كيف تعلمت اللغة الالمانية ...
من خلال رحلاتي المتعددة الى اوروبا ومنها المانيا بحكم طبيعة عملي السابق حيث كنت اعمل في مجال تجارة المعدات والادوات الكهربائية من المانيا الى الاردن .
وكان يجب علي ان اتعلم اللغة الالمانية لا لاطلع على الثقافة او الحضارة الالمانية او الاوروبية بل لاستطيع التخاطب في مجال العمل حيث استمرت رحلاتي الى اوروبا لاكثر من 15 عاما .
وجدت صوبة في تعلم هذة اللغة حيث انني لم ادرسها او حتى افكر فيها من قبل ...
فانا غير مهتم ..... وهم ايضا غير مهتمين .
لكن اللغة هي للتخاطب والتخاطر ...
وكل المعلومات التي كانت بحوزتي عن المانيا في ذالك الوقت هي انها احدى الدول التي هزمت في الحرب العالمية الثانية 1945
وهي الان من اقوى اقتصاديات العالم .
وان الدول العربية كانت حليفة الرايخ الإلماني في ذالك الوقت من الحقبة السياسية للامة العربية .
فنحن امة جربنا التحالف مع القوي والضعيف ولم نخرج من هذا التحالف حتى برغيف .
الفوهرر احتل او حاول احتلال كل العالم الا العرب ....
اقترح علي صديق لي ان اذهب الى مقهى في مدينة دوسلدورف والتي تعد عاصمة الغرب الالماني يسمى مقهى العجائز لتعلم اللغة هناك في وقت الفراغ .
رفضت بشدة واشتد غضبي وقلت له هل جننت ؟ هل نسيت انني مسلم وملتزم ؟
الله اكبر ....
انني تاجرا ولست راقصا !!!!
قال صديقي هدأ من روعك يا شيخ فهذا مقهى لشرب القهوة فقط ولا يرتاده الا العجائز فقط وهن اكثر النساء كلاما وتكون فرصة لك للتحدث والتعلم , ان اردت التعلم ؟
فخيارات تعلم اللغة الالمانية هما خياران اما ان تتعرف بفتاة او تذهب الى مقهى العجائز
واظنك تفضل الخيار الثاني ؟
قلت له يا رجل ان اول كلمة نزلت في القران على المصطفى (ص) هي أقرأ.
وقلت لو اننا في زمن الفاروق لجلدت باجتماعي مع نساء اجنبيات لا يحلن لي .
قلت لابأس والله خير الحافظين
قلت ليس هنالك من نساء يرتدين الحجاب ...
فذهبت الى المقهى وانا على مضض ...
وكأنني طفل يحبو ...
وكان الغيم في ذالك اليوم يتلحف الشمس تارا والشمس تداعب الغيم تارا اخرى
قلت يا ايها العقل لا تسمح للقلب بالظهور فنهايتي للقبور
فهذه الخريطة التي رسمتها بيدي ....
وارجو من الله ان لا تكون مثل قافية مختلة او معتلة .
دخلت الى المقهى فلم اجد من الرجال الا انا ورجل في السبعين يمارس هواياته بعد التقاعد من العمل حيث كان سن التقاعد في المانيا انذاك 63 عاما ...
وقد اصبح صديقي فيما بعد.
ورجل عجوز مغرم بزوجته يتبادلون تغريد العصافير في الصباح .
وصورة قديمة لرجل على الحائط لم اسأل عن صاحبها ...
طلبت فنجان من القهوة وجلست واذا بجميع الحضور يراقبونني ....
خيل لي انهن ساحرات يمارسن الشعوذة ....
خيل لي انهم كهنة من العصور الوسطى يمارسون الزندقة .
ربما اعتقدن او اعتقدوا انني لص؟
او ربما اعتقدن انني اريد سرقة احلامهن ان كانوا يملكن احلام ؟
من الشخص الغريب؟
وكأنني مرض تسلل الى قلوبهم ؟ او الى عقولهم ؟
او ربما هو لون شعري الاسود والذي يدل على جذوري الاسيوية؟
فمن المعروف ان الالمان من اكثر شعوب الارض عنصرية!؟!؟
والعرب من اكثر شعوب الارض حيادية!!!!
فأغلب الالمان يقتنعون في المقام الأول السلالة ذات البشرة البيضاء، والشعر الأصفر، والعيون الشهباء ويدعوها الفيلسوف الألماني نيتشة (بالوحش الأشقر)
او ربما هو الخوف من شخصي او الخوف من طولي اعتقدت(داعبت نفسي )؟
فلماذا يأتي شاب الى مقهى كلة عجائز يتجاوز عمر احداهن الثمانون ربيعا؟
فهن خائفات وخائفون وانا ايضا خائف من المجهول ....
فهن مراقبات ومراقبون وانا ايضا مراقب للمعلوم .
لم يعلموا بالقصة التي سردت ....
وبدأت احتسي القهوة وهم مراقبون ... وانا اراقب ...
هم ينظرون الي وانا انظر اليهم ...
انا وفنجان قهوتي وكرسي الذي اجلس عليه فريق ....
وكلهم فريق اخر ....
فقالت لي احداهن بنبرة العنفوان الألماني نهارك سعيد ...
لم اعرف السؤال وبالتالي لم اعرف الجواب ....
مع ان هويتي من هوية ابن مالك صاحب ألفية النحو والصرف العربي .
لا ينفع الشعر ولا النثر ولا الكلمات المبعثرة في الحب والمعرفة ,
ولا حتى الفلسفة في هذا اليوم .
لا تنفع المعلقات وان حفظتها جميعا في هذا اليوم .
لا ينفع الحذف والتقدير في النحو في هذا اليوم .
لا تنفع جذوري الممتدة الى ارض كنعان في هذا اليوم .
لا نفع اليوم لسراديب افكاري ...
لا ينفع اليوم الا لغة الاشارة , كان علي تعلم لغة الصم والبكم .
طويت دفتر افكاري وأهاتي واحمر وجهي بل اصفر وجهي .
وكأنني كبرت الف عام ...
لقد رسبت في الاختبار....
فسألت بأستحياء ايعرف احداكن او احدكم التحدث باللغة الانجليزية ؟
فمن سوء حظي ان بلادي كانت تحت الاحتلال الانجليزي وليس الالماني ...
بعضهن اجابوا بنعم !!!
لعلهن اشفقن علي ؟
فأستغربت وصمت للحظة قاتلة !!!
ولم ادق باب العقل بالسؤال عن السبب بتعلمهن او تعلمهم اللغة الانجليزية فانا اردت تعلم اللغة الالمانية لا الانجليزية ...
ايها العقل انتظر روايتي ....
ايها القلب انتظر لوعتي ولا تخرج من صومعتك ....
فعرفت بعد الترجمة ماذا قالت لي السيدة وبادلتها نفس التحية ...
الان عرفت السؤال وعرفت الجواب....
وبدأت الحكاية بتعلمي من اللغة الالمانية بما يتناسب وما اريده في عملي ...
واصبح لي صداقات في هذا المقهى مع قوم بعضهم فارقوا الحياة ...
ومن الطريف في قصتي ان امرأة عجوز تبلغ من العمر 60 عاما ...
كلما شاهدتها حسبتها امرأة اخرى ....
وترددت على هذا المقهى لاكثر من 9 سنوات ....
وتبادلنا الحديث الطويل ....
واضفت الى جعبتي بعض الشيء من ثقافتهم ....
ومن بعض ما تعلمت منهم :
ان علينا ان نتذكر عيد مولد المرأة بشرط ان تنسى كم عمرها
المهم انني اتقنت اللغة التي اريد
كان صاحبي محق انهن يعشقن الكلام ...
كعشق القلم للكتابات – كعشق الشعر للقافيات – كعشق البسمة للحزينات
وذات صباح وكان يوم الاحد وبينما انا اشرب قهوتي
نظرت الى سيدة اعرفها وتعرفني فاذا بها تبكي ....
فقلت ما الذي يبكيكي يا سيدتي ؟
اجابت ولدي لم اسمع عنه شيئ منذ سنوات
قلت لها لعله ميت ؟ او لعله فقد عقله ؟
فالذي اعرفه وتعلمته من تعاليم ديننا اننا نتواصل مع امهاتنا يوميا
ونقبل الجبين واليدين واحيانا القدمين فمفتاح الجنة عن طريقهن
قالت لي بل انه حي ولكنه لا يريد التحدث معي
فقلت ما السبب ؟
قالت السبب انني وبخته في ليلة عيد الميلاد قبل 3 سنوات ...
سكت وقشعر بدني من هول ما سمعت ....
وصرت أواسيها وابعث الامل في انه سوف يلاقيها
وشاركنا في الموضوع كل من كانوا في المقهى في ذالك اليوم ...
تقول امرأة اخرى انا افضل منك ابنتي تبعث لي كرت معايدة كل عام
تقول اخرى انا افضل منكن ابنتي تتحدث معي عبر الهاتف كل شهر
تقول اخرى انا ابني اشاهده كل شهر
ويقول سيد انا اشاهد ابنتي كل نهاية اسبوع
وتقول ..... ويقول ..... وتقول ......
حتى عائلة ملر (اصحاب التغاريد) كان لهم بصمة في هذا الموضوع
فتغيرت كل حساباتي .....
وقلت لهن من تريد منكن ان ترى ابنها او ابنتها
عليها بأعلان الشهادتين ...
السيدة الباكية قالتها ولم تدرك معناها المهم ان ترى ابنها ...
وكأنني امارس لعبة , وكأنني امارس سحرا او شعوذة ...
وغادرت موقعي لا علم لي بالوجهة التي اريد ...
لقد تأثرت ولا ابالغ ان قلت لكم انني تذكرت امي فغرغرت عيناي
لا اعلم من اين تسللت تلك الدمعة !!!
او لعلها لواعجي لأمي ؟
لقد علمنا المصطفى (ص) رقة القلب .....
وفي نفس اليوم قمت بالاتصال بوالدتي
فقلت لها كيف حالك يا امي
فقالت لي الحمد لله يا ولدي
الله يرضى عليك يا ابني
الله اكبر لو يعلم من في المقهى بمعنى هذه الكلمة
امي تتحدث : ولكن اظنك يا ولدي متعب ؟
فقلت ما ادراكي يا امي انني متعب ؟
قالت انه يا ولدي احساس الامومة .....
لم ابكي هذه المرة .
تذكرت قول الرسول صلى الله عليه وسلم :
( رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف قيل من يا رسول الله قال من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة )
فاذا بي على ضفاف نهر الراين ....
وقد امطرت السماء ماء لا احلاما مع انه احد ايام الصيف
وابتلت ملابسي ....
فالطقس في المانيا متقلب على طول العام مثل نساؤهم
كما يقول المثل الالماني المعروف :
الطقس والنساء في المانيا ليس لهم امان
وتواريت قطرات المطر تحت الجسر
واصبح النهر امامي مباشرا
وقفت اتحدث مع النهر بل ان النهر هو الذي تحدث معي , وسألته:
اين الفلاسفة؟ اين العباقرة ؟ أين العلماء؟ اين العظماء؟ اين الشعراء ؟ اين الحكماء ؟
اين الاساطير ؟ اين الاحلام ؟ اين الحمام ؟
اين حقوق الانسان ؟ اين العدل ؟ اين المساواه ؟ اين البر بالوالدين ؟
اين الاحسان ؟
اين .....
اين طاليس ؟ اين سقراط ؟ اين أرسطو ؟ اين أفلاطون ؟ اين فيثاغورث ؟
اين بروتاغوراس ؟ اين جوزيف كبلنج ؟
اين اتباع الأرستقراطية والبرجوازية ؟
اين المستشرقين ؟
اين انتم ايها الليبراليون ؟
اين انتم ايها السوفسطائيون ؟
لم يجب احدا على تساؤلاتي ....
وتسلل هذا البيت الى قلبي :
لقد أسمعت لو ناديت حيًّا .... ولكن لا حياة لمن تنادي
الى صديقي
احمد سويد / نويس المانيا
من خلال رحلاتي المتعددة الى اوروبا ومنها المانيا بحكم طبيعة عملي السابق حيث كنت اعمل في مجال تجارة المعدات والادوات الكهربائية من المانيا الى الاردن .
وكان يجب علي ان اتعلم اللغة الالمانية لا لاطلع على الثقافة او الحضارة الالمانية او الاوروبية بل لاستطيع التخاطب في مجال العمل حيث استمرت رحلاتي الى اوروبا لاكثر من 15 عاما .
وجدت صوبة في تعلم هذة اللغة حيث انني لم ادرسها او حتى افكر فيها من قبل ...
فانا غير مهتم ..... وهم ايضا غير مهتمين .
لكن اللغة هي للتخاطب والتخاطر ...
وكل المعلومات التي كانت بحوزتي عن المانيا في ذالك الوقت هي انها احدى الدول التي هزمت في الحرب العالمية الثانية 1945
وهي الان من اقوى اقتصاديات العالم .
وان الدول العربية كانت حليفة الرايخ الإلماني في ذالك الوقت من الحقبة السياسية للامة العربية .
فنحن امة جربنا التحالف مع القوي والضعيف ولم نخرج من هذا التحالف حتى برغيف .
الفوهرر احتل او حاول احتلال كل العالم الا العرب ....
اقترح علي صديق لي ان اذهب الى مقهى في مدينة دوسلدورف والتي تعد عاصمة الغرب الالماني يسمى مقهى العجائز لتعلم اللغة هناك في وقت الفراغ .
رفضت بشدة واشتد غضبي وقلت له هل جننت ؟ هل نسيت انني مسلم وملتزم ؟
الله اكبر ....
انني تاجرا ولست راقصا !!!!
قال صديقي هدأ من روعك يا شيخ فهذا مقهى لشرب القهوة فقط ولا يرتاده الا العجائز فقط وهن اكثر النساء كلاما وتكون فرصة لك للتحدث والتعلم , ان اردت التعلم ؟
فخيارات تعلم اللغة الالمانية هما خياران اما ان تتعرف بفتاة او تذهب الى مقهى العجائز
واظنك تفضل الخيار الثاني ؟
قلت له يا رجل ان اول كلمة نزلت في القران على المصطفى (ص) هي أقرأ.
وقلت لو اننا في زمن الفاروق لجلدت باجتماعي مع نساء اجنبيات لا يحلن لي .
قلت لابأس والله خير الحافظين
قلت ليس هنالك من نساء يرتدين الحجاب ...
فذهبت الى المقهى وانا على مضض ...
وكأنني طفل يحبو ...
وكان الغيم في ذالك اليوم يتلحف الشمس تارا والشمس تداعب الغيم تارا اخرى
قلت يا ايها العقل لا تسمح للقلب بالظهور فنهايتي للقبور
فهذه الخريطة التي رسمتها بيدي ....
وارجو من الله ان لا تكون مثل قافية مختلة او معتلة .
دخلت الى المقهى فلم اجد من الرجال الا انا ورجل في السبعين يمارس هواياته بعد التقاعد من العمل حيث كان سن التقاعد في المانيا انذاك 63 عاما ...
وقد اصبح صديقي فيما بعد.
ورجل عجوز مغرم بزوجته يتبادلون تغريد العصافير في الصباح .
وصورة قديمة لرجل على الحائط لم اسأل عن صاحبها ...
طلبت فنجان من القهوة وجلست واذا بجميع الحضور يراقبونني ....
خيل لي انهن ساحرات يمارسن الشعوذة ....
خيل لي انهم كهنة من العصور الوسطى يمارسون الزندقة .
ربما اعتقدن او اعتقدوا انني لص؟
او ربما اعتقدن انني اريد سرقة احلامهن ان كانوا يملكن احلام ؟
من الشخص الغريب؟
وكأنني مرض تسلل الى قلوبهم ؟ او الى عقولهم ؟
او ربما هو لون شعري الاسود والذي يدل على جذوري الاسيوية؟
فمن المعروف ان الالمان من اكثر شعوب الارض عنصرية!؟!؟
والعرب من اكثر شعوب الارض حيادية!!!!
فأغلب الالمان يقتنعون في المقام الأول السلالة ذات البشرة البيضاء، والشعر الأصفر، والعيون الشهباء ويدعوها الفيلسوف الألماني نيتشة (بالوحش الأشقر)
او ربما هو الخوف من شخصي او الخوف من طولي اعتقدت(داعبت نفسي )؟
فلماذا يأتي شاب الى مقهى كلة عجائز يتجاوز عمر احداهن الثمانون ربيعا؟
فهن خائفات وخائفون وانا ايضا خائف من المجهول ....
فهن مراقبات ومراقبون وانا ايضا مراقب للمعلوم .
لم يعلموا بالقصة التي سردت ....
وبدأت احتسي القهوة وهم مراقبون ... وانا اراقب ...
هم ينظرون الي وانا انظر اليهم ...
انا وفنجان قهوتي وكرسي الذي اجلس عليه فريق ....
وكلهم فريق اخر ....
فقالت لي احداهن بنبرة العنفوان الألماني نهارك سعيد ...
لم اعرف السؤال وبالتالي لم اعرف الجواب ....
مع ان هويتي من هوية ابن مالك صاحب ألفية النحو والصرف العربي .
لا ينفع الشعر ولا النثر ولا الكلمات المبعثرة في الحب والمعرفة ,
ولا حتى الفلسفة في هذا اليوم .
لا تنفع المعلقات وان حفظتها جميعا في هذا اليوم .
لا ينفع الحذف والتقدير في النحو في هذا اليوم .
لا تنفع جذوري الممتدة الى ارض كنعان في هذا اليوم .
لا نفع اليوم لسراديب افكاري ...
لا ينفع اليوم الا لغة الاشارة , كان علي تعلم لغة الصم والبكم .
طويت دفتر افكاري وأهاتي واحمر وجهي بل اصفر وجهي .
وكأنني كبرت الف عام ...
لقد رسبت في الاختبار....
فسألت بأستحياء ايعرف احداكن او احدكم التحدث باللغة الانجليزية ؟
فمن سوء حظي ان بلادي كانت تحت الاحتلال الانجليزي وليس الالماني ...
بعضهن اجابوا بنعم !!!
لعلهن اشفقن علي ؟
فأستغربت وصمت للحظة قاتلة !!!
ولم ادق باب العقل بالسؤال عن السبب بتعلمهن او تعلمهم اللغة الانجليزية فانا اردت تعلم اللغة الالمانية لا الانجليزية ...
ايها العقل انتظر روايتي ....
ايها القلب انتظر لوعتي ولا تخرج من صومعتك ....
فعرفت بعد الترجمة ماذا قالت لي السيدة وبادلتها نفس التحية ...
الان عرفت السؤال وعرفت الجواب....
وبدأت الحكاية بتعلمي من اللغة الالمانية بما يتناسب وما اريده في عملي ...
واصبح لي صداقات في هذا المقهى مع قوم بعضهم فارقوا الحياة ...
ومن الطريف في قصتي ان امرأة عجوز تبلغ من العمر 60 عاما ...
كلما شاهدتها حسبتها امرأة اخرى ....
وترددت على هذا المقهى لاكثر من 9 سنوات ....
وتبادلنا الحديث الطويل ....
واضفت الى جعبتي بعض الشيء من ثقافتهم ....
ومن بعض ما تعلمت منهم :
ان علينا ان نتذكر عيد مولد المرأة بشرط ان تنسى كم عمرها
المهم انني اتقنت اللغة التي اريد
كان صاحبي محق انهن يعشقن الكلام ...
كعشق القلم للكتابات – كعشق الشعر للقافيات – كعشق البسمة للحزينات
وذات صباح وكان يوم الاحد وبينما انا اشرب قهوتي
نظرت الى سيدة اعرفها وتعرفني فاذا بها تبكي ....
فقلت ما الذي يبكيكي يا سيدتي ؟
اجابت ولدي لم اسمع عنه شيئ منذ سنوات
قلت لها لعله ميت ؟ او لعله فقد عقله ؟
فالذي اعرفه وتعلمته من تعاليم ديننا اننا نتواصل مع امهاتنا يوميا
ونقبل الجبين واليدين واحيانا القدمين فمفتاح الجنة عن طريقهن
قالت لي بل انه حي ولكنه لا يريد التحدث معي
فقلت ما السبب ؟
قالت السبب انني وبخته في ليلة عيد الميلاد قبل 3 سنوات ...
سكت وقشعر بدني من هول ما سمعت ....
وصرت أواسيها وابعث الامل في انه سوف يلاقيها
وشاركنا في الموضوع كل من كانوا في المقهى في ذالك اليوم ...
تقول امرأة اخرى انا افضل منك ابنتي تبعث لي كرت معايدة كل عام
تقول اخرى انا افضل منكن ابنتي تتحدث معي عبر الهاتف كل شهر
تقول اخرى انا ابني اشاهده كل شهر
ويقول سيد انا اشاهد ابنتي كل نهاية اسبوع
وتقول ..... ويقول ..... وتقول ......
حتى عائلة ملر (اصحاب التغاريد) كان لهم بصمة في هذا الموضوع
فتغيرت كل حساباتي .....
وقلت لهن من تريد منكن ان ترى ابنها او ابنتها
عليها بأعلان الشهادتين ...
السيدة الباكية قالتها ولم تدرك معناها المهم ان ترى ابنها ...
وكأنني امارس لعبة , وكأنني امارس سحرا او شعوذة ...
وغادرت موقعي لا علم لي بالوجهة التي اريد ...
لقد تأثرت ولا ابالغ ان قلت لكم انني تذكرت امي فغرغرت عيناي
لا اعلم من اين تسللت تلك الدمعة !!!
او لعلها لواعجي لأمي ؟
لقد علمنا المصطفى (ص) رقة القلب .....
وفي نفس اليوم قمت بالاتصال بوالدتي
فقلت لها كيف حالك يا امي
فقالت لي الحمد لله يا ولدي
الله يرضى عليك يا ابني
الله اكبر لو يعلم من في المقهى بمعنى هذه الكلمة
امي تتحدث : ولكن اظنك يا ولدي متعب ؟
فقلت ما ادراكي يا امي انني متعب ؟
قالت انه يا ولدي احساس الامومة .....
لم ابكي هذه المرة .
تذكرت قول الرسول صلى الله عليه وسلم :
( رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف قيل من يا رسول الله قال من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة )
فاذا بي على ضفاف نهر الراين ....
وقد امطرت السماء ماء لا احلاما مع انه احد ايام الصيف
وابتلت ملابسي ....
فالطقس في المانيا متقلب على طول العام مثل نساؤهم
كما يقول المثل الالماني المعروف :
الطقس والنساء في المانيا ليس لهم امان
وتواريت قطرات المطر تحت الجسر
واصبح النهر امامي مباشرا
وقفت اتحدث مع النهر بل ان النهر هو الذي تحدث معي , وسألته:
اين الفلاسفة؟ اين العباقرة ؟ أين العلماء؟ اين العظماء؟ اين الشعراء ؟ اين الحكماء ؟
اين الاساطير ؟ اين الاحلام ؟ اين الحمام ؟
اين حقوق الانسان ؟ اين العدل ؟ اين المساواه ؟ اين البر بالوالدين ؟
اين الاحسان ؟
اين .....
اين طاليس ؟ اين سقراط ؟ اين أرسطو ؟ اين أفلاطون ؟ اين فيثاغورث ؟
اين بروتاغوراس ؟ اين جوزيف كبلنج ؟
اين اتباع الأرستقراطية والبرجوازية ؟
اين المستشرقين ؟
اين انتم ايها الليبراليون ؟
اين انتم ايها السوفسطائيون ؟
لم يجب احدا على تساؤلاتي ....
وتسلل هذا البيت الى قلبي :
لقد أسمعت لو ناديت حيًّا .... ولكن لا حياة لمن تنادي
الى صديقي
احمد سويد / نويس المانيا
تعليق