قراءة "التيه" وطفلة تشتهيها المشانق: نهاية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الهويمل أبو فهد
    مستشار أدبي
    • 22-07-2011
    • 1475

    قراءة "التيه" وطفلة تشتهيها المشانق: نهاية

    الـ"بداية" هنا
    وهذه هي الـ"نهاية
    قراءة "التيه" وطفلة تشتهيها المشانق: نهاية
    ترى إلى أين قد يفضي بنا المسار أو الأثر؟ هل سنقتفي الأثر إلى "تيه" أم سيعود بنا الطريق إلى من يسرق "ومضة من الضياء" دون صدف وحوادث ومخاطر؟ كيف لـ"أنتِ" أن تركض "فوق أصابع الريح" ولا تسقط أو أن تنهمر مطرا؟ لابد أن المكان غير المكان، فهل تحولنا عن الأثر وغفلنا عن المسار؟ هذه أسئلة تستدعي استجابة. فكيف نستجيب؟ الاستجابة تقتضي اتباع المسار، أو السؤال عن السؤال، سؤال المسار أو الأثر. وهكذا نقول مع أن الانطلاقة هي انطلاقة فوق أصابع الريح، إلا أن الأثر نفسه استقر في مساره لم يتبدل؛ ولا بد من نداء (أيتها الراكضة) يسابق الريح ليحدد للمخاطب المكان. قد تتغير الأسماء لكن المسميات (شأن المسار) تبقى على ما هي عليه منذ القِدَم. ولسوف نهب لهذا المكان هبة هي نفسها تتشح به زمانا ومكانا: فالهدية تهدي نفسها لنفسها. في البدء نداء ثم مكان يستقبل هبة الهدي:
    أَيَّتُها الراكضة فوق أصابع الريح
    هذا الْـمَكانُ جُرْحٌ قَديمٌ
    نَهَبُ لَهُ جَـميعَ قَصائِدِنا الْـمُتَّشِحَةِ
    بالمكان بالزّمن المنسحب
    يا طفلة تصب الحدائق في بعضها
    وتلهو بنزق العشاقِّ
    تشد الارض من طرفيها كقوس الفراغَ،
    ماهو المكان الذي اسمه الآخر "الجرح القديم": يستقبل منا ما هو متشح به؟ يستقبل منا نَفْسَه، يغادر مكانه ليستقبله، يغادر ليعود (كم هي المسافة بين غدر وتصريفها يغادر)؟ وهل المسافة في ارتحاله من نفسه والعودة إليها هي أثر ومسار حتى لو كانت فراغا؟ حين يغادر المكان، لابد أن يترك أثرا، لا بد أن يبقى (مكانه) جرحا مفتوحا. فأي مكان يستطيع ذلك غير الشعر: إنه الشعر الذي له نهب "هبة الموت": جميع قصائدنا يستقبلها قرابين هي نفسها متشحة بالمكان والزمن المنسحب، ولا شك أن هذا الفعل هو فعل يجسد نفسه كحال صب الحدائق في بعضها: أو صب الشعر في الشعر، أو المكان في المكان. هذا هو الجرح القديم المفتوح والجارح في الوقت نفسه. كان إذن لا بد للأرض أن تتقوس على نفسها لتشكل الفراغ حين تعود أطرافها إلى أقصى أطرافها، أو لنقل حين تصب الأرض في الأرض.
    ولئن اتخذ المكان اسما جديد (الجرح القديم) فإن الـ"أنتِ" أصبحت الآن "الراكضة"! ورغم اختلاف التسمية إلا أنها بقيت تؤدي الأفعال نفسها. فهي الآن لا تصب وحسب الحدائق في بعضها أو تلهو بنزق العاشفين وما إلى ذلك، بل أصبحت مبتكرة أيضا وبذلك تستعيد أو "تعود إلى" مهمتها الأصلية: الرسم، أي الابداع والابتداع. وهكذا تغير الاسم وبقي الفعل نفسه، فعل البدع. فإن كان ابتداعها في البداية رسم الخطى وترميم الموتى، فإنها اليوم تبتدع البداية، البداية الأولى، وهل غير البحر بداية البداية؟.
    وَتبتكرُ بَحْرًا آخَرَ لِسَفَرِنا الْقادِمِ
    كيف للبداية (أو البحر) أن تكون غير نفسها، أن تكون "آخر"؟ وهل سفرنا القادم غير سفرنا الأول بين الولادة والموت؟ فلنستجب للسؤال: لابد للبداية من اسم آخر حتى تحيل إلى نفسها، وبين البداية وآخرها، لا بد من مسافة نقطعها لنعود إليها أو لتعود إلى نفسها. سفرنا القادم هو نفسه سفرنا الأول يعود إلى تكرار نفسه ليصل المكان بالمكان والزمن بالزمن. هذه المسافة "تيه" أو "حيرة" لا بد من تجاوزهـ(ـا). فسفرنا بالضرورة سفر نهائي في "تيه" أو حيرة أبدية! بين الابتكار "الأولي" أو البدئي وعبور الحيرة الأبدية ثمة انزياح بسيط: الطفلة تبتكر لكن من يعبر هو "نحن"، تضحية كبرى من أجلنا لا شك:
    كَيْ نعْبُرَ حَيْرَتُنا الْأَبَدِيَّةُ.
    فابتكرها البحر الذي لا يحتاج ابتكار جاء من أجلنا، من أجل سفرنا ومن أجل اجتياز "حيرتنا الأبدية"! هكذا هو السفر النهائي يأتينا باستمرار من ابتكار غيرنا، يأتي لممارسة طبيعته الحتمية وهي الرغبة التي لا تشبع، الرغبة الأبدية في الرحيل، الرحيل النهائي
    يَأْتِـي السَّفَرُ ليمارس رغبته في الرحيل
    وَكَأَنَّ كُلَّ الْـمَرافِئِ حَـمَلَتْها الرِّيحُ إِلى
    شُرْفَةٍ مُشَرَّعَةٍ على خواءنا
    هنا من الطبيعي العودة إلى ترميم الموتى والمنسيين، وبعثهم ليشهدوا (على) هذه الحقيقة، عودة تتبع مسار الشارع والذاكرة؛ عودة رغم اختلاف المكان تسير على أثر:
    يَقولُ الشَّارِعُ و الموتى القدامى
    و الطفلة التي تسكن المرآة الحجرية
    قرب النهر
    لا بَرْقٌ وَلا مَطَرٌ يُغْرينا بِالْبَقاءِ
    تعود الذاكرة من صومعة النسيان
    وما عودة الذاكرة إلا استعادة للشهادة على حقيقة الأمر، فهي
    تحْمِلُ فـي حَقيبَتِهِا حِكاياتِ الْعُشَّاقِ
    الَّذينَ قُتِلوا وَاغْتالَتْهُمْ الملاحمٌ
    يا امْرَأَة تَنْتَظِرُ فـي عُرْيٍ، الزَّمَنَ الرَّمادِيَّ
    لَـمْ يَعُدِ ذلك الشَّارِعُ يشاغب حواس آخر
    الليل.
    هنا تأتي الطفلة التي تشتهيها المشانق، وتأتي مجهولة لكنها مألوفة بما نعرفه (وقد نُفِضَ الغبار عن الذاكرة) من حكايات العشاق والملاحم، فتلك الحكايات والملاحم أثار ومسارات متقاطعة كَثُرت عليها الحوادث (المبيتة)! لهذا حين تأتي الطفلة تأتي مجهولة رغم ضمير المخاطب وأداة التعريف الصريحة:
    مَنْ أَنْتِ أَيَّتُها الطّفلة الَّتي تَشْتَهيكِ
    الْـمَشانِقُ؟؟
    هل هي فعلا "مجهولة" أم أن السؤال دعاء؟ وهل هي مصادفة (أو حادث عرضي) أن تأتي مجهولة ومعها المشانق؟ وتأتي مثقلة بالوجع وطعنات الخناجر، تلك الآثار التي كتبت على الجسد؛ أم أن كل هذه الصفات سمات نعرفها وبها نعرف تلك الطفلة؟: لنر، فكل هذا لا يمنع ممارستها ما سبق أن ألفناه منها. فهي تطارد حلما (في مسارب خفيه) رغم المشانق والوجع:
    مَنْ أَنْتِ أَيَّتُها الطّفلة الَّتي تَشْتَهيكِ
    الْـمَشانِقُ؟؟
    وَالْوَجَعُ يَـخْنُقُ فَراشاتِكِ الْـمُلَوَّنَةَ
    ما زِلْتِ رَغْمَ طَعَناتِ الْـخَناجِرِ
    تطاردين حلما في مسارب خفيّة
    وهي كذلك كالشعر أو كالحدائق، هي الهبة والواهبة، وهي الطفلة الغريبة المألوفة (إنها القصيدة التي تصب في القصيدة)
    تَهَبينَ نبضك المرتعش لِلسُّكونِ
    لَكِ ما تَرْغَبينَ أَيَّتُها الطِّفْلَةُ الْغَريبَةُ
    لَكْ نَجْماتٌ تَـجوبُ عَتْماتِكِ
    لَكِ مَطَرٌ يَمْلَؤُكِ
    لَكِ جُرْحٌ وَوَجَعٌ يَئِنُّ
    ورغم كل ما لها من نجمات تجوب عتمتها (دون أن تجلوها)، ورغم أن لها مطرا يملؤها إلا أن لها أيضا غير ذلك؛ لها ربما ما هو أهم، لها "زورق" ليس كمثله زورق، تعبر به تيها أو فراغا:
    وَزَوْرَقٌ يَـحْمِلُكِ إِلى الشَّمْسِ
    نحن إذن على عتبة الشمس. فهل من مفاجأة؟ هل هناك ثمة "مباغته"؟ ترى ماذا سيحدث حين تخرج بزورقها إلى الشمس؟ هل فعلا هي على مسار غير ما ألفناه من مسار؟ هل سنرى عند المفاجأة غير غبار خبرناه؟ أ لم تكن، في البدء، هي "كل النواقيس التي تدق الغبار"؟ هكذا حلق الزورق يحملها إلى الشمس ليباغتنا غبار الطرقات نفسها:
    لا شَيْءَ يُباغِتُكِ غَيْرَ غُبارِ الطُّرُقاتِ
    النَّائِمَةِ
    الطراقات نائمة (شيء من الموت إذن)، ولا بد من مجيء من يجلو عنها التراب ويوقظها. هكذا كانت الحال مع النواقيس، وهي الحال نفسها مع زورق الشمس: صراع الفن والحياة، عودة تعود إلى نفسها لنستعيد العشاق والمنسيين والملاحم. هذا هو الصراع، حادث مبيت بصدفته، صراع بين منتج للحياة وآخر منهمك يعيشها: باختصار: هل ينتج الفنانُ العالمَ أم يعيشه؟ وقد اختارت طفلة المشانق ابتداع العالم لا أن تعيشه:
    تَسْكُنين كَهْفَك الْأَزَلِـيَّ
    تَـحْمِلين قيامة أخرى يبعث فيها العشاق
    و الذين ماتوا خلف أعمارهم،
    فهَلْ تَعْبَئيِنَ بِما خَلَّفَتْهُ الْـحَرائِقُ؟؟
    مِنْ أَيْنَ تَلِجُنا الرِّياحُ
    وَحْدَكِ تُعانِقينَ الْـحُلُمَ
    تُطَرِّزينَ شَراشِفَ الْقَصائِدِ
    يا امْرَأَةً تـحُطُّ الغيوم على كفها
    تَسقط بين خطوط يديها نبوءة العرافين
    حين يكتحل البحر
    بالغرقى و مهرجان الملحِ
    يا امْرَأَةً تَـمْنَحُ كَفَّها أُغْنِيَةً
    لِكُلِّ الَّذينَ غادَروا عَلى صهوات الألمِ
    كَيْفَ زُيِّنَتِ الْـمَدائِنُ؟
    وَجُعِلَتِ الشَّوارِعُ الْـمُقْفِرَةُ مَـمْلَكَةً؟
    سَتَطيرُ إِلَيْكِ الْقَصائِدُ
    و تشيعك الكمنجات .....
    يا امْرَأَةً مَليئَةً بِالبياض
    ارْتَفِعي فـي كِتابٍ بِلا فَواصِلَ
    في مثل هذا العالم المبتدع، لابد أن "يباغتها" الغبار، ففي عالمها لا وجود لمثله: هنا بحر آخر وقيامة أخرى، ولا تعبأ بالحرائق وتعانق الحلم، والغيوم تحط على كفها إلى أن ترتفع في كتاب بلا فواصل (بياض، شفاف، هيولي متأجج لا ظلال له) بعد أن طارت إليها القصائد.
    أمران محيران إذن: مباغتة الغبار وتوجه القصائد إليها. فأين التقينا سابقا مثل هذه القصائد؟ لنرسل طيف الذاكرة على الأثر عائدين حتى نذكر جيدا:
    أَيَّتُها الراكضة فوق أصابع الريح
    هذا الْـمَكانُ جُرْحٌ قَديمٌ
    نَهَبُ لَهُ جَـميعَ قَصائِدِنا الْـمُتَّشِحَةِ
    بالمكان بالزّمن المنسحب
    هنا وهبنا المكان قصائدنا المتشحة بالمكان نفسه! فالقصائد باستمرار تتجه نحو المكان، يستدعيها من نفسه إلى نفسه، هو "جرح قديم" يقتضي قصائد تندبه وترثيه إلى نفسه. وهنا أصبحت طفلة المشانق هي "المكان"، هي نفسها "جرحٌ قديمُ" إليها (أو إلى الجرح) تطير القصائد رغم المسميات الجديدة! هكذا عدنا بعد مفاجأة الغبار في سفرنا إلى الشمس، عدنا إلى المكان، إلى الجرح القديم، إلى القصائد، إلى طفلة المشانق بوصفها المكان والقصيدة! وبمثل هذا التوحد والتماهي، تستطيع اشباع كل رغباتها، بل لها كل ما تشاء:
    لَكِ ما تَشائينَ
    مِنْ قُبُلاتِ اللَّيْلِ
    وَمِنْ دَهْشَةِ الصُّبْحِ
    لَكِ نَجْمَةٌ فـي جَنوبِ الْبِلادِ
    وَرَعْشَةُ سَيْلٍ فـي أَصابِعِ الْـحَبيبِ
    هَيَّا يا امْرَأَةً لا تَقِفُ عِنْدَ نُقْطَةِ الْوَجَعِ
    عَلِّمي الرِّيحَ حِكْمَةَ القلق.
    ومع أن لها ما تشاء، إلا أن نقصا يعتري المشيئة، يعتري ما لها، نقصا لا شك ضروريا للاستمرار، يقتضي دعوة أو دعاء أو استدعاء: يقتضي الحث والإلحاح: "هيا يامرأة لا تقف عند نقطة الوجع"، بقي خطوة واحدة قصيرة لنصل، خطوة المعرفة: "علمي الريح حكمة القلق"! لم تُعلّم الريح (أو الروح) حكمة القلق! بل وقفت القصيدة (وربما كل القصائد تقف) عند هذه الحكمة: أهو الفشل؟ أم هو النجاح؟ لو كان لها أن تعلم الريح حكمة القلق، لما كان بإمكان القصيدة أن تعود من جديد. ولولا القلق لما كانت لها نجمة في جنوب البلاد ولما كانت هناك دعوة تحث وتلحف بالدعوة. هذه تبريرات شبه ساذجة: وقفت القصيدة عند تعليم الريح "حكمة القلق" لأن القصيدة نفسها هي (الريح/ الروح) تعصف بـ"القلق" وهي "الحكمة": هي هذا الأثر الذي يقود من نفسه إلى نفسه ليؤجج ومضة الضياء فيمن يسرقه. هل نستطيع ترجمة القصيدة من لغتها الأصل إلى لغة أخرى (إلى لغة النقد مثلا) أو إلى لغة دلالاتها وتبقى القصيدة نفسها؟ هذا هو المحال عينه أو المستحيل، وهو في النهاية "الحرائق" التي لا تعبأ بها أو هو المشانق التي تشتهيها!
  • سليمى السرايري
    مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
    • 08-01-2010
    • 13572

    #2
    سيّدي الناقد والأديب الذي يأتي من مدينة الإبداع......
    الهويمل أبو فهد

    جعلتني أقف على نقاط جديدة حين فتحت شبابيك ذلك الغموض وجئت بمخبر لتحميض الصور
    بطريقة حديثة سلسلة ومشوّقة أضافت الألق والحيرة أيضا لطفلة المشانق....
    فهل تدري يا سيّدي ؟ أنّها مازلتْ هناك تعانق رفّات الشمس ... تنادي هؤلاء الذين مرّوا من وجعها غير عابئين بالزهرة المعتصرة.
    فكأنّ الضياع هو نفسه لون الفرح ،أو ربّما لون الحلم الذي لم يصل بعد......

    انها الآن لا تبالي فعلا حين يلفضها ذلك الصمت وتقفز فوق تموّجات الريح والفشل والقلق لتعتلي صهوة الغربة متّجهة إلى الشمس..... قبل أن تجفّ روافد المكان وقبل أن ينسلّ الزمن من حاضرها و تدخل ذاكرة النسيان....

    ~~~~~
    شكرا جزيلا على هذه الفسحة النقديّة أستاذي .

    تحيّاتي واحترامي


    لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

    تعليق

    • الهويمل أبو فهد
      مستشار أدبي
      • 22-07-2011
      • 1475

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة سليمى السرايري مشاهدة المشاركة
      سيّدي الناقد والأديب الذي يأتي من مدينة الإبداع......
      الهويمل أبو فهد

      جعلتني أقف على نقاط جديدة حين فتحت شبابيك ذلك الغموض وجئت بمخبر لتحميض الصور
      بطريقة حديثة سلسلة ومشوّقة أضافت الألق والحيرة أيضا لطفلة المشانق....
      فهل تدري يا سيّدي ؟ أنّها مازلتْ هناك تعانق رفّات الشمس ... تنادي هؤلاء الذين مرّوا من وجعها غير عابئين بالزهرة المعتصرة.
      فكأنّ الضياع هو نفسه لون الفرح ،أو ربّما لون الحلم الذي لم يصل بعد......

      انها الآن لا تبالي فعلا حين يلفضها ذلك الصمت وتقفز فوق تموّجات الريح والفشل والقلق لتعتلي صهوة الغربة متّجهة إلى الشمس..... قبل أن تجفّ روافد المكان وقبل أن ينسلّ الزمن من حاضرها و تدخل ذاكرة النسيان....

      ~~~~~
      شكرا جزيلا على هذه الفسحة النقديّة أستاذي .

      تحيّاتي واحترامي



      الاستاذة الفاضلة سليمى السرايري

      اشكر لك ثناءك وتفضلك بقراءة قراءتي. والحق أن القصيدة عميقة وبعيدة الإحلات، حتى أنني كثيرا ما ظننت أن لها علاقة بقصيدة الشاعر الانجليزي اللورد الفرد تينيسون (Lord Alfred Tennyson) سيدة شالوت (The Lady of Shalott)
      ، فكلا الطفلة والسيدة يستهويهما "الموت" إذا ما قررا الإبداع والإنتاج، وكلاهما اختارتا الإبداع لا الاستمتاع به. القصيدة الانجليزية طبعا لها اسطورتها التي منها ظهرت بشكلها الجديد (عام 1833)، أما "طفلتك" فلم استبن لها مهاد أولي، وفي لحظة اعتقدت أنها اللبنة الأولى في تشكيل أسطورة المشانق. ولعلنا نرى من قصائدك ما يؤكد هذا الحدس.

      تمنياتي لك بالمزيد من الابداع، وتقبلي تحياتي وتقديري

      تعليق

      • سليمى السرايري
        مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
        • 08-01-2010
        • 13572

        #4
        غريب سيّدي الفاضل حدسك...................!!!!
        هل تدري لماذا ؟ أو لعلّي أنا لا أدري لماذا؟ أو عرفتُ أخيرا...
        كتبتُ القصيدة منذ فترة قبل أن اكتشف بدوري أسطورة سيّدة الجزيرة أو لوحة "أزهار الريح" للفنان البريطاني جون ويليام ووترهاوس الذي كان مفتونا بالأساطير الأرثرية والشخصيات الأدبية والتاريخية وجسّد بعضها في العديد من لوحاته.
        وقد استند في رسمه للوحة على مقطع من قصيدة
        للشاعر البريطاني ألفرد تينسيون.

        وكذلك أسوحيت منها أنا، في برنامج تظاهرة تشكيل أدب وفن عدد 6 ، قصيدتي " سيّدة الجزيرة"
        وبين القصيدتين خيط من الإحساس بالألم يتنامى باضطراد لاى شعوريّا داخلي داخلي ليشكّل حالة ابداعيّة متطوّرة بدأت بقصيدتي الأولى "سيّدة الجزيرة" وتواصلت بقصيدة "طفلة تشتهيها المشانق" وبّما أحاول بعد هذه تشجيعك هذا ، متابعة هذه الحالة الإبداعيّة المتأجّجة لديّ.....

        تقبّل فائق تحيّاتي وتقديري

        لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

        تعليق

        • الهويمل أبو فهد
          مستشار أدبي
          • 22-07-2011
          • 1475

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة سليمى السرايري مشاهدة المشاركة
          غريب سيّدي الفاضل حدسك...................!!!!
          هل تدري لماذا ؟ أو لعلّي أنا لا أدري لماذا؟ أو عرفتُ أخيرا...
          كتبتُ القصيدة منذ فترة قبل أن اكتشف بدوري أسطورة سيّدة الجزيرة أو لوحة "أزهار الريح" للفنان البريطاني جون ويليام ووترهاوس الذي كان مفتونا بالأساطير الأرثرية والشخصيات الأدبية والتاريخية وجسّد بعضها في العديد من لوحاته.
          وقد استند في رسمه للوحة على مقطع من قصيدة
          للشاعر البريطاني ألفرد تينسيون.

          وكذلك أسوحيت منها أنا، في برنامج تظاهرة تشكيل أدب وفن عدد 6 ، قصيدتي " سيّدة الجزيرة"
          وبين القصيدتين خيط من الإحساس بالألم يتنامى باضطراد لاى شعوريّا داخلي داخلي ليشكّل حالة ابداعيّة متطوّرة بدأت بقصيدتي الأولى "سيّدة الجزيرة" وتواصلت بقصيدة "طفلة تشتهيها المشانق" وبّما أحاول بعد هذه تشجيعك هذا ، متابعة هذه الحالة الإبداعيّة المتأجّجة لديّ.....

          تقبّل فائق تحيّاتي وتقديري

          شكرا لك أستاذة سليمى السرايري على هذه الإضاءة.

          كنت في الأصل وضعت باللون الأخضر بعض المقاطع، حتى اربطها بسيدة شالوت، لكنني احجمت ظنا مني أن الأمر مجرد "وهم" في ذهني. لكن الإيحاء والتشابه كامن في ثنايا القصيدة. فإضافة إلى الطفلة التي تسكن المرآة الحجرية هناك مقطوعة االكهف الأزلي والعرافين ومعانقة الحلم والتطريز على الشراشف (لأن سيدة شالوت كُتِبَ عليها أن تبقى حبيسة برجها منشغلة بالحياكة وأن لا ترى العالم مباشرة. فإن فعلت غير ذلك، فإن هذا يعني هلاكها، ومع ذلك قررت أن ترحب بلعنة العرافين وأن تخرج من عزلتها، على ما في مثل هذا القرار من خطر قاتل). رأيت في طفلة المشانق ما قررته السيدة خاصة حين حددت القصيدة مسكنها وبعض صفاتها:

          تَسْكُنين كَهْفَك الْأَزَلِـيَّ

          تَـحْمِلين قيامة أخرى يبعث فيها العشاق

          و الذين ماتوا خلف أعمارهم،

          فهَلْ تَعْبَئيِنَ بِما خَلَّفَتْهُ الْـحَرائِقُ؟؟

          مِنْ أَيْنَ تَلِجُنا الرِّياحُ

          وَحْدَكِ تُعانِقينَ الْـحُلُمَ

          تُطَرِّزينَ شَراشِفَ الْقَصائِدِ

          يا امْرَأَةً تـحُطُّ الغيوم على كفها

          تَسقط بين خطوط يديها نبوءة العرافين

          حين يكتحل البحر

          بالغرقى و مهرجان الملحِ

          يا امْرَأَةً تَـمْنَحُ كَفَّها أُغْنِيَةً

          لِكُلِّ الَّذينَ غادَروا عَلى صهوات الألمِ

          كَيْفَ زُيِّنَتِ الْـمَدائِنُ؟

          وَجُعِلَتِ الشَّوارِعُ الْـمُقْفِرَةُ مَـمْلَكَةً؟

          سَتَطيرُ إِلَيْكِ الْقَصائِدُ

          و تشيعك الكمنجات .....

          يا امْرَأَةً مَليئَةً بِالبياض

          ارْتَفِعي فـي كِتابٍ بِلا فَواصِلَ


          ويظل كتاب الأساطير وحده كتابا بلا فواصل. ومع انتفاء الفواصل، لعل السيدة التقت الطفلة رغم بعد المسافة المكانية والزمانية ومسافة اللغة. ولعل استمرار لوحات سيدة الجزيرة هي الامتداد الطبيعي لكتاب بلا فواصل، فما زال الفنانون يرسمون لوحتها إلى اليوم (هنا)

          تحياتي وتقديري

          تعليق

          يعمل...
          X