فوق الحروف الهاربة من معتقدات اللغة عاد وهج الكتابة الى مريضتي التي أسعفتها بعد أن خرجت معها في نزهة على شاطئ بعيد . هنا ارتدت لباس الصمت الشتوي و اعتذرت من سباتها اللغوي و لكني عذرتها فليست الوحيدة التي آويتها و سقتها من منحدرات الهوى الذي ابتاعته خلسة في إحدى الحفلات الرسمية . لا أدري كيف لهذه المرأة الجميلة الني لطالما شهدت لها على شجاعتها و إقدامها على الحياة كيف لها أن تصل الى هذه الحالة بعد أن امتحنتها الحياة فأهدتها مغامرة غرامية كادت أن تعصف بها و تحيلها الى التقاعد بعد أن إستعصت عليها الحيل للخروج من معتقلها الذي سلبها هويتها و منحها شخصية انتحلتها مرغمة و ها هي اليوم أمامي أراقبها عن قرب. بعد أن زرتها و أخرجتها عنوة و جئت بها الى هنا علها تستعيد جزءا من ماضيها الذي لم تعثر عليه بعد . ها هي الآن تجلس بمفردها تضع كتابها الى جانبها و تتحدث في صمت . فأردت أن أجلس بالقرب منها و النظر اليها ،فتحدثت لي قليلا ثم صمتت ، فليست كل التجارب ناجحة و لا كل النتائج عادلة . لم أتمكن في البداية من تشفير سجلات الحياة و تعديل البعض من أجزاءها . لم أتمكن من مواصلة الحديث معها بعد أن صدتني في صمت لأعود و أغفو قليلا .فلم اتمكن من النوم منذ أيام أغالب نفسي لأبقى مستيقظة طوال الليل لأهدئ من روعها بعد أن ألمت بها نوبات البكاء الشديد في عرض الظلام و ها أنا اليوم أضمد جروحها التي لم تلتئم بعد . عدت اليوم أزوال هواية الكتابة على مضض فقد طويت كتبي و أودعت ملفاتي التي تحوي أوراقا مهترئة لطالما جابت معي أماكن مختلفة ووضعتها في درجي مكتبي و أحكمت عليها الغلق و عدت الى مدينتي أمارس هواية التمثيل لأنسى الكتابة التي غمرتها بود كبير ثم خرجت منها بعد تردد طويل و بحثت لي عن هواية أخرى . كيف لي أن أزاول أكثر من هواية و أنا التي كنت مشحونة بألق الكتابة و حبها المحموم فكنت أطيل المكوث في مكتبي لساعات طوال أبتعد فيها عن موطني ، عالمي و أذهب لأعبر مدنا أخرى لأعود محملة بالأشواق ، ثم أعانق الأوراق في اشتياق ،أضع رأسي على مكتبي و أغمض عيناي لأنام جالسة على الكرسي أرفض فكرة المغامرة حتى لا يغادرني هوس الإبداع . سألت نفسي ماذا حل بي لماذا تغيرت بهذا الشكل لماذا عدت الى هناك و عزلت نفسي عن حياة كنت قد ألفتها و إعتنيت بها و رغبت في أن أزاولهاالى الأبد . أهذه النكسة التي أصابت صديقتي جعلتني أعود بها الى هنا أو أنني أنا من كنت بحاجة للعودة من جديد بعد مرور وقت طويل لأجدني هنا . أخفيت وجهي في كتابي و استلقيت على أريكتي و بكيت بعد أن استبدت بي الظنون . هل طالني هذا الجنون الذي جاءني من مكان مجهول فأغمضت عيناي . لا أدري كم من الوقت أمضيت و أنا على هذه الحال ثم استيقظت على صوت يوقظني بهدوء . أسرعت في العودة الى طبيعتي محاولة إخفاء شكوكي على صديقتي التي لطالما فهمت أفكاري . جلست بجانبي فنظرت اليها . فوجدتها مبتسمة فرأفت لحالها و أنا أحدث نفسي في صمت أظنها قد تعافت بشكل جزئي . فمسكت بيدي و شكرتني على فكرة المجيء بها الى هذا المكان الذي ساعدها على استعادة رشدها بعد أن استعبدها رجل لا يفقه في الحب الا حكايات زمان . و اقتربت مني فاحتضنهتها و بكيت لبكائها . و عادت لتواصل الحديث بصعوبة فدعوتها للخروج من مكتبي و الذهاب بها الى غرفتها . فرفضت لأنها رغبت في التحدث الي في هذا المكان الذي لطالما أبديت رغبة ملحة في العودة اليه من جديد . ربما يستعصى علي الشفاء من تجارب الحياة القاسية الا بالرجوع الى هذا المكان الذي يؤمن لي السكون و الهدوء . شعرت و أنا أستمع اليها أنني أنا من كنت أتألم و أنها هي من جاءت بي الى هذا المكان لتعود بي الى هنا و ها هي اليوم تحدثني في غمرة السكون الذي يوشك أن يقطع الصمت ليتحدث هو . علها اكتشفت أمري بعد أن رأفت لحالي فيبدو أنني كنت أغالب ضعفي بعد أن انفصلت عن هذا البيت الذي لطالما ملئته بصيحات الفرح بعد أن أنتهي من انجازكتاب . منذ متى لم أكتب ؟، كم من القصص التي بترتها و أبقيتها رهن الحجز؟ .كم من النهايات السريعة التي اكتوت بالعجز بعد أن جرحتها و سكبت عصارة توهمي و مضيت لأتركها تنزف؟ . ففقدت وهجهها وطالها الهزال .لعد أن استبد بها الآلم . كم من القصص تحدثت اليها و عدت لأمارس غضبي عليها فلم تنمو و تكبر و بقيت نصف فارغة و رجوتها بعد أن عدت اليوم فوجدتها قد أينعت ثمارا كنت قد أسقطتها . و لم أعد لإستردداها فبقيت عالقة لم تسقط و لم تنضج ، فالتزمت الصمت .هنا جاء دوري لأراجع نفسي و عدت لأقلب دفاتر عمري ,و أتصفح روايتي و قصصي التي لم أمهلها الكثير من الوقت فوجدتها قد تلونت و هاهي اليوم ماثلة أمامي أنظر اليها في استحياء . أطلت مدة مكوثي و عدت أحدث صديقتي التي عاد اليها بريقها .و في إحدى الأمسيات دعوتها للخروج للتنزه بعد أن فرغت من إرسال ما أريد ، فقبلت . فأغلقت البيت و ألقيت عليه نظرة حب و امتنان كبيرين . في هذه الأثناء تلقى مدير المسرح رسالة استقالتي ليمعن في النظر إليها ،وهو يقرأها ببطئ و عندما انتهى منها عاد ليمسك بها ثم ابتسم فقد سعد بقراري بعد أن عدت الى حياتي . فلا يمكنني بعد اليوم أن أطيل المكوث في مكان كنت أتوهم بأنه يحتويني و لكنني كنت أغالي في الخطأ .
الهروب من الخطأ
تقليص
X
-
القديره الرائعه ناديا
تداخلت في نصك مشاعر الصديقتان حتى خلتهما واحد
وما أجمل ان نتوحد واصدقائنا ...
هذه اللحظات الثمينه حين يجد المرء نفسه هي أغلى ما في الحياة
فلقاء النفس والتعامل مع ما تريده عزيز على كثر ولكن حين يكون تكون البدايه
ليس يحدها عمر ..ولا نهاية تجربه ولا حتى بدايتها بل هي لحظات نتواجه وال أنا لنكون
عشت معك هذه التجربة بكل تفاصيلها وغبطت صديقتك أن وجدت مثل قلبك معها
تحياتي وتقديري ...
لي طلب صغير .."حدثينا عن تجربتك في المسرح "وكيف أخذتك من عالمك الكبير ؟
كل الحب والاحترام .[SIGPIC][/SIGPIC]
-
-
شيء من الإنفصام لا أعدة مرض بقدر ما هو يجعلنا نقرأ أنفسنا ونرانا كما نحن .
بإعتقادي أننا جميعا نحمل إثنان بداخلنا من الصحي جدا أن نصل كما كنتِ هنا أن نصادقنا ونعمل على لمس الأخطاء وتصويبها أن نكون لنا معينين فلن يكون لنا خير من نحن التي تضعنا على إستقامة الطريق وتصحيح وجهتنا نحن فقط من نستطيع أن نخرج ذواتنا من مخبئها ونعود .....
كانت هذه رؤيتي .
تحياتي
تعليق
-
-
الزميلة القديرة
بن ورقلة ناديه
نص اعجبتني فيه تلك التداخلات النفسية العميقة
ليس انفصاما مرضيا
بل هو انفصال عن النفس وقتيا برأيي هب حين عادت الكاتبة لأصل موهبتها خاصة وأنها جربت العديد من المواهب
وهاهي إحدى شخصياتها تخرج للعلن فتخرجها من قوقعتها التي دخلتها
أحببت هذا التداخل الذي فعلا يصيب الكثيرين
سابصم لك بعشرة أصابعي
محبتي وتحياتي سيدتيالشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق
تعليق
-
ما الذي يحدث
تقليص
الأعضاء المتواجدون الآن 194853. الأعضاء 3 والزوار 194850.
أكبر تواجد بالمنتدى كان 409,257, 10-12-2024 الساعة 06:12.
تعليق