حتّى لا تموت القصيدة.
على شاطئ قصائده أرسو بفكري، أمتّع ناظري،أحلق مع نوارس حرفه، من برج الحنين إلى ناطحة الأنين، بين طيات السنين أركب سفينة ماجلان ، و أدير بوصلة الزمن إلى الماضي المجيد؛لأشهد فوارس البطولة سيف عنتر و صولجان كسرى ، إلى دير القدّيسين لأقف أمام ركبتي عشتار أنّى ينحني الحسام و القشيب و الدائر يتضرعون النصر.
و ينسجون إلياذات تخلد السنين الغابرة، و قلوب عاشقة بالوله ثمله، تنزف وجدا تترنح في مقلتيها الدموع تضرعا أن جودي بالوصل.
حروب و حروب ، طروادة، داحس و الغبراء، و عشق وآلاف القلوب نواح قيس و كوالح الخطوب.
كثيرة ، كثيرة ،هي بطولات حرفه فبين كتفيه وشم الشهامة، و على جبينه كتب ثائر، لا تتراءى إلا لأنثى تهوى الحرف بل تعشقه حد العبادة..
ساحري يعصر من حرفه خمرا بلا تعب ، يغزل نورا، فمن بين أنامله يضيئ اللهب، يقدم لي النجوم على آنية شغف.. شهي حرفه فمن شفتيه يسقيني زلالا نميرا، و تنساب من كفيه أنهارغميرة.. يسوي ببنانه من الصحائف جناتا و عيونا و أرائك لنا فيها متكأ ،و شرفات نتخذها أسرة حين تأوي الشمس إلى مهجعها..
أدمنت حرفه فصرت أتنفسه شهيقا و زفيرا، وعشقت ثوبه فصرت ألتحف القصيدة، أتوشح القصيدة.،أنتظر مخاض أبجديته لتنجب القصيدة، توائم ، ذكورا و إ ناثا ، مثنى وثلاث من أحرف نسَجت من ريحانها و سوسنها إكليلا، و من جنان ديوانه صنعت عرشا. و كل فخري أن يصفق الجمع حين تتلى القصيدة..
أ عشقته ؟ لا بل عشقت القصيدة..
قدسية أحرفه كلما أفلت إشتاقت إليها عيون الليل، متوهجة من قبسها توقد فوانيس المعبد...
تراتيل و إبتهالات صداحة كمآذن المسجد..قدسية أحرفه و قديسة أنا في محراب هواها أعتكف .
و لأني أحببت القصيدة خيّرت بينه و بين أن تحيا حروفه منارة للتائهين،رسولا للعاشقين،نبراسا لليقين،أجُبرت أن أقدم قربانا ، فمن عادة العشاق أن يقدموا أرواحهم فداء المحبوب ، فإما يموت القلب أو تموت القصيدة، فمضيت بلا وجل و قدمت قلبي لمقصلة الحرف ،لأموت أنا شهيدة فــداء لأن تحيا القصيدة..
نسرين
تعليق