قراءة نقدية ( خزائن الجمان )
للشاعرة سليمى السرايري والشاعر صادق حمزة
مقدمة .
يقول أدونيس :( الشعر العربي الجاهلي ، كما يتجلى في الصورة الأولى صنعي لأشكال وأفكار مستنفذة ، كأن الكلام مصنوعاً ، لكي يتلبس موضوعاً جاهزاً خارجياً
هكذا تأتي القصيدة ، نسخة منقولة من هنا وهناك ، تلتصق صنعياً )
بينما اللغة أكثر من وسيلة للنقل أو للتفاهم . إنها وسيلة استبطان وإيحاء
واكتشاف ، إنها تهامسنا لكي نتكون , أكثر مما تهامسنا لكي نتلقن .
فكانت القصيدة النثرية تفجراً خاصاً يؤدي المطالب الشعرية الشخصية الحديثة للشاعر
يقول جبران في إحدى رسائله إلى ماري هاسكل : (( لم تكن الطرق القديمة تعبّر أشيائي الجديدة . وهكذا كنت أعمل دائماً على ما ينبغي أن يعبّر عنها ولم أقتصر على صياغة ألفاظ جديدة ، لأن إيقاعاتي وموسيقاي كانت جديدة . كان علي أن أجد أشكالاً جديدة لأراء جديدة ))
ويقول : (( أعرف أن لدي شيئاً أقوله للعالم يختلف عن أي شيء آخر ))
فجبران لم يكن إحساسه يخطأ ، إذا كان يجمع في شخصه صوت النبي ، وصوت الثائر
الذي كان يبحث عن عالم شعري . يتفجر حداثة تلبي رغبته ، هو ورغبة كل شاعر ، فكان ثورة على الأشكال الشعرية القديمة فجبران هو نقطة الانطلاق للشكلية بأنواعها شبه الرمزية ، وشبه الرومنطيقية
والذي أخذ فيما بعد الشكلية السريالية العامة والخاصة بإيحاءاتها المفتوحة وموسيقاها الخاصة والتجريدية ، والرمزية ،والأنطباعية كلها مدارس شعرية ، رافقت المدارس التشكيلية عند ظهورها
أحببت اليوم أن أخذ قصيدة رائعة ، لشاعرين متناغيمين في الكلمة في هذه القصيدة وهي
خزائن الجمان
سليمى
هذي أنا
طفلة الضوء تشدّ الطيور إلى كفّها
أطلقتُ أغنيات السنابل إلى الروح
لمواسمَ تفتح على البرق
لشواطئ منسيّة
هناك، على وقع أهازيج الأصداف
عند التقاء الشروق بالافق
جسدي وحيدا
لحظةُ الجنون تعصف بالتفاصيل
رجفةُ حبلى بالإعتراف
"أحبك"
صادق
لا ..
لا تختلفُ الأماني
لحظةَ امتعاضِ القمر
وانكسافِهِ خلف غيوم ِالانطفاء
يعلمُ كم جَهِدَت الأغاني
لتصل إليه
كم فرحتْ السنابلُ .. برذاذِ فضتِه الباردِ المنعش
كم انتظرتْ الشواطئُ
طيفَ النورِ ِالهامسِ في مشاعِ السواد
يعلمُ أني هناك..
كنتُ بانتظارك ..
سليمى
عادت المسافاتُ من الغبارْ
والسماءُ من هجرتِها البعيدة
ها أنّنا الآن ننهمر في الاغتراب
أيّها المسافر في غُصّتي
ازرع بعضَ خصلاتي في حلمك
ضعني على شرفاتك العالية
ثم، اطلقني يماما
صادق
لا ..
لا يمكنني الوثوقَ بشهوةِ الحَور المائي
ولا بأمنيةِ خدود الغيمِ الغباري الوردية ْ
ما كانتْ لتحملَ إليكِ .. آخرَ التراتيلِ
هناك وقفَتْ أمسيةٌ ..
واشتعلَ السفرُ
وكم فاتَ ميعادُ الوصولِ
اينما وطالما كنا
ودونما أحلام أو شرفاتْ
سليمى
للحظاتنا عناقُ ُ يحتفي برقصاتنا
لدمعتنا، تنهمر الكلمات
نعود من الابجديّة إلى السطر الأوّل
هنا، عصافير تبكي
هنا، مدينة تضمّ أوجاعنا
و رذاذ يسّاقط بين الزهرة والعشب
فبدأنا عمرنا من جديد
انصهرنا معا
وعدنا عاشقين
صادق
لا ..
لا مواعيدَ هناك .. مواعيدَ هنا
أجراسُ الهم تلاحقُ أوسمَنا
وتعاندُ اوصالُ العنبر ِ
عقيرةَ حاضرنا المدخّن بإطارات الغيلة
أحضانُ الهودج ِتغتنمُ غبوقَ الرهبان
كم كنا هناكَ .. وكنا هنا
لكنْ .. ما كانَ لنا
أن نبقى في حنجرةِ الأفعوانْ
ونُضالعُ دسَ عديم ِالحيلةِ فينا
لنظلَ اثنينْ ..!!
سليمى
أنت البحرُ
أنت جنوني عند الترحال
اغسلني بماء التكوين
اوراقي كريستاليّة بشفافيّة الماء
ورحيلي يفتح على دندنة آخر الممرّ
دن دن دن دن دن دن
دن دن دن
دن دن
نقرات تقتفي العطش
وزنبقات تعيد تفاصيل الاحتراق
صادق
أجل
أورقتِ علوماً وفضاءاتِ خشوعْ ..
من أروقةِ الصفافِ إلى أعمدةِ الماء ْ
التحمتْ أصواتُ اللونِ الصاخبِ
خريرا / جيوفانيا / راقصاً
وتدافعتْ فساتينُ التوليبِ مع فالس ِالضباب ِالأبيضْ
تراا .. لَلْ لا .. لَلْ لا
وبقيتْ لنا زنبقتانِ .. من آخرِ مواسم ِالاحتفالْ
سليمى
شيء ما يكبر فيّ
يجعل حلمي في شكل ياقوتة
اتركني لحظات اقلّب اوراقي في فوضى الصور
لي قبّة ٌ من فضّة
لي مملكةُ ُ الشعر
لي قبّراتُ الياسمين
ولي وجهــُـك صباحا دائما
صادق
أجل
أكتُبُكِ بعد أولِ هلال ْ
وأسرِقُ من عينِ الغفلةِ طَرْفَةْ ..
وأحتفظ ُبما تبقى من قوافي ..
حولَ أجنّةِ الدموعْ
هناك .. أتركُ أعظم مايسترو
يخفق طلبا للاخضرارِ والاحمرار ِ والانبهار ِ
كم كنتُ قريبا أرسمُ وجهَ اللحمةِ على كاهلي
حتى يشتعلَ الصباحُ في قهوتي ..
سليمى
شيء ما يغني في الداخل
فتتوالد اشجار اللوز
انهمر في كفّي مطرا
عطّرني قبل فرار الحديقة مني
غرباء البعد
أهيّئ قمرا للقاء
افتح بستانا للنجوم
وارسم نرجسة على بلور الإنتظار
لا شيء غير ضفافك
ترسو فيها مراكبُ الإرتباك
والخوف المتعثّرُ على الاوراق
صادق
بلى
هنا أوقفت أراجيح الليلك
وشمائل الزعفران حولنا
ورصفت ساحلنا بيادق زجاجية كأمسك
هنا ستكون
أعنف معاصي الموج
وأغدق ملاحم الرمال ...
هنا يجتهد الخيزران أن يطفو جُندُولا
ولا يسعفه كلانا
في اقتناص المد الذائب لوعة ..
ولعنة عشق .. اسمها كليوباترة ..
تغتسل في مدائن الخوف ..
فهل نكون هناك ..؟؟
.
فهي تجسيد رااائع للشكلية
بمقاطها الجميلة وكلماتها المنتقاة بعناية
الشاعران في لمسات
الشاعرة سليمى السرايري
شاعرة رقيقة ، تتنقل بين مفردات الشعر الجميلة كفراشة ، تعتني بالكلمة .. الصيغة .. الصورة والموسيقا في قصائدها
وهذا ما يلبي مخيلتها الفنية ، كونها فنانة تشكيلية شاعرة لتجسيد الصورة التشكيلية الشعرية التي في المخيلة ، وبنفس الوقت يجسد لديها ، الحالة المتوهجة ، في الكلمة لتداعيات الشعور ، فهي تلتقط الجمال ، حيثما ألتمع قي ذاكرة الرؤى على طريقتها
الشاعر الناقد صادق حمزة
شاعر يهمه الكلمة الشعرية الشفيفة ، التي تجسد شعوره ببلاغة أدبية تصوغ الكلمة الشعرية في معامل الشعور العميقة ، مفردة من جمال
وكشأن الشكليين ، يعنى كثيراً بالمفردة ، و الموسيقا والمعنى ، ونقل الإحساس الشعري البعيد بكل ايحاءته وتجاربه الروحية البليغة
نتطرق بداية للعنوان ( خزائن الجمان )
العنوان بحد ذاته ، يثير الدهش الكبير فينا ، فكلمة خزائن صورت . أن هناك جمال كبير في القصيدة ، يستحق أن يحفظ في خزائن آمنة لتأتي الكلمة الثانية تخبرنا أن هذه الخزائن تحتوي على اللؤلؤ الحالم الجميل ، وأي جمال أبلغ من هذه ، فالقصيدة جنة من حبات اللؤلؤ
الموسيقا :
تتأتى هنا من نغم الكلمتين الجميلتين ( خزائن الجمان ))
أنتهت النغمة الموسيقية برقة
بعد أن دخلنا البوابة الأولى ، للقصيدة ندخل الشطر الأول ، جملة قصيرة للغاية ( هذي أنا ) جملة أخبارية نستمع إلى ما ورائها بأنتباه
سليمى
هذي أنا
طفلة الضوء تشدّ الطيور إلى كفّها
أطلقتُ أغنيات السنابل إلى الروح
لمواسمَ تفتح على البرق
لشواطئ منسيّة
هناك، على وقع أهازيج الأصداف
عند التقاء الشروق بالافق
جسدي وحيدا
لحظةُ الجنون تعصف بالتفاصيل
رجفةُ حبلى بالإعتراف
"أحبك"
الشاعرة سليمى ، تُجسد هنا ذاتها طفلة ، من ضياء تغني وهذا منتهى الرهافة والرقة ، كباقي الشعراء تهرب إلى مراتع طفولية حالمة بيضاءالرؤى ، تجذب الطيور حباً ، وكأنها ترمزت هنا إلى جمال الطيور ووداعتها والطيور بذاتها ، ترمز للحرية وهي بذاك تهوى ، هذه الطيور بكل أبعادها ، من حرية وغناء وجمال وألوان وإلى ما تحوي
من إيحاء أبعد ، فجمال النثر بإيحاءته ، بينما روحها أغاني سنابل حرة ، لا تعرف إلا الغناء في مروج حرة ، وهي مطلب كل شاعر حرية بلا حدود
بفضاء لا محدود
تتابع هذه السردية ، قافزة من صورة لأخرى بجمال آخاذ
لحظةُ الجنون تعصف بالتفاصيل
رجفةُ حبلى بالإعتراف
"أحبك "
كل هذه المشاعر التي تطفق داخلها تنأ عن التفاصيل الكثيرة في تلك اللحظة الرقراقة ،فهي تلفعت برجفة اعتراف مباشر تعلن ، ما خبأته الرؤ ى ، لتنهي المقطع بقفلة تحوي دهش المقطع النهائي وكأنه وحدة مستقلة بذاتها
( أحبك )
القصيدة هنا موزعة بموسيقا داخلية ، توافق فيها الإيقاع الداخلي والخارجي بجمال
لو أعدنا قراءة النص لن نجد ، كلمة تنوء عن الموسيقا الداخلية ، ولوجدنا المقطع أشبه ، بتجسد إيقاع موسيقي من جمال
هذا الإيقاع الداخلي بين الكلمات
يجب أن يكون متوافق ينبض بالحياة و التجدد ، بما يثري النص الحديث فهي ليست مجرد كلمات تصطف إلى جانب بعضها
بل نغمات تشكل الإيقاع الداخلي للقصيدة ، من نغمة كل كلمة وما يليها و يتوائم معها في الموسيقى والمعنى والشعرية ،وكل شطر بما قبله وبعده ، فالكلمة الناتئة تفسد روح الإيقاع كاملة
فقد أشار ابن سنان الخفاجي- في – كتاب (سـر الفصاحـة) إلى القيم الصوتية وبذلك يكون قد انتبه إلى سر الموسيقى الداخلية ، والعرب قد أعتنوا بذاك سابقاً
وهذا الإيقاع الداخلي ، الذي يشكل الحركة الموسيقية في داخل القصيدة ، ليرتدي في النهاية ، الموسيقا الخارجية للنص
هذه الموسيقا التي استبدلها الشعراء المحدثون بدلاً عن الوزن والقافية في البحور الشعرية ، لتأتي هي الإيقاع الخارجي للقصيدة
أشبه بثوب ترتديه ، فلكل قصيدة موسيقاها الداخلية والخارجية ، التي تميزها عن القصائد الأخرى ، نلمس ذلك بوضوح في كل قصيدة
لكن هل يكفي الإيقاع الخارجي للقصيدة ؟؟
((يقول أدونيس :الإيقاع في اللغة الشعرية ، لا ينمو في المظاهر الخارجية فقط ، بل تتجاوز هذه المبادىء إلى الأسرار التي تصل فيما بين النفس والكلمة ، بين الإنسان والحياة )).
ننتقل للمقطع الثاني فنجد
فاصل زمني ، حيث يفصله المقطع الأول ، عن الثاني . مما يعطي متنفساً زمنياً بين المقطعين ، يجدد انتباه القارئ للمقطع الثاني ، وهذه من جماليات الشكلية المقطعية ، التي تجعل من القصيدة وحدات متعاقبة ، ينتهي كل مقطع بدهشه الخاص
هذا التوزيع للأشطر ، والأبعاد التي تمنح للمقاطع تؤثر في كيفية التوزيع الإيحائي للنص
المقطع الثاني وهو لشاعرنا الجميل صادق حمزة
صادق
لا تختلفُ الأماني
لحظةَ امتعاضِ القمر
وانكسافِهِ خلف غيوم ِالانطفاء
يعلمُ كم جَهِدَت الأغاني
لتصل إليه
كم فرحتْ السنابلُ .. برذاذِ فضتِه الباردِ المنعش
كم انتظرتْ الشواطئُ
طيفَ النورِ ِالهامسِ في مشاعِ السواد
يعلمُ أني هناك..
كنتُ بانتظارك ..
جاء هذا المقطع بتناغم جميل للغاية ، كرد على المقطع الأول بكل عناية لكل شطر ، وتابع نفس الأسلوب الرقيق ونفس الموسيقا
لو نظرنا لتركيبة الشعر ، عند الشاعر صادق حمزة
صادق
لا تختلفُ الأماني
لحظةَ امتعاضِ القمر
وانكسافِهِ خلف غيوم ِالانطفاء
يعلمُ كم جَهِدَت الأغاني
لتصل إليه
تركيب الشعر :
ترى في تركيبة الشعر لديه ، هل حقق أشكال إيقاعية جيدة وجديدة ؟
هل أشكال بناء الجملة حقق الحداثة ، وحقق ضبط جديد في الجملة من حيث الموسيقا الشكلية ؟؟
هو يقول أن أمانيه ، لا تختلف عما سبق ، وخاصة في لحظة غضب تجول في داخله ، بلحظة شوق ، يعلم تلك الأغاني أو القوافي وما تحمل من شعور ، بسبب ما تواجه من ألم الغياب ، يعلم هو كم أرهقها هذا البعد
( لا تختلف الأماني
لحظةَ امتعاضِ القمر)
الجمل تركيبها منتهى الحداثة ، فهي لا تسير بطريقة الشعر القديم أنما ، تنحو نحو عملية قلب للمعاني ( لم يقل أماني مختلفة ، بل أن الأماني ذاتها لا تختلف عما تمنته )، تتلائم مع شعوره وحداثة القصيدة ورسم احساسه بطريقة منتهى التجدد فليس كل حديث جديد ، فالجديد الحديث هو آخر ما وصل له الإبداع بفنية عالية .
يتشكل المقطع الثاني بجمال لافت
فقد جاء المقطع كاملًا ، جواباً وأخباراً وقراراً للمقطع الأول
ومن حيث الحداثة ، كان منتهى الحداثة فهو لم يتبنى الطريقة القديمة، في اختيار الكلمات الجزلة ، أو الجاهزة سلفاً في القصائد ، بل وضع الشطر الأول ، بجملة لطيفة الكلمات ، بموسيقا خفيفة على الأذن والروح ، تنسجم مع الشطر الثاني تماماً معنى وإيقاعاً ،وهذا التتابع الجميل ، أعطى الإيقاع الداخلي للمقطع ، بنغم ندي ، ولبس إيقاع خارجي لطيف وقعه على الأذن
تابع هذا النغم لينتهي لدهش المقطع الثاني
( طيفَ النورِ ِالهامسِ في مشاعِ السواد
يعلمُ أني هناك..
كنتُ بانتظارك )
كم كان جميلاً هذا المقطع كسابقه يقول : طيف النور الهامس
إذا كان النور هو ذاته طيف ، فقد جعل له شاعرنا هنا وجه آخر من جمال بكلمتين ، جملة رشيقة للغاية ، وقال
طيف النور
يعلم أني هناك
بأنتظارك
انتهى المقطع بصورة واحدة من طيف النور ، الذي كان لديه علم أنه ينتظرها ولا شك ، تتابعت الكلمات منتهى الرقة ، والسلاسة بعيدة عن تعقيد الكلمات الصعبة ، وهذا من متطلبات القصيدة النثرية
الموسيقا الخارجية للمقطع الثاني ، لم تختلف عن موسيقا المقطع الأول ، فقد جاء متناغماُ معه لأبعد الحدود ، هي إيقاع يتبادله شاعران في جمال
نعود هنا
لسليمى
عادت المسافاتُ من الغبارْ
والسماءُ من هجرتِها البعيدة
يقول الشاعر البرازيلي ، ميلو نيتو في الشرط الثاني للقصيدة النثرية
2 ـ تركيب الصورة
تضارب الكلمات تقريب الوقائع الغريبة عملية التزاوج بل تداعي المعاني والصورة من اللاوعي
ترى هل حققت شاعرتنا الجميلة سليمى ، هذا الشرط هنا ؟؟!
تقول : كأنها مسافات ، كانت مهاجرة في غبار كوني ، وهي الحياة
( والسماء من هجرتها )
وكأنها سماء تسافر والسماء نعلم أنها لا ترتحل ، فأي معنى في التضاد ، أجمل من هذا . مسافات تعود وسماء ، ترجع من هجرتها ، ولكن رغم ذاك ينهمر ، الغياب بينهما ، رغم الرجوع
هنا تضاد المعنى الكلي ، رغم عودتها من السفر لقرار اليقين بكل ما حوته الذات ، من وضوح في مشاعرها ، لكن الغياب يفرض ذاته
لنأتي على دهش المقطع الثالث
( أيّها المسافر في غُصّتي
ازرع بعضَ خصلاتي في حلمك
ضعني على شرفاتك العالية
ثم، اطلقني يماما )
هذا الغياب يجعلك مزروعاً ، في ألمي لا تفارق ، لكن لك أن تبقيني ، في حلمك كجمال الشعر في جنونه ،خصلات من فرح تبقى في الذاكرة ، أشبه بهدية لذاك القلب الندي
كأني أسمع هنا فوح القصص الجميلة وعطرها ، حين تبقي الأزاهير ، شيئاً منها رغم الغياب
تتابع ومن ثم ضعني ، في شاهقات الذاكرة في شرفاتها ، وأطلقني في حياتك كيمام
هذا البقاء ، جسدته بطيور يطلقها .
كأني أراه يقف على الشرفات ، يطلق هذا اليمام من بين يديه ، ترمز إلى أن تكون بحياته سلاماً ومحبة دائمة لا تنتهي
صورة رائعة للغاية
لقد صهرت الكلمات في معنى جميل ، من التضاد الصوري ، والمشهدي
وحققت النغمة الموسيقية الحديثة ، في كل شطر لتنتهي
بالإطار العام من الموسيقا الخارجية
فما زالت تسير معنا ، موسيقى القصيدة بجمال وبنفس الوتيرة ، من إيقاع داخلي وخارجي ، ونفس اللغة الرائعة والصورة المتمظهرة ، بتلقائية بعيدا عن التصنع
صادق
لا
لا يمكنني الوثوقَ بشهوةِ الحَور المائي
ولا بأمنيةِ خدود الغيمِ الغباري الوردية ْ
ما كانتْ لتحملَ إليكِ .. آخرَ التراتيلِ
هناك وقفَتْ أمسيةٌ ..
واشتعلَ السفرُ
وكم فاتَ ميعادُ الوصولِ
اينما وطالما كنا
ودونما أحلام أو شرفاتْ
ترى هل حافظ شاعرنا الجميل على تفجر القصيدة الرائع كبدايته ؟
نعم ما زال يتباثق النغم عالياً ، وبنفس السوية الجميلة ،
ومازالت السردية الشعرية ، تضافر جمال المعنى بجمال النغم ،دون توقف
فهو يجمع ، بين الدال والإيقاع بشعرية راائعة
صادق
لا ..
لا يمكنني الوثوقَ بشهوةِ الحَور المائي
ولا بأمنيةِ خدود الغيمِ الغباري الوردية ْ
ما كانتْ لتحملَ إليكِ .. آخرَ التراتيلِ
هناك وقفَتْ أمسيةٌ ..
أتى رده نفياً لما قد يستطيع نقل داخله
نفياً لأستطاعة الحور المائي ، و عدم ثقته به لكأنما يتمنى أن يحمله رسائله ، مع وجود أكثر من فكرة يوحي بها الحور ، و يؤكد ما بداخله من شعور ندي
فهو لا يثق بمن يوصل ما بداخله من فيض الشعور ، لا يثق بالحور ولا بأمنية خدود الغيم ، مهما امتد هذا الغيم فأنه ظل قاسراً عن نقل داخله تصوير راائع عبر عن حجم الشعور الذي لا يحد ، الذي لا يمكن أن ينقل أناغيم الشعور القدسية ، وكأنها تراتيل في قداس الذات
ليأتي دهش المقطع
واشتعلَ السفرُ
وكم فاتَ ميعادُ الوصولِ
اينما وطالما كنا
ودونما أحلام أو شرفاتْ
فرغم الفكر الذي يسافر دائماً ، ولكن بلا موعد وصول
من أي مكان كان المنطلق ، فلا أحلام توصل ولا شرفات ومن هنا يأتي الضيق .
أخذ مقطعاً آخر من وسط القصيدة
شدني بإيقاعه الجميل
سليمى
أنت البحر
أنت جنوني عند الترحال
اغسلني بماء التكوين
اوراقي كريستاليّة بشفافيّة الماء
ورحيلي يفتح على دندنة آخر الممرّ
دن دن دن دن دن دن
دن دن دن
دن دن
نقرات تقتفي العطش
وزنبقات تعيد تفاصيل الاحتراق
صورته البحر ، بكل أتساعه وجماله ، وصفاء زرقته
وهو نار الشوق ، الذي لا تهدأ رغم البعد والسفر ،
قالت أغسلني بماء التكوين ، فالحياة تُحمّلنا كثيرا من سديمها وألمها وأتعابها ، وحينما يغسل الجسد ، بماء هذه زرقة ، كأنها تكّوين جديد مشتهى يتحقق ، أوراقي : كل ما داخلي شفاف ، كوجه ماء نقي ، وأي نقاء هذا وهذا الابتعاد عنك ، هناك في العمق ، في طرقاتي البعيدة داخلي ، في آخرها ، كأن أجراس صغيرة من الشوق ، تعلو دندنتها عالياً دن ، دن ، دن .... تسمتر بهذا النغم ، الذي تعالى كخرزات من فيروز ، وسط عقد القصيدة هذا النغم الموسيقي الذي أوجدته تلقائياً موسيقا القصيدة ، فخرج حروفاً تتغنى بذاتها من المعامل الشعرية داخلها ، تبحث عما يسقي عطش الشوق ، كأنما هي دندنات ونقرات على طبلة الذات ، لا تهدأ في العمق ، بينما كل التفاصيل الجميلة تعيدها الأزاهير داخلي ، فكيف تكف الدندنة والذاكرة لا تنام ؟؟
تتابع القصيدة بكل جمالها من مقطع لآخر لنصل للمقطع الأخير...
هنا يجتهد الخيزران أن يطفو جُندُولا
ولا يسعفه كلانا
في اقتناص المد الذائب لوعة ..
ولعنة عشق .. اسمها كليوباترة ..
تغتسل في مدائن الخوف ..
فهل نكون هناك ..؟؟
تَتابعت القصيدة بجمال سرديتها , ووهج اللغة فيها وبموسيقاها الرائعة كما بدأت ، في كل المقاطع ، ترى هل يستطيعان أن يجعلا الأماني ، تسير كما يشاءان ، هل يستطيعان دفع قارب الأمنيات ؟
لكن لا فائدة فلا الأزمنة ولا المسافات ، ولا التمني يساعد ، لكن الأمل ما زال موجوداً ، ليمتد السؤال إلى ما لا نهاية
لتنتهي بقفلة راائعة من دهش النثر ، جمعت الطرفين في جملة واحدة
فهل نكون هناك ؟؟
تساؤل يطرح ما في القلب من تكهنات للمستقبل .
ترى هل يأتي يوماً، ونكون هناك حيث تجمع كف القدر ، الفرقاء
نلاحظ أن النص من بدايته لنهايته ، حافظ على خط واحد من ، جمالية الشعر من حيث اللغة العامة والمجانية ، والدهش ، والتركيب اللغوي القوي والجميل والسلس ، ورغم طولها ، لم تكن بعيدة عن التكثيف ، بل كانت المقاطع مكثفة للغاية بأفكارها ، التي تسردها القصيدة
ومن حيث استكشاف القيم الموسيقية البصرية ، فنجد الإيقاع الداخلي حافظ على جمال نبرته وتوزيعه ، وبقي الإيقاع محافظاً على ذاته من تفجر داخلي ، في الأعماق ، تحولت إلى نغم تتبعناه ، بكل محبة ، غيرَ بعض النصوص التي نرى موسيقاها تبرد ، حينما تكون طويلة
فتصبح ، بلا وهج أو بريق ، كأنما لحن صنعي ، بلا أي عمق ، لحن أجوف
حتى أننا وجدنا الإغراق هنا في القصيدة أدى إلى ظهور الموسيقا بشكل مندمج كلية مع النص ، أدى وظيفة إيقاعية خاصة بذاته تشكل من وحدات تتالت فيما وراء بعضها بين رد وجواب ، لتأتي في النهاية القصيدة تلبس ثوباً خارجيا من الموسيقا الخارجية ، يميزها بخصوصيته وجماله عن غيرها
فكل قصيدة يختلف إيقاعها ، الداخلي والخارجي عن غيرها ، حسب شاعرها
ونجد أن الحداثة في هذه القصيدة ، لم تغفل اللغة وتراكيبها عن المعنى ، بل جاءت كلُّ متكامل في كل عناصرها فكانت حالة رهفة وخاصة بجمالها
إن كل شاعر أشبه بحالة فريدة ، بذاته تميزه عن غيره في عناصر القصيدة
وأجمل ما في الشكلية ، حين تنفتح على الإيحائية المفتوحة ، بأنواعها السريالية والتجريدية والرمزية ،
سواء كانت تأخذ الترميز ، الخاص أو العام أو كليهما
أحبتي . أن يكتب الشاعر قصيدة ، لا يعني أبداً أنها مجرد كلمات ، بل أنه يصيّر العالم ، كله نهر جميل ، يجري بين أيدينا ببريقه وروعته
فالقصيدة كما يقول أدونيس (( هي حدث والشعر تأسيس
باللغة والرؤيا : تأسيس عالم وأتجاه لا عهد لنا بهم . من قبل . فهو تخطي يدفع إلى التخطي ))
فهو العمل ، الأكثر إصالة إنسانية ، وأكثر ما يندفع من أعماقنا الشعرية ، والروحية بشكل فطري
الرائعان
الشاعرة الجميلة سليمى السرايري
الشاعر الجميل صادق حمزة
سعدت أني كنت ، أتجول . بكل الحب في (خزائن الجمان) بمتعة شعرية كبيرة
يحق لها هذا الاسم ، ومزيدا من ألق جميل يحتفى به
محبتي كبيرة
.
للشاعرة سليمى السرايري والشاعر صادق حمزة
مقدمة .
يقول أدونيس :( الشعر العربي الجاهلي ، كما يتجلى في الصورة الأولى صنعي لأشكال وأفكار مستنفذة ، كأن الكلام مصنوعاً ، لكي يتلبس موضوعاً جاهزاً خارجياً
هكذا تأتي القصيدة ، نسخة منقولة من هنا وهناك ، تلتصق صنعياً )
بينما اللغة أكثر من وسيلة للنقل أو للتفاهم . إنها وسيلة استبطان وإيحاء
واكتشاف ، إنها تهامسنا لكي نتكون , أكثر مما تهامسنا لكي نتلقن .
فكانت القصيدة النثرية تفجراً خاصاً يؤدي المطالب الشعرية الشخصية الحديثة للشاعر
يقول جبران في إحدى رسائله إلى ماري هاسكل : (( لم تكن الطرق القديمة تعبّر أشيائي الجديدة . وهكذا كنت أعمل دائماً على ما ينبغي أن يعبّر عنها ولم أقتصر على صياغة ألفاظ جديدة ، لأن إيقاعاتي وموسيقاي كانت جديدة . كان علي أن أجد أشكالاً جديدة لأراء جديدة ))
ويقول : (( أعرف أن لدي شيئاً أقوله للعالم يختلف عن أي شيء آخر ))
فجبران لم يكن إحساسه يخطأ ، إذا كان يجمع في شخصه صوت النبي ، وصوت الثائر
الذي كان يبحث عن عالم شعري . يتفجر حداثة تلبي رغبته ، هو ورغبة كل شاعر ، فكان ثورة على الأشكال الشعرية القديمة فجبران هو نقطة الانطلاق للشكلية بأنواعها شبه الرمزية ، وشبه الرومنطيقية
والذي أخذ فيما بعد الشكلية السريالية العامة والخاصة بإيحاءاتها المفتوحة وموسيقاها الخاصة والتجريدية ، والرمزية ،والأنطباعية كلها مدارس شعرية ، رافقت المدارس التشكيلية عند ظهورها
أحببت اليوم أن أخذ قصيدة رائعة ، لشاعرين متناغيمين في الكلمة في هذه القصيدة وهي
خزائن الجمان
سليمى
هذي أنا
طفلة الضوء تشدّ الطيور إلى كفّها
أطلقتُ أغنيات السنابل إلى الروح
لمواسمَ تفتح على البرق
لشواطئ منسيّة
هناك، على وقع أهازيج الأصداف
عند التقاء الشروق بالافق
جسدي وحيدا
لحظةُ الجنون تعصف بالتفاصيل
رجفةُ حبلى بالإعتراف
"أحبك"
صادق
لا ..
لا تختلفُ الأماني
لحظةَ امتعاضِ القمر
وانكسافِهِ خلف غيوم ِالانطفاء
يعلمُ كم جَهِدَت الأغاني
لتصل إليه
كم فرحتْ السنابلُ .. برذاذِ فضتِه الباردِ المنعش
كم انتظرتْ الشواطئُ
طيفَ النورِ ِالهامسِ في مشاعِ السواد
يعلمُ أني هناك..
كنتُ بانتظارك ..
سليمى
عادت المسافاتُ من الغبارْ
والسماءُ من هجرتِها البعيدة
ها أنّنا الآن ننهمر في الاغتراب
أيّها المسافر في غُصّتي
ازرع بعضَ خصلاتي في حلمك
ضعني على شرفاتك العالية
ثم، اطلقني يماما
صادق
لا ..
لا يمكنني الوثوقَ بشهوةِ الحَور المائي
ولا بأمنيةِ خدود الغيمِ الغباري الوردية ْ
ما كانتْ لتحملَ إليكِ .. آخرَ التراتيلِ
هناك وقفَتْ أمسيةٌ ..
واشتعلَ السفرُ
وكم فاتَ ميعادُ الوصولِ
اينما وطالما كنا
ودونما أحلام أو شرفاتْ
سليمى
للحظاتنا عناقُ ُ يحتفي برقصاتنا
لدمعتنا، تنهمر الكلمات
نعود من الابجديّة إلى السطر الأوّل
هنا، عصافير تبكي
هنا، مدينة تضمّ أوجاعنا
و رذاذ يسّاقط بين الزهرة والعشب
فبدأنا عمرنا من جديد
انصهرنا معا
وعدنا عاشقين
صادق
لا ..
لا مواعيدَ هناك .. مواعيدَ هنا
أجراسُ الهم تلاحقُ أوسمَنا
وتعاندُ اوصالُ العنبر ِ
عقيرةَ حاضرنا المدخّن بإطارات الغيلة
أحضانُ الهودج ِتغتنمُ غبوقَ الرهبان
كم كنا هناكَ .. وكنا هنا
لكنْ .. ما كانَ لنا
أن نبقى في حنجرةِ الأفعوانْ
ونُضالعُ دسَ عديم ِالحيلةِ فينا
لنظلَ اثنينْ ..!!
سليمى
أنت البحرُ
أنت جنوني عند الترحال
اغسلني بماء التكوين
اوراقي كريستاليّة بشفافيّة الماء
ورحيلي يفتح على دندنة آخر الممرّ
دن دن دن دن دن دن
دن دن دن
دن دن
نقرات تقتفي العطش
وزنبقات تعيد تفاصيل الاحتراق
صادق
أجل
أورقتِ علوماً وفضاءاتِ خشوعْ ..
من أروقةِ الصفافِ إلى أعمدةِ الماء ْ
التحمتْ أصواتُ اللونِ الصاخبِ
خريرا / جيوفانيا / راقصاً
وتدافعتْ فساتينُ التوليبِ مع فالس ِالضباب ِالأبيضْ
تراا .. لَلْ لا .. لَلْ لا
وبقيتْ لنا زنبقتانِ .. من آخرِ مواسم ِالاحتفالْ
سليمى
شيء ما يكبر فيّ
يجعل حلمي في شكل ياقوتة
اتركني لحظات اقلّب اوراقي في فوضى الصور
لي قبّة ٌ من فضّة
لي مملكةُ ُ الشعر
لي قبّراتُ الياسمين
ولي وجهــُـك صباحا دائما
صادق
أجل
أكتُبُكِ بعد أولِ هلال ْ
وأسرِقُ من عينِ الغفلةِ طَرْفَةْ ..
وأحتفظ ُبما تبقى من قوافي ..
حولَ أجنّةِ الدموعْ
هناك .. أتركُ أعظم مايسترو
يخفق طلبا للاخضرارِ والاحمرار ِ والانبهار ِ
كم كنتُ قريبا أرسمُ وجهَ اللحمةِ على كاهلي
حتى يشتعلَ الصباحُ في قهوتي ..
سليمى
شيء ما يغني في الداخل
فتتوالد اشجار اللوز
انهمر في كفّي مطرا
عطّرني قبل فرار الحديقة مني
غرباء البعد
أهيّئ قمرا للقاء
افتح بستانا للنجوم
وارسم نرجسة على بلور الإنتظار
لا شيء غير ضفافك
ترسو فيها مراكبُ الإرتباك
والخوف المتعثّرُ على الاوراق
صادق
بلى
هنا أوقفت أراجيح الليلك
وشمائل الزعفران حولنا
ورصفت ساحلنا بيادق زجاجية كأمسك
هنا ستكون
أعنف معاصي الموج
وأغدق ملاحم الرمال ...
هنا يجتهد الخيزران أن يطفو جُندُولا
ولا يسعفه كلانا
في اقتناص المد الذائب لوعة ..
ولعنة عشق .. اسمها كليوباترة ..
تغتسل في مدائن الخوف ..
فهل نكون هناك ..؟؟
.
فهي تجسيد رااائع للشكلية
بمقاطها الجميلة وكلماتها المنتقاة بعناية
الشاعران في لمسات
الشاعرة سليمى السرايري
شاعرة رقيقة ، تتنقل بين مفردات الشعر الجميلة كفراشة ، تعتني بالكلمة .. الصيغة .. الصورة والموسيقا في قصائدها
وهذا ما يلبي مخيلتها الفنية ، كونها فنانة تشكيلية شاعرة لتجسيد الصورة التشكيلية الشعرية التي في المخيلة ، وبنفس الوقت يجسد لديها ، الحالة المتوهجة ، في الكلمة لتداعيات الشعور ، فهي تلتقط الجمال ، حيثما ألتمع قي ذاكرة الرؤى على طريقتها
الشاعر الناقد صادق حمزة
شاعر يهمه الكلمة الشعرية الشفيفة ، التي تجسد شعوره ببلاغة أدبية تصوغ الكلمة الشعرية في معامل الشعور العميقة ، مفردة من جمال
وكشأن الشكليين ، يعنى كثيراً بالمفردة ، و الموسيقا والمعنى ، ونقل الإحساس الشعري البعيد بكل ايحاءته وتجاربه الروحية البليغة
نتطرق بداية للعنوان ( خزائن الجمان )
العنوان بحد ذاته ، يثير الدهش الكبير فينا ، فكلمة خزائن صورت . أن هناك جمال كبير في القصيدة ، يستحق أن يحفظ في خزائن آمنة لتأتي الكلمة الثانية تخبرنا أن هذه الخزائن تحتوي على اللؤلؤ الحالم الجميل ، وأي جمال أبلغ من هذه ، فالقصيدة جنة من حبات اللؤلؤ
الموسيقا :
تتأتى هنا من نغم الكلمتين الجميلتين ( خزائن الجمان ))
أنتهت النغمة الموسيقية برقة
بعد أن دخلنا البوابة الأولى ، للقصيدة ندخل الشطر الأول ، جملة قصيرة للغاية ( هذي أنا ) جملة أخبارية نستمع إلى ما ورائها بأنتباه
سليمى
هذي أنا
طفلة الضوء تشدّ الطيور إلى كفّها
أطلقتُ أغنيات السنابل إلى الروح
لمواسمَ تفتح على البرق
لشواطئ منسيّة
هناك، على وقع أهازيج الأصداف
عند التقاء الشروق بالافق
جسدي وحيدا
لحظةُ الجنون تعصف بالتفاصيل
رجفةُ حبلى بالإعتراف
"أحبك"
الشاعرة سليمى ، تُجسد هنا ذاتها طفلة ، من ضياء تغني وهذا منتهى الرهافة والرقة ، كباقي الشعراء تهرب إلى مراتع طفولية حالمة بيضاءالرؤى ، تجذب الطيور حباً ، وكأنها ترمزت هنا إلى جمال الطيور ووداعتها والطيور بذاتها ، ترمز للحرية وهي بذاك تهوى ، هذه الطيور بكل أبعادها ، من حرية وغناء وجمال وألوان وإلى ما تحوي
من إيحاء أبعد ، فجمال النثر بإيحاءته ، بينما روحها أغاني سنابل حرة ، لا تعرف إلا الغناء في مروج حرة ، وهي مطلب كل شاعر حرية بلا حدود
بفضاء لا محدود
تتابع هذه السردية ، قافزة من صورة لأخرى بجمال آخاذ
لحظةُ الجنون تعصف بالتفاصيل
رجفةُ حبلى بالإعتراف
"أحبك "
كل هذه المشاعر التي تطفق داخلها تنأ عن التفاصيل الكثيرة في تلك اللحظة الرقراقة ،فهي تلفعت برجفة اعتراف مباشر تعلن ، ما خبأته الرؤ ى ، لتنهي المقطع بقفلة تحوي دهش المقطع النهائي وكأنه وحدة مستقلة بذاتها
( أحبك )
القصيدة هنا موزعة بموسيقا داخلية ، توافق فيها الإيقاع الداخلي والخارجي بجمال
لو أعدنا قراءة النص لن نجد ، كلمة تنوء عن الموسيقا الداخلية ، ولوجدنا المقطع أشبه ، بتجسد إيقاع موسيقي من جمال
هذا الإيقاع الداخلي بين الكلمات
يجب أن يكون متوافق ينبض بالحياة و التجدد ، بما يثري النص الحديث فهي ليست مجرد كلمات تصطف إلى جانب بعضها
بل نغمات تشكل الإيقاع الداخلي للقصيدة ، من نغمة كل كلمة وما يليها و يتوائم معها في الموسيقى والمعنى والشعرية ،وكل شطر بما قبله وبعده ، فالكلمة الناتئة تفسد روح الإيقاع كاملة
فقد أشار ابن سنان الخفاجي- في – كتاب (سـر الفصاحـة) إلى القيم الصوتية وبذلك يكون قد انتبه إلى سر الموسيقى الداخلية ، والعرب قد أعتنوا بذاك سابقاً
وهذا الإيقاع الداخلي ، الذي يشكل الحركة الموسيقية في داخل القصيدة ، ليرتدي في النهاية ، الموسيقا الخارجية للنص
هذه الموسيقا التي استبدلها الشعراء المحدثون بدلاً عن الوزن والقافية في البحور الشعرية ، لتأتي هي الإيقاع الخارجي للقصيدة
أشبه بثوب ترتديه ، فلكل قصيدة موسيقاها الداخلية والخارجية ، التي تميزها عن القصائد الأخرى ، نلمس ذلك بوضوح في كل قصيدة
لكن هل يكفي الإيقاع الخارجي للقصيدة ؟؟
((يقول أدونيس :الإيقاع في اللغة الشعرية ، لا ينمو في المظاهر الخارجية فقط ، بل تتجاوز هذه المبادىء إلى الأسرار التي تصل فيما بين النفس والكلمة ، بين الإنسان والحياة )).
ننتقل للمقطع الثاني فنجد
فاصل زمني ، حيث يفصله المقطع الأول ، عن الثاني . مما يعطي متنفساً زمنياً بين المقطعين ، يجدد انتباه القارئ للمقطع الثاني ، وهذه من جماليات الشكلية المقطعية ، التي تجعل من القصيدة وحدات متعاقبة ، ينتهي كل مقطع بدهشه الخاص
هذا التوزيع للأشطر ، والأبعاد التي تمنح للمقاطع تؤثر في كيفية التوزيع الإيحائي للنص
المقطع الثاني وهو لشاعرنا الجميل صادق حمزة
صادق
لا تختلفُ الأماني
لحظةَ امتعاضِ القمر
وانكسافِهِ خلف غيوم ِالانطفاء
يعلمُ كم جَهِدَت الأغاني
لتصل إليه
كم فرحتْ السنابلُ .. برذاذِ فضتِه الباردِ المنعش
كم انتظرتْ الشواطئُ
طيفَ النورِ ِالهامسِ في مشاعِ السواد
يعلمُ أني هناك..
كنتُ بانتظارك ..
جاء هذا المقطع بتناغم جميل للغاية ، كرد على المقطع الأول بكل عناية لكل شطر ، وتابع نفس الأسلوب الرقيق ونفس الموسيقا
لو نظرنا لتركيبة الشعر ، عند الشاعر صادق حمزة
صادق
لا تختلفُ الأماني
لحظةَ امتعاضِ القمر
وانكسافِهِ خلف غيوم ِالانطفاء
يعلمُ كم جَهِدَت الأغاني
لتصل إليه
تركيب الشعر :
ترى في تركيبة الشعر لديه ، هل حقق أشكال إيقاعية جيدة وجديدة ؟
هل أشكال بناء الجملة حقق الحداثة ، وحقق ضبط جديد في الجملة من حيث الموسيقا الشكلية ؟؟
هو يقول أن أمانيه ، لا تختلف عما سبق ، وخاصة في لحظة غضب تجول في داخله ، بلحظة شوق ، يعلم تلك الأغاني أو القوافي وما تحمل من شعور ، بسبب ما تواجه من ألم الغياب ، يعلم هو كم أرهقها هذا البعد
( لا تختلف الأماني
لحظةَ امتعاضِ القمر)
الجمل تركيبها منتهى الحداثة ، فهي لا تسير بطريقة الشعر القديم أنما ، تنحو نحو عملية قلب للمعاني ( لم يقل أماني مختلفة ، بل أن الأماني ذاتها لا تختلف عما تمنته )، تتلائم مع شعوره وحداثة القصيدة ورسم احساسه بطريقة منتهى التجدد فليس كل حديث جديد ، فالجديد الحديث هو آخر ما وصل له الإبداع بفنية عالية .
يتشكل المقطع الثاني بجمال لافت
فقد جاء المقطع كاملًا ، جواباً وأخباراً وقراراً للمقطع الأول
ومن حيث الحداثة ، كان منتهى الحداثة فهو لم يتبنى الطريقة القديمة، في اختيار الكلمات الجزلة ، أو الجاهزة سلفاً في القصائد ، بل وضع الشطر الأول ، بجملة لطيفة الكلمات ، بموسيقا خفيفة على الأذن والروح ، تنسجم مع الشطر الثاني تماماً معنى وإيقاعاً ،وهذا التتابع الجميل ، أعطى الإيقاع الداخلي للمقطع ، بنغم ندي ، ولبس إيقاع خارجي لطيف وقعه على الأذن
تابع هذا النغم لينتهي لدهش المقطع الثاني
( طيفَ النورِ ِالهامسِ في مشاعِ السواد
يعلمُ أني هناك..
كنتُ بانتظارك )
كم كان جميلاً هذا المقطع كسابقه يقول : طيف النور الهامس
إذا كان النور هو ذاته طيف ، فقد جعل له شاعرنا هنا وجه آخر من جمال بكلمتين ، جملة رشيقة للغاية ، وقال
طيف النور
يعلم أني هناك
بأنتظارك
انتهى المقطع بصورة واحدة من طيف النور ، الذي كان لديه علم أنه ينتظرها ولا شك ، تتابعت الكلمات منتهى الرقة ، والسلاسة بعيدة عن تعقيد الكلمات الصعبة ، وهذا من متطلبات القصيدة النثرية
الموسيقا الخارجية للمقطع الثاني ، لم تختلف عن موسيقا المقطع الأول ، فقد جاء متناغماُ معه لأبعد الحدود ، هي إيقاع يتبادله شاعران في جمال
نعود هنا
لسليمى
عادت المسافاتُ من الغبارْ
والسماءُ من هجرتِها البعيدة
يقول الشاعر البرازيلي ، ميلو نيتو في الشرط الثاني للقصيدة النثرية
2 ـ تركيب الصورة
تضارب الكلمات تقريب الوقائع الغريبة عملية التزاوج بل تداعي المعاني والصورة من اللاوعي
ترى هل حققت شاعرتنا الجميلة سليمى ، هذا الشرط هنا ؟؟!
تقول : كأنها مسافات ، كانت مهاجرة في غبار كوني ، وهي الحياة
( والسماء من هجرتها )
وكأنها سماء تسافر والسماء نعلم أنها لا ترتحل ، فأي معنى في التضاد ، أجمل من هذا . مسافات تعود وسماء ، ترجع من هجرتها ، ولكن رغم ذاك ينهمر ، الغياب بينهما ، رغم الرجوع
هنا تضاد المعنى الكلي ، رغم عودتها من السفر لقرار اليقين بكل ما حوته الذات ، من وضوح في مشاعرها ، لكن الغياب يفرض ذاته
لنأتي على دهش المقطع الثالث
( أيّها المسافر في غُصّتي
ازرع بعضَ خصلاتي في حلمك
ضعني على شرفاتك العالية
ثم، اطلقني يماما )
هذا الغياب يجعلك مزروعاً ، في ألمي لا تفارق ، لكن لك أن تبقيني ، في حلمك كجمال الشعر في جنونه ،خصلات من فرح تبقى في الذاكرة ، أشبه بهدية لذاك القلب الندي
كأني أسمع هنا فوح القصص الجميلة وعطرها ، حين تبقي الأزاهير ، شيئاً منها رغم الغياب
تتابع ومن ثم ضعني ، في شاهقات الذاكرة في شرفاتها ، وأطلقني في حياتك كيمام
هذا البقاء ، جسدته بطيور يطلقها .
كأني أراه يقف على الشرفات ، يطلق هذا اليمام من بين يديه ، ترمز إلى أن تكون بحياته سلاماً ومحبة دائمة لا تنتهي
صورة رائعة للغاية
لقد صهرت الكلمات في معنى جميل ، من التضاد الصوري ، والمشهدي
وحققت النغمة الموسيقية الحديثة ، في كل شطر لتنتهي
بالإطار العام من الموسيقا الخارجية
فما زالت تسير معنا ، موسيقى القصيدة بجمال وبنفس الوتيرة ، من إيقاع داخلي وخارجي ، ونفس اللغة الرائعة والصورة المتمظهرة ، بتلقائية بعيدا عن التصنع
صادق
لا
لا يمكنني الوثوقَ بشهوةِ الحَور المائي
ولا بأمنيةِ خدود الغيمِ الغباري الوردية ْ
ما كانتْ لتحملَ إليكِ .. آخرَ التراتيلِ
هناك وقفَتْ أمسيةٌ ..
واشتعلَ السفرُ
وكم فاتَ ميعادُ الوصولِ
اينما وطالما كنا
ودونما أحلام أو شرفاتْ
ترى هل حافظ شاعرنا الجميل على تفجر القصيدة الرائع كبدايته ؟
نعم ما زال يتباثق النغم عالياً ، وبنفس السوية الجميلة ،
ومازالت السردية الشعرية ، تضافر جمال المعنى بجمال النغم ،دون توقف
فهو يجمع ، بين الدال والإيقاع بشعرية راائعة
صادق
لا ..
لا يمكنني الوثوقَ بشهوةِ الحَور المائي
ولا بأمنيةِ خدود الغيمِ الغباري الوردية ْ
ما كانتْ لتحملَ إليكِ .. آخرَ التراتيلِ
هناك وقفَتْ أمسيةٌ ..
أتى رده نفياً لما قد يستطيع نقل داخله
نفياً لأستطاعة الحور المائي ، و عدم ثقته به لكأنما يتمنى أن يحمله رسائله ، مع وجود أكثر من فكرة يوحي بها الحور ، و يؤكد ما بداخله من شعور ندي
فهو لا يثق بمن يوصل ما بداخله من فيض الشعور ، لا يثق بالحور ولا بأمنية خدود الغيم ، مهما امتد هذا الغيم فأنه ظل قاسراً عن نقل داخله تصوير راائع عبر عن حجم الشعور الذي لا يحد ، الذي لا يمكن أن ينقل أناغيم الشعور القدسية ، وكأنها تراتيل في قداس الذات
ليأتي دهش المقطع
واشتعلَ السفرُ
وكم فاتَ ميعادُ الوصولِ
اينما وطالما كنا
ودونما أحلام أو شرفاتْ
فرغم الفكر الذي يسافر دائماً ، ولكن بلا موعد وصول
من أي مكان كان المنطلق ، فلا أحلام توصل ولا شرفات ومن هنا يأتي الضيق .
أخذ مقطعاً آخر من وسط القصيدة
شدني بإيقاعه الجميل
سليمى
أنت البحر
أنت جنوني عند الترحال
اغسلني بماء التكوين
اوراقي كريستاليّة بشفافيّة الماء
ورحيلي يفتح على دندنة آخر الممرّ
دن دن دن دن دن دن
دن دن دن
دن دن
نقرات تقتفي العطش
وزنبقات تعيد تفاصيل الاحتراق
صورته البحر ، بكل أتساعه وجماله ، وصفاء زرقته
وهو نار الشوق ، الذي لا تهدأ رغم البعد والسفر ،
قالت أغسلني بماء التكوين ، فالحياة تُحمّلنا كثيرا من سديمها وألمها وأتعابها ، وحينما يغسل الجسد ، بماء هذه زرقة ، كأنها تكّوين جديد مشتهى يتحقق ، أوراقي : كل ما داخلي شفاف ، كوجه ماء نقي ، وأي نقاء هذا وهذا الابتعاد عنك ، هناك في العمق ، في طرقاتي البعيدة داخلي ، في آخرها ، كأن أجراس صغيرة من الشوق ، تعلو دندنتها عالياً دن ، دن ، دن .... تسمتر بهذا النغم ، الذي تعالى كخرزات من فيروز ، وسط عقد القصيدة هذا النغم الموسيقي الذي أوجدته تلقائياً موسيقا القصيدة ، فخرج حروفاً تتغنى بذاتها من المعامل الشعرية داخلها ، تبحث عما يسقي عطش الشوق ، كأنما هي دندنات ونقرات على طبلة الذات ، لا تهدأ في العمق ، بينما كل التفاصيل الجميلة تعيدها الأزاهير داخلي ، فكيف تكف الدندنة والذاكرة لا تنام ؟؟
تتابع القصيدة بكل جمالها من مقطع لآخر لنصل للمقطع الأخير...
هنا يجتهد الخيزران أن يطفو جُندُولا
ولا يسعفه كلانا
في اقتناص المد الذائب لوعة ..
ولعنة عشق .. اسمها كليوباترة ..
تغتسل في مدائن الخوف ..
فهل نكون هناك ..؟؟
تَتابعت القصيدة بجمال سرديتها , ووهج اللغة فيها وبموسيقاها الرائعة كما بدأت ، في كل المقاطع ، ترى هل يستطيعان أن يجعلا الأماني ، تسير كما يشاءان ، هل يستطيعان دفع قارب الأمنيات ؟
لكن لا فائدة فلا الأزمنة ولا المسافات ، ولا التمني يساعد ، لكن الأمل ما زال موجوداً ، ليمتد السؤال إلى ما لا نهاية
لتنتهي بقفلة راائعة من دهش النثر ، جمعت الطرفين في جملة واحدة
فهل نكون هناك ؟؟
تساؤل يطرح ما في القلب من تكهنات للمستقبل .
ترى هل يأتي يوماً، ونكون هناك حيث تجمع كف القدر ، الفرقاء
نلاحظ أن النص من بدايته لنهايته ، حافظ على خط واحد من ، جمالية الشعر من حيث اللغة العامة والمجانية ، والدهش ، والتركيب اللغوي القوي والجميل والسلس ، ورغم طولها ، لم تكن بعيدة عن التكثيف ، بل كانت المقاطع مكثفة للغاية بأفكارها ، التي تسردها القصيدة
ومن حيث استكشاف القيم الموسيقية البصرية ، فنجد الإيقاع الداخلي حافظ على جمال نبرته وتوزيعه ، وبقي الإيقاع محافظاً على ذاته من تفجر داخلي ، في الأعماق ، تحولت إلى نغم تتبعناه ، بكل محبة ، غيرَ بعض النصوص التي نرى موسيقاها تبرد ، حينما تكون طويلة
فتصبح ، بلا وهج أو بريق ، كأنما لحن صنعي ، بلا أي عمق ، لحن أجوف
حتى أننا وجدنا الإغراق هنا في القصيدة أدى إلى ظهور الموسيقا بشكل مندمج كلية مع النص ، أدى وظيفة إيقاعية خاصة بذاته تشكل من وحدات تتالت فيما وراء بعضها بين رد وجواب ، لتأتي في النهاية القصيدة تلبس ثوباً خارجيا من الموسيقا الخارجية ، يميزها بخصوصيته وجماله عن غيرها
فكل قصيدة يختلف إيقاعها ، الداخلي والخارجي عن غيرها ، حسب شاعرها
ونجد أن الحداثة في هذه القصيدة ، لم تغفل اللغة وتراكيبها عن المعنى ، بل جاءت كلُّ متكامل في كل عناصرها فكانت حالة رهفة وخاصة بجمالها
إن كل شاعر أشبه بحالة فريدة ، بذاته تميزه عن غيره في عناصر القصيدة
وأجمل ما في الشكلية ، حين تنفتح على الإيحائية المفتوحة ، بأنواعها السريالية والتجريدية والرمزية ،
سواء كانت تأخذ الترميز ، الخاص أو العام أو كليهما
أحبتي . أن يكتب الشاعر قصيدة ، لا يعني أبداً أنها مجرد كلمات ، بل أنه يصيّر العالم ، كله نهر جميل ، يجري بين أيدينا ببريقه وروعته
فالقصيدة كما يقول أدونيس (( هي حدث والشعر تأسيس
باللغة والرؤيا : تأسيس عالم وأتجاه لا عهد لنا بهم . من قبل . فهو تخطي يدفع إلى التخطي ))
فهو العمل ، الأكثر إصالة إنسانية ، وأكثر ما يندفع من أعماقنا الشعرية ، والروحية بشكل فطري
الرائعان
الشاعرة الجميلة سليمى السرايري
الشاعر الجميل صادق حمزة
سعدت أني كنت ، أتجول . بكل الحب في (خزائن الجمان) بمتعة شعرية كبيرة
يحق لها هذا الاسم ، ومزيدا من ألق جميل يحتفى به
محبتي كبيرة
.
تعليق