اليوم السابع

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عيسى بن محمود
    أديب وكاتب
    • 06-12-2011
    • 39

    اليوم السابع

    اهداء : إلى ابنة الزيتون و الرمان القادمة من حيفا بأوراقها المهربة مرمر القاسم الأنصاري صديقة و رفيقة حرف.



    نتقافز كضباء شاردة تجاه الوادي الصخري ، غجرية و بدوي خفافا بمرح و حلاوة اللحظة ، نشارك الطيور سباحتها الحرة في المساء الجميل ،
    مددنا يدا ليد و شبكنا الأصابع درء لصعوبة المنحدر المتعرج الشبيه بدرجات غير مكتملة الحفر ، و نزلنا من ملكوت البشر لوهج بهي لفح وجهينا ، فزاغت الأبصار لنصاعة البياض و رهابته.
    الإمتداد الآن مستوي رغم التعرجات ، و الصخر عن يمين و عن شمال يبسط التباعد ، و كما تراقص النجوم بعض فتات الصخر على الأرضية البيضاء مشعا و هالة من ضوء تحيطنا، و الفؤاد بروية يحاول فهم كنه اللحظة في كينونة غير التي ألفها حيث الصخور من صلد قاتم و الوجوه و القلوب ، و التربة ببعض لونه قد اكتوت و البشر كما البشر.
    شساعة الفج الآن تغرينا بالجري ، نتبادل الأدوار ، أملائكة نحن الآن؟ تسبقني و أجري خلفها ، و أسبقها و تجري خلفي ، حينما تمسكني من يافطة القميص تهم بتقبيلي و لا تفعل ، و حينما أمسكها من يدها ، أهم بلف ساعدي على خصرها و جذبها نحوي لأحتضنها ثم لا أفعل.
    مكثنا اليوم الأول على الحال و كنا أسميناه يوم الهلا ، لم ننم تلك الليلة ، تركنا لروحينا أن تتعانقا في حلم لذيذ ، لسنا نذكر إن كنا أكلنا و شربنا ، و اللحظات مدام مسكرة.
    في الغد مساحة الفج أوسع و أعمق و كنا مددنا يدينا للمصافحة :
    - حواء
    -نعم آدم
    -حواء هل اقترفنا الفضيلة؟
    -هو الخلود يا آدم هو الخلود
    لقد دخلناه و اقترحناه اسما لذلك اليوم ، تماهينا مع المكان ، تركنا للنفس سجية الغناء فغنينا و الصدى من الفج العميق يردد المقاطع الأخيرة لتكون خلفية للمقاطع الموالية ،
    بتنا ليلتها شبه عراة من أهوائنا البشرية، و ظهرا لظهر في الغد كلانا نحفر على الصخر ، احفر حروف إسمها و تحفر حروف إسمي ، أمد أصابعي تجاه الصخر فيطيع و يساقط كما الرمل من مكان الحفر ،و كنا أسميناه يوم التوقيع، و قد امتد دهرا بحساب أهل الأرض أصحاب الأدران و الأوثان ، أما نحن الطاهران كفاية لنكون ملائكة فقد عددناه لحظة ، حين ، آن ، مر سريعا ليحل ليل أبيض، و الليل حيث الملائكة لا ليل فيه ، يشتد البياض حتى تفقد الأبصار تبين الأشياء ثم نستيقظ ، و كان هذا حالنا أيضا في اليوم الرابع و هو يوم التماهي ، و قد فقدنا فيه ألواننا ، أصبح بياضنا- أبيض- ، و لسنا نذكر ما فعلناه في ذلك النهار ، يبدو أنه كان يوم عطلة ، نذكر فقط أننا ولجنا منزلة أخرى في اليوم الخامس ، و كنا نضع علامات لعد الأيام و أسمائها على الصخر لم نتخلص من حب التأريخ كمن يحفر بالماء على الرمل ، قالت :
    - لماذا تعطش الصحراء ؟
    ذكرتني بالماء و ما كنا عطشنا ، لكن شيء ما من شبق الروح بالروح، و قد تخلصنا من آدميتنا أكثر إذ جعلناه يوم الساقية ،
    قريبان كفاية من بعض لإمتحان الجسد الفاني ، فما تأوهنا من شهوة و تمني ، لكن ائتلاف و وله شاركنا فيه اللامكان ، فلم نك يومها نرى الفج و لا أرضيته ، كنا نسير على اللاشيء هو كالعدم ، نتكيء و لا شيء يسندنا مع ذلك لا نسقط ، يلفنا ضباب خفيف يدغدغ الإبطين فنبتسم لبعض ، الضباب نفسه يشاركنا الإبتسام بأن يرتسم أمامنا شفاه تفرج عن ضحكة لا صوت لها فتتمدد أسارير الوجه و لا تعود لتنهي الإبتسامة ، قد يكون ذلك في اليوم السادس ، و كنا خشينا أن لا يعد من أعمارنا فرحنا نقيده بالتسمية ، اقترحنا و ما صوتنا بل صادقنا أن يكون يوم التطهر ،
    قالت : ابق قربي
    تحن الصحراء لإحتضان الوجود و مثلها أطالب روحي أن تتفتق ذرات هواء زكي يحيطها هالة ، و بدورها هلامية الإنحناء نحوي لما أن توزع المدى صوت باهت :
    - قفا أيها الفانيان
    معا نظرنا في الاتجاه و اللا تجاه :
    - عسس، عسس
    - لم تتطهرا كفاية للمرور من بوابة الأبدية
    نظرنا لنتبين البوابة التي تنتصب أمامنا في الفراغ ، و تسمو مغرقة في اللاانتهاء ،
    - المرمر ليس الذي تعرفون ، المرمر أنقى و أطهر من أن يكون له لون أو شكل ترونه بحاسة الرؤية
    فتشنا العسس ، لم نك نرهم لكن كأجسام هلامية عديمة اللون نحسهم ، قال لي كبيرهم:
    - إن اليد التي تمتد إليك بلقمة توصلها بين شفتيك إما أن تكون يد الروح أو يد القدر و قد تجتمعان معا
    قالت : يد المودة و القربى
    لم ينتبهو لقولها ، نزعوا تلك اللقيمات التي أطعمتني بيدها ،حدقنا في بعضنا ثم قلنا معا و نكون ما تخلصنا من كل بشريتنا :
    - تبا لهم ، من أوقفهم في الباب السابع ؟ من أخبرهم؟ نحن نفسينا لم نسجلها كفارقة يجتمع فيها القدر و الروح في آن.
  • ميساء عباس
    رئيس ملتقى القصة
    • 21-09-2009
    • 4186

    #2
    أهلا
    بالقاص الجميل عيسى
    قصة جميلة بفكرتها وأسلوبها
    ورموزها
    مشوقة
    ماهرة
    وخبرة في القص
    مرحبا بك وبأيامك السبع
    نتعلق معها عدة نجوم
    ننتظر جديدك
    ومشاركاتك
    ميساء العباس
    مخالب النور .. بصوتي .. محبتي
    https://www.youtube.com/watch?v=5AbW...ature=youtu.be

    تعليق

    • ليندة كامل
      مشرفة ملتقى صيد الخاطر
      • 31-12-2011
      • 1638

      #3
      السلام عليكم
      أحجز مقعدا ولى عودة
      تقديري

      وقد عدت وياله من يوم سابع قص جميل فيه فلسفة السموا للمرور الى الباب السابع
      لكن خطيئة واحد منعتهم الدخول
      ألم يكتب فيه باب المغفرة ؟؟
      جميل جدا ما قراة وإستمتعت بقص مدروس بعناية جد جميلة
      لكن الفكرة تبقى رهن قبضتك
      تقديري لحرفك البهي
      التعديل الأخير تم بواسطة ليندة كامل; الساعة 17-10-2012, 17:05.
      http://lindakamel.maktoobblog.com
      من قلب الجزائر ينطلق نبض الوجود راسلا كلمات تتدفق ألقا الى من يقرأها

      تعليق

      • آسيا رحاحليه
        أديب وكاتب
        • 08-09-2009
        • 7182

        #4
        لم تتطهرا كفاية للمرور من بوابة الأبدية
        توقفت طويلا عند هذه الفكرة ...لعلها هي عصب القصة .
        أعجبني النص بما يحويه من فكر و فلسفة,,
        تصوير مشهد البداية جميل جدا .
        تقدري لقلمك .
        التعديل الأخير تم بواسطة آسيا رحاحليه; الساعة 22-10-2012, 18:16.
        يظن الناس بي خيرا و إنّي
        لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

        تعليق

        • حسن لختام
          أديب وكاتب
          • 26-08-2011
          • 2603

          #5
          أحب مثل هاته النصوص المفعمة بالفكر الفلسفي اللاهوتي. أشكرك على متعة القراءة
          تقديري،أخي عيسى بن محمود

          تعليق

          يعمل...
          X