لمْلـمْ شراعَـك أيهـا القبطـانُ
جَف المحيـطُ وغـارت الشطـآنُ
يكفيكَ مِن وجع الرحيـل مـرارة
منها يشيـبُ القلـبُ والوجـدانُ
ما أطيب الأيـام فـي دفء التـي
منهـا يفيـض الـود والتحنـانُ
أوقِدْ شموعَك كي تـرى أفراحنـا
فقلوبنـا عنـد النـوى أحــزانُ
إن كـان بُعـدكَ بالنقـود مُثمنـاً
فحنـانُ قربـك مـا لـه أثمـانُ
ذبلتْ زهورُ العمر بعـد غيابكـم
وتقرحـتْ مـن دمعهـا الأجفـانُ
هذي البراعـم تشتهيـكَ بقربهـا
كالساق ترجـو دفـأه الأغصـانُ
ما بيـن أنـات الحنيـن أجسّـه
قلبـا يصيـح بأننـي إنـسـانُ
إمسح بكفـك فـوق قلبـي كلمـا
صـرخ الفـؤاد وردد الشـريـانُ
أنا إن سكبتُ من الدموع أحرَّهـا
فـلأن عمـري كـلـه نسـيـانُ
أنا في ظلالك أحتسي كاس َالرضى
ليغيـبَ كـاسٌ كلـه أشـجـان
أنا في غيابك كنت ُأرعـى ذمـة
وأصـون ُعشـا تحتـه بركـانُ
هذي فراخي فـي دمـي خبأتهـا
لمـا تولـى أمـرَنـا الرحـمـنُ
ونذرتُ روحي كي أصون َعقولها
ليفيضَ منهـا النـور والإيمـانُ
المالُ لا يحمـي النفـوسَ وإنمـا
بالسهد ِ والحضن الحنون تصـانُ
إن كان دمعي في عيونـي حارقـا
فدموع قلبي فـي الحشـا نيـرانُ
أنا قد خفضتُ على الفراخ جوانحي
ودفنـتُ عمـرا مـا لـه ألـوانُ
وأنا التي عبَس الزمـان بوجههـا
وشكا مـرارة َكاسِهـا الوجـدانُ
وانا التي قطفت زهـور شبابهـا
ومشى عليها الجـور والهجـرانُ
وركبـتُ بحـرا لا يكـفّ هديـره
وشربتُ كاسـا ملـؤه السلـوانُ
حتى رأيت براعمـي قـد أينعـتْ
واشتـدّ منهـا العـودُ والسيقـانُ
فحمدت ُربي وارتضيـتُ قضـاءه
وقضيت ُعمـري كلـه شكـرانُ
يا رب جئتكَ والرضى في مهجتي
فارحـمْ فـؤاداً شَفَّـه الإيـمـانُ
تعليق