " يا نار مهلا " في موقع رابطة الواحة , قدم الأخ الكاتب والأديب عدنان الإسلام قراءة لها , وأحببت أن أعيد نشرها هنا للفائدة :
.......................................
أخي اسمح لي بالتعقيب الطويل عليها
فوالله لقد وقعت من قلبي موقعا حسنا وكأنها لامست جرحا خفيا أطنه لم ولن يندمل
1-
[poem=font="Traditional Arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="double,6,black" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
يا نارُ مهلاً هلْ مَللتِ لِقائي =ضاعَ الهوى يا نارُ ضاعَ رَجائي
يا نارُ مهلاً في الفؤادِ بَقيّـةٌ=فخُذيْ بقيّتَـهُ بـدونِ حَيـاءِ
آمنتُ بالأيّامِ ضاحِكَةً مَعـي=فإذا بها كالحَيّـةِ الرَّقْطـاءِ
والسُّمُّ تنفثُهُ لقَتلِ مَشاعِـري=تُغري الفؤادَ بضحكَةٍ صَفراءِ[/poem]
يا نار يخاطب النار وكأنها إنسان يُخاطب وهنا صورة جمالية أولى واستعارة مكنية
ثم هاهو يتمهلها وكأن تسرع الخطى لتفلت من ناظريه وكأنها سئمت من لقاءه ولذلك يسأل
ثم هاهو يبث للنار شكواه فقد ضاع هواه وضاع رجاءه ، ثم نراه في البيت الثاني يشعرأن قلبه ما تخلى عن كل مشاعر حبه القديم فيتمهل النار لتأخذ البقية وكأن النار إنسان يأخذ من يد إنسان أخرى وهاهو يطلب من النار أن تتخلى عن كل حياءها وهي تحرق بقية من مشاعر كانت في فؤاده وهنا استعارات مكنية أخرى
ثم هاهو يصور الأيام كإنسان يضحك وهنا استعارة مكنية أخرى لكنه يفاجىء بها حية رقطاء وهنا تشبيه للإيام بالحية الرقطاء
وهذه الحية الرقطاء تنفث سمها لتقتل مشاعره ، مع انها ايها الحية تضحك له لكنها ضحكة صفراء لئيمة ولا ارى مناسبة لوصف الحية بالضحك الا لو كنى بها عن الدنيا وأظنه أراد ذلك
وهذا ردي :
والله أكثر ما أسعدني هو نقدكم وأراه عندي أهم بكثير مما كتبت
وأتمنى من كل قلبي أن تستمر ولو سيكون متعبا لكم ولقلمكم
ولكن هنا يعرف الكاتب معنى ما يكتب
وأرجو أن تبين مواطن الضعف أيضا ليتسنى تجاوزها في المستقبل
وأتفق معك فيما ذهبت إليه بخصوص الضحك والحية
ولكن من مفهوم الشطر الأول كانت الأيام هي الضاحكة وإذا بها تنقلب إلى أفعى
وما الأيام إلا الدنيا التي قصدتها.
2-
[poem=font="Traditional Arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="double,6,black" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
آمنتُ بالأيّامِ تُمـلأُ بالهَـوى=فإذا الهَوى عهدٌ بدونِِ وَفـاءِ
وإذا الوفاءُ خَرافةٌ أرنو لَهـا=والوَصلُ مَقتولٌ بكـلِّ جَفـاءِ
والشّوقُ رؤيا كالسّرابِ لظامِئٍ=والقلبُ يُتـرَكُ دونَمـا إرواءِ[/poem]
وهاهو شاعرنا يعطي الأمان للأيام ظانا منه أنها ستملأ بالهوى والحب فإذا بالحب عهد بلا وفاء
وهاهو الوفاء بالنسبة إليه خرافة ينظر إليها وكأنها اصبحت شيئا محسوسا ماديا ، وكما هو حال الوفاء فحال الوصل ليس بأفضل من ذلك بل هو مقتول بأبشع صورة وبعد وجفاء
والشوق مجرد رؤيا كحلم يراه النائم كالسراب لظاميء وهنا تشبيه تفصيلي لتقريب صورة الأمرين من الأذهان، وكما أن الظاميء ما استفاد من السراب شيئا وما روى عطشه ، فكذلك القلب ما ارتوى من الوصل ولا الشوق.
وكان هذا ردي :
كل التحية المعطرة بنسمات الفرات ودجلة رغم جراحهما
ما زلت تحرك قلمك وكأنك عشت المأساة لحظة بلحظة
سأدعك تكمل وأنا أقرأ واستمتع وأعود بخيالاتي إلى الماضي
إلى تلك اللحظات و ( الأيام ) التي أجبرتني على كتابة هذه القصيدة
وأشعر بالألم مرة ومرة أشعر بالسعادة إني تغلبت عليها رغم قساوتها
تقبل تحياتي وبانتظارك أن تكمل .
3-
[poem=font="Traditional Arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="double,6,black" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
بالخنجَرِ المَسمومِ يطَعنُ خافِقي=كي تشربَ الأيّـامُ فيـضَ دِمائـي
نَسي الحبيبُ حبيبَهُ في لحظـةٍ=ورَمى الهَوى في مَعبدِ التُّعساءِ
وتَـراً تُقَطّعُـهُ أنامِـلُ غــادةٍ=كالوردِ يَذبلُ فـي يَـدٍ بَيـداءِ
كمْ ظنَّ إنَّ الحـبَّ يَمـلأُ قَلبَهـا=كمْ ظنَّهـا كالـوَردةِ البَيضـاءِ[/poem]
ثم ها هو شاعرنا يخبرنا أن ثمة خنجرا مسموما يطعن فؤاده والخنجر كناية عن الغدر وعدم الوفاء ، واستخدام شاعرنا لكلمة يطعن فيه دلالة على استمرار الغدر والخذلان ممن أحب، وهاهي الأيام تشرب فيض دمائه وهنا صورة جمالية عميقة بل إنها صورتين متداخلتين أما أولاهما فأستعارة مكنية حيث شبه الأيام بشيء يشرب ثم شبه دمه بنهر يفيض فتشرب الايام من فيض هذا النهر وفيه دلالة على عمق الجروح وشدة تدافع الدم منها
ثم إن الحبيب قد نسي حبيبه في لحظة تعيسة ربما هي لحظة إنشغال الحبيب بآخر ، بل إنه ما اكتفى ان نسي الحبيب بل رمى الهوى الذي كان يجمعهما في معبد التعساء وهنا صور الشي المعنوي بالشيء المادي الذي يرمى وهو استعارة مكنية، ولي وقفة عند معبد التعساء فلا أرى أن إقحام بعض الكلمات الدينية في هكذا موضع يصح ، فالهوى ليس له معبد وكذلك التعساء بل المعابد على نطاق الأديان السماوية لله جل جلاله
وشريان مشاعره إنما قطعته أنامل غادة فتاة حسناء ، فذاب الحب بين أناملها ، كما يذبل الورد في يد البيداء وهنا استعارة مكنية حيث شبه الصحراء بإنسان له يد ، والصورة في الشطرين تشبيه مفصل بين الشطر الأول وبين الشطر الثاني
وهو الذي قد ظن أن الحب يملأ قلبها ، وأنها كوردة بيضاء لا تحمل حقدا ولا غلا ولا مكرا ولكن ويا للأسف ما كان ظنه في محله .
وكان هذا ردي :
شكرا لهذا الإسترسال والنقد الأدبي الذي لا يسعني إلا أن أفخر به
فقد زاد شرحك للصور الشاعرية من جمال القصيدة بل وزادني اعتزازا بها...
ولكن اسمح لي هنا أن أختلف معك .... بموضوع اقحام الكلمات الدينية
فأنا كنت بعيدا جدا عنها واسمح لي أن أبين وجهة نظري :
المعبد هي كلمة عامة ولا تعني بالضرورة المكان الذي يعبد فيه الله
فالكثير من المعابد كانت لعبادات وثنية ...
المعبد كلمة استعير معناها كثيرا من قبل كتاب وشعراء الغزل وقصد بها معبد الحب
وحتى كلمة المحراب قد استعارها البعض في التعبير عن المشاعر
أما التعساء فهنا تعبير يتحمل معان كثيرة .....
فمن يتعبد بمعبد لغير الله فهو تعيس دنيا وآخرة
وحتى في ( المعابد المخصصه لله تعالى ) هناك نوعان من التعساء ...
تعيس في دنياه ... وإيمانه بربه كبير وتلقاه لاجئا لمحراب الله ...
وتعيس في دنياه يخطو مسرعا لمعابد الله عندما تصيبه مصيبة وهم من لا يعرفون الله حق معرفته إلا إذا ابتلتهم الدنيا ... وهؤلاء ليس إيمانهم حقيقيا ...
إذن هناك معابد ... منها ما هو ليس لله تعالى
وهناك تعساء إما بوجودهم في هذه المعابد وإما يتقربهم لله زلفى
ألا تتفق معي إن من كان له من الأيام ماكان حتى يرمي هواه في هذه المعابد ....
معابد التعساء .....
4-
[poem=font="Traditional Arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="double,6,black" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
وبَنى مِن الأحلامِ صرحَ محبّةٍ=حتّى صَحا لِيَسيرَ كالغُرَبـاءِ
ظَمَأٌ رَوى شَفَتَيهِ يَحكي شَوقَََهُ=للخَمرِ يحْرقُ باقِيَ الأحْشـاءِ
يا نارُ هذي ذكرياتُ مَشاعِري=ودّعتُها يـا نـارُ دونَ لقـاءِ
قدْ ماتَ حُبّي والفؤادُ مُمـزَّقٌ=والرُّوحُ تلهبُها سِياطُ شَقائـي[/poem]
كما بنى شاعرنا من الأحلام صرحا من المحبة ، وهنا استعارة مكنية حيث شبه الأحلام بحجارة البناء التي يُبنى بها ، وهنا ايضا جعل للمحبة المعنوية صورة مادية وهو الصرح ، فلما استيقظ من غفلته وأنتبه من أحلامه نظر فإذا به وحيدا يسير سير الغرباء
وهذا الحلم إنما هو سراب زاد ظمأ شفتيه وهنا شبه الظمأ بالماء الذي يروي ، وهو يحكي شوقه للخمر وهنا استعارة مكنية حيث شبه الخمر بالإنسان الذي يسمع منه ، وهذا شوقه كالنار التي تحرق باقي الأحشاء وهنا استعارة مكنية أخرى
ثم يرجع مخاطبا النار كأنها عاقل يسمع مخبرا إياها بذكريات مشاعره التي ودعها دون أن يلتقيها وكأنه يأذن للنار أن تحرق ذكريات مشاعره فقد استغنى عنها .
لقد مات حبه ومزق فؤاده وفيه كناية عن العذاب وهاهو الشقاء يلهب بسياطه روحه ، وهنا شبه الشقاء بالإنسان الذي يجلد بالسوط وهنا استعارة مكنية ومعنى يلهب كأن الضرب أصبح نارا وفيه دلالة وكناية عن مدى الألم والحزن الذي يعتري روحه
وكان هذا ردي :
كلما تتعمق في المعاني وترسم الصور الجميلة كلما يزداد إبداع الكلمة
جميلة هي الصور التي رسمتها وجميل هذا الربط والتسلسل فيها ....
واسمح لي هنا أن أضيف ... وخاصة ما يتعلق بكلمة الخمر ... والتي
لم أكن أرغب باستخدامها ... فقد أوجدت صورة بصراحة لم أكن أفكر فيها
وعلى أية حال ... فالصورة التي كانت بذهني وشجعتني على ترك كلمة الخمر
رغم كراهيتي لها هو ما يلي :
ظمأ روى شفتيه يحكي شوقه ... للخمر يحرق باقي الأحشاء
وبالطبع حديثنا كان عن النار والغدر وما تمزق واحترق ...
وهنا تأكيد على إنه نتيجة لذلك ولليأس والإحباط رغبة كبيرة للـ ( الخمر )
ليحرق ما تبقى لسببين :
الأول إن الخمر محرم دينيا ومن يعاقره ويدمن عليه تكون النار جزاءه في الآخرة
والثاني قد تعود البعض ممن يمر بمصيبة أن يلجأ للخمر كأداة للنسيان والحقيقة هي إن الخمر ما هو إلا داء يمزق من الأحشاء ما يستطيع ويحرق ما يستطيع ...
وهكذا يتحقق لليائس أن يحرق ما تبقى في جسده بعد أن حرق قلبه في الدنيا كما يتحقق له حرق الجسد والروح في الآخرة ... نتيجة تعاطيه الخمر ...
5-
[poem=font="Traditional Arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="double,6,black" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
هذي مَعابدُه يُحطِّمُها النّوى=وتُحطِّمُ الأقدارُ كُلَّ رَجائـي
اليومَ قدْ مزَّقتُ أوراقَ الهَوى=ورَميتُ فيكِ بَقيَّةَ الأشـلاءِ
ظَمآنَةٌ يا نارُ فآلتَهمي الهَوى=كُلَّ الهَوى فاللّيلُ دونَ ضياءِ
والبدرُ مُنتحِرٌ بظُلمَـةِ ليلـهِ=واللّيلُ يَستُـرُهُ بكـلِّ رداءِ[/poem]
يقول شاعرنا أن معابد قلبه يحطمها الأسى والبعد ، وتحطم الأقدار كل رجاء له وفي البيت صور بلاغية متعددة
واليوم قد مزق شاعرنا أوراق الهوى وهنا شبه الهوى بالكتاب ذي الأوراق التي تمزق وفيه استعارة مكنية ، ثم هاهو يرمى بقية أشلاء حبه القديم في النار مخاطبا لها كأنها انسان عاقل يعي ويفهم، وفيها استعارة مكنية ، كما أنه شبه الحب بالجسد مقطع الأشلاء وفيه استعارة مكنية
وفي البيت كله كناية عن مدى الأسى والحزن لغدر الحبيب
ويستمر في مخاطبة النار قائلا لها أنها ظمآنة وهذه صورة بديعة إذ معلوم أن النار إن سقيت انتهت لكنها هنا ظمآنة وما يذهب عطشها ان تلتهم الهوى الذي مزق شاعرنا اوراقه
ثم يحثها ان تلتهم كل الهوى ولا تبقي منه شيئا
ولا ادري ما مناسبة "فاللّيـلُ دونَ ضيـاءِ" إلا إذا قصد الشاعر منها ان تلتهم النار ذلك الليل المظلم الذي لا أثر للضياء فيه
وهاهو البدر منتحر وفيه استعارة مكنية حيث شبه البدر بالإنسان الذي ينتحر ، بظلمة ليله وفيه استعارة مكنية حيث شبه الظلمة بأداة الإنتحار ، والليل يستر البدر بكل رداء مظلم فلا ترى له أثرا وفي البيت كناية عن مدى حزن الشاعر حتى انه رأى أمام ناظريه كل شيء معتم
وكان هذا ردي :
نعم أتفق معك في كل ما ذهبت إليه ....
أما الدعوة للنار أن تلتهم كل شئ ... فالليل دون ضياء
فهو بصيص من الأمل وعودة للواقع فالنار باستمرار اتقادها
بسبب الإتيان على ما تبقى ستضئ بوهجها الليل المظلم والذي رغم ظلامه
اختفى فيه البدر ... وهاهو الليل يخبئه أيضا بظلامه
وهو بين كل هذا الحزن إنما يعبر عن بصيص الأمل الذي يمكن أن يتكون
وأن ثضاء حياته بعد حرق ما تبقى.
6-
[poem=font="Traditional Arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="double,6,black" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
لا لمْ يعدْ في القَلبِ جُرحٌ صامِتٌ=فَجِراحُهُ لـمْ تغـفُ كالأثـواءِ
لا لمْ يعدْ في القلبِ شَوقٌ للهَوى=والحُبُّ قَبـرٌ أظلَـمُ الأرجـاءِ
جُدرانُهُ تَشكو البَلى في صَمتِهـا=تبكي رَحيلَ صَباحِها الوضّـاءِِ[/poem]
ثم هاهو شاعرنا ينفي كون جرحه صامتا وكأنه يجيب من عاتبه ببوحه لألمه ، وهنا استعارة مكنية حيث شبه الجرح بالإنسان الذي يصمت وحذف المشبه به وجاء بصفة من صفاته وهي الصمت
فجراح القلب لا تغفو ولا تعرف الإستكانة ، فهي متقدة وفي البيت كناية عن مدى الألم الذي يعتصر فؤاده
ثم ينفي كونه مشتاق للهوى ، فالحب بالنسبة إليه قبر للمشاعر وهذا القبر مظلم الأنحاء
وجدران هذا القبر تشكو من العطب والإندثار للمشاعر، وهنا استعارة مكنية حيث شبه القبر بالإنسان الذي يشكو، وهي في صمتها أبلغ منها في كلامها فهي تشكو صامتة ، تشكو متحسرةعلى رحيل صباحها الوضاح وفيها كناية عن مشاعر السرور والفرح التي ما أبقاها غدر الحبيب
أخي بالتوفيق ولاشك أنك تملك الحرف وتجيده
..........................
القراءة نشرت في موقع رابطة الواحة.
....................
تعليق