الشقلباظ: سحر الغرابة الفاتنة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الهويمل أبو فهد
    مستشار أدبي
    • 22-07-2011
    • 1475

    الشقلباظ: سحر الغرابة الفاتنة

    الشقلباظ: سحر الغرابة الفاتنة


    حظي "الشقلباظ" (قصة الدكتور فوزي سليم بترو) باهتمام نقدي منذ أن نشرت في قسم (اعرض نصك للنقد). فقد علق عليها الاستاذ مختار عوض ومنحها الناقد محمد الصاوي السيد حسين قراءة معمقة ثرية، كشفت بعض تيماتها وركزت على جودة السرد وآلياته. ثم حديثا كان الشقلباظ موضوع ليلة صوتية، لتحظى مرة أخرى بآراء مختلفة من الحضور. كما كنت من أوائل من علق على القصة والإشادة بها، وهنا أنا أعود ثانية كما عاد الشقلباظ مع "مغيب الشمس" بعد أن "حرثت" ملتقى الأدباء والمبدعين العرب وهمت في وديانه و وهاده بحثا عن "شقلباظ". حركة غريبة أن أفعل ذلك، وربما زئبقية أيضا، تشبه السحر: اضغط زرا فتفتح صفحة لا أجده فيها، فأضغط آخر، فلا أجد وبي شوق للقائيه. ثم أخيرا وجدته صوتا وحرفا ومقاما في (اعرض نصك للنقد).

    لا شك أن قصة الشقلباظ أبتُنِيَت على "الغرابة" المطلقة، غرابة الشقلباظ نفسه وغرابة القصة نفسها. فالشقلباظ، في كل ما يتعلق به، "غريب" غرابة مطلقة: غريب وغرائبي في أصله وفي أفعاله، والأهم من ذلك في صلته بالقوى الغيبية والخفية. هذه الغرابة الغريبة تمتد حتى إلى كينونته وحركته، بل إلى منبته. وهو في كل أفعاله وأصله وتصرفاته يشبه كثرا ما ساد ويسود في الوعي الجمعي: فهو يشبه "الجن" إن لم يكن منها أو هو "الصوفي" الغريب الذي يتحكم هو نفسه في مشيئته. وكل الصفات هذه لها علاقة وطيدة بعالم المتناقضات والعالم الخفي الغامض. ولئن كان الجن والصوفي من ثوابت الثقافة، فإن تشبيه حركاته وسكناته بالزئبق تشبيه موفق جدا. فالشقلباظ في غرابته وتناقضاته لا يقل عن الزئبق غرابة ولا علاقة في التناقضات ولا في عالم الغيب.

    هل نستغرب إن كان الزئبق مادة قياس، قياس القبول أوالرفض وقياس الحركة وغرابتها! بل إن للزئبق من الغرابة ما يجعله أهلا للشقلباظ ولغرابته. والأساطير التي نسجت حول الشقلباظ لا تقل غرابة وأهمية عما نُسج حول الزئبق من أساطير وأهمية. فالزئبق جزء من غموض الحياة والخلود، فقد وجد في قبور الفراعنة وأباطرة الصين بوصفه مادة تطيل الحياة؛ لكنه أيضا سام يقضي على الحياة. كما استخدمه الإغريق والرومان مادة للتجميل، مع أنه يشوه الجلد والوجه؛ وظن الكيميائيون أن الزئبق هو المادة الخالصة الأولى التي منها قد تنجح عملية تحويل المواد "الخسيسة" إلى مواد "شريفة"، بل إلى "ذهب" خالص. ثم أنه هو النجم عطارد، آلهة الفنون عند الرومان، وهو أيضا الآلهة الذي يرافق الأموات من عالم الأحياء إلى العالم الآخر.

    وشأن الزئبق، نبت الشقلباظ فجأة ومن أمد بعيد، لا أحد يذكر بدايته. وغرابته واختلافه المطلق يتجسد في استقبال المجتمع له، وهو استقبال متناقض كالزئبق متأرجح. فالمألوف في المجتمعات قبول السائد واستبعاد الشاذ. لكن حالة الشقلباظ قلبت الموازين: فغرابته كانت سبب فتنته. فهو فتنة الصغار وحيرة الكبار (كان :"أعجوبة" المجتمع بأكمله). هذا التناقض مستمر شأنه شأن غرابة الشقلباظ نفسه: فاختلافه المطلق (وإن كان منفرا) أصبح ليس فقط مصدر إغراء المجتمع بل مصدر "رهبة" (وحفنة احترام، وكثير حب) لأسباب جوهرية! فالغريب أو المختلف دائما تحيط به هالة من الغموض والكشف، دائما لديه معرفة خفية لا يعلمها الأسوياء، أو هم يظنون به القدرة على الاتصال بعالم غير عالمهم. ولهذا من الطبيعي أن تُنْسَج حوله "حكايات" لا تقل غرابة عن غرابته. حكايات تتعلق بمعرفة غريبة وحقيقية، معرفة غيبية لها فوائدها غير المتاحة فيما يعرفه غير غرباء الأطوار والسلوك والمظهر؛ من هذه الفوائد جلبه الحظ وتيسير أمور من يبدأه بالتحية الصباحية، ويحقق الأماني. وهكذا بالرغم من أنه شكل منفر، إلا أن لديه جانبه المغري والمُعْجِز. ولتحقيق شيء من معجزاته، على المرء أن يتبع طقوسا جسدية (إن لم تكن روحية)! لهذا لن نستغرب إذا بيت الراوي النية أن يسير على خطى الشقلباظ؟ يقول:

    (فقرَّرْتُ أن اتبَعْ خُطاه وأسير خلفه إلى حيث يَبيتْ، ومع صِيَاح الدِيَكة أفاجئه بتحية الصباح، فأكون أول مَنّ يَتَصَبَّحْ بهِ!)

    وبمثل صلته بعالم الغيب، وما يقتضيه نفعه من طقوس، يتحول الشقلباظ (الغريب غرابة اسمه) إلى ساحر فاتن (ربما له صلته بعالم الأرواح الخفية). هنا نحن على طرفي نقيض: الشقلباظ غريب غرابة مطلقة وقريب قربا مطلقا (كيف لا ولديه فوائد تخص أخص آمالنا وتطلعاتنا). لا شك أنها علاقةٌ تناقضُ تناقضَها، وبمثل هذه البنية المتناقضة فإنها لا تقل غرابة عن غرابة الشقلباظ نفسه: الغرابة نفسها مغرية فاتنة لأن لها معرفة مغرقة بالخصوصية (وبالتأكيد لابد أن تكون معرفة سرية)، ولا شك أن مثل هذه المعرفة تستقر في مركز النظام المعرفي (كما يقول فوكو). الغريب (الشاذ) إلى أبعد درجات الخيال يستطيع معرفة ما يخص المرء السوي؛ الشذوذ المطلق له قوة الاطلاع المعرفة (لعلها معرفة محرمة)!
    لا يستوي مع هذه المعرفة الخفية إلا من هو أكثر خفاءً وغرابة منها! فما هي خصائص الشقلباظ؟ من حيث القِدَم هو قِدَمُ الوجود (في الأقل هو أقدم من الراوي ومن أهل الحي)، وعلمُه غيبٌ "لا يعلمه إلا الله،" والشقلباظ نفسه "على باب الله" (بمعنى إنه مسكين يستحق الشفقة والرأفة، لكن الباب باب إلهي)!

    وعلاقاته بالصغار والكبار مقبولة، لكنها مبنية على تناقض: الأطفال يقسون عليه أغلب الأحيان، وهو نفسه "حاد الطباع". أما شكله الخارجي فسيء: منظره مزري، ثيابه رثة، شعره أشعث. وبمثل هذا المنظر الخارجي، فإن له معادله الخيالي في الثقافة، معادل لا يتناسب مع استقبال المجتمع له! لكن المفارقة تكمن في ما لهذا الشقلباظ من تأثير: فأهل الحي جميعا (نساءا ورجالا وأطفالا) تنازلوا عن عقلهم وأسلموا أمرهم للحكايات، يتركون نوم الصبح لتحيته. إذن له قوة خارقة، حتى الراوي أصبح من "اللاهثين" ليستقبله أولا قبل غيره. ثمة تنافس على الاقتراب من هذا المنظر المنفر! الشقلباظ إذن بقدر ما هو منظر منفر، هو أيضا شخص جذاب ومغرٍ.

    لا تقف الغرابة عند مثل هذه التناقضات، بل إن الشقلباظ هو الغائب الحاضر، هو المركز الوحيد الذي يدور حوله المجتمع الذي لا يشبهه ولا هو جزء منه؛ لكنه واقعا جزء لا يتجزأ من مجتمع يراه غريبا. أليس من الغرابة أن يبحث عنه الراوي؟ أعلم أن البعض سيقول إن للراوي الحق كله في بحثه عن الشقلباظ، وأنا أيضا اتفق أن له هذا الحق شأن غيره من أهل الحي، بل له أيضا أن ينافس غيره في العثور عليه أولا وقبل غيره.

    لكن علينا أن ننتبه: الراوي لا يبحث عن الشقلباظ بل عن "شقلباظ"، بصيغة التنكير. هو إذن لا يبحث عن "الشقلباظ" الذي عرفناه بغرابته وتناقضاته، بل عن "شقلباظ" وبذل في سبيل ذلك ما لم يبذله غيره (أحداث القصة تؤكد ذلك)!


    لعل الكثير لم يتنبه لتنكير الـ"شقلباظ" في بحث الراوي عن الشقلباظ. وإنني هنا لا أولي أهمية أبدا إلى حقيقة أن الكاتب أهمل أداة التعريف قصدا أو سهوا. بل الأهمية لما جرى في هذا البحث عن "شقلباظ"، خاصة أن الباحث أمضى وقتا غير معلوم لكنه طويل فلم يجد "شقلباظـ"ـه. والحق إن ما جرى يتسم بغرابة لا تقل عن غرابة الشقلباظ. فالراوي في محاولته أصبح هو نفسه لا يقل شبها عن الشقلباظ وتصرفاته وحركاته الزئبقية: (حرثت الحارة شارعا شارع، وزقاقا زقاقا ولم أعثر على أثر) (طبعا غير أثر حرثه الحارة). ولما كان للجنون دائما إغراؤه، لم يكتف الراوي بحرث حارته وشوارعها وأزقتها، بل توجه إلى الحارات المجاورة في حركة تشبه زئبقية الشقلباظ، لكن بلا فائدة.


    وغياب الفائدة هنا أمر مهم، فالمعرفة الخفية لا يمكن الحصول عليها ما لم يتوحد الباحث بمن يمتلكها، فحتى يحصل على المعرفة التي يمتلكها الشقلباظ عليه أن يصبح (هو نفسه) شقلباظا، ولابد أن تصيبه العدوى. لهذا يقول الراوي

    (همت على وجهي في الأراضي الفضاء وفوق التلال وداخل المغاور. كان الوقت يمر بلا رقيب وبلا حساب. إلى أن يئست فقررت العودة لحارتنا)

    لا بد أن نذكر أن الشقلباظ ظهر فجأة كنبته برية في الحارة، ولا يذكر بدايته أحدٌ. وإن الوقت بالنسبة للشقلباظ لا قيمة له، وربما بلا حساب، وكان يهيم على وجهه. هل يختلف إذن عن حالة الراوي الباحث عن شقلباظ؟ ولا شك أن هيام الراوي لهذه المدة قد أكسبه المنظر الخارجي للشقلباظ. كل الدلائل تؤكد مثل هذا الاستنتاج. ولذلك هنا تحديدا، مع هذه العودة، سيفقد بدايته ومن أين أتي ومتى أتى، بل إنه لا يعلم كم مضى من الوقت في البحث. فمن هو الذي لا أحد يعلم متى جاء ومتى نبت كزهرة برية؟ من هو الذي كان دائما موجودا؟ وحده هو الذي لا يستطيع أحدٌ أن يرصد حركته أو أصله وفصله، الذي يأتي مع طلوع الشمس ويختفي متى شاء (ربما مع مغيبها)، ويهرول زئبقا دون أن يراه أحد. يقول الراوي الباحث عن شقلباظ:

    (هرولت ناحية الحارة، وصلت أطرافها مع مغيب الشمس وكان هناك أطفال يلعبون ... هللوا بصوت واحد: "الشقلباظ رجع يا أولاد"، "الشقلباظ رجع يا أولاد")!

    التركيز على ما قاله الأطفال مهم ومهم جدا في سياق ما كان الراوي يبحث عنه. فالراوي كان يبحث عن "شقلباظ"، لا عن "الشقلباظ"! وحتى يجده يجب أن يحقق "طقوس العبور"، عليه أن ينجز رحلة التحول، ليصبح الشقلباظ. وطقس العبور هو "محنة" تؤهل المُمْتَحن لتحقيق التحول والعبور. والراوي فعلا مضى في طقوس الرحلة واجتاز كل عوائقها، فعاد بوصفه "الشقلباظ" بشهادة الأطفال: "الشقلباظ رجع يا أولاد، الشقلباظ رجع يا أولاد"، وكأن تكرار العودة هي تعزيمة التحول السحرية. فكل تعزيمة تقتضي التكرار. وهكذا أطلق الأطفال تعزيمة عودة الشقلباظ، لتكتمل عودته في حركة دائرية من الشقلباظ، إلى البحث عن شقلباظ، إلى التحول إلى الشقلباظ، وبهذا حقق الراوي طقس عبوره وأصبح الشقلباظ. إذن قرار الراوي ليس صدفة حين قال:

    (فقرَّرْتُ أن اتبَعْ خُطاه وأسير خلفه إلى حيث يَبيتْ)


    يبقى أن نسأل: ما هو سر إغراء الشقلباظ الذي يستهوي الجميع ويدفعهم إلى التقرب منه أو التحول إليه رغم كل ما يشير إلى وجوب النفور منه؟ لعله سر المعرفة أو هو ما نحاول أن نستبعده في دواخلنا ونستمتع به خارجنا. لعل لكل منا شقلباظا نستمتع به في صورة غيرنا ونكره الاعتراف بوجوده بين جوانحنا. قلة هم الذين يلتزمون بتنفيذ طقس العبور إلى "شقلباظـ"ـهم (وربما نفذوا طقس عبورهم في القصص فقط: فالجنون فنون والزئبقي عطارد آلهة الفنون)!
    التعديل الأخير تم بواسطة الهويمل أبو فهد; الساعة 03-11-2012, 14:07.
  • فوزي سليم بيترو
    مستشار أدبي
    • 03-06-2009
    • 10949

    #2
    في هذه القراءة النقدية لنص : الشقلباظ يعود دائما "
    رفع الأستاذ هويمل اللبس عن شخصية بطل القصة
    وقام بإنارة الطريق للقاريء الذي احتار بأمر هذا
    الكائن الزئبقي .
    ربما أراد كاتب نص الشقلباظ أن يوصل رسالة ،
    مفادها أن داخل كل واحد فينا شقلباظ ، ابحث عنه
    تجده كامنا بين ثنايا العقل الظاهر منه والمستتر .
    لم يبخل الأستاذ هويمل أبو فهد على النص .
    رفع قيمته من خلال هذه القراءة . وكل الشكر له .
    فوزي بيترو

    تعليق

    • الهويمل أبو فهد
      مستشار أدبي
      • 22-07-2011
      • 1475

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة فوزي سليم بيترو مشاهدة المشاركة
      في هذه القراءة النقدية لنص : الشقلباظ يعود دائما "

      رفع الأستاذ هويمل اللبس عن شخصية بطل القصة
      وقام بإنارة الطريق للقاريء الذي احتار بأمر هذا
      الكائن الزئبقي .
      ربما أراد كاتب نص الشقلباظ أن يوصل رسالة ،
      مفادها أن داخل كل واحد فينا شقلباظ ، ابحث عنه
      تجده كامنا بين ثنايا العقل الظاهر منه والمستتر .
      لم يبخل الأستاذ هويمل أبو فهد على النص .
      رفع قيمته من خلال هذه القراءة . وكل الشكر له .

      فوزي بيترو
      الدكتور فوزي

      الشقلباظ هو قيمة نفسه، هو الزئبق الذي به نقيس آدميتنا وقلقنا، ولا يحتاج من يرفع قيمته! ولولا حركاتنا الزئبقية لاعترف كل منا بشقلباظه. ويظل تجسيد الشقلباظ (قديما وحديثا) ملاذنا الوحيد لنخفي عن أنفسنا ما يعتمل في الصدور: فنحن الأسوياء والشقلباظ (على باب الله)

      تحياتي وتقديري لك وللشقلباظ

      تعليق

      • زهور بن السيد
        رئيس ملتقى النقد الأدبي
        • 15-09-2010
        • 578

        #4
        أستاذي القدير الهويمل أبو فهد
        تحية كبيرة لك على هذه الدراسة النقدية العميقة لنص للكاتب المبدع الدكتور فوزي بيترو
        قراءة متفحصة ممتعة.. عملت بلغة نقدية علمية على فك رمزية القصة وفتح مغالقها..
        فكانت هذه القراءة وسيطا كاشفا مميزا بين النص وبين المتلقي العادي..
        شكرا لك على هذا المجهود المعرفي الكبير
        تقديري الكبير لك أستاذ الهويمل

        تعليق

        • الهويمل أبو فهد
          مستشار أدبي
          • 22-07-2011
          • 1475

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة زهور بن السيد مشاهدة المشاركة
          أستاذي القدير الهويمل أبو فهد
          تحية كبيرة لك على هذه الدراسة النقدية العميقة لنص للكاتب المبدع الدكتور فوزي بيترو
          قراءة متفحصة ممتعة.. عملت بلغة نقدية علمية على فك رمزية القصة وفتح مغالقها..
          فكانت هذه القراءة وسيطا كاشفا مميزا بين النص وبين المتلقي العادي..
          شكرا لك على هذا المجهود المعرفي الكبير
          تقديري الكبير لك أستاذ الهويمل

          الدكتورة الفاضلة زهور بن السيد


          أنرتي المتصفح بمرورك، وسرني كثيرا ثناؤك.


          ويبدو أن الدكتور فوزي قد حرك الشقلباظ فبت أراه في كل ما يخطر لي. واليوم عرض لي في مصنف النجم الغزي (الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة)، في صورة الشيخ "نعمة الصفدي" المجذوب. وبحثت في اللسان عن مادة "جذب" فوجدتها تعني الشخص الذي يقع بين الشيطان والحق تعالى، فيجذبه الله تعالى وينجو. وأتركك مع الحكاية بحفظ الله ورعايته، وجزيل شكري.


          الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة، النجم الغزي


          624 - نعمة الصفدي: نعمة الصفدي، المجذوب الغارق في الجذب، قال الشيخ الكناوي: أصله من عرب بني صخر من غور بيسان، فمن الله تعالى عليه وجذبه، فسكن مدينة صفد قال: وكان رجلاً أسمر اللون، طويلاً، غليظ القطعة، له كرامات كثيرة، ومكاشفات زائدة يعرف بعضها أهل بلاده: منها أن نائباً كان بصفد في عصر الشيخ نعمة. قال له: بنيت لك تربة [يعني قبرا]. فقال له الشيخ نعمة: لذقنك، فعن قليل مات النائب، ودفن بها، ومنها أن النائب المذكور كان جائراً جباراً، فقبض على جماعة ظلماً، وأودعهم الحبس، فمر عليهم الشيخ نعمة يوماً، فاستغاثوا، به. قيل: كان بيده خيارة، وقيل: عقب خيارة، فرمى بها إلى باب الحبس، وكان عليه قفل كبير، فانكسر وانفتح باب السجن، فخرج المحبوسون، وفروا منهزمين إلى بلدانهم، فضج الناس لذلك، واعترى النائب خوف وذلة، وهاب الشيخ نعمة، وتأدب معه. مات [الشيخ نعمة] بصفد سنة إحدى أو اثنتين وتسعمائة فيما ذكره الشيخ موسى، وفي تاريخ ابن طولون أنه مات قبل ذلك بنحو سنتين، وهو الأصح رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

          تعليق

          • عبير هلال
            أميرة الرومانسية
            • 23-06-2007
            • 6758

            #6
            دراسة نقدية مميزة لأديب قدير

            سلمت أناملك أديبنا المبدع

            الهويمل أبو فهد عليها

            بارك الله جهودك


            لك مني كل التقدير
            sigpic

            تعليق

            • الهويمل أبو فهد
              مستشار أدبي
              • 22-07-2011
              • 1475

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة عبير هلال مشاهدة المشاركة
              دراسة نقدية مميزة لأديب قدير

              سلمت أناملك أديبنا المبدع

              الهويمل أبو فهد عليها

              بارك الله جهودك


              لك مني كل التقدير

              الفاضلة عبير هلال حفظك الله

              سرني ثناءكِ على القراءة، ومن النادر أن يثني على قراءة مقال نقدي. شكري لك وتقديري

              تعليق

              • وفاء الدوسري
                عضو الملتقى
                • 04-09-2008
                • 6136

                #8
                يبقى أن نسأل: ما هو سر إغراء الشقلباظ الذي يستهوي الجميع ويدفعهم إلى التقرب منه أو التحول إليه رغم كل ما يشير إلى وجوب النفور منه؟ لعله سر المعرفة أو هو ما نحاول أن نستبعده في دواخلنا ونستمتع به خارجنا. لعل لكل منا شقلباظا نستمتع به في صورة غيرنا ونكره الاعتراف بوجوده بين جوانحنا. قلة هم الذين يلتزمون بتنفيذ طقس العبور إلى "شقلباظـ"ـهم (وربما نفذوا طقس عبورهم في القصص فقط: فالجنون فنون والزئبقي عطارد آلهة الفنون)!


                قراءة أكثر من ممتعة وقيمة للحقيقة استمعت هنا كثيرا
                كل الشكر استاذ: الهويمل
                ودي الأكيد وتقديري

                تعليق

                • الهويمل أبو فهد
                  مستشار أدبي
                  • 22-07-2011
                  • 1475

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة وفاء عرب مشاهدة المشاركة
                  يبقى أن نسأل: ما هو سر إغراء الشقلباظ الذي يستهوي الجميع ويدفعهم إلى التقرب منه أو التحول إليه رغم كل ما يشير إلى وجوب النفور منه؟ لعله سر المعرفة أو هو ما نحاول أن نستبعده في دواخلنا ونستمتع به خارجنا. لعل لكل منا شقلباظا نستمتع به في صورة غيرنا ونكره الاعتراف بوجوده بين جوانحنا. قلة هم الذين يلتزمون بتنفيذ طقس العبور إلى "شقلباظـ"ـهم (وربما نفذوا طقس عبورهم في القصص فقط: فالجنون فنون والزئبقي عطارد آلهة الفنون)!


                  قراءة أكثر من ممتعة وقيمة للحقيقة استمعت هنا كثيرا
                  كل الشكر استاذ: الهويمل
                  ودي الأكيد وتقديري
                  الأديبة والشاعرة الكبيرة

                  أنورت القراءة بحضورك وسرني ثناؤك

                  لك الود ولشعرك ولانتاجك الأدبي كل التقدير

                  تعليق

                  يعمل...
                  X