في ذكرى ميلاد الدكتور
محمد حسن السمان
حاولت أن أهديه شيئا يمكنني أن أكافئه
بعض بذلِه لي..
فما أمكنني إلا أن أكتب قصيدة ابن لأبيه...
محمد حسن السمان
حاولت أن أهديه شيئا يمكنني أن أكافئه
بعض بذلِه لي..
فما أمكنني إلا أن أكتب قصيدة ابن لأبيه...
[poem=font="Simplified Arabic,6,white,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/21.gif" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
عتْبي عليك ويبقى الود بالعتَبِ=ما دام يقرئنا الأرواح عن كثبِ
عتب محبٌ كذكرى الروح فطرتـَها=فالحب والطهر فيها والحنان صبي
كالأم تخضرّ عند اللـه دعوتُها=وقبلة ابنٍ شدتْ من فوق كفِّ أبِ
عتب الذي أرهقت عينيه معجزة=من الجمال فلم ينطق من العجب
قد أكثروا القول عما قد أحاق به=إذ غاب عن أهله والجسم لم يغبِ
**
وجودك الطاهر الإنسان حمَّلني=من التساؤل ما يفضي إلى التعب
لو ناب بيت عن الدنيا بأجملها=فالحتم: عنك جميع الشعر لم يَنُبِ
فأنت خير جميع الناس في صفة=كماء زمزم من دون البحار حُبِي
فاغفر عتاب حبيب جاء محتسباً=إحساسه عندكم كالطفل غيرَ أبيّ
خُلِقتَ فينا وكان العتب من ولد=أحس أنك روح من دعاء نبِي
حتى كأنِّي ولو لم تأت في زمني=لزدْتُ فوق الذي أسلفْتُ من عتَبي
***
نزلت أبصر في كفيك لي وطناً=من الأصالة والإيمان والحدب
أمانة الشوق في جنبيّ أحملها=مثل السما اتسعت في صدر مضطربِ
حُمِّلْتُها راضياً، والناس أحسبُهُمْ=لو حُمِّلُوها، أبوْا عجْماً على عرَبِ
يا زهرة الروح والدنيا وزينتها=لو كان شوقي ذنباً كنت لم أتبِ
**
أحاول الشعر في صمت وفي قلقٍ=ونكهة الشعر عندي أوَّلُ التعبِ
كالروح –يخرج- مني وهْي راضية=مرضية ... فادخلي في جنة الأدبِ
يحوطها ملأ الإحساس محتفلاً=من انتصار ومن أمْل ومن طربِ
**
حرفي ببابك كالطفل اليتيم رأى=أنوار عرس كبير عند ذي حسبِ
عذرٌ تراجعه، خوف ملامحه=ما بين مبتعد يرجو ومقتربِ
كالدفق فكرته، كالغصن نبضته=ترميك مقلته في غاية النصبِ
**
فاقرأ لأول مرَّاتي دمي بدلاً=من المحابر في الأوراق والكتبِ
هذي خطوط شراييني أنسِّقُها=إليك في لغة بيضاء من عصبي
أطلقت فيها سماء الروح مبتسماً=كما يجمِّلُ وجهاً حمرة التعبِ
سخَّرت دولة أعضائي كتجربة=أعلنتها كزواج الأرض والسحبِ
فادخل إلى دولتي من باب أحرفها=واصعد لعرشك مرقاة من الرغَبِ
إن تأمر الشمس تشرق من مغاربها=أو تأمر البدر يبقى، يبقَ غير أبي
هاتيكمو دولتي في طاعة وجبتْ=على شيوخي وشباني وأيِّ صبي
على نسائي، وأنهاري، وطير دمي=والشمس والأرض والزيتون والعنبِ
فاسبح، وطر، وابتسم، واغضب بغير مدى=ترضى شعوبي وإن عاقبْتَ في الغضبِ
وابسط جناح الضحى عاماً، وسوف أرى=إن شئت -عمري- مساء غير ذي شجَبِ
مادمت صاحب هذا العرش منتخباً=سن القوانين في الأعضاء تَسْتَجِبِ
قلِّب حروفي؛ فهذا الحرف من صغري=وذاك شيخوختي، والبعض لم يَشِبِ
منها بيوت وقيثار ونور تقى=وذلك الحرف تاج خالص الذهبِ
فليأخذ الناس منها ما يباركهم=صدقي يرجِّعها أحلى من العُرُبِ
دَقِّقْ!! فهذي –أراها- واحة عمرتْ=وتلك جنة رضوان بلا كذب
وهاك شمس، ونهر، تلك معبرة=وذلك الطفل مغسول بما اللعبِ
فجنتي كفك اليمنى، وجارتها=يسراك، والشمس من عينيك لم تغبِ
والنهر ثانية العينين، معبرتي=رضاك، والطفل قلبي في لقاك ربي
أمامك الحرف: لا أبواب تفتحها=لكنّه ابنٌ وفي شوق لحضن أبِ
عاديّة باؤه والنون إن بعدتْ=عيناك عنِّي، وإلا فهو قرب نبي
صلّى عليك دمي في الحرف، تسمعه=فرد "آمين".. يا رباه فلتُجِبِ
حدِّث عيون انبهاري في نقاوتها=تلميذة سئلت في الدرس لم تجبِ
وكيف يملك ذو الأنفاس فكرته=إن كان مبتدئاً في حضرة العجبِ
هذي حروفي فما لم ترضَ أبعده=وحيث ترضى فهذا غاية الأدبِ
ناديت نبضك باسم اللـه في أملٍ=فاجذب بكلمة "يا ابني" القلب ينجذبِ
***
أشفقت ألفاً على ألفٍ فكيف ترى=في القول إلا مُدى أنفاس مضطربِ
كذّبتُ عيني، ولم أَنْسَقْ ورا أُذُني=إذ قالتا: ملَك بادٍ بلا حُجُبِ
يا قلبُ، إنك لا تغنيه من سكنٍ=فالنبض شاب من الأحزان والكربِ
لو كان إنساً فليس الحال مختلفاٌ=هل كان من غير جنس الإنس أيُّ نبي
أولانيَ القلب عصياناً، وأشهد أنْ=لو تاب قلبي من العصيان لم أتبِ
***
زوّجْته كلمتي في مهدها فأبت=وكنت إلا اندفاق الشعر فيه أبي ّ
وعلّلت خوفها عندي شكايتُها=فكنت سامحتها من قلب محتسبِ
قالت: هو الملك الإنسان، كيف ترى=أن تدخل القصر ذات الفقر في الأدبِ
دعني؛ فلست بذات الحسن أعجبهُ=وأنت لست خبير الشعر بالسحبِ
وأقنعتني، وعلمي أن رغبتها=فوق البحار التي كالسحر تدفع بي
عانقتها وهتفنا بين جمهرة=من الأحبّة محفوفين بالطربِ
يكفي الرعية نور المدح في ملكٍ=حتى وإن لم يصل أذْنيه أو يُجِبِ
***
وآخر الخوف يبقى إذ يقابله=حرفي وحيداً، بلا حبري ولا نسبي
ما زلت أذكر صوت النبض يسألني=ألا أجسده حرفاً، ولم أُجِبِ
أرسلته دافئاً كالماء، أو نشطاً=كالخيل جاز دمي كالنار في الحطبِ
يخاااف حرفي وقوف الفرد عند أبي=فلتستعيني برب الصبر يا كتبي
إما تبسم عن رضوانه انبثقتْ=شمس!! وأيٌّ دنا للشمس لم يَذُبِ
وليس يمكنه حرفي معيشتَهُ=إن صار وجه أبي الغالي إلى الغضبِ
خوفي أسجِّلهُ، والناس تقبله=أو ليس يقبله غيري، فلست نبي
ما زلت أهتف بين الناس يسمعني=قلبي فيضحك من قلبي بصوت صبي
يتلو ابتسامته في الصدر فانبجست=عيون صوتي تهز الدار بالعجبِ
((محمدٌ حسنُ السمانُ)) قد هتفتْ=بها شعوبي، فيا أياميَ اعتشبي..
وسائلي أسرتي: خيراً؟؟! فأخبرهم:="كاليوم وضّأَ سمع الكون صوت أبي
وأيقظ الطهرَ تبريكُ الجمال له=وظل نور الرجا في حضنة السحبِ
وغيّرت –وقتها- الدنيا الشموسَ بما=رأته في عينه اليمنى بلا حجبِ
وسار من عينه اليسرى إلى نهَرٍ=دفْقٌ جميلٌ، فأنهى دفقَه العصبي ّ
وعاد صوت الربا يزهو برقصتهِ=يرعاه نور الضحى بالضوء والحدَبِ
وأنبتَ الزمنُ الإحساسَ في دمنا=بأن ذلك فتحٌ جدَّ للعربِ
فكل عام وأنت الحب نبصره=من السلامة والإيمان والأدبِ
من دفقة النهر والطهر السعيد ومن=ضحْكات عينيك بالأقمار والشهبِ
من رقصة الزهر في كفيك معلنةً=نوعاً من الخلدِ لا يلوي إلى عطبِ
من رغبة الكون إذ يعلو ابتسامك أن=يبدِّل الجوهر الكونيّ بالأهبِ
***
عيد سعيد يصوغ الروح أغنية=تهتز بين فروع النخل والرطب
تبقى طوال المسا كالحفل ساهرة=وفي النهار أحب الطير والجنب
كالطفل يرهقه ما كان من لعب= لكنه جدّ في إغراءة اللـعب
كالشكر بسمتها، كالذكر رغبتها=كالفكر نظرتها، كالبكر في الطرب
كالعشق لفتتها كالعتق رقصتها=كالعرق دفقتها،كالعمر في أرب
كالبحر في صفة، كالبرّ في صفة=كالدر في صفة، كالنهر والسحبِ
ترتاح، راحتها ذكراك، وادّكرت=تنساح، ساحتها لقياك عن كثبِ
تقتات من أملي ما فوق محتملي=حتى اشتكت جملي في دمع منغلبِ
ماذا أقول لها؟ والقول ماثلها=في رقة الشوق والإيمان والطلبِ
باتت مسومة في قصدها ثقةً=تتلو معلقة في حضرة الرغب
ماذا أقول لها والـ"ـعيد" جمّلها=كأنها في اسوداد الحزن لم تشبِ
ماذا .. وفكري استعاذاتٌ ترتلني= ألا أمانعها في مدحها لأبي
بوركت ياصاحبي ! لا لن أمانعها= مهما بلغت الرضا منه..
إني حزمت مواويلي وما نسجت=يدي إليه عسى يرضى.. ولي سببي
فيا صياغتها ذوبي مسالمة=في عِبرة الشعر تبقى زينة الكتب
وخلدي مدني في السطر أو مدني=في قلب أكرم من يحيون في العرب
وبلغيه عن الإحساس أمنية=بيضاء مثل حمام البرج في العزبِ\
"لو أن روحي زيادات لبسمته=لكنت قدمتها في منتهى الأدب
فالروح تهتز في الآفاق أدعية=كالطير صُفَّتْ بإعجاز وإن تَجُبِ
روحي التي نشطت كالماء فاندفقت= في الأرض فاعتشبت..يا جسم فاعتشبي
***
أبطلت عادة حزني وهو كان أنا=وابني وبنتي وأمي في المسا وأبي
طعامه بدني، والشرب محض دمي=ورزقه حرقة من زرقة العصبِ
وأمس في موعد اللقيا بدا شبحٌ=ويدَّعي أنه حزني، ومن نسبي
أنكرته فبكى من حسرة، وحكى:= "قد أنكرتنيَ روح الحزن والكربِ
في عيد ميلادكم قد أُعجِبَتْ لغتي=بنكهة الفرح في عينيك! يا عجبي!!
وأمس غنَّت كأن السعد والدها=والأنس أم لها "يا خير منقلبِ!!
***
إني انتبذت من الأهلين في خلدي=وكان في نشوتي من دونهم حُجُبي
طعمت من كفك اليُمنى نقاوتها=وهزَّ يسراك قلبي هزَّ مرتغبِ
وعدت أحمل شعري مؤمناً حسناً=لا زال في مهده –وهو الحكيم- صبي
قالوا: بعدت، وطول الشعر حملنا=من الملالة إحساسات مجتنبِ
فردّد الشعر ما في القلب من قسَمٍ=أذاب جسمي وأفكاري ولم يَذُبِ
"واللـه!! واللـه إني قد كفانيَ أنْ=مارست شعريَ إرضاء لقلب أبي"[/poem]
تعليق