أمر من هنا لأتذكر سحائب العطاء، التي كثيرا ماهطلت بوابل منهمر، تلقتها النفوس بفرح غامر، فالغيم مدرار، وهم في الفؤاد قبل المكان ،
كانت تردد دوما:
"كل شيء إلى فناء ،فلمَ نبخل بالعطاء؟!
مرت أيام العطاء كوميض برق بليلة شتوية ماطرة، وهاهي تسامر القمر كل ليلة، تناجيه، تساءله عمن كان هنا!
فيدنو هامسا:"عما قريب تجنين الثمر".
تطرق قليلا، ثم ترتسم ابتسامة شاحبة على محياها، تمسح الدموع من على وجناتها ؛ أملا أن يصدق حدس القمر !
يغالبها النعاس، فتستسلم أجفانها للمنام ،وهي تنتظر الطارق القادم من بعيد.
تشرق الشمس، تلقي التحية على الربا، وتعانق الأزهار المتفتحة، تفتح عينيها، تنهض، وكلها أمل أن تسمع ما تنفرج به أساريرها، التي هجرها الفرح من سنوات !
تحدث نفسها معللة إياها بانتظار الفرج:
" لم أنتظر قدومهم، وهل أعطيت لأنتظر الجزاء، ومنذ متى كانت العطايا ترد؟!
هاهي الشمس تشرق كل صباح؛ لتمنح الكون الدفء، أعجزت أن أكون مثلها؟! عجبا لي! ."كانت هذه عباراتها دوما .
وذات مساء شتوي،عاصف ، اشتد بها المرض حتى لم تعد تقوى على الحركة ، واستعصى عليها منال كل دانٍ، حتى تناول كوب الماء من على الطاولة القريبة التي لا تبعد بضع أنامل من مخدعها، لاأحد بالجوار، ومامن أحد بالدار، فلابد أن تتناول الكوب لتتجرعه بعد الدواء، ترفع يدها في تثاقل، لكن الأمر يتفاقم ...تهوي على الأرض .. تشعر بالدوار.. تزداد وهنا إلى وهن .. لكن تحاول الإمساك بالكوب الذي لاتكاد تلمسه إلا بأطراف أناملها ... لكنه أيضا ينسكب لآخر قطرة، ترقب انسكابه بحسرة.. تيقن بالهلاك فملابسها ابتلت، والبرد قارس ، وهذا آخر كوب لديها .. ترتعش أطرافها، يسيطر الخوف عليها ، تشتد العواصف، وزمجرة الأبواب ، وأنين النوافذ، تحتبس الأنفاس... لامفر من ارتشاف القطرات لعلها تبقي على الرمق الأخير !
لقد كانت مثلا للعطاء ولن تعدم الجزاء من رب السماء .
رحمها الله رحمة واسعة!
كانت تردد دوما:
"كل شيء إلى فناء ،فلمَ نبخل بالعطاء؟!
مرت أيام العطاء كوميض برق بليلة شتوية ماطرة، وهاهي تسامر القمر كل ليلة، تناجيه، تساءله عمن كان هنا!
فيدنو هامسا:"عما قريب تجنين الثمر".
تطرق قليلا، ثم ترتسم ابتسامة شاحبة على محياها، تمسح الدموع من على وجناتها ؛ أملا أن يصدق حدس القمر !
يغالبها النعاس، فتستسلم أجفانها للمنام ،وهي تنتظر الطارق القادم من بعيد.
تشرق الشمس، تلقي التحية على الربا، وتعانق الأزهار المتفتحة، تفتح عينيها، تنهض، وكلها أمل أن تسمع ما تنفرج به أساريرها، التي هجرها الفرح من سنوات !
تحدث نفسها معللة إياها بانتظار الفرج:
" لم أنتظر قدومهم، وهل أعطيت لأنتظر الجزاء، ومنذ متى كانت العطايا ترد؟!
هاهي الشمس تشرق كل صباح؛ لتمنح الكون الدفء، أعجزت أن أكون مثلها؟! عجبا لي! ."كانت هذه عباراتها دوما .
وذات مساء شتوي،عاصف ، اشتد بها المرض حتى لم تعد تقوى على الحركة ، واستعصى عليها منال كل دانٍ، حتى تناول كوب الماء من على الطاولة القريبة التي لا تبعد بضع أنامل من مخدعها، لاأحد بالجوار، ومامن أحد بالدار، فلابد أن تتناول الكوب لتتجرعه بعد الدواء، ترفع يدها في تثاقل، لكن الأمر يتفاقم ...تهوي على الأرض .. تشعر بالدوار.. تزداد وهنا إلى وهن .. لكن تحاول الإمساك بالكوب الذي لاتكاد تلمسه إلا بأطراف أناملها ... لكنه أيضا ينسكب لآخر قطرة، ترقب انسكابه بحسرة.. تيقن بالهلاك فملابسها ابتلت، والبرد قارس ، وهذا آخر كوب لديها .. ترتعش أطرافها، يسيطر الخوف عليها ، تشتد العواصف، وزمجرة الأبواب ، وأنين النوافذ، تحتبس الأنفاس... لامفر من ارتشاف القطرات لعلها تبقي على الرمق الأخير !
لكن القطرت في أرض احتضنها الجفاف !
فهيهات للقطرة الاستقرار!
لا غطاء، ولاجسم يقوى على الحراك، تحاول الاجتماع حول ذاتها لتشعر بالدفء لكن... إنه القدر! لقد صافحتها يد المنية بدلا من أن تصافحها الأيادي الحانية التي أغدقت عليها العطاء لكنهم رحلوا، وبحياتهم عنها شغلوا ، وهي التي لم تبخل قبل أن ترحل. فهيهات للقطرة الاستقرار!
لقد كانت مثلا للعطاء ولن تعدم الجزاء من رب السماء .
رحمها الله رحمة واسعة!
تعليق