سفينة ضائعة في واقع
فكلما تحركت يداي نحو دفة سفينة الحياة لتديرها تشتد العواصف المحدقة بي من كل جانب لتبعدني عن حقي في قيادة نفسي وتقرير مصيري الذي لا يزال حتى اللحظة مشؤوماً ...
يتبادر إلى الذهن الخيال ، فأحلم باليوم الذي سيحق لي أن أفكر في أن أفكر وكيف أفكر ... أحلم بالقمر يصدع علي بنسمات نورانية ترسم هذا الحلم في فؤادي ملبية نداءات جسمي الذابل يوماً بعد يوم ، الضائع بين هيجان البحر وصخب الريح وألم الغربة ، ومأساة العجز وغطرسة الهم وحقد الفقر ... فأخضع للخضوع .
تتململ الأماكن من لكثرة ارتيادها ، فتأن تحت وطأة العذاب الذي يقل قلبي فيؤلمها كما يؤلم كاهلي ...
أنظر من فوق سارية السفينة المتأرجحة بين الجبال فلا يلوح في أفق البحر إلا خط أسود يزداد بعداً كلما اقتربت منه ، أعزي نفسي بسوء النظر وقلة ذات اليد التي بترت لكثرة الامتداد نحو الخدمة وكانت تعود من قبل لا تحمل إلا المزيد المزيد من ماء العذاب ...
كثيراً ما أكرر النظر ألح على ذلك الأفق مستجدياً بأحاسيسه التي ترتدي قناع البراءة ، فيبادرني بخلق خوف ليسكن جوارحي عندما يلوح لي في ذلك الأفق شيء أتمنى لو أنه عاد بي إلى سويعات الخط الأسود ، فهو على الأقل خير من لا شيء ، أو أفضل من خط نور سأكتشف عندما أصل إليه أنه خلق من نار وتوارى عني مخيلتي بقناع النور الذي سيحرق خشبات السفينة التي أمتطي صهواتها مع رفاقي والتي أخلص لي كل ما فيها حتى ذرات الماء المنسلة المتسللة إليها ، فأبت أن تنهي مأساة بائس كره حتى كلماته التي يكتبها ... فرآى أن الارتماء بين أحضان الموج المالح يكون أعذب من التعب في رحلة آخرها أن أحرق بنار كان هو الذي أوقدتها ، لتكفيه برد البحر وحر السفينة ...
حبيبتي سفينتي شمسي قمري أفقي وبحري ، كم تركتم فيّ من أحزان أرقت على مضاجعي وأوقدت في مواجعي وأنبتت في مفاجعي ، حتى أحببتكم أكثر من أي شيء ...
فعليكم مني السلام ...
تعليق