سلكنا الطريق المؤدي إلى مدينة الأغراب أين كل ما يوجد بها يبعث على التساؤل و يثير الإستغراب لنلتقي الزمن في بداية الرحلة ليدعونا لأن نعاين المكان الذي اختاره كمقر له فإذا به متجر صغير لبيع التوابل النادرة أعدت بخلطة سحرية لا يفقهها إلا ذوي الضمائر المرتكسة التي تبعث عن الوهن ليبلغنا الزمن أنه لم يسلم من دوريات الضمائر الميتة التي تزرع الخوف و الفزع في نفوس ساكنة المدينة ليقودنا الزمن إلى بيت امرأة عجوز أنهكها المرض تنتظر بشوق منذ أمد بعيد أن يشق عليها زائر لتزاول الصمت و تحيك لنفسها ثوبا زمرديا يبعث عن التفاؤل المصطنع و بدون إدعاء و لا تكلف طلبت منا أن ند عها تخلد للنوم مخافة أن تعتاد على حضورنا و هذا أصعب و هي في قرارات نفسها تدرك جيدا أن هذه الزيارة قد تعدو الأخيرة في زمن كرس سياسة الإقصاء و نفى الآخر فآثرنا الخروج من بيتها و أفكارنا مبعثرة لندخل مكتبة لنجد بها مئات الكتب و المجلدات مكدسة و موضوعة بشكل يوحي للناظر أنها مهملة لا يلجها أحد المسؤول عنها شيخ أرعن كما قيل لنا لا يحب اعارة الكتب و يشغل المكان المخصص لمكتبه الكبير نصف مساحة المكتبة بينه و بين الثقافة خط أحمر فاصل يكتفي بالتحديق و كأنه في رحلة أبدية نحو المطلق يكتنف فكره الغموض أطرافه في ارتعاش دائم و كأنه يعاني من مرض باطن ألفه و اعتاد صحبته اغتظت لحال الكتب خالجني شعور غريب تسرب إلى ذاتي بعد انتابتني حالة من الغيظ و السخط جميع سكان المدينة يمارسون طقوسا غريبة لم نتمكن من التعرف على معظمها يقرأون الكف و الفنجان في الساحات العمومية ،على قارعة الطريق أمام المساجد و كأنهم في حالة بحث دائمة عن ملاذ لهم لندخل بعد ذلك قاعة المسرح لنجد ثلة من الحاضرين أردنا التحدث إليهم فأبوا لنتجه صوب الركح لإستطلاع الأمر و البحث عن أناس آخرين فإلتقينا برجل بدى لنا أنه يحمل في جعبته العديد من الحكايا فرحب بنا و توجه لنا بالحديث قبل أن نبادر في السؤال نحن نعنى ببيع السعادة بكميات ضئيلة عن طريق جرعات قليلة فنحن في حالة بحث دائمة عن السعادة التي قيل لنا أنها سجينة لدى بارونات في قلعة بعيدة أين الجميع يجهل مكانها فكل ما يبعث عن الأمل و الحياة نتلقاه بصورة متقطعة مما دفعنا لأن نقيم مملكة السلام مع الشقاء و صرنا نبادله التحية ووصلنا معه إلى وفاق أبدي فقد تسرب إلى مكنوناتنا و إجتاحنا كالإعصار دون سابق إنذار أو إستئذان فألفنا تعنته و سخطه . لنتعرف على سيدة قيل لنا أنها تدعى الحكمة مرتدية وشاحا إنتبهنا إلى حركاتها الغير إعتيادية فقيل لنا أنها قابعة في مصحة للأمراض العقلية و تخرج منها بين الفينة و الأخرى ظنا منها أنها لا زالت في مواجهة أصحاب الطقوس الغريبة الذين لاذوا بالفرار بعد أن سحبوا منها ذخيرة العمر و ساقوها إلى الجنون الحتمي رأفة بها بعدما أعرضوا على فكرة وأدها لتجدها في حالة بحث دائمة عن الأنا فحياتها اليوم أضحت متاعا لهم و هم لا يزالون يرصدون أخبارها من بعيد مخافة أن تعود إلى صوابها و تثأر لحالها فهم في حالة تأهب دائم لما قد يطرأ من جديد يقلب الموازين أبينا إستكمال ما بدأنا و عملنا على دحض فكرة مواصلة السير و خرجنا من هذه المدينة العجيبة نجر أوزار غيرنا و تبعات من سبقونا من أخطاء.